• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الرابع سورة آل عمران آیات 174 الی 180


فَانقَلَبُوا بِنِعْمَة مِّنَ اللَّهِ وَ فَضل لَّمْ يَمْسسهُمْ سوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضوَنَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضل عَظِيم(174)
اللغة
استجاب و أجاب بمعنى و قيل استجاب طلب الإجابة و أجاب فعل الإجابة و القرح الجرح و أصله الخلوص من الكدر و منه ماء قراح أي خالص و القراح من الأرض ما خلص طينه من السبخ و غيره و القريحة خالص الطبيعة و اقترحت عليه كذا أي اشتهيته عليه لخلوصي على ما تتوق نفسه إليه كأنه قال استخلصته و فرس قارح طلع نابه لخلوصه عن
مجمع البيان ج : 2 ص : 886
نقص الصغار ببلوغ تلك الحال و القرح الجراح لخلوص ألمه إلى النفس و الإحسان هو النفع الحسن و الإفضال النفع الزائد على أقل المقدار حسبنا الله أي كافينا الله و أصله من الحساب لأن الكفاية بحسب الحاجة و بحساب الحاجة و منه الحسبان و هو الظن و الوكيل الحفيظ و قيل هو الولي و أصله القيام بالتدبير فمعنى الوكيل في صفات الله هو المتولي للقيام بتدبير خلقه لأنه مالكهم الرحيم بهم و هو في صفة غيره و إنما يعتد بالتوكيل .

الإعراب
موضع الذين يحتمل ثلاثة أوجه من الإعراب الجر على أن يكون نعتا للمؤمنين و الأحسن و الأشبه بالآية أن يكون في موضع الرفع على الابتداء و خبره الجملة التي هي « للذين أحسنوا منهم و اتقوا أجر عظيم » و يجوز النصب على المدح و تقديره أعني الذين استجابوا إذا ذكروا و كذلك القول في موضع الذين في الآية الثانية لأنهما نعت لموصوف واحد و قوله « لم يمسسهم سوء » في موضع نصب على الحال و تقديره فانقلبوا بنعمة من الله و فضل سالمين و العامل فيه فانقلبوا .

النزول
لما انصرف أبو سفيان و أصحابه من أحد فبلغوا الروحاء ندموا على انصرافهم عن المسلمين و تلاوموا فقالوا لا محمدا قتلهم و لا الكواعب أردفتم قتلتموهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشريد تركتموهم فارجعوا فاستأصلوهم فبلغ ذلك الخبر رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فأراد أن يرهب العدو و يريهم من نفسه و أصحابه قوة فندب أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان و قال أ لا عصابة تشدد لأمر الله تطلب عدوها فإنها أنكا للعدو و أبعد للسمع فانتدب عصابة منهم مع ما بهم من القراح و الجراح الذي أصابهم يوم أحد و نادى منادي رسول الله ألا لا يخرجن أحد إلا من حضر يومنا بالأمس و إنما خرج رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ليرهب العدو و ليبلغهم أنه خرج في طلبهم فيظنوا به قوة و إن الذي أصابهم لم يوهنهم من عدوهم فينصرفوا فخرج في سبعين رجلا حتى بلغ حمراء الأسد و هي من المدينة على ثمانية أميال و ذكر علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره أن رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال هل من رجل يأتينا بخبر القوم فلم يجبه أحد فقال أمير المؤمنين أنا آتيك بخبرهم قال اذهب فإن كانوا ركبوا الخيل و جنبوا الإبل فإنهم يريدون المدينة و إن كانوا ركبوا الإبل و جنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة فمضى أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما به من الألم و الجراح حتى كان قريبا من القوم فرآهم قد ركبوا الإبل و جنبوا الخيل فرجع و أخبر رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) بذلك فقال أرادوا مكة فلما دخل رسول الله المدينة نزل جبرائيل فقال يا محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إن الله عز و جل يأمرك أن تخرج و لا يخرج معك إلا من به جراحة فأقبلوا يكمدون جراحاتهم و يداوونها فأنزل الله تعالى على نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) « و لا تهنوا في ابتغاء القوم أن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون » فخرجوا
مجمع البيان ج : 2 ص : 887
على ما بهم من الألم و الجراح حتى بلغوا حمراء الأسد و روي محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبي السائب أن رجلا من أصحاب النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) من بني عبد الأشهل كان شهد أحدا قال شهدت أحدا أنا و أخ لي فرجعنا جريحين فلما أذن مؤذن رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) بالخروج في طلب العدو قلنا لا تفوتنا غزوة مع رسول الله فو الله ما لنا دابة نركبها و ما منا إلا جريح ثقيل فخرجنا مع رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و كنت أيسر جرحا من أخي فكنت إذا غلب حملته عقبة و مشى عقبة حتى انتهينا مع رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إلى حمراء الأسد فمر برسول الله معبد الخزاعي بحمراء الأسد و كانت خزاعة مسلمهم و كافرهم عيبة رسول الله بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئا و معبد يومئذ مشرك فقال يا محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و الله لقد عز علينا ما أصابك في قومك و أصحابك و لوددنا أن الله كان أعفاك فيهم ثم خرج من عند رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) حتى لقي أبا سفيان و من معه بالروحاء و أجمعوا الرجعة إلى رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و قالوا قد أصبنا حد أصحابه و قادتهم و أشرافهم ثم رجعنا قبل أن نستأصلهم فلما رأى أبو سفيان معبدا قال ما وراك يا معبد قال محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقا و قد اجتمع عليه من كان تخلف عنه في يومكم و ندموا على صنيعهم و فيه من الحنق عليكم ما لم أر مثله قط قال ويلك ما تقول قال فأنا و الله ما أراك ترتحل حتى ترى نواصي الخيل قال فو الله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم قال فأنا و الله أنهاك عن ذلك فو الله لقد حملني ما رأيت على أن قلت أبياتا من شعر قال و ما قلت قال قلت :
كادت تهد من الأصوات راحلتي
إذ سألت الأرض بالجرد الأبابيل
تردى بأسد كرام لا تنابلة
عند اللقاء و لا خرق معازيل
فظلت عدوا أظن الأرض مائلة
لما سموا برئيس غير مخذول
و قلت ويل لابن حرب من لقائكم
إذا تغطمطت البطحاء بالخيل
إني نذير لأهل السبل ضاحية
لكل ذي إربة منهم و معقول
من جيش أحمد لا وخش تنابلة
و ليس يوصف ما أثبت بالقيل قال فثنى ذلك أبا سفيان و من معه و مر به ركب من عبد قيس فقال أين تريدون فقالوا
مجمع البيان ج : 2 ص : 888
نريد المدينة قال فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها إليه و أحمل لكم إبلكم هذه زبيبا بعكاظ غدا إذا وافيتمونا قالوا نعم قال فإذا جئتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا الكرة عليه و على أصحابه لنستأصل بقيتهم و انصرف أبو سفيان إلى مكة و مر الركب برسول الله و هو بحمراء الأسد فأخبره بقول أبي سفيان فقال رسول الله و أصحابه حسبنا الله و نعم الوكيل ثم انصرف رسول الله إلى المدينة بعد الثالثة و قد ظفر في وجهه ذلك بمعونة ابن المغيرة بن العاص و أبي قرة الجمحي و هذا قول أكثر المفسرين و قال مجاهد و عكرمة نزلت هذه الآيات في غزوة بدر الصغرى و ذلك أن أبا سفيان قال يوم أحد حين أراد أن ينصرف يا محمد موعد بيننا و بينك موسم بدر الصغرى القابل إن شئت فقال رسول الله ذلك بيننا و بينك فلما كان العام المقبل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل مجنة من ناحية الظهران ثم ألقى الله عليه الرعب فبدا له فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي و قد قدم معتمرا فقال له أبو سفيان إني واعدت محمدا و أصحابه أن نلتقي بموسم بدر الصغرى و أن هذه عام جدب و لا يصلحنا إلا عام نرعى فيه الشجر و نشرب فيه اللبن و قد بدا لي أن لا أخرج إليها و أكره أن يخرج محمد و لا أخرج أنا فيزيدهم ذلك جرأة فالحق بالمدينة فثبطهم و لك عندي عشرة من الإبل أضعها على يد سهيل بن عمرو فأتى نعيم المدينة فوجد الناس يتجهزون لميعاد أبي سفيان فقال لهم بئس الرأي رأيكم أتوكم في دياركم و قراركم فلم يفلت منكم إلا شريد فتريدون أن تخرجوا و قد جمعوا لكم عند الموسم فو الله لا يفلت منكم أحد فقال رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و الذي نفسي بيده لأخرجن و لو وحدي فأما الجبان فإنه رجع و أما الشجاع فإنه تأهب للقتال و قال حسبنا الله و نعم الوكيل فخرج رسول الله في أصحابه حتى وافوا بدر الصغرى و هو ماء لبني كنانة و كانت موضع سوق لهم في الجاهلية يجتمعون إليها في كل عام ثمانية أيام فأقام ببدر ينتظر أبا سفيان و قد انصرف أبو سفيان من مجنة إلى مكة فسماهم أهل مكة جيش السويق و يقولون إنما خرجتم تشربون السويق و لم يلق رسول الله و أصحابه أحدا من المشركين ببدر و وافق السوق و كانت لهم تجارات فباعوا و أصابوا للدرهم درهمين و انصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين و قد روى ذلك أبو الجارود عن الباقر (عليه السلام) .

المعنى
« الذين استجابوا لله و الرسول » أي أطاعوا الله في أوامره و أطاعوا رسوله « من بعد ما أصابهم القرح » أي نالهم الجراح يوم أحد « للذين أحسنوا منهم » بطاعة رسول الله و إجابته إلى الغزو « و اتقوا » معاصي الله لهم « أجر عظيم » أي ثواب جزيل « الذين قال لهم الناس » في المعنى بالناس الأول ثلاثة أقوال ( أحدها ) أنهم الركب الذين
مجمع البيان ج : 2 ص : 889
دسهم أبو سفيان إلى المسلمين ليجنبوهم عند منصرفهم من أحد لما أرادوا الرجوع إليهم عن ابن عباس و ابن إسحاق و قد مضت قصتهم ( و الثاني ) أنه نعيم بن مسعود الأشجعي و هو قول أبي جعفر و أبي عبد الله ( و الثالث ) أنهم المنافقون عن السدي « إن الناس قد جمعوا لكم » المعني به أبو سفيان و أصحابه عند أكثر المفسرين أي جمعوا جموعا كثيرة لكم و قيل جمعوا الآلات و الرجال و إنما عبر بلفظ الواحد عن الجميع في قوله « قال لهم الناس » لأمرين ( أحدهما ) أنه قد جاءهم من جهة الناس فأقيم كلامه مقام كلامهم و سمي باسمهم ( و الآخر ) أنه لتفخيم الشأن « فاخشوهم » أي خافوهم ثم بين تعالى أن ذلك القول زادهم إيمانا و ثباتا على دينهم و إقامة على نصرة نبيهم بأن قال « فزادهم إيمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل » أي كافينا الله و ولينا و حفيظنا و المتولي لأمرنا و « نعم الوكيل » أي نعم الكافي و المعتمد و الملجأ الذي يوكل إليه الأمور « فانقلبوا » أي فرجع النبي و من معه من أصحابه « بنعمة من الله و فضل » أي بعافية من السوء و تجارة رابحة « لم يمسسهم سوء » أي قتل عن السدي و مجاهد و قيل النعمة هاهنا الثبوت على الإيمان في طاعة الله و الفضل الربح في التجارة عن الزجاج و قيل إن أقل ما يفعله الله فهو نعمة و ما زاد على ذلك فهو الموصوف بأنه فضل و الفرق بين النعمة و المنفعة أن النعمة لا تكون نعمة إلا إذا كانت حسنة و المنفعة قد تكون حسنة و قد تكون قبيحة و هذا لأن النعمة يستحق بها الشكر و لا يستحق الشكر بالقبيح « و اتبعوا رضوان الله » بالخروج إلى لقاء العدو « و الله ذو فضل عظيم » على المؤمنين و قد تضمنت الآية التنبيه على أن كل من دهمه أمره فينبغي أن يفزع إلى هذه الكلمة و قد صحت الرواية عن الصادق (عليه السلام) أنه قال عجبت لمن خاف كيف لا يفزع إلى قوله « حسبنا الله و نعم الوكيل » فإني سمعت الله يقول بعقبها « فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوء » و روي عن ابن عباس أنه قال آخر كلام إبراهيم (عليه السلام) حين ألقي في النار « حسبنا الله و نعم الوكيل » و قال نبيكم مثلها و تلا هذه الآية .
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشيْطنُ يخَوِّف أَوْلِيَاءَهُ فَلا تخَافُوهُمْ وَ خَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(175)
الإعراب
كم من « ذلكم » للخطاب لا للضمير فلا موضع لها من الإعراب و قوله « يخوف » يتعدى إلى مفعولين يقال خاف زيد القتال و خوفته القتال .

مجمع البيان ج : 2 ص : 890
المعنى
ثم ذكر أن ذلك التخويف و التثبيط عن الجهاد من عمل الشيطان فقال « إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه » و المعنى إنما ذلك التخويف الذي كان من نعيم بن مسعود من فعل الشيطان و بإغوائه و تسويله يخوف أولياءه المؤمنين قال ابن عباس و مجاهد و قتادة و يخوف المؤمنين بالكافرين و قال الزجاج و أبو علي الفارسي و غيرهما أن تقديره و يخوفكم أولياءه أي من أوليائه بدلالة قوله « فلا تخافوهم و خافون إن كنتم مؤمنين » أي إن كنتم مصدقين بالله فقد أعلمتكم أني أنصركم عليهم و مثله قوله لينذر بأسا شديدا أي لينذركم بباس شديد فلما حذف الجار نصبه و قيل معناه إن الشيطان يخوف المنافقين الذين هم أولياؤه و أنهم هم الذين يخافون من ذلك التخويف بأن يوسوس إليهم و يرهبهم و يعظم أمر العدو في قلوبهم فيقعدوا عن متابعة الرسول و المسلمون لا يخافونه لأنهم يثقون بالنصر الموعود و نظيره قوله أنه ليس له سلطان على الذين آمنوا و على ربهم يتوكلون و الأول أصح .
وَ لا يحْزُنك الَّذِينَ يُسرِعُونَ فى الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضرُّوا اللَّهَ شيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلا يجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فى الاَخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(176) إِنَّ الَّذِينَ اشترَوُا الْكُفْرَ بِالايمَنِ لَن يَضرُّوا اللَّهَ شيْئاً وَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(177)
القراءة
قرأ نافع في جميع القرآن يحزن بضم الياء و كسر الزاي إلا قوله « لا يحزنهم الفزع الأكبر » فإنه فتحها و ضم الزاي و قرأ الباقون في جميع القرآن بفتح الياء و ضم الزاي و قرأ أبو جعفر عكس ما قرأ نافع فإنه فتح الياء في جميع القرآن إلا قوله لا يحزنهم فإنه ضم الياء .

الحجة
قال أبو علي قال سيبويه تقول فتن الرجل و فتنته و حزن الرجل و حزنته و زعم الخليل إنك حيث قلت فتنته و حزنته لم ترد أن تقول جعلته حزينا و جعلته فاتنا كما إنك حين تقول أدخلته جعلته داخلا و لكنك أردت أن تقول جعلت فيه حزنا و فتنة كما تقول كحلته جعلت فيه كحلا و دهنته جعلت فيه دهنا فجئت بفعلته على حدة و لم ترد بفعلته هاهنا تغيير قولك حزن و فتن و لو أردت ذلك لقلت أحزنته و أفتنته قال و قال بعض العرب
مجمع البيان ج : 2 ص : 891
أفتنت الرجل و أحزنته إذا جعلته فاتنا و حزينا فغيروا فعل قال أبو علي فهذا الذي حكيته عن بعض العرب حجة نافع فأما قراءة لا يحزنهم الفزع الأكبر فيشبه أن يكون اتبع فيه أثرا و أحب الأخذ بالوجهين .

الإعراب
قوله « شيئا » نصب على أنه وقع موقع المصدر و يحتمل أن يكون نصبا بحذف الباء كأنه قال بشيء مما يضر به كما يقال ما ضررت زيدا شيئا من نقص مال و لا غيره .

المعنى
لما علم الله تعالى المؤمنين ما يصلحهم عند تخويف الشيطان إياهم خص رسوله بضرب من التعليم في هذه الآية فقال « و لا يحزنك » أيها الرسول « الذين يسارعون في الكفر » يعني المنافقين عن مجاهد و ابن إسحاق و قوما من العرب ارتدوا عن الإسلام عن أبي علي الجبائي « أنهم لن يضروا الله شيئا » بكفرهم و نفاقهم و ارتدادهم لأن الله تعالى لا يجوز عليه المنافع و المضار و إنما قال ذلك على جهة التسلية لنبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لأنه كان يصعب عليه كفر هؤلاء و يعظم عليه امتناعهم عن الإيمان و لا يبعد أنه ربما كان يخطر بباله أن مسارعتهم إلى الكفر و امتناعهم عن الإيمان لتفريط حصل من قبله ف آمنه الله من ذلك و أخبر أن ضرر كفرهم راجع إليهم و مقصور عليهم « يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة » أي نصيبا في الجنة و إذا كانت الإرادة تتعلق بما يصح حدوثه و لا يتعلق بأن لا يكون الشيء فلا بد من حذف في الكلام و معناه أنه يريد أن يحكم بحرمان ثوابهم الذي عرضوا له في تكليفهم و أن يعاقبهم في الآخرة على سبيل الجزاء لكفرهم و نفاقهم « و لهم عذاب عظيم » هذا ظاهر المعنى و هذا يدل على بطلان مذهب المجبرة لأنه تعالى نسب إليهم المسارعة إلى الكفر و إذا كان ذلك قد خلقه فيهم فكيف يصح نسبته إليهم ثم استأنف تعالى الإخبار بأن من اشترى الكفر بالإيمان و هم جميع الكفار بهذه الصفة فقال « إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان » أي استبدلوا الكفر بالإيمان و قد بينا فيما تقدم أن إطلاق لفظ الشراء على ذلك مجاز و توسع و إنما شبه استبدالهم الكفر بالإيمان بشراء السلعة بالثمن « لن يضروا الله شيئا » إنما هذا لأنه إنما ذكر ذلك في الآية الأولى على طريقة العلة لما يجب من التسلية عن المسارعة إلى الضلالة و ذكر في هذه الآية على وجه العلة لاختصاص المضرة بالعاصي دون المعصي و الفرق بين المضرة و الإساءة إن الإساءة لا تكون إلا قبيحة و المضرة قد تكون حسنة إذا كانت مستحقة أو على وجه اللطف أو فيها نفع يوفي عليها أو دفع ضرر أعظم منها « و لهم عذاب أليم » أي مؤلم .


مجمع البيان ج : 2 ص : 892
وَ لا يحْسبنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلى لَهُمْ خَيرٌ لأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلى لَهُمْ لِيزْدَادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ(178)
القراءة
قرأ ابن كثير و أبو عمرو « و لا يحسبن الذين كفروا » و لا يحسبن الذين يبخلون و لا يحسبن الذين يفرحون كلهن بالياء و كسر السين و كذلك فلا يحسبنهم بضم الباء و بالياء و كسر السين و قرأ حمزة كلها بالتاء و فتح السين و فتح الباء من يحسبنهم و قرأ أهل المدينة و الشام و يعقوب كلها بالياء إلا قوله فلا تحسبنهم بالتاء و فتح الباء إلا إن أهل المدينة و يعقوب كسروا السين و فتحها الشامي و قرأ عاصم و الكسائي و خلف كل ما في هذه السورة بالتاء إلا حرفين « و لا يحسبن الذين كفروا » ، و لا يحسبن الذين يبخلون فإنهما بالياء غير أن عاصما فتح السين و كسرها الكسائي .

الحجة و الإعراب
من قرأ بالياء فالذين في هذه الآي في موضع الرفع بأنه فاعل و إذا كان الذين فاعلا و يقتضي حسب مفعولين أو ما يسد مسد المفعولين نحو حسبت أن زيدا منطلق و حسبت أن يقوم عمرو فقوله تعالى « إنما نملي لهم خير لأنفسهم » قد سد مسد مفعولين الذين يقتضيهما يحسبن و ما يحتمل أمرين ( أحدهما ) أن يكون بمعنى الذي فيكون تقديره لا يحسبن الذين كفروا أن الذي نمليه لهم خير لأنفسهم ( و الآخر ) أن يكون ما نملي بمنزلة الإملاء فيكون مصدرا و إذا كان مصدرا لم يقتض راجعا إليه و قال المبرد من قرأ « يحسبن » بالياء فتح إن و يقبح الكسر مع الياء و هو جائز على قبحه لأن الحسبان ليس بفعل حقيقي فهو يبطل عمله مع إن المكسورة كما يبطل مع اللام كما يجوز حسبت لعبد الله منطلق يجوز على بعد حسبت أن عبد الله منطلق و قال أبو علي الوجه فيه أن يتلقى بها القسم كما يتلقى بلام الابتداء و تدخل كل واحد منهما على الابتداء و الخبر فكأنه قال لا يحسبن الذين كفروا للآخرة خيرا لهم و أما قراءة حمزة بالتاء من تحسبن و بفتح إن فقد خطأه البصريون في ذلك لأنه يصير المعنى و لا تحسبن الذين كفروا إملاءنا و ذلك لا يصح غير أن الزجاج قال يجوز على البدل من الذين و المعنى و لا تحسبن إملاء للذين كفروا خيرا لهم و مثله في الشعر :
و ما كان قيس هلكه هلك واحد
و لكنه بنيان قوم تهدما قال أبو علي لا يجوز ذلك لأنك إذا أبدلت إن من الذين كفروا لزمك أن تنصب خيرا من حيث كان المفعول الثاني و لم ينصبه أحد من القراء و إذا لم يصح البدل لم يجز
مجمع البيان ج : 2 ص : 893
فيه إلا كسر أن على أن يكون إن و خبرها في موضع المفعول الثاني من تحسبن .

اللغة
الإملاء إطالة المدة و الملي الحين الطويل و الملأ الدهر و الملوان الليل و النهار لطول تعاقبهما .

النزول
نزلت في مشركي مكة عن مقاتل و في قريظة و النضير عن عطاء .

المعنى
ثم بين سبحانه أن إمهال الكفار لا ينفعهم إذا كان يؤدي إلى العقاب فقال « و لا يحسبن » أي لا يظنن « الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم » أي إن إطالتنا لأعمارهم و إمهالنا إياهم خير لهم من القتل في سبيل الله بأحد لأن قتل الشهداء أداهم إلى الجنة و بقاء هؤلاء في الكفر يؤديهم إلى العقاب ثم ابتدأ سبحانه فقال « إنما نملي لهم » أي إنما نطيل عمرهم و نترك المعاجلة لعقوبتهم « ليزدادوا إثما » أي لتكون عاقبة أمرهم بازديادهم الإثم فيكون اللام لام العاقبة مثل اللام في قوله فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا و حزنا و هم إنما أخذوه ليكون لهم سرورا و قرة عين و لكن لما علم الله أنه يصير في آخر أمره عدوا و حزنا قال كذلك و مثله في قول الشاعر :
أموالنا لذوي الميراث نجمعها
و دورنا لخراب الدهر نبنيها و قول الآخر :
ء أم سماك فلا تجزعي
فللموت ما تلد الوالدة و قول الآخر :
فللموت تغذو الوالدات سخالها
كما لخراب الدهر تبنى المساكن و قول الآخر :
لدوا للموت و ابنوا للخراب و لا يجوز أن يكون اللام لام الإرادة و الغرض لوجهين ( أحدهما ) أن إرادة القبيح قبيحة و تلك عنه سبحانه منفية ( و الآخر ) أنها لو كانت لام الإرادة لوجب أن يكون الكفار مطيعين لله تعالى من حيث فعلوا ما وافق إرادته و ذلك خلاف الإجماع و قد قال عز اسمه و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله و ما أمروا إلا ليعبدوا الله و القرآن يصدق بعضه بعضا و على هذا فلا بد من تخصيص الآية فيمن علم منه أنه لا يؤمن لأنه لو كان فيهم من يؤمن لما توجه إليهم هذا الوعيد المخصوص و قال أبو القاسم البلخي معناه و لا يحسبن الذين كفروا أن إملاءنا لهم رضا بأفعالهم و قبول لها بل هو شر لهم لأنا نملي لهم و هم يزدادون إثما يستحقون به العذاب الأليم و مثله و لقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن و الإنس أي ذرأنا كثيرا
مجمع البيان ج : 2 ص : 894
من الخلق سيصيرون إلى جهنم بسوء أفعالهم و قد يقول الرجل لغيره و قد نصحه فلم يقبل نصحه ما زادك نصحي إلا شرا و وعظي إلا فسادا و نظيره قوله حتى أنسوكم ذكري و معلوم أن الرسل ما أنسوهم ذكر الله على الحقيقة و ما بعثوا إلا للتذكير و التنبيه دون الإنساء مع أن الإنساء ليس من فعلهم فلا يجوز إضافته إليهم و لكنه إنما أضيف إليهم لأن دعاءه إياهم لما كان لا ينجع فيهم و لا يردهم عن معاصيهم فأضيف الإنساء إليهم و في هذا المعنى قوله حكاية عن نوح فلم يزدهم دعائي إلا فرارا و روي عن أبي الحسن الأخفش و الإسكافي أنهما قالا إن في الآية تقديما و تأخيرا و تقديره و لا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم ليزدادوا إثما إنما نملي لهم خير لأنفسهم و هذا بعيد لأنه لو كان كذلك لوجب أن يكون إنما الأخيرة مفتوحة الهمزة لأنها معمول ليحسبن على هذا القول و أن يكون إنما الأولى مكسورة الهمزة لأنها مبتدأ على هذا القول و التقديم و التأخير لا يغيران الإعراب عن استحقاقه و ذلك خلاف ما عليه القراءة لأن القراء قد أجمعوا على كسر الثانية و أكثرهم على فتح الأولى « و لهم عذاب مهين » يهينهم في نار جهنم .
مَّا كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتى يَمِيزَ الخَْبِيث مِنَ الطيِّبِ وَ مَا كانَ اللَّهُ لِيُطلِعَكُمْ عَلى الْغَيْبِ وَ لَكِنَّ اللَّهَ يجْتَبى مِن رُّسلِهِ مَن يَشاءُ فَئَامِنُوا بِاللَّهِ وَ رُسلِهِ وَ إِن تُؤْمِنُوا وَ تَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ(179)
القراءة
قرأ أهل الحجاز و الشام و أبو عمرو و عاصم « حتى يميز » و ليميز بالتخفيف و الباقون بالتشديد و ضم الياء الأولى .

الحجة
ماز يميز فعل متعد إلى مفعول واحد كما أن ميز فعل متعد إلى مفعول واحد و يقال مزته فلم يتميز و زلته فلم يتزل و التضعيف في ميز ليس للتعدي و النقل كما أن التضعيف في عوض ليس للنقل من عاض لأن متعد إلى مفعولين كما في قول الشاعر :
عاضها الله غلاما بعد ما
شابت الأصداغ و الضرس نقد
مجمع البيان ج : 2 ص : 895
فلو كان التضعيف في عوض للنقل لتعدى إلى ثلاثة مفاعيل فعوض و عاض لغتان في معنى واحد مثل ميز و ماز .

النزول
قيل أن المشركين قالوا لأبي طالب إن كان محمد صادقا فليخبرنا من يؤمن منا و من يكفر فإن وجدنا مخبره كما أخبر آمنا به فذكر ذلك للنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فأنزل الله هذه الآية عن السدي و الكلبي و قيل سأل المؤمنون أن يعطوا علامة يفرقون بها بين المؤمن و المنافق فنزلت الآية عن أبي العالية و الضحاك .

المعنى
« ما كان الله ليذر المؤمنين » أي ليدع و معناه لا يدع الله المؤمنين « على ما أنتم عليه » يا أهل الكفر من الإبهام و اشتباه المخلص بالمنافق أي لم يكن يجوز في حكم الله أن يذرهم على ما كنتم عليه قبل مبعث النبي بل يتعبدكم « حتى يميز الخبيث من الطيب » أي الكافر من المؤمن عن قتادة و السدي و قيل حتى يميز المنافق من المخلص يوم أحد على ما مضى شرحه عن مجاهد و ابن إسحاق و ابن جريج و قيل هو خطاب للمؤمنين و تقديره ما كان الله ليذركم يا معشر المؤمنين على ما أنتم عليه من التباس المؤمن بالمنافق و على هذا فيكون قد رجع من الخبر إلى الخطاب كقوله « حتى إذا كنتم في الفلك و جرين بهم » و اختلف في أنه بأي شيء ميز بين الخبيث و الطيب فقيل بالامتحان و تكليف الجهاد و نحوه مما يظهر به الحال كما ظهر يوم أحد بأن ثبت المؤمنون و تخلف المنافقون عن الجبائي و قيل بالآيات و الدلالات التي يستدل بها عليهم و قيل بأن ينصر الله المؤمنين و يكثرهم و يعز الدين و يذل الكافرين و المنافقين عن أبي مسلم و قيل بأن يفرض الفرائض فيثبت المؤمن على إيمانه و يتميز ممن ينقلب على عقبيه « و ما كان الله ليطلعكم على الغيب » أي ما كان الله ليظهر على غيبه أحدا منكم فتعلموا ما في القلوب إن هذا مؤمن و هذا منافق « و لكن الله يجتبي من رسله من يشاء » أي يختار من يشاء فيطلعه على الغيب أي يوقفه على علم الغيب و يعرفه إياه « ف آمنوا بالله و رسله » كما أمركم « و أن تؤمنوا » أي تصدقوا « و تتقوا » عقابه بلزوم أمره و اجتناب نهيه « فلكم » في ذلكم « أجر عظيم » و قيل معناه يصطفي من رسله من يشاء ممن يصلح له و لا يطلعه على الغيب عن السدي و في هذه الآية دلالة على أنه يجوز أن يصلح جماعة لرسالته فيختار منهم من يشاء إما لأنه أصلح و بالتادية أقوم و عن المنفردات أبعد و إما لأنهم قد تساووا في جميع الوجوه فيختار من يشاء من بينهم لأن النبوة ليست مستحقة و لا جزاء و فيها
مجمع البيان ج : 2 ص : 896
دلالة على أن الثواب مستحق بالإيمان و التقوى خلافا لمن قال أنه تفضل .
وَ لا يحْسبنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ هُوَ خَيراً لَّهُم بَلْ هُوَ شرُّ لَّهُمْ سيُطوَّقُونَ مَا بخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَ للَّهِ مِيرَث السمَوَتِ وَ الأَرْضِ وَ اللَّهُ بمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(180)
القراءة
ذكرنا اختلاف القراءة فيه فمن قرأ « يحسبن » بالياء فالذين يبخلون فاعل يحسبن و المفعول الأول محذوف من اللفظ لدلالة اللفظ عليه و هو مثل قولك من كذب كان شرا له أي كان الكذب شرا له و كذلك في الآية « لا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله » البخل « هو خيرا لهم » فدخلت هو فصلا لأن تقدم يبخلون بمنزلة تقدم البخل و من قرأ بالتاء فالفاعل المخاطب و هو النبي و « الذين يبخلون » مفعول أول لتحسبن و « خيرا لهم » المفعول الثاني و في الكلام حذف تقديره و لا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون خيرا لهم و هو فصل و إنما احتجت إلى هذا المحذوف ليكون المفعول الثاني هو الأول في المعنى لأن هذه الأفعال إنما تدخل على المبتدأ و الخبر و إذا كان الخبر مفردا فيجب أن يكون هو المبتدأ في المعنى و البخل هو منع الواجب لأنه توعد عليه و ذم به و أصله في اللغة المشقة في الإعطاء و قرأ ابن كثير و أبو عمرو و يعقوب يعملون بالياء كناية عن الذين يبخلون و الباقون بالتاء على الخطاب .

المعنى
« و لا يحسبن » الباخلون « الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله » أي أعطاهم الله من الأموال فيبخلون بإخراج الحقوق الواجبة فيها ذلك البخل « هو خيرا لهم بل هو شر لهم » و على القراءة الأخرى لا تحسبن أيها السامع أو لا تظنن يا محمد فالخطاب له و المراد غيره بخل الذين يبخلون خيرا لهم بل هو شر لهم أي ليس كذلك كما يظنون بل ذلك البخل شر لهم « سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة » اختلف في معناه فقيل يجعل ما بخل به من المال طوقا في عنقه و الآية نزلت في مانعي الزكاة و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) و هو قول ابن مسعود و ابن عباس و السدي و الشعبي و غيرهم و روي عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه قال ما من رجل لا يؤدي الزكاة إلا جعل في عنقه شجاع يوم القيامة ثم تلا
مجمع البيان ج : 2 ص : 897
هذه الآية و قال ما من ذي رحم يأتي ذا رحمة يسأله من فضل أعطاه الله إياه فيبخل به عنه إلا أخرج الله له من جهنم شجاعا يتلمظ بلسانه حتى يطوقه و تلا هذه الآية و قيل معناه يجعل في عنقه يوم القيامة طوقا من نار عن النخعي و قيل معناه يكلفون يوم القيامة أن يأتوا بما بخلوا به من أموالهم عن مجاهد و قيل هو كقوله « يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم و جنوبهم و ظهورهم » فمعناه أنه يجعل طوقا فيعذب بها عن الجبائي و قيل معناه أنه يعود عليهم وباله فيصير طوقا لأعناقهم كقوله « و كل إنسان ألزمناه طائره في عنقه » عن ابن مسلم قال و العرب تعبر بالرقبة و العنق عن جميع البدن أ لا ترى إلى قوله « فتحرير رقبة » و يروى عن ابن عباس أيضا أن المراد بالآية الذين يبخلون ببيان صفة محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و الفضل هو التوراة التي فيها صفته و الأول أليق بسياق الآية « و لله ميراث السماوات و الأرض » معناه يموت من في السماوات و الأرض و يبقى تعالى هو جل جلاله لم يزل و لا يزال فيبطل ملك كل مالك إلا ملكه و قد تضمنت الآية الحث على الإنفاق و المنع عن الإمساك من قبل أن الأموال إذا كانت بمعرض الزوال إما بالموت أو بغيره من الآفات فأجدر بالعاقل أن لا يبخل بإنفاقه و لا يحرص على إمساكه فيكون عليه وزره و لغيره نفعه « و الله بما تعملون خبير » هذا تأكيد للوعد و الوعيد في إنفاق المال لإحراز الثواب و الأجر و السلامة من الإثم و الوزر .

النظم
الوجه في اتصال الآية بما قبلها هو أنهم كما بخلوا بالجهاد بخلوا بالإنفاق و الزكاة عن علي بن عيسى و قيل أنهم مع ما تقدم من أحوالهم كتموا أمر محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و بخلوا ببيانه .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page