• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الثاني عشر سورة هودآیات29الى37


مجمع البيان ج : 5 ص : 236
وَ يَقَوْمِ لا أَسئَلُكمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِى إِلا عَلى اللَّهِ وَ مَا أَنَا بِطارِدِ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّهُم مُّلَقُوا رَبهِمْ وَ لَكِنى أَرَاشْ قَوْماً تجْهَلُونَ(29) وَ يَقَوْمِ مَن يَنصرُنى مِنَ اللَّهِ إِن طرَدتهُمْ أَ فَلا تَذَكرُونَ(30) وَ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِى خَزَائنُ اللَّهِ وَ لا أَعْلَمُ الْغَيْب وَ لا أَقُولُ إِنى مَلَكٌ وَ لا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِى أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيهُمُ اللَّهُ خَيراً اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فى أَنفُسِهِمْ إِنى إِذاً لَّمِنَ الظلِمِينَ(31)
اللغة
الطرد الإبعاد على جهة الهوان و تطارد الأقوال حمل بعضها على بعض و الإزدراء الاحتقار افتعال من الزراية يقال زريت عليه إذا عبثه و أزرت به إذا قصرت به قال الشاعر :
رأوه فازدروه و هو خرق
و ينفع أهله الرجل القبيح
و لم يخشوا مقالته عليهم
و تحت الرغوة اللبن الصريح
المعنى
ثم أنكر نوح استثقالهم التكليف و العاقل إنما يستثقل الأمر إذا ألزمته مئونة ثقله فقطع هذا العذر بقوله « و يا قوم لا أسألكم عليه مالا » أي لا أطلب منكم على دعائكم إلى الله أجرا فتمتنعون من إجابتي خوفا من أخذ المال « إن أجري إلا على الله » أي ما ثوابي و ما أجري في ذلك إلا على الله « و ما أنا بطارد الذين آمنوا » أي لست أطرد المؤمنين من عندي و لا أبعدهم على وجه الإهانة و قيل أنهم كانوا سألوه طردهم ليؤمنوا له أنفة من أن يكونوا معهم على سواء عن ابن جريج و الزجاج « إنهم ملاقوا ربهم » و هذا يدل على أنهم سألوه طردهم فأعلمهم أنه لا يطردهم لأنهم ملاقوا ربهم فيجازي من ظلمهم و طردهم بجزائه من العذاب عن الزجاج و قيل معناه أنهم ملاقوا ثواب ربهم فكيف يكونون أراذل و كيف يجوز طردهم و هم لا يستحقون ذلك عن الجبائي « و لكني أراكم قوما تجهلون » الحق و أهله و قيل معناه تجهلون أن الناس إنما يتفاضلون بالدين لا بالدنيا و قيل تجهلون فيما تسألون من طرد المؤمنين « و يا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم » معناه من يمنعني من عذاب الله إن أنا طردت المؤمنين فكانوا خصمائي عند الله في الآخرة « أ فلا تذكرون » أي أ فلا تتفكرون فتعلمون أن الأمر على ما قلته و فرق علي بن عيسى بين التفكر و التذكر بأن التذكر طلب معنى قد كان حاضرا للنفس و التفكر طلب معرفة الشيء بالقلب و إن لم يكن حاضرا للنفس و ليست النصرة المذكورة في الآية من الشفاعة في شيء لأن النصرة هي المنع على وجه المغالبة و القهر و الشفاعة هي المسألة على وجه الخضوع فلا دلالة في الآية على نفي الشفاعة
مجمع البيان ج : 5 ص : 237
للمذنبين على ما قاله بعضهم « و لا أقول لكم عندي خزائن الله » هذا تمام الحكاية عما قاله نوح لقومه و معناه إني لا أرفع نفسي فوق قدرها فأدعي أن عندي مقدورات الله تعالى فأفعل ما أشاء و أعطي ما أشاء و أمنع من أشاء عن الجبائي و أبي مسلم و قيل خزائن الله مفاتيح الله في الرزق و هذا جواب لقولهم ما نراك إلا بشرا مثلنا أو قولهم و ما نرى لكم علينا من فضل « و لا أعلم الغيب » أي و لا أدعي علم الغيب حتى أدلكم على منافعكم و مضاركم و قيل لا أعلم الغيب فأعلم ما تسرونه في نفوسكم فيكون جوابا لقولهم إن هؤلاء الذين آمنوا بك اتبعوك في ظاهر ما ترى منهم أي فسبيلي قبول إيمانهم الذي ظهر لي و لا يعلم ما يضمرونه إلا الله تعالى « و لا أقول إني ملك » فأخبركم بخبر السماء من قبل نفسي و إنما أنا بشر لا أعلم الأشياء من غير تعليم الله تعالى و قيل معناه لا أقول إني روحاني غير مخلوق من ذكر و أنثى بل أنا بشر مثلكم خصني الله بالرسالة « و لا أقول للذين تزدري أعينكم » أي لا أقول لهؤلاء المؤمنين الذين تستقلونهم و تستخفونهم و تحتقرهم أعينكم لما ترون عليهم من زي الفقراء « لن يؤتيهم الله خيرا » أي لا يعطيهم الله في المستقبل خيرا على أعمالهم و لا يثيبهم عليها بل أعطاهم الله كل خير في الدنيا من التوفيق و يعطيهم كل خير في الآخرة من الثواب « الله أعلم بما في أنفسهم » أي بما في قلوبهم من الإخلاص و غيره « إني إذا لمن الظالمين » إن طردتهم ، تكذيبا لظاهر إيمانهم أو قلت فيهم غير ما أعلم .
قَالُوا يَنُوحُ قَدْ جَدَلْتَنَا فَأَكثرْت جِدَلَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كنت مِنَ الصدِقِينَ(32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللَّهُ إِن شاءَ وَ مَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ(33) وَ لا يَنفَعُكمْ نُصحِى إِنْ أَرَدت أَنْ أَنصحَ لَكُمْ إِن كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(34) أَمْ يَقُولُونَ افْترَاهُ قُلْ إِنِ افْترَيْتُهُ فَعَلىَّ إِجْرَامِى وَ أَنَا بَرِىءٌ مِّمَّا تجْرِمُونَ(35)
اللغة
الجدال و المجادلة المقابلة بما يفتل الخصم من مذهبه بحجة أو شبهة و هو من الجدل شدة الفتل و يقال للصقر أجدل لأنه من أشد الجوارح و الجدال و المراء بمعنى غير
مجمع البيان ج : 5 ص : 238
أن المراء مذموم لأنه مخاصمة في الحق بعد ظهوره كمري الضرع بعد دروره و ليس كذلك الجدال و الفرق بين الحجاج و الجدال أن المطلوب بالحجاج ظهور الحجة و المطلوب بالجدال الرجوع عن المذهب و الإعجاز هو الفوت بالهرب و الفرق بين افتراء الكذب و قول الكذب أن قول الكذب قد يكون على وجه تقليد الإنسان فيه لغيره و أما افتراء الكذب فهو افتعاله من قبل نفسه و أجرم و جرم بمعنى قال :
طريد عشيرة و رهين ذنب
بما جرمت يدي و جنى لساني
المعنى
ثم حكى الله سبحانه جواب قوم نوح عما قاله لهم فقال « قالوا يا نوح قد جادلتنا » أي خاصمتنا و حاججتنا « فأكثرت جدالنا » أي زدت في مجادلتنا على مقدار الكفاية و في بعض الروايات عن ابن عباس فأكثرت جدلنا و المعنى واحد « فأتنا بما تعدنا » من العذاب « إن كنت من الصادقين » في أن الله تعالى يعذبنا على الكفر أي فلسنا نؤمن بك و لا نقبل منك « قال » نوح « إنما يأتيكم به الله إن شاء » أي لا يأتي بالعذاب إلا الله سبحانه متى شاء لا يقدر عليه غيره فإن شاء عجل و إن شاء أخر « و ما أنتم بمعجزين » أي لا تفوتونه بالهرب « و لا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم » ذكر في تأويله وجوه ( أحدها ) إن كان الله يريد أن يخيبكم من رحمته بأن يحرمكم ثوابه و يعاقبكم لكفركم به فلا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم و قد سمى الله سبحانه العقاب غيا بقوله فسوف يلقون غيا و يشهد بصحة ما قلناه قول الشاعر :
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره
و من يغو لا يعدم على الغي لائما و لما خيب الله سبحانه قوم نوح من رحمته و ثوابه و أعلم الله نوحا (عليه السلام) بذلك في قوله « لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن » قال لهم لا ينفعكم نصحي مع إيثاركم ما يوجب خيبتكم و العذاب الذي جره إليكم قبيح أفعالكم و إذا طرأ شرط على شرط كان الثاني مقدما على الأول في المعنى و إن كان مؤخرا في اللفظ و التقدير و لا ينفعكم نصحي إن كان الله يريد أن يغويكم إن أردت أن أنصح لكم ( و ثانيها ) أن المعنى إن كان الله يريد عقوبة إغوائكم الخلق و إضلالكم إياهم أي يريد عقوبتكم على ذلك و من عادة العرب أن تسمي العقوبة باسم الشيء المعاقب عليه كما في قوله سبحانه « و جزاء سيئة سيئة مثلها و مكروا و مكر الله و الله يستهزىء بهم » و قد مر فيما مضى أمثال ذلك ( و ثالثها ) أن معناه إن كان الله يريد أن يهلككم فلا ينفعكم نصحي عند نزول العذاب بكم و إن قبلتم قولي و آمنتم لأن الله تعالى
مجمع البيان ج : 5 ص : 239
حكم بأن لا يقبل الإيمان عند نزول العذاب عن الحسن و قد حكي عن العرب أنهم قالوا أغويت فلانا بمعنى أهلكته و يقال غوي الفصيل إذا فسد من كثرة شرب اللبن ( و رابعها ) أن قوم نوح كانوا يعتقدون أن الله تعالى يضل عباده عن الدين و أن ما هم عليه بإرادة الله و لو لا ذلك لغيره و أجبرهم على خلافه فقال لهم نوح على وجه التعجب من قولهم و الإنكار لذلك أن نصحي لا ينفعكم إن كان القول كما تقولون و هذا هو المحكي عن جعفر بن حرب و إنما شرط النصح بالإرادة في قوله « إن أردت أن أنصح لكم » مع وقوع هذا النصح استظهارا في الحجة عليهم لأنهم ذهبوا إلى أنه ليس بنصح فقال لو كان نصحا ما نفع من لا يقبله و لا يجوز أن يكون المراد بالإغواء في الآية فعل الكفر أو الدعاء إلى الكفر و الحمل عليه على ما يعتقده المجبرة لقيام الأدلة على أن خلق الكفر و إرادته من أقبح القبائح كالأمر به و كما لم يجز أن يأمر به فكذلك لا يجوز أن يفعله و يريده و لأنه لو جاز منه الإضلال لجاز منه أن يبعث من يدعو إلى الضلال و يظهر المعجزات على يده و في هذا ما فيه « هو ربكم و إليه ترجعون » أي هو خالقكم و رازقكم و إلى حكمه و تدبيره تصيرون فيجازيكم على أعمالكم « أم يقولون افتراه » قيل إنه يعني بذلك محمدا (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و المراد أ يؤمن كفار محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) بما أخبرهم به محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) من نبأ قوم نوح (عليه السلام) أم يقولون افتراه محمد (صلى الله عليهوآلهوسلّم) من تلقاء نفسه ف « قل » لهم يا محمد « إن افتريته » و اختلقته كما تزعمون « فعلي إجرامي » أي عقوبة جرمي لا تؤخذون به « و أنا بريء مما تجرمون » أي لا أؤخذ بجرمكم عن مقاتل و قيل يعني به نوحا (عليه السلام) و أنه يقول على الله الكذب عن ابن عباس .

النظم
و وجه اتصال هذه الآية بما قبلها على القول الأول أنها تتصل بقوله « أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله » .

مجمع البيان ج : 5 ص : 240
وَ أُوحِىَ إِلى نُوح أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِك إِلا مَن قَدْ ءَامَنَ فَلا تَبْتَئس بِمَا كانُوا يَفْعَلُونَ(36) وَ اصنَع الْفُلْك بِأَعْيُنِنَا وَ وَحْيِنَا وَ لا تخَطِبْنى فى الَّذِينَ ظلَمُوا إِنهُم مُّغْرَقُونَ(37)


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page