نصيحةُ الحُرُّ لأهلِ الكوفة
ثُمّ استأذن الحسين في أن يُكلّم القوم، فإذِنَ له، فنادى بأعلى صوته: ياأهل الكوفة لاُمَّكُم الهَبَلُ والعبْرُ([1])، إذ دعوتموه وأخذتم بكظمه، وأحطتم به من كلّ جانب، فمنعتموه التوجّه إلى بلاد الله العريضة، حتى يأمَنَ وأهلُ بيته، وأصبح كالأسير في أيديكم، لا يملِكُ لنفسه نفعاً ولا ضرّاً، وحلأتموه ونساءَه وصبيته وصحبه عن ماء الفرات الجاري الذي يشربه اليهود والنصارى والمجوس، وتمرّغُ فيه خنازير السواد وكلابه([2])، وهاهم قد صرعهم العطس، بئسما خلَفتم محمداً في ذُرّيّته، لاسقاكم الله يوم الظمأ.
فحملتْ عليه رجّالةٌ ترميه با لنبلِ، فتقهقر، حتى وقف أمام الحسين عليه السلام([3]).
--------------------------------------------------------------------------------
[1] - الهَبَل، بالتحريك: الثكل. والعَبْر، بفتح العين وسكون الباء: الحزن.
[2] - يطلق «السواد» على مابين البصرة والكوفة وعلى ما حولهما. المنجد.
[3] - الكامل في التاريخ: ج4، ص65.