• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أهل البيت (عليهم السلام) هم الذين أقاموا الصلاة

وَاَقَمْتُمُ الصَّلاةَ
    ولقد عجبت من صبرهم ملائكة السماء ، كما في زيارة الناحية المقدّسة (1) .
    وقد اعترف بعظيم صبرهم شيعتهم وغير شيعتهم كما تلاحظه في ما تقدّم من حديث ابن دأب (2) .
    وفي نسخة الكفعمي بعد هذه الفقرة : « وصدعتم بأمره ، وتلوتم كتابه ، وحذّرتم بأسه ، وذكّرتم بأيّامه ، وأوفيتم بعهده » .
    (1) ـ الصلاة هي العبادة القربيّة المعروفة التي هي معراج المؤمن ، وقربان كلّ تقيّ ، وقرّة عين الصالحين .
    وإقامتها فُسّرت بمعان ثلاثة :
    1 / بمعنى تعديل أركانها وحفظها من أن يقع زيغ وإنحراف في أفعالها ، أخذاً من أقام العُود يعني عود الخيمة : أي قوّمه .
    2 / بمعنى المواظبة على الصلاة وترويجها ، أخذاً من قامت السوق : أي راجت .
    3 / بمعنى التشمير والاستعداد لأدائها من غير فتور ولا توان ولا تهاون ، أخذاً من قام بالأمر : أي جدّ فيه ، وتجلّد ، ولم يتهاون (3) .
    ولعلّ جامع المعاني في إقامة الصلاة هي المحافظة عليها ، تلك المحافظة التي أمر بها في قوله عزّ إسمه : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ
الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِِ قَانِتِينَ) (4) .
    والتي هي من صفات المؤمنين المفلحين المبشَّرين بالجنّة في كتاب الله الكريم في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (5) .
    وأهل البيت (عليهم السلام) هم الذين أقاموا الصلاة حقّ إقامتها بكلّ خضوع وخشوع ، وإخلاص وحضور قلب ، وجاؤوا بها تامّة الأجزاء والشرائط ، وحافظوا على أدائها بكلّ ما هو من شروط قبولها وكمالها ، وواظبوا على إتيانها بكلّ جدٍّ واجتهاد ، واستعدّوا لها أتمّ الإستعداد ، وعلّموها أحسن التعليم ، ومنحوها غاية التعظيم ، والتزموا بها في الشدّة والرخاء ، واعتنوا بها غاية الاعتناء .
    كما تلاحظ ذلك بوضوح في سيرتهم وحياتهم ، وفي سفرهم وإقامتهم ، حتّى في حروبهم وسجونهم .
    وغني عن البيان صلاة أمير المؤمنين (عليه السلام) (6) .
    وصلاة الإمام السجّاد (عليه السلام) (7) .
    وصلاة الإمام الكاظم (عليه السلام) (8) .
    نقل أحمد بن عبدالله عن أبيه قال : دخلت على الفضل بن الربيع وهو جالس على سطح فقال لي : أشرفْ على هذا البيت وانظر ما ترى ؟
    فقلت : ثوباً مطروحاً .
    فقال : انظر حسناً .
    فتأمّلت فقلت : رجل ساجد .
    فقال لي : تعرفه ؟ هو موسى بن جعفر ، أتفقّده الليل والنهار ، فلم أجده في وقت من الأوقات إلاّ على هذه الحالة ، إنّه يصلّي الفجر فيعقّب إلى أن تطلع الشمس ، ثمّ يسجد سجدة ، فلا يزال ساجداً حتّى تزول الشمس ، وقد وكّل من يترصّد أوقات الصلاة ، فإذا أخبره وثب يصلّي من غير تجديد وضوء ، وهو دأبه ، فإذا صلّى العتمة أفطر ، ثمّ يجدّد الوضوء ثمّ يسجد ، فلا يزال يصلّي في جوف الليل حتّى يطلع الفجر .
    وقال بعض عيونه : كنت أسمعه كثيراً يقول في دعائه : « اللهمّ إنّك تعلم أنّني كنت أسألك أن تفرّغني ... » (9) .
    ولقد شهد بسموّ عباداتهم حتّى غير شيعتهم ، كما تقدّم عن أبي الحديد في شرحه حيث قال في صلاة أمير المؤمنين (عليه السلام) :
    وما ظنّك برجل يبلغ من محافظته على وِرده أن يُبسط له نطعٌ بين الصفّين ليلة الهرير ، فيصلّي عليه ورْدَه ، والسهام تقع بين يديه وتمرّ على صِماخيه يميناً وشمالا ، فلا يرتاع لذلك ، ولا يقوم حتّى يفرغ من وظيفته !
ثمّ قال : وأنت إذا تأمّلت دعواته ومناجاته ، ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه وإجلاله ، وما يتضمّنه من الخضوع لهيبته ، والخشوع لعزّته والاستخذاء له ، عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص ، وفهمت من أي قلب خرجت ، وعلى أي لسان جرت !
    وقيل لعلي بن الحسين (عليه السلام) ـ وكان الغاية في العبادة : أين عبادتك من عبادة جدّك ؟
    قال : « عبادتي عند عبادة جدّي كعبادة جدّي عند عبادة رسول الله (صلى الله عليه وآله) » (10) .
    فإقامة الصلاة وإتمام العبادات كانت بأهل بيت العصمة سلام الله عليهم كما في حديث الإمام الرضا (عليه السلام) :
    « بالإمام تمام الصلاة والصيام والحجّ والجهاد ... » (11) .
    وأهل البيت سلام الله عليهم قد أتمّوا الحجّة ، وأوضحوا المحجّة في بيان الحثّ على الصلوات ، والمحافظة عليها في جميع الأوقات ، والترغيب إليها في جميع المناسبات كما تشاهده في أحاديثهم الوافية (12) .
    وقد بيّنوا حدود الصلاة وأبوابها وأحكامها بجميع سننها وآدابها .
    وقد فسّر الشهيد الأوّل (قدس سره) حديث (إنّ للصلاة أربعة آلاف حدّ) بواجباتها ومندوبها ، فجعل أحكام الواجبات ألفاً وصنّف لها كتاب الألفية ، وجعل
مندوباتها ثلاثة آلاف وصنّف لها كتاب النفليّة (13) .
    فأهل البيت (عليهم السلام) هم الذين أقاموا الصلاة حقّ إقامتها ، بل علّموا وهذّبوا وأمروا الخلق بالصلاة التامّة الكاملة التي يلزم مراعاتها .
    ويحسن التدبّر لذلك في مفصّل حديث حمّاد في هذا الباب قال : قال لي أبو عبدالله (عليه السلام) يوماً : « تحسن أن تصلّي ياحمّاد ؟ قال :
    قلت : ياسيّدي أنا أحفظ كتاب حريز في الصلاة .
    قال : فقال (عليه السلام) : لا عليك قم صلّ .
    قال : فقمت بين يديه متوجّهاً إلى القبلة فاستفتحت الصلاة ، وركعت ، وسجدت .
    فقال (عليه السلام) : ياحمّاد لا تحسن أن تصلّي ، ما أقبح بالرجل (منكم) أن يأتي عليه ستّون سنة أو سبعون سنة ، فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة ؟!
    قال حمّاد : فأصابني في نفسي الذلّ فقلت : جعلت فداك فعلّمني الصلاة .
    فقام أبو عبدالله (عليه السلام) مستقبل القبلة ، منتصباً ، فأرسل يديه جميعاً على فخذيه قد ضمّ أصابعه ، وقرّب بين قدميه حتّى كان بينهما ثلاثة أصابع مفرجات ، واستقبل بأصابع رجليه (جميعاً) لم يحرّفهما عن القبلة ، بخشوع واستكانة فقال : الله أكبر ، ثمّ قرأ الحمد بترتيل ، وقل هو الله أحد ، ثمّ صبر هنيئة بقدر ما تنفّس وهو قائم ، ثمّ قال : الله أكبر وهو قائم ، ثمّ ركع وملأ كفّيه من ركبتيه مفرّجات ، وردّ ركبتيه إلى خلفه حتّى استوى ظهره ، حتّى لو صبّت عليه قطرة ماء أو دهن
____________
(1) بحار الأنوار : ج101 ص240 ب18 ح38 .
(2) الاختصاص : ص108 .
(3) مجمع البحرين : مادّة قَوَمَ ص532 .
(4) سورة البقرة : الآية 238 .
(5) سورة المؤمنون : الآية 9 ـ 11 .
(6) بحار الأنوار : ج41 ص11 .
(7) سفينة البحار : ج6 ص387 .
(8) بحار الأنوار : ج48 ص100 ب39 الأحاديث .
(9) بحار الأنوار : ج48 ص107 ب39 ح9 .
(10) شرح نهج البلاغة : ج1 ص27 .
(11) الكافي : ج1 ص200 .
(12) بحار الأنوار : ج83 ص1 ب6 الأحاديث .
(13) سفينة البحار : ج1 ص43 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page