• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

سورة آل عمران : قصَّة النبيّ(صلى الله عليه وآله) و مباهلته

 قد تبدو هذه الاُقصوصة مستقلة أو على الضدّ متداخلة مع الأقاصيص السابقة ، أو مع القصة الأخيرة عيسى (عليه السلام)، أي قصة المولود بلا أب ليس من حيث شخصية البطل ذاته ، بل من خلال مجتمعه النصراني ، حيث سنواجه بناءً قصصيّاً جديداً لأبطال إسلاميين قد استهدفتهم السورة المباركة ، بل إنّ التوظيف القصصي يظل من أجل الرسالة الإسلامية بطبيعة الحال.

إذن ، لنتحدّث عن الاُقصوصة الجديدة ، فنقول:

لقد تركت قصةُ عيسى (عليه السلام) أصداءها على بيئة الرسالة الإسلامية عبر شرائح
متنوّعة منها ، بل إنّها تحرّكت لتكشف عن رسم قصة أو حكاية سادسة تنضمّ إلى العنصر القصصي في سورة آل عمران: امرأة عمران ، زكريّا ، يحيى ، مريم ، عيسى ... و أخيراً الحكاية السادسة و هي ظاهرة المباهلة.

إنّ ولادة عيسى بلا أب بصفتها رسماً معجزاً تقدّم الحديثُ عنه ، لابدّ أن يترك عدّة استجابات عند الآدميين ، ... و كانت إحدى هذه الاستجابات ، أ نّه ابن اللّه ، أو ثاني اثنين ، أو ثالث ثلاثة: أب ، و ابن ، و روح القدس.

و من الطبيعي أنّ الرسالة الإسلاميّة و هي تواجه جبهات متنوّعةً من الأعداء ، أن تتحرك نحوها جبهةُ المسيحيين في اتجاهها الثقافي المنحرف ، هذه الجبهة كانت تتوكّأ في جملة ما تتوكّأ عليه ، على قضية المسيح نفسه عبر أحد نشاطاتها المعادية ، و منه: النشاط المتصل بالمناقشة و المحاجّة و نحوهما.

و كانت المحاجّة المتصلة ببنوّة المسيح أو إقنيميته الاُسطورية تُجسّد واحداً من ضروب المحاجّة.

و تقول النصوصُ المفسّرة: إنّ نصارى نجران قالوا للنبيّ (صلى الله عليه وآله): إلى ما تدعوننا؟
فأجابهم: إلى شهادة أن لا إله إلاّ اللّه ، و إلى أ نّه رسوله ... كما حدّثهم عن عيسى و انتسابه البشري ، و عندما سألوه عن أب عيسى ، كانت الإجابةُ تتحدّد وفقاً للآية القرآنية الكريمة الآتية ، فيما تنقل لنا قصة المباهلة التي نحن في صدد الحديث عنها ، عبر آيتين اُخريين.

و الآيات الكريمة هي:

﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُراب ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ

﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ

﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ

﴿أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ

﴿ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ

لقد جاء التلميح إلى قصة آدم و نمط مولده إمتداداً لرسم الحدث المعجز الذي غلّف كلّ القصص التي وقفنا عليها في سورة «آل عمران». و من الواضح أنّ ربط سلسلة من الأحداث المعجزة ـ عبر القصص الخمس ـ بالحدث المعجز لعيسى ، ثمّ ربط هذا الحدَث الأخير بأوّل حدث معجز في التجربة البشرية ، أي صياغة آدم (عليه السلام) ، أقول: إنّ ربط سلسلة من الأحداث المعجزة التي تمثل إمتداداً زمنياً ، ربط هذا الامتداد بأوليّة الحدث تاريخياً في حمله لسمة المعجز ذاته ، هذا الربطُ يُعدّ رسماً فنّياً و نفسياً له خطورته في تحقيق عنصر الاقناع الذي يظل هدفاً لأيّة قصة.

فإذا تجاوزنا هذا العنصر فيما حققته القصة القرآنية عبر الربط بين ولادة عيسى و ولادة آدم ، نكون قد انتقلنا إلى قصة الإبداع نفسه ، إلى تجربة المولد البشري ، و دلالة الخلافة على الأرض ، متجسّدة في رسالة الإسلام فيما تجسّد الصياغة الوحيدة لفهم ظاهرة الكون و المجتمع و الفرد ، و فيما ينقلنا النص القرآني إلى بيئته التي واكبت ظهور الرسالة ، و نموّها ، و منها رسم البيئة الملتوية من مشركين و ملحدين و كتابيّين منحرفين.

* * *

و حكاية أو قصة المباهلة تمثّل نموذجاً واحداً من تلكم البيئة التي أفرزت مجموعة نجران في عملية المحاجة التي أشرنا إليها.

و كانت نهاية هذه القصة في صالح الرسالة الإسلامية ، فيما تنقل لنا النصوص المفسّرة أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) أراد أن يباهلهم بشخصيته و بعليّ و فاطمة و الحسن
و الحسين (عليهم السلام) ، إلاّ أنّ المجموعة فَزِعت من المغامرة بقبول المباهلة ، فصالحهم النبيّ (صلى الله عليه وآله) على الجزية فانصرفوا.

و المهم ، أنّ النهاية القصصية لحدث المباهلة كانت انتصاراً للنبيّ (صلى الله عليه وآله) ، تماماً كما كانت النهاية القصصية في حياة عيسى انتصاراً له ، بعد أن رفعه اللّه إلى السماء ،
و أنقذه من المؤامرة.

هاتان النهايتان القصصيتان ، ينبغي أن لا تغربا عن أذهاننا ، و نحن نتحدّث عن البناء المعماري لقصص آل عمران ، و عن التجانس في كلّ أحداثها و مواقفها و شخوصها و بيئاتها ، بالنحو الذي لحظناه مفصّلا و بالنحو الذي نلحظه الآن متجسّداً في عملية التجانس بين نهاية كلّ قصة ، حيث كان الانتصار لصالح كلٍّ من الشخصيتين ، بعد أن نَقَلَنا النصَّ القرآني من البيئة القصصية المتمثلة في قصص كلٍّ من إمرأة عمران ، ومريم ، و زكريّا ، و يحيى ، و عيسى ، نَقَلَنا منها إلى بيئة الرسالة الإسلامية ، إلى رسالة محمّد (صلى الله عليه وآله) ، إلى البيئة التي تواكب الرسالة و ما يواكبها من ظواهر الجهاد الفكري و العسكري.

وبهذا ننتهي من الحديث عن العنصر القصصي الذي انتظم سورة آل عمران ، وهو عنصر يختلف عن سابقه أي: العنصر القصصي في سورة البقرة من حيث أنّه عنصر متصل الخيوط ، لا تنفصل فيه القصص عن النثر غير القصصي ، بل تتوالى بالنحو الذي لحظناه.



أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page