• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أسئلة وأجوبة

ولاَجل رفع الغطاء عن وجه الحقيقة على الوجه الاَكمل تجب الاِجابة عن عدة من الاَسئلة التي تثار حول الآية، وإليك بيانها وأجوبتها:ص
السوَال الاَوّل
انّ تفسير الهمّ الوارد في الآية في كلا الجانبين بالعزم على المعصية، تكرار لما جاء في الآية المتقدمة بصورة واضحة وهي قوله: (وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الاَبواب وقالت هيت لك) ومع هذا البيان الواضح لا وجه لتكراره ثانياً بقوله: (ولقد همّت به وهمّ بها)خصوصاً في همّها به إذ ورد في الآية المتقدمة بصورة واضحة أعنى قوله: (هيت لك).
والجواب: انّ الدافع إلى التكرار ليس هو لاِفادة نفسه مرة ثانية بل الدافع هو بيان كيفية نجاة يوسف من هذه الغائلة، ولاَجل ذلك عاد إلى نفس الموضوع مجدّداً ليذكر مصير القصة ونهايتها، وهذا نظير ما إذا حدّث أحد عن تنازع شخصين وإضرار أحدهما بالآخر واستعداده للدفاع عن نفسه، فإذا أفاد ذلك ثم أراد أن يشير إلى نتيجة ذلك العراك يعود ثانيةً إلى بيان أصل التنازع حتى يبين مصيره ونهايته والآيتان من هذا القبيل.
وبذلك يظهر أنّ ما أفاده صاحب المنار في هذا المقام غير سديد حيث قال: إنّه قد علم من القصة أنّ هذه المرأة كانت عازمة على ما طلبته طلباً جازماً مصرّة عليه ليس عندها أدنى تردّد فيه ولا مانع منه يعارض المقتضى له،فإذاً لا يصح أن يقال: إنّها همّت به مطلقاً إذ الهم مقاربة الفعل المتردد فيه. (1) أقول: قد عرفت دافع التكرار فلا نعيده، بقي الكلام فيما أفاده في تفسير الهم بأنّه عبارة "عن مقاربة الفعل المتردّد فيه" ولا يخفى أنّه لا يصح في قوله سبحانه: (وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ) (2)، أي إخراج الرسول من مكة، فهم كانوا جازمين بذلك، وقد تآمروا عليه في ليلة خاصة معروفة في السيرة والتاريخ، كما لا يصح في قوله سبحانه: (وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا)(3)، حيث حاول المنافقون أن ينفروا بعير النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في العقبة في منصرفه من غزوة تبوك.
السوَال الثاني
إنّ تفسير البرهان بالعصمة لا يتناسب مع سائر استعمالاته في القرآن مثلاً البرهان في قوله سبحانه: (فَذانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ)(4)عبارة عن معاجز موسى من العصا واليد البيضاء، وعلى ذلك فيجب أن يفسر البرهان بشيء ينطبق على الاِعجاز لا العصمة التي هي من مقولة العلم.
والجواب: انّ البرهان بمعنى الحجة وهي تنطبق تارة على المعجزة وأُخرى على العلم المكشوف واليقين المشهود الذي يصون الإنسان عن اقتراف المعاصي، وقد سبق منا أنّ العصمة لا تسلب القدرة، فهي حجة للنبي في آجله وعاجله ودليل في حياته إلى سعادته.
السوَال الثالث
إنّ قوله سبحانه: (كَذلِكَ لِنَصرِفَ عَنْهُ السُّوءَ والفَحْشَاءَ)ظاهر في أنّ (السوء) غير (الفحشاء)فلو فسر قوله: (ولقد همّت به وهمّ بها)بالعزم على المعصية يلزم كونهما بمعنى واحد وهو خلاف الظاهر.
والجواب: انّ المراد من (السوء) هو الهم والعزم، والمراد من (الفحشاء) هو نفس العمل، فالله سبحانه صرف ببركة العصمة ـ نفس الهم ونفس الاقترافـ كلا الاَمرين .
قال العلاّمة الطباطبائي: الاَنسب أنّ المراد بالسوء هو الهم بها والميل إليها ، كما أنّ المراد بالفحشاء اقتراف الفاحشة وهي الزنا، ثم قال: ومن لطيف الاِشارة ما في قوله: (لِنَصرف عنه السوء والفحشاء) حيث جعل السوء والفحشاء مصروفين عنه لا هو مصروفاً عنهما، لما في الثاني من الدلالة على أنّه كان فيه ما يقتضي اقترافه لهما المحوج إلى صرفه عن ذلك، وهو ينافي شهادته تعالى بأنّه من عباده المخلصين، وهم الذين أخلصهم الله لنفسه فلا يشاركهم فيه شيء، ولا يطيعون غيره من تسويل شيطان أو تزيين نفس أو أىّ داع من دون الله سبحانه.
ثم قال: وقوله: (انّه من عبادنا المخلصين)في مقام التعليل لقوله: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء)، والمعنى عاملنا يوسف كذلك، لاَنّه من عبادنا المخلصين، ويظهر من الآية انّ من شأن المخلصين أن يروا برهان ربّهم وإنّ الله سبحانه يصرف كل سوء وفحشاء عنهم فلا يقترفون معصيته ولا يهمون بها بما يريهم الله من برهانه، وهذه هي العصمة الاِلهية. (5)
السوَال الرابع
لو كان المراد من (برهان ربّه)هو العصمة، فلماذا قال سبحانه: (رأي برهانه ربّه)، فإنّ هذه الكلمة تناسب الاَشياء المحسوسة كالمعاجز والكرامات لا العصمة التي هي علم قاهر لا يغلب ويصون صاحبه عن اقتراف المعاصي.
أقول: إنّ الروَية كما تستعمل في الروَية الحسية والروَية بالاَبار، تستعمل أيضاً في الاِدراك القلبى والروَية بعين الفوَاد قال سبحانه: (مَا كَذَبَ الْفُوََادُ مَا رَأَى) (6)شخ ، وقوله سبحانه: (أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَءَاهُ حَسَناً)(7) وقوله سبحانه: (وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّواْ قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنْا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرينَ)(8)، وهذه الآيات ونظائرها تشهد بوضوح بأنّ الروَية تستعمل في الاِدراك القلبى والاستشعار الباطنى.
وعلى ذلك فيوسف الصديق لمّا وقع مقابل ذلك المشهد المغري، الذي يسلب اللب والعقل عن البشر، كان المتوقع بحكم كونه بشراً، الميل إلى المخالطة معها والعزم على الاِتيان بالمعصية، ولكنّه لما أدرك بالعلم القاطع أثر تلك المعصية صانه ذلك عن أي عزم وهمّ بالمخالطة.
هذا هو المعنى المختار في الآية، وبذلك تظهر نزاهة يوسف عن أي هم وعزم على المخالطة.
وهناك تفسير آخر للآية يتفق مع المعنى المختار في تنزيه يوسف عن كل ما لا يناسب ساحة النبوة غير أنّه من حيث الانطباق على ظاهر الآية يعد في الدرجة الثانية، وهذا المعنى هو الذي اختاره صاحب "المنار" وطلاه بعض المعاصرين وزوّقه، وسيوافيك بيان صاحب المنار وما جاء به ذلك المعاصر في البحث التالي:
المعنى الثاني للآية
انّ المراد من الهم في كلا الموردين هو العزم على الضرب والقتل مثل قوله سبحانه: (وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا) (9)حيث قصد المشركون اغتيال النبي عند منصرفه من تبوك، فيكون المعنى أنّ امرأة العزيز همت بضربه وجرحه وبطبيعة الحال لم يكن أمام يوسف إلاّ أن يدافع عن نفسه غير انّه رأي انّ ذلك ربّما ينجر إلى جرح امرأة العزيز ويكون ذلك ذريعة بيدها لاتّـهـام يوسف وبهته، فقد أدرك هذا المعنى ولم يهم بها وسبقها إلى الباب ليتخلّص منها، وعلى ذلك فيكون معنى الهم في كلا الموردين هو المضاربة لكنه من جانب العزيزة بدافع ومن جانب يوسف بدافع آخر.
وهذا التوجيه يتناسب مع حالة العاشق الواله عندما يخفق في نيل ما يصبو إليه ويتوق إلى تحصيله، فإنّه في مثل هذا الموقف تحدث له حالة باطنية تدفعه إلى الانتقام من معشوقه الذي لم يسايره في مطلبه ولم يحقق له غرضه، وقد حدث مثل هذا لامرأة العزيز، فإنّـها عندما أخفقت في نيل ما تريد من يوسف، دفعها الشعور بالهزيمة والاِخفاق إلى الانتقام من يوسف وهذا هو معنى قوله: (ولقد همّت به) على الاِطلاق وبلا تقييد.
ولم يكن في هذه الحالة أمام يوسف إلاّ أن يدافع عن نفسه، ولكنّه لما استشعر بأنّ ضرب العزيزة سوف يتخذ ذريعة لبهته واتهامه، اعتصم عن ضربها والهمّ بها، وهذا معنى قوله: (وهمّ بها لولا أن رأي برهان ربّه).
وهذا المعنى هو المختار لبعض أهل التفسير ، واختاره صاحب المنار ، وسعى في تقويته بقوله: تالله لقد همّت المرأة بالبطش به لعصيانه أمرها وهي في نظرها سيدته وهو عبدها وقد أذلّت نفسها له بدعوته الصريحة إلى نفسها بعد الاحتيال عليه بمراودته عن نفسه، ومن شأن المرأة أن تكون مطلوبة لا طالبة، ولكن هذا العبد العبراني قد عكس القضية وخرق نظام الطبيعة فأخرج المرأة من طبع أُنوثتها في دلالها وتمنعها وهبط بالسيدة المالكة من عز سيادتها وسلطانها وعندئذ همّت بالبطش به في ثورة غضبها وهو انتقام معهود من مثلها وممن دونها في كل زمان ومكان.(10) ثم إنّ بعض المعاصرين اختار المعنى المذكور غير انّه فسر (برهان ربّه) بغير الوجه المذكور في هذا الرأي بل فسره بانفتاح الباب بإرادة الله سبحانه حيث إنّ امرأة العزيز كانت قد غلقت الاَبواب وأحكمت سدها، وعندما وقع هذا الشجار بينها وبين يوسف، سبق يوسف إلى الباب فراراً منها وانفتح الباب له بإرادة الله سبحانه، وهذا هو برهان الرب الذي رآه، ويدل على ذلك انّ القرآن يصرح بغلق الاَبواب ولا يأتي عن انفتاح الباب بأي ذكر ، وهذا يدل على أنّ المراد من (برهان ربّه)هو فتح الباب من عند الله سبحانه في وجه يوسف كرامة له.
ولا يخفى ضعف هذا التفسير ، وذلك لاَنّه لو كان المراد من البرهان هو انفتاح الباب لزم ذكره عند قوله أو قبله (واستبقا الباب)لا في الآية المتقدمة عليه ويظهر ذلك بملاحظتهما حيث قال:
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ ...) (11)
(وَ اسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ) (12)
ترى أنّه يذكر همّه بها وروَية البرهان في آية ثم يذكر استباقهما إلى الباب في آية أُخرى مع الفصل بينهما بذكر أُمور منها (إنّه كان من المخلصين)، فلو كان المراد من "روَية البرهان" هو انفتاح الباب كان المناسب ذكر الاستباق قبلها.
على أنّ الظاهر من قوله "وغلّقت الاَبواب" هو سدّ الاَبواب لا إقفالها بمعنى وضع قفل عليها يمتنع معه فتحها بيسر ، وإنّما لم تقفلها لاَنّها لم تكن تتوقع من يوسف أن لا يستجيب لها ويعصي أمرها.
المعنى الثالث للآية
انّ الهمّ من جانب يوسف هو خطور الشيء بالبال وان لم يقع العزم عليه، وربّما يستعمل الهم في ذلك، قال كعب بن زهير:
فكم فهموا من سيد متوسع ومن فاعل للخير انّ همّ أو عزم
ولا يخفى أنّ هذا التفسير عليل، لاَنّ الظاهر من الهمّ في كلا الموردين واحد ولم يكن الهمّ من جانب العزيزة إلاّ العزم، والتفكيك بين الهمين خلاف الظاهر.
وعلى كل تقدير فقصة يوسف الواردة في القرآن تدل على نزاهته من أوّل الاَمر إلى آخره وإنّه لم يتحقّق منه عزم ولا همّ بالمخالطة لا أنّه همّ وعزم وانصرف لعلة خاصة.
ثم إنّ هناك لاَكثر المفسرين أقوالاً في تفسير الآية أشبه بقصص القصّاصين، وقد أضربنا عن ذكرها صفحاً، فمن أراد فليرجع إلى التفاسير .
وفي مختتم البحث نأتى بشهادة العزيزة بنزاهة يوسف عند ما حصحص الحق وبانت الحقيقة وقد نقلها سبحانه بقوله: (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُنَّ يُوسُفَ عَن نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ للهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ أَنَا رَاوَدتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)(13)وشهدت في موضع آخر على طهارته واعتصام نفسه وقالت: (وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) .(14)
____________
1 . تفسير المنار: 12|286.
2 . التوبة: 13.
3 . التوبة: 74.
4 . القصص: 32.
5 . الميزان: 11|142.
6 . النجم: 11.
7 . فاطر: 8.
8 . الاَعراف: 149.
9 . التوبة: 74.
10 . تفسير المنار: 12|278.
11 . يوسف: 24.
12 . يوسف: 25.
13 . يوسف: 51.
14 . يوسف: 32.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page