• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء السادس سورة المائدة 46 الی50


مجمع البيان ج : 3 ص : 310
وَ قَفَّيْنَا عَلى ءَاثَرِهِم بِعِيسى ابْنِ مَرْيَمَ مُصدِّقاً لِّمَا بَينَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَ ءَاتَيْنَهُ الانجِيلَ فِيهِ هُدًى وَ نُورٌ وَ مُصدِّقاً لِّمَا بَينَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَ هُدًى وَ مَوْعِظةً لِّلْمُتَّقِينَ(46) وَ لْيَحْكمْ أَهْلُ الانجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَ مَن لَّمْ يحْكم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئك هُمُ الْفَسِقُونَ(47)
القراءة
قرأ حمزة وحده و ليحكم بكسر اللام و نصب الميم و الباقون « و ليحكم » بالجزم و سكون اللام على الأمر .

الحجة
حجة حمزة أنه جعل اللام متعلقا بقوله « و آتيناه الإنجيل » فإن معناه و أنزلنا عليه الإنجيل فصار بمنزلة أنزلنا عليك الكتاب ليحكم و حجة من قرأ بالجزم أنه بمنزلة قوله و أن احكم بينهم بما أنزل الله فكما أمر النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) بذلك فكذلك أمروا به بالإنجيل .

اللغة
القفو اتباع الأثر يقال قفاه يقفوه و التقفية الاتباع يقال قفيته بكذا أي اتبعته و إنما سميت قافية الشعر قافية لأنها تتبع الوزن و الآثار جمع الأثر و هو العلم الذي يظهر للحس و آثار القوم ما أبقوا من أعمالهم و المأثرة المكرمة التي يأثرها الخلف عن السلف لأنها علم يظهر فضله للنفس و الأثير الكريم على القوم لأنهم يؤثرونه بالبر و منه الإيثار للاختيار فإنه إظهار فضل أحد العملين على الآخر و قد مر تفسير الإنجيل في أول آل عمران و الوعظ و الموعظة هي الزجر عما يكرهه الله إلى ما يحبه و التنبيه عليه .

الإعراب
قوله « بعيسى بن مريم مصدقا » نصب مصدقا على الحال و هدى رفع بالابتداء و فيه خبره قدم عليه و نور عطف على هدى و « مصدقا لما بين يديه من التوراة » نصب على الحال و ليس بتكرير لأن الأول حال لعيسى و بيان أنه يدعو إلى التصديق بالتوراة و الثاني حال من الإنجيل و بيان أن فيه ذكر التصديق بالتوراة و هما مختلفان و هو عطف على موضع قوله « فيه هدى » لأنه نصب على الحال و تقديره آتيناه الإنجيل مستقرا فيه هدى و نور مصدقا و هدى في موضع نصب بالعطف على مصدقا و موعظة عطف على هدى و التقدير و هاديا و واعظا .

المعنى
لما قدم تعالى ذكر اليهود أتبعه بذكر النصارى فقال « و قفينا على آثارهم » أي و أتبعنا على آثارهم النبيين الذين أسلموا عن أكثر المفسرين و اختاره علي بن عيسى و البلخي و قيل معناه على آثار الذين فرضنا عليهم الحكم الذي مضى ذكره عن الجبائي و الأول أجود في العربية و أوضح في المعنى « بعيسى بن مريم » أي بعثناه رسولا من بعدهم
مجمع البيان ج : 3 ص : 311
« مصدقا لما بين يديه » أي لما مضى « من التوراة » التي أنزلت على موسى صدق بها و آمن بها و إنما قال لما مضى قبله لما بين يديه لأنه إذا كان يأتي بعده خلفه فالذي مضى قبله يكون قدامه و بين يديه « و آتيناه » أي و أعطينا عيسى الكتاب المسمى الإنجيل و المعنى و أنزلنا عليه « الإنجيل فيه » يعني في الإنجيل « هدى » أي بيان و حجة و دلائل له على الأحكام « و نور » سماه نورا لأنه يهتدي به كما يهتدي بالنور « و مصدقا لما بين يديه من التوراة » يعني الإنجيل يصدق بالتوراة لأن فيه أن التوراة حق و قيل معناه أنه تضمن وجوب العمل بالتوراة و أنه لم تنسخ و قيل معناه أنه أتى على النحو الذي وصف في التوراة « و هدى » أي و دلالة و إرشادا و معناه و هاديا و راشدا « و موعظة » أي واعظا « للمتقين » يزجرهم عن المعاصي و يدعوهم إلى الطاعة و إنما خص المتقين بالذكر لأنهم اختصوا بالانتفاع به و إلا فإنه هدى لجميع الخلق « و ليحكم أهل الإنجيل » هذا أمر لهم و قيل في معناه قولان ( أحدهما ) أن تقديره و قلنا ليحكم أهل الإنجيل فيكون على حكاية ما فرض عليهم و حذف القول لدلالة ما قبله عليه من قوله « و قفينا » كما قال تعالى « و الملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم » أي يقولون سلام عليكم ( و الثاني ) أنه تعالى استأنف أمر أهل الإنجيل على غير الحكاية لأن أحكامه كانت حينئذ موافقة لأحكام القرآن لم تنسخ بعد عن أبي علي الجبائي و القول الأول أقوى و هو اختيار علي بن عيسى « بما أنزل الله فيه » أي في الإنجيل « و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون » قيل إن من هاهنا بمعنى الذي و هو خبر عن قوم معروفين و هم اليهود الذين تقدم ذكرهم عن الجبائي و قيل إن من للجزاء أي من لم يحكم من المكلفين بما أنزل الله فهو فاسق لأن هذا الإطلاق يدل على أن المراد من ذهب إلى أن الحكمة في خلاف ما أمر الله به فلهذا قال فيما قبل « فأولئك هم الكافرون » فيكون معنى الفاسقين الخارجين عن الدين و جعلوا الكفر و الظلم و الفسق صفة لموصوف واحد و قيل أن الأول في الجاحد و الثاني و الثالث في المقر التارك .

بعدی

مجمع البيان ج : 3 ص : 312
وَ أَنزَلْنَا إِلَيْك الْكِتَب بِالْحَقِّ مُصدِّقاً لِّمَا بَينَ يَدَيْهِ مِنَ الْكتَبِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَك مِنَ الْحَقِّ لِكلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شرْعَةً وَ مِنْهَاجاً وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكمْ أُمَّةً وَحِدَةً وَ لَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فى مَا ءَاتَاكُمْ فَاستَبِقُوا الْخَيرَتِ إِلى اللَّهِ مَرْجِعُكمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تخْتَلِفُونَ(48)
اللغة
أصل مهيمن مؤيمن فقلبت الهمزة هاء كما قيل في أرقت الماء هرقت و قد صرف فقيل هيمن الرجل إذا ارتقب و حفظ و شهد يهيمن هيمنة فهو مهيمن و على هذا فيكون وزنه مفيعل مثل مسيطر و مبيطر و قال الأزهري كان في الأصل أيمن يؤيمن كما أن الأصل في يفعل يؤفعل فعلى هذا يكون على وزن مؤفعل فقلبت الهمزة هاء و روي في الشواذ مهيمنا بفتح الميم عن مجاهد ، و الشرعة و الشريعة واحدة و هي الطريقة الظاهرة و الشريعة هي الطريقة التي توصل منه إلى الماء الذي فيه الحياة فقيل الشريعة في الدين للطريق الذي توصل منه إلى الحياة في النعيم و هي الأمور التي يعبد الله بها من جهة السمع قال الشاعر :
أ تنسونني يوم الشريعة و القنا
بصفين من لباتكم تتكسر يريد شريعة الفرات و الأصل فيه الظهور و يقال أشرعت القنا إذا أظهرت و شرعت في الأمر شروعا إذا دخلت فيه دخولا ظاهرا و الناس فيه شرع أي متساوون و المنهاج الطريق المستمر يقال طريق نهج و منهج أي بين قال الراجز :
من يك ذا شك فهذا فلج
ماء رواء و طريق نهج و قال المبرد الشرعة ابتداء الطريق و المنهاج الطريق المستقيم قال و هذه الألفاظ إذا تكررت فلزيادة فائدة فيه و منه قول الحطيئة :
و هند أتى من دونها الناي و البعد و قال و الناي لما قل بعده و قد جاء بمعنى واحد قال عنترة :
حييت من طلل تقادم عهده
أقوى و أقفر بعد أم الهيثم و أقوى و أقفر بمعنى يقال نهجت لك الطريق و أنهجته فهو منهوج و نهج الطريق و أنهج
مجمع البيان ج : 3 ص : 313
إذا وضح و الاستباق يكون بين اثنين فصاعدا يجتهد كل منهم أن يستبق غيره قال تعالى و استبقا الباب يعني يوسف و صاحبته تبادرا إلى الباب .

الإعراب
مصدقا حال من الكتاب و مهيمنا كذلك و قيل أنه حال من الكاف الذي هو خطاب للنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و الأول أقوى لأجل حرف العطف لأنه قال « و أنزلنا إليك الكتاب » « مصدقا » و « مهيمنا » و لا يجوز أن يعطف حال على حال لغير الأول لا تقول ضربت هند زيدا قاعدا و قائمة و لو قلت قائمة بغير واو لجاز و يجوز أن يكون عطفا على مصدقا و يكون مصدقا حالا للنبي و الأول أظهر .

المعنى
لما بين تعالى نبوة موسى و عيسى عقب ذلك ببيان نبوة محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) احتجاجا على اليهود و النصارى بأن طريقته كطريقتهم في الوحي و المعجز فقال « و أنزلنا إليك » يا محمد « الكتاب » يعني القرآن « بالحق » أي بالعدل « مصدقا لما بين يديه من الكتاب » يعني التوراة و الإنجيل و ما فيهما من توحيد الله و عدله و الدلالة على نبوته و الحكم بالرجم و القود على ما تقدم ذكره و قيل المراد بالكتاب الكتب المنزلة على الأنبياء و معنى الكتاب المكتوب كقولهم هذه الدراهم ضرب الأمير أي مضروبه عن أبي مسلم « و مهيمنا عليه » معناه و أمينا عليه شاهدا بأنه الحق عن ابن عباس و الحسن و قتادة و مجاهد و قيل مؤتمنا عن سعيد بن جبير و أبي عبيدة و ابن جريج و هو قريب من الأول قال ابن جريج أمانة القرآن أن ما أخبر به الكتب أن كان موافقا للقرآن يجب التصديق به و إلا فلا و قيل معناه و حافظا و رقيبا عليه عن الحسن و أبي عبيدة قالوا و فيه دلالة على أن ما حكى الله أنه كتبه عليهم في التوراة يلزمنا العمل به لأنه جعل القرآن مصدقا لذلك و شاهدا به « فاحكم بينهم بما أنزل الله » يعني بين اليهود بالقرآن في الرجم على الزانين عن ابن عباس قال إذا ترافع أهل الكتاب إلى الحكام يجب أن يحكموا بينهم بحكم القرآن و شريعة الإسلام لأنه أمر من الله بالحكم بينهم و الأمر يقتضي الإيجاب و به قال الحسن و مسروق و قال الجبائي و هذا ناسخ للتخيير في الحكم بين أهل الكتاب أو الإعراض عنهم و الترك « و لا تتبع أهواءهم » يريد فيما حرفوا و بدلوا من أمر الرجم عن ابن عباس « عما جاءك من الحق » و يجوز أن يكون عن من صلة معنى لا تتبع أهواءهم لأن معناه لا تزغ فكأنه قال لا تزغ عما جاءك باتباع أهوائهم و متى قيل كيف يجوز أن يتبع النبي أهواءهم مع كونه معصوما فالجواب أن النبي يجوز أن يرد عما يعلم أنه لا يفعله و يجوز أن يكون الخطاب له و المراد جميع الحكام « لكل جعلنا منكم شرعة
مجمع البيان ج : 3 ص : 314
و منهاجا » الخطاب للأمم الثلاث أمة موسى و أمة عيسى و أمة محمد و لا يعني به قوم كل نبي أ لا ترى أن ذكر هؤلاء قد تقدم في قوله « إنا أنزلنا التوراة » الآية ثم قال و قفينا على آثارهم بعيسى بن مريم قال « أنزلنا إليك الكتاب » ثم قال « لكل جعلنا منكم شرعة » فغلب المخاطب على الغائب شرعة أي شريعة فللتوراة شريعة و للإنجيل شريعة و للقرآن شريعة عن قتادة و جماعة من المفسرين و في هذا دلالة على جواز النسخ على أن نبينا كان متعبدا بشريعته فقط و كذلك أمته و قيل الخطاب لأمة نبينا (صلى الله عليهوآلهوسلّم) عن مجاهد و الأول أقوى لأنه سبحانه بين أن لكل نبي شريعة و منهاجا أي سبيلا واضحا غير شريعة صاحبه و طريقته و يقوي ذلك قوله « و لو شاء الله لجعلكم أمة واحدة » و معناه و لو شاء الله لجمعكم على ملة واحدة في دعوة جميع الأنبياء لا تبدل شريعة منها و لا تنسخ عن ابن عباس و قيل أراد به مشيئة القدرة أي لو شاء الله لجمعكم على الحق كما قال و لو شئنا لآتينا كل نفس هداها عن الحسن و قتادة « و لكن ليبلوكم » أي و لكن جعلكم على شرائع مختلفة ليمتحنكم « فيما آتاكم » أي فيما فرضه عليكم و شرعه لكم و قيل فيما أعطاكم من السنن و الكتاب و قال الحسين بن علي المغربي المعنى لو شاء الله لم يبعث إليكم نبيا فتكونون متعبدين بما في العقل و تكونون أمة واحدة و لكن ليختبركم فيما كلفكم من العبادات و هو عالم بما يؤول إليه أمركم « فاستبقوا الخيرات » أي بادروا فوت الحظ بالتقدم في الخير و قيل معناه بادروا الفوت بالموت أو العجز و بادروا إلى ما أمرتكم به فإني لا آمركم إلا بالصلاح عن الجبائي و قيل معناه سابقوا الأمم الماضية إلى الطاعات و الأعمال الصالحة عن الكلبي و في هذا دلالة على وجوب المبادرة إلى أفعال الخيرات و يكون محمولا على الواجبات و من قال إن الأمر على الندب حمله على جميع الطاعات « إلى الله مرجعكم » أي مصيركم « جميعا فينبؤكم » فيخبركم « بما كنتم فيه تختلفون » من أمر دينكم ثم يجازيكم على حسب استحقاقكم .

مجمع البيان ج : 3 ص : 315
وَ أَنِ احْكُم بَيْنهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَ احْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوك عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْك فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبهُم بِبَعْضِ ذُنُوبهِمْ وَ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَسِقُونَ(49) أَ فَحُكْمَ الجَْهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَ مَنْ أَحْسنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْم يُوقِنُونَ(50)
القراءة
قرأ ابن عامر وحده تبغون بالتاء و الباقون بالياء و روي في الشواذ قراءة يحيى بن يعمر و إبراهيم النخعي « أ فحكم الجاهلية يبغون » برفع الميم و قراءة الأعمش أ فحكم الجاهلية بفتح الحاء و الكاف و الميم .

الحجة
من قرأ « يبغون » بالياء فلأن ما قبله غيبة « و إن كثيرا من الناس لفاسقون » و من قرأ بالتاء فعلى تقدير قل لهم يا محمد أ فحكم الجاهلية تبغون و من قرأ أ فحكم الجاهلية فعلى نحو ما جاء في الشعر :
قد أصبحت أم الخيار تدعي
علي ذنبا كله لم أصنع أي لم أصنعه فيكون التقدير أ فحكم الجاهلية يبغونه فحذف العائد من الخبر كما يحذف من الصفة و الحال في قولهم الناس رجلان رجل أكرمت و رجل أهنت أي أكرمته و أهنته و مررت بهند يضرب زيد أي يضربها زيد و قوله « أ فحكم الجاهلية » فيكون بمعنى الشياع أي فحكام الجاهلية يبغون و جاز أن يقع المضاف جنسا كما جاء عنهم من قولهم منعت العراق قفيزها و درهمها ثم يرجع المعنى إلى قوله « أ فحكم الجاهلية » لأنه ليس المراد هنا نفس الحكم فهو إذا على حذف المضاف و المراد أ فحكم حكم الجاهلية يبغون .

الإعراب
موضع « أن احكم » نصب بالعطف على الكتاب و التقدير أنزلنا إليك الكتاب و أن احكم بينهم بما أنزل الله و وصلت أن بالأمر و إن كان لا يجوز صلة الذي بالأمر لأن الذي اسم ناقص تجري صلته في البيان عنه مجرى الصفة في بيان النكرة و لذلك لا بد لها من عائد يعود إليها كما أن الصفة لا بد لها من عائد يعود منها إلى الموصوف و ليس كذلك أن لأنها حرف و هي مع ما بعدها بمنزلة شيء واحد فلما كان في فعل الأمر معنى المصدر جاز وصل الحرف به على معنى مصدره و حكم نصب لأنه مفعول يبغون و حكما نصب على التمييز .

المعنى
« و أن احكم بينهم بما أنزل الله و لا تتبع أهواءهم » إنما كرر سبحانه الأمر بالحكم بينهم لأمرين ( أحدهما ) أنهما حكمان أمر بهما جميعا لأنهم احتكموا إليه في
مجمع البيان ج : 3 ص : 316
الزمن المحصن ثم احتكموا إليه في قتيل كان بينهم عن الجبائي و جماعة من المفسرين و هو المروي عن أبي جعفر (عليه السلام) ( و الثاني ) أن الأمر الأول مطلق و الثاني يدل على أنه منزل « و احذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك » قيل فيه قولان : ( أحدهما ) أن معناه احذرهم أن يضلوك عن ذلك إلى ما يهوون من الأحكام بأن يطمعوك منهم في الإجابة إلى الإسلام عن ابن عباس ( و الثاني ) إن معناه احذرهم أن يضلوك بالكذب على التوراة لأنه ليس كذلك الحكم فيها فإني قد بينت لك حكمها عن ابن زيد و في هذه الآية دلالة على وجوب مجانبة أهل البدع و الضلال و ذوي الأهواء و ترك مخالطتهم « فإن تولوا » أي فإن أعرضوا عن حكمك بما أنزل الله « فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم » قيل في معناه أقوال ( أحدها ) أن معناه فاعلم يا محمد إنما يريد الله أن يعاقبهم ببعض إجرامهم ، ذكر البعض و المراد به الكل كما يذكر العموم و يراد به الخصوص عن الجبائي ، ( و الثاني ) أنه ذكر البعض تغليظا للعقاب و المراد أنه يكفي أن يؤاخذوا ببعض ذنوبهم في إهلاكهم و التدمير عليهم ( و الثالث ) أنه أراد تعجيل بعض العقاب بما كان من التمرد في الأجرام لأن عذاب الدنيا يختص ببعض الذنوب دون بعض و عذاب الآخرة يعم و قيل المراد بذلك إجلاء بني النضير لأن علماءهم لما كفروا و كتموا الحق عوقبوا بالجلاء عن الحسن و قيل المراد بنو قريظة لما نقضوا العهد يوم الأحزاب عوقبوا بالقتل « و إن كثيرا من الناس لفاسقون » هذا تسلية للنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) عن امتناع القوم من الإقرار بنبوته و الإسراع إلى إجابته بأن أهل الإيمان قليل و أهل الفسق كثير فلا ينبغي أن يعظم عليك ذلك ثم أنكر عليهم فعلهم فقال « أ فحكم الجاهلية يبغون » و المراد به اليهود عن مجاهد و اختاره الجبائي قال لأنهم كانوا إذا وجب الحكم على ضعفائهم ألزموهم إياه و إذا وجب على أقويائهم و أشرافهم لم يؤاخذوهم به فقيل لهم أ فحكم الجاهلية أي عبدة الأوثان تطلبون و أنتم أهل الكتاب و قيل المراد به كل من طلب غير حكم الله فإنه يخرج منه إلى حكم الجاهلية و كفى بذلك أن يحكم بما يوجبه الجهل دون ما يوجبه العلم « و من أحسن من الله حكما » أي لا أحد حكمه أحسن من حكم الله « لقوم يوقنون » أي عند قوم أقيمت اللام مقام عنه عن الجبائي و هذا جائز إذا تقاربت المعاني و ارتفع اللبس فإذا قيل الحكم لهم فلأنهم يستحسنونه و إذا قيل عندهم فلان عندهم العلم بصحته .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page