• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الصفحة 126 الي 150


[ 126 ]
أي دائم موجع قد وصل إلى قلوبهم. وفيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث المعراج: قال: فصعد جبرئيل وصعدت معه إلى سماء الدنيا وعليها ملك يقال له: اسماعيل وهو صاحب الخطفة التي قال الله عز وجل: " إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب " وتحته سبعون ألف ملك تحت كل ملك سبعون ألف ملك. الحديث. أقول: والروايات في هذا الباب كثيرة أوردنا بعضا منها في تفسير قوله تعالى: " إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين " الحجر: 18 وسيأتي بعضها في تفسير سورتي الملك والجن إن شاء الله تعالى. وفي نهج البلاغة: ثم جمع سبحانه من حزن الارض وسهلها وعذبها وسبخها تربة سنها بالماء حتى خلصت، ولاطها بالبلة حتى لزبت. * * * بل عجبت ويسخرون - 12. وإذا ذكروا لا يذكرون - 13. وإذا رأوا آية يستسخرون - 14. وقالوا إن هذا إلا سحر مبين - 15. ءإذا متنا وكنا ترابا وعظاماءإنا لمبعوثون - 16. أو آباؤنا الاولون - 17. قل نعم وأنتم داخرون - 18. فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون - 19. وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين - 20. هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون - 21. أحشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون - 22. من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم - 23. وقفوهم إنهم
________________________________________
[ 127 ]
مسؤلون - 24. مالكم لا تناصرون - 25. بل هم اليوم مستسلمون - 26. وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون - 27. قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين - 28. قالوا بل لم تكونوا مؤمنين - 29. وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين - 30. فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون - 31. فأغويناكم إنا كنا غاوين - 32. فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون - 33. إنا كذلك نفعل بالمجرمين - 34. إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون - 35. ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون - 36. بل جاء بالحق وصدق المرسلين - 37. إنكم لذائقوا العذاب الاليم - 38. وما تجزون إلا ما كنتم تعملون - 39. إلا عباد الله المخلصين - 40. أولئك لهم رزق معلوم - 41. فواكه وهم مكرمون - 42. في جنات النعيم - 43. على سرر متقابلين - 44. يطاف عليهم بكأس من معين - 45. بيضاء لذة للشاربين - 46. لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون - 47. وعندهم قاصرات الطرف
________________________________________
[ 128 ]
عين - 48. كأنهن بيض مكنون - 49. فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون - 50. قال قائل منهم إني كان لي قرين - 51. يقول ءإنك لمن المصدقين - 52. ءإذا متنا وكنا ترابا وعظاما ءإنا لمدينون - 53. قال هل أنتم مطلعون - 54. فاطلع فرآه في سوآء الجحيم - 55. قال تالله إن كدت لتردين - 56. ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين - 57. أفما نحن بميتين 58. إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين - 59. إن هذا لهو الفوز العظيم - 60. لمثل هذا فليعمل العاملون - 61. أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم - 62. إنا جعلناها فتنة للظالمين - 63. إنها شجرة يخرج في أصل الجحيم - 64. طلعها كانه رءوس الشياطين - 65. فإنهم لاكلون منها فمالؤن منها البطون - 66. ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم - 67. ثم إن مرجعهم لالى الجحيم - 68. إنهم ألفوا آباءهم ضالين - 69. فهم على آثارهم يهرعون - 70.
________________________________________
[ 129 ]
(بيان) حكاية استهزائهم بآيات الله وبعض أقاويلهم المبنية على الكفر وإنكار المعاد والرد عليهم بتقرير أمر البعث وما يجري عليهم فيه من الشدة وألوان العذاب وما يكرم الله به عباده المخلصين من النعمة والكرامة. وفيها ذكر تخاصم أهل النار يوم القيامة، وذكر محادثة بين أهل الجنة وأخرى بين بعضهم وبعض أهل النار. قوله تعالى: " بل عجبت ويسخرون وإذا ذكروا لا يذكرون " أي بل عجبت يا محمد من تكذيبهم إياك مع دعوتك إياهم إلى كلمة الحق، وهم يسخرون ويهزؤن من تعجبك منهم أو من دعائك إياهم إلى الحق، وإذا ذكروا بآيات الله الدالة على التوحيد ودين الحق لا يذكرون ولا يتنبهون. قوله تعالى: " وإذا رأوا آية يستسخرون " في مجمع البيان: سخر واستسخر بمعنى واحد. انتهى. والمعنى: وإذا رأوا هؤلاء المشركون اية معجزة من آيات الله المعجزة كالقرآن وشق القمر يستهزؤن بها. قوله تعالى: " وقالوا إن هذا إلا سحر مبين " في إشارتهم إلى الاية بلفظة هذا إشعار منهم أنهم لا يفقهون منها إلا أنها شئ ما من غير زيادة وهو من أقوى الاهانة والاستسخار. قوله تعالى: " ءإذا متنا وكنا ترابا وعظاما ءإنا لمبعوثون أو آباؤنا الاولون " إنكار منهم للبعث مبني على الاستبعاد فمن المستبعد عند الوهم أن يموت الانسان فيتلاشى بدنه ويعود ترابا وعظاما ثم يعود إلى صورته الاولى. ومن الدليل على أن الكلام مسوق لافادة الاستبعاد تكرارهم الاستفهام الانكاري
________________________________________
[ 130 ]
بالنسبة إلى آبائهم الاولين فإن استبعاد الوهم لبعثهم وقد انمحت رسومهم ولم يبق منهم إلا أحاديث أشد وأقوى من استبعاده بعثهم أنفسهم. ولو كان إنكارهم البعث مبنيا على أنهم ينعدمون بالموت فتستحيل إعادتهم كان الحكم فيهم وفي آبائهم على نهج واحد ولم يحتج إلى تجديد استفهام بالنسبة إلى آبائهم. قوله تعالى: " قل نعم وأنتم داخرون فإنما هي زجرة واحدة فإذاهم ينظرون " أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يجيبهم بأنهم مبعوثون. وقوله: " وأنتم داخرون " أي صاغرون مهانون أذلاء، وهذا في الحقيقة احتجاج بعموم القدرة ونفوذ الارادة من غير مهلة، فإنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ولذا عقبه بقوله: " فإنما هي زجرة واحدة فإذاهم ينظرون " وقد قال تعالى: " ولله غيب السماوات والارض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شئ قدير " النحل: 77. وقوله: " فإنما هي زجرة واحدة " الخ (؟) الفاء لافادة التعليل والجملة تعليل لقوله: " وأنتم داخرون " وفي التعبير بزجرة إشعار باستذلالهم. قوله تعالى: " وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون " معطوف على قوله: " ينظرون " المشعر بأنهم مبهوتون مدهوشون متفكرون ثم يتنبهون بكونه يوم البعث فيه الدين والجزاء وهم يحذرون منه بما كفروا وكذبوا ولذا قالوا: يوم الدين، ولم يقولوا يوم البعث، والتعبير بالماضي لتحقق الوقوع. وقوله: " هذا يوم الفصل الذى كنتم به تكذبون " قيل هو كلام بعضهم لبعض وقيل: كلام الملائكة أو كلامه تعالى لهم، ويؤيده الاية التالية، والفصل هو التمييز بين الشيئين وسمي يوم الفصل لكونه يوم التمييز بين الحق والباطل بقضائه وحكمه تعالى أو التمييز بين المجرمين والمتقين قال تعالى: " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " يس: 59. قوله تعالى: " احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم " من كلامه تعالى للملائكة والمعنى وقلنا للملائكة: احشروهم وقيل: هو من كلام الملائكة بعضهم لبعض.
________________________________________
[ 131 ]
والحشر - على ما ذكره الراغب - إخراج الجماعة عن مقرهم وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها. والمراد بالذين ظلموا على ما يؤيده آخر الاية المشركون ولا كل المشركين بل المعاندون للحق الصادون عنه منهم قال تعالى: " فأذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالاخرة كافرون " الاعراف: 45، والتعبير بالماضي في المقام يفيد فائدة الوصف فليس المراد بالذين ظلموا من تحقق منه ظلم ما ولو مرة واحدة بل تعريف لهم بحاصل ما اكتسبوا في حياتهم الدنيا كما لو قيل: ماذا فعل فلان في حياته فيقال ظلم، فالفعل يفيد فائدة الوصف، وفي كلامه تعالى من ذلك شئ كثير كقوله تعالى: " وسيق الذين اتقوا إلى الجنة زمرا " الزمر: 73 وقوله: " وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا " الزمر: 71 وقوله: " للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " يونس 26. وقوله: " وأزواجهم " الظاهر أن المراد به قرناؤهم من الشياطين قال تعالى: " ومن يعش عن ذكر الرحمان نقيض له شيطانا فهو له قرين - إلى أن قال - حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين " الزخرف: 38. وقيل: المراد بالازواج الاشباه والنظائر فأصحاب الزنا يحشرون مع أصحاب الزنا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر وهكذا. وفيه أن لازمه أن يراد بالذين ظلموا طائفة خاصة من أصحاب كل معصية واللفظ لا يساعد عليه على أن ذيل الاية لا يناسبه. وقيل: المراد بالازواج نساؤهم الكافرات وهو ضعيف كسابقه. وقوله: " وما كانوا يعبدون من دون الله " الظاهر أن المراد به الاصنام التي يعبدونها نظرا إلى ظاهر لفظة " ما " فالاية نظيرة قوله: " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " الانبياء: 98. ويمكن أن يكون المراد بلفظة " ما " ما يعم اولي العقل من المعبودين كالفراعنة والنماردة، وأما الملائكة المعبودون والمسيح عليه السلام فيخرجهم من العموم قوله
________________________________________
[ 132 ]
تعالى: " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى اولئك عنها مبعدون " الانبياء: 101. وقوله: " فاهدوهم إلى صراط الجحيم " الجحيم من أسماء جهنم في القرآن وهو من الجحمة بمعنى شدة تأجج النار على ما ذكره الراغب. والمراد بهدايتهم إلى صراطها إيصالهم إليه وإيقاعهم فيه بالسوق، وقيل: تسمية ذلك بالهداية من الاستهزاء، وقال في مجمع البيان: إنما عبر عن ذلك بالهداية من حيث كان بدلا من الهداية إلى الجنة كقوله: " فبشرهم بعذاب أليم " من حيث إن هذه البشارة وقعت لهم بدلا من البشارة بالنعيم. انتهى. قوله تعالى: " وقفوهم إنهم مسؤلون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون " قال في المجمع يقال: وقفت أنا ووقفت غيري - أي يعدي ولا يعدى - وبعض بني تميم يقول: أوقفت الدابة والدار. انتهى. فقوله: " وقفوهم إنهم مسؤلون " أي احبسوهم لانهم مسؤلون أي حتى يسأل عنهم. والسياق يعطي أن هذا الامر بالوقوف والسؤال إنما يقع في صراط الجحيم. واختلفت كلماتهم فيما هو السؤال عنه فقيل: يسألون عن قول لا إله إلا الله، وقيل: عن شرب الماء البارد استهزاء بهم، وقيل: عن ولاية علي عليه السلام. وهذه الوجوه لو صحت فإنما تشير إلى بعض مصاديق ما يسأل عنه والسياق يشهد أن السؤال هو ما يشتمل عليه قوله: " ما لكم لا تناصرون " أي لا ينصر بعضكم بعضا كما كنتم تفعلونه في الدنيا فتستعينون به على حوائجكم ومقاصدكم، وما يتلوه من قوله: " بل هم اليوم مستسلمون " أي مسلمون لا يستكبرون يدل على أن المراد بقوله: " ما لكم لا تناصرون " السؤال عن استكبارهم عن طاعة الحق كما كانوا يستكبرون في الدنيا. فالسؤال عن عدم تناصرهم سؤال عن سبب الاستكبار الذي كانوا عليه في الدنيا فقد تبين به أن المسؤل عنه هو كل حق أعرضوا عنه في الدنيا من اعتقاد حق أو عمل صالح استكبارا على الحق تظاهرا بالتناصر. قوله تعالى: " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون - إلى قوله - إنا كنا غاوين " تخاصم واقع بين الاتباع والمتبوعين يوم القيامة، والتعبير عنه بالتساؤل لانه في معنى
________________________________________
[ 133 ]
سؤال بعضهم بعضا تلاوما وتعاتبا يقول التابعون لمتبوعيهم: لم أضللتمونا ؟ فيقول المتبوعون: لم قبلتم منا ولا سلطان لنا عليكم ؟ فقوله: " وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " البعض الاول هم المعترضون والبعض الثاني المعترض عليهم كما يعطيه سياق التساؤل وتساؤلهم تخاصمهم. وقوله: " قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين " أي من جهة الخير والسعادة فاستعمال اليمين فيها شائع كثير كقوله: " وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين " الواقعة: 27 والمعنى أنكم كنتم تأتوننا من جهة الخير والسعادة فتقطعون الطريق وتحولون بيننا وبين الخير والسعادة وتضلوننا. وقيل: المراد باليمين الدين وهو قريب من الوجه السابق، وقيل: المراد باليمين القهر والقوة كما في قوله تعالى: " فراغ عليهم ضربا باليمين " الصافات: 93 ولا يخلو من وجه نظرا إلى جواب المتبوعين. وقوله: " قالوا بل لم تكونوا مؤمنين وما كان لنا عليكم من سلطان - إلى قوله - غاوين " جواب المتبوعين بتبرئة أنفسهم من إشقاء التابعين وأن جرمهم مستند إلى سوء اختيار أنفسهم. فقالوا: بل لم تكونوا مؤمنين أي لم نكن نحن السبب الموجب لاجرامكم وهلاككم بخلوكم عن الايمان بل لم تكونوا مؤمنين لا أنا جردناكم من الايمان. ثم قالوا: " وما كان لنا عليكم من سلطان " وهو في معنى الجواب على فرض التسليم كأنه قيل: ولو فرض أنه كان لكم إيمان فما كان لنا عليكم من سلطان حتى نسلبه منكم ونجردكم منه. على أن سلطان المتبوعين إنما هو بالتابعين فهم الذين يعطونهم السلطة والقوة فيتسلطون عليهم أنفسهم. ثم قالوا: " بل كنتم قوما طاغين " والطغيان هو التجاوز عن الحد وهو إضراب عن قوله: " لم تكونوا مؤمنين " كأنه قيل: ولم يكن سبب هلاككم مجرد الخلو من الايمان بل كنتم قوما طاغين كما كنا مستكبرين طاغين فتعاضدنا جميعا على ترك سبيل الرشد واتخاذ سبيل الغي فحق علينا كلمة العذاب التي قضى بها الله سبحانه قال تعالى:
________________________________________
[ 134 ]
" إن جهنم كانت مرصادا للطاغين مآبا " النبأ: 22 وقال: " فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى " النازعات: 39. ولهذا المعنى عقب قوله: " بل كنتم قوما طاغين " بقوله: " فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون " أي لذائقون العذاب. ثم قالوا: " فأغويناكم إنا كنا غاوين " وهو متفرع على ثبوت كلمة العذاب وآخر الاسباب لهلاكهم فإن الطغيان يستتبع الغواية ثم نار جهنم، قال تعالى لابليس " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين وإن جهنم لموعدهم أجمعين " الحجر: 43. فكأنه قيل: فلما تلبستم بالطغيان حل بكم الغواية بأيدينا من غير سلطان لنا عليكم إلا اتباعكم لنا واتصالكم بنا فسرى إليكم ما فينا من الصفة وهي الغواية فالغاوي لا يتأتى منه إلا الغواية والاناء لا يترشح منه إلا ما فيه، وبالجملة إنكم لم تجبروا ولم تسلبوا الاختيار منذ بدأتم في سلوك سبيل الهلاك إلى أن وقعتم في ورطته وهي الغواية فحق عليكم القول. قوله تعالى: " فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون - إلى قوله - يستكبرون " ضمير " فإنهم " للتابعين والمتبوعين فهم مشتركون في العذاب لاشتراكهم في الظلم وتعاونهم على الجرم من غير مزية لبعضهم على بعض. واستظهر بعضهم أن المغوين أشد عذابا وذلك في مقابلة أوزارهم وأوزار أمثال أوزارهم فالشركة لا تقتضي المساواة والحق أن الايات مسوقة لبيان اشتراكهم في الظلم والجرم والعذاب اللاحق بهم من قبله، ويمكن مع ذلك أن يلحق بكل من المتبوعين والتابعين ألوان من العذاب ناشئة عن خصوص شأنهم قال تعالى: " وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم " العنكبوت: 13، وقال: " ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون " الاعراف: 38. وقوله: " إنا كذلك نفعل بالمجرمين " تأكيد لتحقيق العذاب، والمراد بالمجرمين المشركون بدليل قوله بعد: " إنهم إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون " أي إذا
________________________________________
[ 135 ]
عرض عليهم التوحيد أن يؤمنوا به أو كلمة الاخلاص أن يقولوها استمروا على استكبارهم ولم يقبلوا. قوله تعالى: " ويقولون ءإنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون بل جاء بالحق وصدق المرسلين " قولهم هذا إنكار منهم للرسالة بعد استكبارهم عن التوحيد وإنكارهم له. وقوله: " بل جاء بالحق وصدق المرسلين " رد لقولهم: " لشاعر مجنون " حيث رموه عليه السلام بالشعر والجنون وفيه رمي لكتاب الله بكونه شعرا ومن هفوات الجنون فرد عليهم بأن ما جاء به حق وفيه تصديق الرسل السابقين فليس بباطل من القول كالشعر وهفوة الجنون وليس ببدع غير مسبوق في معناه. قوله تعالى: " إنكم لذائقوا العذاب الاليم " تهديد لهم بالعذاب لاستكبارهم ورميهم الحق بالباطل. قوله تعالى: " وما تجزون إلا ما كنتم تعملون " أي لا ظلم فيه لانه نفس عملكم يرد إليكم. قوله تعالى: " إلا عباد الله المخلصين - إلى قوله - بيض مكنون " استثناء منقطع من ضمير " لذائقوا " أو من ضمير " ما تجزون " ولكل وجه والمعنى على الاول لكن عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم وليسوا بذائقي العذاب الاليم والمعنى على الثاني لكن عباد الله المخلصين أولئك لهم رزق معلوم وراء جزاء عملهم وسيجئ الاشارة إلى معناه. واحتمال كون الاستثناء متصلا ضعيف لا يخلو من تكلف. وقد سماهم الله سبحانه عباد الله المخلصين فأثبت لهم عبودية نفسه والعبد هو الذي لا يملك لنفسه شيئا من إرادة ولا عمل فهؤلاء لا يريدون إلا ما أراده الله ولا يعملون إلا له. ثم أثبت لهم أنهم مخلصون بفتح اللام أي إن الله تعالى أخلصهم لنفسه فلا يشاركه فيهم أحد فلا تعلق لهم بشئ غيره تعالى من زينة الحياة الدنيا ولا من نعم العقبى وليس في قلوبهم إلا الله سبحانه.
________________________________________
[ 136 ]
ومن المعلوم أن من كانت هذه صفته كان التذاذه وتنعمه غير ما يلتذ ويتنعم غيره وارتزاقه بغير ما يرتزق به سواه وإن شاركهم في ضروريات المأكل والمشرب ومن هنا يتأيد أن المراد بقوله: " أولئك لهم رزق معلوم " الاشارة إلى أن رزقهم في الجنة - وهم عباد مخلصون - رزق خاص لا يشبه رزق غيرهم ولا يختلط بما يتمتع به من دونهم وإن اشتركا في الاسم. فقوله: " أولئك لهم رزق معلوم " أي رزق خاص متعين ممتاز من رزق غيرهم فكونه معلوما كناية عن امتيازه كما في قوله: " وما منا إلا له مقام معلوم " الصافات: 164 والاشارة بلفظ البعيد للدلالة على علو مقامهم. و أما ما فسره بعضهم أن المراد بكون رزقهم معلوما كونه معلوم الخصائص مثل كونه غير مقطوع ولا ممنوع حسن المنظر لذيذ الطعم طيب الرائحة، وكذا ما ذكره آخرون أن المراد أنه معلوم الوقت لقوله: " ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا " مريم: 62 وكذا قول القائل: إن المراد به الجنة فهي وجوه غير سديدة. ومن هنا يظهر أن أخذ قوله: " إلا عباد الله المخلصين " استثناء من ضمير " وما تجزون " لا يخلو من وجه كما تقدمت الاشارة إليه. وقوله: " فواكه وهم مكرمون في جنات النعيم " الفواكه جمع فاكهة وهي ما يتفكه به من الاثمار بيان لرزقهم المعلوم غير أنه تعالى شفعه بقوله: " وهم مكرمون " للدلالة على امتياز هذا الرزق أعني الفاكهة مما عند غيرهم بأنها مقارنة لاكرام خاص يخصهم قبال اختصاصهم بالله سبحانه وكونه لهم لا يشاركهم فيه شئ. وفي إضافة الجنات إلى النعيم إشارة إلى ذلك فقد تقدم في قوله: " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم " الاية النساء: 69، وقوله: " وأتممت عليكم نعمتي " المائدة: 3 وغيرهما أن حقيقة النعمة هي الولاية وهي كونه تعالى هو القائم بأمر عبده. وقوله: " على سرر متقابلين " السرر جمع سرير وهو معروف وكونهم متقابلين معناه استئناس بعضهم ببعض و استمتاعهم بنظر بعضهم في وجه بعض من غير أن يرى بعضهم قفا بعض
________________________________________
[ 137 ]
وقوله: " يطاف عليهم بكأس من معين " الكأس إناء الشراب ونقل عن كثير من اللغويين أن إناء الشراب لا يسمى كأسا إلا وفيه الشراب فإن خلا منه فهو قدح و المعين من الشراب الظاهر منه من عان الماء إذا ظهر وجرى على وجه الارض، و المراد بكون الكأس من معين صفاء الشراب فيها ولذا عقبه بقوله: " بيضاء ". وقوله: " بيضاء لذة للشاربين " أي صافية في بياضها لذيذة للشاربين فاللذة مصدر أريد به الوصف مبالغة أو هي مؤنث لذ بمعنى لذيذ كما قيل. وقوله: " لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون " الغول الاضرار والافساد، قال الراغب: الغول إهلاك الشئ من حيث لا يحس به انتهى. فنفي الغول عن الخمر نفي مضارها و الانزاف فسر بالسكر المذهب للعقل وأصله إذهاب الشئ تدريجا. ومحصل المعنى: أنه ليس فيها مضار الخمر التي في الدنيا ولا اسكارها بإذهاب العقل. وقوله: " وعندهم قاصرات الطرف عين " وصف للحور التي يرزقونها وقصور طرفهن كناية عن نظرهن نظرة الغنج والدلال ويؤيده ذكر العين بعده وهو جمع عيناء مؤنث أعين وهي الواسعة العين في جمال. وقيل: المراد بقاصرات الطرف أنهن قصرن طرفهن على أزواجهن لا يردن غيرهم لحبهن لهم، وبالعين أن أعينهن شديدة في سوادها شديدة في بياضها. وقوله: " كأنهن بيض مكنون " البيض معروف وهو اسم جنس واحدته بيضة والمكنون هو المستور بالادخار قيل: المراد تشبيههن بالبيض الذي كنه الريش في العش أو غيره في غيره فلم تمسه الايدي ولم يصبه الغبار، وقيل: المراد تشبيههن ببطن البيض قبل أن يقشر وقبل أن تمسه الايدي. قوله تعالى: " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون - إلى قوله - فليعمل العاملون " حكاية محادثة تقع بين أهل الجنة فيسأل بعضهم عن أحوال بعض ويحدث بعضهم بما جرى عليه في الدنيا وتنتهي المحادثة إلى تكليمهم بعض أهل النار وهو في سواء الجحيم. فقوله: " فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون " ضمير الجمع لاهل الجنة من عباد الله
________________________________________
[ 138 ]
المخلصين وتساؤلهم - كما تقدم - سؤال بعضهم عن بعض وما جرى عليه. وقوله: " قال قائل منهم إني كان لي قرين " أي قال قائل من أهل الجنة المتسائلين إني كان لي في الدنيا مصاحب يختص بي من الناس. كذا يعطي السياق. وقيل: المراد بالقرين القرين من الشياطين وفيه أن القرآن إنما يثبت قرناء الشياطين في المعرضين عن ذكر الله والمخلصون في عصمة إلهية من قرين الشياطين وكذا من تأثير الشيطان فيهم كما حكى عن إبليس استثناءهم من الاغواء: " فبعزتك لاغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين " ص: 83 نعم ربما أمكن أن يتعرض لهم الشيطان من غير تأثير فيهم لكنه غير أثر القرين. وقوله: " يقول ءإنك لمن المصدقين إذا متنا وكنا ترابا وعظاما ءإنا لمدينون " ضمير " يقول " للقرين، ومفعول " المصدقين " البعث للجزاء وقد قام مقامه قوله: " ءإذا متنا " الخ والمدينون المجزيون. والمعنى: كان يقول لي قريني مستبعدا منكرا ءإنك لمن المصدقين للبعث للجزاء ءإذا متنا وكنا ترابا وعظاما فتلاشت أبداننا وتغيرت صورهاءإنا لمجزيون بالاحياء والاعادة ؟ فهذا مما لا ينبغي أن يصدق. وقوله: " قال هل أنتم مطلعون " ضمير " قال " للقائل المذكور قبلا، والاطلاع الاشراف والمعنى ثم قال القائل المذكور مخاطبا لمحادثيه من أهل الجنة: هل أنتم مشرفون على النار حتى تروا قريني والحال التى هو فيها ؟ وقوله: " فاطلع فرآه في سواء الجحيم " السواء الوسط ومنه سواء الطريق أي وسطه والمعنى فأشرف القائل المذكور على النار فرآه أي قرينه في وسط الجحيم. وقوله: " قال تالله إن كدت لتردين " " إن " مخففة من الثقيلة، والارداء السقوط من مكان عال كالشاهق ويكنى به عن الهلاك والمعنى أقسم بالله إنك قربت أن تهلكني وتسقطني فيما سقطت فيه من الجحيم. وقوله: " ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين " المراد بالنعمة التوفيق والهداية
________________________________________
[ 139 ]
الالهية، والاحضار الاشخاص للعذاب قال في مجمع البيان: ولا يستعمل " أحضر " مطلقا إلا في الشر. والمعنى ولولا توفيق ربي وهدايته لكنت من المحضرين للعذاب مثلك. وقوله: " أفما نحن بميتين إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين " الاستفهام للتقرير والتعجيب، والمراد بالموتة الاولى هي الموتة عن الحياة الدنيا وأما الموتة عن البرزخ المدلول عليها بقوله: " ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين " المؤمن: 11 فلم يعبأ بها لان الموت الذي يزعم الزاعم فيه الفناء والبطلان هو الموت الدنيوي. والمعنى - على ما في الكلام من الحذف والايجاز - ثم يرجع القائل المذكور إلى نفسه وأصحابه فيقول متعجبا أنحن خالدون منعمون فما نحن بميتين إلا الموتة الاولى وما نحن بمعذبين ؟ قال في مجمع البيان: ويريدون به التحقيق لا الشك وإنما قالوا هذا القول لان لهم في ذلك سرورا مجددا وفرحا مضاعفا وإن كان قد عرفوا أنهم سيخلدون في الجنة وهذا كما أن الرجل يعطى المال الكثير فيقول مستعجبا: كل هذا المال لي ؟ وهو يعلم أن ذلك له وهذا كقوله: أبطحاء مكة هذا الذي * أراه عيانا وهذا أنا ؟ قال: ولهذا عقبه بقوله: " إن هذا لهو الفوز العظيم " انتهى. وقوله: " إن هذا لهو الفوز العظيم " هو من تمام قول القائل المذكور وفيه إعظام لموهبة الخلود وارتفاع العذاب وشكر للنعمة. وقوله: " لمثل هذا فليعمل العاملون " ظاهر السياق أنه من قول القائل المذكور والاشارة بهذا إلى الفوز أو الثواب أي لمثل هذا الفوز أو الثواب فليعمل العاملون في دار التكليف، وقيل: هو من قول الله سبحانه وقيل: من قول أهل الجنة. واعلم أن لهم أقوالا مختلفة في نسبة أكثر الجمل السابقة إلى قول الله تعالى أو قول الملائكة أو قول أهل الجنة غير القائل المذكور والذي أوردناه هو الذي يساعد عليه السياق.
________________________________________
[ 140 ]
قوله تعالى: " أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم - إلى قوله - يهرعون " مقايسة بين ما هيأه الله نزلا لاهل الجنة مما وصفه من الرزق الكريم وبين ما أعده نزلا لاهل النار من شجرة الزقوم التي طلعها كأنه رؤس الشياطين وشراب من حميم. فقوله: " أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم " الاشارة بذلك إلى الرزق الكريم المذكورة سابقا المعد لورود أهل الجنة والنزل بضمتين ما يهيؤ لورود الضيف فيقدم إليه إذا ورد من الفواكه ونحوها. والزقوم - على ما قيل - اسم شجرة صغيرة الورق مرة كريهة الرائحة ذات لبن إذا أصاب جسد إنسان تورم تكون في تهامة والبلاد المجدبة المجاورة للصحراء سميت به الشجرة الموصوفة بما في الاية من الاوصاف، وقيل: إن قريشا ما كانت تعرفه وسيأتي ذلك في البحث الروائي. ولفظة خير في الاية بمعنى الوصف دون التفضيل إذ لا خيرية في الزقوم أصلا فهو كقوله: " ما عند الله خير من اللهو " الجمعة: 11 والاية على ما يعطيه السياق من كلامه تعالى. وقوله: " إنا جعلناها فتنة للظالمين " الضمير لشجرة الزقوم، والفتنة المحنة والعذاب. وقوله: " إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم " وصف لشجرة الزقوم، وأصل الجحيم قعرها، ولا عجب في نبات شجرة في النار وبقائها فيها فحياة الانسان وبقاؤها خالدا فيها أعجب والله يفعل ما يشاء. وقوله: " طلعها كأنه رؤس الشياطين " الطلع حمل النخلة أو مطلق الشجرة أول ما يبدو، وتشبيه ثمرة الزقوم برؤس الشياطين بعناية أن الاوهام العامية تصور الشيطان في أقبح صورة كما تصور الملك في أحسن صورة وأجملها قال تعالى: " ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم " يوسف: 31، وبذلك يندفع ما قيل: إن الشئ إنما يشبه بما يعرف ولا معرفة لاحد برؤس الشياطين. وقوله: " فإنهم لاكلون منها فمالؤن منها البطون " الفاء للتعليل يبين به كونها نزلا للظالمين يأكلون منها، وفي قوله: " فمالؤن منها البطون " إشارة إلى تسلط جوع
________________________________________
[ 141 ]
شديد عليهم يحرصون به على الاكل كيفما كان. وقوله: " ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم " الشوب المزيج والخليط، والحميم الماء الحار البالغ في حرارته، والمعنى ثم إن لاولئك الظالمين - زيادة عليها - لخليطا مزيجا من ماء حار بالغ الحرارة يشربونه فيختلط به ما ملؤا منه البطون من الزقوم. وقوله: " ثم إن مرجعهم لالى الجحيم " أي إنهم بعد شرب الحميم يرجعون إلى الجحيم فيستقرون فيها ويعذبون، وفي الاية تلويح إلى أن الحميم خارج الجحيم. وقوله: " إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون " ألفيت كذا أي وجدته وصادفته، والاهراع الاسراع والمعنى أن سبب أكلهم وشربهم ثم رجوعهم إلى الجحيم أنهم صادفوا آباءهم ضالين - وهم مقلدون وأتباع لهم وهم أصلهم ومرجعهم - فهم يسرعون على آثارهم فجوزوا بنزل كذلك والرجوع إلى الجحيم جزاء وفاقا. (بحث روائي) في الدر المنثور أخرج ابن المنذر عن ابن جريح في قوله تعالى: " بل عجبت " قال النبي صلى الله عليه وسلم: عجبت بالقرآن حين أنزل ويسخر منه ضلال بني آدم. وفي تفسير القمي في قوله تعالى: " أحشروا الذين ظلموا " قال: الذين ظلموا آل محمد عليهم السلام حقهم " وأزواجهم " قال: أشباههم. اقول: صدر الرواية من الجري. وفي المجمع في قوله تعالى: " وقفوهم إنهم مسؤلون " قيل: عن ولاية علي عليه السلام عن أبي سعيد الخدري. اقول: ورواه الشيخ في الامالي بإسناده إلى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي العيون عن علي وعن الرضا عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله وسلم، وفي تفسير القمي عن الامام عليه السلام. وفي الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تزول قدم
________________________________________
[ 142 ]
عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وشبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين كسبه وفيما أنفقه، وعن حبنا أهل البيت. اقول: وروى في العلل عنه صلى الله عليه وآله وسلم مثله. وفي نهج البلاغة: اتقوا الله في عباده وبلاده فإنكم مسؤلون حتى عن البقاع والبهائم. وفي الدر المنثور أخرج البخاري في تاريخه والترمذي والدارمي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من داع دعا إلى شئ إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه وإن دعا رجل رجلا ثم قرء " وقفوهم إنهم مسؤلون ". وفي روضة الكافي بإسناده عن محمد بن إسحاق المدني عن أبي جعفر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث: وأما قوله: " أولئك لهم رزق معلوم " قال: يعلمه (1) الخدام فيأتون به إلى أولياء الله قبل أن يسألوهم إياه. أما قوله: " فواكه وهم مكرمون " قال: فإنهم لا يشتهون شيئا في الجنة إلا أكرموا به. وفي تفسير القمي وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام " فاطلع فرآه في سواء الجحيم " يقول: في وسط الجحيم. وفيه في قوله تعالى: " أفما نحن بميتين " الخ بإسناده عن أبيه عن علي بن مهزيار والحسن بن محبوب عن النضر بن سويد عن درست عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار جيئ بالموت ويذبح كالكبش بين الجنة والنار ثم يقال: خلود فلا موت أبدا فيقول أهل الجنة: " أفما نحن بميتين إلا موتتنا الاولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون ". اقول: وحديث ذبح الموت في صورة كبش يوم القيامة من المشهورات رواه الشيعة وأهل السنة، وهو تمثل الخلود يومئذ. وفي المجمع في قوله تعالى: " شجرة الزقوم " روي أن قريشا لما سمعت هذه (1)
________________________________________
يعنى: خ.
________________________________________
[ 143 ]
الاية قالت: ما نعرف هذه الشجرة قال ابن الزبعرى: الزقوم بكلام البربر التمر والزبد وفي رواية بلغة اليمن فقال أبو جهل لجاريته: يا جارية زقمينا فأتته الجارية بتمر وزبد فقال لاصحابه: تزقموا بهذا الذي يخوفكم به محمد فيزعم أن النار تنبت الشجر والنار تحرق الشجر فأنزل الله سبحانه " إنا جعلناها فتنة للظالمين ". اقول: وهذا المعنى مروي بطرق عديدة. * * * ولقد ضل قبلهم أكثر الاولين - 71. ولقد أرسلنا فيهم منذرين - 72. فانظر كيف كان عاقبة المنذرين - 73. إلا عباد الله المخلصين - 74. ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون - 75. ونجيناه وأهله من الكرب العظيم - 76. وجعلنا ذريته هم الباقين - 77. وتركنا عليه في الاخرين - 78. سلام على نوح في العالمين - 79. إنا كذلك نجزي المحسنين - 80. إنه من عبادنا المؤمنين - 81. ثم أغرقنا الاخرين - 82. وإن من شيعته لابراهيم - 83. إذ جاء ربه بقلب سليم - 84. إذ قال لابيه وقومه ماذا تعبدون - 85. أئفكا آلهة دون الله تريدون - 86 - فما ظنكم برب العالمين - 87. فنظر نظرة في النجوم - 88. فقال إني سقيم - 89. فتولوا عنه مدبرين - 90. فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون - 91.
________________________________________
[ 144 ]
ما لكم لا تنطقون - 92. فراغ عليهم ضربا باليمين - 93. فأقبلوا إليه يزفون - 94. قال أتعبدون ما تنحتون - 95. والله خلقكم وما تعملون - 96. قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم - 97. فأرادوا به كيدا فجعلناهم الاسفلين - 98. وقال إني ذاهب إلى ربي سيهدين - 99. رب هب لي من الصالحين - 100. فبشرناه بغلام حليم - 101. فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين - 102. فلما أسلما وتله للجبين - 103. وناديناه أن يا إبراهيم - 104. قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين - 105. إن هذا لهو البلاء المبين - 106. وفديناه بذبح عظيم - 107. وتركنا عليه في الاخرين - 108. سلام على إبراهيم - 109. كذلك نجزي المحسنين - 110. إنه من عبادنا المؤمنين - 111. وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين - 112. وباركنا عليه وعلى إسحق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين - 113.
________________________________________
[ 145 ]
(بيان) تعقيب لغرض السياق السابق المتعرض لشركهم وتكذيبهم بآيات الله وتهديدهم بأليم العذاب يقول: إن أكثر الاولين ضلوا كضلالهم وكذبوا الرسل المنذرين كتكذيبهم ويستشهد بقصص نوح وإبراهيم وموسى وهارون وإلياس ولوط ويونس عليهم السلام وما في الايات المنقولة إشارة إلى قصة نوح وخلاصة قصص إبراهيم عليه السلام. قوله تعالى: " ولقد ضل قبلهم أكثر الاولين - إلى قوله - المخلصين " كلام مسوق لانذار مشركي هذه الامة بتنظيرهم للامم الهالكين من قبلهم فقد ضل أكثرهم كما ضل هؤلاء وأرسل إليهم رسل منذرون كما أرسل منذر إلى هؤلاء فكذبوا فكان عاقبة أمرهم الهلاك إلا المخلصين منهم. واللام في " لقد ضل " للقسم وكذا في " لقد أرسلنا " والمنذرين الاول بكسر الذال المعجمة وهم الرسل والثاني بفتح الذال المعجمة وهم الامم الاولون، و " إلا عباد الله " إن كان المراد بهم من في الامم من المخلصين كان استثناء متصلا وإن عم الانبياء كان منقطعا إلا بتغليبه غير الانبياء عليهم والمعنى ظاهر. قوله تعالى: " ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون " اللامان للقسم وهو يدل على كمال العناية بنداء نوح وإجابته تعالى، وقد مدح تعالى نفسه في إجابته فإن التقدير فلنعم المجيبون نحن، وجمع المجيب لافادة التعظيم وقد كان نداء نوح - على ما يفيده السياق - دعاءه على قومه واستغاثته بربه المنقولين في قوله تعالى: " وقال نوح رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا " نوح: 26، وفي قوله تعالى: " فدعا ربه أني مغلوب فانتصر " القمر: 10. قوله تعالى: " ونجيناه وأهله من الكرب العظيم " الكرب - على ما ذكره الراغب - الغم الشديد والمراد به الطوفان أو أذى قومه، والمراد بأهله أهل بيته و المؤمنون به من قومه وقد قال تعالى في سورة هود: " قلنا احمل فيها من كل زوجين
________________________________________
[ 146 ]
اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن " هود: 40 والاهل كما يطلق على زوج الرجل وبنيه يطلق على كل من هو من خاصته. قوله تعالى: " وجعلنا ذريته هم الباقين " أي الباقين من الناس بعد قرنهم وقد بحثنا في هذا المعنى في قصة نوح من سورة هود. قوله تعالى: " وتركنا عليه في الاخرين " المراد بالترك الابقاء وبالاخرين الامم الغابرة غير الاولين، وقد ذكرت هذه الجملة بعد ذكر إبراهيم عليه السلام أيضا في هذه السورة وقد بدلت في القصة بعينها من سورة الشعراء من قوله: " واجعل لي لسان صدق في الاخرين " الشعراء: 84 واستفدنا منه هناك أن المراد بلسان صدق كذلك أن يبعث الله بعده من يقوم بدعوته ويدعو إلى ملته وهي دين التوحيد. فيتأيد بذلك أن المراد بالابقاء في الاخرين هو إحياؤه تعالى دعوة نوح عليه السلام إلى التوحيد ومجاهدته في سبيل الله عصرا بعد عصر وجيلا بعد جيل إلى يوم القيامة. قوله تعالى: " سلام على نوح في العالمين " المراد بالعالمين جميعها لكونه جمعا محلى باللام مفيدا للعموم، والظاهر أن المراد به عالموا البشر واممهم وجماعاتهم إلى يوم القيامة فإنه تحية من عند الله مباركة طيبة تهدى إليه من قبل الامم الانسانية ما جرى فيها شئ من الخيرات اعتقادا أو عملا فانه عليه السلام أول من انتهض لدعوة التوحيد ودحض الشرك وما يتبعه من العمل وقاسى في ذلك أشد المحنة فيما يقرب من ألف سنة لا يشاركه في ذلك أحد فله نصيب من كل خير واقع بينهم إلى يوم القيامة، ولا يوجد في كلامه تعالى سلام على هذه السعة على أحد ممن دونه. وقيل: المراد بالعالمين عوالم الملائكة والثقلين من الجن والانس. قوله تعالى: " إنا كذلك نجزي المحسنين " تعليل لما امتن عليه من الكرامة كإجابة ندائه وتنجيته وأهله من الكرب العظيم وإبقاء ذريته وتركه عليه في الاخرين والسلام عليه في العالمين، وتشبيه جزائه بجزاء عموم المحسنين من حيث أصل الجزاء الحسن لا في خصوصياته فلا يوجب ذلك اشتراك الجميع فيما اختص به عليه السلام و هو ظاهر.
________________________________________
[ 147 ]
قوله تعالى: " إنه من عبادنا المؤمنين " تعليل لاحسانه المدلول عليه بالجملة السابقة وذلك لانه عليه السلام لكونه عبد الله بحقيقة معنى الكلمة كان لا يريد ولا يفعل إلا ما يريده الله، ولكونه من المؤمنين حقا كان لا يرى من الاعتقاد إلا الحق وسرى ذلك إلى جميع أركان وجوده ومن كان كذلك لا يصدر منه إلا الحسن الجميل فكان من المحسنين. قوله تعالى: " ثم أغرقنا الاخرين " ثم للتراخي الكلامي دون الزماني والمراد بالاخرين قومه المشركون. قوله تعالى: " وإن من شيعته لابراهيم " الشيعة هم القوم المشايعون لغيرهم الذاهبون على أثرهم وبالجملة كل من وافق غيره في طريقته فهو من شيعته تقدم أو تأخر قال تعالى: " وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل " سبأ: 54. وظاهر السياق أن ضمير " شيعته " لنوح أي إن إبراهيم كان ممن يوافقه في دينه وهو دين التوحيد، وقيل: الضمير لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا دليل عليه من جهة اللفظ. قيل: ومن حسن الارداف في نظم الايات تعقيب قصة نوح عليه السلام وهو آدم الثاني أبو البشر بقصة إبراهيم عليه السلام وهو أبو الانبياء إليه تنتهى أنساب جل الانبياء بعده وعلى دينه تعتمد أديان التوحيد الحية اليوم كدين موسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأيضا نوح عليه السلام نجاه الله من الغرق وإبراهيم عليه السلام نجاه الله من الحرق. قوله تعالى: " إذ جاء ربه بقلب سليم " مجيئه ربه كناية عن تصديقه له وإيمانه به، ويؤيد ذلك أن المراد بسلامة القلب عروه عن كل ما يضر التصديق والايمان بالله سبحانه من الشرك الجلي والخفي ومساوي الاخلاق وآثار المعاصي وأي تعلق بغيره ينجذب إليه الانسان ويختل به صفاء توجهه إليه سبحانه. وبذلك يظهر أن المراد بالقلب السليم ما لا تعلق له بغيره تعالى كما في الحديث وسيجئ إن شاء الله في البحث الروائي الاتي. وقيل: المراد به السالم من الشرك، ويمكن أن يوجه بما يرجع إلى الاول وقيل: المراد به القلب الحزين، وهو كما ترى. والظرف في الاية متعلق بقوله سابقا " من شيعته " والظروف يغتفر فيها ما لا
________________________________________
[ 148 ]
يغتفر في غيرها، وقيل متعلق بأذكر المقدر. قوله تعالى: " إذ قال لابيه وقومه ماذا تعبدون " أي أي شئ تعبدون ؟ وانما سألهم عن معبودهم وهو يرى أنهم يعبدون الاصنام تعجبا واستغرابا. قوله تعالى: " ءافكا آلهة دون الله تريدون " أي تقصدون آلهة دون الله افكا وافتراء، انما قدم الافك والالهة لتعلق عنايته بذلك. قوله تعالى: " فنظر نظرة في النجوم فقال اني سقيم " لا شك أن ظاهر الايتين أن اخباره عليه السلام بأنه سقيم مرتبط بنظرته في النجوم ومبني عليه ونظرته في النجوم اما لتشخيص الساعة وخصوص الوقت كمن به حمى ذات نوبة يعين وقتها بطلوع كوكب أو غروبها أو وضع خاص من النجوم واما للوقوف على الحوادث المستقبلة التي كان المنجمون يرون أن الاوضاع الفلكية تدل عليها، وقد كان الصابئون مبالغين فيها وكان في عهده عليه السلام منهم جم غفير. فعلى الوجه الاول لما أراد أهل المدينة أن يخرجوا كافة إلى عيد لهم نظر إلى النجوم وأخبرهم أنه سقيم ستعتريه العلة فلا يقدر على الخروج معهم. وعلى الوجه الثاني نظر عليه السلام حينذاك إلى النجوم نظرة المنجمين فأخبرهم أنها تدل على أنه سيسقم فليس في وسعه الخروج معهم. وأول الوجهين أنسب لحاله عليه السلام وهو في إخلاص التوحيد بحيث لا يرى لغيره تعالى تأثيرا، ولا دليل لنا قويا يدل على أنه عليه السلام لم يكن به في تلك الايام سقم أصلا، وقد أخبر القرآن بإخباره بأنه سقيم وذكر سبحانه قبيل ذلك أنه جاء ربه بقلب سليم فلا يجوز عليه كذب ولا لغو من القول. ولهم في الايتين وجوه آخر أوجهها أن نظرته في النجوم وإخباره بالسقم من المعاريض في الكلام والمعاريض أن يقول الرجل شيئا يقصد به غيره ويفهم منه غير ما يقصده فلعله نظر عليه السلام في النجوم نظر الموحد في صنعه تعالى يستدل به عليه تعالى وعلى وحدانيته وهم يحسبون أنه ينظر إليها نظر المنجم فيها ليستدل بها على الحوادث ثم قال: إني سقيم يريد أنه سيعتريه سقم فإن الانسان لا يخلو في حياته من سقم ما ومرض ما
________________________________________
[ 149 ]
كما قال: " وإذا مرضت فهو يشفين " الشعراء: 80 وهم يحسبون أنه يخبر عن سقمه يوم يخرجون فيه لعيد لهم، والمرجح عنده لجميع ذلك ما كان يهتم به من الرواغ إلى أصنامهم وكسرها. لكن هذا الوجه مبني على أنه كان صحيحا غير سقيم يومئذ، وقد سمعت أن لا دليل يدل عليه. على أن المعاريض غير جائزة على الانبياء لارتفاع الوثوق بذلك عن قولهم. قوله تعالى: " فتولوا عنه مدبرين " ضمير الجمع للقوم وضمير الافراد لابراهيم عليه السلام أي خرجوا من المدينة وخلفوه. قوله تعالى: " فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون " الروغ والرواغ والروغان الحياد والميل، وقيل أصله الميل في جانب ليخدع من يريده. وفي قوله: " ألا تأكلون " ؟ تأييد لما ذكروا أن المشركين كانوا يضعون أيام أعيادهم طعاما عند آلهتهم. وقوله: " ألا تأكلون ؟ ما لكم لا تنطقون " ؟ تكليم منه لالهتهم وهي جماد وهو يعلم أنها جماد لا تأكل ولا تنطق لكن الوجد وشدة الغيظ حمله على أن يمثل موقفها موقف العقلاء ثم يؤاخذها مؤاخذة العقلاء كما يفعل بالمجرمين. فنظر إليها وهي ذوات أبدان كهيئة من يتغذى ويأكل وعندها شئ من الطعام فامتلا غيظا وجاش وجدا فقال: ألا تأكلون ؟ فلم يسمع منها جوابا فقال: " ما لكم لا تنطقون " ؟ وأنتم آلهة يزعم عبادكم أنكم عقلاء قادرون مدبرون لامورهم فلما لم يسمع لها حسا راغ عليها ضربا باليمين. قوله تعالى: " فراغ عليهم ضربا باليمين " أي تفرع على ذاك الخطاب أن مال على آلهتهم يضربهم ضربا باليد اليمنى أو بقوة بناء على كون المراد باليمين القوة. وقول بعضهم: إن المراد باليمين القسم والمعنى مال عليهم ضربا بسبب القسم الذي سبق منه وهو قوله: " تالله لاكيدن أصنامكم " الانبياء: 57 بعيد. قوله تعالى: " فأقبلوا إليه يزفون " الزف والزفيف الاسراع في المشي أي فجائوا
________________________________________
[ 150 ]
إلى إبراهيم والحال أنهم يسرعون اهتماما بالحادثة التي يظنون أنه الذي أحدثها. وفي الكلام إيجاز وحذف من خبر رجوعهم إلى المدينة ووقوفهم على ما فعل بالاصنام وتحقيقهم الامر وظنهم به عليه السلام مذكور في سورة الانبياء. قوله تعالى: " قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعبدون " فيه إيجاز وحذف من حديث القبض عليه والاتيان به على أعين الناس ومسألته وغيرها. والاستفهام للتوبيخ وفيه مع ذلك احتجاج على بطلان طريقتهم فهو يقول: لا يصلح ما نحته الانسان بيده أن يكون ربا للانسان معبودا له والله سبحانه خلق الانسان وما يعمله والخلق لا ينفك عن التدبير فهو رب الانسان ومن السفه أن يترك هذا ويعبد ذاك. وقد بان بذلك أن الاظهر كون ما في قوله: " ما تنحتون " موصولة والتقدير ما تنحتونه، وكذا في قوله: " وما تعملون " وجوز بعضهم كون " ما " فيها مصدرية وهو في أولهما بعيد جدا. ولا ضير في نسبة الخلق إلى ما عمله الانسان أو إلى عمله لان ما يريده الانسان ويعمله من طريق اختياره مراد الله سبحانه من طريق إرادة الانسان واختياره ولا يوجب هذا النوع من تعلق الارادة بالفعل بطلان تأثير إرادة الانسان وخروج الفعل عن الاختيار وصيرورته مجبرا عليه، وهو ظاهر. ولو كان المراد نسبة خلق أعمالهم إلى الله سبحانه بلا واسطة لا من طريق إرادتهم بل بتعلق إرادته بنفس عملهم وأفاد الجبر لكان القول أقرب إلى أن يكون عذرا لهم من أن يكون توبيخا وتقبيحا، وكانت الحجة لهم لا عليهم. قوله تعالى: " قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم " البنيان مصدر بنى يبني والمراد به المبنى، والجحيم النار في شدة تأججها. قوله تعالى: " فأرادوا به كيدا فجعلناهم الاسفلين " الكيد الحيلة والمراد احتيالهم إلى إهلاكه وإحراقه بالنار. وقوله: " فجعلناهم الاسفلين " كناية عن جعل إبراهيم فوقهم لا يؤثر فيه كيدهم


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page