• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الرابع سورة النساء آیات 20 الی 23


وَ إِنْ أَرَدتُّمُ استِبْدَالَ زَوْج مَّكانَ زَوْج وَ ءَاتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شيْئاً أَ تَأْخُذُونَهُ بُهْتَناً وَ إِثْماً مُّبِيناً(20) وَ كَيْف تَأْخُذُونَهُ وَ قَدْ أَفْضى بَعْضكمْ إِلى بَعْض وَ أَخَذْنَ مِنكم مِّيثَقاً غَلِيظاً(21)
اللغة
القنطار مأخوذ من القنطرة و منه القنطر للداهية لأنها كالقنطرة في عظم الصورة و يقال قنطر في الأمر يقنطر إذا عظمه بتكثير الكلام فيه من غير حاجة إليه و البهتان الكذب الذي يواجه به صاحبه على وجه المكابرة له و أصله التحير من قوله فبهت الذي كفر أي تحير لانقطاع حجته فالبهتان كذب يحير صاحبه لعظمه و الإفضاء إلى شيء هو الوصول إليه بالملامسة و أصله من الفضاء و هو السعة فضا يفضو فضوا إذا اتسع .

الإعراب
« بهتانا » مصدر وضع موضع الحال و كذلك قوله « و إثما » و المعنى أ تأخذونه مباهتين و آثمين .

المعنى
لما حث الله على حسن مصاحبة النساء عند الإمساك عقبه ببيان حال الاستبدال فقال مخاطبا للأزواج « و إن أردتم » أيها الأزواج « استبدال زوج مكان زوج » أي إقامة امرأة مقام امرأة « و آتيتم إحداهن » أي أعطيتم المطلقة التي تستبدلون بها غيرها
مجمع البيان ج : 3 ص : 42
« قنطارا » أي مالا كثيرا على ما قيل فيه من أنه ملأ مسك ثور ذهبا أو أنه دية الإنسان أو غير ذلك من الأقوال التي ذكرناها في أول آل عمران « فلا تأخذوا منه » أي من المؤتى أي المعطى « شيئا » أي لا ترجعوا فيما أعطيتموهن من المهر إذا كرهتموهن و أردتم طلاقهن « أ تأخذونه بهتانا » هذا استفهام إنكاري أي تأخذونه باطلا و ظلما كالظلم بالبهتان و قيل معناه أ تأخذونه بإنكار التمليك و سماه بهتانا لأن الزوج إذا أنكر تمليكه إياها بغير حق استوجب المعطى لها في ظاهر الحكم كان إنكاره بهتانا و كذبا « و إثما مبينا » أي ظاهرا لا شك فيه و متى قيل في الآية لم خص حال الاستبدال بالنهي عن الأخذ مع أن الأخذ محرم مع عدم الاستبدال فجوابه أن مع الاستبدال قد يتوهم جواز الاسترجاع من حيث أن الثانية تقوم مقام الأولى فيكون لها ما أخذت الأولى فبين تعالى أن ذلك لا يجوز و أزال هذا الإشكال و المعنى إن أردتم تخلية المرأة سواء استبدلتم مكانها أخرى أم لم تستبدلوا فلا تأخذوا مما آتيتموها شيئا « و كيف تأخذونه » و هذا تعجيب من الله تعالى و تعظيم أي عجبا من فعلكم كيف تأخذون ذلك منهن « و قد أفضى بعضكم إلى بعض » و هو كناية عن الجماع عن ابن عباس و مجاهد و السدي و قيل المراد به الخلوة الصحيحة و إن لم يجامع فسمى الخلوة إفضاء لوصوله بها إلى مكان الوطء و كلا القولين قد رواه أصحابنا و في تفسير الكلبي عن ابن عباس أن الإفضاء حصوله معها في لحاف واحد جامعها أو لم يجامعها فقد وجب المهر في الحالين « و أخذن منكم ميثاقا غليظا » قيل فيه أقوال ( أحدها ) أن الميثاق الغليظ هو العهد المأخوذ على الزوج حالة العقد من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان عن الحسن و ابن سيرين و الضحاك و قتادة و السدي و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) ( و ثانيها ) أن المراد به كلمة النكاح التي يستحل بها الفرج عن مجاهد و ابن زيد ( و ثالثها ) قول النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بكلمة الله عن عكرمة و الشعبي و الربيع و قد قيل في هاتين الآيتين ثلاثة أقوال ( أحدها ) أنهما محكمتان غير منسوختين لكن للزوج أن يأخذ الفدية من المختلعة لأن النشوز حصل من جهتها فالزوج يكون في حكم المكره لا المختار للاستبدال و لا يتنافى حكم الآيتين و حكم آية الخلع فلا يحتاج إلى نسخهما بها و هو قول الأكثرين ( و ثانيها ) أنهما محكمتان و ليس للزوج أن يأخذ من المختلعة شيئا و لا من غيرها لأجل ظاهر الآية عن بكير بن بكر بن عبد الله المزني ( و الثالث ) أن حكمهما منسوخ بقوله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به عن الحسن .

مجمع البيان ج : 3 ص : 43
وَ لا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ ءَابَاؤُكم مِّنَ النِّساءِ إِلا مَا قَدْ سلَف إِنَّهُ كانَ فَحِشةً وَ مَقْتاً وَ ساءَ سبِيلاً(22)
اللغة
النكاح اسم يقع على العقد و منه و أنكحوا الأيامى منكم و يقع على الوطء و منه الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة أي لا يطأ بالحرام إلا من يطاوعه و منه ملعون من نكح يده و ملعون من نكح بهيمة قال الشاعر :
كبكر تشهى لذيذ النكاح
و تفزع من صولة الناكح و أصله الجمع و منه أنكحنا الفرا فسنرى و المقت بغض من أمر قبيح يرتكبه صاحبه يقال مقت الرجل إلى الناس مقاتة و مقته الناس يمقته مقتا فهو مقيت و ممقوت و يقال أن ولد الرجل من امرأة أبيه كان يسمى المقتي و منهم أشعث بن قيس و أبو معيط جد الوليد بن عقبة .

الإعراب
« إلا ما قد سلف » استثناء منقطع لأنه لا يجوز استثناء الماضي من المستقبل و نظيره لا تبع من مالي إلا ما بعت و لا تأكل إلا ما أكلت و منه لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى المعنى لكن ما قد سلف فلا جناح عليكم فيه و قال المبرد جاز أن يكون كان زائدة في قوله « إنه كان فاحشة » فالمعنى أنه فاحشة و أنشد في ذلك قول الشاعر :
فكيف إذا حللت بدار قوم
و جيران لنا كانوا كرام قال الزجاج هذا غلط منه لأنه لو كان زائدة لم يكن ينصب خبرها و الدليل عليه البيت الذي أنشده :
و جيران لنا كانوا كرام و لم يقل كراما قال علي بن عيسى إنما دخلت « كان » ليدل على أن ذلك قبل تلك الحال فاحشة أيضا كما دخلت في قوله و كان الله غفورا رحيما و قوله « و ساء سبيلا » أي بئس طريقا ذلك الطريق فسبيلا منصوب على التمييز و فاعل ساء مضمر يفسره الظاهر و المخصوص بالذم محذوف .

النزول
قيل نزلت فيما كان يفعله أهل الجاهلية من نكاح امرأة الأب عن ابن عباس و قتادة و عكرمة و عطاء و قالوا تزوج صفوان بن أمية امرأة أبيه فاختة بنت الأسود بن المطلب
مجمع البيان ج : 3 ص : 44
و تزوج حصين بن أبي قيس امرأة أبيه كبيشة بنت معن و تزوج منظور بن ريان بن المطلب امرأة أبيه مليكة بنت خارجة قال أشعث بن سوار توفي أبو قيس و كان من صالحي الأنصار فخطب ابنه قيس امرأة أبيه فقالت إني أعدك ولدا و أنت من صالحي قومك و لكني آتي رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فاستأمره فأتته فأخبرته فقال لها رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ارجعي إلى بيتك فأنزل الله هذه الآية .

المعنى
لما تقدم ذكر شرائط النكاح عقبه تعالى بذكر من تحل له من النساء و من لا تحل فقال « و لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء » أي لا تتزوجوا ما تزوج آباؤكم و قيل ما وطأ آباؤكم من النساء حرم عليكم ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من نكاح امرأة الأب عن ابن عباس و قتادة و عطاء و عكرمة و قيل أن تقديره لا تنكحوا نكاح آبائكم أي مثل نكاح آبائكم فيكون « ما نكح » بمنزلة المصدر و تكون ما حرفا موصولا فعلى هذا يكون النهي عن حلائل الآباء و كل نكاح كان لهم فاسد و هو اختيار الطبري و في الوجه الأول يكون ما اسما موصولا يحتاج إلى عائد من صلته إليه قال الطبري أن الوجه الثاني أجود لأنه لو أراد حلائل الآباء لقال لا تنكحوا من نكح آباؤكم و قد أجيب عن ذلك بأنه يجوز أن يكون ذهب به مذهب الجنس كما يقول القائل لا تأخذ ما أخذ أبوك من الإماء فيذهب به مذهب الجنس ثم يفسره بمن « إلا ما قد سلف » فإنكم لا تؤاخذون به و قيل معناه إلا ما قد سلف فدعوه فهو جائز لكم قال البلخي و هذا خلاف الإجماع و ما علم من دين رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و قيل معناه لكن ما سلف فاجتنبوه و دعوه عن قطرب و قيل إنما استثني ما قد مضى ليعلم أنه لم يكن مباحا لهم « إنه كان فاحشة » أي زنا « و مقتا » أي بغضا يعني يورث بغض الله و يجوز أن يكون الهاء في إنه عائدا إلى النكاح بعد النهي فيكون معناه أن نكاح امرأة الأب فاحشة أي معصية محرمة قبيحة و يجوز أن يكون عائدا إلى النكاح الذي كان عليه أهل الجاهلية أي أنه كان فاحشة قبل هذا و لا يكون كذلك إلا و قد قامت عليكم الحجة بتحريمه من قبل الرسل و الأول أقوى و هذا اختيار الجبائي قال و تكون السلامة مما قد سلف في الإقلاع منه بالتوبة و الإبانة قال البلخي و ليس كل نكاح حرمه الله يكون زنا لأن الزنا فعل مخصوص لا يجري على طريقة لازمة و لا سنة جارية و لذلك لا يقال للمشركين في الجاهلية أولاد زنا و لا لأولاد أهل الذمة و المعاهدين أولاد زنا إذ كان ذلك عقدا بينهم يتعارفونه و قوله « و ساء سبيلا » أي بئس الطريق ذلك النكاح الفاسد و في هذه الآية دلالة على أن كل من عقد عليها الأب من النساء تحرم على الابن دخل بها الأب أو لم يدخل و هذا إجماع فإن دخل بها الأب على وجه
مجمع البيان ج : 3 ص : 45
السفاح فهل تحرم على الابن ففيه خلاف و عموم الآية يقتضي أنه يحرم عليه لأن النكاح قد يعبر به عن الوطء و هو الأصل فيه كما يعبر به عن العقد فينبغي أن تحمل اللفظ في الآية على الأمرين و امرأة الأب و إن علا تحرم على الابن و إن سفل بلا خلاف .
حُرِّمَت عَلَيْكمْ أُمَّهَتُكُمْ وَ بَنَاتُكُمْ وَ أَخَوَتُكمْ وَ عَمَّتُكُمْ وَ خَلَتُكُمْ وَ بَنَات الأَخ وَ بَنَات الأُخْتِ وَ أُمَّهَتُكمُ الَّتى أَرْضعْنَكُمْ وَ أَخَوَتُكم مِّنَ الرَّضعَةِ وَ أُمَّهَت نِسائكمْ وَ رَبَئبُكمُ الَّتى فى حُجُورِكم مِّن نِّسائكُمُ الَّتى دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكمْ وَ حَلَئلُ أَبْنَائكمُ الَّذِينَ مِنْ أَصلَبِكمْ وَ أَن تَجْمَعُوا بَينَ الأُخْتَينِ إِلا مَا قَدْ سلَف إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَّحِيماً(23)
اللغة
الربائب جمع ربيبة و هي بنت زوجة الرجل من غيره سميت بذلك لتربيته إياها فهي في معنى مربوبة نحو قتيلة في موضع مقتولة و يجوز أن تسمى ربيبة سواء تولى تربيتها أو لم يتول و سواء كانت في حجره أو لم تكن لأنه إذا تزوج بأمها فهو رابها و هي ربيبته و العرب تسمي الفاعلين و المفعولين بما يقع بهم و يوقعونه يقولون هذا مقتول و إن لم يقتل بعد و هذا ذبيح و إن لم يذبح بعد إذا كان يراد ذبحه و قتله و كذلك يقولون هذا أضحية لما أعد للتضحية و هذه قتوبة و حلوبة أي هي مما تقتب و تحلب و قد يقال لزوج المرأة ربيب ابن امرأته بمعنى أنه رابه كما يقال شهيد و خبير بمعنى شاهد و خابر و الحلائل جمع الحليلة و هي بمعنى المحللة مشتقة من الحلال و الذكر حليل و جمعه أحلة كعزيز و أعزة سميا بذلك لأن كل واحد منهما يحل له مباشرة صاحبه و قيل هو من الحلول لأن كل واحد منهما يحال صاحبه أي يحل معه في الفراش .

مجمع البيان ج : 3 ص : 46
المعنى
ثم بين المحرمات من النساء فقال « حرمت عليكم أمهاتكم » لا بد فيه من محذوف لأن التحريم لا يتعلق بالأعيان و إنما يتعلق بأفعال المكلف ثم يختلف باختلاف ما أضيف إليه فإذا أضيف إلى مأكول نحو قوله حرمت عليكم الميتة و الدم فالمراد الأكل و إذا أضيف إلى النساء فالمراد العقد فالتقدير حرم عليكم نكاح أمهاتكم فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه لدلالة مفهوم الكلام عليه و كل امرأة رجع نسبك إليها بالولادة من جهة أبيك أو من جهة أمك بإناث رجعت إليها أو بذكور فهي أمك « و بناتكم » أي و نكاح بناتكم و كل امرأة رجع نسبها إليك بالولادة بدرجة أو درجات بإناث رجع نسبها إليك بذكور فهي بنتك « و أخواتكم » هي جمع الأخت و كل أنثى ولدها شخص ولدك في الدرجة الأولى فهي أختك « و عماتكم » هي جمع العمة و كل ذكر رجع نسبك إليه فأخته عمتك و قد تكون العمة من جهة الأم مثل أخت أبي أمك و أخت جد أمك فصاعدا « و خالاتكم » و هي جمع الخالة و كل أنثى رجع نسبها إليها بالولادة فأختها خالتك و قد تكون الخالة من جهة الأب مثل أخت أم أبيك أو أخت جدة أبيك فصاعدا و إذا خاطب تعالى المكلفين بلفظ الجمع كقوله « حرمت عليكم » ثم أضاف المحرمات بعده إليهم للفظ الجمع فالآحاد تقع بإزاء الآحاد فكأنه قال حرم على كل واحد منكم نكاح أمه و من يقع عليها اسم الأم و نكاح بنته و من يقع عليها اسم البنت و كذلك الجميع « و بنات الأخ و بنات الأخت » فهذا أيضا على ما ذكرناه جمع بإزاء جمع فيقع الآحاد بإزاء الآحاد و التحديد في هؤلاء كالتحديد في بنات الصلب و هؤلاء السبع هن المحرمات بالنسب و قد صح عن ابن عباس أنه قال حرم الله من النساء سبعا بالسبب و تلا الآية ثم قال و السابعة و لا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء ثم ذكر سبحانه المحرمات بالسبب فقال « و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم » سماهن أمهات للحرمة و كل أنثى انتسبت إليها باللبن فهي أمك فالتي أرضعتك أو أرضعت امرأة أرضعتك أو رجلا أرضعت بلبانه من زوجته أو أم ولد له فهي أمك من الرضاعة و كذلك كل امرأة ولدت امرأة أرضعتك أو رجلا أرضعك فهي أمك من الرضاعة « و أخواتكم من الرضاعة » يعني بنات المرضعة و هن ثلاث الصغيرة الأجنبية التي أرضعتها أمك بلبان أبيك سواء أرضعتها معك أو مع ولدها قبلك أو بعدك و الثانية أختك لأمك دون أبيك و هي التي أرضعتها أمك بلبان غير أبيك و الثالثة أختك لأبيك دون أمك و هي التي أرضعتها زوجة
مجمع البيان ج : 3 ص : 47
أبيك بلبن أبيك و أم الرضاعة و أخت الرضاعة لو لا الرضاعة لم تحرما فإن الرضاعة سبب تحريمهما و كل من تحرم بالنسب من اللاتي مضى ذكرهن تحرم أمثالهن بالرضاع لقول النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب فثبت بهذا الخبر أن السبع من المحرمات بالنسب على التفصيل الذي ذكره محرمات بالرضاع و الكلام في الرضاع يشتمل على ثلاثة فصول ( أحدها ) مدة الرضاع و قد اختلف فيها فقال أكثر أهل العلم لا يحرم إلا ما كان في مدة الحولين و هو مذهب أصحابنا و به قال الشافعي و أبو يوسف و محمد و قال أبو حنيفة مدة الرضاع حولان و نصف و قال مالك حولان و شهر و اتفقوا على أن رضاع الكبير لا يحرم ( و ثانيها ) قدر الرضاع و قد اختلف فيه أيضا فقال أبو حنيفة إن قليله و كثيره يحرم و روي ذلك عن ابن عمر و ابن عباس و هو مذهب مالك و الأوزاعي و قال الشافعي إنما يحرم خمس رضعات و به قالت عائشة و سعيد بن جبير و قال أصحابنا لا يحرم إلا ما أنبت اللحم و شد العظم و إنما يعتبر ذلك برضاع يوم و ليلة لا يفصل بينه برضاع امرأة أخرى أو بخمس عشرة رضعة متواليات لا يفصل بينها برضاع امرأة أخرى و قال بعض أصحابنا المحرم عشر رضعات متواليات ( و ثالثها ) كيفية الرضاع فعند أصحابنا لا يحرم إلا ما وصل إلى الجوف من الثدي في المجرى المعتاد الذي هو الفم فأما ما يوجر أو يسعط أو يحقن به فلا يحرم بحال و لبن الميتة لا حرمة له في التحريم و في جميع ذلك خلاف و قوله « و أمهات نسائكم » أي حرم عليكم نكاحهن و هذا يتضمن تحريم نكاح أمهات الزوجات و جداتهن قربن أو بعدن من أي وجه كن سواء كن من النسب أو من الرضاع و هن يحرمن بنفس العقد على البنت سواء دخل بالبنت أو لم يدخل لأن الله تعالى أطلق التحريم و لم يقيده بالدخول « و ربائبكم » يعني بنات نسائكم من غيركم « اللاتي في حجوركم » و هو جمع حجر الإنسان و المعنى في ضمانكم و تربيتكم و يقال فلان في حجر فلان أي في تربيته و لا خلاف بين العلماء أن كونهن في حجره ليس بشرط في التحريم و إنما ذكر ذلك لأن الغالب أنها تكون كذلك و هذا يقتضي تحريم بنت المرأة من غير زوجها على زوجها و تحريم بنت ابنها و بنت بنتها قربت أم بعدت لوقوع اسم الربيبة عليهن « من نسائكم اللاتي دخلتم بهن » و هذه نعت لأمهات الربائب لا غير لحصول الإجماع على أن الربيبة تحل إذا لم يدخل بأمها قال المبرد و اللاتي دخلتم بهن نعت للنساء اللواتي هن أمهات الربائب لا غير و الدليل على ذلك إجماع الناس على أن الربيبة تحل إذا لم يدخل بأمها و من أجاز أن يكون قوله « من نسائكم اللاتي دخلتم بهن » هو لأمهات نسائكم فيكون المعنى و أمهات نسائكم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن و يخرج أن
مجمع البيان ج : 3 ص : 48
يكون اللاتي دخلتم بهن لأمهات الربائب قال الزجاج و الدليل على صحة ذلك أن الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدا لا يجيز النحويون مررت بنسائك و هربت من نساء زيد الظريفات على أن تكون الظريفات نعتا لهؤلاء النساء و هؤلاء النساء و روى العياشي في تفسيره بإسناده عن إسحاق بن عمار عن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) قال إن عليا كان يقول الربائب عليكم حرام من الأمهات اللاتي قد دخلتم بهن كن في الحجور أو في غير الحجور و الأمهات مبهمات دخل بالبنات أو لم يدخل بهن فحرموا ما حرم الله و أبهموا ما أبهم الله و اختلف في معنى الدخول على قولين ( أحدهما ) أن المراد به الجماع عن ابن عباس ( و الآخر ) أنه الجماع و ما يجري مجراه من المسيس و التجريد عن عطاء و هو مذهبنا و في ذلك خلاف بين الفقهاء « فإن لم تكونوا دخلتم بهن » يعني بأم الربيبة « فلا جناح عليكم » أي لا إثم عليكم في نكاح بناتهن إذا طلقتموهن أو متن « و حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم » أي و حرم عليكم نكاح أزواج أبنائكم ثم أزال الشبهة في أمر زوجة المتبني به فقال « الذين من أصلابكم » لئلا يظن أن زوجة المتبني به تحرم على المتبني و روي عن عطاء أن هذه نزلت حين نكح النبي امرأة زيد بن حارثة فقال المشركون في ذلك فنزل « و حلائل أبنائكم الذين من أصلابكم » و قوله و ما جعل أدعياءكم أبناءكم و ما كان محمد أبا أحد من رجالكم و أما حلائل الأبناء من الرضاعة فمحرمات أيضا بقوله إن الله حرم من الرضاعة ما حرم من النسب « و أن تجمعوا بين الأختين » أي و حرم عليكم الجمع بين الأختين لأن أن مع صلتها في حكم المصدر و هذا يقتضي تحريم الجمع بين الأختين في العقد على الحرائر و تحريم الجمع بينهما في الوطء بملك اليمين فإذا وطىء إحداهما فقد حرمت عليه الأخرى حتى تخرج تلك من ملكه و هو قول الحسن و أكثر المفسرين و الفقهاء « إلا ما قد سلف » استثناء منقطع و معناه لكن ما قد سلف لا يؤاخذكم الله به و ليس المراد به أن ما قد سلف حال النهي يجوز استدامته بلا خلاف و قيل معناه إلا ما كان من يعقوب إذ جمع بين الأختين ليا أم يهوذا و راحيل أم يوسف عن عطاء و السدي « إن الله كان غفورا رحيما » لا يؤاخذكم الله بحكم ما قد سلف من هذه الأنكحة قبل نزول التحريم و كل ما حرم الله في هذه الآية فإنما هو على وجه التأبيد سواء كن مجتمعات أو متفرقات إلا الأختين فإنهما يحرمان على وجه الجمع دون الانفراد و يمكن أن يستدل بهذه الآية على أن هؤلاء المحرمات من ذوات الأنساب لا يصح أن تملك واحدة منهن لأن التحريم عام و المحرمات بالنسب أو السبب على وجه التأبيد يسمون مبهمات لأنهن يحرمن من جميع الجهات و هي مأخوذة من البهيم الذي لا
مجمع البيان ج : 3 ص : 49
يخالط معظم لونه لون آخر يقال فرس بهيم لا شية له « إن الله كان غفورا » يغفر الذنوب « رحيما » يرحم العباد المؤمنين .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page