• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الحادي عشر سورة التوبة 107 الی 111


مجمع البيان ج : 5 ص : 106
وَ الَّذِينَ اتخَذُوا مَسجِداً ضِرَاراً وَ كفْراً وَ تَفْرِيقَا بَينَ الْمُؤْمِنِينَ وَ إِرْصاداً لِّمَنْ حَارَب اللَّهَ وَ رَسولَهُ مِن قَبْلُ وَ لَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسنى وَ اللَّهُ يَشهَدُ إِنهُمْ لَكَذِبُونَ(107) لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً لَّمَسجِدٌ أُسس عَلى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْم أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يحِبُّونَ أَن يَتَطهَّرُوا وَ اللَّهُ يحِب الْمُطهِّرِينَ(108) أَ فَمَنْ أَسس بُنْيَنَهُ عَلى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَ رِضوَن خَيرٌ أَم مَّنْ أَسس بُنْيَنَهُ عَلى شفَا جُرُف هَار فَانهَارَ بِهِ فى نَارِ جَهَنَّمَ وَ اللَّهُ لا يهْدِى الْقَوْمَ الظلِمِينَ(109) لا يَزَالُ بُنْيَنُهُمُ الَّذِى بَنَوْا رِيبَةً فى قُلُوبِهِمْ إِلا أَن تَقَطعَ قُلُوبُهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(110)
القراءة
قرأ أهل المدينة و ابن عامر الذين اتخذوا بغير واو و الباقون بالواو و قرأ نافع و ابن عامر أسس بضم الألف بنيانه بالرفع في الموضعين و قرأ الباقون « أسس بنيانه » فيهما و في الشواذ قراءة نصر بن عاصم أسس بنيانه على وزن فعل و قراءة نصر بن علي أساس بنيانه و قرأ ابن عامر و حمزة و حماد و يحيى عن أبي بكر و خلف جرف بالتخفيف و الباقون « جرف » بالتثقيل و قرأ يعقوب و سهل إلى أن على أنه حرف الجر و هو قراءة الحسن و قتادة و الجحدري و جماعة و رواه البرقي عن أبي عبد الله و قرأ الباقون « إلا أن » مشددة اللام و قرأ أبو جعفر و ابن عامر و حمزة و حفص و سهل و رويس عن يعقوب « تقطع » بفتح التاء و التشديد و قرأ روح تقطع بضم التاء مخففا و قرأ الباقون تقطع بضم التاء مشددا .

الحجة


بعدی

من أثبت الواو في « الذين » عطفه على ما تقدم و التقدير و منهم الذين اتخذوا مسجدا و من حذف الواو ابتدأ الكلام و أضمر الخبر بعده كما أضمر في قوله « إن الذين كفروا و يصدون عن سبيل الله و المسجد الحرام » إلى قوله « و الباد » و المعنى فيه ينتقم منهم أو يعذبهم و نحو ذلك و حسن الحذف في الموضعين لطول الكلام بالمبتدإ و صلته و يجوز أن يكون على أن تضمر و منهم فيكون تقديره و منهم الذين اتخذوا كما أضمرت الحرف مع الفعل في قوله « فأما الذين اسودت وجوههم أ كفرتم بعد إيمانكم » أي فيقال لهم أ كفرتم و لا يجوز أن يكون الذين بدلا من قوله « و آخرون مرجون » لأن المرجئين لأمر الله غير الذين اتخذوا مسجدا ضرارا فلا يجوز أن يبدلوا منهم و من قرأ « أسس بنيانه » بنى الفعل للفاعل كما أضاف البنيان إليه في قوله « بنيانه » فالمصدر مضاف إلى الفاعل و الباني و المؤسس واحد و من بنى الفعل للمفعول به لم يبعد أن يكون في المعنى كالأول لأنه إذا أسس بنيانه فيولي ذلك غيره بأمره كان كبنائه هو له فأما من قرأ أسس بنيانه في الموضعين و أساس بنيانه بالإضافة فإنهما بمعنى واحد و جمع الأس أساس كقفل و أقفال و جمع الأساس
مجمع البيان ج : 5 ص : 107
آساس و أسس و أما « الجرف » فالأصل فيه ضم العين و الإسكان تخفيف و مثله الشغل و الشغل و الطنب و الطنب و من قرأ « إلا أن تقطع قلوبهم » فمعناه تبلى و تتقطع بالبلى أي لا تثلج قلوبهم بالإيمان أبدا و من قرأ تقطع بضم التاء فهو في المعنى مثل الأول إلا أن الفعل أضيف إلى القطع المبلي للقلوب بالموت و في الأول أسند إلى القلوب لما كانت هي البالية و هذا مثل مات زيد و سقط الحائط و نحو ذلك مما أسند فيه الفعل إلى من حدث فيه و إن لم يكن منه و تقطع يسند الفعل فيه إلى المقطع المبلي و إن لم يذكر في اللفظ فأسند الفعل الذي هو لغير القلوب في الحقيقة إلى القلوب و من قرأ إلى أن تقطع فإنه جعله على الغاية و زعموا أن في حرف إلى حتى الممات و هذا يدل على أنهم يموتون على نفاقهم فإذا ماتوا عرفوا بالموت ما كانوا تركوه من الإيمان و أخذوا به من الكفر .

اللغة
الضرار هو طلب الضرر و محاولته كما أن الشقاق محاولة ما يشق يقال ضاره مضارة و ضرارا و الإرصاد الارتقاب تقول رصده يرصده رصدا و أرصد له إرصادا قال الكسائي رصدته رقبته و أرصدته أعددته و البنيان مصدر قال أبو علي و هو جمع على حد شعيرة و شعير لأنهم قالوا بنيانه في الواحد قال أوس :
كبنيانه القري موضع رحلها
و آثار نسعيها من الدف أبلق و جاء بناء المصدر على هذا المثال في غير هذا الحرف نحو الغفران و ليس بنيان جمع بناء لأن فعلانا إذا كان جمعا نحو كثبان و قضبان لم تلحقه تاء التأنيث و قال أبو زيد يقال بنيت أبني بنيا و بنيانا و بناء و بنية و جمعها البنى قال :
بنى السماء فسواها ببنيتها
و لم تمد بأطناب و لا عمد فالبناء و البنية مصدران و من ثم قوبل به الفراش في قوله « جعل لكم الأرض فراشا و السماء بناء » فالبناء لما كان رفعا للمبني قوبل به الفراش الذي هو خلاف البناء و التقوى خصلة من الطاعة يحترز بها من العقوبة و التقي صفة مدح لا تطلق إلا على مستحق الثواب و واو تقوى مبدلة من الياء لأنها من وقيت و إنما أبدلت للفرق بين الاسم و الصفة في الأبنية مثل خزيا و شفا جرف الشيء و شفيره و جرفه نهايته في المساحة و يثنى شفوان و جرف الوادي جانبه الذي ينحفر بالماء أصله و هو من الجرف و الاجتراف هو اقتلاع الشيء من أصله و هار
مجمع البيان ج : 5 ص : 108
الجرف يهور هورا فهو هائر و تهور و انهار و يقال أيضا هار يهار و هار أصله هائر و هو من المقلوب كما يقال لاث الشيء به إذا دار فهو لاث و الأصل لائث و كما قالوا شاكي السلاح أي شائك قال :
فتعرفوني إنني أنا ذاكم
شاك سلاحي في الحوادث معلم و كما قال العجاج :
لاث به الأشاء و العبري ) أي مطيف و قال أبو علي و الهمز من عائر منقلبة عن الواو لأنهم قالوا تهور البناء إذا تساقط و تداعى و في الحديث سار الليلة حتى انهار الليل ثم سار حتى تهور فهذا في الليل كالمثل و التشبيه بالبناء و الانهيال و الانهيار يتقاربان في المعنى كما يتقاربان في اللفظ .

الإعراب
قد ذكرنا إعراب قوله « و الذين اتخذوا » في الحجة و يجوز أن يكون مبتدأ و خبره « لا تقم فيه أبدا » كما تقول و الذي يدعوك إلى الغي فلا تسمع الدعاء و تقديره فلا تسمع دعاءه و كذلك التقدير في الآية لا تقم في مسجدهم أبدا فحذف للاختصار و يجوز أن يكون خبر الذين قوله « أ فمن أسس بنيانه » أي أ فمن أسس بنيانه من هؤلاء أم من أسس من الذين اتخذوا ضرارا منصوب على أنه مفعول له و كذلك ما بعده و المعنى اتخذوه للضرار و الكفر و التفريق و الإرصاد فلما حذف اللام أفضى الفعل فنصب و يجوز أن يكون مصدرا محمولا على المعنى لأن اتخاذهم المسجد على غير التقوى معناه ضاروا به ضرارا من أول يوم دخلت من في الزمان و الأصل منذ و مذ هذا الأكثر استعمالا في الزمان و من جائز دخولها أيضا لأنها الأصل في ابتداء الغاية و التبعيض و منه قول زهير :
لمن الديار بقنة الحجر أقوين من حجج و من شهر و يروى من دهر و قد قيل إن المعنى من مر حجج و من مر شهر و « أن تقوم » في موضع نصب أي أحق بأن تقوم فيه و « فيه » منصوب الموضع بقوله « تقوم » و فيه من قوله « فيه رجال » في موضع رفع لأنه خبر مبتدإ مقدم عليه و المبتدأ رجال و لا يجوز أن يكون مرفوع الموضع بكونه وصفا لمسجد بل هو على الاستئناف و الوقف التام على قوله « أحق أن تقوم
مجمع البيان ج : 5 ص : 109
فيه » ثم استؤنف الكلام فقيل « فيه رجال » و إنما قلنا ذلك لأنك لو جعلت الظرف الذي هو فيه وصفا لمسجد لكنت فصلت بين النكرة و صفتها بالخبر الذي هو أحق و قوله « أ فمن أسس بنيانه على تقوى من الله » قال أبو علي القول فيه أنه يجوز أن تكون المعادلة وقعت بين البانيين و يجوز أن يكون بين البنائين فإذا عادلت بين البانيين كان المعنى المؤسس بنيانه متقيا خير أم المؤسس بنيانه غير متق لأن قوله « على شفا جرف » يدل على أن بانيه غير متق لله تعالى و لا خاش له و يجوز أن يقدر حذف المضاف كأنه أبناه من أسس بنيانه متقيا خير أم بناء من أسس بنيانه على شفا جرف و البنيان مصدر أوقع على المبني مثل الخلق إذا عنيت به المخلوق و ضرب الأمير إذا عنيت به المضروب و كذلك نسج اليمن يدلك على ذلك أنه لا يخلو من أن يراد به اسم الحدث أو اسم العين فلا يجوز أن يكون الحدث لأنه إنما يؤسس المبني الذي هو عين و يبين ذلك أيضا قوله « على شفا جرف » و الحدث لا يعلو شفا جرف و الجار في قوله « على تقوى من الله » و قوله « على شفا جرف هار » في موضع نصب على الحال تقديره أ فمن أسس بنيانه متقيا خيرا أم من أسس بنيانه غير متق أو معاقبا على بنائه و فاعل انهار البنيان أي انهار البنيان بالباني في نار جهنم لأنه معصية و فعل لما كرهه الله تعالى من الضرار و الكفر و التفريق بين المؤمنين و من أمال « هار » فقد أحسن لما في الراء من التكرير فكأنك لفظت براءين مكسورتين و بحسب كثرة الكسرات تحسن الإمالة و من لم يمل فلأن ترك الإمالة هو الأصل و قوله « إلا أن تقطع قلوبهم » موضع « أن تقطع » نصب تقديره إلا على تقطع قلوبهم غير أن حرف الإضافة يحذف مع أن و لا يحذف مع المصدر و معنى إلا هاهنا حتى لأنه استثناء من الزمان المستقبل و الاستثناء منه منته إليه فاجتمعت مع حتى في هذا الموضع على هذا المعنى .

النزول
قال المفسرون أن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قبا و بعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أن يأتيهم فأتاهم و صلى فيه فحسدهم جماعة من المنافقين من بني غنم بن عوف فقالوا نبني مسجدا فنصلي فيه و لا نحضر جماعة محمد و كانوا اثني عشر رجلا و قيل خمسة عشر رجلا منهم ثعلبة بن حاطب و معتب بن قشير و نبتل بن الحرث فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قبا فلما فرغوا منه أتوا رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و هو يتجهز إلى تبوك فقالوا يا رسول الله أنا قد بنينا مسجدا لذي العلة و الحاجة و الليلة المطيرة و الليلة الشاتية و أنا نحب أن تأتينا فتصلي فيه لنا و تدعو بالبركة فقال (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إني على جناح سفر و لو قدمنا أتيناكم إن شاء الله فصلينا لكم فيه فلما انصرف رسول الله من تبوك نزلت عليه الآية في شأن المسجد
مجمع البيان ج : 5 ص : 110
المعنى
ثم ذكر سبحانه جماعة أخرى من المنافقين بنوا مسجدا للتفريق بين المسلمين و طلب الغوائل للمؤمنين فقال « و الذين اتخذوا مسجدا » و المسجد موضع السجود في الأصل و صار بالعرف اسما لبقعة مخصوصة بنيت للصلاة فالاسم عرفي فيه معنى اللغة « ضرارا » أي مضارة يعني الضرر بأهل مسجد قبا أو مسجد الرسول (صلى الله عليهوآلهوسلّم) ليقل الجمع فيه « و كفرا » أي و لإقامة الكفر فيه و قيل أراد أنه كان اتخاذهم ذلك كفرا بالله و قيل ليكفروا فيه بالطعن على رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و الإسلام « و تفريقا بين المؤمنين » أي لاختلاف الكلمة و إبطال الألفة و تفريق الناس عن رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) « و إرصادا لمن حارب الله و رسوله من قبل » أي أرصدوا ذلك المسجد و اتخذوه و أعدوا لأبي عامر الراهب و هو الذي حارب الله و رسوله من قبل و كان من قصته أنه كان قد ترهب في الجاهلية و لبس المسوح فلما قدم النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) المدينة حسده و حزب عليه الأحزاب ثم هرب بعد فتح مكة إلى الطائف فلما أسلم أهل الطائف لحق بالشام و خرج إلى الروم و تنصر و هو أبو حنظلة غسيل الملائكة الذي قتل مع النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يوم أحد و كان جنبا فغسلته الملائكة و سمى رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أبا عامر الفاسق و كان قد أرسل إلى المنافقين أن استعدوا و ابنوا مسجدا فإني أذهب إلى قيصر و آتي من عنده بجنود و أخرج محمدا من المدينة فكان هؤلاء المنافقون يتوقعون أن يجيئهم أبو عامر فمات قبل أن يبلغ ملك الروم « و ليحلفن إن أردنا إلا الحسنى » معناه أن هؤلاء يحلفون كاذبين ما أردنا ببناء هذا المسجد إلا الفعلة الحسنى من التوسعة على أهل الضعف و العلة من المسلمين فأطلع الله نبيه على فساد طويتهم و خبث سريرتهم فقال « و الله يشهد إنهم لكاذبون » و كفى لمن يشهد الله سبحانه بكذبه خزيا فوجه رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) عند قدومه من تبوك عاصم بن عوف العجلاني و مالك بن الدخشم و كان مالك من بني عمرو بن عوف فقال لهما انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فأهدماه و حرقاه و روي أنه بعث عمار بن ياسر و وحشيا فحرقاه و أمر بأن يتخذ كناسة يلقى فيها الجيف ثم نهى الله سبحانه أن يقوم في هذا المسجد فقال « لا تقم فيه أبدا » أي لا تصل فيه أبدا يقال فلان يقوم بالليل أي يصلي ثم أقسم فقال « لمسجد » أي و الله لمسجد « أسس على التقوى » أي بني أصله على تقوى الله و طاعته « من أول يوم » أي منذ أول يوم وضع أساسه عن المبرد « أحق أن تقوم فيه » أي أولى بأن تصلي فيه و اختلف في هذا
مجمع البيان ج : 5 ص : 111
المسجد فقيل هو مسجد قبا عن ابن عباس و الحسن و عروة بن الزبير و قيل هو مسجد رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) عن زيد بن ثابت و ابن عمر و أبي سعيد الخدري و روى هو عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال هو مسجدي هذا و قيل هو كل مسجد بني للإسلام و أريد به وجه الله عن أبي مسلم ثم وصف المسجد و أهله فقال « فيه » أي في هذا المسجد الذي أسس على التقوى « رجال يحبون أن يتطهروا » أي يحبون أن يصلوا لله تعالى متطهرين بأبلغ الطهارة و قيل يحبون أن يتطهروا من الذنوب عن الحسن و قيل يحبون أن يتطهروا بالماء عن الغائط و البول و هو المروي عن السيدين الباقر و الصادق (عليهماالسلام) و روي عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه قال لأهل قبا ما ذا تفعلون في طهركم فإن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء قالوا نغسل أثر الغائط فقال أنزل الله فيكم « و الله يحب المطهرين » أي المتطهرين ثم قرر سبحانه الفرق بين المسجدين فقال « أ فمن أسس بنيانه على تقوى من الله و رضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار » قد مضى بيانه و المراد أن الله تعالى شبه بنيانهم على نار جهنم بالبناء على جانب نهر هذا صفته فكما أن من بنى على جانب هذا النهر فإنه ينهار بناؤه في الماء و لا يثبت فكذلك بناء هؤلاء ينهار و يسقط في نار جهنم يعني أنه لا يستوي عمل المتقي و عمل المنافق فإن عمل المؤمن المتقي ثابت مستقيم مبني على أصل صحيح ثابت و عمل المنافق ليس بثابت و هو واه ساقط و الألف في قوله « أ فمن » ألف استفهام يراد به الإنكار هاهنا و ليس معنى خير في الآية أفضل بل هو كما يقال هذا خير و هذا شر و قال الشاعر :
و الخير و الشر مقرونان في قرن
فالخير متبع و الشر محذور و أما قوله « و افعلوا الخير » فإن معناه و افعلوا الأفضل و قوله « فانهار به في نار جهنم » أي يوقعه ذلك البناء في نار جهنم « و الله لا يهدي القوم الظالمين » مر بيانه و روي عن جابر بن عبد الله أنه قال رأيت المسجد الذي بني ضرارا يخرج منه الدخان « لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم » أي لا يزال بناء المبني الذي بنوه شكا في قلوبهم فيما كان من إظهار إسلامهم و ثباتا على النفاق و قيل إن معناه حزازة في قلوبهم و قيل حسرة في قلوبهم يترددون فيها « إلا أن تقطع قلوبهم » معناه إلا أن يموتوا و المراد بالآية أنهم لا ينزعون عن الخطيئة و لا يتوبون حتى يموتوا على نفاقهم و كفرهم فإذا ماتوا عرفوا بالموت ما كانوا تركوه من الإيمان و أخذوا به من الكفر و قيل معناه إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندما و أسفا على تفريطهم « و الله عليم » أي عالم بنيتهم في بناء مسجد الضرار « حكيم »
مجمع البيان ج : 5 ص : 112
في أمره بنقضه و المنع من الصلاة فيه .
* إِنَّ اللَّهَ اشترَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسهُمْ وَ أَمْوَلهَُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَتِلُونَ فى سبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فى التَّوْرَاةِ وَ الانجِيلِ وَ الْقُرْءَانِ وَ مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاستَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِ وَ ذَلِك هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ(111)


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page