• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الحادي عشر سورةيونس 1 الی 6


مجمع البيان ج : 5 ص : 131
( 10 ) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة ( 109 )
هي مكية في قول الأكثرين و روي عن ابن عباس و قتادة إلا ثلاث آيات نزلت بالمدينة « فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك » إلى آخرهن و قال ابن المبارك ألا « و منهم من يؤمن به » الآية فإنها نزلت في اليهود بالمدينة .

عدد آيها
مائة و تسع آيات عند الجميع غير الشامي فإنه يقول و عشر آيات .

اختلافها
ثلاث آيات « مخلصين له الدين » و « شفاء لما في الصدور » شامي « من الشاكرين » غير الشامي .

فضلها
أبي بن كعب عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال من قرأها أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بيونس و كذب به و بعدد من غرق مع فرعون و روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال من قرأ سورة يونس في كل شهرين أو ثلاثة لم يخف عليه أن يكون من الجاهلين كان يوم القيامة من المقربين .

تفسيرها
لما ختم الله سورة البراءة بذكر الرسول افتتح هذه السورة بذكره و ما أنزل عليه من القرآن فقال .

مجمع البيان ج : 5 ص : 132
سورة يونس
بِسمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الر تِلْك ءَايَت الْكِتَبِ الحَْكِيمِ(1) أَ كانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلى رَجُل مِّنهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاس وَ بَشرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْق عِندَ رَبهِمْ قَالَ الْكفِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسحِرٌ مُّبِينٌ(2)
القراءة
قرأ الر بإمالة الراء أبو عمرو و أهل الكوفة غير عاصم إلا يحيى و قرأ الباقون بالتفخيم و قرأ لساحر بالألف ابن كثير و أهل الكوفة و قرأ الباقون « لسحر » بكسر السين و بغير ألف .

الحجة
قال أبو علي من أمال فقال رأيا فلأنها أسماء لما تلفظ بها من الأصوات المنقطعة في مخارج الحروف كما أن غاق اسم للصوت الذي يصوته الغراب فجازت الإمالة فيها من حيث كانت اسما و لم تكن كالحروف التي يمتنع فيها الإمالة نحو ما و لا و ما أشبههما من الحروف فإن قلت إن الأسماء لا تكون على حرفين أحدهما حرف لين و إنما يكون على هذه الصفة الحروف نحو ما و لا فالقول إن هذه الأسماء لا يمتنع أن تكون على حرفين أحدهما حرف لين لأن التنوين لا يلحقها فيؤمن لامتناع التنوين من اللحاق لها أن تبقى على حرف واحد فإذا أمن ذلك لم يمتنع أن يكون الاسم على حرفين أحدهما حرف لين أ لا ترى أنهم قد قالوا هذا شاة فجاء على حرفين أحدهما حرف لين لما أمن لحاق التنوين له لاتصال علامة التأنيث به و كذلك قولك رأيت رجلا ذا مال لاتصال المضاف إليه به و كذلك قولهم كسرت فأزيد قال و يدل على قول من قال « لسحر » قوله سبحانه قالوا هذا سحر و إنا به كافرون و يدل على ساحر قوله و قال الكافرون هذا ساحر كذاب و قد تقدم قوله « أوحينا إلى رجل منهم » فمن قرأ ساحر أراد الرجل و من قرأ سحر أراد الذي أوحي سحر .

اللغة
الآية العلامة التي تنبىء عن مقطع الكلام من جهة مخصوصة و القرآن مفصل بالآيات مضمن بالحكم النافية للشبهات و الحكيم هاهنا بمعنى المحكم فعيل بمعنى مفعل قال الأعشى :
و غريبة تأتي الملوك حكيمة
قد قلتها ليقال من ذا قالها
مجمع البيان ج : 5 ص : 133
و أنشد أبو عبيدة لأبي ذويب :
يواعدني عكاظ لننزلنه
و لم يشعر إذا أني خليف أي مخلف من أخلفته الوعد و قيل هو بمعنى الحاكم و دليله قوله ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه قال الأزهري القدم الشيء الذي تقدمه قدامك ليكون عدة لك حتى تقدم عليه و قيل القدم المقدم كالنقض و القبض قال ابن الأعرابي القدم المتقدم في الشرف و قال العجاج :
ذل بنو العوام عن آل الحكم
و تركوا الملك لملك ذي قدم و قال الأزهري فلان يمشي اليقدمية و التقدمية إذا تقدم في الشرف و قال أبو عبيدة و الكسائي كل سابق في خير أو شر فهو عند العرب قدم و يقال الفلان قدم في الإسلام و هو مؤنث يقال قدم حسنة قال حسان :
لنا القدم العليا إليك و خلفنا
لأولنا في طاعة الله تابع و قال ذو الرمة :
لكم قدم لا ينكر الناس أنها
مع الحسب العادي طمت على البحر
الإعراب
أضيفت آيات إلى الكتاب لأنها أبعاض الكتاب كما أن سورة أبعاضه و « أن أوحينا » في موضع رفع بأنه اسم كان و عجبا خبره و اللام في قوله « للناس » يتعلق بمحذوف كان صفة لعجب فلما تقدم صار حالا كقوله :
لعزة موحشا طلل قديم و إن شئت كان ظرفا لكان و « أن أنذر » في موضع نصب تقديره أوحينا بأن أنذر فحذف الجار فوصل الفعل و « أن لهم قدم صدق » كذلك موضعه نصب بقوله « و بشر » و لو قرىء إن لهم بالكسر لكان جائزا لأن البشارة في معنى القول إلا أنه لم يقرأ به و أضيف قدم إلى صدق كما يقال مسجد الجامع .

المعنى
قد مضى الكلام في معاني الحروف المعجمة المذكورة في أوائل السور من قبل « تلك آيات الكتاب الحكيم » معناه أن الآيات التي جرى ذكرها أو الآيات التي أنزلت على محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) هي آيات القرآن المحكم من الباطل الممنوع من الفساد لا كذب فيه
مجمع البيان ج : 5 ص : 134
و لا اختلاف و قيل تلك أي هذه السور آيات الكتاب الحكيم أي اللوح المحفوظ و سماه محكما لأنه ناطق بالحكمة و قيل لأنه جمع العلوم و الحكمة و قيل إنما وصف الكتاب بالحكيم لأنه دليل على الحق كالناطق بالحكمة و لأنه يؤدي إلى المعرفة التي تميز بها طريق الهلاك من طريق النجاة « أ كان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس » هذه ألف استفهام المراد به الإنكار و قيل إن المراد بالناس هنا أهل مكة قالوا نعجب أن الله سبحانه لم يجد رسولا يرسله إلى الناس إلا يتيم أبي طالب و التقدير أ كان إيحاؤنا إلى رجل من الناس بأن ينذرهم عجبا و معناه لما ذا تعجبون أن أوحينا إلى رجل منهم و ليس هذا موضع التعجب بل هو الذي كان يجب فعله عند كل العقلاء فإن الله تعالى لما أكمل لعباده عقولهم و كلفهم معرفته و أداء شكره و علم أنهم لا يصلحون و لا يقومون بذلك الإبداع يدعوهم إليه و منبه ينبههم عليه وجب في الحكمة أن يفعل ذلك ثم بين سبحانه الوجه الذي لأجله بعث و ما الذي أوحى إليه فقال « أن أنذر الناس » أي أخبرهم بالعذاب و خوفهم به « و بشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم » أي عرفهم ما فيه الشرف و الخلود في نعيم الجنة على وجه الإكرام و الإجلال لصالح الأعمال و قيل « أن لهم قدم صدق » أي أجرا حسنا و منزلة رفيعة بما قدموا من أعمالهم عن ابن عباس و روي عنه أيضا أن المعنى سبقت لهم السعادة في الذكر الأول و يؤيده قوله إن الذين سبقت لهم منا الحسنى الآية و قيل هو تقديم الله تعالى إياهم في البعث يوم القيامة بيانه قوله (عليه السلام) نحن الآخرون السابقون يوم القيامة و قيل أن القدم اسم للحسنى من العبد و اليد اسم للحسنى من السيد للفرق بين السيد و العبد و قيل إن معنى قدم صدق شفاعة محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) لهم يوم القيامة عن أبي سعيد الخدري و هو المروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) « قال الكافرون إن هذا لساحر مبين » يعنون النبي أي قالوا هذا ساحر مظهر للسحر و ما أتى به سحر بين على اختلاف القراءتين و السحر فعل يخفى وجه الحيلة فيه حتى يتوهم أنه معجز و هذا يدل على عجزهم عن معارضة القرآن و لذلك عدلوا إلى وصفه بالسحر .

مجمع البيان ج : 5 ص : 135
إِنَّ رَبَّكمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السمَوَتِ وَ الأَرْض فى سِتَّةِ أَيَّام ثمَّ استَوَى عَلى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِن شفِيع إِلا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَلِكمُ اللَّهُ رَبُّكمْ فَاعْبُدُوهُ أَ فَلا تَذَكَّرُونَ(3) إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقاًّ إِنَّهُ يَبْدَؤُا الخَْلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ لِيَجْزِى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ بِالْقِسطِ وَ الَّذِينَ كفَرُوا لَهُمْ شرَابٌ مِّنْ حَمِيم وَ عَذَابٌ أَلِيمُ بِمَا كانُوا يَكْفُرُونَ(4)
القراءة
قرأ أبو جعفر المدني أنه يبدأ بفتح الهمزة و هو قراءة الأعمش و الباقون بكسرها .

الحجة
من قرأ أنه فتقديره وعد الله حقا لأنه يبدأ الخلق ثم يعيده أي من قدر على هذا الأمر العظيم فإنه غني عن إخلاف الوعد و إن شئت كان تقديره وعد الله وعدا حقا إنه يبدؤا الخلق فيكون في محل النصب بالفعل الناصب لقوله وعدا قال ابن جني و لا يجوز أن يكون إن منصوبة الموضع بنفس وعدا لأنه قد وصف بقوله « حقا » و الصفة إذا جرت على موصوفها أذنت بتمامه و انقضاء أجزائه و لا يكون تاما إذا كان ما بعد الصفة من صلته فأما قول الحطيئة :
أزمعت يأسا مبينا من نوالكم
و لن ترى طاردا للحر كاليأس فإن قوله من نوالكم ليس من صلة يأس بل يتعلق بفعل يدل عليه قوله يأسا مبينا فكأنه قال فيما بعد يئست من نوالكم و قال الفراء من فتح جعله مفعول حقا كما في قول الشاعر :
أ حقا عباد الله أن لست زائرا
بثينة أو يلقى الثريا رقيبها
اللغة
القسط العدل و منه القسط النصيب و القسط بفتح القاف الجور و القسط بفتح القاف و السين اعوجاج في الرجلين و الحميم الماء الذي أسخن بالنار أشد إسخان قال المرقش الأصغر :
في كل يوم لها مقطرة
فيها كباء معد و حميم
مجمع البيان ج : 5 ص : 136
الإعراب
جميعا نصب على الحال « وعد الله » منصوب على المصدر لأن قوله « إليه مرجعكم » معناه الوعد بالرجوع و حقا منصوب على أحق ذلك حقا عن الزجاج و أضيف المصدر في قوله « وعد الله » إلي الفاعل لما لم يذكر الفعل كما في قول كعب بن زهير :
تسعى الوشاة جنابيها و قيلهم
إنك يا ابن أبي سلمى لمقتول أي و يقولون قيلهم .

المعنى
« إن ربكم » أي خالقكم و منشئكم و مالك تدبيركم و تصريفكم من أمره و نهيه و الذي يجب عليكم عبادته « الله الذي خلق السماوات و الأرض » أي اخترعهما و أنشأهما على ما فيهما من عجائب الصنعة و بدائع الحكمة « في ستة أيام » بلا زيادة و نقصان مع قدرته على إنشائهما دفعة واحدة و الوجه فيه أن في ذلك مصلحة للملائكة و عبرة لهم و لغيرهم إذا أخبروا عن ذلك و كذلك تصريف الإنسان حالا بعد حال و إخراج الثمار و الأزهار شيئا بعد شيء مع قدرته على ذلك في أقل من لمح البصر لأن ذلك أبعد من توهم الاتفاق فيه « ثم استوى على العرش » مر تفسيره في سورة الأعراف و قيل إن العرش المذكور هنا هو السماوات و الأرض لأنهن من بنائه و العرش البناء و أما العرش المعظم الذي تعبد الله سبحانه الملائكة بالحفوف به و الإعظام له و عناه بقوله الذين يحملون العرش و من حوله فهو غير هذا و قيل إن ثم هنا بمعنى الواو و قيل إن ثم دخل على التدبير و تقديره أي ثم استوى عليه بإنشاء التدبير من جهته كما يستوي الملك على سرير ملكه بالاستيلاء على تدبيره فإن تدبير الأمور كلها ينزل من عند العرش و لهذا ترفع الأيدي في دعاء الحوائج نحو العرش « يدبر الأمر » أي يقدر و ينفذه على وجهه و يرتبه على مراتبه على أحكام عواقبه و هو مأخوذ من الدبور « ما من شفيع إلا من بعد إذنه » إنما قال هذا و إن لم يجر ذكر للشفعاء لأن الكفار كانوا يقولون الأصنام شفعاؤنا عند الله فبين سبحانه أن الشفيع إنما يشفع عنده إذا أذن له في الشفاعة و إذا كانت الأصنام لا تعقل فكيف تكون شافعة مع أنه لا يشفع عنده أحد من الملائكة و النبيين إلا بإذنه و أمره « ذلكم الله ربكم » أي إن الموصوف بهذه الصفات هو إلهكم « فاعبدوه » وحده لأنه لا إله لكم سواه و لا يستحق هذه الصفات غيره و لا تعبدوا الأصنام « أ فلا تذكرون » حثهم سبحانه على التذكر و التفكر فيما أخبرهم به و على تعرف صحته « إليه مرجعكم جميعا » المرجع يحتمل معنيين ( أحدهما ) أن يكونا بمعنى المصدر الذي هو الرجوع
مجمع البيان ج : 5 ص : 137
( و الآخر ) أن يكون بمعنى موضع الرجوع أي إليه موضع رجوعكم يكون إذا شاء « وعد الله حقا » أي وعد الله تعالى ذلك عباده وعدا حقا صدقا « إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده » أي يبتدىء الخلق ابتداء ثم يعيدهم بعد موتهم « ليجزي الذين آمنوا و عملوا الصالحات » أي ليؤتيهم جزاء أعمالهم « بالقسط » أي بالعدل لا ينقص من أجورهم شيئا « و الذين كفروا لهم شراب من حميم » أي ماء حار قد انتهى حره في النار « و عذاب أليم » و جميع « بما كانوا يكفرون » أي جزاء على كفرهم .

النظم
وجه اتصال هذه الآية بما قبلها أنه قال أ كان للناس عجبا قالوا و كيف لا نعجب و لا علم لنا بالمرسل فقال « إن ربكم الله » و يجوز أن يكون على أنه لما قال أ كان للناس عجبا و كان هذا حكما على الله سبحانه فكأنه قال أ فتحكمون عليه و هو ربكم قال الأصم و يحتمل أن يكون هذا ابتداء خطاب للخلق جميعا احتج الله بها على عباده بما بين من بدائع صنعه في السماوات و الأرض و في أنفسهم .
هُوَ الَّذِى جَعَلَ الشمْس ضِيَاءً وَ الْقَمَرَ نُوراً وَ قَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السنِينَ وَ الْحِساب مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِك إِلا بِالْحَقِّ يُفَصلُ الاَيَتِ لِقَوْم يَعْلَمُونَ(5) إِنَّ فى اخْتِلَفِ الَّيْلِ وَ النهَارِ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فى السمَوَتِ وَ الأَرْضِ لاَيَت لِّقَوْم يَتَّقُونَ(6)
القراءة
قرأ أهل البصرة و ابن كثير و حفص و العجلي « يفصل » بالياء و الباقون نفصل بالنون .

الحجة
من قرأ بالياء فلأنه تقدم ذكر الله سبحانه فأضمره في الفعل و من قرأ بالنون فمثل قوله تلك آيات الله نتلوها
اللغة
الجعل إيجاد ما به يكون الشيء على صفة لم يكن عليها و الضياء يجوز أن يكون جمع ضوء كسوط و سياط و حوض و حياض و يجوز أن يكون مصدر ضاء يضوء ضياء
مجمع البيان ج : 5 ص : 138
و ضوءا مثل عاذ يعوذ عياذا و عوذا و قام يقوم قياما و على أي الوجهين كان فالمضاف محذوف و تقديره جعل الشمس ذات ضياء و القمر ذا نور و يكون جعل النور و الضياء لكثرة ذلك فيهما و الاختلاف ذهاب كل واحد من الشيئين في غير جهة الآخر فاختلاف الليل و النهار ذهاب أحدهما في جهة الضياء و الآخر في جهة الظلام و الليل عبارة عن وقت غروب الشمس إلي طلوع الفجر الثاني و ليل و ليلة مثل تمر و تمرة و النهار عبارة عن اتساع الضياء من طلوع الفجر الثاني إلي غروب الشمس و النهار و اليوم بمعنى واحد إلا أن في النهار فائدة اتساع الضياء .

المعنى
ثم زاد سبحانه في الاحتجاج للتوحيد فقال « هو الذي جعل الشمس ضياء » بالنهار « و القمر نورا » بالليل و الضياء أبلغ في كشف الظلمات من النور و فيه صفة زائدة على النور « و قدره منازل » أي و قدر القمر منازل معلومة « لتعلموا » به و بمنازله « عدد السنين و الحساب » و أول الشهر و آخره و انقضاء كل سنة و كميتها و جعل الشمس و القمر آيتين من آيات الله تعالى و فيهما أعظم الدلالات على وحدانيته تعالى من وجوه كثيرة منها خلقها و خلق الضياء و النور فيهما و دورانهما و قربهما و بعدهما و مشارقهما و مغاربهما و كسوفهما و في بث الشمس الشعاع في العالم و تأثيرها في الحر و البرد و إخراج النبات و طبخ الثمار و في تمام القمر وسط الشهر و نقصانه في الطرفين ليتميز أول الشهر و آخره من الوسط كل واحد من ذلك نعمة عظيمة من الله سبحانه على خلقه و لذلك قال « ما خلق الله ذلك إلا بالحق » لأن في ذلك منافع للخلق في دينهم و دنياهم و دلائل على وحدانية الله و قدرته و كونه عالما لم يزل و لا يزال « يفصل الآيات » أي يشرحها و يبينها آية آية « لقوم يعلمون » فيعطون كل آية حظها من التأمل و التدبر و قيل إن المعنى في قوله « و قدره منازل » التثنية أي قدر الشمس و القمر منازل غير أنه وحده للإيجاز اكتفاء بالمعلوم كما مر ذكر أمثاله فيما تقدم و كما في قول الشاعر :
رماني بأمر كنت منه و والدي
بريئا و من جول الطوي رماني فإن الشمس تقطع المنازل في كل سنة و القمر يقطعها في كل شهر فإنما يتم الحساب و تعلم الشهور و السنون و الشتاء و الصيف بمقاديرهما و مجاريهما في تداويرهما « إن في اختلاف الليل و النهار و ما خلق الله في السماوات و الأرض » أي فعله فيهما على ما يقتضيه الحكمة في السماوات من الأفلاك و الكواكب السيارة و غير السيارة و في الأرض من الحيوان و النبات و الجماد و أنواع الأرزاق و النعم « لآيات » أي حججا و دلالات على وحدانية الله

مجمع البيان ج : 5 ص : 139
« لقوم يتقون » معاصي الله و يخافون عقابه و خصهم بالذكر لاختصاصهم بالانتفاع بها .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page