• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الرابع سورة النساء آیات 7 الی 11


لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَك الْوَلِدَانِ وَ الأَقْرَبُونَ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَك الْوَلِدَانِ وَ الأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً(7)
اللغة
الفرق بين الفرض و الوجوب أن الفرض يقتضي فارضا و ليس كذلك الوجوب لأنه قد يجب الشيء في نفسه من غير إيجاب موجب و لذلك صح وجوب الثواب و العوض عليه تعالى و لم يجز أن يقال لذلك فرض و مفروض و أصل الفرض الثبوت فالفرض الحز في سية القوس حيث يثبت الوتر و الفرض ما أثبته على نفسك من هبة أو صلة و الفرض ما أعطيت
مجمع البيان ج : 3 ص : 18
من غير قرض لثبوت تمليكه و أصل الوجوب الوقوع يقال وجب الحائط وجوبا إذا وقع و سمعت وجبة أي وقعة كالهدة و وجب الحق وجوبا إذا وقع سببه و وجب القلب وجيبا إذا خفق من فزع وقعة .

الإعراب
« نصيبا مفروضا » نصب على الحال لأن المعنى فرض للرجال نصيب ثم قال « نصيبا مفروضا » حالا مؤكدا و قيل هو اسم في موضع المصدر كقولك قسما واجبا و فرضا لازما و لو كان اسما لا شائبة للمصدرية فيه لم يجز نحو قولك عندي حق درهما و يجوز لك عندي درهم هبة مقبوضة .

النزول
قيل كانت العرب في الجاهلية يورثون الذكور دون الإناث فنزلت الآية ردا لقولهم عن قتادة و ابن جريج و ابن زيد و قيل كانوا لا يورثون إلا من طاعن بالرماح و ذاد عن الحريم و المال فقال تعالى مبينا حكم أموال الناس بعد موتهم بعد أن بين حكمها في حال حياتهم .

المعنى
« للرجال نصيب » أي حظ و سهم « مما ترك الوالدان و الأقربون » أي من تركة الوالدين و الأقربين « و للنساء نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون » أي و للنساء من قرابة الميت حصة و سهم من تركته « مما قل منه أو كثر » أي من قليل التركة و كثيرها « نصيبا مفروضا » أي حظا فرض الله تسليمه إلى مستوجبيه و مستحقيه لا محالة و هذه الآية تدل على بطلان القول بالعصبة لأن الله تعالى فرض الميراث للرجال و للنساء فلو جاز منع النساء من الميراث في موضع لجاز أن يجري الرجال مجراهن في المنع من الميراث و تدل أيضا على أن ذوي الأرحام يرثون لأنهم من جملة النساء و الرجال الذين مات عنهم الأقربون على ما ذهبنا إليه و هو مذهب أبي حنيفة أيضا و يدخل في عموم اللفظ أيضا الأنبياء و غير الأنبياء فدل على أن الأنبياء يورثون كغيرهم على ما ذهبت إليه الفرقة المحقة .
وَ إِذَا حَضرَ الْقِسمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَ الْيَتَمَى وَ الْمَسكينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَ قُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً(8)

مجمع البيان ج : 3 ص : 19
المعنى
لما بين سبحانه فيما تقدم حال من يرث بين هنا حال من لا يرث و اختلف الناس في هذه الآية على قولين ( أحدهما ) أنها محكمة غير منسوخة عن ابن عباس و سعيد بن جبير و الحسن و إبراهيم و مجاهد و الشعبي و الزهري و السدي و هو المروي عن الباقر و اختاره البلخي و الجبائي و الزجاج و أكثر المفسرين و الفقهاء ( و الآخر ) أنها منسوخة بأي المواريث عن سعيد بن المسيب و أبي مالك و الضحاك و اختلف من قال أنها محكمة على قولين ( أحدهما ) أن الأمر فيها على الوجوب و اللزوم عن مجاهد و قال هو ما طابت به نفس الورثة و قال الآخرون أن الأمر فيها على الندب و قوله « و إذا حضر القسمة » معناه إذا شهد قسمة الميراث « أولوا القربى » أي فقراء قرابة الميت « و اليتامى و المساكين » أي و يتاماهم و مساكينهم يرجون أن تعودوا عليهم « فارزقوهم منه » أي أعطوهم من التركة قبل القسمة شيئا و اختلف في المخاطبين بقوله « فارزقوهم » على قولين ( أحدهما ) أن المخاطب بذلك الورثة أمروا بأن يرزقوا المذكورين إذا كانوا لا سهم لهم في الميراث عن ابن عباس و ابن الزبير و الحسن و سعيد بن جبير و أكثر المفسرين و الآخر أن المخاطب بذلك من حضرته الوفاة و أراد الوصية فقد أمر بأن يوصي لمن لا يرثه من المذكورين بشيء من ماله عن ابن عباس و سعيد بن المسيب و اختاره الطبري « و قولوا لهم قولا معروفا » أي حسنا غير خشن و اختلف فيه أيضا فقال سعيد بن جبير أمر الله الولي أن يقول للذي لا يرث من المذكورين قولا معروفا إذا كانت الورثة صغارا يقول إن هذا ليتامى صغار و ليس لكم فيه حق و لسنا نملك أن نعطيكم منه و قيل المأمور بذلك الرجل الذي يوصي في ماله و القول المعروف أن يدعو لهم بالرزق و الغنى و ما أشبه ذلك و قيل الآية في الوصية على أن يوصوا للقرابة و يقولوا لغيرهم قولا معروفا عن ابن عباس و سعيد بن المسيب و قد دلت الآية على أن الإنسان قد يرزق غيره على معنى التمليك فهو حجة على المجبرة .
وَ لْيَخْش الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَفاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَ لْيَقُولُوا قَوْلاً سدِيداً(9) إِنَّ الَّذِينَ يَأْكلُونَ أَمْوَلَ الْيَتَمَى ظلْماً إِنَّمَا يَأْكلُونَ فى بُطونِهِمْ نَاراً وَ سيَصلَوْنَ سعِيراً(10)

مجمع البيان ج : 3 ص : 20
القراءة
قرأ ابن عامر و أبو بكر عن عاصم سيصلون بضم الياء و الباقون بفتحها .

الحجة
قال أبو علي حجة من فتح الياء قوله اصلوها فاصبروا و جهنم يصلونها و إلا من هو صال الجحيم و حجة من ضم الياء أنه من أصلاه الله النار كقوله فسوف نصليه نارا .

اللغة
ضعاف جمع ضعيف و ضعيفة و السديد السليم من خلل الفساد و أصله من سد الخلل تقول سددته أسده سدا و السداد الصواب و فيهم سداد من عوز بالكسر و سدد السهم إذا قومه و السد الردم و صلي الرجل النار يصليها صلي و صلاء و صليا أي لزمها و أصلاه الله إصلاء و هو صال النار من قوم صلي و صالين و يقال صلي الأمر إذا قاسى حره و شدته قال العجاج :
و صاليات للصلي صلي ) و قال الفرزدق :
و قاتل كلب الحي عن نار أهله
ليربض فيها و الصلا متكنف و شاة مصلية أي مشوية و سعير بمعنى مسعورة مثل كف خضيب و السعر اشتعال النار و استعرت النار في الحطب و منه سعر السوق لاستعارها به في النفاق .

الإعراب
« ظلما » نصبه على المصدر لأن معنى قوله « يأكلون أموال اليتامى » يظلمونهم و يجوز أن يكون في موضع الحال كقولهم جاءني فلان ركضا أي يركض .

المعنى
لما أمر الله تعالى بالقول المعروف و نهاهم عن خلافه أمر بالأقوال السديدة و الأفعال الحميدة فقال « و ليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا » فيه أقوال ( أحدها ) أنه كان الرجل إذا حضرته الوفاة قعد عنده أصحاب رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فقالوا أنظر لنفسك فإن ولدك لا يغنون عنك من الله شيئا فيقدم جل ماله فقال و ليخش الذين لو تركوا من بعدهم أولادا صغارا « خافوا عليهم » الفقر و هذا نهي عن الوصية بما يجحف بالورثة و أمر لمن حضر الميت عند الوصية أن يأمره بأن يبقي لورثته و لا يزيد وصيته على الثلث كما أن هذا القائل لو كان هو الموصي لأحب أن يحثه من حضره على حفظ ماله لورثته و لا يدعهم عالة أي كما تحبون ورثتكم فأحبوا ورثة غيركم و هذا معنى قول ابن عباس و سعيد بن جبير
مجمع البيان ج : 3 ص : 21
و الحسن و قتادة و مجاهد و الضحاك ( و ثانيها ) إن الأمر في الآية لولي مال اليتيم يأمره بأداء الأمانة فيه و القيام بحفظه كما لو خاف على مخلفيه إذا كانوا ضعافا و أحب أن يفعل بهم عن ابن عباس أيضا فيكون معناه من كان في حجره يتيم فليفعل به ما يحب أن يفعل بذريته من بعده و إلى هذا المعنى يؤول ما روي عن موسى بن جعفر قال أن الله أوعد في مال اليتيم عقوبتين ثنتين أما ( إحداهما ) فعقوبة الدنيا قوله « و ليخش الذين لو تركوا » الآية قال يعني بذلك ليخش أن أخلفه في ذريته كما صنع بهؤلاء اليتامى ( و ثالثها ) أنها وردت في حرمان ذوي القربى أن يوصي لهم بأن يقول الحاضر لا توص لأقاربك و وفر على ورثتك و قوله « خافوا عليهم » معناه خافوا من جفاء يلحقهم أو ظلم يصيبهم أو غضاضة أو ضعة « فليتقوا الله » أي فليتق كل واحد من هؤلاء في يتامى غيره أن يجفوهم و يظلمهم و ليعاملهم بما يحب أن يعامل به يتاماه بعد موته و قيل فليتقوا الله في الإضرار بالمؤمنين « و ليقولوا قولا سديدا » أي مصيبا عدلا موافقا للشرع و الحق و قيل أنه يريد قولا لا خلل فيه و قيل معناه فليخاطبوا اليتامى بخطاب حسن و قول جميل و في معنى الآية ما روي عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه قال من سره أن يزحزح عن النار و يدخل الجنة فليأته منيته و هو يشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و يحب أن يأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه و نهى رسول الله أن يوصي بأكثر من الثلث و قال و الثلث كثير و قال لسعد لأن تدع ورثتك أغنياء أحب إلي من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ثم أوعد الله آكلي مال اليتيم نار جهنم و قال « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما » أي ينتفعون بأموال اليتامى و يأخذونها ظلما بغير حق و لم يرد به قصر الحكم على الأكل الذي هو عبارة عن المضغ و الابتلاع و فائدة تخصيص الأكل بالذكر أنه معظم منافع المال المقصودة فذكره الله تنبيها على ما في معناه من وجوه الانتفاع و كذلك معنى قوله و لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل و لا تأكلوا الربوا و إنما علق الوعيد بكونه ظلما لأنه قد يأكله الإنسان على وجه الاستحقاق بأن يأخذ منه أجرة المثل أو يأكل منه بالمعروف أو يأخذه قرضا على نفسه على ما تقدم القول في ذلك فلا يكون ظلما فإن قيل إذا أخذه قرضا أو أجرة المثل فإنما أكل مال نفسه و لم يأكل مال اليتيم فجوابه لا بل يكون آكلا مال اليتيم لكن لا على وجه يكون ظلما بأن ألزم عوضه على نفسه أو استحقه بالعمل و لو سلمنا ذلك لجاز أن يكون إنما ذكر كونه ظلما لضرب من التأكيد و البيان لأن أكل مال اليتيم لا يكون إلا ظلما و سئل الرضا كم أدنى ما يدخل به آكل مال اليتيم تحت الوعيد في هذه الآية فقال قليله و كثيره واحد إذا كان من نيته أن لا يرده إليهم و قوله « إنما يأكلون في بطونهم نارا » قيل فيه وجهان
مجمع البيان ج : 3 ص : 22
( أحدهما ) إن النار ستلتهب من أفواههم و أسماعهم و آنافهم يوم القيامة ليعلم أهل الموقف أنهم آكلة أموال اليتامى عن السدي و روي عن الباقر أنه قال قال رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يبعث ناس من قبورهم يوم القيامة تأجج أفواههم نارا فقيل له يا رسول الله من هؤلاء فقرأ هذه الآية ( و الآخر ) أنه ذكر ذلك على وجه المثل من حيث أن من فعل ذلك يصير إلى جهنم فتمتلىء بالنار أجوافهم عقابا على أكلهم مال اليتيم كما قال الشاعر :
و إن الذي أصبحتم تحلبونه
دم غير أن اللون ليس بأحمرا يصف أقواما أخذوا الإبل في الدية يقول إنما تحلبون دم القتيل منها لا الألبان « و سيصلون سعيرا » أي سيلزمون النار المسعرة للإحراق و إنما ذكر البطون تأكيدا كما يقال نظرت بعيني و قلت بلساني و أخذت بيدي و مشيت برجلي و روى الحلبي عن الصادق (عليه السلام) قال إن في كتاب علي بن أبي طالب أن من أكل مال اليتيم ظلما سيدركه وبال ذلك في عقبه من بعده و يلحقه وبال ذلك في الآخرة أما في الدنيا فإن الله يقول « و ليخش الذين لو تركوا » الآية و أما في الآخرة فإن الله يقول « إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما » الآية .
يُوصِيكمُ اللَّهُ فى أَوْلَدِكمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظ الأُنثَيَينِ فَإِن كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَينِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَك وَ إِن كانَت وَحِدَةً فَلَهَا النِّصف وَ لأَبَوَيْهِ لِكلِّ وَحِد مِّنهُمَا السدُس مِمَّا تَرَك إِن كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُث فَإِن كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السدُس مِن بَعْدِ وَصِيَّة يُوصى بهَا أَوْ دَيْن ءَابَاؤُكُمْ وَ أَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَب لَكمْ نَفْعاً فَرِيضةً مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً(11)

مجمع البيان ج : 3 ص : 23
القراءة
قرأ أهل المدينة و إن كانت واحدة بالرفع و الباقون بالنصب و قرأ حمزة و الكسائي فلأمه و في إمها و نحوه بكسر الهمزة و الميم و حمزة بطون إمهاتكم و بيوت إمهاتكم بكسرهما و الكسائي بكسر الهمزة و فتح الميم و الباقون بضم الهمزة في الجميع و قرأ ابن عامر و ابن كثير و أبو بكر عن عاصم يوصى بفتح الصاد في الموضعين و قرأ حفص الأولى بكسر الصاد و الثانية بالفتح و الباقون بكسرهما .

الحجة
الاختيار في « واحدة » النصب لأن التي قبلها لها خبر منصوب و هو قوله « فإن كن نساء » أي و إن كانت الورثة واحدة و وجه الرفع إن وقعت واحدة أوجدت واحدة أي إن حدث حكم واحدة لأن المراد حكمها لا ذاتها و وجه قراءة حمزة و الكسائي فلإمه بكسر الهمزة إن الهمزة حرف مستثقل بدلالة تخفيفهم لها فأتبعوها ما قبلها من الكسرة و الياء ليكون العمل فيها من وجه واحد و يقوي ذلك أنها تقارب الهاء و قد فعلوا ذلك بالهاء في نحو عليه و به و من قرأ « يوصي » فلأن ذكر الميت قد تقدم في قوله « فإن كان له إخوة فلأمه السدس » و من قرأ يوصى فإنما يحسنه أنه ليس بميت معين إنما هو شائع في الجميع فهو في المعنى يؤول إلى « يوصي » .

الإعراب
« للذكر مثل حظ الأنثيين » جملة من مبتدإ و خبر تفسير لقوله « يوصيكم الله » و إنما لم يقل للذكر مثل حظ الأنثيين بنصب لام مثل فيعدي قوله « يوصيكم » إليه لأنه في تقرير القول في حكاية الجملة بعده فكأنه قال قال الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين و قوله الثلث و السدس و الربع و نحوها يجوز فيها التخفيف لثقل الضم فيقال ثلث و سدس و ربع و ثمن قال الزجاج و من زعم أن الأصل التخفيف فيها فثقل فخطا لأن الكلام موضوع على الإيجاز لا على التثقيل و إنما قيل للأب و الأم أبوان تغليبا للفظ الأب و لا يلزم أن يقال في ابن و ابنة ابنان لأنه يوهم فإن لم يوهم جاز ذلك ذكره الزجاج و « فريضة » منصوب على التأكيد و الحال من قوله « لأبويه » و لهؤلاء الورثة ما ذكرنا مفروضا ففريضة مؤكدة لقوله « يوصيكم الله » و يجوز أن يكون نصبا على المصدر من « يوصيكم الله » لأن معناه يفرض عليكم فريضة .

النزول
روى محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أنه قال مرضت فعادني رسول الله و أبو بكر و هما يمشيان فأغمي علي فدعا بماء فتوضأ ثم صبه علي فأفقت فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي فسكت رسول الله فنزلت آية المواريث في و قيل نزلت في
مجمع البيان ج : 3 ص : 24
عبد الرحمن أخي حسان الشاعر و ذلك أنه مات و ترك امرأة و خمسة إخوان فجاءت الورثة فأخذوا ماله و لم يعطوا امرأته شيئا فشكت ذلك إلى رسول الله فأنزل الله آية المواريث عن السدي و قيل كانت المواريث للأولاد و كانت الوصية للوالدين و الأقربين فنسخ الله ذلك و أنزل آية المواريث فقال رسول الله إن الله لم يرض بملك مقرب و لا نبي مرسل حتى تولى قسم التركات و أعطى كل ذي حق حقه عن ابن عباس .

المعنى
ثم بين تعالى ما أجمله فيما قبل من قوله للرجال نصيب مما ترك الوالدان و الأقربون الآية بما فصله في هذه الآية فقال « يوصيكم الله » أي يأمركم و يفرض عليكم لأن الوصية منه تعالى أمر و فرض يدل على ذلك قوله و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به و هذا من الفرض المحكم علينا « في أولادكم » أي في ميراث أولادكم أو في توريث أولادكم و قيل في أمور أولادكم إذا متم ثم بين ما أوصي به فقال « للذكر مثل حظ الأنثيين » أي للابن من الميراث مثل نصيب البنتين ثم ذكر نصيب الإناث من الأولاد فقال « فإن كن نساء فوق اثنتين » أي فإن كانت المتروكات أو الأولاد نساء فوق اثنتين « فلهن ثلثا ما ترك » من الميراث ظاهر هذا الكلام يقتضي أن البنتين لا يستحقان الثلثين لكن الأمة أجمعت على أن حكم البنتين حكم من زاد عليهما من البنات و ذكر في الظاهر وجوه ( أحدها ) إن في الآية بيان حكم البنتين فما فوقهما لأن معناه فإن كن اثنتين فما فوقهما فلهن ثلثا ما ترك إلا أنه قدم ذكر الفوق على الاثنتين كما روي عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه قال لا تسافر المرأة سفرا فوق ثلاثة أيام إلا و معها زوجها أو ذو محرم لها و معناه لا تسافر سفرا ثلاثة أيام فما فوقها ( و ثانيها ) ما قاله أبو العباس المبرد إن في الآية دليلا على أن للبنتين الثلثين لأنه إذا قال « للذكر مثل حظ الأنثيين » و كان أول العدد ذكرا و أنثى و للذكر الثلثان و للأنثى الثلث علم من ذلك أن للبنتين الثلثين ثم أعلم الله بأن ما فوق البنتين لهن الثلثان ( و ثالثها ) أن البنتين أعطيتا الثلثين بدليل لا يفرض لهما مسمى و الدليل قوله تعالى و يستفتونك في النساء قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد و له أخت فلها نصف ما ترك فقد صار للأخت النصف كما أن للبنت النصف فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان و أعطيت الابنتان الثلثين كما أعطيت الأختان الثلثين و أعطيت جملة الأخوات الثلثين كما أعطيت البنات الثلثين و يدل عليه أيضا الإجماع على أن حكم البنتين حكم البنات في استحقاق الثلثين إلا ما روي عن ابن عباس إن للبنتين النصف و إن الثلثين فرض الثلث من

بعدی
مجمع البيان ج : 3 ص : 25
البنات و حكى النظام في كتاب النكت عن ابن عباس أنه قال للبنتين نصف و قيراط لأن للواحدة النصف و للثلاث الثلثين فينبغي أن يكون للبنتين ما بينهما « و إن كانت واحدة » أي و إن كانت المولودة أو المتروكة واحدة « فلها النصف » أي نصف ما ترك الميت ثم ذكر ميراث الوالدين فقال « و لأبويه » يعني بالأبوين الأب و الأم و الهاء الذي أضيف إليه الأبوان كناية عن غير مذكور تقديره و لأبوي الميت « لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد » فللأب السدس مع الولد و كذلك الأم لها السدس معه ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر ثم إن كان الولد ذكرا كان الباقي له و إن كانوا ذكورا فالباقي لهم بالسوية و إن كانوا ذكورا و إناثا فللذكر مثل حظ الأنثيين و إن كانت بنتا فلها النصف بالتسمية و لأحد الأبوين السدس أو لهما السدسان و الباقي عند أئمتنا يرد على البنت و على أحد الأبوين أو عليهما على قدر سهامهم بدلالة قوله و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله و قد ثبت أن قرابة الوالدين و قرابة الولد متساوية لأن الولد يتقرب إلى الميت بنفسه كما أن الوالدين يتقربان إليه بأنفسهما و ولد الولد يقوم مقام الولد للصلب مع الوالدين كل منهم يقوم مقام من يتقرب به و في بعض هذه المسائل خلاف بين الفقهاء « فإن لم يكن له » يعني للميت « ولد » أي ابن و لا بنت و لا أولادهما لأن اسم الولد يعم الجميع « و ورثه أبواه فلأمه الثلث » و ظاهر هذا يدل على أن الباقي للأب و فيه إجماع فإن كان في الفريضة زوج فإن له النصف و للأم الثلث و الباقي للأب و هو مذهب ابن عباس و أئمتنا و من قال في هذه المسألة أن للأم ثلث ما يبقى فقد ترك الظاهر و كذلك إن كان بدل الزوج الزوجة فلها الربع و للأم الثلث و الباقي للأب و قوله « فإن كان له إخوة فلأمه السدس » قال أصحابنا إنما يكون لها السدس إذا كان هناك أب و يدل عليه ما تقدمه من قوله « و ورثه أبواه » فإن هذه الجملة معطوفة على قوله « فإن لم يكن له ولد و ورثه أبواه فلأمه الثلث » و تقديره فإن كان له إخوة و ورثه أبواه فلأمه السدس و قال بعض أصحابنا أن لها السدس مع وجود الأخوة و إن لم يكن هناك أب و به قال جميع الفقهاء و اتفقوا على أن الأخوين يحجبان الأم من الثلث إلى السدس و قد روي عن ابن عباس أنه قال لا تحجب الأم عن الثلث إلى السدس بأقل من ثلاثة من الأخوة و الأخوات كما تقتضيه ظاهر الآية و أصحابنا يقولون لا تحجب الأم عن الثلث إلى السدس إلا بالأخوين أو أخ و أختين أو أربع أخوات من قبل الأب و الأم أو من قبل الأب خاصة دون الأم و في ذلك خلاف بين الفقهاء قالوا و العرب تسمي الاثنين بلفظ الجمع في كثير من كلامهم حكى سيبويه أنهم يقولون وضعا رحالهما يريدون رحلي راحلتيهما و قال تعالى و كنا لحكمهم
مجمع البيان ج : 3 ص : 26
شاهدين يعني حكم داود و سليمان و قال قتادة إنما تحجب الأخوة الأم مع أنهم لا يرثون من المال شيئا معونة للأب لأن الأب يقوم بنفقتهم و نكاحهم دون الأم و هذا يدل على أنه ذهب إلى أن الأخوة للأم لا يحجبون على ما ذهب إليه أصحابنا لأن الأب لا يلزمه نفقتهم بلا خلاف « من بعد وصية يوصي بها أو دين » أي تقسم التركة على ما ذكرنا بعد قضاء الديون و إقرار الوصية و لا خلاف في أن الدين مقدم على الوصية و الميراث و إن أحاط بالمال فأما الوصية فقد قيل إنها مقدمة على الميراث و قيل بل الموصى له شريك الوارث له الثلث و لهم الثلثان و قد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال إنكم تقرأون في هذه الآية الوصية قبل الدين و إن رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قضى بالدين قبل الوصية و الوجه في تقديم الدين على الوصية في الآية إن لفظ أو إنما هو لأحد الشيئين أو الأشياء و لا يوجب الترتيب فكأنه قال من بعد أحد هذين مفردا أو مضموما إلى الآخر و هذا كقولهم جالس الحسن أو ابن سيرين أي جالس أحدهما مفردا أو مضموما إلى الآخر « آباؤكم و أبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا » ذكر فيه وجوه ( أحدها ) إن معناه لا تدرون أي هؤلاء أنفع لكم في الدنيا فتعطونه من الميراث ما يستحق و لكن الله قد فرض الفرائض على ما هو عنده حكمة عن مجاهد ( و ثانيها ) إن معناه لا تدرون بأيهم أنتم أسعد في الدنيا و الدين و الله يعلمه فاقتسموه على ما بينه من المصلحة فيه عن الحسن ( و ثالثها ) إن معناه لا تدرون أن نفعكم بتربية آبائكم لكم أكثر أم نفع آبائكم بخدمتكم إياهم و إنفاقكم عليهم عند كبرهم عن الجبائي ( و رابعها ) أن المعنى أطوعكم لله عز و جل من الآباء و الأبناء أرفعكم درجة يوم القيامة لأن الله يشفع المؤمنين ببعضهم في بعض فإن كان الوالد أرفع درجة في الجنة من ولده رفع الله إليه ولده في درجته لتقر بذلك عينه و إن كان الولد أرفع درجة من والديه رفع الله والديه إلى درجته لتقر بذلك أعينهم عن ابن عباس ( و خامسها ) إن المراد لا تدرون أي الوارثين و الموروثين أسرع موتا فيرثه صاحبه فلا تتمنوا موت الموروث و لا تستعجلوه عن أبي مسلم « فريضة من الله » أي فرض الله ذلك فريضة أو كما ذكرنا في الإعراب « إن الله كان عليما حكيما » أي لم يزل عليما بمصالحكم حكيما فيما يحكم به عليكم من هذه الأموال و غيرها قال الزجاج في كان هنا ثلاثة أقوال قال سيبويه كان القوم شاهدوا علما و حكمة و مغفرة و تفضلا فقيل لهم أن الله كان كذلك على ما شاهدتم و قال الحسن كان عليما بالأشياء قبل خلقها حكيما فيما يقدر تدبيره منها و قال بعضهم الخبر من الله في هذه الأشياء بالمضي كالخبر بالاستقبال و الحال لأن الأشياء عند الله في حال واحدة ما مضى و ما يكون و ما هو كائن .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page