• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شعراء الغدير في القرن الثالث

9 - أبو تمام الطائي
/ صفحة 329 /
231هـ
أظبـــيـة حــيث استنت الكثب العـــــفر                    رويدك لا يغــــتـــالك اللوم والـــزجـر
أســـري حــــــذارا لـــــم يقــــيدك ردة                     فــــيحـــسر مـــاء من محاسنك الهذر
أراك خــــــــلال الأمـــر والنـــهي بوة                       عداك الردى ما أنت والنهي والأمر؟!
أتشغـــلني عـــما هـــرعت لمثـــلـــــه                   حـــوادث أشجـــان لصــاحبها نكر ؟ !
ودهـــر أســـاء الصنـــع حـــتى كأنما                       يقـــضي نـــذورا فـــي مساءتي الدهر
له شجـــرات خـــيم المجـــد بـــيــــنها                     فـــلا ثمـــر جـــان ولا ورق نـــضــــر
ومـــا زلـــت ألــقى ذاك بالصبر لابسا                       رداءيه حــــتى خفت أن يجزع الصبر
وإن نـــكيرا أن يـــضيق بـــمـــن لـــه                       عـــشيرة مثـــلي أو وسيـــلته مصــر
ومـــا لامرئ مـــن قـــاتل يـــوم عثرة                      لعـــا وخـــديناه الحداثـــة والـــفـــقــر
وإن كـــانت الأيـــام آضـــت ومـــا بها                        لـــذي غـــلة ورد ولا ســـائل خـــبــر
هـــم الناس ســـار الذم والحرب بينهم                    وحـــمر أن يغــــشاهم الحمد والأجر
صفيـــك منهـــم مضــمر عنجهية (1)                      فـــقائده تـــيـــه وســـائقـــه كـــبــــــر
إذا شـــام بــــرق اليسر فالقرب شأنه                      وأنـــأى مـــن العـــيوق إن ناله عسر
أريني فـــتى لـــم يقله النــاس أو فتى                      يـــصح لـــه عـــزم وليـــس لـــه وقر
تـــرى كـــل ذي فـــضل يطــول بفضله                     عـــلى معتـــفيه والـــذي عـــنده نـزر
وإن الـــذي أحـــذاني الشيـــب للـــذي                     رأيـــت ولــم تكمل له السبع والعشر
وأخـــرى إذا استودعـــتها السر بينت                          بـــه كرها ينهــاض من دونها الصدر
طغـــى مـــن عـــليها واستـــبد برأيهم                       وقـــولهـــم إلا أقـــلهـــم الـــكـــفـــــر

*************
(1) العنجهية بضم العين والجيم : الكبر .
/ صفحة 330 /
وقــــاسوا دجــــى أمــــريهم وكـلاهما                          دلــــيل لهم أولـــى به الشمس والبدر
سيحــــدوكم استسقاؤكم حلـــب الردى                      إلــــى هـــوة لا الماء فيها ولا الخمر
سأمتــــم عبــــور الضحـل خوضا فأية                            تعــــدونها لــــو قـــــد طغى بكم البحر
وكنــــتم دمــــاء تحــــت قــــدر مغـارة                            عــــلى جـهل ما أمست تفور به القدر
فهــــلا زجــــرتم طائــر الجهل قبل أن                            يجــــيئ بما لا تبــــسأون به الزجر؟!
طويتــــم ثنايا تخــــبأون عــــوارهــــا                              فــــأين لكم خــــب وقـد ظهر النشر؟!
فعــــلتم بأبــــناء النــــبي ورهــــطــــه                          أفاعــــيل أدنــــاها الخيــــانة والغـدر
ومــــن قــــبله أخــــلفتم لــــوصــيــــه                         بــــداهية دهــــياء لــــيس لهــــا قدر
فجــــأتم بهــــا بكــــرا عـوانا ولم يكن                           لهــــا قبلها مثــــل عــــوان ولا بــكر
أخــــوه إذا عــــد الفخــــار وصهـــــره                           فــــلا مثــــله أخ ولا مثــــله صهـــر
وشــــد بــــه أزر النــــبي محــــمـــــــد                        كمــــا شد من موسى بهارونه الإزر
ومــــا زال كــــشافا ديــــاجير غــــمرة                         يمــــزقها عــن وجهه الفتح والنصر
هــــو السيــف سيف الله في كل مشهد                    وسيــــف الرســــول لا ددان ولا دثـر
فــــأي يد للــــذم لــــم يــــبــــر زنـــدها                     ووجــــه ضــــلال ليــــس فيه له أثر
ثــــوى ولأهــــل الــــدين أمــــن بحــده                      وللواصميــــن الــــدين فـي حده ذعر
يســــد بــــه الثغـر المخوف من الردى                       ويعــــتاض من أرض العدو به الثغر
بأحــــد وبــــدر حين مــــاج بــــرجـــله                        وفــــرسانه أحــــد ومــــاج بهـــم بدر
ويــــوم حنــــين والنضــــير وخــيــــبر                        وبالخــــندق الثــــاوي بعـقوته عمرو
سمــــا للمنــــايا الحــــمر حتى تكشفت                   وأسيافــــه حــــمر وأرمـــــاحه حمر
مشاهــــد كــــان الله كــــاشف كـــربها                    وفــــارجه والأمــــر مــــلتبس إمـــر
و"يــوم الغدير" استوضح الحق أهله                       بضــحيآء (1) لا فيها حجاب ولا ستر
أقــــام رســــول الله يدعــــوهم بهـــــا                    ليقــــربهم عــــرف ويــــنــــآهم نــكر
يــــمد بضبعــــيه ويعــــلـــم (2) أنه                       ولــــي ومــــولاكم فــهل لكم خبر ؟ !

*****************
(1) وفي نسخة : بفيحاء .
(2) من أفعل ويظهر من الدكتور ملحم شارح ديوان أبي تمام أنه قرأه مجردا من علم لا مزيدا من أعلم كما قرأناه ومختارنا هو الصحيح الذي لا يعدوه الذوق العربي .
/ صفحة 331 /
يــــروح ويغــــدو بالبــــيان لمعــــشر                             يــــروح يهــــم غـمر ويغدو بهم غمر
فكــــان لهــــم جهــــر بإثبات حــقــــه                           وكــــان لهــــم فــــي بــزهم حقه جهر
أثــــم جعــــلتم حــــظه حــــد مــرهف                         مـــن البــيض يــوما حظ صاحبه القبر
بكــــفي شــــقي وجــــهته ذنــــوبـــــه                      إلــــى مــــرتع يرعى به الغي والوزر
القصيدة 73 بيتا توجد في ديوانه ص 143

(ما يتبع الشعر)
لا أجد لذي لب منتدحا عن معرفة يوم الغدير لا سيما وبين يديه كتب الحديث والسير ومدونات التاريخ والأدب، كل يومي إليه بسبابته، ويوعز إليه ببنانه، كل يلمس يدي القارئ حقيقة يوم الغدير، فلا يدع له ذكرا خاليا منه، ولا مخيلة تعدوه، ولا أضالع إلا وقد انحنت عليه، فكأنه وهو يتلقى خبره بعد لأي من الدهر يرنو إليه من كثب، ويستشف أمره على أمم، ولعل الواقف على كتابنا هذا من البدء إلى الغاية يجد فيه نماذج مما قلناه .
إذا فهلم معي وأعجب من الدكتور ملحم إبراهيم الأسود شارح ديوان شاعرنا المترجم حيث يقول عند قوله: ويوم الغدير استوضح الحق أهله ...
يوم الغدير واقعة حرب معروفة . وذكر بعده في قوله : يمد بضبعيه ويعلم أنه ....
ما يكشف عن أنها كانت من المغازي النبوية قال ص 381 : يمد بضبعيه يساعده وينصره والهاء راجعة إلى الإمام علي، أي : كان رسول الله صلى الله عليه وآله ينصره ويعلم أنه ولي، كان العضد والمساعد الوحيد للنبي صلى الله عليه وآله في الغدير والرسول نفسه كان ينصره عالما أنه سيكون وليا على شعبه بعده وخليفة له، وهذه هي الحقيقة، فهل تعلمون ؟ ! ه‍ .
إلا مسائل هذا الرجل عن مصدر هذه الفتوى المجردة ؟ ! أهل وجد هاتيك الغزءة في شيء من السير النبوية ؟ ! أو نص عليها أحد من أئمة التاريخ ؟ ! أم أن تلك الحرب الزبون وحدها قد توسع بنقلها المتوسعون من نقله الحديث ؟ ! دع ذلك كله هل وجد
/ صفحة 332 /
قصاصا يقصها ؟ ! أو شاعر يصورها بخياله ؟ ! .
ألا من يسائله عن أن هذه الغزءة متى زيدت على الغزوات النبوية المحدودة ؟ ! المعلومة بكمها وكيفها، المدونة أطوارها وشئونها، وليس فيها غزءة يوم الغدير، متى زيدت هذه على ذلك العدد الثابت بواحده ؟ ! فكان فيها علي والنبي يتناصران، ويعضد كل صاحبه، ويدفع كل عن الآخر كما يحسبه هذا الكاتب .
وإنك لتجد الكاتب عيا عن جواب هذه الأسؤلة لكنه حبذت له بواعثه أن يستر حقيقة الغدير بذيل أمانته، وهو يحسب أنه لا يقف على ذلك التعليق إلا الدهماء، أو أن البحاثة يمرون عليه كراما، لكن المحافظة على حقيقة دينية أولى من التحفظ على اعتبار هذا الكاتب الذي يكتب ولا يبالي بما يكتب، ويرى الكذب حقيقة راهنة نعم كان في الجاهلية يوم أغار فيه دريد بن الصمه (المقتول كافرا بعد فتح مكة) على غطفان يطالبهم بدمه فاستقراهم حيا حيا وقتل من بني عبس ساعدة بن مر وأسر ذؤاب بن أسماء الجشمي فقالت بنو جشم : لو فاديناه .
فأبى ذلك دريد عليهم وقتله بأخيه عبد الله وأصاب جماعة من بني مرة ومن بني ثعلبة ومن أحياء غطفان .
قال في الأغاني ج 9 ص 6 : وذلك في " يوم الغدير " وذكر لدريد شعرا في ذلك .
وعد في العقد الفريد ج 3 ص 71 من حروب الجاهلية يوم [ غدير قلياد ] قال : قال أبو عبيدة .
فاصطلح الحيان إلا بني ثعلبة بن سعد فإنهم أبوا ذلك وقالوا : لا نرضى حتى يودوا قتلانا أو يهدر دم من قتلها فخرجوا من قطن (1) حتى وردوا [ غدير قلياد ] فسبقهم بنو عبس إلى الماء فمنعوهم حتى كادوا يموتون عطشا ودوابهم فأصلح بينهم عوف ومعقل ابنا سبيع من بني ثعلبة، وإياها يعني زهير بقوله :
تــداركتما عبسا وذبيان بعد ما       تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم ... إلخ
" وقلياد " في الكلام المذكور مصحف " قلهى " كما يظهر من معجم البلدان 7 ص 154، وبلوغ الإرب ج 2 ص 73، وفي الأخير عده من أيام العرب المشهورة .
هذا كل ما روي في حديث هذا اليوم الذي لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وآله ولا لأحد من الهاشميين فيه حل ولا مرتحل ولا لوصيه أمير المؤمنين عليه السلام فيه صولة أو جولة،

**************
(1) يوم قطن من حروب الجاهلية راجع إلى العقد الفريد ج 3 ص 6 .
/ صفحة 333 /
فالحديث ليس فيه أي صلة بهما أفمن المعقول إذن أن يريده أبو تمام المادح للوصي الأعظم ؟ ! ويعده مأثرة له ؟ ! على أن الشعر نفسه يأبى أن يكون المراد به واقعة حرب دامية فإن الشاعر بعد أن عد مواقف أمير المؤمنين عليه السلام في الغزوات النبوية وذكر منها غزاة أحد وبدر وحنين والنضير وخيبر والخندق وختمها بقوله :
مشاهد كان الله كاشف كربها              وفـــارجه والأمر ملتبس إمر
أخذ في ذكر منقبة ناء بها اللسان دون السيف والسنان فقال : ويوم الغدير وأنت ترى أنه يوعز إلى قصة فيها قيام ودعوة وإعلام وبيان ومجاهرة بإثبات الحق لأهله .
(الشاعر)
أبو تمام حبيب بن أوس بن الحارث بن قيس بن الأشجع بن يحيى بن مزينا بن سهم بن ملحان بن مروان بن رفافة بن مر بن سعد بن كاهل بن عمرو بن عدي بن عمرو بن الحارث بن طئ جلهم بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن كهلان بن سبا بن يشجب ابن يعرب بن قحطان تاريخ الخطيب 8 248 .
أحد رؤساء الإمامية كما قال الجاحظ (1) والأوحد من شيوخ الشيعة في الأدب في العصور المتقادمة، ومن أئمة اللغة، ومنتجع الفضيلة والكمال، كان يؤخذ عنه الشعر وأساليبه، وينتهي إليه السير، ويلقى لديه المقالد، ولم يختلف اثنان في تقدمه عند حلبات القريض، ولا في تولعه بولاء آل الله الأكرمين صلوات الله عليهم، وكان آية في الحفظ والذكاء حتى قيل : إنه كان يحفظ أربعة آلاف ديوان الشعر غير ألف أرجوزة للعرب غير المقاطيع والقصايد (2) وفي [ معاهد التنصيص ] : إنه كان يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة للعرب غير المقاطيع والقصايد وفي التكلمة : إنه أخمل في زمانه خمسمائة شاعر كلهم مجيد .

*************
(1) فهرست النجاشي ص 102 .
(2) مرآت الجنان 2 ص 102 .
/ صفحة 334 /
المترجم له شامي الأصل ولد بقرية " جاسم " من قرى " الجيدور " من أعمال " دمشق " وإن أباه كان يقال له : ندوس (3) العطار فجعلوه أوسا، وفي دائرة المعارف الإسلامية : إن المترجم هو الذي بدله وكان أبوه نصرانيا .
نشأ المترجم بمصر و في حداثته كان يسقي الماء في المسجد الجامع ثم جالس الأدباء فأخذ عنهم وتعلم منهم وكان فطنا فهما وكان يحب الشعر فلم يزل يعانيه حتى قال الشعر وأجاد، وشاع ذكره، وسار شعره، وبلغ المعتصم خبره فحمله إليه وهو بسر من رأى، فعمل أبو تمام فيه قصائد عدة وأجازه المعتصم وقدمه على شعراء وقته، وقدم إلى بغداد وتجول في العراق وإيران، ورآه محمد بن قدامة بقزوين، فجالس بها الأدباء وعاشر العلماء وكان موصوفا بالظرف وحسن الأخلاق وكرم النفس .
قال الحسين بن إسحاق قلت للبحتري : الناس يزعمون أنك أشعر من أبي تمام فقال : والله ما ينفعني هذا القول ولا يضر أبا تمام والله ما أكلت الخبز إلا به ولوددت إن الأمر كما قالوا ولكني والله تابع له لائذ به آخذ منه، نسيمي يركد عند هوائه، وأرضي تنخفض عند سمائه [ تاريخ الخطيب 8 ص 248 ] .
كان البحتري أول أمره في الشعر ونباهته فيه أنه سار إلى أبي تمام وهو بحمص فعرض عليه شعره وكانت الشعراء تقصده لذلك، فلما سمع شعر البحتري أقبل عليه وترك سائر الناس فلما تفرقوا قال له : أنت أشعر من أنشدني، فكيف حالك ؟ ! فشكى إليه القلة .
فكتب أبو تمام إلى أهل معرة النعمان وشهد له بالحذق وشفع له إليهم وقال له : امتدحهم .
فسار إليهم فأكرموه بكتاب أبي تمام ووظفوا أربعة آلاف درهم فكانت أول مال أصابه ثم أقبل عليه أبو تمام يصف شعره ويمدحه فلزمه البحتري بعد ذلك، و قيل للبحتري : أنت أشعر أم أبو تمام ؟ ! فقال : جيده خير من جيدي، ورديي خير من رديئه .
وقيل : سئل أبو العلاء المعري : من أشعر الثلاثة ؟ ! أبو تمام أم البحتري أم المتنبي ؟ ! فقال : المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري .
وقيل : أنشد البحتري أبا تمام شيئا من شعره فقال له : أنت أمير الشعراء بعدي .
قال البحتري : هذا القول أحب إلي من كل ما نلته .

**************
(3) لهذا الاسم قراءات مختلفة : تدوس تدرس . ندوس . ثدوس . ثادوس . ثيودوس .
/ صفحة 335 /
وقال ابن المعتز : شعره كله حسن .
وذكر اعتنائه البالغ بشعر مسلم بن الوليد صريع الغواني وأبي نواس .

وعن عمارة بن عقيل في حديث نقله عنه ابن عساكر في تاريخه 4 ص 22 : إنه لما سمع قوله :
وطــــول مقــام المرء بالحي مخلق                 لديباجتــــيه فــاغــــترب تــــتــــجدد
فإنــــــي رأيت الشمس زيدت محبة                إلى الناس أن ليست عليهم بسرمد
قال : إن كان الشعر بجودة اللفظ، وحسن المعاني وأطراف المراد، واستواء الكلام، فهي لأبي تمام، وهو أشعر الناس، وإن كان بغيرها فلا أدري .
وكان في لسانه حبسة وفي ذلك يقول ابن المعدل أو أبو العميثل : يا نبي الله في الشعر ويا عيسى بن مريم أنت من أشعر خلق الله ما لم تتكلم مدح الخلفاء والأمراء فأحسن، وحدث عن صهيب بن أبي الصحباء الشاعر، و العطاف بن هارون، وكرامة بن أبان العدوي، وأبي عبد الرحمن الأموي، وسلامة بن جابر النهدي، ومحمد بن خالد الشيباني، وروى عنه خالد بن شريد الشاعر، والوليد بن عبادة البحتري، ومحمد بن إبراهيم بن عتاب، والعبدوي البغدادي . [تاريخ ابن عساكر 4 ص 18].

روي أنه لما مدح الوزير محمد بن عبد الملك الزيات بقصيدته التي يقول فيها :
ديــــمة سمحة القيادة سكوب                  مستغيث بها الثرى المكروب
لـو سعت بقعة لأعظام أخرى                    لسعى نحوها المكان الجديب
قال له ابن الزيات : يا أبا تمام ؟ إنك لتحلي شعرك من جواهر لفظك ودرر معانيك ما زيد حسنا على بهي الجواهر في أجياد الكواعب، وما يدخر لك شيء من جزيل المكافأة إلا ويقصر عن شعرك في الموازرة وكان بحضرته الكندي الفيلسوف فقال له : إن هذا الفتى يموت شابا .
فقيل له : من أين حكمت عليه بذلك ؟ ! فقال : رأيت فيه من الحدة والذكاء والفطنة مع لطافة الحسن وجودة الخاطر ما علمت به أن النفس الروحانية تأكل جسمه كما يأكل السيف المهند غمده [ تأريخ ابن خلكان ج 1 ص 132 ] .
/ صفحة 336 /
ذكر الصولي : إن المترجم امتدح أحمد بن المعتصم أو ابن المأمون بقصيدة سينية فلما انتهى إلى قوله :
إقدام عمرو في سماحة حاتم                  في حلم أحنف في ذكاء إياس

قال له الكندي الفيلسوف وكان حاضرا : الأمير فوق ما وصفت فأطرق قليلا ثم رفع رأسه فأنشد :
لا تــنكروا ضربي له من دونه                 مثلا شرودا في الندى والبأس
فــــالله قـــد ضرب الأقل لنوره               مــــثلا من المشكاة والنبراس
                                فعجبوا من سرعة فطنته
ديوان شعر أبي تمام : قد يقال : إن المترجم لم يدون شعره .
لكن الظاهر من قراءة عثمان بن المثنى القرضي المتوفى 273 ديوانه عليه كما في " بغية الوعاة " ص 324، إن شعره كان مدونا في حياته .

واعتنى بعده جمع من الأعلام والأدباء بترتيبه وتلخيصه وشرحه وحفظه ومنهم:
1 - أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن كيسان المتوفى 320، له شرحه .
2 - أبو بكر محمد بن يحيى الصولي المتوفى 335 / 6، رتبه على حروف المعجم في نحو ثلثمائة ورقة .
3 - علي بن حمزة الاصبهاني، رتبه على الأنواع .
4 - أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري الشافعي المتوفى 380، له شرحه .
5 - أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي المتوفى 371، له شرحه .
6 - الخالع حسين بن محمد الرافعي كان حيا في حدود 380، له شرحه .
7 - الوزير حسين بن علي المغربي المتوفى 418، له كتاب اختيار شعره .
8 - أبو ريحان محمد بن أحمد البيروني المتوفى 340، له شرح راءه الحموي بخطه .
9 - أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري المتوفى 449، له تلخيصه المسمى ب‍ " ذكرى حبيب " وشرحه .
10 - أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي المتوفى 502، له شرحه .
11 - أبو البركات ابن المستوفي مبارك الأربلي المتوفى 637، له شرحه في عشر مجلدات .
/ صفحة 337 /
12 - أبو الفتح ضياء الدين نصر بن محمد المتوفى 637، كان يحفظه .
13 - أبو الحجاج يوسف بن محمد الأنصاري المتوفى 672، كان يحفظه و يحفظ الحماسة .
14 - محيي الدين الخياط، له شرحه (1) .
15 - الدكتور ملحم إبراهيم أسود، له شرحه المطبوع بمصر .
والظاهر أن النسخة المطبوعة من ديوان أبي تمام هو ترتيب الصولي لأنها مرتبة على الحروف إلا أن فيها سقطا كثيرا من شعره لأن النجاشي قال في فهرسته ص 102 : له شعر في أهل البيت كثير، وذكر أحمد بن الحسين رحمه الله : أنه رأى نسخة عتيقة ولعلها كتبت في أيامه أو قريبا منه وفيها قصيدة يذكر فيها الأئمة حتى انتهى إلى أبي جعفر الثاني عليه السلام لأنه توفي في أيامه . ا ه‍ .
ولا يوجد في الديوان المطبوع شيء من ذلك الكثير عدا رائيته المذكورة في هذا الكتاب فإما أن يد الأمانة في طبع الكتب حذفت تلكم القصايد عند تمثيل الديوان إلى عالم الطباعة كما صنعت مع غيره أيضا، أو أنها لم تصل إليها عند النشر، أو أن المطبوع اختصار أبي العلاء المعري المذكور .
ديوان الحماسة وشروحه: ولأبي تمام مما أفرغه في قالب التأليف ديوان الحماسة الذي سار به الركبان و استفادت به الأجيال بعده، جمع فيه عيون الشعر ووجوهه من كلام العرب، جمعه بدار أبي الوفاء ابن سلمة بهمدان عندما اضطرته الثلوج إلى الالتجاء إلى هذه المدينة أثناء أوبته من زيارة عبد الله بن طاهر، ورتبه على عشرة أبواب خص كل باب بفن و قد اعتنى بشرحه جمع كثير من أعلام الأدب منهم:
1 - أبو عبد الله محمد بن القاسم ماجيلويه البرقي .
2 - أبو الحسن علي بن محمد السميساطي (2) المتوفى أواسط المائة الرابعة .

*************
(1) راجع فهرست ابن النديم ص 235، فهرست النجاشي ص 102، الطبقات لابن أبي صبيعة 2 ص 20 تأريخ ابن خلكان 1 ص 30، 133، بغية الوعاة ص 324، 404، 423، كشف الظنون معجم المطبوعات .
(2) نسبة إلى سميساط بالمهملتين بضم أوله وفتح ثانيه، فما في كثير من المعاجم " الشمشاطي " المعجمتين تصحيف
/ صفحة 338 /
3 - أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي الرازي المتوفى 369 .
4 - أبو عبد الله الحسين بن علي بن عبد الله النمري المتوفى 385، ولأبي محمد الأسود الحسن الغندجاني رد على النمري هذا في شرح الحماسة كما في [ معجم الأدباء ] 3 ص 24 .
5 - أبو الفتح عثمان بن جني المتوفى 392، له " المنهج " في اشتقاق أسماء شعراء الحماسة وشرح مستغلق الحماسة .
6 - أبو الحسن علي بن زيد البيهقي .
7 - أبو هلال الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري كان حيا إلى سنة 395 .
8 - أبو المظفر محمد بن آدم بن كمال الهروي النحوي المتوفى 414 .
9 - الشيخ أبو علي أحمد بن محمد المرزوقي الاصبهاني المتوفى 421 .
10 - أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري التنوخي المتوفى 449 .
11 - أبو الحسن علي بن أحمد بن سيدة الأندلسي المتوفى 458 .
12 - أبو الحسين عبد الله بن أحمد بن الحسين الشاماتي المتوفى 475 .
13 - أبو القاسم زيد بن علي بن عبد الله الفارسي المتوفى 467 .
14 - أبو حكيم عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله الخبري المتوفى 476 .
15 - أبو الحجاج يوسف بن سليمان الشنتمري المتوفى 476، شرحها شرحا كبيرا ورتبها على الحروف .
16 - أبو زكريا يحيى بن علي الخطيب التبريزي المتوفى 502، له شروحها الثلاثة .
17 - أبو الحسن علي بن عبد الرحمن الإشبيلي المتوفى 514 .
18 - أبو المحاسن مسعود بن علي البيهقي المتوفى 544 .
19 - أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري المتوفى 577 .
20 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الحضرمي الإشبيلي المتوفى 584 .
21 - أبو محمد القاسم بن محمد الديمرتي الاصبهاني .
22 - الشيخ علي بن الحسن الشميم الحلي المتوفى 601 .
/ صفحة 339 /
23 - أبو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله العكبري البغدادي المتوفى 616 .
24 - أبو علي الحسن بن أحمد الاسترابادي اللغوي النحوي .
25 - المولوي فيض حسين شرحها مختصرا وأسماه بالفيضي .
26 - الشيخ لقمان .
27 - الشيخ سيد بن علي المرصفي الأزهري المعاصر .
راجع فهرست النجاشي : فهرست ابن النديم . معجم الأدباء . بغية الوعاة . الذريعة .
دواوين الحماسة : تبع أبا تمام في صناعة الحماسة كثيرون، منهم : 1 - البحتري أبو عبادة الوليد بن عبيدة المتوفى 284 .
2 - أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي الرازي المتوفى 369 .
3 - الخالديان ابنا هاشم : أبو بكر محمد وأبو عثمان سعيد المتوفى 371 .
4 - أبو هلال الحسن بن عبد الله العسكري النحوي .
5 - أبو الحجاج يوسف بن سليمان الشنتمري المتوفى 476 .
6 - أبو حصين محمد بن علي الاصبهاني الديمرتي .
7 - أبو دماش عده ابن النديم من النحويين اللغويين .
8 - أبو العباس محمد بن خلف بن المرزباني .
9 - أبو السعادات هبة الله بن علي المعروف بابن الشجري المتوفى 542 .
10 - الشيخ علي بن الحسن الشميم الحلي المتوفى 601 .
11 - أبو الحجاج يوسف بن محمد الأندلسي المتوفى 653 .
12 - صدر الدين علي بن أبي الفرج البصري المقتول 659 .
13 - أبو الحجاج يوسف بن محمد الأنصاري المتوفى 672 (1).
ومن آثار أبي تمام الأدبية : الاختيارات من شعر الشعراء .
الاختيار من شعر القبائل اختيار المقطعات المختار من شعر المحدثين نقايض جرير والأخطل الفحول وهو مختارات من قصايد شعراء الجاهلية والاسلام تنتهي بابن هرمة ذكرها له ابن النديم في فهرسته ص 235 وغيره .

***************
(1) فهرست ابن النديم معجم الأدباء، بغية الوعاة .
/ صفحة 340 /

المؤلفون في أخبار أبي تمام
لقد جمع أخباره وما يؤثر عنه غضون حياته من نوادر وظرف ونكت وأدب وشعر جماعة منهم :
1 - أبو الفضل أحمد بن أبي طاهر المتوفى 280، له كتاب : [ سرقات النحويين من أبي تمام ] .
2 - أبو بكر محمد بن يحيى الصولي المتوفى 336، له " أخبار أبي تمام " .
طبع مع فهرسته في 340 صحيفة .
3 - أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي البصري المتوفى 371، له كتاب [ الموازنة بين أبي تمام والبحتري ] في عشرة أجزاء .
ولياقوت الحموي في " معجم الأدباء " 2 ص 59 كلمات حول هذه الموازنة .
وللآمدي هذا رد على ابن عمار فيما خطأ فيه أبا تمام .
4 - الخالديان ابنا هاشم : أبو بكر محمد وأبو عثمان سعيد المتوفى 371، لهما كتاب [ أخبار أبي تمام ومحاسن شعره ] .
5 - أبو علي أحمد بن محمد المرزوقي الاصبهاني المتوفى 421، له كتاب [ الانتصار من ظلمة أبي تمام ] دفع عنه ما انتقد به .
6 - أبو عبد الله محمد بن عمران المرزباني المتوفى 444، له كتاب " أخبار أبي تمام " في نحو من مائة ورقة .
7 - أبو الحسين علي بن محمد العدوي السميساطي، له كتاب [ أخبار أبي تمام والمختار من شعره ] .
وله كتاب تفضيل أبي نواس على أبي تمام .
8 - أبو ضياء بشر بن يحيى النصيبي له كتاب [ سرقات البحتري من أبي تمام ] .
9 - أحمد بن عبيد الله القطربلي المعروف بالفريد، صنف في أخطاء أبي تمام في الاسلام وغيره .
10 - الشيخ يوسف البديعي القاضي بالموصل المتوفى 1073 له كتاب [ هبة الأيام فيما يتعلق بأبي تمام ] في 309 صحيفة طبع بمصر سنة 1352 .
11 - الشيخ محمد علي بن أبي طالب الزاهدي الجيلاني المتوفى بنبارس الهند سنة 1181 .
/ صفحة 341 /
12 - سيدنا المحسن الأمين العاملي مؤلف أعيان الشيعة .
13 - عمر فروخ من كتاب العصر الحاضر له تأليف في المترجم طبع ببيروت في مائة صحيفة .
وتوجد ترجمته في طبقات ابن المعتز ص 133 فهرست ابن النديم ص 235 . تأريخ الطبري 11 ص 9 . فهرست النجاشي ص 102 . تأريخ الخطيب 8 ص 248 مروج الذهب 2 ص 283 و 357 . معجم البلدان 3 ص 37 . تأريخ ابن عساكر 4 ص 18 - 27 . نزهة الألباء ص 213 . تأريخ ابن خلكان 1 ص 131 . رجال ابن داود خلاصة العلامة . مرآت الجنان 2 ص 102 . معاهد التنصيص 1 ص 14 . شذرات الذهب 2 ص 72 . مجالس المؤمنين ص 458 . كشف الظنون 1 ص 501 رياض الجنة للزنوزي في الروضة الرابعة . أمل الآمل ص 8 . منتهى المقال ص 96 . منهج المقال ص 92 .
تكملة أمل الآمل لسيدنا الصدر الكاظمي . دائرة المعارف للبستاني 2 ص 56 . دائرة المعارف الإسلامية 1 ص 320 . دائرة المعارف لفريد وجدي 2 ص 685 - 693 . وغيرها .

ولادته ووفاته
لم نجزم فيهما بشئ مما في المعاجم لتكثر الاختلاف فيها، وكان الحقيق أن يؤخذ بالمنقول عن ابنه تمام إذ أهل البيت أدرى بما فيه، لكن اختلاف المعاجم في المنقول عنه يسلب الثقة به، فمجموع الأقوال : أنه ولد سنة 172، 188، 190، 192 وتوفي سنة 228، 231، 232 بالموصل ودفن بها وبنى عليه أبو نهشل بن حميد الطوسي قبة خارج باب الميدان على حافة الخندق ورثاه علي بن الجهم بقوله :

غــــاضت بدائــــع فطـــنة الأوهام                   وغــــدت عــــليها نكــــبة الأيـــام
وغدا القريض ضئيل شخص باكيا                    يشكــــو رزيــــته إلــــى الأقــــلام
وتــــأوهت غــــور القـــوافي بعده                  ورمــــى الـزمان صحيحها بسقام
أودى مثقــــفها ورائــــد صعــــبها                  وغــــدير روضــــتها أبــــا تـــمام
/ صفحة 342 /
وقال الحسن بن وهب يرثيه :
فجع القريض بخاتم الشعراء                وغدير روضتها حبيب الطائي
ماتا معا فتجــــاورا في حفرة              وكــــذاك كانا قبل في الأحباء
                  قد يعزى البيتان إلى ديك الجن

ورثاه الحسن بن وهب أيضا بقوله من قصيدة :
سقى بالموصل القبر الغريبا                   سحـــايب ينــــتحبن له نحيبا
إذا أظلــلـــنـــــــه أظللن فيه                   شعـــيب المزن يتبعها شعيبا
ولطمــــن البروق بـه خدودا                   وأشقــــقن الرعود به جيوبا
فــــإن تراب ذاك القبر يحوي                  حبيــــبا كان يدعى لي حبيبا

ورثاه محمد بن عبد الملك الزيات وزير المعتصم وقيل : إنه لأبي الزبرقان عبد الله بن الزبرقان الكاتب مولى بني أمية بقوله:
نبأ أتــــى مــــن أعـظم الأنباء                   لمــــا ألــــم مقــــلقل الأحشاء
قالوا : جبيب قد ثوى فأجبتهم                 ناشــــدتكم لا تجعــــلوه الطائي

سئل شرف الدين أبو المحاسن محمد بن عنين عن معنى قوله :
سقى الله روح الغوطتين ولا ارتوت              من المــــوصل الجــدباء إلا قبورها
لم حرمها وخص قبورها ؟ ! فقال : لأجل أبي تمام .

خلف المترجم ولده الشاعر تمام، قصد بعد موت أبيه عبد الله بن طاهر فاستنشده فأنشده:
حـــــــياك رب الناس حياكا                   إذ بجـــــــمال الوجه رواكا
بغداد من نورك قد أشرقت                 وأورق العــــود بجــــدواكا

فأطرق عبد الله ساعة ثم قال :
حــــياك رب النــاس حياكا                إن الــــذي أملــت أخطاكا
أتيت شخصا قد خلا كيسه              ولـــو حوى شيئا لأعطاكا
فقال : أيها الأمير ؟ إن بيع الشعر بالشعر ربا فاجعل بينهما فضلا من المال فضحك منه وقال : لئن فاتك شعر أبيك فما فاتك ظرفه : فأمر له بصلة [ غرر الخصايص لوطواط ص 259 ] .
/ صفحة 343 /
الجواد قد يكبو : لا ينقضي العجب وكيف ينقضي من مثل أبي تمام العريق في المذهب، والعارف بنواميسه، والبصير بأحوال رجالاته، وما لهم من مآثر جمة، وجهود مشكورة، وهو جد عليم بما لأضدادهم من تركاض وهملجة في تشويه سمعتهم، وإعادة تاريخهم المجيد المملوء بالأوضاح، والغرر، إلى صورة ممقوتة، محفوفة بشية العار، مشفوعة كل هاتيك بجلبة ولغط، وقد انطلت لديه أمثلة من تلكم السفاسف حول رجل الهدى، الناهض المجاهد، والبطل المغوار، المختار بن أبي عبيد الثقفي، فحسب ما قذفته به خصماءه الألداء في دينه وحديثه ونهضته حقايق راهنة حتى قال في رائيته المثبتة في ديوانه ص 114 .
والهــــاشميون استقلت عيرهم                    مــــن كــــربلاء بـــأوثق الأوتار
فشفــــاهم المختار منه ولم يكن                  فــــي ديــــنه المخـــتار بالمختار
حتى إذا انكشفت سرائره اغتدوا                   منــــه بــــراء السـمع والأبصار
ومن عطف على التاريخ والحديث وعلم الرجال نظرة تشفعها بصيرة نفاذة علم أن المختار في الطليعة من رجالات الدين والهدى والاخلاص، وأن نهضته الكريمة لم تكن إلا لإقامة العدل باستيصال شأفة الملحدين، واجتياج جذوم الظلم الأموي، وإنه بمنزح من المذهب الكيساني، وإن كل ما نبزوه من قذائف وطامات لا مقيل لها من مستوى الحقيقة والصدق، ولذلك ترحم عليه الأئمة الهداة سادتنا : السجاد والباقر والصادق صلوات الله عليهم، وبالغ في الثناء عليه الإمام الباقر عليه السلام، ولم يزل مشكور عند أهل البيت الطاهر هو وأعماله . وقد أكبره ونزهه العلماء الأعلام منهم : سيدنا جمال الدين ابن طاوس في رجاله . وآية الله العلامة في الخلاصة . وابن داود في الرجال . والفقيه ابن نما فيما أفرد فيه من رسالته المسماة بذوب النضار والمحقق الأردبيلي في حديقة الشيعة . وصاحب المعالم في التحرير الطاووسي . والقاضي نور الله المرعشي في المجالس . وقد دافع عنه الشيخ أبو علي في منتهى المقال . وغيرهم وقد بلغ من إكبار السلف له أن شيخنا الشهيد الأول ذكر في مزاره زيارة تخص به ويزار بها وفيها الشهادة الصريحة بصلاحه ونصحه في الولاية وإخلاصه في طاعة الله ومحبة الإمام زين العابدين، ورضا رسول الله وأمير المؤمنين صلوات الله عليهما وآلهما عنه وأنه بذل نفسه في رضا الأئمة ونصرة العترة الطاهرة والأخذ بثأرهم .
/ صفحة 344 /
والزيارة هذه توجد في كتاب " مراد المريد " وهو ترجمة مزار الشهيد للشيخ علي بن الحسين الحايري، وصححها الشيخ نظام الدين الساوجي مؤلف " نظام الأقوال " ويظهر منها أن قبر المختار في ذلك العصر المتقادم كان من جملة المزارات المشهورة عند الشيعة وكانت عليه قبة معروفة كما في رحلة ابن بطوطة 1 ص 138 .

ولقد تصدى لتدوين أخبار المختار وسيرته وفتوحه ومعتقداته وأعماله جماعة من الأعلام فمنهم :
1 - أبو مخنف لوط بن يحيى الأزدي المتوفى 157، له كتاب [ أخذ الثار في المختار ] .
2 - أبو المفضل نصر بن مزاحم المنقري الكوفي العطار المتوفى 212، " أخبار المختار " .
3 - أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي سيف المدايني المتوفى 215 / 25 " أخبار المختار " .
4 - أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الثقفي الكوفي المتوفى 283، له " أخبار المختار " .
5 - أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي المتوفى 302، له " أخبار المختار " .
6 - أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق المتوفى 381، له " كتاب المختار " .
7 - أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى 469، له [ مختصر أخبار المختار ] .
8 - أبو يعلى محمد بن الحسن بن حمزة الجعفري الطالبي خليفة شيخنا المفيد، له " أخبار المختار " .
9 - الشيخ أحمد بن المتوج له " الثارات " أو " قصص الثار " . منظومة .
10 - الفقيه نجم الدين جعفر الشهير بابن نما المتوفى 645، له (ذوب النضار في شرح الثار) طبع برمته في المجلد العاشر من البحار .
/ صفحة 345 /
11 - الشيخ علي بن الحسن العاملي المروزي له [ قرة العين في شرح ثارات الحسين ] فرغ منه . 20 رجب سنة 1127 .
12 - الشيخ أبو عبد الله عبد بن محمد له [ قرة العين في شرح ثار الحسين ] طبع مع [ نور العين ومثير الأحزان ] .
13 - السيد إبراهيم بن محمد تقي حفيد العلامة الكبير السيد دلدار علي النقوي النصير آبادي له [ نور الأبصار في أخذ الثار ] .
14 - المولى عطاء الله بن حسام الهروي له (روضة المجاهدين) طبع سنة 1303 .
15 - المولى محمد حسين بن المولى عبد الله الارجستاني، له " حملة مختارية " .
16 - الكاتب الهندي نواب علي نزيل لكهنو له " نظارة انتقام " طبع في جزئين .
17 - الحاج غلام علي بن إسماعيل الهندي، له " مختار نامه " .
18 - سيدنا السيد محسن الأمين العاملي له [ أصدق الأخبار في قصة الأخذ بالثار ] ط .
19 - السيد حسين الحكيم الهندي، له ترجمة (ذوب النضار) لابن نما .
20 - السيد محمد حسين بن السيد حسين بخش الهندي المولود 1290، له (تحفة الأخيار في إثبات نجاة المختار) .
21 - الشيخ ميرزا محمد علي الأوردبادي، له [ سبيك النضار .
أو : شرح حال شيخ الثار ] في مائتي وخمسين صحيفة وقد أدى فيه حق المقال، وأغرق نزعا في التحقيق، و لم يبق في القوس منزعا، قرأت كثيرا منه ووجدته فريدا في بابه لم يؤلف مثله، جزاءه الله عن الحق والحقيقة خيرا .

وله في المختار قصيدة على روي قصيدة أبي تمام عطف فيها على مديحه إطراء صاحبه ومشاطره في الفضيلة : إبراهيم بن مالك الأشتر وهي :
يهنيك يا بطل الهــــدى والثار                   ما قد حويت بمــــدرك الأوتار
لك عــــند آل محمد كم من يد                  مشكــــورة جــلت عن الأكبار
عرفتك مقبلة الخطوب محنكا                  فيــــه جنان مهــــذب مغــوار
/ صفحة 346 /
أضرمت للحرب العــوان لظى بها                         أضحــــت بــنو صخـــر وقود النار
وأذقــــت نغل سمية بــأس الهدى                      وأميــــة كــــأس الــــــردى والعار
فــــرؤا هــــوانا عــند ضفة خاذر                          بمهنــــد عــــند الــــكــــــريهة وار
فــــرقت جـــمعهم العرمرم عنوة                         يــــوم الهــــياج بفــــيلــق جـــــرار
وفوارس من حزب آل المصطفى                         أسد الوغى خـــــواضة الأخـــــطار
وبواسل لم تغــــــرهم وثباتهـــــم                        إلا بـــــكـــــل مـــــدجـــــج ثـــــــوار
لم يعرفوا إلا الإمـــــام وثــــــاره                           فتشـــــادقوا فيـــــها بـــــيا للثــــــار
فتـــــفرقت فـــــرقا عــــلوج أمية                       مـــــن كـــــل زنـــــاء إلـــــى خمار
وأخـــــذت ثـــــارا قـبله لم تكتحل                      عـــــلوية مـــــذ أرزئـــــت بالــــثار
وعمــرت دورا هدمت منذ العدى                       بالطف قـــــد أوردت بـــــرب الــدار
عـــظم الجراح فلم يصب أعماقه                        إلاك يا حيـــــيت مـــــن مــسبـــــار
فـــــي نجـــــدة ثقـــفية يسطو بها                   في الروع مــــن نخع هزبر ضاري
النـــــدب إبراهيم من رضخت له                         الصيـــــد الأبـــــاة بملتــــقى الآصار
من زانه شرف الهدى في سـؤدد                      وعـــــلا يـــــفوح بهـــــا أريـج نجار
حشو الدروع أخو حجى من دونه                      هضــب الرواسي الشم في المقدار
إن يحـــــكه فاللـــــيث في حملاته                    والغـــــيث فـــــي تسكـــابه المدرار
أو يحـــــوه فقلوب آل محـــــمـــــد                      المصـــــطفين الســـــادة الأبـــــرار
مــــا إن يخض عند اللقافي غمرة                       إلا وأرســـــب مـــــن سطـــا بغمار
أو يمـــــم الجـــــلى بعـــــزم ثاقب                      إلا ورد شـــــواظـــــهـا بــــــــــأوار
المـــــرتدي حـــلل المديح مطارفا                     والممتطـــــي ذلـــــلا لكـــــل فخــار
وعـــــليه كل الفــضل قصر مثلما                      كـــــل الثـــــنا قـــصر على المختار
عـــــن مجــــده أرج الكبا وحديثه                       زهـــــت الــــــروابي عنه بالأزهار
ومـــــآثر مثل النجـــــوم عــدادها                      قـــــد شفعـــــت بمحــــــاسن الآثار
وكفـــــاه آل محـــــمد ومديحهــــم                    عـــــما ينـــــضد فـــــيه مـن أشعار
أسفــي على أن لم أكن من حزبه                    وكمثلهم عنـــــد الكـــــفاح شعاري
/ صفحة 347 /
فهنــــاك إمــــــا مــــــوتة أرجو بها                          أجــــر الشهادة فــــي ثــــناء جاري
أو أنــــني أحــــظى بنــــيل المـبتغى                     مــــن آل حــــرب مــــــدركا أوتاري
وأخـوض في الأوساط منهم ضاربا                          ثبج العــــدى بالمقــــضــــب البـــتار
ولأثكلــــن أرامــــلا فــــي فــــتـــية                        نشــــئوا عـــلى الالحاد في استهتار
ومشيخــــة قــــد أورثـــوا كل الخنا                         والعــــار أجــــرية مــــن الــــكــفار
لكن على ما في من مضض الجوى                       إذ لــــم أكن أحــــمي هـناك ذماري
لم تعــــدني تــــلك المـــــواقف كلها                      إذ أن ما فعـــــلوا بهــــا مخـــتاري
فلقــــد رضــــيت بمـا أراقوا من دم                        فيهــــا لكــــل مــــذمــــم كــــفــــــار
ولأشفــــيــــن النفــس منهم في غد                   عــــند اشتــــباك الجحفــــــل الموار
يــــوم ابــــن طه عــــاقد لبــــنــوده                      وجــــنوده تلــــتاح فــــي إعــــصــار
تشــــوي الــــوجوه لظى به نزاعة                       لشــــوى الكــــماة بأنــــصل وشــفار
فهنـالك الظفر المريح جوى الحشا                      من رازح فــــي كــــربــــه بــــأسـار
ويتــــم فيه القصد من عصب الولا                       لبــــني الهــــدى كــــالسيد المـــختار
يا أيــــها الــــــندب المؤجج عزمه                        وأميــــن آل المصــــطفى الأطــــهار
يا نجعة الخطب الملــــم وآفـــــــــة                     الكـــــرب المهم ونــــدحــــة الأوزار
لا غــــرو إن جهلت علاك عصابة                         فالقــــوم فــــي شغــــل عن الإبصار
فلقد بزغــــت ذكــا وهل يزرى بها                      إن تعش عــــنها نــــظرة الإبصار؟!
لك حيث مرتبع الفخــــار مبــــائة                        ولمن قــــلاك مــــزلة الإغــــــــــرار
ومبـــوء لك فــــي جوار محــــمد                        ومــــلاذ عــــترته حــــماة الجــــــــار
فلئن رمــــوك بمحــفظ من إفكهم                      فالطــــود لا يلــــوى بعــصف الذاري
أو يجحدوك مناقــــبا مــــأثــــورة                         مشكــــورة فــــي الـــــورد والاصدار
فلك الحقيــــقة والــوقيعة لم تزل                      عن قدس مجــــدك فــــي شفـــير هار
فتهــــــن محتبــــيا بسؤددك الذي                     تزور عــــنه جــــلبــــة المــــهــــــذار
خــــذها إليــــك قــصيدة منضودة                     مــــن جوهــــر أو مــــن سبـيك نضار
لــــم يحــــكها نجم السماء لأنها                       بزغــــت بــــشارقة مــــن الأقــــمـــار
/ صفحة 348 /
كـــلا ولا ضاهى محاسن نظمها                      مــــا عـــن حطيئة جاء أو بشار
هــــي غادة زفت إليك ولم يشن                    إقبــــالها بــــدعــــارة ونــــفـــار
هــــبت عــــليك نســــائم قدسية                  حــــيت ثــــراك بــــرحمة ويسار
وسقى لإبراهيم مضطجع الهدى                  ودق الغــــمام المـــرزم المكثار
مـا نافح الروض النسيم مشفعا                    سجــــع البـــلابل فيه شدو هزار
يتــــلو كمــــا يتـلى بكل صحيفة                   مــــر العــــشي وكــــرة الإبـــكار
/ صفحة 349 /

10 ـ دعبل الخزاعي
الشهيد 246
تجــــاوبن بالأرنــــان والــــزفــــرات                               نــــوائــــح عجــــم اللفـــظ والنطقات
يخبرن بالأنفــــاس عـــــن سر أنفس                            أســــارى هــــوى مــــاض وآخر آت
فأسعدن أو أسعفن حتى تقوضت (1)                         صــــفوف الدجــــا بالفجـر منهزمات
على العـــــرصات الخاليات من المها                             سلام شـج صب على العرصـات(2)
فعهــــدي بها خــــضر المعاهــد مألفا                          من العطرات البيض والخفرات (3)
ليــــالي يعــــدين الـــوصال على القلا                          ويعــــدى تــــدانينا عــــلى الغــربات
وإذ هن يلحظــــن العــــيون ســـوافرا                           ويستــــرن بالأيدي عــــلى الوجنات
وإذ كــــل يوم لي بلحــــظــــي نشــــوة                       يــــبــــيت بــــها قـــلبي على نشوات
فــــكم حــــسرات هـاجها بمحسر (4)                        وقــــوفي يوم الجــــمع مــن عرفات
ألــــم تر للأيام مــــا جــــر جــــــورها                           على الناس من نقص وطول شتات؟!
ومــــن دول المستهزئيــــن ومـن غدا                          بهــــم طالبــــا للنــــور فــي الظلمات
فكيــــف ومــــن أنــــى بطــــالب زلـفة                         إلى الله بعد الصوم والصلوات ؟ !
سواحــــب أبــــناء النــــبي ورهــــطـه                          وبغــــض بنــــي الـــزرقاء والعبلات
وهنــــد ومــــا أدت سمــــية وابــــنــها                          أولــــوا الكفر في الاسلام والفجرات
هــــم نــــقضوا عهــــد الكتاب وفرضه                          ومحكــــمــــه بالــــزور والشبهـــات
ولــــم تــــك إلا محــــنة قــــد كــشفتهم                      بدعــــوى ظــــلال مــــن هن وهنات
تــــراث بلا قــــربى ومــــلك بـــلا هدى                        وحــــكم بــــلا شــــورى بغـير هدات

***************
(1) تقوضت الصفوف : انتقضت وتفرقت .
(2) المها : البقرة الوحشية . الصب : العاشق وذو الولع الشديد .
(3) خفرت الجارية : استحيت أشد الحياء .
(4) وادي محسر بكسر السين المشددة : حد " منى " إلى جهة " عرفة " .
/ صفحة 350 /
رزايــــا أرتــــنا خـــــضرة الأفق حمرة                             وردت أجـــاجــــا طعــــم كــــل فرات
ومــــا سهلــــت تــــلك المـــذاهب فيهم                       عــــلى النــــاس إلا بــــيعة الفــلتات
ومــــا قــــيل أصحــــاب السقـيفة جهرة                        بــــدعوى تــــراث فـي الضلال نتات
ولــــو قلــــدوا المــــوصى إليه أمورها                           لــــزمت بمــــأمون عــــن العـثرات
أخــــي خاتم الرسل المصفى من القذى                     ومفــــترس الأبــــطال فــي الغمرات
فــــإن جــــحدوا كان " الغدير " شهيده                         وبــــدر واحــــد شــــامخ الهــضبات
وآي مــــن الــــقرآن تــــتلى بفــــضلــه                        وإيــــثاره بالقــــوت فــــي اللـــزيات
وغــــر خــــلال أدركتــــه بســـبــــقهــــا                       منــــاقب كانت فــــيه مــؤتنفات (1)
(القصيدة 121 بيتا)

(ما يتبع الشعر)  من كلمات أعلام العامة:
1 - قال أبو الفرج في الأغاني 18 ص 29 : قصيدة دعبل :
مــــدارس آيــــات خلت من تلاوة               ومنزل وحي مقفر العرصات (2)
من أحسن الشعر وفاخر المدايح المقولة في أهل البيت عليهم السلام قصد بها علي ابن موسى الرضا عليه السلام بخراسان قال : دخلت على علي بن موسى الرضا عليه السلام فقال لي : أنشدني شيئا مما أحدثت .

فأنشدته :
مدارس آيات خلت من تلاوة               ومنزل وحي مقفر العرصات
حتى انتهيت إلى قولي :
إذا وتروا مدوا إلي واتريهم                أكفـــا عن الأوتار منقبضات
قال : فبكى حتى أغمي عليه وأومأ إلى الخادم كان على رأسه : أن اسكت فسكت فمكث ساعة ثم قال لي : أعد . فأعدت حتى انتهيت إلى هذا البيت أيضا فأصابه مثل الذي أصابه في المرة الأولى وأومأ الخادم إلي : أن اسكت فسكت فمكث ساعة أخرى ثم قال لي : أعد . فأعدت حتى انتهيت إلى آخرها فقال لي : أحسنت ثلاث مرات

**************
(1) أنف كل شيء : أوله وروض أنف : ما لم يرعه أحد : كأس أنف : لم يشرب بها . المستأنف : ما لم يسبق إليه .
(2) هو البيت الثلاثون من القصيدة وتسمى به .
/ صفحة 351 /
ثم أمر لي بعشرة آلاف درهم مما ضرب باسمه ولم تكن دفعت إلى أحد بعد وأمر لي من في منزله بحلي كثير أخرجه إلى الخادم، فقدمت العراق فبعت كل درهم منها بعشرة دراهم إشتراها مني الشيعة فحصل لي مائة ألف درهم فكان أول مال اعتقدته (1) قال ابن مهرويه : وحدثني حذيفة بن محمد : أن دعبلا قال له : إنه استوهب من الرضا عليه السلام ثوبا قد لبسه ليجعله في أكفانه فخلع جبة كانت عليه فأعطاه إياها وبلغ أهل قم خبرها فسألوه أن يبيعهم إياها بثلاثين ألف درهم فلم يفعل فخرجوا عليه في طريقه فأخذوها منه غصبا وقالوا له : إن شئت أن تأخذ المال فافعل وإلا فأنت أعلم .
فقال لهم : إني والله لا أعطيكم إياها طوعا ولا تنفعكم غصبا وأشكوكم إلى الرضا عليه السلام فصالحوه على أن أعطوه الثلاثين ألف الدرهم وفرد كم من بطانتها، فرضي بذلك فأعطوه فردكم فكان في أكفاته وكتب قصيدته : مدارس آيات خلت من تلاوة
فيما يقال على ثوب وأحرم فيه وأمر بأن يكون في أكفانه (2) وروى في ص 39 عن دعبل قال : لما هربت من الخليفة بت ليلة بنيسابور وحدي وعزمت على أن أعمل قصيدة في عبد الله بن طاهر في تلك الليلة فإني لفي ذلك إذ سمعت والباب مردود علي : السلام عليكم ورحمة الله انج يرحمك الله .
فاقشعر بدني من ذلك ونالني أمر عظيم فقال لي : لا ترع عافاك الله فإني رجل من إخوانك من الجن من ساكني اليمن طرء إلينا طارئ من أهل العراق فأنشدنا قصيدتك : مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات
فأحببت أن أسمعها منك قال فأنشدته إياها فبكى حتى خر، ثم قال : رحمك الله ألا أحدثك حديثا يزيد في نيتك ويعينك على التمسك بمذهبك ؟ ! قلت : بلى . قال مكثت حينا أسمع بذكر جعفر بن محمد عليه السلام فصرت إلى المدينة فسمعته يقول : حدثني أبي عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : علي وشيعته هم الفائزون ثم ودعني لينصرف فقلت له : يرحمك الله إن رأيت أن تخبرني باسمك فافعل قال : أنا ظبيان

***************
(1) في معاهد التنصيص 1 ص 205، عيون أخبار الرضا ص 280 .
(2) وذكر في معجم الأدباء 4 ص 196، ومعاهد التنصيص 1 ص 205، وعصر المأمون 3 .
/ صفحة 352 /
بن عامر (1) .
2 - قال أبو إسحاق القيرواني الحصري المتوفى سنة 413 في " زهر الآداب " 1 ص 86 : كان دعبل مداحا لأهل البيت عليهم السلام كثير التعصب لهم والغلو فيهم وله المرثية المشهورة وهي من جيد شعره وأولها :

مــــدارس آيــــات خــــلت مــن تلاوة                       ومنــــزل وحــــي مقــــفـر العرصات
لآل رســــول الله بالخــــيف من منى                      وبالبــــيت والتعــــريف والجــــمرات
ديــــار عــــلي والحــــسين وجعـــفر                      وحــــمزة والسجــــاد ذي الثفــــنــات
قــــفا نســــأل الـدار التي خف أهلها                     متــى عهدها بالصوم والصلوات ؟ !
وأين الأولى شطت بهم غربة النوى                       أفــــانيــــن فــي الآفاق مفترقات ؟ !
أحــــب قــــصي الدار من أجل حبهم                     وأهجــــر فيــــهم أســــرتي وثــقاتي
3 - قال الحافظ ابن عساكر في تاريخه 5 ص 234 : ثم إن المأمون لما ثبتت قدمه في الخلافة وضرب الدنانير باسمه أقبل بجمع الآثار في فضايل آل الرسول فتناهى إليه فيما تناهى من فضائلهم قول دعبل :
مــــــدارس آيات خلت من تلاوة                 ومنزل وحــــــي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى                وبالبـــــيت والتعريف والجمرات
فما زالت تردد في صدر المأمون حتى قدم عليه دعبل (2) فقال له : أنشدني قصيدتك التائية ولا بأس عليك ولك الأمان من كل شيء فيها فإني أعرفها وقد رويتها إلا أني أحب أن أسمعها من فيك .

قال : فأنشده حتى صار إلى هذا الموضع :
ألم تر أني مذ ثـــلاثين حجــــة                   أروح وأغـــدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسما                وأيــــديهم مــن فيئهم صفرات
فآل رسول الله نحف جسومهم                 وآل زياد غــــلظ القــــصــرات
بنات زياد في الخدور مصونة                     وبنت رسول الله فــــي الفلوات
إذا وتــــروا مــــدوا إلى واتريهم                  أكفــــا عــــن الأوتـــار منقبضات
فلو لا الذي أرجوه في يوم أوغد                 تقــــطع نفــــسي إثـــرهم حسرات

***************
(1) وذكره صاحب معاهد التنصيص 1 ص 205 .
(2) ومن هنا يوجد في الأغاني 18 ص 58، وزهر الآداب 1 ص 86، ومعاهد التنصيص 1 ص 205، والإتحاف 165 .
/ صفحة 353 /
فبكى المأمون حتى اخضلت لحيته وجرت دموعه على نحره، وكان دعبل أول داخل عليه وآخر خارج من عنده .
4 - قال ياقوت الحموي في " معجم الأدباء " 4 ص 6 19 : قصيدته التائية في أهل البيت من أحسن الشعر، وأسنى المدايح قصد بها علي بن موسى الرضا عليه السلام بخراسان [ وذكر حديث البردة وقصتها المذكورة ثم قال : ] ويقال : إنه كتب القصيدة في ثوب وأحرم فيه وأوصى بأن يكون في أكفانه، ونسخ هذه القصيدة مختلفة في بعضها زيادات يظن (1) أنها مصنوعة ألحقها بها أناس من الشيعة وإنا موردون ما صح منها :

نفوس لدى النهرين من أرض كربلا                         معــــرسهــــم فيهــــا بشــــط فـــرات
مـدارس آيــــات خــــلت مــــن تلاوة                       ومنــــزل وحــــي مقــــفــر العرصات
لآل رســــول الله بالخـــيف من منى                      وبالركــــن والتعــــريف والجــــمرات
ديــــار عــــلي والحــــسين وجــعفر                      وحــــمزة والسجــــاد ذي الثــــفـــنات
ديــــار عــــفاهــــا كـــل جون مبادر                        ولم تعــــف للأيــــام والــــســنــــوات
قــــفا نســــأل الدار التي خف أهلها                     متى عهـــدها بالصوم والصلوات ؟ !
وأين الأولى شطت بهم غربة النوى                      أفــــانين فــــي الآفــاق مفترقات ؟ !
هــــم أهــل ميراث النبي إذا اعتزوا                      وهــــم خــــير قــــادات وخـــير حماة
ومــــا النــــاس إلا حـــــاسد ومكذب                     ومضطغــــن ذو إحــــنة وتـــــــــرات
إذا ذكــــروا قتــــلى بــــبدر وخيــــبر                      ويــــوم حنــــيــــن أسبـــلوا العبرات
قبــــور بكــــوفان وأخــــرى بطـــيبة                      وأخــــرى بفــــخ نالــــها صــــلواتي
وقبــــر ببغــــداد لنــــفس زكــــيـــــة                     تضمــــنها الــــرحمن فــــي الغرفات
فأمــــا المصــــمات الـتي لست بالغا                     مبالغهــــا منــــي بكــــنه صفـــــــات
إلــــى الحــــشر حتى يبعث الله قائما                     يــــفرج مــــنها الهــــم والكـــــربات
نفوس لدى النهرين من أرض كربلا                         معــــرسهــــم فيــــهــــا بشــط فرات

*************
(1) يأتي في آخر ما يتبع الشعر : إن هذا الظن إثم ولا يغني من الحق شيئا .
/ صفحة 354 /
تقــسمهم ريــب الزمان كما تـــرى                      لهــــم عــــقرة مغـشية الحجرات
ســـوى أن منهم بالمدينة عـــصبة                      مــــدى الدهر أضناه من الأزمات
قليلــــة زوار ســوى بعـــض زور                          مــــن الضبع والعقبان والرخمات
لهــــم كل حــــين نومة بمضاجـــع                       لهم فـــي نواحي الأرض مختلفات
وقــــد كان منهم بالحجاز وأهلهـــا                       مغــــاوير يخـتارون في السروات
تنكــــب لأواء السنـــين جوارهـــم                        فــــلا تصطــــليهم جمرة الجمرات
إذا وردوا خــــيلا تشـــمس بالقـــنا                       مساعــــر جمر الموت والغمرات
وإن فخــــروا يـــوما أتوا بمحمـــد                          وجــــبريل والفرقان ذي السورات
مــــلامك في أهــــل النــبي فإنهـــم                    أحــــباي مــــا عاشوا وأهل ثقاتي
تخــــيرتهم رشــــدا لامـري فإنهـــم                      عــــلى كــــل حــال خيرة الخيرات
فيــــا رب زدني من يقيني بصيـــرة                      وزد حبــــهم يــــا رب في حسناتي
بنــــفسي أنتــــم من كهول وفتـــية                     لفــــك عــــناة أو لحــــمل ديـــــات
أحـب قصي الرحم من أجل حـــبكم                      وأهجــــر فيــــكم أســــرتي وبناتي
وأكتــــم حبــــكم مخــــافة كـــاشح                      عــــتيــــد لأهـــل الحق غير موات
لقــــد حفــت الأيام حولي بشرهـــا                      وإنــــي لأرجـــــو الأمن بعد وفاتي
ألــــم تــــــر إني مذ ثلاثين حجـــة                         أروح وأغــــدو دائم الحـــسرات؟!
أرى فيـــئهم في غيرهم متقسمـــا                     وأيــــديهم مــــن فيــــئهم صـفرات
فـــآل رسول الله نحف جسومهـــم                      وآل زيــــاد حفــــل القــصرات (1)
بنـــات زياد في القصور مصونـــة                        وآل رســــول الله فــــي الفــــلوات
إذا وتـروا مدوا إلى أهل وترهـــم                        أكــــفا مــــن الأوتــــار منقــبضات
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد                       لقطــــع قــــلبي إثـــرهم حـسراتي
خــــروج إمــــام لا محـــالة خارج                         يقــــوم عــــلى اسم الله والبركات
يميــــز فــــينا كــــل حـــــق وباطل                    ويجـــــزي على النعماء والنقمات
سأقـصر نفسي جاهدا عن جدالهم                  كــــفاني مــــا ألــــقى من العبرات

***************
(1) الحفل من الحافل : الممتلئ القصرات جمع قصرة : أصل العنق .
/ صفحة 355 /
فيـا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري                   فغــــير بعــــيد كــــل مــــا هــو آت
فــإن قرب الرحمن من تلك مدتي                      وأخــــر مــــن عمري لطول حياتي
شفــــيت ولـــم أترك لنفسي رزية                    ورويــــت منهــــم منــصلي وقناتي
أحـاول نقل الشمس من مستقرها                  وأســــمع أحـــــجارا من الصلدات
فمــــن عــــارف لـم ينتفع ومعاند                     يمــــيل مــــع الأهــواء والشبهات
قصــــاراي منهم أن أموت بغصة                      تــــردد بــــين الصــــدر واللهـوات
كأنــــك بالأضلاع قـد ضاق رحبها                      لمــــا ضمنــــت مـن شدة الزفرات
5 - أخرج شيخ الاسلام أبو إسحاق الحموي (المترجم له ج 1 ص 123) عن أحمد بن زياد عن دعبل الخزاعي قال : أنشدت قصيدة لمولاي علي الرضا رضي الله عنه : مدارس آيات خلت من تلاوة               ومنزل وحي مقفر العرصات
قال لي الرضا : أفلا الحق البيتين بقصيدتك ؟ ! قلت : بلى يا بن رسول الله ؟ فقال :
وقبر بطــوس يا لها من مصيبة                 ألحـــت بها الأحــشاء بالزفرات
إلى الحشر حتى يبعث الله قائما              يفـــرج عـنا الهم والكربات (1)
قال دعبل : ثم قرأت باقي القصيدة فلما انتهيت إلى قولي :
خـــروج إمام لا محالة واقع                  يقوم على اسم الله والبركات
بكى الرضا بكاء شديدا ثم قال :يا دعبل نطق روح القدس بلسانك أتعرف من هذا الإمام ؟ ! قلت : لا إلا أني سمعت خروج إمام منكم يملأ الأرض قسطا وعدلا .
فقال : إن الإمام بعدي إبني محمد وبعد محمد ابنه علي وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم وهو المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملأت جورا وظلما، وأما متى يقوم فإخبار عن الوقت لقد حدثني أبي عن آبائه عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلا بغتة ويأتي هذا الحديث عن الشبراوي أيضا .
6 - قال أبو سالم ابن طلحة الشافعي المتوفى 652 في " مطالب السئول " ص

***************
(1) ألحقهما الإمام عليه السلام بعد قول دعبل :
وقــــــبر ببغـــــــــداد لنفس زكية           تضمنها الرحمان في الغرفات
/ صفحة 356 /
85 قال دعبل : لما قلت : مدارس آيات .
قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا وهو بخراسان ولي عهد المأمون فأحضرني المأمون وسألني عن خبري ثم قال لي : يا دعبل ؟ أنشدني - مدارس آيات خلت من تلاوة - فقلت : ما أعرفها يا أمير المؤمنين ؟ فقال : يا غلام أحضر أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام ؟ فلم يكن إلا ساعة حتى حضر فقال له : يا أبا الحسن ؟ سألت دعبلا من مدارس آيات خلت من تلاوة فذكر إنه لا يعرفها فقال لي أبو الحسن : يا دعبل ؟ أنشد أمير المؤمنين ؟ فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها فأمرني بخمسين ألف درهم . وأمر لي أبو الحسن الرضا بقريب من ذلك فقلت : يا سيدي ؟ إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابك ليكون كفني فقال : نعم ثم دفع لي قميصا قد ابتذله ومنشفة لطيفة، وقال لي : إحفظ هذا تحرس به .
ثم دفع ذو الرياستين أبو العباس الفضل بن سهل وزير المأمون صلة وحملني على برذون أصفر خراساني، وكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز وبرنس فأمر لي به ودعا بغيره جديد ولبسه وقال : إنما آثرتك باللبيس لأنه خير الممطرين .
قال : فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، ثم كررت راجعا إلى العراق فلما صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا فكان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص خلق وضر شديد متأسف من جميع ما كان معي على القميص والمنشفة ومفكر في قول سيدي الرضا إذ مر بي واحد من الأكراد الحرامية تحته الفرس الأصفر الذي حملني عليه ذو الرياستين وعليه الممطر ووقف بالقرب مني ليجتمع إليه أصحابه وهو ينشد مدارس آيات خلت من تلاوة ويبكي فلما رأيت ذلك عجبت من لص من الأكراد يتشيع ثم طمعت في القميص والمنشفة فقلت : يا سيدي .
لمن هذه القصيدة ؟ ! فقال : وما أنت وذلك ؟ ! ويلك .
فقلت : لي فيه سبب أخبرك به .
فقال : هي أشهر بصاحبها من أن تجهل .
فقلت : من ؟ ! قال : دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا .
قلت له : يا سيدي فأنا والله دعبل وهذه قصيدتي الحديث .
وقال ص 86 بعد ذكر الحديث ما لفظه : فانظر إلى هذه المنقبة وما أعلاها و ما أشرفها وقد يقف على هذه القصة بعض الناس ممن يطالع هذا الكتاب ويقرأه فتدعوه نفسه إلى معرفة هذه الأبيات المعروفة ب‍ مدارس آيات ويشتهي الوقوف
/ صفحة 357 /
عليها وينسبني في إعراضي عن ذكرها إما أنني لم أعرفها، أو : أنني جهلت ميل النفوس حينئذ إلى الوقوف عليها فأحببت أن أدخل راحة على بعض النفوس وأن أدفع عني هذا النقص المتطرق إلى بعض الظنون فأوردت منها ما يناسب ذلك وهي:
ذكــــرت محــــل الربــع من عرفات                        وأرسلــــت دمــــع العــين بالعبرات
وفــــل عـرى صبري وهاج صبابتي                       رســــوم ديــــار أقـــفرت وعــــرات
مدارس آيــــات خــــلت من تــــلاوة                       ومهبط وحي مقــــفر العــــرصــــات
لآل رســــول الله بالخـــيف من منى                     وبالبيت والتعــــريف والجــــمــرات
ديــــار عـــلي والحــــسين وجعـــفر                     وحمزة والسجاد ذي الثفـــــنات (1)
ديــــار عــــفاها جــــور كـــــل منابذ                       ولم تعــــف بالأيــــام والســــنــوات
ودار لعــــبد الله والفــــضل صنــــوه                       سليــــل رســــول الله ذي الــدعوات
منــــازل كانــــت للصــــلاة وللتــقى                      وللصوم والتطــــهير والحــــسنـــات
منــــازل جــــبريل الأميــــن يحـــلها                       مــــن الله بالتســــليم والــــزكـــوات
منازل وحي الله مــــعــــدن عــــلمه                      سبــــيل رشــــاد واضــــح الطـرقات
منــــازل وحي الله ينــــزل حـــــولها                       على أحــــمد الــــروحات والغــدواة
فأين الأولى شطت بهم غربة النوي                       أفــــانين فــــي الأقطار مفترقات ؟ !
هــــم آل ميــــراث النــبي إذا انتموا                        وهــــم خــــيرات سادات وخير حماة
مطاعــيم في الاعسار في كل مشهد                    لقــــد شــــرفوا بالفــــضل والبركات
إذا لــــم ننــــاج الله فــــي صلـــواتنا                        بذكرهــــم لــــم يــــقبــــل الصــلوات
أئــــمة عــــدل يقــــتــــدى بفــــعالهم                   وتؤمــــن منهــــم زلــــة العــــثرات
فيــــا رب زد قلــــبي هدى وبـــصيرة                    وزد حبــــهم يا رب فــــي حـــسناتي
ديــــار رســــول الله أصبحــــن بلقعا                     ودار زيــــاد أصبحــــت عــــمـــرات
وآل رســــول الله غــــلت رقــــــابهم                   وآل زيــــاد غــــلظ القــــصـــــــرات

**************
(1) ذكر الثعالبي في ثمار القلوب ص 233 بيتين من القصيدة أحدهما : مدارس آيات . والثاني هذا البيت وقال : (ذو الثفنات) كان يقال لكل من علي بن الحسين بن علي (ع) وعلي بن عبد الله بن عباس : ذو الثفنات لما على أعضاء السجود منهما من السجدات الشبيهة بثفنات الإبل وذلك لكثرة صلاتهما .
/ صفحة 358 /
وآل رسـول الله تــــدمى نــــحورهــم                وآل زيــــاد زيــــنــــوا الحــــجــــلات
وآل رســــول الله تسبــــى حــريمهم                وآل زيــــاد آمنــــوا الســـــــــريــــات
وآل زيــــاد فــــي القـــصور مصونة                   وآل رســــول الله فــــي الفــــلــــوات
فيــــا وارثــــي عــــلــــم النـبي وآله                 عــــليكم ســــلام دائــــم النــــفـــحات
لقــــد آمنــــت نــفسي بكم في حياتها           وإنــــي لأرجــو الأمن من بعد مماتي
7 - ذكر شمس الدين سبط ابن الجوزي الحنفي المتوفى 654 في تذكرته ص 130 من القصيدة 29 بيتا وفيها ما لم يذكره الحموي في " معجم الأدباء " وذكرت في هامش التذكرة القصيدة من أولها إلى مدارس آيات .
8 - ذكر صلاح الدين الصفدي المتوفى 764 في " الوافي بالوفيات " 1 ص 156 .
طريق رواية القصيدة عن عبيد الله (1) بن جخجخ النحوي عن محمد بن جعفر بن لنكك أبي الحسن البصري النحوي عن أبي الحسين العباداني عن أخيه عن دعبل وهذا الطريق ذكره جلال الدين السيوطي في " بغية الوعاة " ص 94 .
9 - روى الشبراوي الشافعي المتوفى 1172 في " الإتحاف " ص 165 عن الهروي قال : سمعت دعبلا يقول : لما أنشدت مولاي الرضا قصيدتي التي أولها :
مدارس آيات خلت من تلاوة                ومهبط وحي مقفر العرصات

فلما انتهيت إلى قولي :
خـروج إمام لا محالة خارج                   يــــقوم على اسم الله والبركات
يميـــز فيـــنا كـل حق وباطل             ويجزي على النعماء والنقمات
بكى الرضا عليه السلام بكاء شديدا ثم رفع رأسه إلي فقال لي : يا خزاعي نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين فهل تدري من هذا الإمام ؟ ! ومتى يقوم ؟ ! فقلت : لا يا سيدي ؟ إلا أني سمعت بخروج إمام منكم (إلى آخر ما مر عن الحموي) (2) وفي " الإتحاف " ص 161 : نقل الطبري في كتابه عن أبي الصلت الهروي قال : دخل الخزاعي على علي بن موسى الرضا بمرو فقال : يا بن رسول الله ؟ إني قلت فيكم أهل البيت قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك وأحب أن تسمعها مني فقال له علي الرضا : هات قل .

**************
(1) قال ياقوت الحموي : كان ثقة صحيح الكتابة .
(2) وذكره الصدوق في العيون 370، والأمالي 210، والطبرسي في أعلام الورى 192 .
/ صفحة 359 /
فأنشأ يقول :
ذكــــرت محــــل الربع من عــــرفات                                 فأجــــريت دمــــع العــــين بالعــبرات
وفــــل عرى صبري وهاجت صبابتي                               رســــوم ديــــار أقــــفــــرت وعــرات
مــــدارس آيــــات خــــلــت من تلاوة                                ومهبــــط وحــــي مقــــفـــر العرصات
لآل رســــول الله بالخــــيـف من منى                                وبالبــــيت والتعــــريف والجــــمـرات
ديــــار عــــلي والحــــسين وجعــــفر                               وحــــمزة والسجــــاد ذو الثــــفــــنات
ديــــار لعــــبد الله والفضــــل صنـــوه                               نجــــي رســــول الله فــــي الخـــلوات
منــــازل كــــانت للصــــلاة وللتـــــقى                             وللصــــوم والتطهــــير والحـــــسنات
منــــازل جــــبريل الأميــــن يـحــــلها                              مــــن الله بالتعــــليم والــــرحــــمـــات
منــــازل وحــــي الله معــــــدن عـلمه                            سبيل رشــــاد واضــــح الطــــرقــــات
قفا نسأل الدار التــــي خــــف أهـــلها                           مــــتى عهــــدها بالــصوم والصلوات
وأين الأولــى شطت بهم غربة النوى                             فــــأمسين فــــي الأقطار مفترقات ؟ !
أحــــب قــــضاء الله مـــــن أجل حبهم                            وأهجــــر فيهــــم أســــرتي وثقـــاتي
هــــم أهل ميراث النــــبي إذا انتـــموا                          وهــــم خــــير ســــادات وخـير حماة
مطاعــــيم فـي الاعسار في كل مشهد                      لقــــد شــــرفوا بالفضــــل والبركات
أئمــــة عــــدل يقــــتدى بفــــعالــــهـــم                     وتــــؤمن منــــهم زلــــة العــــثرات
فــــيا رب زد قــــلبي هــــدى وبصــيرة                       وزد حبــــهم يــــا رب فـــي حسناتي
لقد آمنت نفسي بهم فــــي حــــياتـــــها                   وإنــــي لأرجــــو الأمن بعـــد وفاتي
ألــــم تــــراني مــــذ ثلاثين حـــــجــــة                        أروح وأغـــــــدو دائم الحسرات ؟ !
أرى فيــــئهم فــــي غــــيرهم متقسما                     وأيديهم مــــن فيــــئهم صــــفـــــرات
إذا وتــــروا مــــدوا إلــى أهل وترهم                          أكــــفا عــــن الأوتــــار منــــقبــضات
وآل رســــول الله نحــــف جـــسومهم                       وآل زيــــاد أغــــلظ الــــقـــــصــــرات
سأبكيهــــم مــــا ذر فـي الأفق شارق                     ونــــادى منــــادي الخــــير بالصلوات
ومــــا طلــــعت شمس وحان غروبها                        وبالليــــل أبــــكيــــهم وبالغــــــــدوات
/ صفحة 360 /
ديــــار رســــول الله أصبحــــن بلقــعا                        وآل زيــــاد تســــكن الــــحــــجــــرات
وآل زيــــاد فــــي الــــقصـور مصونة                         وآل رســــول الله فــــي الــفــــلــــوات
فلــــو لا الـذي أرجوه في اليوم أو غد                        تقــــطع نــــفسي إثــــرهم حــــسراتي
خــــروج إمــــام لا محــــالة خـــــارج                          يقــــوم عــــلى اســــم الله بالبـــــركات
يميــــز فيــــنا كــــل حــــسن وبــــاطل                     ويجــــزي عــــن النعــــماء والنقـمات
فيــــا نفــس طيبي ثم يا نفس فاصبري                   فغــــير بعــــيــــد كــــل مــــا هــــو آت
وهي قصيدة طويلة عدة أبياتها مائة وعشرون بيتا ولما فرغ دعبل من إنشادها نهض أبو الحسن الرضا وقال : لا تبرح .
فأنفذ إليه صرة فيها مائة دينار واعتذر إليه فردها دعبل وقال : والله ما لهذا جئت وإنما جئت للسلام عليه والتبرك بالنظر إلى وجهه الميمون وإني لفي غني فإن رأى أن يعطيني شيئا من ثيابه للتبرك فهو أحب إلي .
فأعطاه الرضا جبة خز عليه الصرة وقال للغلام : قل له : خذها ولا تردها فإنك ستصرفها أحوج ما تكون إليها .
فأخذها وأخذ الجبة [ إلى آخر حديث اللصوص المذكور ] .
10 - ذكر الشبلنجي في " نور الأبصار " ص 153 ما مر عن الشبراوي برمته حرفيا .
(أما أعلام الطايفة) فقد ذكر القصيدة وقصة الجبة واللصوص جمع كثير لا نطيل المقال بذكر كلماتهم بل نقتصر منها على ما لم يذكر في الكلمات المذكورة
روى شيخنا الصدوق في " العيون " 368 و " الأمالي " 211 عن الهروي قال : دخل دعبل على أبي الحسن الرضا عليه السلام بمرو فقال له : يا بن رسول الله ؟ إني قد قلت فيكم قصيدة وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحدا قبلك فقال عليه السلام : هاتها .

فأنشده فلما بلغ إلى قوله :
أرى فيئهم في غيرهم متقسما             وأيديهم مـــــن فيئهم صفــرات
بكى أبو الحسن عليه السلام وقال له : صدقت يا خزاعي ؟

فلما بلغ إلى قوله :
إذا وتروا مدوا إلي واتريهم                  أكفــا عن الأوتار منقبضات
جعل أبو الحسن عليه السلام يقلب كفيه ويقول : أجل والله منقبضات :

فلما بلغ إلى قوله :
لقـــد خفت في الدنيا وأيام سعيها              وإني لأرجو الأمن من بعد وفاتي
/ صفحة 361 /
قال الرضا : آمنك الله يوم الفزع الأكبر .

فلما انتهى إلى قوله :
وقـــــبر ببغـــــداد لنفس زكية             تضمنها الرحمن في الغرفات
قال له الرضا : أفلا ألحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك ؟ ! فقال بلى يا بن رسول الله فقال عليه السلام .

وقبر بطوس يا لها من مصيـــــبة                   توقـــــد فـــــي الأحشاء بالحرقات
إلى الحـــــشر حتى يبعث الله قائما              يفـــــرج عـــــنا الهـــــم والكربات
فقال دعبل : يا بن رسول الله ؟ هذا القبر الذي بطوس قبر من هو ؟ ! فقال الرضا : قبري ولا تنقضي الأيام والليالي حتى تصير طوس مختلف شيعتي وزواري ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفورا له ثم نهض الرضا عليه السلام وأمر دعبل أن لا يبرح من موضعه [ فذكر قصة الجبة واللصوص ثم قال : كانت لدعبل جارية لها من قبله محمل فرمدت عينها رمدا عظيما فأدخل أهل الطب عليها فنظروا إليها فقالوا : أما العين اليمنى فليس لنا فيها حيلة وقد ذهبت، وأما اليسرى فنحن نعالجها ونجتهد ونرجوا أن تسلم .
فاغتم لذلك دعبل غما شديدا وجزع عليها جزعا عظيما، ثم أنه ذكر ما كان معه من وصلة الجبة فمسحها على عيني الجارية وعصبها بعصابة منها من أول الليل فأصبحت وعيناها أصح ما كانتا قبل ببركة أبي الحسن الرضا عليه السلام (1) .
في مشكاة الأنوار (2) ومؤجج الأحزان (3) : روي أنه لما قرأ دعبل قصيدته على الرضا عليه السلام وذكر الحجة عجل الله فرجه بقوله:
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غد                 تقطع نفـــــسي إثرهم حـــــسراتي
خـــــروج إمـــــام لا محـالة خارج                  يقـــــوم عـــلى اسم الله والبركات
وضع الرضا عليه السلام يده على رأسه وتواضع قائما ودعى له بالفرج وحكاه عن " المشكاة " صاحب الدمعة الساكبة وغيره .

**************
(1) وذكره الطبرسي في أعلام الورى ص 191، والأربلي في كشف الغمة ص 275 .
(2) تأليف الشيخ محمد بن عبد الجبار البحراني .
(3) تأليف الشيخ عبد الرضا بن محمد الأوالي البحراني .
/ صفحة 362 /
ولهذه التائية عدة شروح لأعلام الطايفة منها :
شرح العلامة الحجة السيد نعمة الله الجزائري المتوفى 1112 .
كمال الدين محمد بن محمد القنوي الشيرازي .
الحاج ميرزا علي العلياري التبريزي المتوفى 1327 .
لفت نظر: إن مستهل هذه القصيدة ليس كل ما ذكروه فإنها مبدوة بالنسيب ومطلعها :
تجاوبن بالأرنان والزفرات               نوائح عجم اللفظ والنطقات
قال ابن الفتال في روضته ص 194، وابن شهر آشوب في " المناقب " 2 ص 394 : وروي أن دعبل أنشدها الإمام عليه السلام من قوله : مدارس آيات وليس هذا البيت رأس القصيدة ولكن أنشدها من هذا البيت فقيل له : لم بدأت بمدارس آيات ؟ ! قال : إستحييت من الإمام عليه السلام أن أنشده التشبيب فأنشدته المناقب ورأس القصيدة:
تجاوبن بالأرنان والزفرات              نوائح عجم اللفظ والنطقات
ذكرها برمتها وهي مائة وعشرون بيتا الأربلي في [ كشف الغمة ] والقاضي في " المجالس " ص 451 . والعلامة المجلسي في " البحار " ص 75 .
والزنوزي في الروضة الأولى من " رياض الجنة " ونص على عددها المذكور الشبراوي والشبلنجي كما مر .
فما قدمناه عن الحموي من أن [ نسخ هذه القصيدة مختلفة في بعضها زيادات يظن أنها مصنوعة ألحقها بها أناس من الشيعة وإنا موردون هنا ما صح ] من بعض الظن الذي هو إثم وقد ذكر هو في معجم البلدان ما هو خارج عما أثبته في معجم الأدباء من الصحيح عنده فحسب راجع ج 2 ص 28، وذكر المسعودي في " مروج الذهب " 2 ص 239 و غيره بعض ما ذكره في معجم البلدان .
وأثبت سبط ابن الجوزي في " التذكرة " وابن طلحة في " المطالب " والشبراوي في " الإتحاف "، والشبلنجي في " نور الأبصار " زيادات لا توجد بما استصحه الحموي، وليس من الممكن قذف هؤلاء الأعلام بإثبات المفتعل .
وبما أن العلم تدريجي الحصول فمن المحتمل أن الحموي يوم تأليفه " معجم الأدباء " لم يقف به البحث على أكثر مما ذكر ثم لما توسع في العلوم ثبت عنده غيره أيضا فأدرجه في معجم البلدان " الذي هو متأخر في التأليف، ولذلك يحيل فيه على " معجم الأدباء " في
/ صفحة 363 /
أكثر مجلداته راجع 2 ص 45، 117، 135، 186 و ج 3 ص 117، 184، و ج 4 ص 228، 400، و ج 5 ص 187، 289، و ج 6 ص 177 وغيرها لكن سوء ظنه بالشيعة حداه إلى نسبة الافتعال إليهم عند تدوين الترجمة، ونحن لا نناقشه بالحساب في هذا التظني فإن الله لهم بالمرصاد وهو نعم الرقيب والحسيب .

(الشاعر)
أبو علي أبو جعفر دعبل بن علي بن رزين (1) بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الله بن بديل بن ورقاء بن عمرو بن ربيعة بن عبد العزى بن ربيعة بن جزي بن عامر بن مازن ابن عدي بن عمرو بن ربيعة الخزاعي أخذناه من فهرست النجاشي ص 116 . وتأريخ الخطيب 8 ص 382 . وأمالي الشيخ 239 . وتأريخ ابن عساكر 5 ص 227 ومعجم الأدباء للحموي 11 ص 100 وقال : وعلى هذا الأكثر والإصابة لابن حجر 1 ص 141 .
(بيت رزين) بيت علم وفضل وأدب وإن خصه ابن رشيق في عمدته 2 ص 290 بالشعر، فإن فيهم محدثون وشعراء، وفيهم السؤدد والشرف، وكل الفضل والفضيلة ببركة دعاء النبي الأطهر لجدهم الأعلى : بديل بن ورقاء لما أوقفه العباس بن عبد المطلب يوم الفتح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله : وقال : يا رسول الله ؟ هذا يوم قد شرفت فيه قوما فما بال خالك بديل بن ورقاء ؟ ! وهو قعيد حبه .
قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أحسر عن حاجبيك يا بديل ؟ فحسر عنهما وحدر لثامه فرأى سوادا بعارضه فقال : كم سنوك يا بديل ؟ ! فقال : سبع وتسعون يا رسول الله ؟ فتبسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال : زادك الله جمالا وسوادا وأمتعك وولدك .
(2) ومؤسس شرفهم الباذخ : البطل العظيم عبد الله بن ورقاء الذي كان هو وأخواه عبد الرحمن ومحمد رسل رسول الله صلى الله وآله وسلم إلى المين كما في رجال الشيخ و

***************
(1) في الأغاني 8 ص 29 : ابن سليمان بن تميم بن نهشل بن خداش بن خالد بن عبد بن دعبل ابن أنس بن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقيا .
(2) أمالي الشيخ ص 239، الإصابة 1 ص 141 .
/ صفحة 364 /
كانوا هم وأخوهم عثمان من فرسان مولانا أمير المؤمنين الشهداء في صفين (1) وأخوهم الخامس : نافع بن بديل استشهد على عهد النبي صلى الله عليه وآله ورثاه ابن رواحة بقوله :
رحـــــم الله بـــــن بـــــديــــــــل                رحــــمة المبتغي ثواب الجهاد
صــــابرا صادق الحديث إذا ما                   أكثر القوم قال قول السداد(2)
فحسب هذا البيت شرفا أن فيه خمسة شهداء وهم بعين الله ومع ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وكان عبد الله من متقدمي الشجعان، والمتبرز في الفروسية، والمحتلي بأعلى مراتب الإيمان، وعده الزهري من دهاة العرب الخمسة كما في الإصابة 2 ص 281 قال له أمير المؤمنين يوم صفين : احمل على القوم فحمل عليهم بمن معه من أهل الميمنة وعليه يومئذ سيفان ودرعان فجعل يضرب بسيفه قدما ويقول :
لم يـــــبق غــير الصبر والتوكل                   والترس والرمح وسيف مصقل
ثـــــم التمشي في الرعيل الأول              مشي الجمال في حياض المنهل
فلم يزل يحمل حتى انتهى إلى معاوية والذين بايعوه إلى الموت فأمرهم أن يصمدوا لعبد الله بن بديل وبعث إلى حبيب بن مسلمة الفهري وهو في الميسرة أن يحمل عليه بجميع من معه واختلط الناس واضطرم الفيلقان ميمنة أهل العراق وميسرة أهل الشام وأقبل عبد الله بن بديل يضرب الناس بسيفه قدما حتى أزال معاوية عن موقفه وجعل ينادي : يا ثارات عثمان ؟ وإنما يعني أخا له قتل، وظن معاوية وأصحابه أنه يعني : عثمان بن عفان .
وتراجع معاوية عن مكانه القهقرى كثيرا وأرسل إلى حبيب بن مسلمة مرة ثانية وثالثة يستنجده ويستصرخه ويحمل حبيب حملة شديدة بميسرة معاوية على ميمنة العراق فكشفها حتى لم يبق مع ابن بديل إلا نحو مائة إنسان من القراء فاستند بعضهم إلى بعض يحمون أنفسهم ولج ابن بديل في الناس وصمم على قتل معاوية وجعل يطلب موقفه ويصمد نحوه حتى انتهى إليه ومع معاوية عبد الله بن عامر واقفا فنادى معاوية بالناس : ويلكم الصخر والحجارة
حتى أثخنوه فسقط فأقبلوا عليه بسيوفهم فقتلوه، وجاء معاوية وعبد الله بن عامر حتى وقفا عليه فأما عبد الله بن عامر فألقى عمامته على وجهه وترحم عليه وكان له من قبل أخا وصديقا، فقال معاوية : إكشف عن وجهه .

***************
(1) صفين لابن مزاحم ص 126، خصال الصدوق، شرح النهج 1 ص 486 . الإصابة 3 ص 371.
(2) الإصابة 3 ص 543 .
/ صفحة 365 /
فقال : لا والله لا يمثل به وفي روح فقال معاوية : إكشف عن وجهه فإنا لا نمثل به قد وهبناه لك .
فكشف ابن عامر عن وجهه فقال معاوية : هذا كبش القوم ورب الكعبة أللهم اظفرني بالأشتر النخعي والأشعث الكندي والله ما مثل هذا إلا كما قال الشاعر(1):
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها                       وإن شمـــــرت عن ساقها الحرب شمرا
ويحـــــمي إذا مـــــا المــــوت كان لقاؤه                   قـــــدى السيــــر يحمي الأنف أن يتأخرا
كليـــــث هـــــزبر كـــــان يحــــمي ذماره                 رمتـــــه المنـــــايا قـــصدها فتقطرا (2)
ثم قال : إن نساء خزاعة لو قدرت على أن تقاتلني فضلا عن رجالها لفعلت (3) ومر بعبد الله بن بديل وهو بآخر رمق من حياته الأسود بن طهمان الخزاعي فقال له : عز علي والله مصرعك أما والله لو شهدتك لآسيتك ولدافعت عنك ولو رأيت الذي أشعرك لأحببت أن لا أزايله ولا يزايلني حتى أقتله أو يلحقني بك
ثم نزل إليه فقال : رحمك الله يا عبد الله ؟ إن كان جارك ليأمن بوائقك، وإن كنت لمن الذاكرين الله كثيرا، أوصني رحمك الله .
قال : أوصيك بتقوى الله وأن تناصح أمير المؤمنين وتقاتل معه حتى يظهر الحق أو تلحق بالله، وأبلغ أمير المؤمنين عني السلام وقل له : قاتل على المعركة حتى تجعلها خلف ظهرك، فإنه من أصبح والمعركة خلف ظهره كان الغالب .
ثم لم يلبث أن مات فأقبل الأسود إلى علي عليه السلام فأخبره فقال : رحمه الله جاهد معنا عدونا في الحياة ونصح لنا في المماة .
(4) وينم عن عظمة عبد الله بن بديل بين الصحابة العلوية قول ابن عدي بن حاتم رضوان الله عليه يوم صفين :
أبعـــــد عمار وبعـــــد هـاشم             وابـــــن بـديل فارس الملاحم
نرجوا البقاء مثل حلم الحالم              وقـــد عضضنا أمس بالاباهم

**************
(1) هو حاتم الطائي من قصيدة في ديوانه ص 121 ولم يرو فيه البيت الثالث .
(2) تقطر : سقط صريعا .
(3) كتاب صفين لابن مزاحم ص 126، شرح النهج لابن أبي الحديد 1 ص 486 .
(4) كتاب صفين لابن مزاحم ص 243 ط ايران و 520 ط مصر، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 299 .
/ صفحة 366 /
وقول سليم (سليمان) بن صرد الخزاعي يوم صفين :
يالك يوما كاسفا عصبصبا                    يالـك يوما لا يواري كوكبا
يا أيها الحي الذي تــــذبذبا                   لسنا نخاف ذا ظليم حوشبا
لأن فينا بطـــــلا مجـــــربـا                   ابن بــديل كالهزبر مغضبا
أمــــسى علي عندنا محببا                نفـــــديه بالأم ولا نبقي أبا

وقول الشني في أبيات له :
فـــإن يك أهل الشام أودوا بهاشم                 وأودوا بعـــــمار وأبقوا لنا ثـــكلا
وبـــــابني بديل فـــارسي كل بهمة              وغيث خزاعي به ندفع المحلا(1)
وأما أبو المترجم علي بن رزين فكان من شعراء عصره ترجمه المرزباني في " معجم الشعراء " 1 ص 283، وجده رزين كان مولى عبد الله بن خلف الخزاعي أبي طلحة الطلحات كما ذكره ابن قتيبة في الشعر والشعراء .
وعم المترجم عبد الله بن رزين، أحد الشعراء كما ذكرة ابن رشيق في " العمدة " .
وابن عمه أبو جعفر محمد أبو الشيص ابن عبد الله المذكور، شاعر له ديوان عمله الصولي في مائة وخمسين ورقة، توجد ترجمته في " البيان والتبيين " 3 ص 83، " الشعر والشعراء " ص 346، " الأغاني " 15 ص 108، " فوات الوفيات " 2 ص 25 وغيرها و ترجمه ابن المعتز في طبقاته ص 26 - 33 وذكر له قصايد طويلة غير أنه عكس في إسمه و إسم أبيه وذكره بعنوان : عبد الله بن محمد والصحيح : محمد بن عبد الله .
وعبد الله بن أبي الشيص المذكور، شاعر له ديوان في نحو سبعين ورقة، وذكره أبو الفرج في " الأغاني " 15 ص 108 وقال : إنه شاعر صالح الشعر وكان منقطعا إلى محمد بن طالب فأخذ منه جامع شعر أبيه ومن جهته خرج إلى الناس .
وترجمه ابن المعتز في طبقاته ص 173 .
(أبو الحسن علي أخو دعبل) كان شاعرا له ديوان شعر نحو خمسين ورقة كما في فهرست ابن النديم، سافر مع أخيه المترجم إلى أبي الحسن الرضا سلام الله عليه سنة 198 وحظيا بحضرته الشريفة مدة طويلة، قال أبو الحسن علي هذا : رحلنا أنا ودعبل سنة 198 إلى سيدي أبي الحسن

**************
(1) البهمة بالضم : الجيش . المحل : الخديعة والكيد . الشدة. الجدب.
/ صفحة 367 /
علي بن موسى الرضا فأقمنا عنده إلى آخر سنة مأتين وخرجنا إلى قم بعد أن خلع سيدي أبو الحسن الرضا على أخي دعبل قميصا خزا أخضر وخاتما فصه عقيق، ودفع إليه دراهم رضوية وقال له : يا دعبل ؟ صر إلى قم فإنك تفيد بها .
فقال له : احتفظ بهذا القميص فقد صليت فيه ألف ليلة ألف ركعة وختمت فيه القرآن ألف ختمة (1) ولد سنة 172 وتوفي 283 .
وخلف أبا القاسم إسماعيل بن علي الشهير بالدعبلي المولود 257، يروي كثيرا عن والده أبي الحسن كان مقامه بواسط وولي الحسبة (2) بها له كتاب تاريخ الأئمة و كتاب النكاح .
(رزين أخو دعبل) وأخوه هذا أحد شعراء هذا البيت ولدعبل فيه أبيات في تاريخ ابن عساكر 5 ص 139 وقال الأزدي : وخرج إبراهيم بن العباس ودعبل ورزين إبني علي رجالة إلى بعض البساتين (أو : إلى زيارة أبي الحسن الرضا عليه السلام كما في رواية العيون) فلقوا جماعة من أهل السواد من حمال الشوك فأعطوهم شيئا وركبوا حميرهم فقال إبراهيم :
أعــــيدت بعد حمل الشوك                 أحمالا من الخزف نشاوى
لا مـــــن الخـــــمــــــــــرة                  بـــــل من شدة الضعف

ثم قال لرزين : أجزها فقال :
فلـــــو كنتم عـلى ذاك                 تصــيرون إلى القصف
تساوت حــــــالكم فيه                ولا تبقوا على الخسف

ثم قالا لدعبل : أجزيا أبا علي ؟ فقال :
فـــــإذ فـــــات الذي فات              فكونوا من ذوي الظرف
وخـــــفوا نقــصف اليوم               فـــــإني بـــــايع خـــــفي
بدايع البداية 2 ص 210

***************
(1) فهرست النجاشي ص 197، أمالي الشيخ ص 229 .
(2) يأتي كلامنا في الحسبة في الجزء الرابع عند ترجمة ابن الحجاج البغدادي .
/ صفحة 368 /
أما المترجم : فهو دعبل (1) يكنى أبا علي عند الجميع وعن ابن أيوب (2) أبو جعفر .
وفي الأغاني عن ابن أيوب : إن اسمه محمد، وفي تاريخ الخطيب 8 ص 383 : زعم أحمد بن القاسم : إن اسمه الحسن، وقال ابن أخيه إسماعيل : إسمه عبد الرحمن وقال غيرهما : محمد .
وعن إسماعيل : إنما لقبته دايته بدعبل لدعابة كانت فيه فأرادت ذعبلا فقلبت الذال دالا .
يقال : أصله كوفي كما في كثير من المعاجم وقيل : من قرقيسا .
وكان أكثر مقامه ببغداد وخرج منها هاربا من المعتصم لما هجاه وعاد إليها بعد ذلك وجول في الآفاق فدخل البصرة ودمشق ومصر على عهد المطلب بن عبد الله بن مالك المصري وولاه أسوان فلما بلغ هجاؤه إياه عزله فأنفذ إليه كتاب العزل مع مولى له وقال : انتظره حتى يصعد المنبر يوم الجمعة فإذا علاه فأوصل الكتاب إليه وأمنعه من الخطبة وأنزله عن المنبر وأصعد مكانه .
فلما أن علا المنبر وتنحنح ليخطب ناوله الكتاب فقال له دعبل : دعني أخطب فإذا نزلت قرأته قال : لا قد أمرني أن أمنعك الخطبة حتى تقرأه فقرأه وأنزله عن المنبر معزولا وخرج منها إلى المغرب إلى بني الأغلب .
(الأغاني 18 ص 48) سافر إلى الحجاز مع أخيه رزين، والي الري وخراسان مع أخيه علي، وقال أبو الفرج (3) : كان دعبل يخرج فيغيب سنين يدور الدنيا كلها ويرجع وقد أفاد و أثرى، وكانت الشراة والصعاليك يلقونه لا يؤذونه ويؤاكلونه ويشاربونه ويبرونه وكان إذا لقيهم وضع طعامه وشرابه ودعاهم إليه ودعا بغلاميه ثقيف وشعف وكانا مغنيين فأقعدهما يغنيان، وسقاهم وشرب معهم، وأنشدهم فكانوا قد عرفوه و ألفوه لكثرة أسفاره وكانوا يواصلونه ويصلونه، وأنشد دعبل لنفسه في بعض أسفاره :
حلــلت محلا يقصر البرق دونه              ويعجز عنه الطيف أن يتجشما

***************
(1) الدعبل : الناقة التي معها ولدها . البعير المسن . الشيئ القديم (الأغاني) .
(2) في الأغاني . ومعاهد التنصيص . ونهاية الإرب .
(3) في الأغاني 18 ص 36 .
/ صفحة 369 /
وقال ابن المعتز في طبقاته ص 125 : وكان يجتاز بقم فيقيم عند شيعتها فيقسطون له في كل سنة خمسة ألف درهم .

يقع البحث في ترجمته من نواحي أربع .
1 - تهالكه في ولاء أهل بيت العصمة صلوات الله عليهم .
2 - نبوغه في الشعر والأدب والتاريخ وتآليفه .
3 - روايته للحديث والرواة عنه ومن يروى هو عنه .
4 - سيره مع الخلفاء .
ثم ملحه ونوادره ثم ولادته ووفاته .
(أما الأولى) فجلية الحال فيها غنية عن البرهنة عليها فما ظنك برجل كان يسمع منه وهو يقول : أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة لست أجد أحدا يصلبني عليها وقيل للوزير محمد بن عبد الملك الزيات : لم لا تجيب دعبلا عن قصيدته التي هجاك فيها ؟ ! قال : إن دعبلا جعل خشبته على عنقه يدور بها يطلب من يصلبه بها منذ ثلثين سنة وهو لا يبالي (1) .
كل ذلك من جراء ما كان ينافح ويناطح ويناضل وينازل في الذب عن البيت النبوي الطاهر، والتجاهر بموالاتهم، والوقيعة في مناوئيهم، لا يقر به قرار، فلا يقله مأمن ولا يظله سقف منتجع، وما زالت تتقاذف به أجواز الفلا فرقا من خلفاء الوقت، وأعداء العترة الطاهرة، ومع ذلك كله فقصائده السائرة تلهج بها الركبان، وتزدان بها الأندية، وهي مسرات للموالين، ومحفظات للأعداء، ومثيرات للعهن والضغاين حتى قتل على ذلك شهيدا .
وما ينقم من المترجم له من التوغل في الهجاء في غير واحد من المعاجم فإن نوع ذلك الهجو والسباب المقذغ فيمن حسبهم أعداء للعترة الطاهرة وغاصبي مناصبهم، فكان يتقرب به إلى الله وهو من المقربات إليه سبحانه زلفى، وإن الولاية لا تكون خالصة إلا بالبرائة ممن يضادها ويعاندها كما تبرأ الله ورسوله من المشركين، وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه، غير أن أكثر أرباب المعاجم من الفئة المتحيزة إلى أعداء هذا البيت الطاهر حسبوا ذلك منه ذنبا لا يغفر كما هو عادتهم في جل رجالات الشيعة .

**************
(1) طبقات الشعراء لابن المعتز ص 125 .
/ صفحة 370 /
(أما نبوغه في الأدب) فأي برهنة له أوضح من شعره السائر ؟ ! الذي تلهج به الألسن، وتتضمنه طيات الكتب، ويستشهد به في إثبات معاني الألفاظ ومواد اللغة، ويهتف به في مجتمعات الشيعة آناء الليل وأطراف النهار، ذلك الشعر السهل الممتنع الذي يحسب السامع لأول وهلة أنه يأتي بمثيله ثم لما خاض غماره، وطفق يرسب ويطف بين أواذيه، علم أنه قصير الباع، قصير الخطا، قصير المقدرة عن أن يأتي بما يدانيه فضلا عما يساويه .
كان محمد بن القاسم بن مهرويه يقول : سمعت أبي يقول : ختم الشعر بدعبل .
و قال البحتري : دعبل بن علي أشعر عندي من مسلم بن الوليد فقيل له : كيف ذلك ؟ ! قال : لأن كلام دعبل أدخل في كلام العرب من كلام مسلم، ومذهبه أشبه بمذاهبهم وكان يتعصب له (1) .
وعن عمرو بن مسعدة قال : حضرت أبا دلف عند المأمون وقد قال له المأمون أبي شيء تروي لأخي خزاعة يا قاسم ؟ ! فقال : وأي أخي خزاعة يا أمير المؤمنين ؟ ! قال : و من تعرف فيهم شاعرا ؟ ! فقال : أما من أنفسهم فأبو الشيص ودعبل وابن أبي الشيص وداود بن أبي رزين، وأما من مواليهم فطاهر وابنه عبد الله فقال : ومن عسى في هؤلاء أن يسئل عن شعره سوى دعبل ؟ ! هات أي شيء عندك فيه .
وقال الجاحظ : سمعت دعبل بن علي يقول : مكثت نحو ستين سنة ليس من يوم ذر شارقه إلا وأنا أقول فيه شعرا (2) ولما أنشد دعبل أبا نواس شعره :

أين الشباب ؟ ! وأية سلكا ؟ !                   لا أيــن يطلب ؟ ! ضل بل هلكا
لا تعجـــــبي يا سلــم من رجل                ضحــــك المشيب برأسه فبكى
فقال : أحسنت ملاء فيك وأسماعنا .
قال محمد بن يزيد : كان دعبل والله فصيحا (3) وهناك كلمات ضافة حول أدبه والثناء عليه لا يهمنا ذكرها .
أخذ الأدب عن صريع الغواني مسلم بن الوليد (4)

**************
(1) الأغاني 18 ص 18، 37 .
(2) الأغاني 18 ص 44 .
(3) تاريخي ابن خلكان وابن عساكر .
(4) كان شاعرا متصرفا في فنون القول حسن الأسلوب أستاذ الفن : ويقال : إنه أول من قال الشعر المعروف بالبديع ووسعه وتبعه فيه أبو تمام وغيره توفي بجرجان سنة 208 .
/ صفحة 371 /
واستقى من بحره وقال : ما زلت أقول الشعر وأعرضه على مسلم فيقول لي : اكتم هذا حتى قلت :

أين الشباب ؟ ! وأية سلكا ؟ !              لا أيـن يطلب ؟ ! ضل بل هلكا
فلما أنشدته هذه القصيدة قال : إذهب الآن فأظهر شعرك كيف شئت لمن شئت .
وقال أبو تمام : ما زال دعبل مائلا إلى مسلم بن وليد مقرا بأستاذيته حتى ورد عليه جرجان فجفاه مسلم وكان فيه بخل فهجره دعبل وكتب إليه :

أبا مخـــــلد كنا عـــــقــيـــــدي مودة                        هـــــوانا وقلبـــــانا جميعــا معا معا
أحوطك بالغيب الذي أنـــــت حائطي                      وأنجـــــع أشفـــــاقا لأن تـتوجعـــــا
فصيرتـــــني بعـــــد انــتحائك متهما                      لنفسي عـــليها أرهب الخلق أجمعا
عششت الهوى حتى تداعت أصوله                       بنـــــا وابـتذلت الـــوصل حتى تقطعا
وأنزلت من بين الجوانــح والحشى                         ذخيرة ود طالمـــــا قـــــد تمـــــنعــــا
فلا تعذلني ليس لي فـــيك مطـــــمع                    تخـــــرقت حـــــتى لـم أجد لك مرقعا
فهبك يميـــــني استأكــــلت فقطعتها                   وجشمت قلـــــبي صبره فتشجعا (1)
ويروي عنه في الأدب محمد بن يزيد . والحمدوي الشاعر . ومحمد بن القاسم بن مهرويه . وآخرون .

(آيات نبوغه)
له كتاب : الواحدة في مناقب العرب ومثالبها وكتاب : طبقات الشعراء . وهو من التآليف القيمة، والأصول المعول عليها في الأدب والتراجم، ينقل عنه كثيرا المرزباني في معجم الشعراء ص 227، 240، 245، 267، 361، 434، 478 .
م - والخطيب البغدادي في تاريخه 2 ص 342 و ج 4 ص 143 ] وابن عساكر في تاريخه 7 ص 46، 47 . وابن خلكان في تاريخه 2 ص 166 . واليافعي في المرآت 2 ص 123 . و أكثر النقل عنه ابن حجر في الإصابة 1 ص 69، 132، 172، 370، 411، 525، 527 . و ج 2 ص 99، 103، 108 . و ج 3 ص 91، 119، 123، 270، 565، و ج 4 ص 74، 565 وغيرها . أحسب أنه كتاب ضخم مبوب على البلدان كيتيمة الدهر للثعالبي فقيه :

***************
(1) ويروى : وحملت قلبي فقدها . الأغاني 18 ص 47 .
/ صفحة 372 /
أخبار شعراء البصرة .
وبهذا العنوان ينقل عنه الآمدي في [ المؤتلف والمختلف ص 67، وابن حجر في " الإصابة " 3 ص 270 . أخبار شعراء الحجاز . وبهذا الاسم ينقل عنه ابن حجر في الإصابة 4 ص 74، 163 ويقول : ذكر دعبل في طبقات الشعراء في أهل الحجاز. أخبار شعراء بغداد . ينقل عنه باسم كتاب شعراء بغداد الآمدي في " المؤتلف " ص 67 وله ديوان شعر مجموع كما في تأريخ ابن عساكر . وقال ابن النديم : عمله الصولي نحو ثلثمائة ورقة وعد في فهرسته 210 من تآليف أبي الفضل أحمد بن أبي طاهر : كتاب : اختيار شعر دعبل .
ومن آيات نبوغه : قصيدته في ذكر مناقب اليمن وفضايلها من ملوكها وغيرهم على نحو ستمائة بيتا كما في [ نشوار المحاضرة ] للتنوخي ص 176 . مطلعها :
أفيقي من ملامك يا طعينا               كفـــاك اللوم مر الأربعينا

يرد بها على الكميت في قصيدته التي يمتدح بها نزارا وهي ثلثمائة بيتا أولها :
ألا حيـــــيت عـــــنا يــا مدينا             وهل ناس تقول مسلمينا ؟ !

قالها الكميت ردا على الأعور الكلبي في قصيدته التي أولها :
أسودينا واحمرينا ....
فرءا دعبل النبي صلى الله عليه وآله في النوم فنهاه عن ذكر الكميت بسوء .
ولم يزل دعبل كان عند الناس جليل القدر حتى رد على الكميت فكان مما وضعه (1) ورد عليه أبو سعد المخزومي بقصيدة .
وعلى أثر هذه المناجزة والمشاجرة افتخرت نزار على اليمن و افتخرت اليمن على نزار، وأدلى كل فريق بماله من المفاخر، وتخربت الناس، وثارت العصبية في البدو والحضر فنتج بذلك أمر مروان بن محمد الجعدي، وتعصبه لقومه من نزار على اليمن، وانحرف اليمن عنه إلى الدعوة العباسية وتغلغل الأمر إلى انتقال الدولة عن بني أمية إلى بني هاشم، ثم ما تلا ذلك من قصة معن بن زائدة باليمن، وقتله أهلها تعصبا لقومه من ربيعة وغيرها من نزار، وقطعه الحلف الذي كان بين اليمن وربيعة في القدم  إلى آخر ما في مروج الذهب 2 ص 197 .

****************
(1) الأغاني 18 ص 29، 31 .
/ صفحة 373 /
أما روايته في الحديث فعده ابن شهر آشوب في المعالم " ص 139 من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلام، وحكى النجاشي في فهرسته ص 198 عن ابن أخيه : أنه رأى موسى بن جعفر ولقي أبا الحسن الرضا .
وقد أدرك الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام ولقيه، وروى الحميري في " الدلايل " وثقة الاسلام الكليني في " أصول الكافي " : أنه دخل على الرضا عليه السلام فأعطاه شيئا فلم يحمد الله تعالى فقال : لم لم تحمد الله تعالى ؟ ! ثم دخل على الجواد فأعطاه فقال : الحمد لله فقال عليه السلام :

تأدبت ويروي شاعرنا عن جماعة منهم :
1 - الحافظ شعبة بن الحجاج المتوفى 160 (1) وبهذا الطريق يروى عنه الحديث في كتب الفريقين كما في أمالي الشيخ ص 240 .
وتأريخ ابن عساكر 5 ص 228 .
2 - الحافظ سفيان الثوري المتوفى 161 .
(تأريخ ابن عساكر 5 ص 228).
3 - إمام المالكية مالك بن أنس المتوفى 179.
4 - أبو سعيد سالم بن نوح البصري المتوفى بعد المأتين.
5 - أبو عبد الله محمد بن عمرو الواقدي المتوفى 207 .
6 - الخليفة المأمون العباسي المتوفى 218، تأريخ الخلفاء ص 204.
7 - أبو الفضل عبد الله بن سعد الزهري البغدادي المتوفى 260، يروي عنه عن ضمرة عن ابن شوذب عن مطر عن ابن حوشب عن أبي هريرة حديث . صوم الغدير المذكور ج 1 ص 401(2) .
8 - محمد بن سلامة يروي عنه بطريقه شيخ الطايفة في أماليه ص 237 عن أمير المؤمنين عليه السلام خطبته الشهيرة بالشقشقية التي أولها : والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى، ينحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير، ولكني سدلت عنها ثوبا، وطويت عنها كشحا .

***************
(1) يروى عنه وعن الثوري وهو لم يبلغ الحلم .
(2) بشارة المصطفى لشيعة المرتضى 2 .
/ صفحة 374 /
9 - سعيد بن سفيان الأسلمي المدني .
(أمالي الشيخ ص 227).
10 - محمد بن إسماعيل " مشترك " .
11 - مجاشع بن عمر يروي عنه عن مسيرة عن الجزري عن ابن جبير عن ابن عباس إنه سئل عن قول الله عز وجل : وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما الحديث أمالي الشيخ ص 240 .
م - 12 موسى بن سهل الراسبي، ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب 10 ص 348 شيخا للمترجم له ولم يعرفه ] .
وعد ابن عساكر في تاريخه 5 ص 228 ممن يقال برواية المترجم عنه : يحيى ابن سعيد الأنصاري وخفي عليه أن يحيى الأنصاري توفي 143 قبل ولادة المترجم بسنين .

(والرواة عن المترجم هم)
1 - أبو الحسن علي أخوه كما في كثير من كتب الحديث والمعاجم .
2 - موسى بن حماد اليزيدي فهرست النجاشي ص 117 .
3 - أبو الصلت الهروي المتوفى 236 . في مصادر كثيرة .
4 - هارون بن عبد الله المهلبي في الأمالي والعيون .
5 - علي بن الحكيم في أصول الكافي .
6 - عبد الله بن سعيد الأشقري . الأغاني وغيره .
7 - موسى بن عيسى المروزي .
8 - ابن المنادي أحمد بن أبي داود المتوفى 272 . تاريخ ابن عساكر (1).
9 - محمد بن موسى البريري . تاريخ ابن عساكر .

(أما سيرته مع الخلفاء والوزراء)
فهذه ناحية واسعة النطاق، طويلة الذيل، يجد الباحث في طيات كتب التاريخ ومعاجم الأدب المفصلة حولها كراريس مسطرة فيها لغو الحديث نضرب عنها صفحا ونقتطف منها النزر اليسير .

***************
(1) 5 ص 228 وابن المنادي في المعاجم : محمد بن عبيد الله .
/ صفحة 375 /
1 - عن يحيى بن أكثم قال : إن المأمون أقدم دعبل رحمه الله وآمنه على نفسه فلما مثل بين يديه وكنت جالسا بين يدي المأمون فقال له : أنشدني قصيدتك " الرائية " فجحدها دعبل وأنكر معرفتها، فقال له : لك الأمان عليها كما أمنتك على نفسك فأنشده :

تأسفــــت جـــــارتي لما رأت زوري                        وعـــــدت الحـــــلم ذنبا غير مغــتفر
ترجــو الصبى بعد ما شابت ذوائبها                        وقـــــد جـــــرت طلقا في حلية الكبر
أجـــــارتي إن شيـب الرأس يعلمني                      ذكـــــر المعــاد وأرضاني عن القدر
لـــــو كنـــــت أركـــن للدنيا وزينتها                         إذا بكـــــيت عــلى الماضين من نفر
أخــنى الزمان على أهلي فصدعهم                      تصـــــدع الشيب لاقى صدمة الحجر
بعـــــض أقـــام وبعض قد أصار به                          داعـــــي المنـــية والباقي على الأثر
أمـــــا المقـــيم فأخشى أن يفارقني                    ولســـــت أوبـــــة مـــن ولى بمنتظر
أصبحت أخبر عن أهلي وعن ولدي                        كحـــــاكم قـــــص رؤيا بعـــــد مدكر
لـــــولا تشاغل عيني بالأولى سلفوا                     من أهـــــل بــــيت رسول الله لم أقر
وفـــــي مواليـــــك للحـــرين مشغلة                    مـــــن أن تبــــيت لمشغول على أثر
كـــــم من ذراع لهــــــم بالطف بائنة                      وعـــــارض بصعـــــيد الترب منعفر
أمـــــسى الحـسين ومسراهم لمقتله                 وهـــــم يقــــولون : هذا سيد البشر
يا أمـــــة السوء ما جازيت أحمد في                      حـــسن البلاء على التنزيل والسور
خـــــلفتموه عــلى الأنباء حين مضى                   خـــــلافة الـــــذئب فـي إنفاد ذي بقر

قال يحيى : وأنفذني المأمون في حاجة فقمت فعدت إليه وقد انتهى إلى قوله :
لم يــبـــق حـــي من الأحـــياء نعلمه                  مـــن ذي يـــمـــان ولا بكر ولا مضر
إلا وهـــم شـــركـــاء فـــي دمـــائهم                   كـــما تشــارك أيـــســـار عـــلى جزر
قـــتلا وأســــرا وتخـــويفـــا ومنهبة                     فعل الغزاة بـــأرض الـروم والخـــزر
أرى أمـــية معـــذورين إن قـــتـــلوا                     ولا أرى لبـــني العـــباس مـــن عــذر
قـــوم قتلـــتم عــلى الاسلام أولهـــم                 حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفـر
أبـــناء حـــرب ومـــروان وأسـرتهم                      بـــنو معـــيط ولاة الحقـــد والزعــــر
/ صفحة 376 /
إربع بطـــوس عـــلى قبر الزكي بها                    إن كنـــت تـــربع مـن دين على وطر
قبـــران فـي طوس خير الناس كلهم                 وقـــبر شـــرهم هـــــذا من العـــبـــر
ما ينــفع الرجس من قبر الزكي ولا                   على الزكي بقرب الرجـس من ضرر
هيهات كل أمـــرء رهــن بما كسبت                  لـــه يـــداه فخـــذ مـــا شئـــت أو فـذر
قال : فضرب المأمون عمامته الأرض وقال : صدقت والله يا دعبل(1).
روى شيخنا الصدوق في أماليه ص 390 بإسناده عن دعبل أنه قال : جائني خبر موت الرضا عليه السلام وأنا مقيم بقم فقلت القصيدة الرائية ثم ذكر أبياتا منها :
2 - دخل إبراهيم بن المهدي على المأمون فشكى إليه حاله وقال : يا أمير المؤمنين إن الله سبحانه وتعالى فضلك في نفسك علي، وألهمك الرأفة والعفو عني والنسب واحد، وقد هجاني دعبل فانتقم لي منه فقال : وما قال ؟ ! لعل قوله :
نعر ابن شكلة بالعراق وأهله                  فهفـــا إليـــه كــل أطلس مائق

وأنشده الأبيات فقال:هذا من بعض هجائه وقد هجاني بما هو أقبح من هذا فقال المأمون:لك أسوة بي فقد هجاني واحتملته وقال في (2):
أيســـومني المأمون خطة جاهل                  أو ما رأى بالأمس رأس محمد؟!
إنـــي مـــن القوم الذين سيوفهم                قتـــلت أخـاك وشرفتك بمقعد (3)
شـــادوا بـذكرك بعد طول خمولة                 واستنقذوك من الحضيض الأوهد
فقال إبراهيم : زادك الله حلما يا أمير المؤمنين وعلما، فما ينطق أحدنا إلا عن فضل علمك، ولا تحمل إلا اتباعا لحلمك .
3 - حدث ميمون بن هرون قال : قال إبراهيم بن المهدي للمأمون قولا في دعبل يحرضه عليه فضحك المأمون وقال : إنما تحرضني عليه لقوله فيك :
يا معـــشر الأجـــياد لا تقنطوا                   وارضوا بما كان ولا تسخطوا

***************
(1) الأغاني 18 ص 57 تاريخ ابن عساكر 5 ص 233 . أمالي المفيد أمالي الشيخ ص 61 .
(2) أول القصيدة:
أخذ المشيب من الشباب الأغيد                    والنـــــائبات مــن الأنام بمرصد
(3) أشار إلى قضية طاهر الخزاعي وقتله الأمين محمد بن الرشيد وبذلك ولي المأمون الخلافة .
/ صفحة 377 /
فســـوف تعطون حنينية               يلتــذها الأمرد والأشمط
والمعـــبديات لقـــوادكم                لا تدخل الكيس ولا تربط
وهكـــذا يـــرزق قـواده                 خـــليفة مصحـفة البربط
فقال له إبراهيم : فقد والله هجاك أنت يا أمير المؤمنين فقال : دع هذا عنك، فقد عفوت عنه في هجائه إياي لقوله هذا وضحك ثم دخل أبو عباد فلما رآه المأمون من بعد قال لإبراهيم : دعبل يجسر على أبي عباد بالهجاء ولا يحجم عن أحد .
فقال له : وكان أبا عباد أبسط يدا منك ؟ ! قال : لا، ولكنه حديد جاهل لا يؤمن وأنا أحلم و أصفح، والله ما رأيت أبا عباد مقبلا إلا أضحكني قول دعبل فيه .
أولى الأمور بضيعة وفساد                 أمر يـــدبره أبـــو عــباد (1)

4 - حدث أبو ناجية قال : كان المعتصم يبغض دعبلا لطول لسانه وبلغ دعبلا أنه يريد اغتياله وقتله فهرب إلى الجبل وقال يهجوه :
بكى لشتات الــــدين مكتــــئب صــــب                     وفــــاض بفرط الدمع من عينه غرب
وقــــام إمــــام لــــم يــــكن ذا هـداية                       فــــليس لــــه ديــــن ولــــيس لـــه لب
وما كانت الأنــــباء نــــأتي بمــــثـــله                        يملك يومــــا أو تــــدين لــــه العـــرب
ولكن كمــــا قــــال الذين تــــتابعــــوا                      من السلف الماضين إذ عــظم الخطب
ملوك بني العباس فــــي الكتب سبعة                  ولم تأتنا عن ثــــامن لهــــم كــــتـــــب
كذلك أهل الكهف فـــي الكهف سبعة                   خيار إذا عــــدوا وثــــامنهــــم كــــــلب
وإنــــي لأعــــلي كــــلبهم عنك رفعة                    لأنـــك ذو ذنــــب وليــــس لــــه ذنــــب
لقد ضاع ملك الناس إذ ساس ملكهم                    وصيــــف وأشـــناس وقـد عظم الكرب
وفضــــل بــــن مــــروان يـــثلم ثلمة                    يظل لهــــا الاســــلام ليــــس لــه شعب

5 - حدث ميمون بن هارون قال : لما مات المعتصم قال محمد بن عبد الملك الزيات يرثيه :
قد قلت إذ غيبوه وانصرفوا                  في خـــير قبر لخير مدفون
لن يجــــبر الله أمة فقدت                مثــــلك إلا بمثـــــل هارون

***************
(1) توجد بقية الأبيات في الأغاني 18 ص 39 .
/ صفحة 378 /

فقال دعبل يعارضه :
قــــد قـلت إذ غيبوه وانصرفوا                  فــــي شــــر قبــر لشر مدفون
إذهب إلى النار والعذاب فما                    خلتــــك إلا مــــن الشــــياطين
ما زلـــت حتى عقدت بيعة من                أضــــر بالمــــسلمين والديـــن

6 - حدث محمد بن قاسم بن مهرويه قال : كنت مع دعبل بالضميرة وقد جاء نعي المعتصم وقيام الواثق فقال لي دعبل : أمعك شيء تكتب فيه ؟ ! فقلت : نعم وأخرجت قرطاسا فأملى علي بديها :
الحـمد لله لا صبــــر ولا جـلد                ولا عزاء إذا أهل البلا رقدوا
خليفة مات لم يحزن له أحــد              وآخـــر قـــام لم يفرح به أحد

7 - حدث محمد بن جرير قال : أنشدني عبيد الله بن يعقوب هذا البيت وحده لدعبل يهجو به المتوكل وما سمعت له غيره فيه :
ولست بقائل قذعا ولكن                     لأمر ما تعــــبدك العــبيد
قال : يرميه في هذا البيت بالابنة .
8 - دخل عبد الله بن طاهر على المأمون فقال له المأمون : أي شيء تحفظ يا عبد الله لدعبل ؟ ! فقال : أحفظ أبياتا له في أهل بيت أمير المؤمنين قال : هاتها ويحك .

فأنشده عبد الله قول دعبل :
سقــــيا ورعــــيا لأيــــام الصبابـــــات                  أيــــام أرفــــل فــــي أثــــواب لــــذاتي
أيام غــــصني رطيــــب مــــن ليـــانته                 أصبــــو إلـــــــى خــــيــــر جــــــــارات
وكنات دع عنك ذكر زمان فات مطلبه                  واقــــذف بـــرجلك عــن متن الجهالات
واقــــصد بكــــل مــــديح أنــــت قـائله                نحــــو الهــــداة بــــني بــــيت الكرامات
فقال المأمون : إنه قد وجد والله مقالا ونال ببعيد ذكرهم ما لا يناله في وصف غيرهم ثم قال المأمون : لقد أحسن في وصف سفر سافره فطال ذلك السفر عليه فقال فيه :
ألـــــم يأن للسفر الذين تحملــوا                   إلى وطن قبل الممات رجوع ؟ !
فقــــلت ولــم أملك سوابق عبرة                 نطــــقن بمـا ضمت عليه ضلوع
تبين فكــــم دار تفــرق شملهـا                   وشمــــل شتيـت عاد وهو جميع
كذاك الليالي صرفهن كما ترى                    لكــــل أنــــاس جــــدبة وربــيع
/ صفحة 379 /
ثم قال : ما سافرت قط إلا كانت هذه الأبيات نصب عيني في سفري وهجيرتي و مسيلتي حتى أعود .

9 - حدث ميمون بن هارون قال : كان دعبل قد مدح دينار بن عبد الله وأخاه يحيى فلم يرض فعلاه فقال يهجوهما :
مــــا زال عــــصياننا لله يــــرذلنا                  حــــتى دفعــــنا إلى يحيى ودينار
وغدين عجلين لم تقطع ثمارهما                قــد طال ما سجدا للشمس والنار

قال : وفيهما وفي الحسن بن سهل والحسن بن رجاء وأبيه يقول دعبل :
ألا فاشتروا مني ملوك المخزم                  أبع حسنا وابني رجاء بدرهـم
وأعـــــط رجاء فوق ذاك زيادة                    وأسمع بــــدينار بغــــير تــندم
فإن رد من عيب علي جميعهم                فليس يرد العيب يحيى بن أكثم

ملح ونوادر
1 - حدث أحمد بن خالد قال : كنا يوما بدار صالح بن علي من عبد القيس ببغداد ومعنا جماعة من أصحابنا فسقط على كنيسة في سطحه ديك طار من دار دعبل فلما رأيناه قلنا : هذا صيدنا فأخذناه فقال صالح : ما نصنع به ؟ ! قلنا : نذبحه .
فذبحناه وشويناه فخرج دعبل وسأل عن الديك فعرف أنه سقط في دار صالح فطلبه منا فجحدنا وشرينا يومنا فلما كان من الغد خرج دعبل فصلى الغداة ثم جلس على المسجد وكان ذلك المسجد مجمع الناس يجتمع فيه جماعة من العلماء وينتابهم الناس فجلس دعبل على المسجد وقال .

أســـر المؤذن صالــــح وضيوفه                    أسر الكمي هفا خــــلال المــــاقــط
بعــــثــوا عـــليه بــــنيهم وبناتهم                  مــــن بــــين ناتــــفة وآخر سامــط
يتــــنازعـــــــون كأنهم قذ أوثقوا                   خــــاقان أو هزموا كتائب ناعط(1)
نهشــــوه فانــــتزعت له أسنانهم                وتهــــشمت أقــــفاؤهـــم بالحـــايط
فكتبها الناس عنه ومضوا فقال لي أبي وقد رجع إلى البيت : ويحكم ضاقت عليكم المآكل فلم تجدوا شيئا تأكلونه سوى ديك دعبل ؟ ! ثم أنشدنا الشعر وقال لي : لا تدع ديكا ولا دجاجة تقدر عليه إلا اشتريته وبعثت به إلى دعبل وإلا وقعنا في لسانه ففعلت ذلك .

**************
(1) ناعط : قبيلة من همدان  وأصله جبل نزلوا به فنسبوا إليه .
/ صفحة 380 /
2 - عن إسحاق النخعي قال : كنت جالسا مع دعبل بالبصرة وعلى رأسه غلامه ثقيف فمر به أعرابي يرفل في ثياب خز فقال لغلامه : ادع لي هذا الأعرابي فأومأ الغلام إليه فجاء فقال له دعبل : ممن الرجل ؟ ! قال : من بني كلاب قال : من أي ولد كلاب أنت ؟ ! قال : من ولد أبي بكر فقال دعبل : أتعرف القائل ؟ ! .
ونبأت كــــلبا مــن كلاب يسبني                  ومحض كلاب يقطـــع الصلوات
فــــإن أنا لــــم أعــلم كلابا بأنها                   كــــلاب وإنــــي بــاسل النقمات
فكان إذا من قيس عيلان والدي                 وكـــانت إذا أمـــي من الحبطات
قال : هذا الشعر لدعبل يقول في عمرو بن عاصم الكلابي فقال له الأعرابي : ممن أنت ؟ ! فكره أن يقول من خزاعة فيهجوهم فقال : أنا أنتمي إلى القوم الذين يقول فيهم الشاعر :
أناس علي الخير منهم وجعفر                  وحمــــزة والسجاد ذو الثفنات
إذا فخــــروا يـوما أتوا بمحمد                     وجــبريل والفرقان والسورات
فوثب الأعرابي وهو يقول : مالي إلى محمد وجبريل والفرقان والسورات مرتقى .
3 - حدث الحسين بن أبي السري قال : غضب دعبل على أبي نصر بن جعفر بن محمد بن الأشعث وكان دعبل مؤدبه قديما لشئ بلغه عنه فقال يهجو أباه :
ما جعفر بن محمد بن الأشعث                 عــــندي بخـير أبوة من عثعث
عبــثا تمارس بي تمارس حية                  ســــوارة إن هجــــتها لم تلبث
لو يعلم المغرور ماذا حاز من                  خــــزي لــــوالده إذا لـــم يعبث
قال : فلقيه عثعث فقال له : أي شيء كان بيني وبينك ؟ ! حتى ضربت بي المثل في خسة الآباء فضحك دعبل وقال : لا شيء والله إلا اتفاق اسمك واسم ابن الأشعث في القافية أو لا ترضى أن أجعل أباك وهو أسود خيرا من آباء الأشعث بن قيس؟!

4 - عن الحسين بن دعبل قال : قال أبي في الفضل بن مروان :
/ صفحة 381 /
نصــحت فأخلصت النصيحـــــة للفضل                   وقــــلت فسيـــرت المــقالة في الفضل
ألا إن فــــــي الفضـــل بن سهل لعبرة                   إن اعــتبر الفضــل بن مروان بالفضل
وللفضل فــي الفضل بن يحيى مواعظ                  إذا فكر الـفضــل بن مروان في الفضل
فأبق حمــيدا من حــــديث تفــــز بــــه                  ولا تدع الاحــــــسان والأخــــذ بالفضل
فإنك قــــــد أصبحــــت للمــــلك قيــما                  وصـرت مكــــــان الفــــضل والفضــــل
ولــــم أر أبــــــياتا مـــن الشعر قبلها                    جــــميع قـــوافيها على الفضل والفضل
وليــــس لها عــــــيب إذا هي أنشدت                  سوى أن نصحي الفضل كان من الفضل
فبعث إليه الفضل بن مروان بدنانير وقال له : قد قبلت نصحك فاكفني خيرك وشرك (1) .

نماذج من شعر دعبل في المذهب : قال في رثاء الإمام السبط الشهيد عليه السلام :
أتسكب دمـــــع العــــين بالعبرات ؟ !                      وبـــــت تقـــــاسي شــدة الزفرات ؟ !
وتبـــــكي لآثـــــار لآل محـــــمـــد ؟ !                       فـــــقــد ضاق منك الصدر بالحسرات
ألا فـــــابكهم حـــــقا وبـــــل عـــليهم                      عـــــيونا لـــــريب الدهـــــر منسكبات
ولا تــــنس في يوم الطفوف مصابهم                     وداهيـــــة مـــــن أعـــــظم النــــكبات
سقـــــى الله أجـداثا على أرض كربلا                      مرابـــــيع أمطـــــار مـــــن المـزنات
وصلـــــي عـــلى روح الحسين حبيبه                     قتـــــيلا لـــــدى النـــــهرين بالفلوات
قتـــــيلا بلا جـــــرم فجعـــــنا بفـــــقده                    فـــــريدا ينادي : أين أين حماتي ؟ !
أنا الظامئ العطشان في أرض غربة                       قتـــــيلا ومظـــــلوما بغـــــير تــرات
وقـــــد رفعوا رأس الحسين على القنا                     وســـــاقوا نســـــاء ولها خــــفرات
فقل لابن سعـــــد : عذب الله روحـــــه                    ستـــــلقى عـــــذاب النار باللعنات
سأقـــــنت طـــول الدهر ما هبت الصبا                   وأقنـــــت بالآصـــــال والغـــــــدوات
عـــــلى معـــشر ضلوا جميعا وضيعوا                     مقـــــال رســـــول الله بالشـــــبهـات

***************
(1) الأغاني 18 ص 33، 38، 39، 42 .
/ صفحة 382 /
ويمدح أمير المؤمنين عليه السلام ويذكر تصدقه خاتمه للسائل في الصلاة و نزول قوله تعالى : إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم راكعون .

فيه (2) بقوله :
نطـــق القرآن بفضل آل محمد               وولايـــــة لعـــــليه لــــم تجحد
بـولاية المختار من خير الذي                  بعـــــد النــبي الصادق المتودد
إذ جاءه المسكين حال صلاته                 فامتــــد طــوعا بالذراع وباليد
فتناول المسكين منه خــــاتما               هبة الكريم الأجــود بن الأجود
فاختصه الرحمن في تـــنزيله                من حاز مثل فخــــاره فـــليعدد
إن الإله وليــــكم ورسولـــــه                  والمؤمنين فمن يشأ فليجــــحد
يكن الإله خصيمه فيـــها غدا                 والله ليس بمخلف في الموعــد

وله يمدح أمير المؤمنين صلوات الله عليه :
سقيـــــا لبـــــيعـــــة أحـمـد ووصيه                 أعـــــني الإمـــــام ولينا المحسودا
أعـــــني الــــذي نصر النبي محمدا                 قـــــبل الـــــبرية ناشـــــئا ووليـــدا
أعني الذي كشف الكروب ولم يكن                 فـــــي الحـــــرب عـند لقائه رعديدا
أعـــــني المـــــوحد قـــبل كل موحد                لا عـــــابدا وثـــــنا ولا جـــــلمــودا

وله يرثي الإمام السبط شهيد الطف سلام الله عليه :
إن كنـت محزونا فمالك ترقد ؟ !                       هـــلا بكيــت لمن بكاه محمد ؟ !
هلا بكيت على الحسين وأهله؟!                    إن البكـــاء لمثــــلهم قـــد يحمد
لتضعضع الاسلام يـــوم مصابه                       فالجـــود يـــبكي فــــقده والسودد
فلقـــد بكـــته في السمـاء ملائك                   زهـــر كـــرام راكعـــون وسجــد
أنسيـــت إذ صــــارت إليه كتائب                     فيهــا ابن سعد والطغاة الجحد؟!
فسقوه من جرع الحتوف بمشهد                   كثـــر العـــداة به وقــــل المسعد
لــــــم يحفـــظوا حق النبي محمد                 إذ جــــــرعوه حــــــرارة ما تبرد
قتـــــلوا الحسين فأثكلوه بسبطه                 فالثــــــكل من بعد الحسين مبرد
كيف القرار؟! وفي السبايا زينب                    تدعــــــو بفـرط حرارة : يا أحمد

**************
(2) راجع ما مر صفحة 47 من هذا الجزء .
/ صفحة 383 /
هذا حسين بالسيـــــوف مبضع                    متلطـــخ بدمـــائه مســــتـشهد
عار بلا ثوب صريع في الثرى                         بــــين الحوافر والسنابك يقصد
والطيـــــبون بنـوك قتلى حوله                     فـــــوق التـــراب ذبايح لا تلحد
يا جــد قد منعوا الفرات وقتلوا                     عـطشا فليس لهم هنالك مورد
يا جد من ثكلي وطول مصيبتي                  ولمـــا أعانـــــيه أقوم وأقعــــد

وله من قصيدة طويلة في رثاء الشهيد السبط عليه السلام قوله :
جاؤا من الشام المشومة أهلهــــا                    للشــــوم يقــــدم جـــنــــدهم إبليس
لعــــنوا وقــد لعنوا بقتل إمامهــــم                   تــــركوه وهـــو مبضــــع مخموس
وسبــــوا فــواحزني بنات محــــمد                   عــــبرى حـواسر ما لهــــن لبوس
تبــــا لكم يا ويــــلكم أرضيـــــــــتم                    بالــــنار ؟ ! ذل هنالك المــــحبوس
بعــــتم بــــدنيا غـيركم جــــهلا بكم                   عــــز الحــــياة وإنــــه لنـــــــفيس
أخــــزى بهــــا مــن بــــيعة أموية                     لعــــنت وحــــظ البايعين خسيــــس
بــــؤسا لمــــن بــــايعــــتم وكأنني                 بإمامكــــم وســط الجحيم حبــــيس
يــــا آل أحـــمــــد ما لقيتم بعده ؟ !                 من عصبة هم في القياس مجـوس
كم عــــبرة فــــاضت لكـم وتقطعت                 يــوم الطفوف على الحسين نفوس
صبــــرا مــــوالينا فســوف نديلكم                   يــــوما عــــلى آل اللعــــين عبوس
مــــا زلت متبعــــا لكــــم ولأمركم                  وعــــليه نفــــسي ما حييت أسوس

وذكر له ياقوت الحموي في " معجم الأدباء " 11 ص 110 في رثاء الإمام السبط عليه السلام قوله :
رأس ابن بنت محــمد ووصيه                 يا للرجــــال عــــلى قناة يرفع
والمسلمون بمنظر وبمسمــع               لا جـــازع مـن ذا ولا متخشع
أيقظت أجفانا وكنت لها كـرى                وأنمت عينا لــم تكن بك تهجع
كحلت بمنظرك العيون عماية                وأصــــم نعـــيك كل إذن تسمع
مــــا روضة إلا تمنـــــت أنها                   لك مضجع ولخط قبرك موضع
/ صفحة 384 /
وله في مدح الإمام الطاهر علي بن أبي طالب صلوات الله عليه :
أبـــــو تــراب حيدره                  ذاك الإمام القسوره
مبيد كل الكــــفــــره               ليــــس لــــه مناضل
                          مبارز ما يهب
وضيغم ما يغلب                    وصادق لا يكذب
                        وفارس محاول
سيف النبي الصادق              مبـــيد كــــل فــاسق
بمرهــــف ذي بارق                أخـــــلصه الصياقل

وله يرثي الإمام السبط صلوات الله عليه :
منازل بين أكنـــــاف الغــــــري                   إلـــــى وادي المياه إلى الطوي
لقد شغل الدموع عن الغوانــي                 مصـــــاب الأكــرمين بني علي
أتى أسفي على هفوات دهــري              تضاءل فــــــيه أولاد الـــــزكي
ألم تقف البكاء على حسين ؟ !                  وذكـــرك مصــرع الحبر التقي
ألم يحـــــزنك أن بــــــني زيــاد                   أصابوا بالتـــــرات بني النبي؟!
وإن بني الحصان يمـــــر فـيهم                  علانية سيــــوف بني البـــــغي

ولادته ووفاته
ولد سنة 148 واستشهد ظلما وعدوانا وهو شيخ كبير سنة 246 فعاش سبعا وتسعين سنة وشهورا من السنة الثامنة .
يقال : إنه هجا مالق بن طوق بأبيات وبلغت مالكا فطلبه فهرب فأتى البصرة وعليها إسحاق بن العباس العباسي وكان بلغه هجاء دعبل نزارا فلما دخل البصرة بعث من قبض عليه ودعا بالنطع والسيف ليضرب عنقه فحلف بالطلاق على جحدها، وبكل يمين تبرئ من الدم إنه لم يقلها، وإن عدوا له قالها، إما أبو سعيد أو غيره ونسبها إليه ليغرى بدمه، وجعل يتضرع إليه ويقبل الأرض ويبكي بين يديه، فرق له فقال : أما إذا عفيتك من القتل فلا بد من أن أشهرك .
ثم دعى بالعصا فضربه حتى سلح وأمر به والقي على قفاه وفتح فمه فرد سلحه فيه والمقارع تأخذ رجليه وهو يحلف : أن لا يكف عنه حتى يستوفيه ويبلعه أو يقتله فما رفعت عنه حتى بلع سلحه كله ثم خلاه فهرب إلى الأهواز،
/ صفحة 385 /
وبعث مالك بن طوق رجلا حصيفا (1) مقداما وأمره أن يغتاله كيف شاء، وأعطاه على ذلك عشرة آلاف درهم، فلم يزل يطلبه حتى وجده في قرية من نواحي السوس فاغتاله في وقت من الأوقات بعد صلاة العتمة فضرب ظهر قدمه بعكاز (2) لها زج مسموم فمات من غد ودفن بتلك القرية .
وقيل : بل حمل إلى السوس ؟ ودفن بها (3) وفي تاريخ ابن خلكان : قتل ب‍ (الطيب) وهي بلدة بين واسط العراق وكور الأهواز .
وقال الحموي (4) : وبزويلة (5) قبر دعبل ابن علي الخزاعي قال بكر بن حماد :
المـــوت غـــــادر دعـبلا بزويلة              في أرض برقة أحمد بن خصيب
لا يخفى على الباحث أن ترديد ابن عساكر في تاريخه 5 ص 242 بعد ذكر وفاة المترجم سنة 246 وقوله : [ قيل : إنه هجا المعتصم فقتله .
وقيل : إنه هجا مالك فأرسل إليه من سمه بالسوس ] ترديد بلا تأمل ونقل بلا تدبر إذ المعتصم توفي 227 قبل شهادة المترجم بتسع عشر سنة .
كما أن ما ذكره الحموي في " معجم البلدان " 4 ص 418 من [ أن دعبلا لما هجا المعتصم أهدر دمه فهرب إلى طوس واستجار بقبر الرشيد فلم يجره المعتصم وقتله صبرا في سنة 220 ] خلاف ما اتفق عليه المؤرخون وعلماء الرجال من شهادته سنة 246 .

كان البحتري صديقا للمترجم وأبي تمام المتوفى قبله فرثاهما بقوله:
قــــد زاد فـي كلفي وأوقد لوعتي                مثــــوى حبـــيب يوم مات ودعبل
أخوي لا تزل السماء مخيلة (6)                    تغشــــاكما بســــماء مزن مسبل
جــــدث عـــلى الأهواز يبعد دونه                 مــسرى النعي ورمسه بالموصل

***************
(1) الحصيف : الجيد الرأي محكم العقل .
(2) العكاز بالعين المضمومة والكاف المشددة : عصا ذات زج في أسلفها يتوكأ عليها .
(3) الأغاني 18 ص 60، معاهد التنصيص 1 ص 208 .
(4) معجم البلدان 4 ص 418 .
(5) أول حدود بلاد السودان .
(6) خيل السحاب : رعد وبرق وتهيأ للمطر .
/ صفحة 386 /
قال أبو نصر محمد بن الحسن الكرخي الكاتب : رأيت على قبر دعبل مكتوبا :
أعــــد لله يــــوم يــــلقـــــــــاه                دعــــبــــل : أن لا إله إلا هو
يقــــولها مخـــلصا عساه بها                 يــــرحـــمه فـــــي القــيامـــة
الله الله مولاه والرسول ومن                 بعــــدهما فــــالوصي مـــولاه
خلف المترجم ولداه : عبد الله وحسين الشاعر، ذكر ابن النديم للثاني منهما ديوانا في نحو مائتي ورقة، وترجمه ابن المعتز في " طبقات الشعراء " ص 193 وذكر نماذج من شعره وقال : الدعبلي مليح الشعر جدا .
آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
هنا ينتهي الجزء الثاني ويتلوه الجزء الثالث ويبدء ببقية شعراء القرن الثالث أولهم أبو إسماعيل العلوي
والله المستعان وعليه التكلان


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page