قال الدكتور: هكذا أيضاً لُعن زرارة.
قلت: أمّا بالنسبة إلى زرارة، قال الصادق (عليه السلام): "رحم اللّه زرارة بن أعين لولا زرارة ونظراؤه لاندرست أحاديث أبي"(1).
نعم روي عنه أنه قال:>... لعن اللّه زرارة...< (2).
ولكن مع غض النظر عن ضعف السند(3)، فهذه الروايات يمكن لنا تفسيرها بأنّ الإمام الصادق (ع) لم يكن جاداً في لعن زرارة بل أراد من لعنه ـ ظاهراً ـ أن يوحي للسلطة آنذاك بعدم وجود علاقة ودّية بينه وبين زرارة؛ حفاظاً على زرارة من القتل أو الاعتقال بتهمة صلته وارتباطه بالإمام.
ويؤيد ذلك ما رواه الكشّي عن الإمام الصادق (عليه السلام) بأنه قال لولد زرارة. عبد اللّه: >اقرأ منّي على والدك السلام، وقل له إنّي إنّما أعيبك؛ دفاعاً منّي عنك، فإنّ الناس والعدوّ يسارعون إلى كلّ من قرّبناه وحمدنا مكانه؛ لإدخال الأذى فيمن نحبّه ونقرّبه"(4).
قال الدكتور: هذا إمام معصوم كيف يكذب ويقول: لعن اللّه زرارة؟
قلت: يا دكتور وهل هذا عجيب؟! فهذا إبراهيم (عليه السلام) وهو نبي، يقول: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ}(5).
وهذا يوسف(عليهم السلام) يتهم أخاه بأنّه سرق، كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ في رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَـارِقُونَ } (6).
قال الدكتور: هذا مما يقبل التأويل بأن نقول إنه يقصد التورية، أمّا اللعن فهو يكون لأهل جهنم ولا يمكننا تأويله.
قلت: هذا إبراهيم يقول: {فَلَمَّا رَءَا الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَـذَا رَبِّى هذا أَكْبَرُ}(7). وقال أيضاً: {إني سَقِيمٌ}(8).
فهل يمكننا هنا التأويل أيضاً؟
____________
(1) رجال الكشّي، 136 رقم217.
(2) رجال الكشّي، 147 رقم234.
(3) فليراجع كتاب تاريخ آل زرارة، للمحقق الفاضل والمتتبع الدقيق، السيّد محمد علي الموحد الأبطحي، ص 60.
(4) رجال الكشّي: 138 رقم221.
(5) الأنبياء: 21/63.
(6) يوسف:12/70.
(7) الأنعام: 6/ 78.
(8) الصافّات: 37/ 89.