• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

في حديث الاقتداء بالشيخين

في حديث الاقتداء بالشيخين


تأليف
السيد علي الحسيني الميلاني

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين.
وبعد، فلا يخفى أن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي عند المسلمين ـ وإن وقع الخلاف بينهم في طريقها ـ فمنها ـ بعد القرآن الكريم ـ تستخرج الأحكام الإلهية، وأصول العقائد الدينية، والمعارف الفذّة، والأخلاق الكريمة، بل فيها بيان ما أجمله الكتاب، وتفسير ما أبهمه، وتقييدما أطلقه وإيضاح ما أغلقه...
فنحن مأمورون باتباع السنة والعمل بما ثبت منها، ومحتاجون إليها في جميع الشؤون ومناحي الحياة، الفردية والاجتماعية...
إلاّ أن الأيدي الأثيمة تلاعبت بالسُنة الشريفة حسب أهوائها وأهدافها... وهذا أمر ثابت يعترف به الكلّ...
ولهذا وذاك.. انبرى علماء الحديث لتمييز الصحيح من السقيم، والحق من
الباطل.. فكانت كتب (الصحاح) وكتب (الموضوعات)...
ولكن الحقيقة هي تسرب الأغراض والدوافع الباعثة إلى الاختلاق والتحريف إلى المعايير التي اتخذوها للتمييز والتمحيص... فلم تخل (الصحاح) من الموضوعات والأباطيل، ولم تخل (الموضوعات) من الصحاح والحقائق... وهذا ما دعا آخرين إلى وضع كتب تكلّموا فيها على ما اخرج في الصحاح واخرى تعقبوا فيها ما أدرج في الموضوعات... وقد تعرضنا لهذا في بعض بحوثنا المنشورة...
وحديث: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» أخرجه غير واحد من أصحاب الصحاح.. وقال بصحته غيرهم تبعاً لهم.. ومن ثمّ استندوا إليه في البحوث العلميّة.
ففي كتب العقائد... في مبحث الإمامة... جعلوه من أقوى الحجج على إمامة أبي بكر وعمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم...
وفي الفقه... استدلوا به لترجيح فتوى الشيخين في المسألة إذا خالفهما غيرهما من الأصحاب..
وفي الاصول... في مبحث الإجماع... يحتجّون به لحجّيّة اتفاقهما وعدم جواز مخالفتهما فيما اتفقا عليه... فهل هو حديث صحيح حقاً؟
لقد تناولنا هذا الحديث بالنقد، فتتبّعنا أسانيده في كتب القوم، ودققنا النظر فيها على ضوء كلمات أساطينهم، ثم عثرنا على تصريحات لجماعة من كبار أئمتهم في شأنه، ثم كانت لنا تأمّلات في معناه ومتنه...
فإلى أهل الفضل والتحقيق هذه الصفحات اليسيرة المتضمنة تحقيق هذا الحديث في ثلاثة فصول... والله أسأل أن يهدينا إلى صراطه المستقيم، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم... إنه خير مسؤول.
علي الحسيني الميلاني

في حديث الاقتداء بالشيخين


تأليف
السيد علي الحسيني الميلاني

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين، من الأولين والآخرين.
وبعد، فلا يخفى أن السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي عند المسلمين ـ وإن وقع الخلاف بينهم في طريقها ـ فمنها ـ بعد القرآن الكريم ـ تستخرج الأحكام الإلهية، وأصول العقائد الدينية، والمعارف الفذّة، والأخلاق الكريمة، بل فيها بيان ما أجمله الكتاب، وتفسير ما أبهمه، وتقييدما أطلقه وإيضاح ما أغلقه...
فنحن مأمورون باتباع السنة والعمل بما ثبت منها، ومحتاجون إليها في جميع الشؤون ومناحي الحياة، الفردية والاجتماعية...
إلاّ أن الأيدي الأثيمة تلاعبت بالسُنة الشريفة حسب أهوائها وأهدافها... وهذا أمر ثابت يعترف به الكلّ...
ولهذا وذاك.. انبرى علماء الحديث لتمييز الصحيح من السقيم، والحق من
الباطل.. فكانت كتب (الصحاح) وكتب (الموضوعات)...
ولكن الحقيقة هي تسرب الأغراض والدوافع الباعثة إلى الاختلاق والتحريف إلى المعايير التي اتخذوها للتمييز والتمحيص... فلم تخل (الصحاح) من الموضوعات والأباطيل، ولم تخل (الموضوعات) من الصحاح والحقائق... وهذا ما دعا آخرين إلى وضع كتب تكلّموا فيها على ما اخرج في الصحاح واخرى تعقبوا فيها ما أدرج في الموضوعات... وقد تعرضنا لهذا في بعض بحوثنا المنشورة...
وحديث: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» أخرجه غير واحد من أصحاب الصحاح.. وقال بصحته غيرهم تبعاً لهم.. ومن ثمّ استندوا إليه في البحوث العلميّة.
ففي كتب العقائد... في مبحث الإمامة... جعلوه من أقوى الحجج على إمامة أبي بكر وعمر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم...
وفي الفقه... استدلوا به لترجيح فتوى الشيخين في المسألة إذا خالفهما غيرهما من الأصحاب..
وفي الاصول... في مبحث الإجماع... يحتجّون به لحجّيّة اتفاقهما وعدم جواز مخالفتهما فيما اتفقا عليه... فهل هو حديث صحيح حقاً؟
لقد تناولنا هذا الحديث بالنقد، فتتبّعنا أسانيده في كتب القوم، ودققنا النظر فيها على ضوء كلمات أساطينهم، ثم عثرنا على تصريحات لجماعة من كبار أئمتهم في شأنه، ثم كانت لنا تأمّلات في معناه ومتنه...
فإلى أهل الفضل والتحقيق هذه الصفحات اليسيرة المتضمنة تحقيق هذا الحديث في ثلاثة فصول... والله أسأل أن يهدينا إلى صراطه المستقيم، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم... إنه خير مسؤول.
علي الحسيني الميلاني

نظرات في أسانيد حديث الاقتداء

نظرات في أسانيد حديث الاقتداء
إن حديث الاقتداء من الأحاديث المشهورة في فضل الشيخين، فقد روره عن عدة من الصحابة وبأسانيد كثيرة... لكن لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما مطلقا، ولم يخرج في شيء من الصحاح عن غير حذيفة وعبدالله بن مسعود، وقد ذهب غيرواحد من أعلام القوم إلى عدم قبول ما لم يخرجه الشيخان من المناقب، وكثيرون منهم إلى عدم صحة ما أعرض عنه أرباب الصحاح.
وعلى ما ذكر يسقط حديث الاقتداء مطلقاً أو ما كان من حديث غير ابن مسعود وحذيفة.
لكنّا ننظر قي أسانيد هذا الحديث عن جميع من روي عنه من الصحابة، إلآ أنّا نهتّم في الأكثر بما كان من حديث حذيفة وابن مسعود، ونكتفي في البحث عن حديث الآخرين بقدر الضرورة فنقول:
لقد رووا هذا الحديث عن:
1 ـ حذيفة بن اليمان.
2 ـ عبدالله بن مسعود.
3 ـ أبي الدرداء.
4 ـ أنس بن مالك.
5 ـ عبدالله بن عمر.
6 ـ جدّة عبدالله بن أبي الهذيل.
ونحن نذكر الإسناد إلى كل واحد منهم، وننظر في رجاله:
* * *
حديث حذيفة
رواه أحمد بن حنبل، قال:
«حدّثنا سفيان بن عيينة، عن زائدة، عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة: أن النبيّ صلّى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر»(1).
وقال أيضاً:
«حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن عبدالملك بن عمير، عن مولى لربعي بن حراش، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم فقال: إني لست أدري ما قدر بقائي فيكم، فاقتدوا باللذّين من بعدي ـ وأشار إلى أبي بكر وعمرـ قال: وما حدّثكم ابن مسعود فصدقوه»(2).
ورواه الترمذي حيث قال:
«حدثنا الحسن بن الصباح البزّاز أخبرنا سفيان بن عيينة، عن زائدة، عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعمر.
وفي الباب عن ابن مسعود.
هذا حديث حسن».
قال: «روى سفيان الثوري هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير، عن مولّى لربعي، عن ربعي، عن حذيفة، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم».
قال: «حدثنا أحمد بن منيع وغير واحد، قالوا: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبد الملك بن عمير، نحوه».
«وكان سفيان بن عيينة يدلّس في هذا الحديث فربّما ذكره عن زائدة عن عبدالملك بن عمير، وربّما لم يذكر فيه عن زائدة».
«وروى هذا الحديث إبراهيم بن سعد، عن سفيان الثوري، عن عبدالملك بن عمير، عن هلال مولى ربعي، عن ربعي، عن حذيفة، عن النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلم»(3).
وقال:
«حدّثنا محمود بن غيلان، أخبرنا وكيع، أخبرنا سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن مولّى لربعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: كنّا جلوساً...»(4).
ورواه ابن ماجة بسنده:
«عن عبدالملك بن عمير، عن مولى لربعي بن حراش، عن ربعى بن حراش، عن حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم..»(5).
ورواه الحاكم بإسناده:
«عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم يقول: إقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار وتمسّكوا بعهد ابن ام عبد».
وعنه، عن ربعي، عن حذيفة، قال:
«قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي ابي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وإذا حدثكم ابن اُمّ عبد فصدقوه».
وعنه:
«عن هلال مولى ربعي، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، أن رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلم قال: إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر».
بإسناده:
«عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة بن اليمان: أن رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم قال: إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسكوا بعهد اُبن أمّ عبد».
ثم قال الحاكم: «هذا حديث من أجل ما روي في فضائل الشيخين، وقد أقام هذا الإسناد عن الثوري ومسعر: يحيى الحمّاني، وأقامه أيضاً عن مسعر: وكيع وحفص ابن عمر الإيلي (6) ثم قصر بروايته عن ابن عيينة: الحميدي وغيره، وأقام الإسناد عن ابن عيينة: إسحاق بن عيسى بن الطبّاع.
فثبت بما ذكرنا صحّة هذا الحديث وان لم يخرجاه»(7).
نقد السند
هذه أشهر طرق هذا الحديث عن حذيفة بن اليمان، ويرى القارىء الكريم أنها جميعاً تنتهي إلى:
ـ«عبدالملك بن عمير» وهو رجل مدلّس، ضعيف جداً، كثير الغلط، مضطرب الحديث جداً:
قال أحمد: «مضطرب الحديث جداً مع قلّة روايته، ما أرى له خمسمائة حديث،
وقد غلط في كثير منها»(8).
وقال: إسحاق بن منصور: «ضعفه أحمد جداً»(9).
وقال أحمد أيضاً: «ضعيف يغلط»(10).
أقول: فمن العجيب جداً رواية أحمد في مسنده حديث الاقتداء وغيره عن هذا الرجل الذي يصفه بالضعف والغلط، وقد جعل المسند حجةُ بينه وبين الله !!
وقال ابن معين: «مخلط»(11).
وقال أبو حاتم: «ليس بحافظ، تغير حفظه» (12).
وقال أيضاً: «لم يوصف بالحفظ»(13).
وقال ابن خراش: «كان شعبة لا يرضاه»(14).
وقال الذهبي: «وأمّا ابن الجوزي فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق»(15).
وقال السمعاني: «كان مدلّساً»(16).
وكذا قال ابن حجر العسقلاني (17).
وعبد الملك ـ هذا ـهو الذي ذبح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي وهو رسول الحسين عليه السلام إلى أهل الكوفة، فإنه لما رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبقي به رمق أتاه عبدالملك بن عمير فذبحه، فلمّا عيب ذلك عليه قال: إنما     الصفحة 12    
أردت أن اريحه»(18) !
2 ـ ثمّ إن (عبد الملك بن عمير) لم يسمع هذا الحديث من (ربعي بن حراش) و(ربعي) لم يسمع من (حذيفة بن اليمان)... ذكر ذلك المناوي حيث قال: «قال ابن حجر: اختلف فيه على عبدالملك، وأعله أبو حاتم، وقال البزازكابن حزم: لا يصحّ. لأن عبد الملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمع من حذيفة. لكن له شاهد»(19).
قلت: الشاهد إن كان حديث ابن مسعود كما هو صريح الحاكم والمناوي فستعرف ما فيه.
وإن كان حديث حذيفة بسند آخر عن ربعي فهو ما رواه الترمذي بقوله:
«حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الاموي، نا وكيع، عن سالم بن العلاء المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش، عن حذيفة، قال: كنّا جلوساً عند النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم فقال: إني لا أدري ما بقائي فيكم، فاقتدوا باللّذين من بعدي، وأشار إلى أبي بكر وعمر»(20).
ورواه ابن حزم بقوله:
«وأخذناه أيضاً عن بعض أصحابنا، عن القاضي أبي الوليد بن الفرضي، عن ابن الدّخيل، عن العقيلي، ثنا محمد بن إسماعيل، ثنا محمد بن فضيل، ثنا وكيع، ثنا سالم المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش وأبي عبدالله ـ رجل من أصحاب حذيفة ـ، عن حذيفة»(21).
وفي سند هذا الحديث:
«سالم بن العلاء المرادي» وعليه مداره:
قال ابن حزم بعد أن روى الحديث كما تقدّم: «سالم ضعيف».
وفي: «ميزان الاعتدال»: «ضعّفه ابن معين و النسائي»(22).
وفي «الكاشف»: «ضعّف»(23).
وفي «تهذيب التهذيب»: «قال الدوري عن ابن معين: ضعيف الحديث»(24).
وفي «لسان الميزان»: «ذكره العقيلي... وضعّفه ابن الجارود»(25).
«عمرو بن همرم» وقد ضعفه القطّان (26).
«وكيع بن الجرّاح» وهو مقدوح (27).
ثم إن في سند الحديث عن حذيفة في أكثر طرقه، «مولى ربعي بن حراش» وهو مجهول كما نصّ عليه إبن حزم.
وقد سُمّي هذا المولى في بعض الطرق بـ «هلال» وهو أيضاً مجهول، قال ابن حزم:
«وقد سمّى بعضهم المولى فقال: هلال مولى ربعي، وهو مجهول لا يعرف من هو أصلاً» (28).
حديث ابن مسعود
رواه الترمذي حيث قال:
«حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدّثني أبي، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزّعراء، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله
صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسّكُوا بعهد ابن مسعود»(29).
والحاكم حيث قال ـ بعد أن أخرج الحديث عن حذيفة ـ:
«وقد وجدنا له شاهداً بإسناد صحيح عن عبدالله بن مسعود: حدثنا أبو بكر ابن إسحاق، أنبأ عبدالله بن أحمد بن حنبل، ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، حدثنا أبي، عن أبيه، عن أبي الزعراء، عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: إقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود»(30).

نقد الالسناد

نقد السند
1 ـ لقد صرح الترمذي بغرابته وقال: «لا نعرفه إلآ من حديث يحيى بن سلمة ابن كهيل» ثم ضعّف الرجل، وهذا نصّ كلامه:
«هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود، لا نعرفه إلاّ من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، ويحيى بن سلمة يضعّف في الحديث»(31).
2 ـ في هذا الإسناد: «يحيى بن سلمة بن كهيل» وهو رجل ضعيف، متروك، منكر الحديث، ليس بشيء:
قال التّرمذي: «يضعف في الحديث».
وقال المقدسي: «ضعّفه ابن معين: وقال أبو حاتم: ليس بالقويّ؛ وقال البخاري: في حديثه مناكير؛ وقال النسائي: ليس بثقة؛ وقال الترمذي: ضعيف»(32).
وقال الذهبي: «ضعيف» (33).
وقال ابن حجر: «ذكره ابن حبّان أيضاً في الضعفاء فقال: منكر الحديث جدّاً، لا يحتجّ به؛ وقال النسائي في الكنى، متروك الحديث؛ وقال ابن نمير: ليس ممّن يكتب حديثه؛ وقال الدارقطني: متروك، وقال مرة: ضعيف؛ وقال العجلي: ضعيف....»(34).
3 ـ وفيه: «إسماعيل بن يحيى بن سلمة» وهو رجل ضعيف متروك:
قال الدارقطني والأزدي وغيرهما: «متروك»(35).
4 ـ وفيه: «إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى» وهو: ليّن، متروك، ضعيف، مدلّس:
قال الذهبي: «ليّنه أبو زرعة، وتركه أبو حاتم»(36).
وقال ابن حجر: «قال ابن أبي حاتم: كتب أبي حديثه ولم يأته ولم يذهب بي إليه ولم يسمع منه زهادةً فيه، وسألت أبا زرعة عنه فقال: يذكر عنه أنه كان يحدّث لأحاديث عن أبيه ثم ترك أباه، فجعلها عن عمه لأن عمه أجلى عند الناس.
وقال العقيلي: «عن مطيّن: كان ابن نمير لا يرضاه ويضعّفه وقال: روى أحاديث مناكير.
قال العقيلي: ولم يكن إبراهيم هذا بقيّم الحديث...»(37).
ولهذا ذكر الحافظ العقيلي «يحيى بن سلمة بن كهيل» في كتابه «الضعفاء الكبير» وأورد كلمات عدّة من الأعلام في قدحه كالبخاري ويحيى بن معين والنسائي، ثم روى الحديث عنه بنفس السند الذي في «صحيح الترمذي» وهذا نصّ عبارته:
«ثنا علي بن أحمد بن بسطام، ثنا سهل بن عثمان، ثنا يحيى بن زكريا، ثنا ابن أبي زائدة، ثنا يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الزعراء، عن عبدالله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا....»(38).
وقال الحافظ الذهبي مشيراً إلى الحديث الذي حكم الحاكم بصحّته: «قلتُ: سنده واهٍ»(39).
وقال الحافظ السيوطي: «اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، وأهتدوا بهدي عمّار، وتمسّكوا بعهد أبن مسعود، ت غريب ضعيف. طب. ك وتعقّب. عن ابن مسعود»(40).
فالعجب من تصحيح الحاكم لهذا الحديث واستشهاده به، وكذا المناوي (41).
وألأعجب قوله: «الترمذي ـ وحسّنه ـ عن ابن مسعود»(42).
ولقائل أن يقول: فما فائدة إخراج الترمذي أيّاه مع التّنصيص على ضعفه في كتابه الموصوف بالصحّة؟!
قلت: لعلّه إنما أخرجه ونصّ عليه بما ذكر لئلاّ يغتر به أحد ويتوهّم صحّته... بالرّغم من اشتمال كتابه ـ لا سيما في باب المناقب ـ على موضوعات كما نص عليه الحافظ الذهبي بترجمته من «سير أعلام النبلاء».
حديث أبي الدّرداء
رواه ابن حجر المكيّ عن الطبراني حيث قال:
«الحديث الثاني والسّبعون: أخرج الطبراني عن أبي الدرداء: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، فإنهما حبل الله الممدود، من تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها»(43).
***
نقد السند
1 ـ لقد روى الحافظ الهيثمي هذا الحديث عن الطبراني وقال: «فيه من لم أعرفهم» وهذا نصّ كلامه:
«وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، فإنهما حبل الله الممدود، ومن تمسك بهما فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا أنفصام لها.
رواه الطبراني، وفيه من لم أعرفهم»(44).
2 ـ إن معاجم الطبراني ليست من الكتب التي وُصفت بالصحّة، ولا من الكتب التي التزم فيها بالصحّة.
وعلى هذا... لا يجوز التمسك بالحديث بمجرد كونه في أحد المعاجم الثلاثة للطبراني.
3 ـ لقد جاء في الصحيح في مسند أبي الدرداء ما نصّه:
«قالت اُمّ الدرداء: دخل عليّ أبو الدرداء وهو مغضب، فقلت: ما أغضبك ؟ فقال: والله ما أعرف من أمر محمد صلّى الله عليه [وآله] وسلّم شيئاً إلأ انهم يصلّون جميعاً».
ولو كان أبو الدرداء قد سمع قوله صلّى الله عليه وآله وسلم: «اقتدوا...» لما قال هذا ألبتّة !!
حديث أنس بن مالك
قال جلال الدين السيوطي:
«اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار
وتمسكوا بعهد ابن مسعود.
الترمذي عن ابن مسعود، الروياني عن حذيفة، ابن عديّ في الكامل عن أنس»(45).
نقد السند
فأما حديث ابن مسعود: فإن الترمذي ضعّفه بعد أن رواه كما تقدم.
وأما حديث حذيفة: فقد ثبت ضعف جميع طرقه.... كما تقدّم أيضاً.
وأما حديث أنس، فقد جاء في «الكامل» لابن عديّ ما نصّه: «حمّاد بن دليل. قاضي المدائن. يكنى أبا زيد. حدثنا علي بن الحسين بن سليمان، ثنا أحمد بن محمد ابن المعلّى الآدمي، ثنا مسلم بن صالح أبو رجاء، ثنا حمّاد بن دليل، عن عمر بن نافع، عن عمرو بن هرم، قال: دخلت انا وجابر بن زيد على أنس بن مالك فقال: قال رسول الله صلّى الله عليه [واله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبو بكر(46) وعمر، وتمسكوا بعهد ابن اُم عبد، واهتدوا بهدي عمّار.
ثنا محمد بن عبدالحميد الفرغاني، ثنا صالح بن حكيم البصري، ثنا أبو رجاء مسلم بن صالح، ثنا أبو زيد قاضي المدائن حمّاد بن دليل، عن عمر بن نافع. فذكر بإسناده نحوه.
ثنا محمد بن سعيد الحراني، ثنا جعفر بن محمد بن الصباح، ثنا مسلم بن صالح البصري. فذكر بإسناده نحوه.
ثنا علي بن الحسن بن سليمان، ثنا أحمد بن محمد بن المعلى الادمي، ثنا مسلم ابن صالح، ثنا حمّاد بن دليل، عن عمر بن نافع، عن عمرو بن هرم، عن ربعي، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه [وآله] نحوه.
قال ابن عدي: وحمّاد بن دليل هذا قليل الرواية. وهذا الحديث قد روى له حماد بن دليل إسنادين. ولا يروي هذين الإسنادين غير حمّاد بن دليل».
إنتهى بطوله (47).
نقد السند:
في جميع هذه الأسانيد: مسلم بن صالح، عن حمّاد بن دليل، عن عمر بن نافع، عن عمرو بن هرم.
أما «عمرو بن هرم» فقد عرفت أنه مقدوح مطعون فيه.
وأما «عمر بن نافع» فعن يحيى بن معين: حديثه ليس بشيء (48)، وعن ابن سعد: لا يحتجّ بحديثه (49).
وأما «حمّاد بن دليل» فقد أورده ابن عدي في «الكامل قي الضعفاء» والذهبي في «المغني في الضعفاء»(50) وفي «ميزان الاعتدال في نقد الرجال» وأضاف: «ضعّفه أبو الفتح الأزدي وغيره»(51) وابن الجوزي في «الضعفاء»(52).
وأمّا «مسلم بن صالح» فلم أعرفه حتى الآن.
حديث عبدالله بن عمر
رواه الذهبي حيث قال:
«أحمد بن صليح، عن ذي النون المصري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر
بحديث اقتدوا باللذين من بعدي» ثم قال: «وهذا غلط من أحمد لا يعتمد عليه»(53).
ورواه مرة اخرى، قال:
«محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن عاصم بن عمر بن الخطاب العدوي العمري، ذكره العقيلي وقال: لا يصحّ حديثه ولا يعرف بنقل الحديث:
نبأه أحمد بن الخليل، حدثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، حدّثني محمد بن عبدالله ابن عمر بن القاسم، أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً: اقتدوا باللذين من بعدي.
فهذا لا أصل له من رواية مالك....
وقال الدارقطني: العمري هذا يحدّث عن مالك بأباطيل، وقال ابن مندة: له مناكير»(54).
ورواه ابن حجر وقال:
«قال العقيلي بعد تخريجه: هذا حديث منكر لا أصل له.
وأخرجه الدارقطني من رواية أحمد بن الخليل البصري بسنده وساق نسبه كذلك ثم قال: لا يثبت، والعمري هذا ضعيف...»(55).
كما أورد الذهبي وابن حجر هذا الحديث بترجمة «أحمد بن محمد بن غالب الباهلي» فبعد نقل كلماتهم في ذمه وجرحه، قالا:
«ومن مصائبه: قال: حدثنا محمد بن عبدالله العمري، ثنا مالك، عن نافع ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر».
ثم قالا:

«فهذا ملصق بمالك، وقال أبو بكر النقاش: وهو واهٍ...»(56).
نقد السند
لقد علم من كلمات الذهبي وابن حجر وغيرهما: أن حديث عبدالله بن عمر هذا باطل بجميع طرقه... وبذلك نكتفي عن إيراد نصوص كلمات سائر علماء الرجال في رجاله روماً للاختصار.
فالعجب من الحافظ ابن عساكر(57) و أمثاله الذين ملأوا كتبهم وسوّدوا صحائفهم بهذه المناكير وأشباهها !!
حديث جدة عبدالله بن أبي الهذيل
رواه ابن حزم حيث قال:
«... كما حدثنا أحمد عن محمد بن الجسور ثنا أحمد بن الفضل الدينوري، ثنا محمد بن جرير، ثنا عبدالرحمن بن الأسود الطفاوي، ثنا محمد بن كثير الملاّئي، ثنا المفضل الضبّي، عن ضرار بن مرة، عن عبدالله بن أبي الهذيل، عن جدّته، عن النبي صلى الله عليه [واله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسكوا بعهد ابن اُم عبد».
نقد السند
ونقتصر ـ في الكلام على الحديث بهذا السند ـ على ما ذكره الحافظ ابن حزم نفسه قبل ذلك، وهذا نصه:
«وأما الرواية: اقتدوا... فحديث لا يصح، لأنه مروي عن مولى لربعي مجهول،
وعن المفضل الضبي وليس بحجّة، كما حدثنا أحمد بن محمد بن الجسور..»
***

كلمات الأئمة وكبار العلماء حول سند حديث الاقتداء

كلمات الأئمة وكبار العلماء حول سند حديث الاقتداء
قد عرفت سقوط أسانيد هذا الحديث فيما عرف بالصحيح من الكتب فضلاً عن غيره... وفي هذا الفصل نذكر نصوص عبارات أئمتهم في الطّعن فيه إمّا على الإطلاق بكلمة: «موضوع» و«باطل» و«لم يصحّ» و«منكر» وإمّا على بعض الوجوه التي وقفنا على كلماتهم فيها... فنقول:
(1)
أبو حاتم الرازي
لقد طعن الإمام أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي في هذا الحديث... فقد ذكر العلاّمة المناوي بشرحه: «... وأعلّه أبو حاتم، وقال البزار كابن حزم: لا يصحّ، لأن عبدالملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة، لكن له شاهد..»(58).
ترجمته:
وأبو حاتم الرازي، المتوفى سنة 277 هـ، يعد من أكابر الأئمة الحفاظ المجمع على ثقتهم وجلالتهم، بل جعلوه من أقران البخاري ومسلم....
قال السمعاني: «إمام عصره والمرجوع إليه في مشكلات الحديث... كان من مشاهير العلماء المذكورين الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة... وكان أول من كتب الحديث...»(59).
وقال ابن الأثير: «هو من أقران البخاري ومسلم»(60).
وقال الذهبي: «أبو حاتم الرازي الإمام الحافظ الكبير محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، أحد الأعلام...»(61).
وقال أيضاً: «الإمام الحافظ الناقد، شيخ المحدثين... وهو من نظراء البخاري...»(62).
وله ترجمة في:
تاريخ بغداد 2|73، تهذيب التهذيب 9|31، البداية والنهاية 11|59، الوافي بالوفيات 2|183، طبقات الحفّاظ: 255.
(2)
أبو عيسى الترمذي
وكذا طعن فيه أبو عيسى الترمذي صاحب «الجامع الصحيح» فإنه قال ما نصّه: «حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، ثني أبي، عن أبيه سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار وتمسكوا بعهد ابن مسعود.
هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود، لا نعرفه إلآ من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل. ويحيى بن سلمة يضعّف في الحديث. وأبو الزعراء اسمه عبد الله بن هاني، وأبو الزعراء الذي روى عنه شعبة والثوري و ابن عيينة اسمه عمرو بن عمرو، وهو ابن أخي أبي الأحوص صاحب ابن مسعود»(63).
ترجمته:
والترمذي، أبو عيسى محمد بن عيسى، المتوفى سنة 279 هـ، صاحب أحد الصحاح الستة... غنّي عن الترجمة والتعريف، إذ لا كلام بينهم في جلالته وعظمته واعتبار كتابه، وهذه أسماء بعض مواضع ترجمته:
وفيات الأعيان 4|278، تذكرة الحفّاظ 2|623، سير أعلام النبلاء 13|270، تهذيب التهذيب 9|387، البداية والنهاية 11|66، الوافي بالوفيات 4|294، طبقات الحفّاظ: 278.
(3)
أبو بكر البزار
وأبطله الحافظ الشهير أبو بكر أحمد بن عبد الخالق البزار صاحب «المسند» المتوفى سنة 292 هـ، كما عرفت من كلام العلاّمة المناوي الآنف الذكر.
ترجمته:
قال الذهبي: «الحافظ العلامة أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري، صاحب المسند الكبير والمعلّل...»(64).
ووصفه الذهبي أيضاً بـ «الشيخ الإمام الحافظ الكبير...»(65).
وهكذا وصف واُثني عليه في المصادر التاريخية والرجالية... فراجع: تاريخ بغداد 4|334، النجوم الزاهرة 3|157، المنتظم 6|50، تذكرة الحفاظ 2|653 الوافي بالوفيات 7|268، طبقات الحفاظ: 285، تاريخ أصفهان 1|104، شذرات الذهب 2 | 209.
(4)
أبو جعفر العقيلي
وقال الحافظ الكبير أبو جعفر العقيلي، المتوفى سنة 322 هـ، في كتابه في الضعفاء: «محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم العمري عن مالك. ولا يصحّ حديثه ولا يعرف بنقل الحديث حدثناه أحمد بن الخليل الخريبي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحلبي، حدثني محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن إبراهيم بن عمر بن الخطاب، قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا بالأميرين من بعدي أبي بكر وعمر.
حديث منكر لا أصل له من حديث مالك» (66).
وقد أورد الحافظان الذهبي وابن حجر طعن العقيلي هذا واعتمدا عليه كما ستعرف.
وأيضاً: ترجم العقيلي «يحيى بن سلمة بن كهيل» في «الضعفاء» وأورد الحديث عنه عن ابن مسعود بنفس السند الذي في «صحيح الترمذي» وقد تقدّم نصّ عبارته في الفصل الأول.
ترجمته:
وقد أثنى على العقيلي كل من ترجم له... قال الذهبي: «الحافظ الإمام أبو جعفر... قال مسلمة بن القاسم: كان العقيلي جليل القدر، عظيم الخطر، ما رأيت مثله... وقال الحافظ أبو الحسن ابن سهل القطّان: أبو جعفر ثقة جليل القدر، عالم بالحديث، مقدّم في الحفظ، توفى سنة 322»(67).
وانظر: سير أعلام النبلاء 1|236، الوافي بالوفيات 4|291، طبقات
الحفّاظ: 346، وغيرها.
(5)
أبو بكر النقّاش
وطعن فيه الحافظ الكبير أبو بكر النقّاش ـ المتوفى سنة 354 هـ ـ فقد قال الحافظ الذهبي بعد أن رواه بترجمة أحمد بن محمد بن غالب الباهلي: «وقال أبو بكر النقاش: وهو واهٍ»(68).
ترجمته:
ترجم له الحافظ الذهبي في «سير أعلام النبلاء» ووصف بـ «العلامة المفسّر شيخ القرّاء»(69). وهكذا ترجم له ووصفه بجلائل الأوصاف غيره من الأعلام... فراجع:
تذكرة الحفاظ 3|908، تاريخ بغداد 2|201، المنتظم 7|14، وفيات الأعيان 4|298، الوافي بالوفيات 2|345، مرآة الجنان 2|247، طبقات الحفاظ: 371.
(6)
ابن عديّ
وأورد الحافظ أبو أحمد ابن عدي، المتوفى سنة 365 هـ، عن أنس بن مالك بترجمة حماد بن دليل في «الضعفاء» وعنه السيوطي في الجامع الصغير، ونصّ هناك على أن «هذا الحديث قد روى له حمّاد بن دليل إسنادين، ولا يروي هذين الإسنادين غير حمّاد بن دليل».
وقد تقدّم ذكر عبارته كاملة، حيث عرفت ما في الإسنادين المذكورين عند ابن

عديّ وغيره من الأئمة في الفصل الأول.
ترجمته:
والحافظ ابن عديّ من أعاظم أئمّة الجرح والتعديل لدى القوم...
قال السمعاني بترجمته: «كان حافظ عصره، رحل إلى الاسكندرية وسمرقند، ودخل البلاد وأدرك الشيوخ. كان حافظاً متقناً لم يكن في زمانه مثله.
قال حمزة بن يوسف السهمي: سألت الدارقطني أن يصنّف كتاباً في ضعفاء المحدّثين، قال: أليس عندك كتاب ابن عديّ ؟ فقلت: نعم، فقال: فيه كفاية لا يزاد عليه»(70).
وانظر: تذكرة الحفاظ 3|161، شذرات الذهب 3|51، مرآة الجنات 2|381، وغيرها.
(7)
أبو الحسن الدارقطنى
وقال الحافظ الشهير أبو الحسن الدار قطني ـ المتوفى سنة 385 هـ ـ بعد أن أخرج الحديث بسنده عن العمري: «لا يثبت، والعمري هذا ضعيف»(71).
ترجمته:
وكتب الرجال والتاريخ مشحونة بالثناء على الدارقطني...
قال الذهبي: «الدارقطني ـ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد البغدادي الحافظ المشهور، صاحب التصانيف.... ذكره الحاكم فقال: صار أوحد عصره في الحفظ
والفهم والورع، وإماماً في القرّاء والنحاة، صادفته فوق ما وصف لي، وله مصنفات يطول ذكرها. وقال الخطيب: كان فريد عصره، و فزيع دهره، ونسيج وحده، وإمام وقته.... وقال القاضي أبو الطيب الطبري: الدارقطني أمير المؤمنين في الحديث!!»(72).
وقال ابن كثير: «.... الحافظ الكبير، اُستاذ هذه الصناعة وقبله بمدة وبعده إلى زماننا هذا...كان فريد عصره ونسيج وحده وإمام دهره.... وله كتابه المشهور.... وقال ابن الجوزي: قد اجتمع له معرفة الحديث والعلم بالقراءات والنحو والفقه والشعر، مع الإمامة والعدالة وصحّة العقيدة»(73).
وراجع: وفيات الأعيان 2|459، تاريخ بغداد 12|34، النجوم الزاهرة 4|172، طبقات الشافعية 3|462، طبقات القراء 1|558، وغيرها.
(8)
ابن حزم الأندلسي
وقد نصّ الحافظ ابن حزم الأندلسي، المتوفى سنة 475 هـ، على بطلان هذا الحديث وعدم جواز الاحتجاج به... فإنه قال في رأي الشيخين ما نصّه: «أمّا الرواية: اقتدوا باللذين من بعدي. فحديث لا يصح. لأنّه مروي عن مولى لربعيّ مجهول، وعن المفضّل الضبّي وليس بحجّة.
كما حدّثنا أحمد بن محمد بن الجسور، نا محمد بن كثير الملاّئي، نا المفضل الضبّي، عن ضرار بن مرة، عن عبد الله بن أبي الهذيل العنزي، عن جدته، عن النبي صلى الله عليه [وآله] وسلّم، قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسكوا بعهد ابن اُم عبد.
وكما حّدثناه أحمد بن قاسم، قال: نا أبي قاسم بن محمد بن قاسم بن أصبغ، قال: حدّثني قاسم بن أصبغ، نا إسماعيل بن إسحاق القاضي، نا محمد بن
كثير، أنا سفيان الثوري، عن عبد الملك بن عمير، عن مولى لربعي، عن ربعي، عن حذيفة....
وأخذناه أيضاً عن بعض أصحابنا، عن القاضي أبي الوليد ابن الفرضي، عن ابن الدخيل، عن العقيلي، نا محمد بن إسماعيل، نا محمد بن فضيل، نا وكيع، نا سالم المرادي، عن عمرو بن هرم، عن ربعي بن حراش وأبي عبدالله ـ رجل من أصحاب حذيفة ـ عن حذيفة.
قال أبو محمد: سالم ضعيف. وقد سمى بعضهم المولى فقال: هلال مولى ربعيّ، وهو مجهول لا يعرف من هو أصلاً. ولو صحّ لكان عليهم لا لهم، لأنهم ـ نعني أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي ـ أترك الناس لأبي بكر وعمر. وقد بيّنا أن أصحاب مالك خالفوا أبا بكر مّما رووا في الموطّأ خاصة في خمسة مواضع، وخالفوا عمر في نحو ثلاثين قضية مّما رووا في الموطّأ خاصة. وقد ذكرنا أيضاً أن عمر وأبا بكر اختلفا، وأن اتّباعهم فيما اختلفا فيه متعذّر ممتنع لا يعذر عليه أحد». وقال في الفصل:
«قال أبو محمد: ولو أننا نستجيز التدليس والأمر الذي لو ظفر به خصومنا طاروا به فرحاً أو أبلسوا أسفاً ـ لاحتججنا بما روي: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
قال أبو محمد: ولكنه لم يصحّ، ويعيدنا الله من الاحتجاج بما لا يصحّ)(74).
ترجمته:
وأبو محمد علي بن أحمد بن حزم الأندلسي، حافظ، فقيه، ثقة، له تراجم حسنة في كتبهم، وإن كانوا ينتقدون عليه صراحته وشدته في عباراته....
قال الحافظ ابن حجر: «الفقيه الحافظ الظاهري، صاحب التصانيف، كان واسع الحفظ جداً، إلاّ أنه لثقة حافظته كان يهجم، كالقول في التعديل والتجريح
وتبيين أسماء الرواة، فيقع له من ذلك أوهام شنيعة.
قال صاعد بن أحمد الربعي: كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس كلهم لعلوم الإسلام وأشبعهم معرفة، وله مع ذلك توسّع في علم البيان، وحظ من البلاغة، ومعرفة بالسير والأنساب.
قال الحميدي: كان حافظاً للحديث، مستنبطاً للأحكام من الكتاب والسنة، متفننا في علوم جمة، عاملاً بعلمه، ما رأينا مثله فيما اجتمع له من الذكاء وسرعة الحفظ والتدّين وكرم النفس، وكان له في الأثر باع واسع.
قال مؤرخ الأندلس أبو مروان ابن حبّان: كان ابن حزم حامل فنون من حديث وفقه ونسب وأدب، مع المشاركة في أنواع التعاليم القديمة، وكان لا يخلو في فنونه من غلط، لجرأته في السؤال على كل فن»(75).
وراجع: وفيات الأعيان 3|13، نفح الطيب 1|364، العبر في خبر من غبر 3|239.
(9)
برهان الدين العبري الفرغاني
وقد نصّ العلاّمة عبيدالله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي ـ المتوفى سنة 743 هـ ـ على أنه حديث موضوع لا يجوز الاستدلال به والاستناد إليه، وهذا نص كلامه: «وقيل: إجماع الشيخين حجّة لقوله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. فالرسول أمرنا بالاقتداء بهما، والأمر للوجوب وحينئذ يكون مخالفتهما حراماً. ولا نعني بحجّيّة إجماعهما سوى ذلك.
الجواب: إن الحديث موضوع لما بينا في شرح الطوالع»(76).
ترجمته:
والعبري من كبار أئمة القوم في علم الكلام والمعقول، وشرحه على «المنهاج» وعلى «الطوالع» للقاضي البيضاوي من أشهر كتبهم في الكلام والاصول.... وقد ترجموا له وأثنوا عليه واعترفوا بفضله.
قال الحافظ ابن حجر: «كان عارفاً بالأصلين، وشرح مصنفات ناصر الدين البيضاوي... ذكره الذهبي في المشتبه ـ في العبري ـ فقال: عالم كبير في وقتنا وتصانيفه سائرة. ومات في شهر رجب سنة 743. قلت: رأيت بخطّ بعض فضلاء العجم أنه مات في غرّة ذي الحجة منها وهو أثبت، ووصفه فقال: هو الشريف المرتضى قاضي القضاة، كان مطاعاً عند السلاطين، مشهوراً في الآفاق، مشاراً إليه في جميع الفنون، ملاذ الضعفاء، كثير التواضع والإنصاف»(77).
وقال الأسنوي: «كان أحد الأعلام في علم الكلام والمعقولات، ذا حظّ وافر من باقي العلوم، وله التصانيف المشهورة»(78).
وقال اليافعي: «الإمام العلاّمة، قاضي القضاة، عبيدالله بن محمد العبري الفرغاني الحنفي، البارع العلاّمة المناظر، يضرب بذكائه ومناظرته المثل، كان إماماً بارعاً، متفنناً، تخرج به الاصحاب، يعرف المذهبين الحنفي والشافعي. وأقرأهما وصنف فيهما. وأمّا الاصول والمعقول فتفرّد فيها بالإمامة، وله تصانيف... وكان استاذ الاستاذين في وقته»(79).
(10)
شمس الدين الذهبي
وأبطل الحافظ الكبير الذهبي ـ المتوفى سنة 748 هـ ـ هذا الحديث مرّة بعد اُخرى، واستشهد بكلمات جهابذة فنّ الحديث والرجال... وإليك ذلك:
قال: «أحمد بن صليح، عن ذي النون المصري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر بحديث: اقتدوا باللذين من بعدي.
وهذا غلط، وأحمد لا يعتمد عليه»(80).
وقال: «أحمد بن محمد بن غالب الباهلي غلام خليل، عن إسماعيل بن أبي اُويس وشيبان وقرّة بن حبيب. وعنه: ابن كامل وابن السماك وطائفة.
وكان من كبار الزهاد ببغداد. قال ابن عديّ: سمعت أبا عبدالله النهاوندي يقول: قلت لغلام خليل: ما هذه الرقائق التي تحدّث بها؟ قال: وضعناها لنرفّق بها قلوب العامة.
وقال أبو داود: أخشى أن يكون دجّال بغداد.
وقال الدارقطني: متروك
ومن مصائبه: قال: حدّثنا محمد بن عبد الله العمري، حدثنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
فهذا ملصق بمالك. وقال أبو بكر النقاش «وهو واهٍ....» (81).
وقال: «محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم بن عبدالله بن عبيدالله بن عاصم ابن عمر بن الخطاب العدوي، العمري.
ذكره العقيلي وقال: لأ يصح حديثه، ولا يعرف بنقل الحديث، حدّثنا أحمد بن
الخليل، حدّثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، حدّتني محمد بن عبدالله بن عمر بن القاسم، أنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً: اقتدوا باللذين من بعدي.
فهذا لا أصل له من حديث مالك، بل هو معروف من حديث حذيفة بن اليمان.
وقال الدارقطني: العمري هذا يحدّت عن مالك بأباطيل.
وقال ابن منده: له مناكير»(82).
وقال: «عن يحيى بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي الزعراء، عن ابن مسعود مرفوعاً: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسّكوا بعهد ابن مسعود.
قلت: سنده واهٍ جداً».(83).
ترجمته:
والذهبي أعرف من أن يعرف، فهو إمام المتأخرين في التواريخ والسير، والحجّة عندهم في الجرح والتعديل.... وإليك بعض مصادر ترجمته: الدرر الكامنة 3|336، الوافي بالوفيات 2|163، طبقات الشافعية 5|216، فوات الوفيات 2|370، البدر الطالع 2|110، شذرات الذهب 6|153، النجوم الزاهرة 10|183، طبقات القرّاء 2|71.
(11)
نور الدّين الهيثمي
ونص الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ـ المتوفى سنة 807 هـ ـ على
سقوط الحديث عن أبي الدرداء حيث قال: «وعن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [واله] وسلّم: إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. فإنهما حبل الله الممدود، ومن تمسّك بهما ففد تمسّك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها.
رواه الطبراني. وفيه «من لم أعرفهم»(84).
وكذا عن ابن مسعود. وقد تقدّمت عبارته.
ترجمته:
والحافظ الهيثمي من أكابر حفاظ القوم وأئمتهم.
قال الحافظ السخاوي بعد وصفه بالحفظ: «وكان عجباً في الدين والتقوى والزهد والإقبال على العلم والعبادة والأوراد وخدمة الشيخ...
قال شيخنا في معجمه: كان خيراً ساكناً ليّنا سليم الفطرة، شديد ألإنكار للمنكر، كثير الاحتمال لشيخنا ولأولاده، محباً في الحديث وأهله....
وقال البرهان الحلبي: إنه كان من محاسن القاهرة.
وقال التقي الفاسي: كان كثير الحفظ للمتون والآثار، صالحاً خيراً.
وقال الأفقهسي: كان إماماً عالماً حافظاً زاهداً...
والثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك كثير جداً»(85).
وراجع أيضاً: حسن المحاضرة 1|362، طبقات الحفّاظ: 541، البدر الطالع 1|44.
(12)
ابن حجر العسقلاني
واقتفى الحافظ ابن حجر العسقلاني ـ المتوفى سنة 852 هـ ـ أثر الحافظ
الذهبي، فأبطل الحديث في غير موضع. فقال بترجمة أحمد بن صليح:
«أحمد بن صليح، عن ذي النون المصري، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما بحديث: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. وهذا غلط. وأحمد لا يعتمدعليه»(85).
وقال بترجمة غلام خليل بعد كلام الذهبي: «وقال الحاكم: سمعت الشيخ أبا بكر ابن إسحاق يقول: أحمد بن محمد بن غالب مّمن لا أشك في كذبه.
وقال أبو أحمد الحاكم: أحاديثه كثيرة لا تحصى كثرة، وهو بين الأمر في الضعف.
وقال ابو داود: قد عرض عليّ من حديثه فنظرت في أربعمائة حديث أسانيدها ومتونها كذب كلّها. وروى عن جماعة من الثقات أحاديث موضوعة على ما ذكره لنا القاضي أحمد بن كامل، مع زهده وورعه. ونعوذ بالله من ورع يقيم صاحبه ذلك المقام»(87).
وأضاف إلى كلام الذهبي بترجمة محمد العمري: «وقال العقيلي بعد تخريجه: هذا حديث منكر لا أصل له. وأخرجه الدارقطني من رواية أحمد الخليلي البصري بسنده وساق بسند كذلك ثم قال: لا يثبت، والعمري هذا ضعيف»(88).
ترجمته:
وابن حجر العسقلاني حافظهم على الإطلاق، وشيخ الإسلام عندهم في جميع الآفاق، إليه المرجع في التاريخ والحديث والرجال، وعلى كتبه المعوّل في جميع العلوم.... قال الحافظ السيوطي:
«الإمام الحافظ في زمانه، قاضي القضاة، انتهت إليه الرحلة والرياسة في
الحديث في الدنيا بأسرها، لم يكن في عصره حافظ سواه. وألف كتباً كثيرة كشرح البخاري، وتغليق التعليق، وتهذيب التهذيب، وتقريب التهذيب، ولسان الميزان، والإصابة في الصحابة، ونكت ابن الصلاح، ورجال الأربعة وشرحها، والألقاب....»(89).
وهكذا وُصف في كل كتاب توجد فيه ترجمة له....فراجع: البدر الطالع 1|87، الضوء اللامع 2|36، شذرات الذهب 8|270، ذيل رفع الإصر: 89، ذيل تذكرة الحفّاظ: 380.
(13)
شيخ الإسلام الهروي
وقال الشيخ أحمد بن يحيى الهروي الشافعي ـ المتوفى سنة 916 هـ ـ ما نصّه:
«من موضوعات أحمد الجرجاني:
من قال القرآن مخلوق فهو كافر. الإيمان يزيد وينقص. ليس الخبر كالمعاينة. الباذنجان شفاء من كل داء. دانق من حرام أفضل عندالله من سبعين حجة مبرورة. موضوع. اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. باطل.
إن الله يتجلّى للخلائق يوم القيامة ويتجلى لأبي بكر خاصّة. باطل»(90).
ترجمته:
وهذا الشيخ من فقهاء الشافعية، وكان شيخ الإسلام بمدينة هراة، وهو حفيد السعد التفتازاني.
قال الزركلي: «أحمد بن يحيى بن محمد بن سعد الدين مسعود بن عمر
التفتازاني الهروي، شيخ الإسلام، من فقهاء الشافعية، يكنى سيف الدين ويعرف بـ «حفيد السعد» التفتازاني. كان قاضي هراة مدة ثلاثين عاماً، ولمّا دخل الشاه إسماعيل بن حيدر الصفوي كان الحفيد مّمن جلسوا لاستقباله في دار الإمارة، ولكن الوشاة اتهموه عند الشاه بالتعصّب، فامر بقتله مع جماعة من علماء هراة، ولم يعرف له ذنب، ونعت بالشهيد. له كتب منها: مجموعة سمّيت: الدّر النضيد من مجموعة الحفيد ط. في العلوم الشرعية والعربيّة...»(91).
(14)
عبد الرؤوف المناوي
وطعن العلاّمة عبدالرؤوف بن تاج العارفين المناوي المصري ـ المتوفى سنة 1029 هـ ـ في سند الحديث عن حذيفة، وتعقبه عن ابن مسعود بكلمة الذهبي. وهذا نصّ عبارته:
«(اقتدوا باللذين) بفتح الذال.أي الخليفتين اللذين يقومان (من بعدي: أبو بكر وعمر) أمره بمطاوعتهما يتضمن الثناء عليهما، ليكونا أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه، المؤذن بحسن سيرتهما وصدق سريرتهما، وإيماء لكونهما الخليفتين بعده. وسبب الحث على الاقتداء بالسابقين الأولين ما فطروا عليه من الأخلاق المرضية والطبيعة القابلة للخيور السنية، فكأنهم كانوا قبل الإسلام كأرض طيّبة في نفسها، لكنها معطّلة عن الحرث بنحو عوسج وشجر عضاة. فلما اُزيل ذلك منها بظهور دولة الهدى أنبتت نباتاً حسناً، فلذلك كانوا افضل الناس بعد الأنبياء، وصار أفضل الخلق بعدهم من اتبعهم بإحسان إلى يوم الصراط والميزان.
فإن قلت: حيث أمر باتباعهما فكيف تخلف علي رضي الله عنه عن البيعة؟
قلت: كان لعذر ثم بايع. وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما ونواهيهما وإقامة
الجمع والأعياد معهما والثناء عليهما حيّين وميّتين.
فإن قلت: هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الاصول من أنه لم ينصّ على خلافة أحد.
قلت: مرادهم لم ينصّ نصاً صريحاً. وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة وغير ذلك.
(حم ت) في المناقب وحسنه (5) من حديث عبدالملك بن عمير عن ربعي (عن حذيفة) بن اليمان.
قال ابن حجر: اختلف فيه على عبد الملك. وأعلّه أبو حاتم. وقال البزار كابن حزم: لا يصح. لأن عبدالملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة. لكن له شاهد. وقد أحسن المصنف حيث عقبه بذكر شاهده فقال:
(اقتدوا باللذين) بفتح الذال (من بعدي من أصحاب أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار) بن ياسر، أي سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده فإنه ما عرض عليه أمران إلأ اختار أرشدهما، كما يأتي في حديث (وتمسكوا بعهد ابن مسعود) عبدالله، أي ما يوصيكم به.
قال التوربشتي: أشبه الأشياء بما يراد من عهده أمر الخلافة، فإنه أول من شهد بصحتها وأشارإلى استقامتها قائلاً: ألا نرضى لدنيانا من رضيه لديننا بيننا، كما يومىء إليه المناسبة بين مطلع الخبر وتمامه.
(ت) وحسنه (عن ابن مسعود. الروياني عن حذيفة) قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم إذ قال: لا أدري ما قدر بقائي فيكم، ثم ذكره. (عد عن أنس).
ورواه الحاكم عن ابن مسعود باللفظ المذكور قال الذهبي: وسنده واهٍ» (92).
ترجمته:
والمناويّ علاّمة محقق كبير، وكتابه «فيض القدير» من الكتب المفيدة وقد ترجم له وأثنى عليه العلاّمة المحبّي ووصفه بـ «الإمام الكبير الحجّة» وهذه عبارته:
«عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين، الملقب بزين الدين، الحدادي ثم المناوي، القاهري، الشافعي.
الإمام الكبير الحجّة، الثبت القدوة، صاحب التصانيف السائرة، وأجل أهل عصره من غير ارتياب.
وكان إماماً فاضلاً، زاهداً، عابداً، قانتاً لله خاشعاً له، كثير النفع، وكان متقرّباً بحسن العمل، مثابراً على التسبيح والأذكار صابراً صادقاً، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلة واحدة من الطعام.
وقد جمع من العلوم والمعارف ـ على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ـ ما لم يجتمع في أحد مّمن عاصره.....»(93).
(15)
ابن درويش الحوت
وقال العلاّمة ابن درويش الحوت ـ المتوفى سنة 1097 هـ ـ:«خبر (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر).
رواه أحمد والترمذي وحسنه. وأعلّه أبو حاتم، وقال البزار كابن حزم: لا يصحّ. وفي رواية للترمذي وحسنّها: واهتدوا بهدي عمّار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود. وقال الهيثمي: سندها واهٍ»(94).

كلمات الأئمة وكبار العلماء حول سند حديث الاقتداء

تأمّلات في متن ودلالة حديث الاقتداء
استدلال العلماء به في مختلف المجالات
قد أشرنا في المقدّمة إلى استدلال القوم بحديث الاقتداء في باب الخلافة والإمامة وفي الفقه والاصول في مسائل مهمّة...
فقد استدلّ به القاضي البيضاوي في كتابه الشهير «طوالع الأنوار في علم الكلام» وابن حجر المكي في «الصواعق المحرقة» وابن تيميّة في «منهاج السنة» وولي الله الدهلوي ـ صاحب: حجّة الله البالغة ـ في كتابه «قرة العينين في تفضيل الشيخين».... ومن الطّريف جداً أن هذا الأخير ينسب رواية الحديث إلى البخاري ومسلم... وهذه عبارته:
«قوله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
فعن حذيفة: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر متّفق عليه.
وعن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: اقتدوا باللذين من بعدي من أأحابي أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار وتمسكوا بعهد ابن مسعود. أخرجه الترمذي»(95).
إذ لا يخفى أن النسبة كاذبة... إلآ أن يكون «متفق عليه» اصطلاحاً خاصاً بالدهلوي، يعني به اتفاقهما على عدم الإخراج!!
واستدل به الشيخ علي القاري.... ووقع فيما وقع فيه الدهلوي... فقد جاء في «شرح الفقه الأكبر»: «مذهب عثمان وعبدالرحمن بن عوف: أن المجتهد يجوز له أن يقلّد غيره إذا كان أعلم منه بطريق الدين، وأن يترك اجتهاد نفسه ويتبع اجتهاد غيره. وهو المروي عن أبي حذيفة، لاسيما وقد ورد في الصحيحين: اقتدوا باللذين من
بعدي أبي بكر وعمر. فأخذ عثمان وعبدالرحمن بعموم هذا الحديث وظاهره».
ولعلّه يريد غير صحيحي البخاري، ومسلم !! وإلاّ فقد نصّ الحاكم ـ كما عرفت ـ على أنّها لم يخرجاه!!
وهلكذا فإنك تجد حديث الاقتداء.... يذكر أو يستدلّ به في كتب الأصول المعتمدة... فقد جاء في المختصر.
(مسألة: الإجماع لا ينعقد بأهل البيت وحدهم خلافاً للشيعة. ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافاً لأحمد. ولا بأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ عند الأكثرين، قالوا: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي. اقتدوا باللذين من بعدي. قلنا: يدلّ على أهلية اتباع المقلد، ومعارض بمثل: أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم. وخذوا شطر دينكم عن هذه الحميراء».
قال شارحه العضد: «أقول: لا ينعقد الإجماع بأهل البيت وحدهم، مع مخالفة غيرهم لهم، أو عدم الموافقة والمخالفة، خلافاً للشيعة. ولا بالأئمة الأربعة عند الأكثرين خلافاً لأحمد. ولا بأبي بكر وعمر عند الأكثرين خلافاً لبعضهم.
لنا: أن الأدلة لا تتناولهم. وقد تكرر فلم يكرر. أما الشيعة فبنوا على أصلهم في العصمة، وقد قرر في الكلام فلم يتعرض له. وأما الآخرون فقالوا: قال عليه الصلاة والسلام: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي. وقال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
الجواب: أنهما إنما يدلان على أهلية الأربعة أو الاثنين لتقليد المقلّد لهم، لا على حجية قولهم على المجتهد. ثم إنه معارض بقوله: أصحاب كالنجوم...»(96).
وفي المنهاج وشرحه: «وذهب بعضهم إلى أن إجماع الشيخين وحدهما حجّة لقوله عليه السلام: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. رواه أحمد بن حنبل وابن ماجة والترمذي وقال: حسن، وذكره ابن حبان في صحيحه.
وأجاب الإمام وغيره عن الخبرين بالمعارضة بقوله: أصحابي كالنجوم بايّهم اقتديتم اهتديتم. وهو حديث ضعيف. وأجاب الشيخ أبو إسحاق في (شرح اللمع) بأن ابن عباس خالف جميع الصحابة في خمس مسائل انفرد بها، وابن مسعود انفرد بأربع مسائل، ولم يحتجّ عليهما أحد بإجماع...»(97).
وفي مسلّم الثبوت وشرحه: «ولا ينعقد الإجماع بالشيخين أميري المؤمنين أبي بكر وعمر عند الاكثر، خلافاً للبعض، ولا ينعقد بالخلفاء الأربعة خلافاً لأحمد الإمام ولبعض الحنفية... قالوا: كون اتفاق الشيخين إجماعاً، قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. رواه أحمد، فمخالفتهما حرام.... قلنا: هذا خطاب للمقلّدين، فلا يكون حجة على المجتهدين، وبيان لأهلية الاتباع، لا حصر الاتباع فيهم، وعلى هذا فالأمر للإباحة أو للندب، وأحد هذين التأويلين ضروري، لأنّ المجتهدين كانوا يخالفونهم، والمقلّدون كانوا قد يقلدون غيرهم ولم ينكر عليهم أحد، لا الخلفاء أنفسهم ولا غيرهم، فعدم حجية قولهم كان معتقدهم. وبهذا اندفع ما قيل إن الإيجاب ينافي هذا التأويل...» (98).
فهذه نماذج من استدلال القوم بحديث الاقتداء بالشيخين... في مسائل الفقه والاصولين...
لكن الذي يظهر من مجموع هذه الكلمات أن الأكثر على عدم حجية إجماعهما...
وإذا ضممنا إلى ذلك أنّ الأكثر ـ أيضاً ـ على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم لم ينصّ على خلافة أحد من بعده... كما جاء في المواقف و شرحها«والإمام الحقّ بعد النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم: أبو بكر ثبتت إمامته بالإجماع وإن توقّف فيه بعضهم... ولم ينصّ رسول الله صلّى الله [وآله] وسلّم على أحد خلافاً للبكرية،
فإنهم زعموا النصّ على أبي بكر، وللشيعة فإنهم يزعمون النصّ على علي كرّم الله وجهه، إما نصّاً جلياً وإما نصّاً خفياً. والحق عند الجمهور نفيهما»(99).
وقال المناوي بشرحه: «فإن قلت: هذا الحديث يعارض ما عليه أهل الأصول من أنّه لم ينصّ على خلافة أحد.
قلت: مرادهم: لم ينصّ نصّاً صريحاً، وهذا كما يحتمل الخلافة يحتمل الاقتداء بهم في الرأي والمشورة والصلاة ونحو ذلك (100).
علمنا أن المستدلّين بهذا الحديث في جميع المجالات ـ ابتداءً بباب الإمامة والخلافة، وانتهاء بباب الاجتهاد والإجماع ـ هم «البكرية» وأتباعهم....
إذن.... فالأكثر يعرضون عن مدلول هذا الحديث ومفاده... وإن المستدلّين به قوم متعصبون لأبي بكر وإمامته... وهذا وجه آخر من وجوه وضعه واختلافه..
قال الحافظ ابن الجوزي: «قد تعصب قوم لاخلاق لهم يدّعون التمسك بالسُنّة فوضعوا لأبي بكر فضائل...» (101).
لكن من هم؟
هم «البكرية» أنفسهم!!
قال العلاّمة المعتزلي: «فلمّا رأت البكرية ما صنعت الشيعة (102) وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث، نحو: (لو كنت متّخذاً خليلاً) فإنهم وضعوه في مقابلة (حديث الإخاء). ونحو: (سد الأبواب) فإنه كان لعلي عليه السلام، فقلبته البكرية إلى أبي بكر. ونحو: (إيتوني بدواة وبياض أكتب فيه لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه إثنان) ثم قال: (يأبى الله والمسلمون إلاّ أبا بكر) فإنّهم وضعوه في مقابلة الحديث المروي عنه في مرضه: (إيتوني بدواة وبياض أكتب لكم ما لا تضلّون بعده
ابداً. فاختلفوا عنده وقال قوم منهم: لقد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله) ونحو حديث: (أنا راض عنك، فهل أنت عنّي راض ؟) ونحو ذلك» (103).
وبعد، فما مدلول هذا الحديث ونحن نتكلّم هنا عن هذه الجهة وبغضّ النظر عن السند؟
يقول المناوي: «أمره بمطاوعتهما يتضمّن الثناء عليهما، ليكونا أهلاً لأن يطاعا فيما يأمران به وينهيان عنه...».
لكن أوّل شيء يعترض عليه به تخلف أمير المؤمنين عليه السلام ومن تبعه عن البيعة مع أمرهما به، ولذا قال:
«فإن قلت: حيث أمر باتباعهما فكيف تخلّف علي رضي الله عنه عن البيعة؟
قلت: كان لعذر ثم بايع، وقد ثبت عنه الانقياد لأوامرهما و نواهيهما...» (104).
أقول: لقد وقع القوم ـ بعد إنكار النصّ وحصر دليل الخلافة في الإجماع ـ في مأزق كبير وإشكال شديد، وذلك لأنهم قرروا في علم الاصول أنه إذا خالف واحد من الاُمّة أو اثنان لم ينعقد الإجماع.
قال الغزالي: «إذا خالف واحد من الامة أو اثنان لم ينعقد الإجماع دونه، فلو مات لم تصر المسألة إجماعاً، خلافاً لبعضهم. ودليلنا: أن المحرم مخالفة الاُمّة كافة....» (105)
وفي مسلم الثبوت وشرحه: «قيل: إجماع الأكثر مع ندرة المخالف بأن يكون واحداً أو اثنين إجماع.... والمختار أنه ليس بإجماع لانتفاء الكل الذي هو مناط العصمة. ثم اختلفوا فقيل: ليس بحجة أصلاً كما أنه ليس بإجماع، وقيل: بل حجّة ظنّية غير الإجماع، لأن الظاهر إصابة السواد الأعظم... قيل: ربما كان الحق مع الأقل
باعتبار أنها نصوص جلية أو خفيّة على امامته كما ذكر صاحب «شرح المواقف» وغيره.
وليس فيه بعد...».
فقال المكتفون بإجماع الأكثر: «صح خلافة أبي بكر مع خلاف علي وسعد بن عبادة وسلمان».
فأجيب: «ويدفع بأن الإجماع بعد رجوعهم إلى بيعته. هذا وأضح في أمير المؤمنين علي».
فلو سلّمنا ما ذكروه من بيعة أمير المؤمنين عليه السلام، فما الجواب عن تخلّف سعد بن عبادة»؟!
أما المناوي فلم يتعرض لهذه المشكلة... وتعرض لها شارح مسلم الثبوت فقال بعد ما تقدّم: «لكن رجوع سعد بن عبادة فيه خفاء، فإنه تخلّف ولم يبايع وخرج عن المدينة، ولم ينصرف إلى أن مات بحوران من أرض الشام لسنتين ونصف مضتا من خلافة أمير المؤمنين عمر، وقيل: مات سنة إحدى عشرة في خلافة أمير المؤمنين الصديق الأ كبر. كذا في الاستيعاب وغيره. فالجواب الصحيح عن تخلّفه: أن تخلّفه لم يكن عن اجتهاد، فإن أكثر الخزرج قالوا: منا أمير ومنكم أمير، لئلاّ تفوت رئاستهم... ولم يبايع سعد لما كان له حبّ السيادة، وإذا لم تكن مخالفته عن الاجتهاد فلا يضّر الإجماع....
فإن قلت: فحينئدٍ قد مات هو رضي الله عنه شاق عصا المسلمين مفارق الجماعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وأصحابه وسلّم: لم يفارق الجماعة أحد ومات إلأ مات ميتة الجاهلية. رواه البخاري. والصحابة لاسيّما مثل سعد برآء عن موت الجاهلية.
قلت: هب أن مخالفة الإجماع كذلك، إلا أن سعداً شهد بدراً على ما في صحيح مسلم، والبدريّون غير مؤاخذين بذنب، مثلهم كمثل التائب وإن عظمت المصيبة، لما أعطاهم الله تعالى من المنزلة الرفيعة برحمته الخاصة بهم. وأيضاً: هو عقبي ممّن بايع في العقبة، وقد وعدهم رسول الله صلى الله عليه [وآله] وأصحابه وسلّم الجنة
والمغفرة. فإيّاك وسوء الظن بهذا الصنيع. فاحفظ الأدب....»(106).
ولو تنزّلنا عن قضية سعد بن عبادة، فما الجواب عن تخلف الصديقة الزهراء عليها السلام ؟! وهي من الصحابة، بل بضعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم.
فإذا كان الصحابة ـ لاسيّما مثل سعد ـ برآء عن موت الجاهلية، فما ظنّك بالزهراء التي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: «فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني» (107) وقال: «فاطمة بضعة مني، يقضبني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها» (108) وقال: «فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلاّ مريم بنت عمران» (109) هذه الأحاديث التي استدلّ بها الحافظ السهيلي وغيره من الحفاظ على أنّها أفضل من الشيخين فضلاً عن غيرهما(110).
....فإن من ضروريات التاريخ أن الزهراء عليها السلام فارقت الدنيا ولم تبايع أبا بكر...وأن أمير المؤمنين عليه السلام لم يأمرها بالمبادرة إلى البيعة، وهو يعلم أنه «لم يفارق الجماعة أحد ومات إلأ مات ميتة الجاهلية»!!
أقول:
إذن... لا يدلّ هذا الحديث على شيء ممّا زعموه أو أرادوا له الاستدلال به فما هو واقع الحال؟
سنذكر له وجهاً على سبيل الاحتمال في نهاية المقال....
ثم إن مّما يبطل هذا الحديث من حيث الدلالة والمعنى وجوهاً اُخر.
وجوه بطلانه معنى
ـ 1 ـ
إن أبا بكر وعمر اختلفا في كثير من الأحكام، والأفعال، واتّباع المختلفين متعذر غير ممكن.... فمثلاً: أقر أبو بكر جواز المتعة ومنعها عمر. وأنّ عمر منع أن يورّث أحداً من الأعاجم إلا واحداً ولد في العرب.... فبمن يكون الاقتداء؟!
ثم جاء عثمان فخالف الشيخين في كثير من أقواله وأفعاله وأحكامه.... وهو عندهم ثالث الخلفاء الراشدين...
وكان في الصحابة من خالف الشيخين أو الثلاثة كلّهم في الأحكام الشرعية والآداب الدينية.... وكلّ ذلك مذكور في مظانّه من الفقه والاصول.... ولو كان واقع هذا الحديث كما يقتضيه لفظه لوجب الحكم بضلالة كل هؤلاء!!
ـ 2 ـ
إن المعروف من الشيخين الجهل بكثير من المسائل الإسلامية ممّا يتعلّق بالاُصول والفروع، وحتى في معاني بعض الألفاظ العربية في القرآن الكريم.... فهل يأمر النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم بالاقتداء المطلق لمن هذه حاله ويأمر بالرجوع إليه والانقياد له في أوامره ونواهيه كلّها؟!
ـ 3 ـ
إن في هذا الحديث بهذا اللفظ يقتضي عصمة أبي بكر وعمر والمنع من جواز الخطأ عليهما، وليس هذا بقول أحد من المسلمين فيهما، لأن إيجاب الاقتداء بمن ليس بمعصوم إيجاب لما لا يؤمن من كونه قبيحاً....
ـ 4 ـ
ولو كان هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله لاحتجّ به أبو بكر نفسه
يوم السقيفة.... ولكن لم نجد في واحد من كتب الحديث والتاريخ أنه احتجّ به على القوم.... فلو كان لنقل واشتهر، كما نقل خبر السقيفة وما وقع فيها من النزاع والمغالبة...
بل لم نجد احتجاًجاً له به في وقت من الأوقات.
ـ 5 ـ
بل وجدناه في السقيفة يخاطب الحاضرين بقوله: «بايعوا أيّ الرجلين شئتم» يعني: أبا عبيدة وعمر بن الخطاب (111).
ويلتفت إلى أبي عبيدة الجراح قائلاً: «امدد يدك ابايعك» (112).
ـ 6 ـ
ثم لمّا بويع بالخلافة قال:
«أقيلوني، أقيلوني، فلست بخيركم...»(113).
ـ 7 ـ
ثم لمّا حضرته الوفاة قال:
«وددت أني سألت رسول الله لمن هذا الأمر، فلا ينازعه أحد، وددت أني كنت سألت: هل للأنصار في هذا الأمر نصيب» (114).
ـ 8 ـ
وجاء عمر يقول:
«كانت بيعة أبي بكر فلتة، وقى المسلمين شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه»(115).
***
وبعد:
فما هو متن الحديث ؟ وما هو مدلوله ؟
قد عرفت سقوط هذا الحديث معنى على فرض صدوره...
وعلى الفرض المذكور... فلا بُدّ من الالتزام بأحد أمرين: إمّا وقوع التحريف في لفظه، وإمّا صدوره في قضيةٍ خاصّة...
أمَا الأول فيشهد به: أنه قد روى هذا الخبر بالنصب، أي جاء بلفظ «أبا بكر وعمر» بدلاً عن «أبي بكر وعمر» وجعل أبو بكر وعمر مناديين مأمورين بالاقتداء.. (116).
فالنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يأمر المسلمين عامة بقوله «اقتدوا» ـ مع تخصيصٍ. لأبي بكر وعمر بالخطاب ـ «باللذين من بعده» وهما «الكتاب والعترة»، وهما ثقلاه اللذان طالما أمر بالاقتداء والتمسك والاعتصام بهما (117).
وأما الثاني... فهو ما قيل: من أن سبب هذا الخبر: أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم كان سالكاً بعض الطرق، وكان أبو بكر وعمر متأخرّين عنه، جائيين على عقبه،
فقال النبي صلى الله عليه وآله لبعض من سأله عن الطريق الذي سلكه في اتّباعه واللحوق به: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» وعنى في سلوك الطريق دون غيره (118).
وعلى هذا فليس الحديث على إطلاقه، بل كانت تحفّه قرائن تخصّه بمورده، فأسقط الرّاوي القرائن عن عمدٍ أو سهو، فبدأ بظاهره أمراً مطلقاً بالاقتداء بالرجلين... وكم لهذه القضية من نظير في الأخبار والأحاديث الفقهية والتفسيريّة والتاريخية... ومن ذلك... ما في ذيل «حديث الاقتداء» نفسه في بعض طرقه... وهذا ما نتكلم عليه بإيجاز... ليظهر لك أن هذا الحديث ـ لو كان صادراً ـ ليس حديثاً واحداً، بل أحاديث متعددة صدر كل منها في مورد خاص لا علاقة له بغيره...
تكملة
لقد جاء في بعض طرق هذا الحديث:
«اقتدوا باللذين...
واهتدوا بهدي عمّار.
وتمسكوا بعهد ابن اُم عبد. أو: إذا حدثكم ابن ام عبد فصدقوه أو: ما حدّثكم ابن مسعود فصدّقوه».
فالحديث مشتمل على ثلاث فقر، الاولى تخص الشيخين، والثانية عمار بن ياسر، والثالثة عبد الله بن مسعود.
أمّا الفقرة الاولى فكانت موضوع بحثناً، فلذا أشبعنا فيها الكلام سنداً ودلالة... وظهر عدم جواز الاستدلال بها والأخذ بظاهر لفظها، وأن من المحتمل قوّ ياً وقوع التحريف في لفظها أو لدى النقل لها بإسقاط القرائن الحافّة بها الموجب لخروج الكلام من التقييد إلى الإطلاق، فإنه نوع من أنواع التحريف، بل من أقبحها
وأشنعها كما هو معلوم لدى أهل العلم.
وأمّا الفقرتان الاخريان فلا نتعرّض لهما إلاّ من ناحية المدلول والمفاد لئلاّ يطول بنا المقام... وإن ذكراً في فضائل الرجلين، وربّما استدلّ بهما بعضهم في مقابلة بعض فضائل أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام... فنقول:
قوله: «اهتدوا بهدي عمّار» معناه: «سيروا بسيرته واسترشدوا بإرشاده».
فكيف كانت سيرة عمار؟ وما كان إرشاده ؟
وهل سار القوم بسيرته واسترشدوا بإرشاده ؟!
هذه كتب السير والتواريخ بين يديك !!
وهذه نقاط من «سيرته» و«إرشاده»:
تخلف عن بيعة أبي بكر (119) وقال لعبد الرحمن بن عوف ـ حينما قال للناس في قصة الشورى: أشيروا علي ـ «إن أردت أن لا يختلف المسلمون فبايع علياً» (120). وقال ـ بعد أن بويع عثمان ـ: «يا معشر قريش، أمّا إذا صدفتم هذا الأمر عن أهل بيت نبييكم هاهنا مرة هاهنا مرة، فما أنا بآمن من أن ينزعه الله فيضعه في غيركم كما نزعتموه من أهله ووضعتموه في غير أهله»(121) وكان مع علي عليه السلام منذ اليوم الأول حتى استشهد معه بصفين وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: «عمّار تقتله الفئة الباغية» (122) و «من عادى عماراً عاداه الله»(123).
ثم لماذا أمر النبّي صلّى الله عليه وآله بالاهتداء بهدي عمّار والسير على سيرته ؟ لأنه قال له من قبل: «ياعمّار، إن رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس كلّهم وادياً
غيره فاسلك مع علي، فإنه لن يدليك في ردى ولن يخرجك من هدى... يا عمار: إن طاعة علي من طاعتي، وطاعتي من طاعة الله عزوجل (124).
وقوله: «وتمسكوا بعهد ابن اُم عبد» أو «إذا حدّثكم ابن ام عبد فصدّقوه» ما معناه؟
إن كان «الحديث» فهل يصدّق في كل ما حدّث ؟
هذا لا يقول به أحد... وقد وجدناهم على خلافه... فقد منعوه من الحديث، بل كذّبوه، بل ضربوه... فراجع ما رووه ونقلوه... (125).
وإن كان «العهد» فأي عهدٍ هذا؟
لا بد أن يكون إشارة إلى أمر خاص... صدر في مورد خاصّ... لم تنقله الرواة...
لقد رووا في حقّ ابن مسعود حديثاً آخر ـ جعلوه من فضائله ـ بلفظ: «رضيت لكم ما رضي به ابن اُم عبد»(126)... ولكن ما هو؟
لا بد أن يكون صادراً في مورد خاص... بالنسبة إلى أمر خاصً... لم تنقله الرواة...
إنه ـ فيما رواه الحاكم ـ كما يلي:
«قال النبي صلّى الله عليه [وآله] وسلّم لعبد الله بن مسعود: إقرأ.
قال: أقرأ وعليك انزل ؟!
قال: إني أحب أن أسمع من غيري.
قال: فافتح سورة النساء حتى بلغ: (فكيف إذا جئنا من كل اُمةٍ بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً) فاستعبر رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم، وكفّ
عبدالله.
فقال له رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: تكلّم.
فحمد الله في أول كلامه وأثنى على الله وصلى على النبي صلى الله عليه [وآله]. وسلّم وشهد شهادة الحق. وقال:
رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً، ورضيت لكم ما رضي الله ورسوله.
فقال رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلّم: رضيت لكم ما رضي لكم ابن اُم عبد.
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه» (1).
فانظر كيف تلاعبوا بأقوال النبي صلى الله عليه وآله وتصرفوا في السنة الشريفة... فضلوا وأضلوا...!!
ونعود فنقول: إن السنة الكريمة بحاجةٍ ماسّةٍ إلى تحقيق وتمحيص، لا سيما في القضايا التي لها صلة وثيقة بأساس الدين الحنيف، تبنى عليها أصول العقائد، وتتفرع منها الأحكام الشرعية.
***
والله نسأل أن يتغمد بواسع رحمته مشايخنا الأبرار، الذين تعلّمنا في مدرستهم مناهج التحقيق، وتدربنا على سبل البحث والاستدلال... لا سيما السيد صاحب «عبقات الأنوار»... وأن يوفقنا لتحقيق الحق وقبول ما هو به جدير، إنه سميع مجيب وهو على كلّ شيء قدير.

الهوامش

الهوامش

(1) مسند أحمد 5|382.
(2) مسند أحمد 5|385.
(3) صحيح الترمذي ـ مناقب أبي بكر وعمر.
(4) صحيح الترمذي ـ مناقب عمّار بن ياسر.
(5) سنن ابن ماجة ـ مناقب أبي بكر.
(6) لقد اقتصرنا في النقد على الكلام حول «عبدالملك بن عمير» الذي عليه مدار هذا الحدبث الذي بذل الحاكم جهداً في تصيحه فكان أكثر حرصاً من الشيخين على رواية ما وصفه بـ«أجل ما روي في فضائل الشيخين» وإلاّ فإن «حفص بن عمر الإيلي» هذا مثلاً أدرجه العقيلي في الضعفاء وروى عنه حديث الاقتداء ثم قال: «أحاديثه كلّها إمّا منكر المتن، أو منكر الإسناد، وهو إلى الضعف أقرب» الضعفاء 2|797.
و«يحيى النعمّاني» قال الحافظ الهيثمي بعد أن روى الحديث عن الترمذي والطبراني في الأوسط: «وفيه يحيى ابن عبدالحميد الحمّاني وهو ضعيف» مجمع الزوائد 9|295.
(7) المستدرك 3|75.
(8) تهذيب التهذيب 6|411 وغيره.
(9) تهذيب التهذيب 6|412. ميزان الاعتدال 2|660.
(10) ميزان الاعتدال 6|660.
(11) ميزان الاعتدال 6|660. المغني 2|407. تهذيب التهذبب 6|412.
(12) ميزان الاعتدال 2|660
(13) تهذيب التهذيب 6|412.
(14) ميزان الاعتدال 2|660.
(15) ميزان الاعتدال 2|660.
(16) الأنساب 10|50 في «القبطي»
(17) تقريب التهذيب 1|521.
(18) تلخيص الشافي 3|35، روضة الواعظين: 177، مقتل الحسين: 185.
(19) فيض القدير 2|56.
(20) صحيح الترمذي ـ مناقب أبي بكر وعمر.
(21) الإحكام في اُصول الأحكام 2|242.
(22) ميزان الاعتدال 2|112.
(23) الكاشف 1|344.
(24) تهذيب التهذيب 3|440.
(45) لسان الميزان 3|7.
(26) ميزان الاعتدال 3|291.
(27) ميزان الاعتدال 4|312.
(28) الإحكام في اُصول الأحكام 2|243
(29) صحيح الترمذي 5|672.
(30) مستدرك الحاكم 3|75.
(31) صحيح الترمذي 5|672.
(32) الكمال في أسماء الرجال ـ مخطوط ـ.
(33) الكاشف 3|251.
(34) تهذيب التهذيب 11|225.
(35) ميزان الاعتدال 1|254، المغني في الضعفاء 1|89. تهذيب التهذيب 1|336.
(36) ميزان الاعتدال 1|20، المغني 1|10.
(37) تهذيب التهذيب 1|106.
(38) كتاب الضعفاء الكبير 7|2654.
(39) تلخيص المستدرك 3|76.
(40) الجامع الكبير1|133.
(41) فيض القدير 1|56
(42) فيض القدير 1|57
(43) الصواعق: 46.
(44) مجمع الزوائد 9|53.
(45) الجامع الصغير بشرح المناوي 1|56.
(46)الجامع الصغير بشرح المناوي 1|56.
(47) الكامل 2|666.
(48) الكامل 5|1703.
(49) تهذيب التهذيب 7|499.
(50) المغني في الضعفاء 1|189.
(51) ميزان الاعتدال 1|590.
(52) أنظر: هامش تهذيب الكمال 7|236.
(53) ميزان الاعتدال 1|105.
(54) ميزان الاعتدال 3|610.
(55) لسان الميزان 5|237.
(56) ميزان الاعتدال 1|142، لسان الميزان 1|273
(57) تاريخ دمشق 9|645.
(58) فيض الغدير ـ شرح الجامع الصغير 2|56.
(59) الأنساب ـ الحنظلي.
(60) الكامل في التاريخ 6|67.
(61) تذكرة الحفاظ 2|567.
(62) سير أعلام النبلاء 13|247.
(63) صحيح الترمذي 5|672.
(64) تذكرة الحفاظ 2|228.
(65) سير أعلام النبلاء 13|554.
(66) الضعفاء الكبير 4|95.
(67) تذكرة الحفاظ 3|833.
(68) ميزان الاعتدال 1|142.
(69) سير أعلام النبلاء15|573.
(70) الأ نساب ـ الجرجاني.
(71) اُنظر: لسان الميزان 5|237.
(72) العبر 3|28.
(73) البداية والنهاية 11|317.
(74) الإحكام في أصول الأحكام: المجلّد 2 الجزء 6 ص 242 ـ 243 0 الفصل 4|88
(75) لسان الميزان 4|198.
(76) شرح المنهاج ـ مخطوط.
(77) الدرر الكامنه في أعيان الثامنة 2|433.
(78) طبقات الشافعية 2|236.
(79) مرآة الجنان 4|306.
(80) ميزان الاعتدال فى نقد الرجال 1|105.
(81) ميزان الاعتدال في نقد الرجال 1|141.
(82) ميزان الاعتدال 3|610.
(83) تلخيص المستدرك 3|75.
(84) مجمع الزوائد 9|53.
(85) الضوء اللامع 5|200.
(86) لسان الميزان 1|188.
(87) لسان الميزان 1|272.
(88) لسان الميزان 5|237.
(89) حسن المحاضرة 1|363.
(90) الدّر النضيد: 97.
(91) الأعلام 1|270.
(92) فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 2|56.
(93) خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر 2|412 ـ 416.
(94) أسنى المطالب: 48.
(95) قرّة العينين: 189.
(96) شرح المختصر في الاُصول 2|36.
(97) الإبهاج في شرح المنهاج 2|367.
(98) فواتح الرحموت في مسلّم الثبوت 2|231.
(99) الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والمتكلّمين 2|643 ـ 644.
(100) فيض القدير 2|56.
(101) الموضوعات 1|303.
(102) الذي صنعته الشيعة أنها استدلّت بالأحاديث التي رواها أهل السُنّه في فضل أمير المؤمنين عليه السلام
(103) شرح نهج البلاغة 11|49.
(104) فيض القدير 2|56.
(105) المستصفى1|203.
(106) فواتح الرحموت ـ شرح مسلّم الثبوت 2|223 ـ 224.
(107) فيض القدير 4|421 عن البخاري في المناقب.
(108) فيض القدير 4|421.
(109) فيض القدير 4|421.
(110) فيض القدير4|421.
(111) أنظر: صحيح البخاري ـ باب فضل أبي بكر، مسند أحمد 1| 56، تاريخ الطبري 3| 309، السيرة الحلبية 3| 386، وغيرها.
(112) الطبقات الكبرى 3|128، مسند أحمد 1|35، السيرة الحلبية 3|386.
(113) الإمامة والسياسة 1|14، الصواعق المحرقة: 30، الرياض النظرة 1|175، كنز العمال 3|132.
(114) تاريخ الطبري 3|431، العقد الفريد 2|254، الإمامة والسياسة 1|18، مروج الذهب 2|302.
(115) صحيح البخاري 5|208، الصواعق المحرقة: 5، تاريخ الخلفاء: 67.
(116) تلخيص الشافي 3|35.
(117) راجع حديث الثقلين لألفاظه وطرقه ودلالاته في الاجزاء الثلاثة الاُولى من كتابنا الكبير «نفحات الازهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الائمة الاطهار».
(118) تلخيص الشافي 3|38.
(119) المختصر في أخبار البشر 1|156، تتمّة المختصر 1|187.
(120) تاريخ الطبري 3|297، الكامل 3|37 العقد الفريد 2|182.
(121) مروج الذهب 2|342.
(122) المسند 2|164، تاريخ الطبري 4|2 و 4|28، طبقات ابن سعد 3|253، الخصائص: 133، المستدرك 3|378، عمدة القاري 24|192، كنزالعمال 16|143.
(123) الاستيعاب 3|1138، الإصابة 2|506، كنز العمال 13|298، إنسان العيون 2|265.
(124) تاريخ بغداد 13|186، كنز العمال 12|212، فرائد السمطين 1|178. المناقب ـ للخوارزمي ـ: 57 و 124.
(125) مسند الدارمي 1|61. طبقات ابن سعد 2|336، تذكرة الحفّاظ 1|5 ـ 8، المعارف: 194، الرياض النضرة 2|163، تاريخ الخلفاء 158، اُسد الغابة 3|259.
(126) هكذا رووه في كتب الحديث..... أنظر: فيض القدير 4|33.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page