• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الإمــام الحجــة .. الأمــل المنتظــر

الفصل الثاني : الإمــام الحجــة .. الأمــل المنتظــر
انتظار الفرج أو الأمل الثائــر

هنالك سنن إلهية تجري على أساسها حياة المجتمعات كالسنن الإلهية التي تتقلب فيها حياة الأفراد . ومن أبرز هذه السنن انتصار الحق ودحر الباطل .
« وَقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً » (الاسراء/81) .
إن سفينة الحياة ترسو بالتالي على شاطئ رحمة اللـه ، لان رحمته قد سبقت غضبه ، ولان اللـه انما خلق الناس ليرحمهم ، وسبحانه الذي لا يؤاخذ أهل الأرض بألوان العذاب .
يقول ربنا سبحانه وهو يذكرنا بهذه السنة التي لو تأملنا في تاريخ البشر ، وفي ظواهر الحياة لرأينا آثارها بوضوح تام :
« هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ » (التوبة/33)
فما دامت السماوات والأرض قد خلقت بالحق ، وعلى أساس الحق فان سلطان الحق وحاكميته وسيادته سوف يكون متوافقاً مع مسيرة الكون ، ونتيجة تكامل حوادثه بإذن اللـه .
« وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الاَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ » (الانبياءِ/105)
ان هذه الحقيقة التي أكدت عليها رسالات اللـه ليست محدودة بقوم ، ولا محصورة بوراثة الصالحين بقطعة محدودة من الأرض ، بل هي بيان لسنة إلهية عامة تتحقق في ثورات الصالحين ضد الطغاة ، وتتحقق بصورة تامة في وراثة الصالحين لكل الأرض ، والدليل على ذلك :
اولاً : ان الأرض جاءت محلاة بالألف واللام مما يدل على ان المراد بها كل الأرض .
ثانياً : ان تأكيد القرآن على ان هذه حقيقة مكتوبة في أكثر من كتاب سماوي لا يدعنا نشك في انها تشير إلى سنّة إلهية يسوق اللـه احداث الحياة وفقها حتى تتحقق بصورة كلية .
« وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الاَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الاَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ » (القَصَص/5-6)
« قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللـه وَاصْبِرُوا إِنَّ الاَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ » (الاعراف/128)
إن تجــارب البشرية قد دلت على ان المسيرة الطبيعية للنظم الحاكمة في الأرض لن تصل بها إلــــى تلــك التطلعات السامية التي انطوت عليها نفوس البشر من تحقيق مدينة فاضلة تسودها العدالة ، ويحكم في أرجائها الحق بلا شريك .
إذن كيف ومتى يتحقق هذا الطموح الفطري المشروع .. هل يمكن ان يتكامل البشر بصورة عادية إلى ان يبلغ هذا المستوف الأرفع ؟!
ان ترسانات الأسلحة الذرية والكيمياوية ، ومؤامرات المستكبرين ضد مستضعفي الأرض ، وتقهقر البشرية الواضح في ميادين الفضيلة والهدى ، وتدهورها المرعب إلى حضيض الفساد والاعتداء لدليل واحد وواضح على ان السبيل الوحيد إلى تحقيق أهداف الإنسان هي رحمة اللـه التي أخرجت الإنسان من الظلمات إلى النور .
وتلك الرحمة إنما هي في ظهور الحجة الأعظم - بقية اللـه الإمام الثاني عشر من أهل بيت خاتم الأنبياء ، وقدوة الصديقين عليهم جميعاً صلوات اللـه - والإيمان بهذه الحقيقة الصادقة يبعث في قلوب المؤمنين شعلة خالدة من الأمل ذلك الأمل الذي يعتبر وقود الإنسان في مسيرته التكاملية .
ذلك الامل الإلهي الذي يختلف عن الأمنية بفارق السعي الذي هو شرط ضروري لتحقيق الأمل الإلهي .. بينما الأمنية تبرير للكسل والتقاعس .
ذلك الأمل الذي ينتشل المجاهدين من ظلام اليأس الذي يبعثه الشيطان في نفوسهم باستغلال ظروف الإرهاب والقلق والعجز المادي .
ذلك الأمل الذي ينعكس على نظرات الفرد ومواقفه ، فتصبغ بصبغة التفاؤل الإيجابي ، ويطارد روع التشاؤم والشك والسلبية والإنهزامية التي تسعى أجهزة الطاغوت ووساوس الجبت ان تبثها في روح العاملين ، وربما لهذه الحكمة جاء في الحديث النبوي الشريف : أفضل أعمال أمتي إنتظار الفرج .

المهدي ( ع ) في النصوص الدينية

ان ظهور عزير (ع) وعودة عيسى (ع) ورجعة بهرام في الديانات اليهودية والمسيحية والمجوسية سوف يتحقق جميعاً بظهور خاتم الأوصياء المهديين الإمام الحجة ( عجل اللـه فرجه ) .
وان تفسير خمسين آية قرآنية ، وعشرات الأحاديث المأثورة عن النبي (ص) ومئات النصوص المروية عن آل البيت يتم بظهور الحجة ( عجل اللـه فرجه ) .
لقد تواترت أكثر من ستمائة وسبع وخمسين حديثاً في المهدي (ع) [8] .
وقد رواها أعظم أصحاب النبي (ص) ، وقد ألف حول ظهور المهدي ( عجل اللـه فرجه ) ، علماء أهل السنّة أكثر من مائة وأربع وأربعين كتاباً [9] .
وادعى تواتر الحديث كثير من علماء المسلمين من مختلف المذاهب ، ولسنا بحاجة إلى ان نناقش الديانات السماوية في شخص المهدي لأننا لا نملك معهم أرضية مشتركة للحديث بل لابد أن نناقش النظرية القائلة بان المهدي سيولد في آخر الزمان ثم يظهر ، ونظن ان عقدة المسألة تتمثل في قضية طول العمر التي تبقى مشكلة نفسية أمام الإيمان بحياة الإمام . إذاً ، إسمحوا لنا ببحث قضية طول العمر أولاً ، قبل مناقشة هذه النظرية .

قضية طول العمــر

ان ربنا سبحانه بمنّه القديم ورحمته . الواسعة شاء ان يتم الحجة على عباده بأن بعث إليهم رسله دون ان يترك الأرض من دون حجة قائمة .
وأمدّ اللـه في عمر خاتم الأوصياء إذ لا نبي بعد محمد (ص) لكي يبقى السبب المتصل بين الأرض والسماء ، فإذا انقطع الوحي فلا تنقطع الصلة الغيبية عبر ولي من أولياء اللـه .
وقدرة اللـه التي نفذت في كل شيء والتي خلق بها السماوات والأرض لا تعجزه سبحانه عن تطويل عمر الإنسان .
ونحن بصفتنا مسلمين نعتقد بأن اللـه أمدّ في عمر نوح (ع) 950 عاماً بل أكثر ، وان عيسى وإدريس والعبد الصالح ( خضر) أحياء فكيف لا نؤمن بالعمر الطويل الذي عمَّره الإمام الحجة (عجل اللـه فرجه) .
ولكن دعنا نذكر فيما يلي نظر العلم الحديث في امكانية طول عمر الإنسان ، لعلمنا ان أمام بعض الناس مشكلة نفسية لا تدعهم يؤمنون بالإمام الغائب : -
(1) جاء في مجلة الهلال - الجزء الخامس من السنة الثامنة والثلاثين ( ص 607 مارس 1930 ) - تحت عنوان : كم يعيش الإنسان ؟ ما يلي[10] :
يعتقد بعض العامة وبعض الخاصة حتى من الأطباء ان مدى عمر الإنسان سبعون سنة على المتوسط - كما جاء في التوراة - وقل ان يجاوز ذلك ، وقد وقف رئيس مدرسة طبية ذات يوم خطيباً في تلاميذه فقال : ان الأدلة الباثولوجية تدل دلالة على ان أنسجة الجسم تبلى بعد مرور - زمان ما - وأن هناك حداً محدوداً لعمر الإنسان .
فإذا صح قول هذا المدبر فان الأسباب الكثيرة التي تنشأ منها دورة العمر هي ثابتة غير متغيرة - دون متناول العلم - ولنفترض ان منطقة ( قنال بناما ) المشهورة بالأمراض الكثيرة قُطِعَتْ عن سائر العالم ، وكنا نحن فيها نجهل أحوال الحياة والموت في العالم - الذي وراءها - لكنا نقول : ان كثرة الوفيات في هذه المنطقة وقصر العمر أمور معينة بحكم الطبيعة ، وان التحكم فيها دون متناول العلم ، فالفرق بين الأمرين هو في الشخص لا في النوع ، فان جهلنا لأسباب بعض الأمراض هو الذي يحول دون تقليل الوفيات وإطالة العمر - في العالم - ودورة العمر كما نسميها متغيرة قابلة لتأثير العلم فيها ، والذي يعارضني في ذلك أسئله : أي دورة من أدوار العلم هي ثابتة ؟
دورة العمر في الهند أم في نيوزلندا ؟ أم في أمريكا أم في منطقة القتال ؟ وأي الجِرَف نحترفها نقول عنها إن دورة العمر فيها - ثابتة طبيعية - أجِرفة الفلكي التي تكون الوفيات فيها من 15 إلى 40 سنة تحت المتوسط ؟ أم المحاماة التي تكون الوفيات فيها من 5 سنوات إلى 15 سنة فوق المتوسط ؟ أم تنظيف الشبابيك التي تكون الوفيات فيها من 40 إلى 60 سنة فوق المتوسط ؟ هذه أمثلة على الفرق بين الوفيات في اتوسط الوفيات بين بعض الحرف على ما فيها من احصاءات بعض شركات التأمين .
وهناك أدلة كثيرة على ان أدوار الحياة بين الأحياء ومنها الإنسان تغيرت تغيراً عظيماً بالوسائل الصناعية، وان أدوار الحياة - في بعض الأحياء - تزيد كثيراً على ماللإنسان . فلماذا تعيش السلحفاة مائتي سنة والإنسان سبعين سنة ؟ ولماذا تعيش الخلايا الداخلية في الاحياء أربعمائة سنة وفي الانسان أقل ؟
وقد يقال جواباً عن هذا السؤال :
ان الإنسان يدفع بذلك عن عيشته الحضارية الراقية وتركيبه الراقي ، فالشجرة المشار إليها - تمكث في بقعة واحدة - فتظهر فيها جميلة ، ولكن أليس بين الرجال والنساء من لا يصنع أكثر مما تصنع الشجرة، وينال أجراً على ذلك !
وتجارب المختبرات البيولوجية - ذات مغزى كبير - فقد استطاع بعض العلماء إستنبات بعض الدعاميص - الضفدع الصغير - من أجسادها قبل أوان خروجها بتغيير مقدار الأوكسجين - في الوسط الموجودة فيه - وهذا بمثابة تغيير جوهري في دورة حياة الدعاميص .
وكذلك تمكن آخرون من اطالة عمر ذبابة الأثمار (900) ضعف عمرها الطبيعي بحمايتها من السم والعدوى وتخفيض حرارة الوسط الذي تعيش فيه .
وتمكن كارل بتجاربه من ابقاء الخلايا في قلب جنين دجاجة حياً مدة سبع عشرة سنة بصيانته عن بعض العوامل في المحيط الذي وضع فيه .
وإذا نظرنا إلى العوامل المتسلطة على دورة حياة الإنسان ، وجدنا أنه إذا اخذنا شيئاً من المادة المعروفة باسم ( الرانث ) والمستخرجة من غدة درقية عليلة ، أمكننا اعادتها إلى حالتها الطبيعية بحقنها بخلاصة غدة صحيحة ، وكثيراً ما انقذ الشخص المشرف على الموت بحقنة بخلاصة الكبد على أثر أشتداد اصابته بأنيميا خبيثة وموته بها لا يختلف بمبدئه عن الموت بالشيخوخة ، ويعاد المصاب بالسكر إلى حالته الطبيعية بحقنة بخلاصة البنكرياس .
وامتدت يد العلماء إلى أصل الجينات - وقد كان يظن انه لا يمكن العبث بها - فتمكنوا من تغيير جنس الضفادع والطيور من الذكور والإناث والعكس ، ولم يُجَرب ذلك بعد في الإنسان ، ولكن مادام هذا المبدأ يؤيد في الحيوان فلا يمنع تأييده في الإنسان الا جهلنا لأشياء لابد ان تبدو لنا في المستقبل .
(2) وقال الأستاذ ( فورد نوف ) : قد عملت إلى الآن ( 600 ) عملية ناجحة وأقول الآن عن اقتناع : انه لا ينصرم القرن حتى يمكن تجديد قوى الشيوخ ، وإزالة غبار السنين عن وجوههم كثيرة الغضون والأسارير - وأجنابهم المحدودبة الهزيلة - ويمكن أيضاً تأخير الشيخوخة ومضاعفة العمر الذي هو الآن سبعين سنة على الغالب ، وسيبقى الدماغ والقلب صحيحين إلى الآخر - وقد يمكن تغيير الصفات والشخصيات والعادات بهذه الطريقة ، ونقل الجرائم وتخلق العبقريات ، وتفرغ الشخصيات في قوالب على حسب الطلب [11].
(3) العلماء الموثوق بعلمهم يقولون :
ان جل الأنسجة الرئيسية من جسم الحيوان تقبل البقاء إلى مالا نهاية له ، وانه في الإمكان ان يبقى الإنسان حياً ألوفاً من السنين إذا لم تعرض عليه عوارض تصرم حبل حياته ، وقولهم هذا ليس مجرد ظن ، بل هو نتيجة علمية مؤيدة بالامتحان [12] .
فقد تمكن أحد الجراحين من قطع جزء من حيوان وابقائه حياً أكثر من السنين التي يحياها ذلك الحيوان عادة . أي صارت حياة ذلك الجزء مرتبطة بالغذاء الذي يقدم لها بعد السنين التي يحياها ، فصار في الامكان ان يعيش إلى الأبد مادام الغذاء اللازم موفوراً له .
وهذا الجراح هو ( الكسيس كارل ) من المشتغلين في معهد ( روكفلر نيويورك ) وقد امتحن ذلك في قطعة من جنين الدجاج فبقيت تلك القطعة حية نامية أكثر من ثمان سنوات ، وهو وغيره امتحنا قطعاً من أعضاء جسم الإنسان - من أعضائه وقلبه وجلده وكليته - فكانت تبقى حية نامية مادام الغذاء اللازم موفوراً لها حتى قال الأستاذ ( ديمند وبرل ) من أساتذة جامعة جونز هو بكنز :
ان كل الأجزاء الخلوية الرئيسية من جسم الإنسان قد ثبت : أما ان خلودها بالقوة صار أمراً مثبتاً بالامتحان أو مرجحاً ترجيحاً تاماً لطول ما عاشته حتى الآن .
إلى ان قال الدكتور كارل : شرع في التجارب المذكورة في شهر يناير سنة 1912 م ، ولقي عقبات كثيرة في سبيله فتغلب عليها هو ومساعدوه ، فثبت له :
أولاً : ان هذه الأجزاء الخلوية تبقى حية مالم يعرض لها عارض يميتها ، اما من قلة الغذاء أو من دخول بعض الميكروبات .
ثانيا : ان لا تأثير للزمن - أي انها لا تشيخ وتضعف بمرور الزمن ، بل لا يبدو عليها أقل أثر للشيخوخة، بل تنمو وتتكاثر - هذه السنة - كما كانت تنمو وتتكاثر في السنة الماضية وما قبلها من السنين ، وتدل الظواهر على انها ستبقى حية نامية مادام الباحثون صابرين على مراقبتها ، وتقديم الغذاء الكافي لها ، فشيخوخة الاحياء ليست سبباً ، بل هي نتيجة .
لكن لماذا يموت الإنسان ولماذا نرى سنينه محدودة - لا تتجاوز المائة الا نادراً جداً - وغايتها العادية سبعون او ثمانون ؟
الجواب :
ان أعضاء جسم الإنسان كثيرة ومختلفة ، وهي مرتبطة بعضها ببعض ارتباطا محكماً حتى ان حياة بعضها تتوقف على حياة البعض الآخر ، فإذا ضعف بعضها ومات لسبب من الأسباب مات بموته سائر الأعضاء . ناهيك بفتك الأمراض الميكروبية المختلفة ، وهذا مما يجعل متوسط العمر أقل جداً من السبعين والثمانين . لا سيما ان كثيرين يموتون أطفالاً ، وغاية ما ثبت الآن من التجارب المذكورة : ان الإنسان لا يموت لان عمره كذا من السنين - سبعين أو ثمانين أو مائة أو أكثر - بل لان العوارض تنتاب بعض الأجزاء فتتلفها ولارتباط اعضائه بعضها ببعض تموت كلها ، فإذا استطاع العلم أن يزيل بعض العوارض أو يمنع فعلها لم يبقَ مانع استمرار الحياة مئات من السنين ، كما يحيا بعض أنواع الأشجار ، وقلّ ما تنتظر العلوم الطبيعية والوسائل الصحية هذه الغاية القصوى ، ولكن لايبعد ان نهايتها تضاعف متوسط العمر أو يزيد ضعفين أو ثلاثة [13] .
(4) وأكد تقرير نشرته الشركة الوطنية الجيوغرافية :
ان الإنسان يستطيع ان يعيش (1400) سنة إذا ما خدر مثل بعض الحيوانات طيلة فصل الشتاء [14].
وهكذا يأتي قولنا بامكان طول العمر مدة من الزمن بعيدة - مؤيداً - بالتجارب الحديثة . فهل نجد من الشك أي مانع عن قبول ذلك إذا عرفت ان اللـه يريد ان يبقيه كذلك ، وإذا أراد شيئاً وفرَ له أسبابه الطبيعية .
قال الإمام الرضا (ع) : أبى اللـه إلا ان يجري الأمور بأسبابها .

الـديـن وطــول العمــر

هنا نبحث في الموضوع من جانب ديني بحت : ان من يعتقد بالدين من اليهود والنصارى والمسلمين، يؤمن بأن قدرة اللـه شاملة لكل الأمور ومنها امداد عمر رجل - يلزم ان يموت في السبعين - فيزديه ألفـاً، مثلاً .
وإن الإعتقاد بذلك ثابت لهم فعلاً ، حيث انهم لا يزالون يقبلون مبدئياً حياة كثيرين ممن تقدم تاريخ ميلادهم عن الإمام المهدي ( عجل اللـه فرجه ) مثل : خضر ، إدريس ، عيسى (ع) . كما يعتقدون انهم سوف يبقون أحياء في المستقبل أيضاً ، وكذلك تدل كتبهم الدينية على امتداد حياة أمة من الناس مدة طويلـــة في الماضي السحيــق ، مثال آدم ، الذي عاش في معتقد اليهود 930 سنة جاء في التوراة مـــا هــــذا نصه : فكان كل أيام آدم التي عاشها تسعمائة سنة وثلاثين سنة ومات .
سفر التكوين - الاصحاج الخامس - الآية /5 وشيث الذي عاش على ما في التوراة ( 912 عاماً ) حسب ما جاء في النص : فكانت كل أيام شيث تسعمائة واثني عشرة سنة ومات ... .
سفر التكوين - الاصحاح التاسع - الاية / 8
وأما نوح فقد عاش عندهم 950 سنة . جاء في التوراة : فكانت كل أيام نوح تسعمائة وخمسين سنة ومات ... .
سفر التكوين - الاصحاح التاسع - الآية / 29 أما المسلمون فإنهم يعتقدون بحياة عيسى وخضر ولإلياس .
وان سرد هذه الحقائق تكفينا عن ذكر أسماء المعمرين بعدما ثبت ان طول العمر ممكن عقلاً وواقع فعــلاً .

هل الإمــام المهــدي حــي ؟

لقد سبق القول ان المذاهب الإسلامية تتفق تقريباً على قضية المصلح القائم بأمر اللـه - آخر الدهر - وانه ينتمي إلى رسول اللـه (ص) ، وانه ابن فاطمة ، وقد طفحت كتبهم بأحاديث بلغت التواتر في اثبات ذلك . كما انه قد ألف كثير منهم كتباً تبحث عن الموضوع بصورة مسهبة - نعم لا ننكر ان عدة منهم كثيرة شذت عنهم - وقالت : حيث كانت الأحاديث تحتوي على بعض الغرائب فانها لم تقبل التصديق ، ولكن الاحاديث التي تتضمن قضية المهدي ليست أكثر غرابة مما تضمنت أخبار الأمم السابقة ، والمعاجز التي رافقت حياتهم ، والآيات التي ظهرت على أيديهم .
وهناك نقطة اختلفت المذاهب الإسلامية فيها ولابد من مناقشتها في هذا المجال ، وهي :
هل ان الإمام المهدي ( عجل اللـه فرجه ) حيّ فعلاً أم انه سيولد بعدئذ ؟ قبل ان نذهب بعيداً في البحث يجب ان نذكر : انه لم يمتنع أي المذاهب الإسلامية عن الإعتراف بوجود الإمام المهدي ( عجل اللـه فرجه ) ، وتأويل النصوص التي وردت بشأن ذلك إلاّ بسبب واحد هو : استغراب وجوده حياً منذ سنة 255 هـ إلى سنة 1405 هـ ، وقد سبقت مناقشة ذلك في ضوء التجارب الحديثة والمعتقدات الدينية ، فلم يبق هناك ما يدعوهم إلى الانكار إلاّ انهم قد يقولون ما هو الدليل القاطع على ذلك ؟
الجواب :
ان هناك أدلة كثيرة على حياة الإمام المهدي ( عجل اللـه فرجه ) وفيما يلي بيان بعضها :
أ - قاربت أحاديث النبي (ص) الواردة بشأن الأئمة الاثنا عشر - حد التواتر - وأجمعت الأمة على صحتها وثقة رواتها ، ونذكر فيما يلي بعضاً منها :
(1) عن جابر بن سمرة قال : سمعت النبي (ص) يقول :
يكــــون من بعدي إثنا عشر أميراً ... . فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : انه قال : كلهم من قريــــش [15] .
(2) قال رسول اللـه (صلى اللـه عليه وآله ) :
يكـــــــون من بعدي إثنا عشر أميراً ... . ثم تكلم بشئ لم أفهمه فسألت الذي يليني ، فقال : قــــال : .. كلهم من قريش .
قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح [16] .
(3) قال : دخلت مع أبي على النبي (ص) فسمعته يقول :
إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة .. .
قال : وتكلم بكلام خفي عليّ . فقلت لأبي : ما قال ؟ قال : .. كلهم من قريش [17] .
(4) قال سمعت رسول اللـه (ص) يقول :
لا يزال هذا الدين عزيزاً إلى اثني عشر خليفة - فكبر الناس وضجوا - ... .
ثم قال : كلمة خفيت ، قلت لأبي : يا أبه ما قال ؟ قال : .. كلهم من قريش [18] .
(5) قال سمعت النبي (ص) يقول :
يكون لهذه الأمة اثنا عشر خليفة [19] .
فإذا اضفنا الحديث الصحيح لدى الفريقين والصريح على انهم من قريش مع تلك الأخبار التي بينت مكارم أهل البيت ، وانهم كالنجوم يحفظون أهل الأرض ويهدونهم ، ثم إذا أضفنا إليها جميعاً تلك الأحاديث التي تبين انه سوف ينتهي من بعدهم الأمر ، وانه سوف يكونون في الأرض ما بقي فيها اثنان . عرفنا ان المهدي يلزم ان يكون منهم ، ويكون مهديهم آخرهم . أضف إلى ذلك الأحاديث التي وردت عن النبي (ص) تقول : ان آخر هؤلاء الاثني عشر يكون قائم الأمة ومهديها .
إذا كان ذلك عرفنا : ان الإمام موجود فعلا لانه الثاني عشر من الأئمة (عليهم السلام ) . وقد كان حادي عشرهم هو الإمام الحسن العسكري (ع) ولم يخلف باجماع المؤرخين إلاّ ولداً واحداً كما في الأخبار هو الإمام المهدي ( عجل اللـه فرجه ) فلابد ان يكون حياً .
ب - لقد سبق انه لابد ان تكون الحجة دائمة للخلق كصلة تربطهم بربهم ، فإذا ثبت ذلك ثبتت حياة الإمام ووجوده فعلاً داعياً للخلق ، ولا يستلزم غيابه عدم فائدة إذ انه بطبيعة صلته الغيبية باللـه القادر العليم يستطيع ان يحقق ما يراه صالحاً بطريقة غير مباشرة ، وإذا كان اللـه قادراً على اعطاء الملائكة المقربين قوى قاهرة ، وتخويلهم بعد ذلك صلاحيات كبيرة فانه سيكون قادراً على اعطاء مثل ذلك للنبي أو وصي النبي كالإمام المهدي ( عجل اللـه فرجه ) .
وإذا كانت سنة اللـه قد جرت في الخلق ان يجعل لكل شيء سبباً ، وأبتْ ان تجري الأمور إلاّ بأسبابها ؛ فما المانع عن قبول فكرة جعل بشر صالح مطيع لله سبباً لطائفة من الأمور ولو بصورة غيبية ؟ كما نقول في الإمام الحجة ( عجل اللـه فرجه ) .
ومن هنا نعرف ان الإيمان بالإمام الغائب ( عجل اللـه فرجه ) جزء رئيس من الإيمان بالغيب ككل . وانه لا يستطيع أحد ان يبعض ايمانه فيسلم بالغيب ويستنكر تأييد الإمام الحجة ( عجل اللـه فرجه ) بالغيب ، أو يؤمن بتأييد الملائكة للرسول ثم يكفر بامكانية تأييد الإمام الغائب للصالحين .
ومن جهة أخرى هناك جوانب اخرى للإمام نذكر منها ما يلي :
المهدي الحجة الشاهد :
ان الإمام الحجة ( عجل اللـه فرجه ) شاهد بإذن اللـه على الناس ، ومعرفة المؤمنين بهذه الحقيقة تجعلهم يسارعون في الخيرات ، ويجتهدون للاقتداء بسيدهم وجعل حياتهم نسخة من حياة سيدهم وولي أمرهم .
وبما ان الحجة (ع) إمام حي ، وان القيادة الحقيقية له ، وانه ينوبه في ذلك من يكون أقرب إليه وأحسن اقتداء بهديه ، فإنه يصبح كالميزان في انتخاب القيادة ن بل وفي فرز الخط الإلهي الذي ينتمي إليه الصالحون عن الخطوط المتفرقة التي لا تستقيم على هذا الايمان .
الإمام الحجة في كتب الإديان :
بالرغم من تطاول يد التحريف على الكتب السماوية الموجودة حالياً فانه يوجد فيها بعض الحقائق ان لم تكن لنفيد لاثبات الواقع بذاتها ، فانها تفيد للاحتجاج على من يعتقد بها ، وفيما يلي نذكر نصوصاً من كتب الأديان عن الإمام المهدي ( عجل اللـه فرجه ) .
(1) الصديقون يرثون الأرض إلى الأبد .
المزمور السابع والثلاثون - كتاب المزامير
كما قد تضّمن أيضاً تفاصيل كثيرة عن الأوضاع في آخر الزمان مما يؤيد ما في أحاديث المسلمين ، ثم يقول : أما الأشرار فيبادون جميعاً - عقب الأشرار ينقطع - .
(2) ويـل للأمة الخاطئة - الشعب الثقيل الآثم - نسل فاعلي الشر أولاد المفسدين تركوا الرب .. .
.. أرضكم تأكلها غرباً قدامكــــم وهي خربة كانقلاب الغربـاء ، وبعــــد ذلك تدعيـــن مدينــــة العــدل ، القريــــة
الأمينــــة .
كتاب أشعيا - الاصحاح الأول
(3) فيرفع راية الأمم من بعيد ، ويصفر لهم من أقصى الأرض . فإذا هم بالعجلة يأتون ليس فيهم رازح ولا عاثر .
الاصحاح الخامس
(4) إلى ان تصير المدن خربة بلا ساكن ، والبيوت ، بلا إنسان ، وتخرب الأرض وتقفر ويبعد الأرض الإنسان ، ويكثر الخراب في وسط الأرض ، وان يبقى فيها عشر بعد ، فيعود ويصير للخراب ، ولكن كالبطمة والبلوطة التي - وان قطعت - فلها ساق يكون ساقه زرعاً مقدساً .
الاصحاح السادس - من كتاب أشعيا
(5) يقيم إله السماء مملكة لن تنقرض ابداً ، وملكها لا يترك لشعب آخر ، وتسحق وتفني كلّ هذه الممالك وهي تثبت إلى الأبد .
ثم يقول : .. طوبى لمن انتظر .
كتاب حجار - الاصحاح الثاني
(5) قال رب الجنود . هي مرة بعد قليل ازلزل السماوات والارض والبحر واليابسة ، وازلزل كل الأمم ، ويأتي بعدها كل الأمم تملأ هذا البيت .
كتاب حجار - الاصحاج الثاني
(6) ويكون في كل الأرض يقول الرب : ان ثلثين يقطعان ويموتان ، والثلث يبقى فيها ، وادخل الثلث في النار ، وامحصهم كمحص الفضة ، وامتحنهم امتحان الذهب ، هو يدعو باسمي وانا أجيبه اقول هو شعبي وهو يقول الرب إلهي [20] .
كتاب زكريا - الاصحاح الثالث عشر
(7) ان يسوع - هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي إليكم كما رأيتموه منطلقاً إلى السماء [21] .
كتاب أعمال الرسل - العهد الجديد - الاصحاح الاول
(8) وان مضيت واعددت لكم مكاناً آتي أيضاً .
إنجيل يوحنا - الاصحاح الرابع عشر
(9) لانه بعد قليل جداً سيأتي الآتي ولا يبطئ .
الاصحاح العاشر من الرسالة التي كانت إلى العبرانيين
(10) ثبت للقضاء على كرسيه وهو يقتضي للمسكونة بالعدل ليالي الشعوب بالإستقامة .
المزمور التاسع من مزامير داود
ثم يقول : وانما الذي عندكم تمسكوا به إلى ان يأتي من يغلب ويحفظ أعمالي إلى النهاية ، فسأعطيه سلطاناً على الأمم فيرعاها بقضيب من حديد ، كما تكسر آنية من خزف ، وأعطيه كوكب الصبح من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس .
(11) اما ذلك اليوم ، وتلك الساعة فلا يعلم بها أحد .
إنجيل متّى - الاصحاح الرابع والعشرون
ولا أعلق على هذه المقتطفات من كتب العهدين لانها تطابق بشئ من الإختلاف ما جاء في الأحاديث الصحيحة من علامات الظهور وسمات دولة الحق .
وأما المجوس فانهم أيضاً يعتقدون برجوع إنسان باسم ( بهرام ) الذي لا يختلف معناه عن المهدي شيئاً .
والبراهمة أيضاً يعتقدون بظهور ( كرشنا ) على ما يدعون . إلاّ ان هناك أدلة كثيرة على بعث أنبياء وصلحاء مع الإمام المهدي ( عجل اللـه فرجه ) ليروا الحق ظاهراً على الأرض كلها . ولعل بهرام وكرشنا كانا صالحين ممن لا نعرف اسمهم .
ان ظهور الإمام يعتبر عند الأئمة الطاهرين (ع) القيامة الصغرى ، حيث يبعث من كل أمة شهيداً .
_____________________
 ([8]) تجد تفصيلاً لهذه الأحاديث في كتاب البحار : ( ج 51 - 53 ) وفي كتاب " منتخب الأثر " (ص 31 - 60) .
([9]) تجد أسمائهم في كتاب " الإمام المهدي " : ( ص 299 - 318 ) .
([10]) أوردنا قصته من كتاب " منتخب الأثر " ( ص 77 ) .
([11]) تفسير الجواهر : ( ج 224 ) عن مجلة كل شيء . أنظر المصدر المتقدم : ( ص 179) .
([12]) نفس المصدر .
([13]) المصدر السابق عن مجلة المقتطف - العدد الثالث - السنة التاسعة والخمسين .
([14]) الإمام المهدي : ( ص 164 ) .
([15]) صحيح البخاري - الجزء الرابع - كتاب الأحكام : ( ص 175 ) طبعة مصر 1355 هـ
([16]) صحيح الترمذي الجزء الثاني باب ما جاء في الخلفاء : ( ص 45 ) طبعة نيودلهي 1342 هـ .
([17]) صحيح مسلم - كتاب الامارة - باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش : ( ص 191 ، ج 2 ، ق 1 ) طبعة مصر 1348 هـ
([18]) صحيح أبي داود : ( ج 2) كتاب المهدي : ( ص 207 ) طبعة مصر المطبعة التازية
([19]) مسند أحمد وقد أخرج مع هذا الحديث ، رواية اخرى عن جابر من أربعة وثلاثين طريقاً .
([20]) لقد جاء في كثير من احاديث آل البيت عليهم السلام ان ثلثي أهل الأرض يموتون ويبقى الثلث الآخر فيمحص تمحيصاً .
([21]) لقد استفاضت أخبارنا الدينية - برجوع عيسى (ع) معه - تماماً كما يذكره هذا الكتاب .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page