• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الإمام زين العابدين (عليه السلام) من كربلاء الى المدينة

الباب الثالث
الفصل الأول

الإمام زين العابدين (عليه السلام) من كربلاء الى المدينة

الإمام زين العابدين(عليه السلام) بعد ملحمة عاشوراء
ذكر المؤرّخون عن شاهد عيان أنّه قال: قدمت الكوفة في المحرّم من سنة احدى وستّين، منصرف عليّ بن الحسين(عليه السلام) بالنسوة من كربلاء ومعه الأجناد يحيطون بهم، وقد خرج الناس للنظر اليهم، فلمّا اُقبل بهم على الجمال بغير وطاء جعل نساء الكوفة يبكين، ويلتدِمنَ[1]، فسمعت عليّ بن الحسين وهو يقول بصوت ضئيل وقد نهكته العلّة وفي عنقه الجامعة ويده مغلولة إلى عنقه: «إنّ هؤلاء النسوة يبكين فمن قتلنا؟!»[2].
وعندما أدخلوا الإمام السجاد(عليه السلام) على ابن زياد سأله من أنت؟ فقال: «أنا عليّ بن الحسين»، فقال له: أليس قد قتل الله عليّ بن الحسين؟ فقال علىّ(عليه السلام): «قد كان لي أخ يسمّى عليّاً قتله الناس، فقال ابن زياد: بل الله قتله، فقال عليّ بن الحسين(عليه السلام): (الله يتوفّى الأنفس حين موتها)، فغضب ابن زياد وقال: وبك جرأة لجوابي وفيك بقية للردّ عليّ؟! اذهبوا به فاضربوا عنقه[3].
فتعلّقت به عمّته زينب وقالت: ياابن زياد، حسبك من دمائنا، واعتنقته وقالت: لا والله لا اُفارقه فإن قتلته فاقتلني معه، فقال لها علىّ(عليه السلام): اسكتي يا عمّة حتى اُكلّمه، ثمّ أقبل عليه فقال: أبالقتل تهدّدني ياابن زياد؟ أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة؟ ثمّ أمر ابن زياد بعلي بن الحسين(عليه السلام) وأهل بيته فحملوا إلى دار بجنب المسجد الأعظم، ولمّا أصبح ابن زياد أمر برأس الحسين(عليه السلام) فطيف به في سكك الكوفة كلّها وقبائلها، ولمّا فرغ القوم من الطواف به في الكوفة ردّوه إلى باب القصر[4].
ثمّ إنّ ابن زياد نصب الرؤوس كلّها بالكوفة على الخشب، كما أنّه كان قد نصب رأس مسلم بن عقيل من قبل بالكوفة.
وكتب ابن زياد إلى يزيد يخبره بقتل الحسين(عليه السلام) وخبر أهل بيته[5]. كما بعث إلى عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة ـ وهو من بني اُمية ـ يخبره بقتل الحسين(عليه السلام).
ولمّا وصل كتاب ابن زياد إلى الشام أمره يزيد بحمل رأس الحسين(عليه السلام) ورؤوس من قتل معه إليه، فأمر ابن زياد بنساء الحسين(عليه السلام) وصبيانه فجُهِّزوا، وأمر بعليّ بن الحسين(عليهما السلام) فغُلّ بغِلٍّ إلى عنقه، ثمّ سرّح بهم في أثر الرؤوس مع مجفر بن ثعلبة العائذي وشمر بن ذي الجوشن، وحملهم على الأقتاب، وساروا بهم كما يسار بسبايا الكفار، فانطلقوا بهم حتى لحقوا بالقوم الذين معهم الرؤوس، فلم يكلّم عليّ بن الحسين(عليه السلام) أحداً منهم في الطريق بكلمة حتى بلغوا الشام[6].
سبايا آل البيت(عليهم السلام) في دمشق
خضعت الشام منذ فتحها بأيدي المسلمين لحكّام مثل خالد بن الوليد ومعاوية بن أبي سفيان، فلم يشاهد الشاميّون النبىّ(صلى الله عليه وآله) ولم يسمعوا حديثه الشريف منه مباشرةً، ولم يطّلعوا على سيرة أصحابه عن كثب ، أمّا النفر القليل من صحابة رسول الله(صلى الله عليه وآله) الذين انتقلوا إلى الشام وأقاموا فيها فلم يكن لهم أثر في الناس، فكانت النتيجة أنّ أهل الشام اعتبروا سلوك معاوية بن أبي سفيان وأصحابه سنّة للمسلمين، ولمّا كانت الشام خاضعة للإمبراطورية الرومية قروناً طويلة، فقد كانت حكومات العصر الإسلاميّ أفضل من سابقاتها بالنسبة للشاميّين.
ومن هنا ليس أمراً عجيباً أن نقرأ في كتب التأريخ أنّ شيخاً شامياً دنا من الإمام السجاد(عليه السلام) عند دخول سبايا آل محمّد(صلى الله عليه وآله) الشام وقال له: الحمد الله الذي أهلككم وأمكن الأمير منكم.
فقال له الإمام(عليه السلام): يا شيخ أقرأت القرآن ؟
فقال الشيخ: بلى.
فقال له الإمام(عليه السلام): أقرأت (قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودّة في القربى)؟
فقال الشيخ : بلى.
فقال له الإمام(عليه السلام): فنحن القربى، يا شيخ!
ثمّ قال له: فهل قرأت (وآتِ ذا القربى حقّه)؟
قال: قد قرأت ذلك.
قال(عليه السلام): فنحن القربى يا شيخ، فهل قرأت هذه الآية: (واعلموا أنّما غنمتم من شيء فإنّ لله خمسه وللرسول ولذي القربى)؟
قال: نعم.
قال الإمام(عليه السلام): نحن القربى.
يا شيخ! هل قرأت (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً)؟
قال الشيخ: بلى.
قال له الإمام(عليه السلام): نحن أهل البيت الذين اختصّنا الله بآية الطهارة.
قال الشيخ: بالله إنّكم هم؟!
قال الإمام(عليه السلام): تالله إنّا لنحن هم من غير شكٍّ وحقِّ جدِّنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) إنّا لنحن هم.
فبكى الشيخ ورمى عمامته، ثمّ رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهمّ إنّي أبرأ اليك من عدوّ آل محمّد[7].
وذكر المؤرّخون أنّه لمّا قدم عليّ بن الحسين(عليه السلام) وقد قُتل الحسين بن علىّ(عليه السلام) استقبله ابراهيم بن طلحة بن عبيد الله وقال: يا عليّ بن الحسين، من غلب؟ وهو مغطٍّ رأسه وهو في المحمل، فقال له عليّ بن الحسين: إذا أردت أن تعلم من غلب ودخل وقت الصلاة فأذّن ثمّ أقم[8].
لقد كان جواب عليّ بن الحسين(عليه السلام) أنّ الصراع إنّما هو على الأذان وتكبير الله تعالى والإقرار بوحدانيّته وليس على رئاسة بني هاشم، وأنّ استشهاد الحسين والصفوة من أهل بيته وأصحابه هو سبب بقاء الإسلام المحمّدي وثباته أمام جاهلية بني اُميّة ومن حذا حذوهم ممّن لم يذوقوا حلاوة الإيمان والإسلام.

________________________________________
[1] التدمت المرأة: ضربت صدرها في النياحة، وقيل : ضربت وجهها في المآتم.
[2] الأمالي للطوسي: 91.
[3] الإرشاد للمفيد: 244، ووقعة الطف : 262، 263 .
[4] مقتل الخوارزمي : 2/43 مرسلاً، واللهوف على قتلى الطفوف : 145.
[5] الكامل في التاريخ للجزري : 4/83، وإنّ أوّل رأس حمل في الإسلام هو رأس عمر بن الحِمق الخزاعي الى معاوية.
[6] عن طبقات ابن سعد في ذيل تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين(عليه السلام) : 131، وأنساب الأشراف: 214، والطبري : 5/460 و 463 ، والإرشاد : 2/119 واللفظ للأخير.
[7] مقتل الخوارزمي 2: 61 ، واللهوف على قتلى الطفوف : 100، ومقتل المقرم : 449 عن تفسير ابن كثير والآلوسي.
[8] أمالي الطوسي: 677.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page