• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الرابع سورة النساء آیات15 الی 19


وَ الَّتى يَأْتِينَ الْفَحِشةَ مِن نِّسائكمْ فَاستَشهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكمْ فَإِن شهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فى الْبُيُوتِ حَتى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْت أَوْ يجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سبِيلاً(15) وَ الَّذَانِ يَأْتِيَنِهَا مِنكمْ فَئَاذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَ أَصلَحَا فَأَعْرِضوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَّحِيماً(16)
القراءة
قرأ ابن كثير و الذان يأتيانها بتشديد النون و كذلك فذانك و هذان أو هاتين و قرأ الباقون بتخفيف ذلك كله إلا أبا عمرو فإنه شدد فذانك وحدها .

الحجة
قال أبو علي القول في تشديد نون التثنية أنه عوض عن الحذف الذي لحق الكلمة أ لا ترى أن ذا قد حذف لامها و قد حذف الياء من اللذان في التثنية و اتفق اللذان و هذان في التعويض كما اتفقا في فتح الأوائل منهما في التحقير مع ضمها في غيرهما و ذلك في نحو اللذيا و اللتيا و ذيا و تيا .

اللغة
اللاتي جمع التي و كذلك اللواتي قال :
من اللواتي و التي و اللاتي
زعمن أني كبرت لداتي و قد تحذف التاء من اللاتي فيقال اللاي قال :
من اللاي لم يحججن يبغين حسبة
و لكن ليقتلن البريء المغفلا .

مجمع البيان ج : 3 ص : 34
المعنى
لما بين سبحانه حكم الرجال و النساء في باب النكاح و الميراث بين حكم الحدود فيهن إذا ارتكبن الحرام فقال « و اللاتي يأتين الفاحشة » أي يفعلن الزنا « من نسائكم » الحرائر فالمعنى اللاتي يزنين « فاستشهدوا عليهن أربعة منكم » أي من المسلمين يخاطب الحكام و الأئمة و يأمرهم بطلب أربعة من الشهود في ذلك عند عدم الإقرار و قيل هو خطاب للأزواج في نسائهم أي فأشهدوا عليهن أربعة منكم و قال أبو مسلم المراد بالفاحشة في الآية هنا الزنا أن تخلو المرأة في الفاحشة المذكورة عنهن و هذا القول مخالف للإجماع و لما عليه المفسرون فإنهم أجمعوا على أن المراد بالفاحشة هنا الزنا « فإن شهدوا » يعني الأربعة « فأمسكوهن » أي فاحبسوهن « في البيوت حتى يتوفاهن الموت » أي يدركهن الموت فيمتن في البيوت و كان في مبدإ الإسلام إذا فجرت المرأة و قام عليها أربعة شهود حبست في البيت أبدا حتى تموت ثم نسخ ذلك بالرجم في المحصنين و الجلد في البكرين « أو يجعل الله لهن سبيلا » قالوا لما نزل قوله الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة قال النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة و تغريب عام و الثيب بالثيب جلد مائة و الرجم و قال بعض أصحابنا إن من وجب عليه الرجم يجلد أولا ثم يرجم و به قال الحسن و قتادة و جماعة من الفقهاء و قال أكثر أصحابنا إن ذلك يختص بالشيخ و الشيخة فأما غيرهما فليس عليه غير الرجم و حكم هذه الآية منسوخ عند جمهور المفسرين و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله و قال بعضهم إنه غير منسوخ لأن الحبس لم يكن مؤبدا بل كان مستندا إلى غاية فلا يكون بيان الغاية نسخا له كما لو قال افعلوا كذا إلى رأس الشهر و قد فرق بين الموضعين فإن الحكم المعلق بمجيء رأس الشهر لا يحتاج إلى بيان صاحب الشرع بخلاف ما في الآية و قوله « و اللذان يأتيانها منكم » أي يأتيان الفاحشة و فيه ثلاثة أقوال ( أحدها ) أنهما الرجل و المرأة عن الحسن و عطا ( و ثانيها ) أنهما البكران من الرجال و النساء عن السدي و ابن زيد ( و ثالثها ) أنهما الرجلان الزانيان عن مجاهد و هذا لا يصح لأنه لو كان كذلك لما كان للتثنية معنى لأن الوعد و الوعيد إنما يأتي بلفظ الجمع فيكون لكل واحد منهم أو بلفظ الواحد لدلالته على الجنس فأما التثنية فلا فائدة فيها و قال أبو مسلم هما الرجلان يخلوان بالفاحشة بينهما و الفاحشة في الآية الأولى عنده السحق و في الآية الثانية اللواط فحكم الآيتين عنده ثابت غير منسوخ و إلى هذا التأويل ذهب أهل العراق فلا حد عندهم في اللواط و السحق و هذا بعيد لأن الذي عليه جمهور المفسرين أن الفاحشة في آية الزنا و أن الحكم في الآية منسوخ بالحد المفروض في سورة النور ذهب إليه الحسن و مجاهد
مجمع البيان ج : 3 ص : 35
و قتادة و السدي و الضحاك و غيرهم و إليه ذهب البلخي و الجبائي و الطبري و قال بعضهم نسخها الحدود بالرجم أو الجلد و قوله « ف آذوهما » قيل في معناه قولان ( أحدهما ) هو التعيير باللسان و الضرب بالنعال عن ابن عباس ( و الآخر ) أنه التعيير و التوبيخ باللسان عن قتادة و السدي و مجاهد و اختلف في الأذى و الحبس ] في الثيبين [ كيف كان فقال الحسن كان الأذى أولا و الآية الأخيرة نزلت من قبل ثم أمرت أن توضع في التلاوة من بعد فكان الأول الأذى ثم الحبس ثم الجلد أو الرجم و قال السدي كان الحبس في الثيبين و الأذى في البكرين و قيل كان الحبس للنساء و الأذى للرجال و قال الفراء إن الآية الأخيرة نسخت الآية الأولى و قوله « فإن تابا » أي رجعا عن الفاحشة « و أصلحا » العمل فيما بعده « فأعرضوا عنهما » أي اصفحوا عنهما و كفوا عن أذاهما « إن الله كان توابا رحيما » يقبل التوبة عن عباده و يرحمهم قال الجبائي في الآية دلالة على نسخ القرآن بالسنة لأنها نسخت بالرجم أو الجلد و الرجم قد ثبت بالسنة و من لم يجوز نسخ القرآن بالسنة يقول إن هذه الآية نسخت بالجلد في الزنا و أضيف الرجم إليه زيادة لا نسخا و أما الأذى المذكور في الآية فغير منسوخ فإن الزاني يؤذى و يعنف على فعله و يذم به لكنه لم يقتصر عليه بل زيد فيه بأن أضيف الجلد أو الرجم إليه .
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السوءَ بجَهَلَة ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيب فَأُولَئك يَتُوب اللَّهُ عَلَيهِمْ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكيماً(17) وَ لَيْستِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيِّئَاتِ حَتى إِذَا حَضرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْت قَالَ إِنى تُبْت الْئََنَ وَ لا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَ هُمْ كفَّارٌ أُولَئك أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً(18)
اللغة
أصل التوبة الرجوع و حقيقتها الندم على القبيح مع العزم على أن لا يعود إلى مثله في القبح و قيل يكفي في حدها الندم على القبيح و العزم على أن لا يعود إلى مثله .
أعتدنا قيل أن أصله أعددنا فالتاء بدل من الدال و قيل هو أفعلنا من العتاد و هو العدة قال عدي بن
مجمع البيان ج : 3 ص : 36
الرقاع :
تأتيه أسلاب الأعزة عنوة
قسرا و يجمع للحروب عتادها يقال للفرس المعد للحرب عتد و عتد .

الإعراب
موضع « الذين يموتون » جر بكونه عطفا على قوله « للذين يعملون السوء » و تقديره و لا للذين يموتون .

المعنى
لما وصف تعالى نفسه بالتواب الرحيم بين عقيبه شرائط التوبة فقال « إنما التوبة » و لفظة « إنما » يتضمن النفي و الإثبات فمعناه لا توبة مقبولة « على الله » أي عند الله إلا « للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب » و اختلف في معنى قوله « بجهالة » على وجوه ( أحدها ) أن كل معصية يفعلها العبد جهالة و إن كان على سبيل العمد لأنه يدعو إليها الجهل و يزينها للعبد عن ابن عباس و عطاء و مجاهد و قتادة و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) فإنه قال كل ذنب عمله العبد و إن كان عالما فهو جاهل حين خاطر بنفسه في معصية ربه فقد حكى الله تعالى قول يوسف لإخوته هل علمتم ما فعلتم بيوسف و أخيه إذ أنتم جاهلون فنسبهم إلى الجهل لمخاطرتهم بأنفسهم في معصية الله ( و ثانيها ) إن معنى قوله « بجهالة » أنهم لا يعلمون كنه ما فيه من العقوبة كما يعلم الشيء ضرورة عن الفراء ( و ثالثها ) أن معناه أنهم يجهلون أنها ذنوب و معاص فيفعلونها إما بتأويل يخطئون فيه و إما بأن يفرطوا في الاستدلال على قبحها عن الجبائي و ضعف الرماني هذا القول لأنه بخلاف ما أجمع عليه المفسرون و لأنه يوجب أن لا يكون لمن علم أنها ذنوب توبة لأن قوله « إنما التوبة » تفيد أنها لهؤلاء دون غيرهم و قال أبو العالية و قتادة أجمعت الصحابة على أن كل ذنب أصابه العبد فهو جهالة و قال الزجاج إنما قال الجهالة لأنهم في اختيارهم اللذة الفانية على اللذة الباقية جهال فهو جهل في الاختيار و معنى « يتوبون من قريب » أي يتوبون قبل الموت لأن ما بين الإنسان و بين الموت قريب فالتوبة مقبولة قبل اليقين بالموت و قال الحسن و الضحاك و ابن عمر القريب ما لم يعاين الموت و قال السدي هو ما دام في الصحة قبل المرض و الموت و روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قيل له فإن عاد و تاب مرارا قال يغفر الله له قيل إلى متى
مجمع البيان ج : 3 ص : 37
قال حتى يكون الشيطان هو المسحور و في كتاب من لا يحضره الفقيه قال قال رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) في آخر خطبة خطبها من تاب قبل موته بسنة تاب الله عليه ثم قال و إن السنة لكثيرة من تاب قبل موته بشهر تاب الله عليه ثم قال و إن الشهر لكثير من تاب قبل موته بيوم تاب الله عليه ثم قال و إن اليوم لكثير من تاب قبل موته بساعة تاب الله عليه ثم قال و إن الساعة لكثيرة من تاب قبل موته و قد بلغت نفسه هذه و أهوى بيده إلى حلقه تاب الله عليه و روى الثعلبي بإسناده عن عبادة بن الصامت عن النبي هذا الخبر بعينه إلا أنه قال في آخره و إن الساعة لكثيرة من تاب قبل أن يغرغر بها تاب الله عليه و روى أيضا بإسناده عن الحسن قال قال رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لما هبط إبليس قال و عزتك و جلالتك و عظمتك لا أفارق ابن آدم حتى تفارق روحه جسده فقال الله سبحانه و عزتي و عظمتي و جلالي لا أحجب التوبة عن عبدي حتى يغرغر بها « فأولئك يتوب الله عليهم » أي يقبل توبتهم « و كان الله عليما » بمصالح العباد « حكيما » فيما يعاملهم به « و ليست التوبة » التوبة المقبولة التي ينتفع بها صاحبها « للذين يعملون السيئات » أي المعاصي و يصرون عليها و يسوفون التوبة « حتى إذا حضر أحدهم الموت » أي أسباب الموت من معاينة ملك الموت و انقطع الرجاء عن الحياة و هو حال اليأس التي لا يعلمها أحد غير المحتضر « قال إني تبت الآن » أي فليس عند ذلك اليأس التوبة و أجمع أهل التأويل على أن هذه قد تناولت عصاة أهل الإسلام إلا ما روي عن الربيع أنه قال إنها في المنافقين و هذا لا يصح لأن المنافقين من جملة الكفار و قد بين الكفار بقوله « و لا الذين يموتون و هم كفار » و معناه و ليست التوبة أيضا للذين يموتون على الكفر ثم يندمون بعد الموت « أولئك أعتدنا » أي هيأنا « لهم عذابا أليما » أي موجعا و إنما لم يقبل الله تعالى التوبة في حال اليأس و اليأس من الحياة لأنه يكون العبد هناك ملجأ إلى فعل الحسنات و ترك القبائح فيكون خارجا عن حد التكليف إذ لا يستحق على فعله المدح و لا الذم و إذا زال عنه التكليف لم تصح منه التوبة و لهذا لم يكن أهل الآخرة مكلفين و لا تقبل توبتهم و من استدل بظاهر قوله تعالى « أعتدنا لهم عذابا أليما » على وجوب العقاب لمن مات من مرتكبي الكبائر من المؤمنين قبل التوبة فالانفصال عن استدلاله أن يقال إن معنى إعداد العذاب لهم إنما هو خلق النار التي هي مصيرهم فالظاهر يقتضي استيجابهم لدخولها و ليس في الآية أن الله يفعل بهم ما يستحقونه لا محالة و يحتمل أيضا أن يكون « أولئك » إشارة إلى الذين يموتون و هم كفار لأنه أقرب إليه من قوله « للذين يعملون السيئات » و يحتمل أيضا أن يكون التقدير أعتدنا لهم العذاب إن عاملناهم بالعدل و لم نشأ العوف عنهم و تكون الفائدة فيه إعلامهم ما
مجمع البيان ج : 3 ص : 38
يستحقونه من العقاب و أن لا يأمنوا من أن يفعل بهم ذلك فإن قوله و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء لا تتناول المشيئة فيه إلا المؤمنين من أهل الكبائر الذين يموتون قبل التوبة لأن المؤمن المطيع خارج عن هذه الجملة و كذلك التائب إذ لا خلاف في أن الله لا يعذب أهل الطاعات من المؤمنين و لا التائبين من المعصية و الكافر خارج أيضا عن المشيئة لأخبار الله تعالى أنه لا يغفر الكفر فلم يبق تحت المشيئة إلا من مات مؤمنا موحدا و قد ارتكب كبيرة لم يتب منها و قال الربيع إن الآية منسوخة بقوله و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء لأنه حكم من الله و النسخ جائز في الأحكام كما جاز في الأوامر و النواهي و إنما يمتنع النسخ في الأخبار بأن يقول كان كذا و كذا ثم يقول لم يكن أو يقول في المستقبل لا يكون كذا ثم يقول يكون كذا و هذا لا يصح لأن قوله « أعتدنا » وارد مورد الخبر فلا يجوز النسخ فيه كما لا يجوز في سائر الأخبار .
يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا يحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَ لا تَعْضلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَن يَأْتِينَ بِفَحِشة مُّبَيِّنَة وَ عَاشرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَن تَكْرَهُوا شيْئاً وَ يجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيراً كثِيراً(19)
القراءة
قرأ حمزة و الكسائي كرها بضم الكاف هنا و في التوبة و الأحقاف و وافقهما عاصم و ابن عامر و يعقوب في الأحقاف و قرأ الباقون بفتح الكاف في جميع ذلك و قرأ بفاحشة مبينة بفتح الياء ابن كثير و أبو بكر عن عاصم و الباقون بكسر الياء و روي في الشواذ عن ابن عباس مبينة بكسر الياء خفيفة .

الحجة
الكره و الكره لغتان مثل الضعف و الضعف و الفقر و الفقر و الدف و الدف و قال سيبويه بين الشيء و بينته و أبان الشيء و أبنته و استبان الشيء و استبنته و تبين و تبينته و من أبيات الكتاب :
سل الهموم بكل معطي رأسه
تاج مخالط صهبة متعيس

مجمع البيان ج : 3 ص : 39

مغتال أحبله مبين عنقه
في منكب زين المطي عرندس و في نوادر أبي زيد :
يبينهم ذو اللب حين يراهم
بسيماهم بيضا لحاهم و أصلعا و من كلامهم
قد بين الصبح لذي عينين .

اللغة
العضل التضييق بالمنع من التزويج و أصله الامتناع يقال عضلت الدجاجة ببيضتها إذا عسرت عليها و عضل الفضاء بالجيش الكثير إذا لم يمكن سلوكه لضيقه و منه الداء العضال الذي لا يبرأ و الفاحشة مصدر كالعاقبة و العافية قال أبو عبيدة الفاحشة الشنار و الفحش القبيح و المعاشرة المصاحبة و هو من العشرة .

الإعراب
« أن ترثوا النساء » في موضع رفع بأنه فاعل يحل و كرها مصدر وضع موضع الحال من النساء و العامل في الحال ترثوا « و لا تعضلوهن » يجوز أن يكون أيضا نصبا بكونه معطوفا على ترثوا و تقديره لا يحل لكم أن ترثوا و لا أن تعضلوا و يجوز أن يكون مجزوما على النهي .

النزول
قيل أن أبا قيس بن الأسلت لما مات عن زوجته كبيشة بنت معن ألقى ابنه محصن بن أبي قيس ثوبه عليها فورث نكاحها ثم تركها و لم يقربها و لم ينفق عليها فجاءت إلى النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فقالت يا نبي الله لا أنا ورثت زوجي و لا أنا تركت فأنكح فنزلت الآية عن مقاتل و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) و قيل كان أهل الجاهلية إذا مات الرجل جاء ابنه من غيرها أو وليه فورث امرأته كما يرث ماله و ألقى عليها ثوبا فإن شاء تزوجها بالصداق الأول و إن شاء زوجها غيره و أخذ صداقها فنهوا عن ذلك عن الحسن و مجاهد و روى ذلك أبو الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) و قيل نزلت في الرجل تكون تحته امرأة يكره صحبتها و لها عليه مهر فيطول عليها و يضارها لتفتدي بالمهر فنهوا عن ذلك عن ابن عباس و قيل نزلت في الرجل يحبس المرأة عنده لا حاجة له إليها و ينتظر موتها حتى يرثها عن الزهري و روي ذلك عن أبي جعفر (عليه السلام) أيضا .

مجمع البيان ج : 3 ص : 40
المعنى
لما نهى الله فيما تقدم عن عادات أهل الجاهلية في أمر اليتامى و الأموال عقبه بالنهي عن الاستنان بسنتهم في النساء فقال « يا أيها الذين آمنوا » أي يا أيها المؤمنون « لا يحل لكم » أي لا يسعكم في دينكم « أن ترثوا النساء » أي نكاح النساء « كرها » أي على كره منهن و قيل ليس لكم أن تحبسوهن على كره منهن طمعا في ميراثهن و قيل ليس لكم أن تسيئوا صحبتهن ليفتدين بما لهن أو بما سقتم إليهن من مهورهن أو ليمتن فترثوهن « و لا تعضلوهن » أي و أن لا تحبسوهن و قيل و لا تمنعوهن عن النكاح « لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن » و اختلف في المعني بهذا النهي على أربعة أقوال ( أحدها ) أنه الزوج أمره الله بتخلية سبيلها إذا لم يكن له فيها حاجة و أن لا يمسكها إضرارا بها حتى تفتدي ببعض مالها عن ابن عباس و قتادة و السدي و الضحاك و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) ( و ثانيها ) أنه الوارث نهي عن منع المرأة من التزويج كما كان يفعله أهل الجاهلية على ما بيناه عن الحسن ( و ثالثها ) أنه المطلق أي لا يمنع المطلقة من التزويج كما كانت تفعله قريش في الجاهلية ينكح الرجل منه المرأة الشريفة فإذا لم توافقه فارقها على أن لا تتزوج إلا بإذنه و يشهد عليها بذلك و يكتب كتابا فإذا خطبها خاطب فإن أرضته أذن لها و إن لم تعطه شيئا عضلها فنهى الله عن ذلك عن ابن زيد ( و رابعها ) أنه الولي خوطب بأن لا يمنعها عن النكاح عن مجاهد و القول الأول أصح « إلا أن يأتين بفاحشة مبينة » أي ظاهرة و قيل فيه قولان ( أحدهما ) أنه يعني إلا أن يزنين عن الحسن و أبي قلابة و السدي و قالوا إذا اطلع منها على زنية فله أخذ الفدية ( و الآخر ) أن الفاحشة النشوز عن ابن عباس و الأولى حمل الآية على كل معصية و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) و اختاره الطبري .
و اختلف في هذا الاستثناء و هو قوله « إلا أن يأتين » من ما ذا هو فقيل هو من أخذ المال و هو قول أهل التفسير و قيل كان هذا قبل الحدود و كان الأخذ منهن على وجه العقوبة لهن ثم نسخ عن الأصم و قيل هو من الحبس و الإمساك على ما تقدم في قوله فأمسكوهن في البيوت عن أبي علي الجبائي و أبي مسلم إلا أن أبا علي قال إنها منسوخة و أبى أبو مسلم النسخ « و عاشروهن بالمعروف » أي خالطوهن من العشرة التي هي المصاحبة بما أمركم الله به من أداء حقوقهن التي هي النصفة في القسم و النفقة و الإجمال في القول و الفعل و قيل المعروف أن لا يضربها و لا يسيء القول فيها و يكون منبسط الوجه معها و قيل هو أن يتصنع لها كما تتصنع له « فإن كرهتموهن » أي
مجمع البيان ج : 3 ص : 41
كرهتم صحبتهن و إمساكهن « فعسى أن تكرهوا شيئا و يجعل الله فيه » أي في ذلك الشيء و هو إمساكهن على كره منكم « خيرا كثيرا » من ولد يرزقكم أو عطف لكم عليهن بعد الكراهة و به قال ابن عباس و مجاهد فعلى هذا يكون المعنى إن كرهتموهن فلا تعجلوا طلاقهن لعل الله يجعل فيهن خيرا كثيرا و في هذا حث للأزواج على حسن الصبر فيما يكرهون من الأزواج و ترغيبهم في إمساكهن مع كراهة صحبتهن إذا لم يخافوا في ذلك من ضرر على النفس أو الدين أو المال و يحتمل أن يكون الهاء عائدا إلى الذي تكرهونه أي عسى أن يجعل الله فيما تكرهونه خيرا كثيرا و المعنى مثل الأول و قيل المعنى و يجعل الله في فراقكم لهن خيرا عن الأصم قال و نظيره و إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته قال القاضي و هذا بعيد لأن الله تعالى حث على الاستمرار على الصحبة فكيف يحث على المفارقة .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page