• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الجزء السادس والعشرون سورة ق آیات16 الی 35

وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الانسنَ وَ نَعْلَمُ مَا تُوَسوِس بِهِ نَفْسهُ وَ نحْنُ أَقْرَب إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ(16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشمَالِ قَعِيدٌ(17) مَّا يَلْفِظ مِن قَوْل إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ(18) وَ جَاءَت سكْرَةُ الْمَوْتِ بِالحَْقِّ ذَلِك مَا كُنت مِنْهُ تحِيدُ(19) وَ نُفِخَ فى الصورِ ذَلِك يَوْمُ الْوَعِيدِ(20)
القراءة
في الشواذ قراءة أبي بكر عند خروج نفسه و جاءت سكرة الحق بالموت و هي قراءة سعيد بن جبير و طلحة و رواها أصحابنا عن أئمة الهدى (عليهم السلام) .

الحجة
قال ابن جني لك في الباء ضربان من التقدير إن شئت علقتها بنفس جاءت كقولك جئت بزيد أي أحضرته و إن شئت علقتها بمحذوف و جعلتها حالا أي و جاءت سكرة الحق و معها الموت كقولك خرج بثيابه أي و ثيابه عليه و مثله قوله فخرج على قومه في زينته أي و زينته عليه و كقول أبي ذؤيب :
مجمع البيان ج : 9 ص : 215

يعثرن في حد الظباة كأنما
كسيت برود بني يزيد الأذرع أي يعثرن و هن في حد الظباة و كقول الآخر :
و مستنة كاستنان الخروف
و قد قطع الحبل بالمرود أي قطعه و فيه مروده و كذلك قراءة العامة « و جاءت سكرة الموت بالحق » إن شئت علقت الباء بنفس جاءت و إن شئت علقتها بمحذوف و جاءت سكرة الموت و معها الحق .

اللغة
يقال عييت بالأمر إذا لم تعرف وجهه و تعذر ذلك عليك و أعييت إذا تعبت و كل ذلك من التعب إلا أن أحدهما في الطلب و الآخر فيما وقع الفراغ عنه و الوريد عرق في الحلق و هما وريدان في العنق عن يمين و شمال و كأنه العرق الذي يرد إليه ما ينصب من الرأس و حبل الوريد حبل العاتق و هو منفصل من الحلق إلى العاتق و الرقيب الحافظ و العتيد المعد للزوم الأمر .

المعنى
ثم ذكر سبحانه الأمم المكذبة تسلية للنبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) و تهديدا للكفار فقال « كذبت قبلهم » من الأمم الماضية « قوم نوح » فأغرقهم الله « و أصحاب الرس » و هم أصحاب البئر التي رسوا نبيهم فيها بعد أن قتلوه عن عكرمة و قيل الرس بئر قتل فيها صاحب ياسين عن الضحاك و قيل هم قوم كانوا باليمامة على آبار لهم عن قتادة و قيل هم أصحاب الأخدود و قيل كان سحق النساء في أصحاب الرس و روي ذلك عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) « و ثمود » و هم قوم صالح « و عاد » و هم قوم هود « و فرعون و إخوان لوط » أي و كذب فرعون موسى و قوم لوط لوطا و سماهم إخوانه لكونهم من نسبه « و أصحاب الأيكة » و هم قوم شعيب « و قوم تبع » و هو تبع الحميري الذي ذكرناه عند قوله أ هم خير أم قوم تبع « كل » من هؤلاء المذكورين « كذب الرسل » المبعوثة إليهم و جحدوا نبوتهم « فحق وعيد » أي وجب عليهم عذابي الذي أوعدتهم به فإذا كان م آل الأمم الخالية إذا كذبوا الرسل الهلاك و الدمار و إنكم معاشر العرب قد سلكتم مسالكهم في التكذيب و الإنكار فحالكم كحالهم في التباب و الخسار ثم قال سبحانه جوابا لقولهم ذلك رجع بعيد « أ فعيينا بالخلق الأول » أي أ فعجزنا
مجمع البيان ج : 9 ص : 216
حين خلقناهم أولا و لم يكونوا شيئا فكيف نعجز عن بعثهم و إعادتهم و هذا تقرير لهم لأنهم اعترفوا بأن الله هو الخالق ثم أنكروا البعث و يقال لكل من عجز عن شيء عيي به ثم ذكر أنهم في شك من البعث بعد الموت فقال « بل هم في لبس من خلق جديد » أي بل هم في ضلال و شك من إعادة الخلق جديدا و اللبس منع من إدراك المعنى بما هو كالستر له و الجديد القريب الإنشاء « و لقد خلقنا الإنسان » أراد به الجنس يعني ابن آدم « و نعلم ما توسوس به نفسه » أي ما يحدث به قلبه و ما يخفي و يكن في نفسه و لا يظهره لأحد من المخلوقين « و نحن أقرب إليه » بالعلم « من حبل الوريد » و هو عرق يتفرق في البدن يخالط الإنسان في جميع أعضائه و قيل هو عرق الحلق عن ابن عباس و مجاهد و قيل هو عرق متعلق بالقلب يعني نحن أقرب إليه من قلبه عن الحسن و قيل معناه نحن أعلم به ممن كان منه بمنزلة حبل الوريد في القرب و قيل معناه نحن أملك له من حبل وريده مع استيلائه عليه و قربه منه و قيل معناه نحن أقرب إليه بالإدراك من حبل الوريد لو كان مدركا ثم ذكر سبحانه أنه مع علمه به وكل به ملكين يحفظان عليه عمله إلزاما للحجة فقال « إذ يتلقى المتلقيان » فإذ متعلقة بقوله و نحن أقرب إليه أي و نحن أعلم به و أملك له حين يتلقى المتلقيان و هما الملكان يأخذان منه عمله فيكتبانه كما يكتب المملى عليه « عن اليمين و عن الشمال قعيد » أراد عن اليمين قعيد و عن الشمال قعيد فاكتفى بأحدهما عن الآخر و المراد بالقعيد هنا الملازم الذي لا يبرح لا القاعد الذي هو ضد القائم و قيل عن اليمين كاتب الحسنات و عن الشمال كاتب السيئات عن الحسن و مجاهد و قيل الحفظة أربعة ملكان بالنهار و ملكان بالليل عن الحسن « ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد » أي ما يتكلم بكلام فيلفظه أي يرميه من فيه إلا لديه حافظ حاضر معه يعني الملك الموكل به إما صاحب اليمين و إما صاحب الشمال يحفظ عمله لا يغيب عنه و الهاء في لديه تعود إلى القول أو إلى القائل و عن أبي أمامة عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) قال إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطىء أو المسيء فإن ندم و استغفر الله منها ألقاها و إلا كتب واحدة و في رواية أخرى قال صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال فإذا عمل حسنة كتبها له صاحب اليمين بعشر أمثالها و إذا عمل سيئة فأراد صاحب الشمال أن يكتبها قال له صاحب اليمين أمسك فيمسك عنه سبع ساعات فإن استغفر الله منها لم يكتب عليه شيء و إن لم يستغفر الله كتب له سيئة واحدة و عن أنس بن مالك قال قال رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إن الله تعالى وكل بعبده ملكين يكتبان عليه فإذا مات قالا يا رب قد قبضت عبدك فلانا فإلى أين قال سمائي مملوءة بملائكتي يعبدونني و أرضي مملوءة من خلقي يطيعونني اذهبا إلى قبر عبدي فسبحاني و كبراني و هللاني فاكتبا ذلك في حسنات عبدي إلى يوم القيامة « و جاءت
مجمع البيان ج : 9 ص : 217
سكرة الموت بالحق » أي جاءت غمرة الموت و شدته التي تغشى الإنسان و تغلب على عقله بالحق أي أمر الآخرة حتى عرفه صاحبه و اضطر إليه و قيل معناه جاءت سكرة الموت بالحق الذي هو الموت قال مقاتل يعني أنه حق كائن و المراد أن هذه السكرة قد قربت منكم فاستعدوا لها فهي لقربها كالحاصلة مثل قوله تعالى أتى أمر الله و روي أن عائشة قالت عند وفاة أبي بكر :
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى
إذا حشرجت يوما و ضاق بها الصدر فقال أبو بكر لا تقولي ذلك و لكنه كما قال الله تعالى « و جاءت سكرة الموت بالحق » و يقال لمن جاءته سكرة الموت « ذلك » أي ذلك الموت « ما كنت منه تحيد » أي تهرب و تميل « و نفخ في الصور » قد مر تفسيره « ذلك يوم الوعيد » أي ذلك اليوم يوم وقوع الوعيد الذي خوف الله به عباده ليستعدوا و يقدموا العمل الصالح له .

مجمع البيان ج : 9 ص : 218
وَ جَاءَت كلُّ نَفْس مَّعَهَا سائقٌ وَ شهِيدٌ(21) لَّقَدْ كُنت فى غَفْلَة مِّنْ هَذَا فَكَشفْنَا عَنك غِطاءَك فَبَصرُك الْيَوْمَ حَدِيدٌ(22) وَ قَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَى عَتِيدٌ(23) أَلْقِيَا فى جَهَنَّمَ كلَّ كفَّار عَنِيد(24) مَّنَّاع لِّلْخَيرِ مُعْتَد مُّرِيب(25) الَّذِى جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً ءَاخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فى الْعَذَابِ الشدِيدِ(26) * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطغَيْتُهُ وَ لَكِن كانَ فى ضلَلِ بَعِيد(27) قَالَ لا تخْتَصِمُوا لَدَى وَ قَدْ قَدَّمْت إِلَيْكم بِالْوَعِيدِ(28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَى وَ مَا أَنَا بِظلَّم لِّلْعَبِيدِ(29) يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأْتِ وَ تَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيد(30)
القراءة
قرأ نافع و أبو بكر يوم يقول بالياء و الباقون بالنون .

الحجة
الياء على معنى يقول الله تعالى و النون أشبه بقوله « قد قدمت إليكم بالوعيد » و قوله « و ما أنا بظلام للعبيد » .

اللغة
السوق الحث على السير و الحديد الحاد مثل الحفيظ و الحافظ و العنيد الجائر عن القصد و هو العنود و العاند و ناقة عنود لا تستقيم في سيرها و العنيد المتحير منه .

الإعراب
« هذا ما لدي عتيد » ما هاهنا نكرة موصوفة و تقديره هذا شيء ثابت لدي عتيد فالظرف صفة لما و كذلك عتيد .
جهنم لا ينصرف للتعريف و التأنيث و أصله من قولهم بئر جهنام إذا كانت بعيدة القعر و قيل هو أعجمي فلا ينصرف للتعريف و العجمة و قوله « ألقيا في جهنم » قيل فيه أقوال ( أحدها ) أن العرب تأمر الواحد و القوم بما يؤمر به الاثنان يقول للرجل الواحد قوما و اخرجا و يحكى عن الحجاج أنه كان يقول يا حرسي اضربا عنقه يريد اضرب قال الفراء سمعت من العرب من يقول ويلك ارحلاها و أنشدني بعضهم :
فقلت لصاحبي لا تحبسانا
بنزع أصوله و اجتز شيحا و أنشدني أبو ثروان :
فإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر
و إن تدعاني أحم عرضا ممنعا قال و ترى أن ذلك منهم لأجل أن أدنى أعوان الرجل في إبله و غنمه اثنان و كذلك الرفقة أدنى ما تكون ثلاثة فجرى كلام الواحد على صاحبيه أ لا ترى أن الشعراء أكثر شيء قيلا يا صاحبي و يا خليلي قال امرؤ القيس :
خليلي مرا بي على أم جندب
لنقضي حاجات الفؤاد المعذب
فإنكما إن تنظراني ليلة
من الدهر تنفعني لدى أم جندب ثم قال :
أ لم تر أني كلما جئت طارقا
وجدت بها طيبا و إن لم تطيب
مجمع البيان ج : 9 ص : 219
فرجع إلى الواحد لأن أول الكلام واحد في لفظ الاثنين و أنشد أيضا :
خليلي قوما في عطالة فانظرا
أ نارا ترى من نحو ما بين أم برقا و لم يقل تريا ( و الثاني ) أنه إنما ثني ليدل على التكثير كأنه قال ألق ألق فثني الضمير ليدل على تكرير الفعل و هذا لشدة ارتباط الفاعل بالفعل حتى إذا كرر أحدهما فكأن الثاني كرر و هذا قول المازني و مثله عنده قال رب ارجعون إنما جمع ليدل على التكرير كأنه قال ارجعني ارجعني ارجعني و حمل عليه قول امرىء القيس :
قفا نبك من ذكرى حبيب و منزل و نحو ذلك أي كأنه قال قف قف ( و الثالث ) أن الأمر تناول السائق و الشهيد فكأنه قال يا أيها السائق و يا أيها الشهيد ألقيا ( و الرابع ) أنه يريد النون الخفيفة فكان ألقين فأجرى الوصل مجرى الوقف فأبدل من النون ألفا كما قال الأعشى :
و ذا النسك المنصوب لا تنسكنه
و لا تعبد الشيطان و الله فاعبدا و يؤيد هذا القول ما روي عن الحسن أنه قرأ ألقيا بالتنوين .
« الذي جعل مع الله إلها آخر » إن كان مبتدأ فخبره قوله « فألقياه » و يجوز أن يكون نصبا بمضمر يفسره فألقياه و يجوز أن يكون نصبا بدلا من قوله « كل كفار » و لا يجوز أن يكون جرا صفة لكفار لأن النكرة لا توصف بالموصول إنما الموصول وصلة إلى وصف المعارف بالجمل .

المعنى
ثم أخبر سبحانه عن حال الناس بعد البعث فقال « و جاءت كل نفس معها سائق و شهيد » أي و تجيء كل نفس من المكلفين في يوم الوعيد و معها سائق من الملائكة يسوقها أي يحثها على السير إلى الحساب و شهيد من الملائكة يشهد عليها بما يعلم من حالها و شاهده منها و كتبه عليها فلا يجد إلى الهرب و لا إلى الجحود سبيلا و قيل السائق من الملائكة و الشهيد الجوارح تشهد عليها عن الضحاك « لقد كنت في غفلة » أي يقال له لقد كنت في سهو و نسيان « من هذا » اليوم في الدنيا و الغفلة ذهاب المعنى عن النفس « فكشفنا عنك غطاءك » الذي كان في الدنيا يغشي قلبك و سمعك و بصرك حتى ظهر لك الأمر و إنما تظهر الأمور في الآخرة بما يخلق الله تعالى من العلوم الضرورية فيهم فيصير بمنزلة كشف الغطاء لما يرى و إنما يراد به جميع المكلفين برهم و فاجرهم لأن معارف الجميع ضرورية

بعدی
مجمع البيان ج : 9 ص : 220
« فبصرك اليوم حديد » أي فعينك اليوم حادة النظر لا يدخل عليها شك و لا شبهة و قيل معناه فعلمك بما كنت فيه من أحوال الدنيا نافذ و لا يراد به بصر العين كما يقال فلان بصير بالنحو و الفقه و قيل هو خاص في الكافر أي فأنت اليوم عالم بما كنت تنكره في الدنيا عن ابن عباس « و قال قرينه » يعني الملك الشهيد عليه عن الحسن و هو المروي عن أبي جعفر و أبي عبد الله (عليه السلام) و قيل قرينه الذي قيض له من الشياطين عن مجاهد و قيل قرينه من الإنس « هذا ما لدي عتيد » إن كان المراد به الملك الشهيد فمعناه هذا حسابه حاضر لدي في هذا الكتاب أي يقول لربه كنت وكلتني به فما كتبت من عمله حاضر عندي و إن كان المراد به الشيطان أو القرين من الإنس فالمعنى هذا العذاب حاضر عندي معد لي بسبب سيئاتي « ألقيا في جهنم كل كفار عنيد » هذا خطاب لخازن النار و قيل خطاب للملكين الموكلين به و هما السائق و الشهيد عن الزجاج و قد ذكرنا ما قيل فيه و روى أبو القاسم الحسكاني بالإسناد عن الأعمش أنه قال حدثنا أبو المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليهوآلهوسلّم) إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى لي و لعلي ألقيا في النار من أبغضكما و أدخلا الجنة من أحبكما و ذلك قوله « ألقيا في جهنم كل كفار عنيد » و العنيد الذاهب عن الحق و سبيل الرشد « مناع للخير » الذي أمر الله به من بذل المال في وجوهه « معتد » ظالم متجاوز يتعدى حدود الله « مريب » أي شاك في الله و فيما جاء من عند الله و قيل متهم يفعل ما يرتاب بفعله و يظن به غير الجميل مثل المليم الذي يفعل ما يلام عليه و قيل إنها نزلت في الوليد بن المغيرة حين استشاره بنو أخيه في الإسلام فمنعهم فيكون المراد بالخير الإسلام « الذي جعل مع الله إلها آخر » من الأصنام و الأوثان « فألقياه في العذاب الشديد » هذا تأكيد للأول فكأنه قال افعلا ما أمرتكما به فإنه مستحق لذلك « قال قرينه » أي شيطانه الذي أغواه عن ابن عباس و مجاهد و قتادة و إنما سمي قرينه لأنه يقرن به في العذاب و قيل قرينه من الإنس و هم علماء السوء و المتبوعون « ربنا ما أطغيته » أي ما أضللته و ما أوقعته في الطغيان باستكراه أي لم أجعله طاغيا « و لكن كان في ضلال » من الإيمان « بعيد » أي و لكنه طغى باختياره السوء و مثل هذا قوله و ما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي « قال » الله تعالى لهم « لا تختصموا لدي » أي لا يخاصم بعضكم بعضا عندي « و قد قدمت إليكم بالوعيد » في دار التكليف و لم تنزجروا و خالفتم أمري « ما يبدل القول لدي » المعنى أن الذي قدمته لكم في دار الدنيا من أني أعاقب من جحدني و كذب رسلي و خالفني في أمري لا يبدل بغيره و لا يكون خلافه « و ما أنا بظلام للعبيد » أي لست بظالم أحدا في عقابي لمن استحقه بل هو الظالم لنفسه بارتكابه المعاصي التي استحق بها ذلك و إنما قال
مجمع البيان ج : 9 ص : 221
بظلام على وجه المبالغة ردا على من أضاف الظلم إليه تعالى و تقدس عن ذلك « يوم نقول لجهنم هل امتلأت » يتعلق يوم بقوله « ما يبدل القول لدي » الآية و قيل يتعلق بتقدير اذكر يا محمد ذلك اليوم الذي يقول الله فيه لجهنم هل امتلأت من كثرة ما ألقي فيك من العصاة « و تقول » جهنم « هل من مزيد » قال أنس طلبت الزيادة و قال مجاهد المعنى معنى الكفاية أي لم يبق مزيد لامتلائها و يدل على هذا القول قوله لأملأن جهنم من الجنة و الناس أجمعين و قيل في الوجه الأول إن هذا القول كان منها قبل دخول جميع أهل النار فيها و يجوز أن تكون تطلب الزيادة على أن يزاد في سعتها كما عن النبي (صلى الله عليهوآلهوسلّم) أنه قيل له يوم فتح مكة أ لا تنزل دارك فقال و هل ترك لنا عقيل من دار لأنه كان قد باع دور بني هاشم لما خرجوا إلى المدينة فعلى هذا يكون المعنى و هل بقي زيادة فأما الوجه في كلام جهنم فقيل فيه وجوه ( أحدها ) أنه خرج مخرج المثل أي إن جهنم من سعتها و عظمتها بمنزلة الناطقة التي إذا قيل لها هل امتلأت تقول لم أمتلىء و بقي في سعة كثيرة و مثله قول عنترة :
فأزور من وقع القنا بلبانه
و شكا إلي بعبرة و تحمحم و قال آخر :
امتلأ الحوض و قال قطني
مهلا رويدا قد ملأت بطني ( و ثانيها ) أنه سبحانه يخلق لجهنم آلة الكلام فتتكلم و هذا غير منكر لأن من أنطق الأيدي و الجوارح و الجلود قادر على أن ينطق جهنم ( و ثالثها ) أنه خطاب لخزنة جهنم على وجه التقرير لهم هل امتلأت جهنم فيقولون بلى لم يبق موضع لمزيد ليعلم الخلق صدق وعده عن الحسن قال و معناه ما من مزيد أي لا مزيد كقوله هل من خالق غير الله و هو قول واصل بن عطاء و عمرو بن عبيد .

مجمع البيان ج : 9 ص : 222
وَ أُزْلِفَتِ الجَْنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيرَ بَعِيد(31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكلِّ أَوَّاب حَفِيظ(32) مَّنْ خَشىَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَ جَاءَ بِقَلْب مُّنِيب(33) ادْخُلُوهَا بِسلَم ذَلِك يَوْمُ الخُْلُودِ(34) لهَُم مَّا يَشاءُونَ فِيهَا وَ لَدَيْنَا مَزِيدٌ(35)


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page