ولادة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
لم يكن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ـ الذي عد من أهم الإنجازات البشرية في ميدان تكريم الإنسان ـ بحيث باتت البشرية تقيم المناسبات السنوية احتفاء بذكرى ميلاد ذلك الإعلان، لم يكن قد ولد ولادة طبيعية، بل يمكن القول بأنه قد ولد ولادة قيصرية إثر الأحداث الدامية التي مرت بها البشرية والمسيرة الشاقة التي سارت بها البشرية طويلا في الكفاح من أجل الوصول إلى صيغة تكفل للإنسان صيانة لحقوقه الأساسية.
فالأصول "التاريخية للرؤى القوية التي تستطيع أن تشكل أحداث ومواقف العالم مثل تلك الخاصة بحقوق الإنسان الدولية نادرا ما تكون بسيطة. إنها على العكس تخرج بطرق معقدة ومتداخلة من تأثير العديد من القوى، والشخصيات، والظروف والأوقات المختلفة، والأوقات المتباينة، كل منها تنساب بطريقتها الخاصة "(1)
فالإعلان العالمي ولد إذن حيث "كان المجتمع ـ في جميع أدواره ـ يعالج صراعا دائبا بين الشعب والبلاط.. فطورا كانت الملوك تنتصر على الشعوب، وآونة كانت الطبقات الكادحة تنتفض فتتغلب على جهاز الحكم "(2)
وهكذا بين قتل وقتال، وكر وفر، ومخاضات عسيرة مرت بها البشرية، ولد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وذلك في أواخر النصف الأول من القرن العشرين، عام 1948 تحديدا.
_______________________________________
1- بول جوردون لورين، نشأة وتطور حقوق الإنسان الدولية الرؤى، الجمعية المصرية لنشر المعرفة والثقافة العالمية، القاهرة، ترجمة: د. أحمد أمين الجمل، ط1، 2000، ص19.
2- محمد الحسيني الشيرازي، موسوعة الفقه، كتاب الإدارة، دار العلوم للتحقيق والطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، ط1، 1989، ج104، ص32.