• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء الثالث والعشرون سورة الصافات 25الى51


مَا لَكمْ لا تَنَاصرُونَ(25) بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُستَسلِمُونَ(26) وَ أَقْبَلَ بَعْضهُمْ عَلى بَعْض يَتَساءَلُونَ(27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ(28) قَالُوا بَل لَّمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(29) وَ مَا كانَ لَنَا عَلَيْكم مِّن سلْطنِ بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طغِينَ(30)

مجمع البيان ج : 8 ص : 688
المعنى
ثم أخبر سبحانه عن حالهم أيضا فقال « هذا يوم الفصل » بين الخلائق و الحكم و تمييز الحق من الباطل على وجه يظهر لجميعهم الحال فيه و ذلك بأن يدخل المطيع الجنة على وجه الإكرام و يدخل العاصي النار على وجه الإهانة « الذي كنتم » يا معشر الكفار « به تكذبون » و هذا كلام بعضهم لبعض و قيل بل هو كلام الملائكة ثم حكى سبحانه ما يقوله للملائكة بأن قال « احشروا الذين ظلموا » أنفسهم بارتكاب المعاصي أي اجمعوهم من كل جهة و قيل ظلموا أنفسهم بمخالفتهم أمر الله سبحانه و بتكذيبهم الرسل و قيل ظلموا الناس « و أزواجهم » أي و أشباههم عن ابن عباس و مجاهد و مثله و كنتم أزواجا ثلاثة أي أشباها و أشكالا ثلاثة فيكون المعنى أن صاحب الزنا يحشر مع أصحاب الزنا و صاحب الخمر مع أصحاب الخمر إلى غيرهم و قيل و أشياعهم من الكفار عن قتادة و قيل و أزواجهم المشركات كأنه قال احشروا المشركين و المشركات عن الحسن و قيل و أتباعهم على الكفر و نظراؤهم و ضرباؤهم « و ما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم » إنما عبر عن ذلك بالهداية من حيث كان بدلا من الهداية إلى الجنة كقوله فبشرهم بعذاب أليم من حيث أن هذه البشارة وقعت لهم بدلا من البشارة بالنعيم « و قفوهم » أي قفوا هؤلاء الكفار و احبسوهم عن دخول النار « إنهم مسئولون » روى أنس بن مالك مرفوعا إنهم مسئولون عما دعوا إليه من البدع و قيل مسئولون عن أعمالهم و خطاياهم عن الضحاك و قيل عن قول لا إله إلا الله عن ابن عباس و قيل عن ولاية علي بن أبي طالب (عليه السلام) عن أبي سعيد الخدري و عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا حدثناه عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بالإسناد يقال وقفت أنا و وقفت غيري و بعض بني تميم يقول أوقفت الدابة و الدار و أنشد الفراء :
ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا
و إن نحن أومأنا إلى الناس أوقفوا « ما لكم لا تناصرون » أي لا تتناصرون و هذا على وجه التوبيخ و التبكيت أي ما لكم لا ينصر بعضكم بعضا في دفع العذاب و التقدير ما لكم غير متناصرين ثم بين سبحانه أنهم لا يقدرون على التناصر فقال « بل هم اليوم مستسلمون » أي منقادون خاضعون و معنى الاستسلام أن يلقي بيده غير منازع فيما يراد منه « و أقبل بعضهم على بعض
مجمع البيان ج : 8 ص : 689
يتساءلون » هذا إخبار منه سبحانه أن كل واحد منهم يقبل على صاحبه الذي أغواه فيقول له على وجه التأنيب و التعنيف لم غررتني و يقول ذلك له لم قبلت مني و قيل يقبل الأتباع على المتبوعين و المتبوعون على الأتباع يتلاومون و يتعاتبون و يتخاصمون « قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين » أي يقول الكفار لغواتهم إنكم كنتم تأتوننا من جهة النصيحة و اليمن و البركة و لذلك أقررنا لكم و العرب تتيمن بما جاء من اليمين عن الجبائي و قيل معناه كنتم تأتوننا من قبل الدين فتروننا أن الحق و الدين ما يضلوننا به و اليمين عبارة عن الحق عن الزجاج و قيل معناه كنتم تأتوننا من قبل القوة و القدرة فتخدعوننا من أقوى الوجوه و منه قوله فراغ عليهم ضربا باليمين عن الفراء « قالوا » في جواب ذلك ليس الأمر كما قلتم « بل لم تكونوا مؤمنين » مصدقين بالله « و ما كان لنا عليكم من سلطان » أي قدرة و قوة فنجبركم على الكفر فلا تسقطوا اللوم عن أنفسكم فإنه لازم لكم و لاحق بكم « بل كنتم قوما طاغين » أي خارجين عن الحق باغين تجاوزتم الحد إلى أفحش الظلم و أعظم المعاصي .
فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائقُونَ(31) فَأَغْوَيْنَكُمْ إِنَّا كُنَّا غَوِينَ(32) فَإِنهُمْ يَوْمَئذ فى الْعَذَابِ مُشترِكُونَ(33) إِنَّا كَذَلِك نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ(34) إِنهُمْ كانُوا إِذَا قِيلَ لهَُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَستَكْبرُونَ(35) وَ يَقُولُونَ أَ ئنَّا لَتَارِكُوا ءَالِهَتِنَا لِشاعِر مجْنُونِ(36) بَلْ جَاءَ بِالحَْقِّ وَ صدَّقَ الْمُرْسلِينَ(37) إِنَّكمْ لَذَائقُوا الْعَذَابِ الأَلِيمِ(38) وَ مَا تجْزَوْنَ إِلا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(39) إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ(40)
المعنى
هذا تمام الحكاية عن الكفار الذين قالوا و ما كان لنا عليكم من سلطان ثم قالوا « فحق علينا قول ربنا » أي وجب علينا قول ربنا بأنا لا نؤمن و نموت على الكفر أو وجب علينا العذاب الذي نستحقه على الكفر و الإغواء « إنا لذائقون » العذاب الذي نستحقه على الكفر أي ندركه كما ندرك المطعوم بالذوق ثم يعترفون بأنهم أغووهم بأن قالوا
مجمع البيان ج : 8 ص : 690
« فأغويناكم » أي أضللناكم عن الحق و دعوناكم إلى الغي « إنا كنا غاوين » أي داخلين في الضلالة و الغي و قيل معناه فخيبناكم إنا كنا خائبين « فإنهم يومئذ » أي في ذلك اليوم « في العذاب مشتركون » و اشتراكهم اجتماعهم فيه و المعنى أن ذلك التخاصم لم ينفعهم إذا اجتمع الأتباع و المتبوعون كلهم في النار الأتباع بقبول الكفر و المتبوعون بالكفر و الإغواء « إنا كذلك نفعل بالمجرمين » أي الذين جعلوا لله شركاء عن ابن عباس و قيل معناه أنا مثل ما فعلنا بهؤلاء نفعل بجميع المجرمين ثم بين سبحانه أنه إنما فعل ذلك بهم من أجل « أنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون » عن قبول ذلك « و يقولون أ إنا لتاركو آلهتنا لشاعر مجنون » أي يأنفون من هذه المقالة و يستخفون بمن يدعوهم إليها و يقولون لا ندع عبادة الأصنام لقول شاعر مجنون يعنون النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) يدعونا إلى خلافها و قيل لأجل شاعر عن أبي مسلم فرد الله هذا القول عليهم و كذبهم بأن قال « بل جاء بالحق » أي ليس بشاعر و لا مجنون لكنه أتى بما تقبله العقول من الدين الحق و الكتاب « و صدق المرسلين » أي حقق ما أتى به المرسلون من بشاراتهم و الكتاب الحق بدين الإسلام و قيل صدقهم بأن أتى بمثل ما أتوا به من الدعاء إلى التوحيد و قيل صدقهم بالنبوة ثم خاطب الكفار فقال « إنكم » أيها المشركون « لذائقوا العذاب الأليم » على كفركم و نسبتكم إياه إلى الشعر و الجنون « و ما تجزون إلا ما كنتم تعملون » أي على قدر أعمالكم ثم استثنى من جملة المخاطبين المعذبين فقال « إلا عباد الله المخلصين » الذين أخلصوا العبادة لله و أطاعوه في كل ما أمرهم به فإنهم لا يذوقون العذاب و إنما ينالون الثواب .
أُولَئك لهَُمْ رِزْقٌ مَّعْلُومٌ(41) فَوَكِهُ وَ هُم مُّكْرَمُونَ(42) فى جَنَّتِ النَّعِيمِ(43) عَلى سرُر مُّتَقَبِلِينَ(44) يُطاف عَلَيهِم بِكَأْس مِّن مَّعِينِ(45) بَيْضاءَ لَذَّة لِّلشرِبِينَ(46) لا فِيهَا غَوْلٌ وَ لا هُمْ عَنهَا يُنزَفُونَ(47) وَ عِندَهُمْ قَصِرَت الطرْفِ عِينٌ(48) كَأَنهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ(49) فَأَقْبَلَ بَعْضهُمْ عَلى بَعْض يَتَساءَلُونَ(50)

مجمع البيان ج : 8 ص : 691
القراءة
قرأ أهل الكوفة غير عاصم ينزفون بكسر الزاي و الباقون بفتح الزاء و كذلك في سورة الواقعة إلا عاصم فإنه قرأ هاهنا بفتح الزاي و هناك بكسر الزاي .

الحجة
قال أبو علي أنزف يكون على معنيين ( أحدهما ) بمعنى سكر قال :
لعمري لئن أنزفتم أو صحوتم
لبئس الندامى كنتم آل أبجرا فمقابلته صحوتم يدل على أنه أراد سكرتم ( و الآخر ) بمعنى أنفد شرابه فمعنى أنزف صار ذا إنفاد لشرابه كما أن الأول معناه النفاد من عقله فمن قرأ ينزفون يجوز أن يريد به لا يسكرون عن شربها و يجوز أن يريد به لا ينفد ذلك عندهم كما ينفد شراب أهل الدنيا و من قرأ « ينزفون » بفتح الزاي فإنه من نزف الرجل فهو منزوف و نزيف إذا ذهب عقله بالسكر .

اللغة
قال الأخفش كل كأس في القرآن فالمراد به الخمر .
معين يحتمل أن يكون فعيلا من أمعن في الأمر إذا اشتد دخوله فيه و هو الماء الشديد الجري و يحتمل أن يكون مفعولا من عين الماء لأنه يجري ظاهرا للعين .
و اللذة اللذيذة يقال شراب لذ و لذيذ و الغول فساد يلحق الشيء خفيا يقال اغتاله اغتيالا و غاله غولا و منه الغيلة و هي القتل سرا قال الشاعر :
و ما زالت الكأس تغتالنا
و تذهب بالأول الأول و القاصرات جمع قاصرة و هن اللاتي يقصرن طرفهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم و القصر معناه الحبس و العين النجل العيون الحسانها و المكنون المصون من كل شيء قال الشاعر :
و هي زهراء مثل لؤلؤة الغواص
ميزت من جوهر مكنون .

المعنى
ثم بين سبحانه ما أعده لعباده المخلصين من أنواع النعم فقال « أولئك لهم رزق معلوم » جعل لهم التصرف فيه و حكم لهم به في الأوقات المستأنفة في كل وقت شيئا معلوما مقدرا ثم فسر ذلك الرزق بأن قال « فواكه » و هي جمع فاكهة يقع على الرطب

بعدی
مجمع البيان ج : 8 ص : 692
و اليابس من الثمار كلها يتفكهون بها و يتنعمون بالتصرف فيها « و هم مكرمون » مع ذلك أي معظمون مبجلون و ضد الإكرام الإهانة « في جنات النعيم » أي و هم مع ذلك في بساتين فيها أنواع النعيم يتنعمون بها « على سرر » و هي جمع سرير « متقابلين » يستمتع بعضهم بالنظر إلى وجوه بعض و لا يرى بعضهم قفا بعض « يطاف عليهم بكأس » و هو الإناء بما فيه من الشراب « من معين » أي من خمر جارية في أنهار ظاهرة العيون عن الحسن و قتادة و الضحاك و السدي و قيل شديد الجري ثم وصف الخمر فقال « بيضاء » وصفها بالبياض لأنها في نهاية الرقة مع الصفاء و اللطافة النورية التي لها قال الحسن خمر الجنة أشد بياضا من اللبن و ذكر أن قراءة ابن مسعود صفراء فيحتمل أن يكون بيضاء الكأس صفراء اللون « لذة » أي لذيذة « للشاربين » ليس فيها ما يعتري خمر الدنيا من المرارة و الكراهة « لا فيها غول » أي لا تغتال عقولهم فتذهب بها و لا تصيبهم منها وجع في البطن و لا في الرأس و يقال للوجع غول لأنه يؤدي إلى الهلاك « و لا هم عنها ينزفون » أي يسكرون و لا ينزفون لا يفنى خمرهم و تحمل هذه القراءة على هذا لزيادة الفائدة و على القراءة الأولى فيحمل الغول على الصداع و الوجع و أذى الخمار قال ابن عباس معناه و لا يبولون قال و في الخمر أربع خصال السكر و الصداع و القيء و البول فنزه الله سبحانه خمر الجنة عن هذه الخصال « و عندهم قاصرات الطرف » قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يردن غيرهن لحبهن إياهم و قيل معناه لا يفتحن أعينهن دلالة و غنجا « عين » أي واسعات العيون و الواحدة عيناء و قيل هي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها عن الحسن « كأنهن بيض مكنون » شبههن ببيض النعام مكنة بالريش من الغبار و الريح عن الحسن و ابن زيد و في معناه قول امرىء القيس :
كبكر المقاناة البياض بصفرة
غذاها نمير الماء غير محلل و قيل شبههن ببطن البيض قبل أن يقشر و قبل أن تمسه الأيدي و المكنون المصون ثم قال « فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون » يعني أهل الجنة يسأل بعضهم بعضا عن أحوالهم من حين بعثوا إلى أن أدخلوا الجنة فيخبر كل صاحبه بأنعام الله تعالى عليه .



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page