عناصر الحديث الفنّي
يظلّ الحديث المأثور عن النبي (صلى الله عليه وآله) ـ كما قلنا ـ غنيّاً بعنصر ( الصورة ) أولا و بعنصر ( الصوت ) ثانياً . و سبب ذلك ـ أنّ الحديث بصفته متميزاً عن الأشكال الأُخرى بقصره من جانب و بتضمنه لكل مبادئ الإسلام من جانب آخر : حينئذ فإنّ الاهتمام بتوشيحه بعناصر الصورة و الصوت يساهم في اجتذاب المُتلَقّي و جعله معنيّاً به و من ثَّم الإفادة منه ، و هو الهدف الرئيس من وراء صياغة الحديث .
أمّا احتشاد الحديث بعنصر ( الصورة ) أولا ، فلأنّ الصورة تساهم في تعميق الدلالة المستهدفة و توضيحها : حيث إنّ التشبيه و الاستعارة و الرمز و سواها تُجلي و تبلور و توضِّح و تعمِّق الدلالة ، و تجعل الاهتمام ـ بما ينطوي عليه الحديث من أهداف ـ أكثر دون أدنى شك . و أما عنصر « الصوت » أو « الإيقاع » حيث يجيء في المرتبة الثانويّة فلأنّه ينطوي على بُعد « جمالي » يجتذب المتلقِّي فيساهم في تشويقه على تلقِّي الحديث و حمله على النظر فيه ، و مِن ثَم : الإفادة منه من خلال اقترانه بما هو جميل ، حيث إنّ اقتران الشي بما هو مُحبَّب إلى النفس يجعل الإفادة من مضمونه : أسرع و أعمق .
و أيّاً كان ، يعنينا أن نُقدِّم نماذج من أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) ، مشيرين إلى أنّه (صلى الله عليه وآله)قد توفّر على تقديم الحديث بكل مستوياته الفنّيّة بحيث يمكننا ـ في مجال الصورة مثلا ـ أن نرصد الأشكال التركيبيّة المختلفة في هذا الجانب ، مثل : الصورة التشبيهيّة ، الصورة التمثيليّة ، الصورة الاستعاريّة ، الصورة الرمزيّة ، الصورة التضمينيّة ، الصورة الاستدلاليّة ، مضافاً إلى « الصورة المباشرة » الّتي تُعنى بنقل ما هو ( مَرئِيّ حسّي ) أو ما هو صوغ فنيّ قائم على ( التقابل ) و ( التوازي ) و ( التضاد ) بين الظواهر . . .
و الأمر نفسه بالنسبة إلى عناصر ( الصوت ) أو ( الإيقاع ) من حيث تنوّع أشكاله : سجعاً ، و تجانساً بين أصوات ، و توازن جمل ، و تناسقها ، و جرساً للمفردة ، و إيقاعاً داخلياً : يجانس بين صوت العبارة و دلالتها . . . و يحسن بنا الآن أن نعرض نماذج من الأحاديث وَفقاً لمستوياتها الصوريّة و الصوتيّة ، بادئين أولا بــ : العنصر الصوري