• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء السادس عشر سورة الكهف آیات 98 الی 110


قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبى فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبى جَعَلَهُ دَكاءَ وَ كانَ وَعْدُ رَبى حَقًّا(98)
القراءة
قرأ ابن كثير و أبو عمرو « بين السدين » و « سدا » بالفتح هنا و في ياسين بالضم و قرأ أهل الكوفة غير عاصم بين السدين بضم السين و سدا حيث كان بالفتح و قرأ حفص الجميع بالفتح و قرأ الباقون الجميع بالضم كل القرآن و قرأ أهل الكوفة غير عاصم يفقهون بضم الياء و كسر القاف و الباقون بفتح الياء و القاف و قرأ عاصم « يأجوج و مأجوج » بالهمزة و مثله في الأنبياء و قرأ الباقون بغير همزة فيهما في السورتين و قرأ أهل الكوفة غير عاصم خراجا و في المؤمنين خراجا فخراج ربك كله بالألف و الباقون « خرجا » بغير ألف في الموضعين فخراج ربك بالألف و قرأ ابن كثير ما مكنني بنونين و الباقون بنون واحدة مشددة و قرأ يحيى عن أبي بكر ردما أتوني بالوصل و قرأ حمزة و يحيى عن أبي بكر قال ايتوني بالوصل أيضا و الباقون « آتوني » بقطع الألف في الحرفين و قرأ أهل المدينة و الكوفة غير أبي بكر « بين الصدفين » بفتح الصاد و الدال و قرأ الباقون بضم الصاد و الدال غير أبي بكر فإنه قرأ بضم الصاد و سكون الدال و قرأ حمزة غير خلاد فما اسطاعوا مشددة الطاء و الباقون خفيفة الطاء و قرأ أهل الكوفة « دكاء » بالمد و الهمزة و الباقون دكا منونا غير مهموز .

الحجة
قال أبو عبيدة : كل شيء وجدته العرب من فعل الله من الجبال و الشعاب فهو سد بالضم و ما بناه الآدميون فهو سد و قال غيره : هما لغتان كالضعف و الضعف و الفقر و الفقر قال أبو علي : يجوز أن يكون السد بالفتح مصدرا و السد بالضم المسدود كالأشياء التي يفصل فيها بين المصادر و الأسماء نحو السقي و الشرب و الشرب فإذا كان كذلك فالأشبه بين
مجمع البيان ج : 6 ص : 760
السدين لأنه المسدود و يجوز فيمن فتح السدين أن يجعله اسما للمسدود نحو نسج اليمن و ضرب الأمير بمعنى المنسوج و المضروب و من قرأ لا يكادون يفقهون فإن فقهت يتعدى إلى مفعول واحد نحو فقهت السنة فإذا نقلته تعدى إلى مفعولين فيكون المعنى فيمن ضم لا يكادون يفقهون أحدا قولا فحذف أحد المفعولين كما حذف من قوله فأتبعوهم مشرقين و المعنى فأتبعوهم جندهم مشرقين و قوله فأتبعهم فرعون و جنوده أي فأتبعهم فرعون طلبه إياهم أو تتبعه لهم و الحذف في هذا النحو كثير قال أبو علي : يأجوج إن جعلته عربيا فهو يفعول من أج نحو يربوع و من لم يهمز أمكن أن يكون خفف الهمزة فقلبها ألفا فهو على قوله يفعول أيضا و إن كانت الألف في يأجوج ليس على التخفيف فإنه فاعول من ي ج ج فإن جعلت الكلمة من هذا الأصل كانت الهمزة فيها كمن قال ساق و نحو ذلك مما جاء مهموزا و لم يتبع أن يهمز و يكون الامتناع من صرفه على هذا للتأنيث و التعريف كأنه اسم القبيلة كمجوس و أما مأجوج فمن همز فمفعول من أج فالكلمتان على هذا من أصل واحد و من لم يهمز فإنه فاعول من مج فالكلمتان على هذا من أصلين و ليسا من أصل واحد و يكون ترك الصرف فيه أيضا للتعريف و التأنيث فإن جعلتهما من العجمية فهذه التمثيلات لا تصح فيهما و إنما امتنعا من الصرف للعجمة و التعريف و قوله « هل نجعل لك خرجا » أي هل نجعل لك عطية نخرجها إليك من أموالنا و كذلك قوله أم تسئلهم خرجا أي مالا يخرجونه إليك فأما المضروب على الأرض فالخراج و قد يجوز في غير ضرائب الأرض الخراج بدلالة قول العجاج :
يوم خراج يخرج السمرجا ) فهذا ليس على الضرائب التي ألزمت الأرضين لأن ذلك لا يضاف إلى وقت من يوم و غيره و إنما هو شيء مؤبد لا يتغير و قوله « ما مكني » بإظهار المثلين فلأن الثاني منهما غير لازم لأنك قد تقول قد مكنتك و مكنته فلا تلزم النون فلما لم تلزم لم يعتد بها كما أن التاء في اقتتلوا كذلك و من أدغم لم ينزله منزلة ما لا يلزم فأدغم كما أن من قال قتلوا في اقتتلوا كان كذلك قال أبو علي : و مكن مكانة فهو مكين فعل غير متعد فإذا ضعفت العين عديته بذلك و حجة من قرأ ردما ايتوني ايتوني أن أشبه ب « أعينوني بقوة » لأنه كلفهم المعونة على عمل السد و لم يقبل الخرج الذي بذلوه له و قوله « ايتوني » الذي معناه جيئوني إنما هو معونة على ما كلفهم في قوله « فأعينوني بقوة » و أما آتوني فمعناه أعطوني ، فأعطوني يجوز أن يكون على المناولة و يجوز أن يكون على الاتهاب و ائتوني المقصورة لا يحتمل إلا جيئوني فيكون أحسن هنا لاختصاصه بالمعونة فقط دون أن يكون سؤال عين و العطية قد تكون هبة قال :
مجمع البيان ج : 6 ص : 761

و منا الذي أعطى الرسول عطية
أسارى تميم و العيون دوامع فالعطية تجري مجرى الهبة لهم و الإنعام عليهم في فك الأسر و قد تكون بمعنى المناولة و وجه قراءة من قرأ « آتوني » أنه لم يرد ب آتوني العطية و الهبة و لكن تكليف المناولة بالأنفس كما كان قراءة من قرأ أيتوني لا يصرف إلى استدعائه تمليك عين بهبة و لا بغيرها فأما انتصاب « زبر الحديد » فإنك تقول أئتيك بدرهم قال :
أتيت بعبد الله في القيد موثقا
فهلا سعيدا ذا الخيانة و الغدر فيصل الفعل إلى المفعول الثاني بحرف جر ثم يجوز أن يحذف الحرف اتساعا فيصل الفعل إلى المفعول الثاني على حد أمرتك الخير و نحوه و الصدف و الصدف و الصدف لغات فاشية قال أبو عبيدة : الصدفان جنبتا الجبل و من قرأ ائتوني أفرغ عليه قطرا فمعناه جيئوني به كما قلناه في ائتوني زبر الحديد في اتصال الفعل إلى المفعول الثاني بحرف الجر إلا أنه أعمل الفعل الثاني فلو أعمل الفعل الأول لكان ائتوني أفرغه عليه بقطر إلا أن يقدر أن الفعل يصل إلى المفعول الثاني بلا حرف كما كان كذلك في قوله « ائتوني زبر الحديد » و جميع ما مر بنا في التنزيل من هذا النحو إنما هو على إعمال الثاني كما يختاره سيبويه فمن ذلك قوله يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة و منه قوله هاؤم اقرءوا كتابيه و وجه من قرأ « آتوني » إن المعنى ناولوني قطرا أفرغ عليه قطرا إلا أنه أعمل الثاني من الفعلين كما أعمل الثاني من قصر ائتوني و قراءة حمزة « فما اسطاعوا » إنما هو على إدغام التاء في الطاء و لم يلق حركتها على السين فيحرك ما لا يتحرك و لكن أدغم مع أن الساكن الذي قبل المدغم ليس حرف مد و قد قرأت القراء غير حرف من هذا النحو و قد تقدم ذكر وجه هذا النحو و مما يؤكد ذلك أن سيبويه أنشد :
كأنه بعد كلال الزاجر
و مسحه مر عقاب كاسر و الحذف في اسطاعوا و الإثبات في استطاعوا كل واحد منهما أحسن من الإدغام على هذا الوجه الذي هو جمع بين السين الساكنة و التاء المدغمة و هي ساكنة أيضا و أما قوله جعله دكا فإنه يحتمل أمرين ( أحدهما ) أنه لما قال جعله دكا كان بمنزلة خلق و عمل فكأنه قال دكه دكا فحمله على الفعل الذي دل عليه قوله « جعله » و الوجه الآخر أن يكون جعله ذا دك فحذف المضاف و يمكن أن يكون حالا في هذا الوجه و من قرأ « دكاء » فعلى حذف المضاف كأنه جعله
مجمع البيان ج : 6 ص : 762
مثل دكاء قالوا ناقة دكاء أي لا سنام لها و لا بد من تقدير الحذف لأن الجبل مذكر فلا يوصف بدكاء .

اللغة
السد وضع ما ينتفي به الخرق يقال سده يسده و منه سدد السهم لأنه سد عليه طرق الاضطراب و منه السداد الصواب و الردم السد و الحاجز يقال ردم فلان موضع كذا يردمه ردما و الثوب المردم الخلق المرقع و منه قول عنترة :
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم أي هل تركوا من قول يؤلف تأليف الثوب المرقع و الزبرة الجملة المجتمعة من الحديد و الصفر و نحوهما و أصله الاجتماع و منه الزبور و زبرت الكتاب إذا كتبته لأنك جمعت حروفه قال أبو عبيدة : القطر الحديد المذاب و أنشد :
حسام كلون الملح صاف حديدة
جراز من أقطار الحديد المنعت و أصله من القطر لأن الرصاص و الحديد إذا أذيب قطر كما يقطر الماء و في استطاع ثلاث لغات استطاع يستطيع و اسطاع يسطيع و استاع يستيع بحذف الطاء استثقلوا اجتماعهما و هما من مخرج واحد فأما اسطاع يسطيع بقطع الألف و هو أطاع أفعل فزادوا السين عوضا من ذهاب حركة الواو لأن أصل أطاع أطوع و مثله أهراق يهريق زادوا الهاء في أراق يريق و ليس هذا العوض بلازم أ لا ترى أن ما كان نحوه لم يلزمه هذا العوض .

المعنى
« حتى إذا بلغ بين السدين » ثم أخبر سبحانه عن حال ذي القرنين بعد منصرفه عن المشرق أنه سلك طريقا إلى أن بلغ بين السدين و وصل إلى ما بينهما و هما الجبلان اللذان جعل الردم بينهما و هو الحاجز بين يأجوج و مأجوج و من وراءهم عن ابن عباس و قتادة و الضحاك و قيل أراد بالسدين الموضع الذي فيه السدان اليوم لأنه لو كان هناك سد لم يكن لطلبهم السد معنى و السد الموضع المسدود لا المنفتح « وجد من دونهما قوما لا يكادون يفقهون قولا » أي خصوا بلغة كادوا لا يعرفون غيرها قال ابن عباس : كادوا لا يفقهون كلام أحد و لا يفهم الناس كلامهم و إنما قال « لا يكادون » لأنهم فهموا بعض الأشياء عنهم و إن كان بعد شدة و لذلك حكى الله عنهم أنهم « قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض » و يجوز أن يكون الله سبحانه فهم ذا القرنين لسانهم كما فهم سليمان (عليه السلام) )
مجمع البيان ج : 6 ص : 763
منطق الطير أو قالوا له بترجمان أن يأجوج و مأجوج مفسدون في أرضهم و فسادهم أنهم كانوا يخرجون فيقتلونهم و يأكلون لحومهم و دوابهم و قيل كانوا يخرجون أيام الربيع فلا يدعون شيئا أخضر إلا أكلوه و لا يابسا إلا احتملوه عن الكلبي و قيل أرادوا أنهم سيفسدون في المستقبل عند خروجهم و ورد في الخبر عن حذيفة قال سألت رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) عن يأجوج و مأجوج فقال يأجوج أمة و مأجوج أمة كل أمة أربعمائة أمة لا يموت الرجل منهم حتى ينظر إلى ألف ذكر من صلبه كل قد حمل السلاح قلت يا رسول الله صفهم لنا قال هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز قلت يا رسول الله و ما الأرز قال شجر بالشام طوال و صنف منهم طولهم و عرضهم سواء و هؤلاء الذين لا يقوم لهم خيل و لا حديد و صنف منهم يفترش إحدى أذنيه و يلتحف بالأخرى و لا يمرون بفيل و لا وحش و لا جمل و لا خنزير إلا أكلوه و من مات منهم أكلوه مقدمتهم بالشام و ساقتهم بخراسان يشربون أنهار المشرق و بحيرة طبرية قال وهب و مقاتل أنهم من ولد يافث بن نوح أبي الترك و قال السدي الترك سرية من يأجوج و مأجوج خرجت تغير فجاء ذو القرنين فضرب السد فبقيت خارجة و قال قتادة إن ذا القرنين بنى السد على إحدى و عشرين قبيلة و بقيت منهم قبيلة دون السد فهم الترك و قال كعب هم نادرة في ولد بني آدم و ذلك أن آدم (عليه السلام) احتلم ذات يوم و امتزجت نطفته بالتراب فخلق الله من ذلك الماء يأجوج و مأجوج فهم متصلون بنا من جهة الأب دون الأم و هذا بعيد و قوله « فهل نجعل لك خرجا » أو خراجا معناه فهل نجعل لك بعضا من أموالنا « على أن تجعل بيننا و بينهم سدا » أي حائطا و قيل في الفرق بين الخرج و الخراج أن الخراج اسم لما يخرج من الأرض و الخرج اسم لما يخرج من المال و قيل الخراج الغلة و الخرج الأجرة و قيل الخراج ما يؤخذ عن الأرض و الخرج ما يؤخذ عن الرقاب قاله أبو عمرو و قيل الخراج ما يؤخذ في كل سنة و الخرج ما يؤخذ دفعة عن تغلب « قال » ذو القرنين « ما مكني فيه ربي خير » أي أعطاني ربي من المال و مكني فيه من الاتساع في الدنيا خير مما عرضتموه علي من الأجر « فأعينوني بقوة » أي برجال فيكون معناه بقوة الأبدان و قيل بعمل تعملونه معي عن الزجاج و قيل ب آلة العمل و ذلك زبر الحديد و الصفر « أجعل بينكم و بينهم ردما » أي سدا و حاجزا قال ابن عباس : الردم أشد الحجاب و قيل هو السد المتراكب بعضه على بعض « آتوني زبر الحديد » أي أعطوني قطع الحديد أو جيئوا بقطع الحديد على القراءة الأخرى و في الكلام حذف و هو أنهم أتوه بما طلبه منهم من زبر الحديد ليعمل الردم في وجوه يأجوج و مأجوج فبناه « حتى إذا ساوى بين الصدفين » أي سوى بين جانبي الجبل بما جعل بينهما من الزبر قال الأزهري : يقال لجانبي الجبل صدفان لتصادفهما أي تحاذيهما و تلاقيهما و قيل هما جبلان كل واحد
مجمع البيان ج : 6 ص : 764
منهما منعدل عن الآخر كأنه قد صدف عنه و قوله « قال انفخوا » معناه قال ذو القرنين انفخوا النار على الزبر أمرهم أن يؤتى بمنافخ الحدادين فينفخوا في نار الحديد التي أوقدت فيه « حتى إذا جعله نارا » أي حتى إذا جعل الحديد كالنار في منظره من الحمي و اللهب فصار قطعة واحدة لزم بعضها بعضا « قال آتوني أفرغ عليه قطرا » أي أعطوني نحاسا مذابا أو صفرا مذابا أو حديدا مذابا أصبه على السدين الجبلين حتى ينسد الثقب الذي فيه و يصير جدارا مصمتا فكانت حجارته الحديد و طينه النحاس الذائب عن ابن عباس و مجاهد و الضحاك قال قتادة : فهو كالبرد المحبر طريقة سوداء و طريقة حمراء « فما اسطاعوا أن يظهروه » معناه فلما تم لم يستطع يأجوج و مأجوج أن يعلوه و يصعدوه يقال ظهرت السطح إذا علوته « و ما استطاعوا له نقبا » أي و لم يستطيعوا أن ينقبوا أسفله لكثافته و صلابته و نفي بذلك كل عيب يكون في السد و قيل أن هذا السد وراء بحر الروم بين جبلين هناك يلي مؤخرهما البحر المحيط و قيل أنه وراء دربند و خزران من ناحية أرمينية و أذربيجان و قيل أن مقدار ارتفاع السد مائتا ذراع و عرض الحائط نحو من خمسين ذراعا « قال » ذو القرنين « هذا رحمة من ربي » أي هذا السد نعمة من الله لعباده أنعم بها عليهم في دفع شر يأجوج و مأجوج عنهم « فإذا جاء وعد ربي » يعني إذا جاء وقت أشراط الساعة و وقت خروجهم الذي قدره الله تعالى « جعله دكاء » أي جعل السد أرضا مستويا مع الأرض مدكوكا أو ذا دك و إنما يكون ذلك بعد قتل عيسى بن مريم الدجال عن ابن مسعود و جاء في الحديث أنهم يدأبون في حفرة نهارهم حتى إذا أمسوا و كادوا يبصرون شعاع الشمس قالوا نرجع غدا و نفتحه و لا يستثنون فيعودون من الغد و قد استوى كما كان حتى إذا جاء وعد الله قالوا غدا نفتح و نخرج إن شاء الله فيعودون إليه و هو كهيئته حين تركوه بالأمس فيخرقونه و يخرجون على الناس فينشفون المياه و يتحصن الناس في حصونهم منهم فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع و فيها كهيئة الدماء فيقولون قد قهرنا أهل الأرض و علونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيدخل في آذانهم فيهلكون بها فقال النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) : و الذي نفس محمد بيده أن دواب الأرض لتسمن و تسكر من لحومهم سكرا و في تفسير الكلبي أن الخضر و اليسع يجتمعان كل ليلة على ذلك السد يحجبان يأجوج و مأجوج عن الخروج « و كان وعد ربي حقا » أي و كان ما وعد الله بأن يفعله لا بد من كونه فإنه حق إذ لا يجوز أن يخلف وعده .

مجمع البيان ج : 6 ص : 765
* وَ تَرَكْنَا بَعْضهُمْ يَوْمَئذ يَمُوجُ فى بَعْض وَ نُفِخَ فى الصورِ فجَمَعْنَهُمْ جمْعاً(99) وَ عَرَضنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئذ لِّلْكَفِرِينَ عَرْضاً(100) الَّذِينَ كانَت أَعْيُنهُمْ فى غِطاء عَن ذِكْرِى وَ كانُوا لا يَستَطِيعُونَ سمْعاً(101) أَ فَحَسِب الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُوا عِبَادِى مِن دُونى أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَفِرِينَ نُزُلاً(102) قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأَخْسرِينَ أَعْمَلاً(103) الَّذِينَ ضلَّ سعْيهُمْ فى الحَْيَوةِ الدُّنْيَا وَ هُمْ يحْسبُونَ أَنهُمْ يحْسِنُونَ صنْعاً(104) أُولَئك الَّذِينَ كَفَرُوا بِئَايَتِ رَبِّهِمْ وَ لِقَائهِ فحَبِطت أَعْمَلُهُمْ فَلا نُقِيمُ لهَُمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَزْناً(105) ذَلِك جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَ اتخَذُوا ءَايَتى وَ رُسلى هُزُواً(106)
القراءة
قرأ أبو بكر في رواية الأعشى و البرجمي عنه و زيد عن يعقوب أ فحسب الذين كفروا برفع الباء و سكون السين و هو قراءة أمير المؤمنين (عليه السلام) و ابن يعمر و الحسن و مجاهد و عكرمة و قتادة و الضحاك و ابن أبي ليلى و هذا من الأحرف التي اختارها أبو بكر و خالف عاصما فيها و ذكر أنه أدخلها في قراءة عاصم من قراءة أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى استخلص قراءته و قرأ الباقون « أ فحسب » بكسر السين و فتح الباء .

الحجة
قال ابن جني : معناه أ فحسب الكافرين و حظهم و مطلوبهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء بل يجب أن يعبدوا أنفسهم مثلهم فيكون كلهم عبيدا و أولياء لي و نحوه قوله تعالى و تلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل أي اتخذتهم عبيدا لك و هذا أيضا هو المعنى إذا كانت القراءة أ فحسب الذين كفروا إلا أن حسب ساكنة السين أذهب في الذم لهم و ذلك لأنه جعله غاية مرادهم و مجموع مطلوبهم و ليست القراءة الأخرى كذلك .

اللغة
الترك التخلية و التريكة بيضة النعام كأنها تركت بالعراء و التريكة أيضا الروضة يغفلها الناس فلا يرعونها و الترك ضد الأخذ و الترك في الحقيقة لا يجوز على الله تعالى و إنما
مجمع البيان ج : 6 ص : 766
يجوز على العاذر بعذره إلا أنه يتوسع فيه فيعبر فيه عن الإخلال بالشيء بالترك و الموج اضطراب الماء بتراكب بعضه على بعض و النزل ما يهيا للنزيل و هو الضيف قال الشاعر :
نزيل القوم أعظمهم حقوقا
و حق الله في حق النزيل و طعام ذو نزل و نزل بفتح النون و الزاء أيضا ذو فضل .

الإعراب
« أن يتخذوا » في موضع نصب بوقوع حسب عليه و من قرأ فحسب بالرفع و سكون السين فأن يتخذوا في موضع رفع أعمالا منصوب على التمييز لأنه لما قال « بالأخسرين » كان مبهما لا يدل على ما خسروه فبين ذلك الخسران في أي نوع وقع و الذين يصلح أن يكون في موضع جر على الصفة للأخسرين و يصلح أن يكون في موضع رفع على الاستئناف أي هم الذين ضل سعيهم .

المعنى
ثم أخبر سبحانه عن حال تلك الأمم فقال « و تركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض » أي و تركنا يأجوج و مأجوج يوم انقضاء أمر السد يموجون في الدنيا مختلطين لكثرتهم و يكون حالهم كحال الماء الذي يتموج باضطراب أمواجه و قيل إنه أراد سائر الخلق من الجن و الإنس أي و تركناهم يوم خروج يأجوج و مأجوج يختلطون بعضهم ببعض لأن ذلك علم للساعة ثم ذكر سبحانه نفخ الصور فقال « و نفخ في الصور » لأن خروج يأجوج و مأجوج من أشراط الساعة و اختلف في الصور فقيل هو قرن ينفخ فيه عن ابن عباس و ابن عمر و قيل هو جمع صورة فإن الله سبحانه يصور الخلق في القبور كما صورهم في أرحام الأمهات ثم ينفخ فيهم الأرواح كما نفخ و هم في أرحام أمهاتهم عن الحسن و أبي عبيدة و قيل إنه ينفخ إسرافيل في الصور ثلاث نفخات فالنفخة الأولى نفخة الفزع و الثانية نفخة الصعق التي يصعق من في السماوات و الأرض بها فيموتون و الثالثة نفخة القيام لرب العالمين فيحشر الناس بها من قبورهم « فجمعناهم جمعا » أي حشرنا الخلق يوم القيامة كلهم في صعيد واحد « و عرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا » أي أظهرنا جهنم و أبرزناها لهم حتى شاهدوها و رأوا ألوان عذابها قبل دخولها ثم وصف الكافرين فقال « الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكري » ذكر سبحانه السبب الذي استحقوا به النار يعني الذين غفلوا عن الاعتبار بقدرتي الموجب لذكري و أعرضوا عن التفكر في آياتي و دلائلي فصاروا بمنزلة من يكون في عينه غطاء يمنعه من الإدراك « و كانوا لا يستطيعون سمعا » أي و كان يثقل عليهم سماع القرآن و ذكر الله تعالى كما يقال فلان لا يستطيع النظر إليك و لا يستطيع أن يسمع كلامك أي يثقل عليه ذلك و أراد بالعين هنا عين القلب كما يضاف العمى إلى القلب « أ فحسب الذين
مجمع البيان ج : 6 ص : 767
كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء » معناه أ فحسب الذين جحدوا توحيد الله أن يتخذوا من دوني أربابا ينصرونهم و يدفعون عقابي عنهم و المراد بالعباد المسيح و الملائكة الذين عبدوهم من دون الله و هم براء منهم و من كل مشرك بالله تعالى و قيل معناه أ فحسب الذين كفروا أن يتخذوا من دوني آلهة و أنا لا أغضب لنفسي عليهم و لا أعاقبهم عن ابن عباس و يدل على هذا المحذوف قوله « إنا أعتدنا جهنم للكافرين نزلا » أي منزلا عن الزجاج و هو معنى قول ابن عباس يريد هي مثواهم و مصيرهم و قيل معناه إنا جعلنا جهنم معدة مهياة للكافرين عندنا كما يهيا النزل للضيف « قل » يا محمد « هل ننبئكم » أي هل نخبركم « بالأخسرين أعمالا » أي بأخسر الناس أعمالا و المعنى بالقوم الذين هم أخسر الناس فيما عملوا و هم كفار أهل الكتاب اليهود و النصارى « الذين ضل سعيهم » أي بطل عملهم و اجتهادهم « في الحياة الدنيا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا » أي يظنون أنهم بفعلهم محسنون و أن أفعالهم طاعة و قربة و روى العياشي بإسناده قال قام ابن الكواء إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فسأله عن أهل هذه الآية فقال أولئك أهل الكتاب كفروا بربهم و ابتدعوا في دينهم فحبطت أعمالهم و ما أهل النهر منهم ببعيد يعني الخوارج « أولئك الذين كفروا ب آيات ربهم و لقائه فحبطت أعمالهم » أي جحدوا بحجج الله و بيناته و لقاء جزائه في الآخرة فبطلت و ضاعت أعمالهم التي عملوها لأنهم أوقعوها على خلاف الوجه الذي أمرهم الله به « فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا » أي لا قيمة لهم عندنا و لا كرامة و لا نعتد بهم بل نستخف بهم و نعاقبهم تقول العرب ما لفلان عندنا وزن أي قدر و منزلة و يوصف الجاهل بأنه لا وزن له لخفته بسرعة بطشه و قلة تثبته و روي في الصحيح أن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن جناح بعوضة « ذلك جزاؤهم جهنم » معناه الأمر ذلك الذي ذكرت من حبوط أعمالهم و خيبة قدرهم ثم ابتدأ سبحانه فقال جزاؤهم جهنم « بما كفروا و اتخذوا آياتي و رسلي هزوا » أي بكفرهم و اتخاذهم آياتي أي أدلتي الدالة على توحيدي يعني القرآن و رسلي هزوا أي مهزوءا به .

مجمع البيان ج : 6 ص : 768
إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَ عَمِلُوا الصلِحَتِ كانَت لهَُمْ جَنَّت الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً(107) خَلِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنهَا حِوَلاً(108) قُل لَّوْ كانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكلِمَتِ رَبى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كلِمَت رَبى وَ لَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً(109) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشرٌ مِّثْلُكمْ يُوحَى إِلىَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَحِدٌ فَمَن كانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صلِحاً وَ لا يُشرِك بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَا(110)
القراءة
قرأ أهل الكوفة غير عاصم أن ينفد بالياء و الباقون « تنفد » بالتاء و في الشواذ قراءة ابن عباس و ابن مسعود و مجاهد و سليمان التيمي و لو جئنا بمثله مدادا .

الحجة
قال أبو علي : تنفد بالتاء أحسن لأن المسند إليه للفعل مؤنث و المذكر حسن أيضا لأن التأنيث ليس بحقيقي و من قرأ « مددا » فهو منصوب على الحال كما يقال جئتك بزيد عونا لك و مددا لك و يجوز أن ينتصب على المصدر بفعل مضمر يدل عليه قوله « و لو جئنا بمثله » فكأنه قال أمددنا به إمدادا ثم وضع مددا موضع إمدادا و قال الزجاج : هو منصوب على التمييز و من قال جئنا بمثله مدادا فإنه ينتصب على التمييز و المعنى بمثله من المداد و يكون مثل قولك لي مثله عبدا أي من العبيد و على التمرة مثلها زبدا أي من الزبد .

اللغة
الفردوس البستان الذي يجتمع فيه التمر و الزهر و سائر ما يمتع و يلذ قال الزجاج : هو البستان الذي يجمع محاسن كل بستان قال و قال قوم أن الفردوس الأودية التي تنبت ضروبا من النبت و قالوا هو بالرومية منقول إلى لفظ العربية و لم نجده في أشعار العرب إلا في بيت حسان :
فإن ثواب الله كل موحد
جنان من الفردوس فيها يخلد و الحول التحول يقال قد حال من مكانه حولا كما قالوا في المصادر صغر صغرا و عظم عظما و عاد في حبها عودا و قيل إن الحول أيضا الحيلة و قيل أن الحول بمعنى التحويل يقال حولوا عنها تحويلا و حولا عن الأزهري و ابن الأعرابي و المداد التي يكتب به و المدد المصدر و هو مجيء شيء بعد شيء و الكلمة الواحدة من الكلام و قد يقال للقصيدة كلمة لأنها قطعة واحدة من الكلام و مما يسأل عنه فيقال إن الكلمات لأقل العدد فكيف جاء بها هاهنا و الجواب أن العرب تستغني بالجمع القليل عن الجمع الكثير و بالكثير عن القليل قال الله

بعدی
تعالى و هم في الغرفات آمنون و الغرف في الجنة أكثر من أن تحصى و قال هم درجات عند الله و قال حسان :
مجمع البيان ج : 6 ص : 769

لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى
و أسيافنا يقطرن من نجدة دما و كان أبو علي الفارسي ينكر الحكاية التي تروى عن النابغة و أنه قال لحسان : قللت جفناتكم و أسيافكم فقال لا يصح هذا عن النابغة .

الإعراب
إن جعلت « نزلا » بمعنى المنزل فهو خبر كان على ظاهرة و إن جعلته بمعنى ما يقام للنازل قدرت المضاف على معنى كانت لهم ثمار جنات الفردوس و نعيمهما نزلا و يجوز أن يكون نزلا جمع نازل فيكون نصبا على الحال من الضمير في لهم و معنى كان أنه كان في علم الله تعالى قبل أن يخلقوا عن ابن الأنباري و قوله « فليعمل » يجوز كسر اللام و إسكانها و الأصل الكسر إلا أنه في يثقل اللفظ .

المعنى
لما تقدم ذكر حال الكافرين عقبه سبحانه بذكر حال المؤمنين فقال « إن الذين آمنوا » أي صدقوا الله و رسوله « و عملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس » أي كان في حكم الله و علمه لهم بساتين الفردوس و هو أطيب موضع في الجنة و أوسطها و أفضلها و أرفعها عن قتادة و قيل هو الجنة الملتفة الأشجار عن قتادة و قيل هو البستان الذي فيه الأعناب عن كعب و روى عبادة بن الصامت عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء و الأرض الفردوس أعلاها درجة منها تفجر أنهار الجنة الأربعة فإذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس « نزلا » أي منزلا و مأوى و قيل ذات نزول « خالدين فيها » أي دائمين فيها « لا يبغون عنها حولا » أي لا يطلبون عن تلك الجنات تحولا إلى موضع آخر لطيبتها و حصول مرادهم فيها ثم أمر سبحانه نبيه (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فقال « قل » يا محمد لجميع المكلفين « لو كان البحر » و هو اسم الجنس أي لو كان البحر بمائه « مدادا لكلمات ربي » أي مدادا ليكتب به ما يقدر الله عليه من الكلام و الحكم و قيل أراد بالكلمات ما يقدر سبحانه على أن يخلقه من الأشياء و يأمر به كما قال في عيسى (عليه السلام) و كلمته ألقاها إلى
مجمع البيان ج : 6 ص : 770
مريم و قيل أراد بالكلمات ما وعد لأهل الثواب و أوعد لأهل العقاب عن أبي مسلم « لنفد البحر » أي لفني ماء البحر « قبل أن تنفد كلمات ربي » و قيل أن كلماته المراد بها مقدوراته و حكمته و عجائبه و قوله « و لو جئنا بمثله مددا » أي و لو جئنا بمثل البحر مددا له أي عونا و زيادة لما نفد ذلك و قيل أراد بكلمات ربي معاني كلمات ربي و فوائدها و هي القرآن و سائر كتبه و لم يرد بذلك أعيان الكلمات لأنه قد فرغ من كتابتها فيكون تقدير قل لو كان البحر مدادا لكتابة معاني كلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كتابة معاني كلمات ربي فحذف لأن المعنى مفهوم و المداد هو الجائي و الآتي شيئا بعد شيء قال ابن الأنباري : سمي المداد مدادا لإمداده الكاتب و يقال للزيت الذي يوقد به السراج مدادا و روى عكرمة عن ابن عباس قال : لما نزل قوله و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا قالت اليهود أوتينا علما كثيرا أوتينا التوراة و فيها علم كثير فأنزل الله هذه الآية و لذلك قال الحسن : أراد بالكلمات العلم فإنه لا يدرك و لا يحصى و نظيره و لو أنما في الأرض من شجرة أقلام الآية ثم قال « قل » يا محمد « إنما أنا بشر مثلكم » قال ابن عباس : علم الله نبيه التواضع لئلا يزهي على خلقه فأمره أن يقر على نفسه بأنه آدمي كغيره إلا أنه أكرم بالوحي و هو قوله « يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد » لا شريك له أي لا فضل لي عليكم إلا بالدين و النبوة و لا علم لي إلا ما علمنيه الله تعالى « فمن كان يرجوا لقاء ربه » أي فمن كان يطمع في لقاء ثواب ربه و يأمله و يقر بالبعث إليه و الوقوف بين يديه و قيل معناه فمن كان يخشى لقاء عقاب ربه و قيل إن الرجاء يشتمل على كلا المعنيين الخوف و الأمل و أنشد في ذلك قول الشاعر :
فلا كل ما ترجو من الخير كائن
و لا كل ما ترجو من الشر واقع « فليعمل عملا صالحا » أي خالصا لله تعالى يتقرب به إليه « و لا يشرك بعبادة ربه أحدا » غيره من ملك أو بشر أو حجر أو شجر عن الحسن و قيل معناه لا يرائي في عبادته أحدا عن سعيد بن جبير و قال مجاهد : جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) فقال إني أتصدق و أصل الرحم و لا أصنع ذلك إلا لله فيذكر ذلك مني و أحمد عليه فيسرني ذلك و أعجب به فسكت رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و لم يقل شيئا فنزلت الآية قال عطاء : عن ابن عباس إن الله تعالى قال « و لا يشرك بعبادة ربه أحدا » و لم يقل و لا يشرك به لأنه أراد العمل الذي يعمل لله و يحب أن يحمد عليه قال و لذلك يستحب للرجل أن يدفع صدقته إلى غيره ليقسمها كيلا يعظمه من يصله بها و روي عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه قال قال الله عز و جل ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمن عمل عملا أشرك فيه غيري فأنا منه
مجمع البيان ج : 6 ص : 771
بريء فهو للذي أشرك ) أورده مسلم في الصحيح و روي عن عبادة بن الصامت و شداد بن أوس قالا سمعنا رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يقول من صلى صلاة يرائي بها فقد أشرك و من صام صوما يرائي به فقد أشرك ثم قرأ هذه الآية و روي أن أبا الحسن الرضا (عليه السلام) دخل يوما على المأمون فرآه يتوضأ للصلاة و الغلام يصب على يده الماء فقال لا تشرك بعبادة ربك أحدا فصرف المأمون الغلام و تولى إتمام وضوئه بنفسه و قيل إن هذه الآية آخر آية نزلت من القرآن و روى الشيخ أبو جعفر بن بابويه بإسناده عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي (عليه السلام) قال ما من عبد يقرأ « قل إنما أنا بشر مثلكم » إلى آخره إلا كان له نورا في مضجعه إلى بيت الله الحرام فإن كان من أهل البيت الحرام كان له نورا إلى بيت المقدس و قال أبو عبد الله (عليه السلام) ما من أحد يقرأ آخر الكهف عند النوم إلا يتيقظ في الساعة التي يريدها .

النظم
وجه اتصال الآية الثانية و هي قوله « قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي » بما قبلها أنه لما تقدم الأمر و النهي و الوعد و الوعيد و عقب ذلك سبحانه ببيان أن مقدوراته لا تتناهى و أنه قادر على ما يشاء في أفعاله و أوامره على حسب المصالح فمن الواجب على المكلف أن يمتثل أمره و نهيه و يثق بوعده و يتقي وعيده .

مجمع البيان ج : 6 ص : 772
( 19 ) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون ( 98 )
و هي مكية بالإجماع .

عدد آيها
و هي ثمان و تسعون آية عراقي شامي و المدني الأول و تسع مكي و المدني الأخير .

اختلافها
ثلاث آيات « كهيعص » كوفي « الرحمن مدا » غير الكوفي « في الكتاب إبراهيم » مكي و المدني الأخير .

فضلها
أبي بن كعب عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال من قرأها أعطي من الأجر بعدد من صدق بزكريا و كذب به و يحيى و مريم و عيسى و موسى و هارون و إبراهيم و إسحاق و يعقوب و إسماعيل عشر حسنات و بعدد من دعي لله ولدا و بعدد من لم يدع له ولدا و قال الصادق (عليه السلام) من أدمن قراءة سورة مريم لم يمت في الدنيا حتى يصيب منها ما يغنيه في نفسه و ماله و ولده و كان في الآخرة من أصحاب عيسى بن مريم (عليهماالسلام) و أعطي من الأجر في الآخرة ملك سليمان بن داود في الدنيا .

تفسيرها
ختم الله سبحانه سورة الكهف بذكر التوحيد و الدعاء إليه و افتتح هذه السورة بذكر الأنبياء الذين كانوا على تلك الطريقة بعثا على الاقتداء بهم و الاهتداء بهديهم و حثا عليه فقال :


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page