• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

آثارُ الهجوم على بني هاشم

قال ابن أبي الحديد : قال أبو بكر : وحدّثني المؤمل بن جعفر ، قال : حدّثني مُحمّد بن ميمون ، قال : حدّثني داود بن المبارك ، قال : أتينا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبى طالب (عليه السّلام) ، ونحن راجعون مِن الحجّ في جماعة ، فسألناه عن مسائل ، وكنتُ أحد مَنْ سأله ، فسألته عن أبي بكر وعمر ، فقال : أجيبك بما أجاب به جدّي عبد الله بن الحسن ؛ فإنّه سُئل عنهم ، فقال : كانت اُمُّنا صدّيقة ابنة نبيٍّ مرسل ، وماتت وهى غضبى على قوم ، فنحن غضاب لغضبها .
قلتُ : قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيّين مِن أهل الحجاز ، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن مُحمّد بن عبد الحميد العلوي ، قال : أنشدني هذا الشاعر لنفسه ـ وذهب عنِّي اسمه ـ ، قال :
يا أبَا حَفْصٍ الهوينى وما     كُنتَ مليّاً بذاك لولا الحِمَامُ
أتموتُ البتولُ غضبى ونرضى     ما كذا يصنعُ البنونَ الكرامُ
يخاطب عمر ويقول له : مهلاً ورويداً يا عمر ، أي أرفق واتّئد ولا تعنف بنا . وما كنت ملي ، أي وما كنت أهلاً لأنْ تخاطب بهذا وتستعطف ، ولا كنت قادراً على ولوج دار فاطمة على ذلك الوجه الذي ولجتها عليه لولا أنّ أباها ـ الذي كان بيتُها يُحترم ويصان لأجله ـ مات ، فطمع فيها مَنْ لمْ يكن يطمع . ثمّ قال : أتموت اُمُّنا وهى غضبى ونرضى نحن ! إذاً لسنا بكرام ؛ فإنّ الولد الكريم يرضى لرضا أبيه واُمِّه ويغضب لغضبهما .
والصحيح عندي أنّها ماتت وهى واجدة على أبي بكر وعمر ، وأنّها أوصت ألاّ يصلّيا عليها . . .إلخ(1) .
تنبيه : أقول : إنّ ما ننقله هو أصل ما صدر منهم مِن تعدّيهم على مَنْ يرضى الله لرضاهم ويغضب لغضبهم ؛ أمّا تعليل أنّهم تابوا أو ما فعلوه ذنب مغتفر أو غير ذلك مِن التبريرات الواهية ، فهذا مِن أنصارهم ، ولا حاجة لنا به بعد ما ذكرناه مِن الروايات الصحيحة في تعدّيهم على أهل البيت (عليهم السّلام) .
أبو بكر يندم على كشفه بيت فاطمة (عليها السّلام)
روى الطبراني ، وابن عساكر ، والمتّقي الهندي ، والدارقطني ، وابن أبي الحديد ، واللفظ للأوّل قال : حدّثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري ، ثنا سعيد بن عفير ، حدّثني علوان بن داود البجلي ، عن حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، قال : دخلتُ على أبي بكر (رضي الله تعالى عنه) أعوده في مرضه الذي توفّي فيه ، فسلّمت عليه وسألته : كيف أصبحت ؟ فاستوى جالساً ، فقلتُ : أصبحتَ بحمد الله بارئاً . فقال : أما إنّي على ما ترى وجعٌ ، وجعلتم لي شغلاً مع وجعي . جعلتُ لكم عهداً مِن بعدي ، واخترت لكم خيركم في نفسي ، فكلكم ورّم لذلك أنفه ؛ رجاء أنْ يكون الأمر له ، ورأيتم الدُّنيا قد أقبلت ولمَّا تُقبل وهي جائية ، وستنجدون بيوتكم بسور الحرير ونضائد الديباج ، وتألمون ضجائع الصوف الأذري ، كأنّ أحدكم على حسك السّعدان ، ووالله ، لأنْ يقدم أحدكم فيضرب عنقه في غير حدّ خيرٌ له مِن أنْ يسيح في غمرة الدُّنيا .
ثمّ قال : أما إنّي لا آسي على شيء إلاّ على ثلاث فعلتهن ، ودَدْتُ أنّي لمْ أفعلهنّ ، وثلاث لمْ أفعلهنّ ودَدْتُ أنّي فعلتهنّ ، وثلاث ودَدْتُ أنّي سألتُ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عنهنّ ؛ فأمّا الثلاث اللاتي ودَدْتُ أنّي لمْ أفعلهنّ : فودَدْتُ أنّي لمْ أكنْ كشفتُ بيت فاطمة وتركته ، وأنْ أغلق على الحرب ، وودَدْتُ أنّي يوم سقيفة بني ساعدة كنتُ قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر ، فكانْ أميرَ المؤمنين وكنتُ وزيراً ، وودَدْتُ أنّي حيث كنتُ وجّهتُ خالد بن الوليد إلى أهل الردّة أقمت بذي القصة ؛ فإنْ ظفر المسلمون ظفروا ، وإلاّ كنتُ ردءاً أو مدداً .
وأمّا اللاتي ودَدْتُ أنّي فعلتها : فودَدْتُ أنّي يوم أتيت بالأشعث أسيراً ضربتُ عنقه ؛ فإنّه يخيلُ إليَّ أنّه لا يكون شرّ إلاّ طار إليه ، وودَدْتُ أنّي يوم أتيت بالفُجاءة السلمي لمْ أكنْ أحرقه ، وقتلته سريحاً أو أطلقته نجيحاً ، وودَدْتُ أنّي حيث وجّهتُ خالد بن الوليد إلى الشام وجّهتُ عمر إلى العراق ، فأكون قد بسطت يدَي ، يميني وشمالي ، في سبيل الله (عزَّ وجلّ) .
وأمّا الثلاث اللاتي ودَدْتُ أنّي سألت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عنهنّ : فودَدْتُ أنّي كنت سألته فيمنْ هذا الأمر فلا ينازعه أهله ، وودَدْتُ أنّي كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر سبب ؟ وودَدْتُ أنّي سألته عن العمّة وبنت الأخ فإنّ في نفسي منهما حاجة(2) . انتهى .
أقول : ورجاله ثقات(3) .
حالُ اُمّ المؤمنين عائشة مع الإمام عليٍّ (عليه السّلام)
اُمُّ المؤمنين تكره ذكر الإمام علي (عليه السّلام) بخير
وفي مسند أحمد رواه عبد الله بن حنبل عن أبيه ، قال : حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا عبد الرزاق ، عن معمّر ، قال : قال الزهري : وأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنّ عائشة أخبرته قالت : أوَّل ما اشتكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في بيت ميمونة ، فاستأذن أزواجه أنْ يمرض في بيتها ، فاُذِنَ له . قالت : فخرج ويدٌ له على الفضل بن عبّاس ، ويدٌ له على رجل آخر ، وهو يخطّ برجليه في الأرض .
قال عبيد الله : فحدّثتُ به ابن عبّاس ، فقال : أتدرون مَنْ الرجل الآخر الذي لمْ تسمِّ عائشة ؟ هو عليٌّ (عليه السّلام) ، ولكنْ عائشة لا تطيب له نفساً(4) .
روى ابن سعد في طبقاته ، قال : أخبرنا أحمد بن الحجّاج ، قال : أخبرنا عبد الله بن المبارك ، قال : أخبرنا معمّر ويونس ، عن الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : أنّ عائشة زوج النّبي (صلّى الله عليه وآله) لمّا ثَقُلَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) واشتدّ وجعه ، استأذن أزواجه في أنْ يمرض في بيتي ، فاُذِنَ له‌ ، فخرج بين رجلين تخطّ رجلاه في الأرض ، بين ابن عبّاس ـ تعني الفضل ـ ورجل آخر .
قال عبيد الله : فأخبرت ابن عبّاس بما قالت ، قال : فهل تدري مَنْ الرجل الآخر الذي لمْ تسمِّ عائشة ؟ قال : قلت : لا . قال ابن عبّاس : هو عليٌّ (عليه السّلام) ، إنّ عائشة لا تطيب له نفساً بخير(5) .
روى الطبري ، قال : حدّثنا ابن حميد ، قال : حدّثنا سلمة ، قال : حدّثنا مُحمّد بن إسحاق ، حدّثنا ابن حميد ، قال : حدّثنا علي بن مجاهد ، قال : حدّثنا ابن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن مُحمّد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن عائشة زوج النّبي (صلّى الله عليه وآله) قالت : رجع رسول الله (صلّى الله عليه وآله)
مِن البقيع ، فوجدني وأنا أجد صداعاً في رأسي ، وأنا أقول : وا رأساه ! قال : (( بل أنا والله يا عائشة ، وارأساه ! )) ، ثمّ قال : ((ما ضرّكِ لو متِّ قبلي، فقمتُ عليك وكفّنتك، وصلّيت عليك ودفنتك )) . فقلتُ : والله ، لكأنّي بك لو فعلت ذلك رجعتَ إلى بيتي فأعرست ببعض نسائك . قالت : فتبسّم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وتنام به وجعه ، وهو يدور على نسائه ، حتّى استعزَّ به وهو في بيت ميمونة ، فدعا نساءه فاستأذنهنّ أنْ يمرض في بيتي ، فاُذِنَ له ، فخرج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بين رجلين مِن أهله : أحدهما الفضل بن العبّاس ، ورجل آخر ، تخطّ قدماه الأرض ، عاصباً رأسه حتّى دخل بيتي .
قال عبيد الله : فحدّثت هذا الحديث عنها عبد الله بن عبّاس ، فقال : هل تدري مَنْ الرجل ؟ قلت : لا . قال : عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ، ولكنّها كانت لا تقدر على أنْ تذكره بخير ، وهي تستطيع(6)
لمَّا سمعتْ ببيعة الناس لأمير المؤمنين (عليه السّلام) قالت : ودَدْتُ أنّ السّماء سقطت على الأرض
قال سبط ابن الجوزي ، والطبري ، واللفظ للأوّل قال : وفي الباب حكاية ذكرها صاحب بيت مال العلوم ، وذكرها أيضاً صاحب عقلاء المجانين ، عن أبي الهُذيل العلاّف ، قال : سافرت مع المأمون إلى الرّقّة ، فبينما أنا أسير في الفرات إذ مررنا بدير فوُصف لي فيه مجنون يتكلّم بالحكمة ، فدخلتُ الدير ، وإذا برجل وسيم نظيف فصيح ، وهو مقيّد ، فسلَّمت عليه فردَّ السّلام ، ثمّ قال : قلبي يحدّثني أنّك لست مِن أهل هذه المدينة القليل عقول أهلها ـ يعني الرّقّة ـ . قلت : نعم أنا مِن العراق . فقال : إنّي أسألك فافهم ما أقول . فقلتُ : سَل .
فقال : اخبرني عن النّبي (صلّى الله عليه وآله) هل أوصى ؟ قلتُ : لا . قال : فكيف ولي أبو بكر (رض) مجلسه من غير وصية ؟! فقلتُ : اختاره المهاجرون والأنصار ورضى به الناس . فقال : كيف أجازه المهاجرون ، وقد قال الزبير بن العوام : لا اُبايع إلاّ عليَّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ، وكذا العباس ؟! وكيف اختاره الأنصار ، وقد قالت : منَّا أمير ومنكم أمير ، وولّوا سعد بن عبادة يوم السّقيفة ، وقال عمر (رض) : اقتلوا سعداً قتله الله ؟! وكيف تقول : رضى به الناس ، وقد قال سلمان الفارسي : كردي نكردي ، أي فعلتموها ، فَوجِئَتْ عُنُقُه ؟! وقال أبو سفيان بن حرب لعلي (عليه السّلام) : امدد يدك لاُبايعك ، وإنْ شئت ملأتها خيلاً ورجالاً ، ثمّ قعد بنو هاشم عن بيعة أبي بكر ستّة أشهر ، فأين الإجماع ؟!
ثمّ لمَّا مات ولي أبو بكر الخلافة وحمد الله ، ثمّ قال : وليتكم ولست بخيركم . وكيف يتقدّم المفضول على الفاضل ؟! ولمَّا ولي عمر (رض) قال : ودَدْتُ أنّي كنت شعرة في صدر أبي بكر ، ثمّ قال بعد ذلك : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله الاُمّة شرها ، فمَنْ عادَ إلى مثلها فاقتلوه ؟! ثمّ إنّ عمر ردَّ السّبي الذي سباه خالد بن الوليد في أيّام أبي بكر ؛ فإنّ خالداً تزوّج امرأة مالك بن نويرة فردَّها عمر بعدما ولدت منه ، ثمّ ولَّى عمر صهيباً على أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو عبد النمر بن قاسط ، وكلّ هذا تناقض !!
وأخبرني عن عبد الرحمن بن عوف حين ولّى عثمان (رضي الله عنه) الخلافة واختاره ، هل ولاّه إلاّ وهو يعرفه ؟ قلتُ : لا ، فقد قال عبد الرحمن بن عوف بعد ذلك : ما كنت أحبّ أنْ أعيش حتّى يقول لي عثمان : يا منافق . فمعرفة عثمان عبد الرحمن حين نسبه إلى النفاق كمعرفة عثمان إيّاه إذ ولاّه الخلافة !
وأخبرني عن عائشة لمَّا كانت تحرّض الناس على عثمان يوم الدار وتقول : اقتلوا نعثلاً ـ قتله الله ـ فقد كفر ، فلمَّا ولي علي (عليه السّلام) الخلافة قالت : ودَدْتُ أنّ هذه سقطت على هذه ، تعني السّماء على الأرض(7) ، ثمّ خرجت مِن بيتها تقاتل عليّاً (عليه السّلام) مع طلحة والزبير ، وتسفك الدّم الحرام ، والله تعالى يقول : ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الاُولَى )(8) . وهذه مخالفة لله تعالى !!
ولمَّا قُتل عثمان جاء المسلمون والصحابة إرسالاً إلى علي (عليه السّلام) ليبايعوه ، فلمْ يفعل حتّى قالوا له : والله ، لئن لمْ تفعل لنلحقنَّك بعثمان .
فأخبرني أيُّما آكد : مَن ضرب سعداً ووجأ عنق سلمان ، كمَنْ جاء الناس يكرهونه على البيعة ؟ قال : فلمْ أحر جواباً ، وسقط في يدي . قال : في كمْ يجب القطع في السّرقة ؟ قلت : ربع دينار . فقال : كمْ أعطاك هذا الذي جئت معه إلى هاهنا ؟ فقلت : خمسمئة دينار . فقال : يجب أنْ تُقطع أعضاؤك بحساب ما أخذت . قلت : ولِمَ ؟! قال : لأنّك سرقت مال المسلمين . فقلت : الخليفة أعطاني مِن ماله . فقال : ومِن أين ماله ؟ المال لله تعالى ولعامّة المسلمين . والله ، إنّك لأحقُّ بهذا السّعوط الذي اُسعط به كلّ يوم والقيد منِّي . قال : فخرجت مِن عنده وأنا خجلٌ ، فحدّثت المأمون حديثه ، فاستطرفه وبقي زماناً يستعيده منِّي(9) .
اتخاذُها قتل عثمان وسيلة للخروج على أمير المؤمنين (عليه السّلام)
روى الطبري ، قال : حدّثني عمر بن شعبة ، قال : حدّثنا أبو الحسن المدائني ، قال : حدّثنا سُحيم مولى وبرة التميمي ، عن عبيد بن عمرو القرشي ، قال : خرجت عائشة (رضي الله عنها) وعثمان محصور ، فقدم عليها (من) مكّة رجل يُقال له : أخضر ، فقالت : ما صنع الناس ؟ فقال : قتل عثمانُ المصريِّين . قالت : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، أيقتل قوماً جاؤوا يطلبون الحقّ وينكرون الظلم ! والله ، لا نرضى بهذا(10) . ثمّ قدم آخر ، فقالت : ما صنع الناس ؟ قال : قتل المصريون عثمانَ . قالت : العجب لأخضر ! زعم أنّ المقتول هو القاتل . فكان يُضرب به المثل : أكذب مِن أخضر(11) .
وذكر الطبري تحت عنوان ( قول عائشة (رضي الله عنها) : والله ، لأطلبنَّ بدم عثمان ، وخروجها وطلحة والزبير فيمن تبعهم إلى البصرة ) . رواه الطبري ، وسبط ابن الجوزي ، واللفظ للأوّل قال : كتب إليَّ علي بن أحمد بن الحسن العجلي أنّ الحُسين بن نصر العطّار ، قال : حدّثنا أبي نصر بن مزاحم العطّار ، قال : حدّثنا سيف بن عمر ، عن مُحمّد بن نويرة وطلحة بن الأعلم الحنفي ، قال : وحدّثنا عمر بن سعد ، عن أسد بن عبد الله ، عمّن أدرك مِن أهل العلم : أنّ عائشة (رضي الله عنها) لمَّا انتهت إلى (سرف) راجعة في طريقها إلى مكّة لقيها عبد بن اُمّ كلاب ـ وهو عبد بن أبي سلمة ، يُنسب إلى اُمِّه ـ فقالت له : مهيم(12) ؟
قال : قتلوا عثمان (رضي الله عنه) ، فمكثوا ثمانياً . قالت : ثمّ صنعوا ماذا ؟ قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع ، فجازت بهم الاُمور إلى خير مجاز ؛ اجتمعوا على علي بن أبي طالب (عليه السّلام) . فقالت : والله ، ليت أنّ هذه انطبقت على هذه إنْ تمَّ الأمر لصاحبك ، ردّوني ردّوني . فانصرفت إلى مكّة ، وهي تقول : قُتِلَ ـ والله ـ عثمان مظلوماً . والله ، لأطلبنَّ بدمه . فقال لها ابن اُمِّ كلاب : ولِمَ ؟! فوالله إنّ أوَّل مَنْ أمال حرفه لأنتِ ، ولقد كنتِ تقولين : اقتلوا نعثلاً فقد كفر .
قالت : إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه ، وقد قلتُ وقالوا ، وقولي الأخير خيرٌ مِن قولي الأوّل . فقال لها ابنُ اُمّ كلاب :
فَـمِـنْكِ الـبداءُ ومنكِ الغِيَرْ       ومـنكِ  الرياحُ ومنكِ المطرْ
وأنــتِ أمـرتِ بقتلِ الإمامِ       وقـلـتِ  لـنـا إنّه قد كَفَرْ
فَـهَـبْـنَـا أطعناكِ في قتلِهِ       وقـاتـلُـه عـندَنا مَنْ أَمَرْ
ولـم يسقطِ السّقفُ من فوقِنا       ولـم  تنكسف شَمْسُنا والقمرْ
وقــد  بـايعَ الناسُ ذا تُدرَأٍ      يُـزيـلُ الشّبا ويقيمُ الصَّعَرْ
ويـلـبسُ لـلـحربِ أثوابَها       وما مَنْ وفى مِثْلُ مَنْ قَدْ غَدَرْ
فانصرفتْ إلى مكّة ، فنزلتْ على باب المسجد فقصدتْ للحجر فسُترتْ ، واجتمع إليها الناس ، فقالت : يا أيُّها الناس ، إنّ عثمان قُتِلَ مظلوماً ، ووالله ، لأطلبنَّ بدمه(13) .
ما قاله الشاعرُ أحمد شوقي في خروجها على أمير المؤمنين (عليه السّلام)
قال أحمد شوقي :
أمَّـا الإمـامُ فالأغرُّ الهادي   حامي عرين الحقِّ والجهادِ
يا جبلاً تأبى الجبَالُ ما حَمَلْ     ماذا جنتْ عليك رَبَّةُ الجَمَلْ
آثـارُ عثمانَ الذي شَجَاها     أم غُـصَّةٌ لمْ ينتزعْ شَجَاها
قـضيةٌ مِـنْ دمِـهِ تبنيها      هَـبَّتْ لها واستنفرتْ بنيها
ذلـك فـتقٌ لم يكنْ بالبالِ     كـيدُ النساءِ مُوْهِنُ الجبالِ
إلى أنْ يقول :
صـاحبةُ الهادي وصاحباهُ    فـكيف يـمضون لِمَا يأباهُ
وجاء في الاُسْدِ أبو تُرَابِ     على متون الضمَّر العرَابِ
يرجو لِصدْعِ المؤمنين رَأْبَا     وأمُّـهُمْ تدفعُهُ وتأبى(14)
نهيُ النّبيّ (صلّى الله عليه وآله) لها عن الخروج على الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام)
قال الهيثمي في مجمعه : وعن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال : (( قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : إنّه سيكون اختلاف وأمر ، فإنْ استطعت أنْ تكون السلم فافعل )) . رواه عبد الله ، ورجاله ثقات(15) .
وقال أيضاً : وعن أبي رافع أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال لعلي بن أبي طالب (عليه السّلام) : (( إنّه سيكون بينك وبين عائشة أمر . قال : أنا يا رسول الله ! قال : نعم . قال : أنا أشقاهم يا رسول الله ! قال : لا ، ولكنْ إذا كان ذلك فاردُدْها إلى
مأمنها )) . رواه أحمد والبزّار والطبراني ، ورجاله ثقات(16).
وقال أيضاً : وعن قيس بن أبي حازم : أنّ عائشة لمَّا نزلت على الحوأب سمعت نباح الكلاب ، فقالت : ما أظنّني إلاّ راجعة ؛ سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول لنا : (( أيّتكنَّ ينبح عليها كلاب الحوأب ؟ )) . فقال لها الزبير : ترجعين عسى الله أنْ يصلح بك بين الناس . رواه أحمد وأبو يعلى والبزّار ، ورجال أحمد رجال الصحيح(17).
وقال أيضاً : وعن ابن عبّاس قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لنسائه : (( ليت شعري ! أيّتكنَّ صاحبة الجمل الأدبب تخرج فينبحها كلاب الحوأب ، يُقتلُ عن يمينها وعن يسارها قتلى كثير ، ثمّ تنجو بعد ما كادت ؟ )) . رواه البزّار ، ورجاله ثقات(18).
وقال عبد الرزاق الصنعاني في المصنّف : أخبرنا عبد الرزاق عن معمّر ، عن ابن طاووس ، عن أبيه : أنّ النّبي (صلّى الله عليه وآله) قال لنسائه : (( أيّتكن تنبحها كلاب ماء كذا وكذا )) ـ يعني الحوأب ـ . فلمَّا خرجت عائشة إلى البصرة نبحتها الكلاب ، فقالت : ما اسم هذا الماء ؟ فأخبروها ، فقالت : ردّوني . فأبى عليها ابن الزبير(19) .
وقال الهيثمي أيضاً : وعن أبي سعيد ـ يعني الخدري ـ قال : كنَّا عند بيت النّبي (صلّى الله عليه وآله) في نفر مِن المهاجرين والأنصار ، فقال : (( ألا اُخبركم بخياركم )) . قالوا :
بلى . قال : (( خيارُكم الموفون المُطيّبون ؛ إنّ الله يُحبُّ الخفيَّ التقيَّ )) . قال : ومرَّ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، فقال : (( الحقّ مع ذا ، الحقّ مع ذا )) . رواه أبو يعلى ، ورجاله ثقات(20) .
أقول : لا يخفى على مسلم ، فضلاً عن أمِّ المؤمنين عائشة ، بأنّ الإمام علياً (عليه السّلام) الحقّ معه والقرآن معه ، بل هو الحقّ المبين الذي بيّنه الرسول الله (صلّى الله عليه وآله) لجميع المسلمين ، فلا تشك بأنّها تخرج وهي ظالمة له ، وبهذه الروايات يعرف موقفها .
أما أنّها أرادت الإصلاح فهذا لا يعقل ؛ بمخالفتها الرسول (صلّى الله عليه وآله) بما تقدّم عليك مِن الروايات ، بل حتّى لو لمْ توجد هذه الروايات فخروجها خروج بغير حقٍّ ؛ إذ ليست هي وليّة دم عثمان بن عفّان حتّى يجوز لها المطالبة بدمه ويُقتل مَنْ يُقتل بسببها ، وأيضاً لا عذر لها في خروجها على أمير المؤمنين (عليه السّلام) ؛ وذلك لما ثبت في حقِّ علي (عليه السّلام) بأنّه مع الحقّ والحقّ معه ، والقرآن معه ، وأنّ حبَّه إيمان وبغضه نفاق ، وغيرها ، كيف بقتله ؟! فلو أرادت الإصلاح ، فلماذا خرجت بأخذ الثأر ؟! ولماذا أمرت بالتمثيل وقتل والي البصرة ؟!(21) ، ولماذا لمْ تتوقّف عن الحرب ، بل استمرت في حربها عدّة أيّام ، وقُتِلَ الاُلوف مِن المسلمين ، ومع ذلك يُقال : إنّها أرادت الإصلاح ؟!
هذا والشيء الآخر ما جرى بينها وبين اُمّ المؤمنين اُمّ سلمة (رضوان الله تعالى عليها) ؛ حيث إنّها نبّهتها وذكّرتها ـ لكي لا تدّعي النسيان أو غيره ـ بما قاله الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، فإليك ما ذكره أبو جعفر الإسكافي المعتزلي تحت عنوان :
[ ما خطّته اُمّ المؤمنين عائشة ، ونقضته اُمّ المؤمنين اُمّ سلمة (سلام الله عليها) ]
قال أبو جعفر الإسكافي : وفيما يؤثر عنها أنّ عائشة لمَّا لقيتها بمكّة قالت لها : يا بنت أبي اُميّة ، كنتِ أوَّل ظعينة هاجرت ، وكنت كبيرة اُمّهات المؤمنين ، وكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يُقسم لنا مِن بيتك ، وكان جبريل أكثر شيء تعبّداً في بيتك .
قالت اُمّ سلمة : يا بنت أبي بكر ، لأمرٍ ما تقولين هذا القول . قالت عائشة : إنّ ابني وابن اُختي أخبراني أنّ القوم استتابوا الرجل حتّى إذا تاب قتلوه ـ يعني عثمان ـ ، وأخبراني أنّ ابن عامر أخبرهم أنّ بالبصرة مئة ألف يغضبون لقتله ويطلبون بدمه ، وقد خشيت أنْ يكون بين الناس حرباً ودماً ، فهل لكِ أنْ أسير أنا وأنت لعلّ الله أنْ يُصلح هذا الأمر على أيدينا ؟
قالت لها اُمُّ سلمة : يا بنت أبي بكر ، أبدم عثمان تطلبين ؟! فوالله ، إنْ كنتِ لأشدَّ الناس عليه ، وما كنتِ تدْعينه إلاّ نعثلاً ! أمْ على عليِّ بن أبي طالب (عليه السّلام) تنقمين وقد بايعه المهاجرون والأنصار ؟! اُذكّرك الله خمساً سمعتهن أنا وأنتِ مِن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . قالت : وما هنَّ ؟ قالت : [أتذكرين] يوم أقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ونحن معه ، حتّى إذا هبط مِن (قديد) مال الناس ذات اليمين وذات الشمال ، فأقبل هو وعلي بن أبي طالب (عليه السّلام) يتناجيان ، فأقبلتِ على جملك [عليهما] فنهيتُك ، وقلتُ : رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مع ابن عمِّه ، ولعلّ لهما حاجة ، فعصيتيني فهجمت عليهما ، فلمْ تلبثي أنْ رجعتِ تبكين ، فقلتُ لكِ : قد نهيتك ، فقلتِ : والله ، ما جرّأني على ذلك إلاّ أنّه يومي مِن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، فقلتُ لكِ : ما أبكاكِ ؟ فقلتِ : هجمت عليهما فقلتُ : يا علي ، إنّما لي مِن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مِن تسعة أيّام يومٌ ، فلا تَدَعْني ويومي ؟ فأقبل عليَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) غضباناً محمّراً وجهه ، فقال : (( والله ، لا يبغضه أحدٌ مِن أهل بيتي وغيرهم إلاّ خرج مِن الإيمان ، وإنّه مع الحقِّ والحقّ معه )) . أتذكرين هذا ؟ قالت : نعم .
قالت : ويوم كنتُ أنا وأنت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأنت تغسلين رأسه وأنا أحيس [ له ] حيساً ، وكان يعجبه ، فرفع رأسه إليَّ ، فقال : (( يا بنتَ أبي اُميّة ، اُعيذك بالله أنْ تكوني منبحة كلاب الحوأب ، وأنت يومئذ ناكبة عن الصراط )) . فرفعتُ يدي مِن الحيس ، فقلتُ : أعوذ بالله وبرسوله مِن ذلك . فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( إنّ إحداكنَّ تفعل هذا )) . أتذكرين هذا ؟ قالت : نعم .
قالت : ويوم كنَّا أزواج رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في بيت حفصة بنت عمر فتبذّلنا لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ولبست كلُّ امرأة منَّا ثياب صاحبتها ، فأقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) حتّى جلس إلى جنبك ، وكنت تعجبينه ، فقال ـ وضرب بيده على ظهرك ـ : (( أترين يا حُميراء أنّي لا أعرفك ، إنّ لاُمّتي منك يوماً مرّاً )) . أتذكرين هذا ؟ قالت : نعم .
قالت : ويوم كنتُ أنا وأنت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في بعض أسفاره ، وكان علي (عليه السّلام) يتعاهد ثياب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ونعله ،
فإذا رأى ثوبه قد توسّخ غسله ، وإذا رأى نعله قد نقبت أو رثّت خصفه ، فأقبل علي (عليه السّلام) يوماً فأخذ نعل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فخصفها في ظل سمرة ، فأقبل أبوك وعمر فاستأذنا ، فقمنا إلى الحجاب فدخلا ، ثمّ قالا : يا رسول الله ، إنّا ـ والله ـ ما ندري ما قدر ما تصحبنا ، أفلا تعلمنا خليفتك فينا فيكون مفزعنا إليه ؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( أما إنّي قد أرى مكانه ، ولو فعلتُ لنفرتم عنه كما نفرت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران )) .
فلمَّا أنْ خرجا خرجتُ أنا وأنت ، فقلتِ له ـ وكنتِ جريئة عليه ـ : يا رسول الله ، مَنْ كنتَ مستخلفاً عليهم ؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( خاصف النعل )) . قالت : فنظرتِ إلى علي بن أبي طالب (عليه السّلام) فقلتِ : يا رسول الله ، ما أرى إلاّ علي بن أبي طالب . فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( هو ذاك )) . أتذكرين هذا ؟ قالت : نعم .
قالت : ويوم جمع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أزواجه عند موته ، فقال : (( يا نسائي ، اتّقينَ الله وقَرْنَ في بيوتكنَّ ، ولا يستفزنَّكنَّ أحد )) . أتذكرين هذا ؟ قالت : نعم . فخرجتُ مِن عندها وقد ضعفت عزيمتها وفترت عن الخروج ، وأمرت مناديها فنادى بمكّة : ألا إنّ اُمّ المؤمنين قد بدا لها مِن الخروج . فاجتمع عليها طلحة والزبير ، ومروان بن الحكم وعبد الله بن الزبير ، فقلبوا رأيها وموّهوا الاُمور عليها ، واستغلطوها واستغفلوها ، وقالوا لها : تخرجين وتصلحين بين الناس ، فلعلّ الله أنْ يدفع بك الفتنة ، فهو أعظم لأجرك .
فردّوا رأيها وقوّوا عزمها(22) .
وبهذا خالفت اُمّ المؤمنين الله ورسوله ، وأطاعت الزبير وابنه ومروان بن الحكم ، فخرجت على إمام زمانها حتّى قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) : (( فَخَرَجُوا يَجُرُّونَ حُرْمَةَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) كَمَا تُجَرُّ الأَمَةُ عِنْدَ شِرَائِهَا ، مُتَوَجِّهِينَ بِهَا إِلَى الْبَصْرَةِ ، فَحَبَسَا نِسَاءَهُمَا فِي بُيُوتِهِمَا ، وأبْرَزَا حَبِيسَ رَسُولِ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا فِي جَيْشٍ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلاّ وَقَدْ أَعْطَانِي الطَّاعَةَ ، وَسَمَحَ لِي بِالْبَيْعَةِ طَائِعاً غَيْرَ مُكْرَهٍ ، فَقَدِمُوا عَلَى عَامِلِي بِهَا ، وَخُزَّانِ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا ، فَقَتَلُوا طَائِفَةً صَبْراً وَطَائِفَةً غَدْراً . فَوَاللَّهِ لَوْ لَمْ يُصِيبُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلاّ رَجُلاً وَاحِداً مُعْتَمِدِينَ لِقَتْلِهِ ، بِلا جُرْمٍ جَرَّهُ ، لَحَلَّ لِي قَتْلُ ذَلِكَ الْجَيْشِ كُلِّهِ ؛ إِذْ حَضَرُوهُ فَلَمْ يُنْكِرُوا وَلَمْ يَدْفَعُوا عَنْهُ بِلِسَانٍ وَلا بِيَدٍ ، دَعْ مَا إنَّهُمْ قَدْ قَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ الْعِدَّةِ الَّتِي دَخَلُوا بِهَا عَلَيْهِمْ ))(23) .
روى الطبري ، وابن الجوزي ، واللفظ للأوّل قال : ذكر نصر بن مزاحم ، عن سيف ، عن سهل بن يوسف ، عن القاسم بن مُحمّد ، قال : وأقبل جارية بن قُدامة السّعدي ، فقال : يا اُمَّ المؤمنين ، والله ، لَقتلُ عثمان بن عفّان أهون مِن خروجك مِن بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسّلاح ، إنّه قد كان لكِ مِن الله ستراً وحرمة ، فهتكتِ ستركِ وأبحتِ حُرمتِك . إنّه مَنْ رأى قتالك فإنّه يرى قتلَك ؛ إنْ كنت أتيتينا طائعة فارجعي إلى منزلكِ ، وإنْ كنتِ أتيتينا
مستكرهة فاستعيني بالناس .
قال : فخرج غلام شاب مِن بني سعد إلى طلحة والزبير ، فقال : أمّا أنت يا زبير فحواري رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وأمّا أنت يا طلحة ، فوقيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بيدك ، وأرى اُمَّكما معكما فهل جئتما بنسائكم ؟ قالا : لا . قال : فما أنا منكما في شيء واعتزل .
وقال السّعدي في ذلك :
صُـنْتُمْ حـلائِلَكُم وَقُدْتُم اُمَّكم    هـذا لَـعَمْرُكَ قِلَّةُ الإنصافِ
اُمِـرَتْ بجرِّ ذيولِها في بيتِها    فَـهَوَتْ تـشقُّ البيدَ بالإيجافِ
غـرضاً يـُقاتلُ دونَها أبناؤُها    بـالنبلِ والـخطيِّ والأسيافِ
هتكتْ بطلحةَ والزُّبيرِ ستورَها    هـذا الـمخبِّرُ عنهُمُ والكافي
وأقبل غلام مِن جهينة على مُحمّد بن طلحة ـ وكان مُحمّد رجلاً عابداً ـ فقال : أخبرني عن قَتَلة عثمان ؟ فقال : نعم ، دم عثمان ثلاث أثلاث : ثلث على صاحبة الهودج ـ يعني عائشة ـ ، وثلث على صاحب الجمل الأحمر ـ يعنى طلحة ـ ، وثلث على عليِّ بن أبي طالب .
وضحك الغلام ، وقال : ألا أراني على ضلال ! ولحق بعليٍّ (عليه السّلام) ، وقال في ذلك شعراً :
سـألتُ ابـنَ طلحةَ عن هالكٍ     بـجوفِ الـمدينةِ لَـمْ يُـقْبَرِ
فـقـال ثـلاثةُ رهـطٍ هُـمُ     أمـاتوا ابـنَ عـفّانَ واستعبرِ
فـثلثٌ عـلى تلك في خدرِها     وثـلثٌ عـلى راكـبِ الأحمرِ
وثـلثٌ عـلى ابنِ أبي طالبٍ    ونـحـن بـدَوِّيَّـةٍ قَـرْقَـرِ
فـقلتُ صـدقتَ على الأوَّليْنِ     وأَخْطَأت في الثالثِ الأزهرِ(24)
فرحُها بقتل أمير المؤمنين (عليه السّلام)
قال الطبري : ولمَّا انتهى إلى عائشة قتل علي (رضي الله عنه) ، قالت :
فألقتْ عصاها واستقرَّت بها النَّوى    كـما قـرَّ عيناً بالإيـابِ المسافرُ
فمَنْ قتله ؟ قيل : رجل مِن مراد . فقالت :
فإنْ يَكُ نائياً فَلَقَدْ نـعاهُ   غلامٌ ليـس في فيهِ الترابُ
فقالت زينب ابنة أبي سلمة : ألعليٍّ تقولين هذا ؟! فقالت : إنّي أنسى ، فإذا نسيت فذكّروني(25) .
روى ابن سعد ، والبلاذري ، واللفظ للأوّل قال : قالوا : وذهب بقتل علي (عليه السّلام) إلى الحجاز سفيان بن اُميّة بن أبي سفيان بن اُميّة بن عبد شمس ، فبلغ ذلك عائشة ، فقالت :
فألقتْ عصاها واستقرَّتْ بها النَّوى     كمـا قـرَّ عيناً بالإيـابِ المسافرُ(26)
ــــــــــــــــ
(1) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 6 / 48 .
(2) المعجم الكبير ـ الطبراني 1 / 62 ، تاريخ مدينة دمشق ـ ابن عساكر 30 / 418 ذكر أكثر مِن ثلاث روايات ، وفي إسنادها اختلاف ، وفي بعضها لمْ يذكر علوان بن داود .
كنز العمال ـ المتّقي الهندي 5 / 631 ، علل الدارقطني ـ الدار قطني 1 / 181 ، شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 2 / 46 .
(3) الأوّل : أبو الزنباع ، قال فيه ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب 3 / 256 : تمييز ـ روح بن الفرج القطّان أبو الزنباع المصري . روى عن يوسف بن عدي ، وعمرو بن خالد الحراني ، وسعيد بن عفير ، وأبي صالح كاتب الليث عبد الله بن صالح ، ويحيى بن بكير ، وغيرهم .
وعنه المحاملي ، والطحاوي ، وعلي بن مُحمّد المصري ، وعبد الله بن إسحاق ، وأبو العبّاس الأصم ، والطبراني ، وكان مِن الثقات .
وقال ابن يونس : توفّي في ذي القعدة سنة 282 هـ ، وكان مولده في سنة 204 هـ .
قلتُ : قال الكندي في الموالي : كان مِن أوثق الناس . وقال ابن قديد : ذاك رجل نفسه ، رفعه الله بالعلم والصدق . وقال الخطيب : كان ثقة .
وقال أيضاً في تقريب التهذيب ـ ابن حجر 1 / 304 : روح بن الفرج القطّان ، أبو الزنباع (بكسر الزاي وسكون النون بعدها موحّدة) المصري ، ثقة من الحادية عشرة ، مات سنة اثنتين وثمانين ، وله أربع وثمانون . . .
الثاني : سعيد بن عفير ، وهو مِن رجال الصحيحين ، وقال فيه الذهبي في تذكرة الحفّاظ 2 / 427 : 8 435 / 17 ـ خ م س ـ سعيد بن عُفير ، عالم الديار المصريّة ، الإمام أبو عثمان سعيد بن كثير بن عُفير بن مسلم الأنصاري ، مولاهم المصرى . سمع يحيى بن أيوب ، ومالكاً ، والليث ، وسليمان بن بلال وطبقتهم . وعنه البخاري ، وروح بن الفرج ، وأحمد بن حمّاد زغبة ، وأحمد بن مُحمّد الرشديني ، ويحيى بن عثمان ، وخلق كثير . وثّقه ابن عدي وغيره ، وتحامل عليه الجوزجاني .
وقال أبو حاتم : كان يقرأ في كتب الناس ، وهو صدوق . وقال ابن يونس : كان مِن أعلم الناس بالأنساب والأخبار الماضية ، وأيّام العرب والتواريخ ، كان في ذلك كلّه عجباً ، وكان أديباً فصيحاً حاضر الحجّة ، لا تُملّ مجالسته ولا ينزف علمه ، وكان مليح النظم . . . إلى أنْ قال : مولده في سنة ستٍّ وأربعين ومئة ، وتوفّي في شهر رمضان سنة ستٍّ وعشرين ومئتين (رحمه الله تعالى) .
وقال فيه ابن حجر ـ تهذيب التهذيب 4 / 66 ـ : . . . قلتُ : وذكره بن حبّان في الثقات . وقال إبراهيم بن الجنيد ، عن بن معين : ثقة لا بأس به . وقال النسائي : سعيد بن عُفير صالح ، وابن أبي  مريم أحبّ إليّ منه . وقال الحاكم : يُقال إنّ مصر لمْ تخرج أجمع للعلوم منه . وقال فيه الدراقطني في علل الدارقطني 1 / 182 : فيُشبه أنْ يكون سعيد بن عُفير ضبطه عن علوان ؛ لأنّه زاد فيه رجلاً ، وكان سعيد بن عُفير مِن الحفّاظ الثقات .
الثالث : علوان بن داود ، وثّقه ابن حبّان في كتابه الثقات 8 / 526 .
لرابع : حميد بن عبد الحميد ، قال فيه ابن حجر في تقريب التهذيب 1 / 182 : حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي (بضم الراء بعدها همزة خفيفة) أبو عوف الكوفي ، ثقة مِن الثامنة ، مات سنة تسع وثمانين ، وقيل : تسعين ، وقيل : بعدها ع .
وقال فيه القيسراني في تذكرة الحفّاظ 1 / 288 : حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن الحافظ ، الإمام المتقن أبو عوف الرواسي الكوفي ، ابن أخي المحدّث إبراهيم بن حميد الرواسي . روى عن أبيه ، وهشام بن عروة ، والأعمش ، وسلمة بن نبيط ، وابن أبي خالد ، وابن أبي ليلى ، وينزل إلى حمّاد بن زيد ، وزهير بن معاوية .
وعنه أحمد ، ويحيى بن يحيى ، وقتيبة ، وابنا أبي شيبة ، وأبو خيثمة ، وعلي بن حرب ، وخلق . أثنى عليه أحمد ، ووثّقه ابن معين ، وقال أبو بكر بن أبي شيبة : قلَّ مَنْ رأيت مثله . وقال ابن نمير : مات سنة تسعين ومئة . وقال ابن حبّان : مات في آخر سنة اثنتين وتسعين ومئة (رحمه الله تعالى) .
الخامس : صالح بن كيسان ، قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء 5 / 454 : صالح بن كيسان ، الإمام الحافظ الثقة أبو مُحمّد ، ويُقال : أبو الحارث المدني المؤدّب ، مُؤدّب ولد عمر بن عبد العزيز ، يُقال : مولى بني غفّار ، ويُقال : مولى بني عامر ، ويُقال : مولى آل معيقيب الدوسي . رأى عبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن عمر ، وقد قال يحيى بن معين : إنّه سمع منهما ، وحدّث عن عبيد الله بن عبد الله ، وعروة بن الزبير ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، وسالم بن عبد الله ، ونافع بن جُبير ، ونافع مولى ابن عمر ، ونافع مولى أبي قتادة ، والقاسم بن مُحمّد ، وابن شهاب رفيقه ، وينزل إلى ابن عجلان ، وإسماعيل بن مُحمّد بن سعد ، وعدّة . وكان مِن أئمّة الأثر . . .
وقال عنه الذهبي أيضاً في الكاشف 1 / 498 : صالح بن كيسان المدني ، رأى ابن عمر ، وسمع عروة والزهري ، وعنه ابن عُيينة وإبراهيم بن سعد والداروردي . ثقة جامع للفقه والحديث والمروءة . قال أحمد : هو أكبر الزهري . . .
السادس : حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، قال فيه الذهبي في طبقات المُحدّثين 1 / 32 ، تحت عنوان أكابر التابعين ، قال : حميد بن عبد الرحمن بن عوف . وقال فيه العجلي في معرفة الثقات 1 / 323 :  حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، تابعي ثقة مدني .
وقال ابن حبّان في الثقات 4 / 146 : حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي ، أخو إبراهيم وأبي سلمة واُمِّ حميد أولاد عبد الرحمن ، يروي عن عثمان وأبي هريرة ومعاوية . اُمّه اُمّ كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، روى عنه الزهري . كنيته أبو عبد الرحمن ، وقد قيل : أبو إبراهيم . مات قبل عمر بن عبد العزيز بالمدينة ، وقد قيل : إنّه مات سنة خمس ومئة وهو ابن ثلاث وسبعين سنة .
السابع : عبد الرحمن بن عوف ، قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء 1 / 68 : عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ، أبو مُحمّد ، أحد العشرة ، وأحد الستّة أهل الشورى ، وأحد السّابقين البدريّين ، القرشي الزهري ، وهو أحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام . له عدّة أحاديث ، روى عنه ابن عبّاس ، وابن عمر ، وأنس بن مالك ، وبنوه : إبراهيم وحميد وأبو سلمة وعمرو ومصعب بنو عبد الرحمن ، ومالك بن أوس ، وطائفة سواهم . له في الصحيحين حديثان ، وانفرد له البخاري . . . إلخ .
(4) مسند أحمد ـ الأمام أحمد بن حنبل 6 / 228 . أقول : وللأمانة وبيان الحقّ حُدفتْ جملة : ( لا تطيب له نفساً بخير ) مِن صحيح البخاري 1 / 168 ، ومِن صحيح مسلم 2 / 21 ،  وسنن النسائي 2 / 102 ، والسنن الكبرى ـ البيهقي 3 / 80 ، والسنن الكبرى ـ البيهقي 8 / 151 ، ومسند ابن راهويه ـ إسحاق بن راهويه 2 / 504 ، وحديث خيثمة ـ خيثمة بن سليمان الأطرابلسي / 138 ، وصحيح ابن حبّان ـ ابن حبّان 14 / 568 ، ومسند أبي يعلي / 56 ، و السيرة النبوية ـ عبد الملك بن هشام المعافري 6 / 64 ، اقتصروا مِن قول ابن عبّاس على قوله : قال عبيد الله : فحدّثت هذا الحديث عبد الله بن عبّاس ، قال : تدري مَنْ الرجل الآخر ؟ قال : قلت : لا . قال : عليٌّ .
(5) الطبقات الكبرى ـ مُحمّد بن سعد 2 / 232 .
(6) تاريخ الطبري 2 / 226 .
(7) تاريخ الطبري 3 / 12 ، ذكر قولها هذا .
(8) سورة الأحزاب / 33 .
(9) تذكرة الخواصّ ـ سبط ابن الجوزي / 63 ـ 64 ط منشورات الشريف الرضي . أقول : مَنْ يتكلّم بهذا ليس من المجانين ، ولكنّه ما حُبس وفُعل به ما فُعل إلاّ لأنّه مِن أصحاب اللسان والعقل ، مِن أصحاب أمير المؤمنين (عليه السّلام) الذين يُخشى منهم .
(10) فموقف عائشة المضاد لمْ يتغيّر تجاه عثمان إلى حين قتله ؛ ولهذا قالت عن المصريين : إنّهم قوم خرجوا يطلبون الحقّ وينكرون الظلم .
(11) تاريخ الطبري 3 / 7 .
(12) الصحاح ـ الجوهري 5 / 2038 ، قال : ( مهيم ) : كلمة يستفهم بها ، معناها : ما حالك وما شأنك ؟
(13) تاريخ الطبري 3 / 12 ، تذكرة الخواصّ ـ سبط ابن الجوزي / 66 ـ 67 ط منشورات الشريف الرضي ، ولكنّه ذكر بدل (ومنك الغير) (ومنك العويل) ، وبدل (رجاء لنا أنّه قد كفر) (وقلت لنا أنّه قد كفر) ، وبدل (للحرب أثوابها) (للحرب أوزارها) ، وبدل (قد غدر) (قد عثر) .
(14) الموسوعة الشوقيّة ، جمع وترتيب إبراهيم الأنباري 9 / 62 ، دول العرب وعظماء الإسلام ، نقلاً من كتاب وارثة خديجة اُمّ سلمة اُمّ المؤمنين للعلاّمة الشيخ نزار سنبل (حفظه الله ورعاه)
(15) مجمع الزوائد ـ الهيثمي 7 / 234 ، وفي ط ص473 ـ 474 .
(16) مجمع الزوائد ـ الهيثمي 7 / 234 ، و في ط ص474 .
(17) المصدر نفسه .
(18) المصدر نفسه .
(19) المصنّف ـ عبد الرزاق الصنعاني 11 / 365 .
(20) مجمع الزوائد ـ الهيثمي 7 / 234 ، وفي ط ص475 .
(21) قال سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ / 69 ، ط منشورات الشريف الرضي : ثمّ إنّ طلحة والزبير اغتالا عثمان بن حنيف في ليلة مظلمة ، وكان بالمسجد في جماعة ، فأوطؤه الأرجل ، ونتفوا شعر وجهه فما أبقوا فيه شعرة ، وأرسلوا إلى عائشة ليستشيروها فيه ، فقالت : اقتلوه . فقالت لها امرأة : ناشدتك الله في عثمان ؛ فإنّه صاحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . فقالت : احبسوه واضربوه أربعين سوطاً ، وانتفوا شعر رأسه ولحيته وحاجبه وأشفار عينيه . ففعلوا ، ونهبوا بيت مال البصرة ، وقتلوا سبعين رجلاً مِن المسلمين بغير جرم ، فهم أوَّل مَنْ قُتِلَ في الإسلام ظلماً .
وذكر سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواصّ أيضاً / 62 ، ط منشورات الشريف الرضي ، قول أمير المؤمنين (عليه السّلام) في طلحة والزبير عندما أرادا الخروج عليه [ وقد ] استحجّا بالذهاب إلى العمرة ، قال : . . . وقالا : ائذن لنا في العمرة . فقال : (( والله ، ما تريدان العمرة ، وإنّما تريدان الغدرة والفتنة )) . فقالا : كلاّ والله . فقال : (( قد أذنت لكما ، فافعلا ما شئتما )) . وذلك بعد أربعة أشهر مِن خلافته (عليه السّلام) .
(22) المعيار والموازنة ـ أبو جعفر الإسكافي / 27 ـ 29 .
(23) نهج البلاغة 2 / 58 ، خطبة رقم 172 ، شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 9 / 308 ، [وذمّهم] بإخراجهم حرمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ورد كثيراً في الكتب التاريخيّة .
(24) تاريخ الطبري 3 / 16 ، تذكرة الخواصّ ـ ابن الجوزي / 68 ، بإيجاز ولمْ يذكر قضية الغلام الذي مِن جهينة .
(25) تاريخ الطبري 3 / 159 .
(26) الطبقات الكبرى ـ ابن سعد 3 / 40 ، وفي ط ص29 ، أنساب الأشراف ـ البلاذري 3 / 263 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page