• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء السادس سورة المائدة 42 الی45


مجمع البيان ج : 3 ص : 303
سمَّعُونَ لِلْكَذِبِ أَكلُونَ لِلسحْتِ فَإِن جَاءُوك فَاحْكُم بَيْنهُمْ أَوْ أَعْرِض عَنهُمْ وَ إِن تُعْرِض عَنْهُمْ فَلَن يَضرُّوك شيْئاً وَ إِنْ حَكَمْت فَاحْكُم بَيْنهُم بِالْقِسطِ إِنَّ اللَّهَ يحِب الْمُقْسِطِينَ(42) وَ كَيْف يحَكِّمُونَك وَ عِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِك وَ مَا أُولَئك بِالْمُؤْمِنِينَ(43)
القراءة
السحت بضم السين و الحاء مكي بصري و الكسائي و أبو جعفر و قرأ الباقون « السحت » بإسكان الحاء .

الحجة
قال أبو علي السحت و السحت لغتان و يستمر التخفيف و التثقيل في هذا النحو و هما اسم الشيء المسحوت كما أوقع الضرب على المضروب في قولهم هذا الدرهم ضرب الأمير و الصيد على المصيد في قوله « و لا تقتلوا الصيد و أنتم حرم » .

اللغة
أصل السحت الاستئصال يقال سحته و أسحته أي استأصله و من أسحت قول الفرزدق :
و عض زمان يا ابن مروان لم يدع
من المال إلا مسحتا أو مجلف و يقال للحالق أسحت أي استأصل و فلان مسحوت المعدة إذا كان أكولا لا يشبع و أسحت ماله أفسده و أذهبه و الحكم هو فصل الأمر على وجه الحكمة فيما يفصل به و قد يفصل به لبيان أنه الحق و قد يفصل بإلزام الحق و الأخذ به كما يفصل الحاكم بين الخصوم بما يقطع الخصومة و يثبت القضية ، و التولي الانصراف عن الشيء و التولي عن الحق الترك له و هو خلاف التولي إليه لأنه الإقبال عليه و التولي له هو صرف النصرة و المعونة إليه .

المعنى
ثم وصفهم تعالى فقال « سماعون للكذب » قد مر تفسيره أعاد الله تعالى ذمهم على استماع الكذب أو قبوله تأكيدا و تشديدا و مبالغة في الزجر عنه « أكالون للسحت » أي يكثرون الأكل للسحت و هو الحرام و روي عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أن السحت هو الرشوة في الحكم و هو المروي عن ابن مسعود و الحسن و قيل السحت هو الرشوة في الحكم و مهر البغي و كسب الحجام و عسيب الفحل و ثمن الكلب و ثمن الخمر و ثمن الميتة و حلوان الكاهن و الاستجعال في المعصية عن علي (عليه السلام) و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن السحت أنواع كثيرة فأما الرشى في الحكم فهو الكفر بالله و قيل في اشتقاق السحت أقوال
مجمع البيان ج : 3 ص : 304
( أحدها ) أن الحرام إنما سمي سحتا لأنه يعقب عذاب الاستئصال و البوار عن الزجاج ( و ثانيها ) أنه إنما سمي سحتا لأنه لا بركة فيه لأهله فيهلك هلاك الاستئصال عن الجبائي ( و ثالثها ) أنه إنما سمي سحتا لأنه القبيح الذي فيه العار نحو ثمن الكلب و الخمر فعلى هذا يسحت مروءة الإنسان عن الخليل « فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم » أراد به اليهود الذين تحاكموا إلى النبي في حد الزنا عن ابن عباس و الحسن و مجاهد و قيل أراد بني قريظة و بني النضير لما تحكموا إليه فخيره الله تعالى بين أن يحكم بينهم و بين أن يعرض عنهم عن ابن عباس في رواية أخرى و قتادة و ابن زيد و الظاهر في روايات أصحابنا أن هذا التخيير ثابت في الشرع للأئمة و الحكام و هو قول قتادة و عطاء و الشعبي و إبراهيم و قيل أنه منسوخ بقوله و أن احكم بينهم بما أنزل الله عن الحسن و مجاهد و عكرمة « و إن تعرض عنهم » أي عن الحكم بينهم « فلن يضروك شيئا » أي لا يقدرون لك على ضرر في دين أو دنيا فدع النظر بينهم أن شئت « و إن حكمت » أي و إن اخترت أن تحكم « فاحكم بينهم بالقسط » أي العدل و قيل بما في القرآن و شريعة الإسلام « إن الله يحب المقسطين » أي العادلين « و كيف يحكمونك » أي كيف يحكمك يا محمد هؤلاء اليهود فيهم فيرضون بك حكما « و عندهم التوراة » التي أنزلناها على موسى و هي التي يقرون بها أنها كتابي الذي أنزلته و أنه حق و إن ما فيه من حكمي يعلمونه و لا يتناكرونه « فيها حكم الله » أي أحكامه التي لم تنسخ عن أبي علي و قيل عنى به الحكم بالرجم عن الحسن و قيل معناه فيها حكم الله بالقود عن قتادة « ثم يتولون من بعد ذلك » أي يتركون الحكم به جرأة علي و في هذا تعجيب للنبي و تقريع لليهود الذين نزلت الآية فيهم فكأنه قال كيف تقرون أيها اليهود بحكم نبيي محمد مع إنكاركم نبوته و تكذيبكم إياه و أنتم تتركون حكمي الذي تقرون بوجوبه و تعترفون بأنه جاءكم من عندي و قوله « من بعد ذلك » إشارة إلى حكم الله في التوراة عن عبد الله بن كثير و قيل « من بعد ذلك » أي من بعد تحكيمك أو حكمك بالرجم لأنهم ليسوا منه على ثقة و إنما طلبوا به الرخصة « و ما أولئك بالمؤمنين » أي و ما هم بمؤمنين بحكمك أنه من عند الله مع جحدهم نبوتك و قيل أن هذا إخبار من الله سبحانه عن أولئك اليهود أنهم لا يؤمنون بالنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و بحكمه .

مجمع البيان ج : 3 ص : 305
إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَ نُورٌ يحْكُمُ بهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَ الرَّبَّنِيُّونَ وَ الأَحْبَارُ بِمَا استُحْفِظوا مِن كِتَبِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شهَدَاءَ فَلا تَخْشوُا النَّاس وَ اخْشوْنِ وَ لا تَشترُوا بِئَايَتى ثَمَناً قَلِيلاً وَ مَن لَّمْ يحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئك هُمُ الْكَفِرُونَ(44)
القراءة
قرأ أهل البصرة و أبو جعفر و إسماعيل عن نافع و اخشوني بياء في الوصل و يعقوب يقف بالياء أيضا و الباقون « و اخشون » بغير ياء في الوقف و الوصل .

الحجة
قال أبو علي الإثبات حسن لأن الفواصل في أنها أواخر الآي مثل القوافي في أنها أواخر الأبيات فمما حذف منه الياء في القوافي قول الأعشى :
فهل يمنعني ارتيادي البلاد
من حذر الموت أن يأتين
و من شانىء كاسف وجهه
إذا ما انتسبت له أنكرن .

اللغة
الربانيون فسرناه فيما مضى و هم العلماء البصراء بسياسة الأمور و تدبير الناس و الأحبار جمع حبر و هو العالم مشتق من التحبير و هو التحسين فالعالم يحسن الحسن و يقبح القبيح قال الفراء أكثر ما سمعت فيه حبر بالكسر .

الإعراب
الباء في قوله « بما استحفظوا » يتعلق بالأحبار فكأنه قال العلماء بما استحفظوا و قال الزجاج تقديره يحكمون للتائبين من الكفر بما استحفظوا .

المعنى
لما بين الله تعالى أن اليهود تولوا عن أحكام التوراة وصف التوراة و ما أنزل فيها فقال « إنا أنزلنا التوراة فيها هدى » أي بيان للحق و دلالة على الأحكام « و نور » أي ضياء لكل ما تشابه عليهم و جلاء لما أظلم عليهم عن ابن عباس و قيل معناه « فيها هدى » بيان للحكم الذي جاءوا يستفتون فيه النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) « و نور » بيان أن أمر النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) حق عن الزجاج « يحكم بها النبيون الذين أسلموا » معناه يحكم بالتوراة النبيون الذين أذعنوا بحكم الله و أقروا به و نبينا داخل فيهم عن الحسن و قتادة و عكرمة و السدي و الزهري و قال أكثرهم هو
مجمع البيان ج : 3 ص : 306
المعني بذلك لما حكم في رجم المحصن و هذا لا يدل على أنه كان متعبدا بشرع موسى لأن الله هو الذي أوجب ذلك بوحي أنزله عليه لا بالرجوع إلى التوراة فصار ذلك شرعا له و إن وافق ما في التوراة و نبه بذلك اليهود على صحة نبوته من حيث أخبر عما في التوراة من غامض العلم الذي قد التبس على كثير منهم و قد عرفوا جميعا أنه لم يقرأ كتابهم و لم يرجع في ذلك إلى علمائهم فكان من دلائل صدقه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و قيل يريد بالنبيين الأنبياء الذين كانوا بعد موسى و ذلك أنه كان في بني إسرائيل ألوف من الأنبياء بعثهم الله لإقامة التوراة يحدون حدودها و يحلون حلالها و يحرمون حرامها عن ابن عباس فمعناه يقضي بها النبيون الذين أسلموا من وقت موسى إلى وقت عيسى وصفهم بالإسلام لأن الإسلام دين الله فكل نبي مسلم و ليس كل مسلم نبيا و قوله « للذين هادوا » أي تابوا عن الكفر عن ابن عباس و قيل لليهود و اللام فيه يتعلق بيحكم أي يحكمون بالتوراة لهم و فيما بينهم قال الزجاج و جائز أن يكون المعنى على التقديم و التأخير و تقديره إنا أنزلنا التوراة فيها هدى و نور للذين هادوا يحكم بها النبيون الذين أسلموا « و الربانيون » الذين علت درجاتهم في العلم و قيل الذين يعملون بما يعلمون « و الأحبار » العلماء الخيار عن الزجاج « بما استحفظوا » به أي بما استودعوا « من كتاب الله » عن ابن عباس و قيل بما أمروا بحفظ ذلك و القيام به و ترك تضييعه عن الجبائي « و كانوا عليه شهداء » أي و كانوا على حكم النبي في الرجم أنه ثابت في التوراة شهداء عن ابن عباس و قيل كانوا شهداء على الكتاب أنه من عند الله وحده لا شريك له عن عطاء « فلا تخشوا الناس و اخشون » أي لا تخشوا يا علماء اليهود الناس في إظهار صفة النبي محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و أمر الرجم و اخشوني في كتمان ذلك عن السدي و الكلبي و قيل الخطاب للنبي و أمته أي لا تخشوهم في إقامة الحدود و إمضائها على أهلها كائنا من كان و اخشوني في ترك أمري فإن النفع و الضر بيدي عن الحسن « و لا تشتروا ب آياتي ثمنا قليلا » أي لا تأخذوا بترك الحكم الذي أنزلته على موسى أيها الأحبار عوضا خسيسا و هو الثمن القليل نهاهم الله تعالى بهذا عن أكل السحت على تحريفهم كتاب الله و تغييرهم حكمه « و من لم يحكم بما أنزل الله » معناه من كتم حكم الله الذي أنزله في كتابه و أخفاه و حكم بغيره من رجم المحصن و القود « فأولئك هم الكافرون » اختلف في ذلك فمنهم من أجرى ظاهره على العموم عن ابن مسعود و الحسن و إبراهيم و منهم من خصه بالجاحد لحكم الله عن ابن عباس و منهم من قال هم اليهود خاصة عن الجبائي فإنه قال لا حجة للخوارج فيها من حيث هي خاصة في اليهود و اختار علي بن عيسى القول الأول و لذلك
مجمع البيان ج : 3 ص : 307
يقول من حكم بغير ما أنزل الله مستحلا لذلك فهو كافر و روى البراء بن عازب عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أن قوله « و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون » و بعده « فأولئك هم الظالمون » و بعده « فأولئك هم الفاسقون » كل ذلك في الكفار خاصة أورده مسلم في الصحيح و به قال ابن مسعود و أبو صالح و الضحاك و عكرمة و قتادة .
وَ كَتَبْنَا عَلَيهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْس بِالنَّفْسِ وَ الْعَينَ بِالْعَينِ وَ الأَنف بِالأَنفِ وَ الأُذُنَ بِالأُذُنِ وَ السنَّ بِالسنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَن تَصدَّقَ بِهِ فَهُوَ كفَّارَةٌ لَّهُ وَ مَن لَّمْ يحْكم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئك هُمُ الظلِمُونَ(45)
القراءة
قرأ الكسائي العين و ما بعده كله بالرفع و قرأ أبو جعفر و ابن كثير و ابن عامر و أبو عمر كلها بالنصب إلا قوله و الجروح قصاص فإنهم قرءوا بالرفع و الباقون ينصبون جميع ذلك و كلهم ثقل الأذن إلا نافعا فإنه خففها في كل القرآن .

الحجة
قال أبو علي حجة من نصب « العين » و ما بعده أنه عطف ذلك كله على أن يجعل الواو للاشتراك في نصب أن و لم يقطع الكلام عما قبله كما فعل ذلك من رفع و أما من رفع بعد النصب فقال أن النفس بالنفس و العين بالعين فإنه يحتمل ثلاثة أوجه ( أحدها ) أن تكون الواو عاطفة جملة على جملة كما يعطف المفرد على المفرد ( و الثاني ) أنه حمل الكلام على المعنى لأنه إذا قال « و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس » فمعناه قلنا لهم النفس بالنفس فحمل العين بالعين على هذا كما أنه لما كان المعنى في قوله « يطاف عليهم بكأس من معين » يمنحون كأسا من معين حمل حورا عينا على ذلك كأنه يمنحون كأسا و يمنحون حورا عينا و من ذلك قوله :
بادت و غير آيهن مع البلى
إلا رواكد جمرهن هباء
و مشجج أما سواء قذاله
فبدا و غيب سارة المعزاء
مجمع البيان ج : 3 ص : 308
لما كان المعنى في :
بادت و غير آيهن إلا رواكد ) بها رواكد حمل مشججا عليه فكأنه قال هناك رواكد و مشجج و مثل هذا في الحمل على المعنى كثير و أقول إن من هذا القبيل بيت الفرزدق الذي آخره إلا مسحتا أو مجلف و قد ذكرناه قبل لأنه لما كان المعنى لم يبق من المال إلا مسحت حمل مجلفا عليه و الوجه الثالث أن يكون عطف قوله « و العين بالعين » على الذكر المرفوع في الظرف الذي هو الخبر و إن لم يؤكد المعطوف عليه بالضمير المنفصل كما أكد في نحو قوله أنه يراكم هو و قبيله أ لا ترى أنه قد جاء لو شاء الله ما أشركنا و لا آباؤنا فلم يؤكد بالمنفصل كما أكد في الآية الأخرى قال فإن قلت فإن لا في قوله و لا آباؤنا عوض من التأكيد لأن الكلام قد طال كما في حضر القاضي اليوم امرأة قيل هذا إنما يستقيم أن يكون عوضا إذا وقع قبل حرف العطف فأما إذا وقع بعد حرف العطف فإنه لم يسد ذلك المسد و أما قوله « و الجروح قصاص » فمن رفعه فإنه يحتمل هذه الوجوه الثلاثة التي ذكرناها و يجوز أن يستأنف الجروح قصاص استئناف إيجاب و ابتداء شريعة لا على أنه مكتوب عليهم في التوراة و يقوي أنه من المكتوب عليهم في التوراة نصب من نصب فقال « و الجروح قصاص » و أما التخفيف في الأذن فلعله مثل السحت و السحت و قد تقدم القول في ذلك .

المعنى
ثم بين سبحانه حكم التوراة في القصاص فقال « و كتبنا » أي فرضنا « عليهم » أي على اليهود الذين تقدم ذكرهم « فيها » أي في التوراة « أن النفس بالنفس » معناه إذا قتلت نفس نفسا أخرى عمدا فإنه يستحق عليه القود إذا كان القاتل عاقلا مميزا و كان المقتول مكافئا للقاتل أما بأن يكونا مسلمين حرين أو كافرين أو مملوكين فأما إذا كان القاتل حرا مسلما و المقتول كافرا أو مملوكا ففي وجوب القصاص هناك خلاف بين الفقهاء و عندنا لا يجب القصاص و به قال الشافعي و قال الضحاك لم يجعل في التوراة دية في نفس و لا جرح إنما كان العفو أو القصاص « و العين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن و السن بالسن » قال العلماء كل شخصين جرى القصاص بينهما في النفس جرى القصاص بينهما في العين و الأنف و الأذن و السن و جميع الأطراف إذا تماثلا في السلامة من الشلل و إذا امتنع القصاص في النفس امتنع أيضا في الأطراف « و الجروح قصاص » هذا عام في كل ما يمكن أن يقتص فيه مثل الشفتين و الذكر و الأنثيين و اليدين و الرجلين و غيرهما و يقتص الجراحات بمثلها
مجمع البيان ج : 3 ص : 309
الموضحة بالموضحة و الهاشمة بالهاشمة و المنقلة بالمنقلة إلا المأمومة و الجائفة فإنه لا قصاص فيهما و هي التي تبلغ أم الرأس و التي تبلغ الجوف في البدن لأن في القصاص فيهما تغرير بالنفس و أما ما لا يمكن القصاص فيه من رضة لحم أو فكة عظم أو جراحة يخاف منها التلف ففيه أروش مقدرة و القصاص هنا مصدر يراد به المفعول أي و الجروح متقاصة بعضها ببعض و أحكام الجراحات و تفاصيل الأروش في الجنايات كثيرة و فروعها جمة موضعها كتب الفقه « فمن تصدق به » أي بالقصاص الذي وجب له تصدق به على صاحبه بالعفو و أسقطه عنه « فهو » أي التصدق « كفارة له » أي للمتصدق الذي هو المجروح أو ولي الدم هذا قول أكثر المفسرين و قيل إن معناه فمن عفا فهو مغفرة له عند الله و ثواب عظيم عن ابن عمر و ابن عباس في رواية عطاء و الحسن و الشعبي و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما عفا من جراح أو غيره و روى عبادة بن الصامت أن النبي قال من تصدق من جسده بشيء كفر الله عنه بقدره من ذنوبه و قيل إن الضمير في له يعود إلى المتصدق عليه أي كفارة للمتصدق عليه لأنه يقوم مقام أخذ الحق منه عن ابن عباس في رواية سعيد بن جبير و مجاهد و إبراهيم و زيد بن أسلم و على هذا فإن الجاني إذا عفا عنه المجني عليه كان العفو كفارة لذنب الجاني لا يؤاخذ به في الآخرة و القول الأول أظهر لأن العائد فيه يرجع إلى مذكور و هو من و في القول الثاني يعود إلى مدلول عليه و هو المتصدق عليه يدل عليه قوله « فمن تصدق به » « و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون » قيل هم اليهود الذين لم يحكموا بما أنزل الله و قيل هو عام في كل من حكم بخلاف ما أنزل الله فيكون ظالما لنفسه بارتكاب المعصية الموجبة للعقاب و هذا الوجه يوجب أن يكون ما تقدم ذكره من الأحكام يجب العمل به في شريعتنا و إن كان مكتوبا في التوراة .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page