• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شعراء الغدير في القرن الثاني عشر

 

 

93 -شيخنا الحر العاملي

93 -شيخنا الحر العاملي

/ صفحة 332 /
المولود 1033 والمتوفى 1104
كيف تحظا بمجدك الأوصياء ؟ * وبه قد توسل الأنبياء
ما لخلق سوى النبي وسبطيه * السعيدين هذه العلياء
فبكم آدم استغاث وقد مسته * بعد المسرة الضراء
يوم أمسى في الأرض فردا غريبا * ونأت عنه عرسه حواء
وبكا نادما على ما بدا منه * وجهد الصب الكئيب البكاء
فتلقى من ربه كلمات (1) * شرفتها من ذكر كم أسماء
فاستجيب الدعاء منه ولولا * ذكركم ما استجيب منه الدعاء
ثم يعقوب قد دعا مستجيرا * من بلاء بكم فزال البلاء
وأتاه بكم قميص يوسف وارتد * بصيرا وتمت النعماء
وبكم كان للخليل ابتهال * ودعاء لربه واشتكاء
حين ألقاه عصبة الكفر في النار * فما ضر جسمه الالقاء
أيضام الخليل من بعد ما كان * إليكم له هوى التجاء ؟
وبكم يونس استغاث ونوح * إذ طغا الماء واستجد العناء
وبأسماءكم توسل أيوب * فزالت عنه بها الأسواء
ياله سوددا منيعا رفيعا * قد رواه الأعداء والأولياء
لعلي مجد غدا دون أدناه * الثريا في البعد والجوزاء
هو فضل وعصمة ووفاء * وكمال ورأفة وحياء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إشارة إلى ما جاء في قوله تعالى : فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه من إن الكلمات المتلقاة هي أسماء الأشباح الخمسة راجع ما مر في الجزء السابع ص 299 ط
/ صفحة 333 /
ولكم نال سوددا لم يبن كنه * علاه الإنشاد والإنشاء ؟
والحروف التي تركبت العليا * منها عين ولام وياء
كان نورا محمد وعلي * في سنا آدم له لألاء
أخذ الله كل عهد وميثاق * له إذ بدا سنا وسناء
أي فخر كفخره والنبيون * عليهم عهد له وولاء ؟
وبه يعرف المنافق إذ كانت * له في فؤاده بغضاء
ولعمري من أول الأمر لا تخفى * على ذي البصيرة السعداء
ولدته منزها أمه ما * شانه في الولادة الأقذاء
داخل الكعبة الشريفة لم يدن * إليها من الأنام النساء
لاح منه نور فأشرقت الأرض * وأرجاؤها به والسماء
كان للدين في ولادته مثل * أخيه مسرة وازدهاء
يا له مولدا سعيدا تجلت * عن محياه بهجة غراء
فهنيئا له لفاطمة السعد * الذي ما له مدى وانتهاء
بل لدين الاسلام من غير شك * وارتياب قد كان ذاك الهناء
إلى أن قال :
وأتت منه في علي نصوص * لم يحم حول ربعها الاحصاء
قال فيه : هذا وليي وصيي * وارثي هكذا روى العلماء
وزعمتم بأن كل نبي * لم يرث منه ماله الأقرباء
هو مولى من كان مولاه نصا * منه فليترك الهوى والمراء
ودعا بعدها دعاء مجابا * وبه قد تواتر الأنباء
ويقول فيها :
للمعالي بين الورى يا علي بن * أبي طالب إليك انتهاء
وكذا للكمال منك وللسودد * والمجد والفخار ابتداء
للورى لو درى الورى بك من * بعد أخيك الطهر الأمين اهتداء
واجب بالنصوص منه عن الله * وأين المصغي بك الاقتداء
ثم يوم [الغدير] هل كان إلا * لك دون الأنام ذاك الولاء ؟
/ صفحة 334 /
يوم مات النبي كنت إماما * في العلا لم يساوك النظراء
(القصيدة 453 بيتا)
وله يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام وهي من قصايده المحبوكات الطرفين على حروف الهجاء تسع و عشرين قصيدة، كل واحدة منها 29 بيتا، أسماها [مهور الحور] كلها في مدح أمير المؤمنين:
هو الحب لا فيه معين ترجاه * ولا منقذ من جوره تتوخاه
هو الحتف لا يفني المحبين غيره * ولولاه ما ذاق الورى الحتف لولاه
إلى أن قال :
هداية رب العالمين قلوبنا * إلى حب من لم يخلق الخلق لولاه
هو الجوهر الفرد الذي ليس يرتقي * لأعلى مقامات النبيين إلا هو
هلال نما فارتد بدرا فأشرقت * جوانب آفاق العلا بمحياه
هما علة للخلق أعني محمدا * وأول من لما دعا الخلق لباه
هوى النجم يبغي داره لا بل ارتقى * إليها فمثوى النجم من دون مثواه
هل أختار خير المرسلين مواخيا * سواه فأولا الكمال وآخاه ؟
هل اختار في يوم [الغدير] خليفة * سواه له حتى على الخلق ولاه ؟
هدى لاح من قول النبي وليكم * علي ومولى كل من كنت مولاه
هناك أتاه الوحي بلغ ولا تخف * ومن كل ما تخشاه يعصمك الله
هنا لك أبدى المصطفى بعض فضله * وباح بما قد كان للخوف أخفاه
وله من المحبوكات الطرفين :
كتمت الهوى والحب بالقلب أملك * وأجمل من كتم الغرام التهتك
كواعب أتراب قصدن بحربنا * ولسنا بتوحيد المحبة نشرك
كتائب أبطال بهن دماؤنا * جزاء على حفظ المودة تسفك
يقول فيها :
كرامات مولاي الوصي وولده * أنارت فلا يخفي سناها المشكك
كلام النبي المصطفى حجة فهل * أجل وأعلى منه في الشرع مدرك ؟
كفى قوله يوم [الغدير] بأنه * لكل الورى مولى فينسى ويترك
/ صفحة 335 /
كما جاء في التنزيل ليس وليكم * سواه ومن ذا بعد ذاك يشكك ؟
كواكب فضل المرتضى حين أشرقت * لها المجد افق فيه تسري وتسلك
وله من المحبوكات الطرفين :
عدني ودعني من زيارة بلقع * يا أيها الحادي لهن بمرجع
عذبن جسمي بالنحول ومهجتي * بالهجر واستمطرن صيب مدمعي
إلى قوله :
عدم المجاري في الكمال لسيدي * ذي السودد الأسنا البطين الأنزع
عم الفضايل حين خص برفعة * من ذروة العليا أجل وأرفع
عجبا لمن فيه يشك وقد أتى * خبر [الغدير] ونصه لم يدفع
عهد النبي إلى الأنام بفضله * ويل لمنكر فضله ومضيع
عدت فضايله فأعيى حصرها * وغدا حسيرا عنه فكر الألمعي.
(الشاعر) :
محمد بن الحسن بن علي بن محمد الحسين بن عبد السلام بن عبد المطلب بن علي ابن عبد الرسول بن جعفر بن عبد ربه بن عبد الله بن مرتضى بن صدر الدين بن نور الدين ابن صادق بن حجازي بن عبد الواحد بن الميرزا شمس الدين بن الميرزا حبيب الله بن علي بن معصوم بن موسى ابن جعفر بن الحسن بن فخر الدين بن عبد السلام بن الحسين بن نور الدين بن محمد بن علي بن يوسف بن مرتضى بن حجازي بن محمد بن باكير بن الحر الرياحي المستشهد أمام الإمام السبط الشهيد يوم الطف سلام الله عليه وعلى أصحابه .
هذا الحر الشهيد في الطف يوم الإمام السبط الطاهر هو مؤسس الشرف الباذخ لآله الأكارم، الذين فيهم أعلام الدين، وأساطين المذهب، وصيارفة الكلام، وقادة الفكر، ونوابغ الخطابة والكتابة، ومهرة الفقه، وأئمة الحديث، وحملة الفضل والأدب، وصاغة القريض، وأشهرهم في تلكم الفضائل كلها شيخنا المترجم له الذي لا تنسى مآثره، ولا يأتي الزمان على حلقات فضله الكثار، فلا تزال متواصلة العرى ما دام لأياديه المشكورة عند الأمة جمعاء أثر خالد، وإن من أعظمها كتاب وسائل الشيعة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخذنا هذه كلها من ديوانه المخطوط بخط يده الشريفة قدس الله روحه .
/ صفحة 336 /
في مجلداتها الضخمة التي تدور عليها رحى الشريعة، وهو المصدر الفذ لفتاوي علماء الطايفة، وإذا ضم إليه مستدركه الضخم الفخم لشيخنا الحجة النوري (1) المناهز لأصله كما وكيفا فمرج البحرين يلتقيان، وكان غير واحد من المحققين لا يصدر الفتيا إلا بعد مراجعة الكتابين معا .
نعم : لأهل الاستنباط النظر في أسانيد ما حواه الكتابان من الأحاديث، وأنت لا تقرأ في المعاجم ترجمة لشيخنا الحر إلا وتجد جمل الثناء على كتابه الحافل (وسائل الشيعة) مبثوثة فيها، وقد أحسن وأجاد أخوه العلامة الصالح في تقريظه بقوله :
هذا كتاب علا في الدين رتبته * قد قصرت دونها الأخبار والكتب
ينير كالشمس في جو القلوب هدى * فتنتحي منه عن أبصارنا الحجب
هذا صراط الهدى ما ضل سالكه * إلى المقامة بل تسمو به الرتب
إن كان ذا الدين حقا فهو متبع * حقا إلى درجات المنتهى سبب
فشيخنا المترجم له درة على تاج الزمن، وغرة على جبهة الفضيلة، متى استكنهته تجد له في كل قدر مغرفة، وبكل فن معرفة، ولقد تقاصرت عنه جمل المدح، وزمر الثناء، فكأنه عاد جثمان العلم، وهيكل الأدب، وشخصية الكمال البارزة، وإن من آثاره أو من مآثره تدوينه لأحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام في مجلدات كثيرة، وتأليفه لهم بإثبات إمامتهم، ونشر فضائلهم، والاشادة بذكرهم، وجمع شتات أحكامهم وحكمهم، ونظم عقود القريض في إطرائهم، وإفراغ سبائك المدح في بوتقة الثناء عليهم ولقد أبقت له الذكر الخالد كتبه القيمة، منها : 1 - ديوان شعره يناهز عشرين ألف بيت في مدح النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام.
2 - كشف التعمية في حكم التسمية، في تسمية الإمام المنتظر .
3 - نزهة الاسماع في حكم الإجماع، في صلاة الجمعة .
4 بداية الهداية في الواجب والمحرم المنصوص عليهما .
5 - رسالة فيها نحو من ألف حديث رد على الصوفية .
6 - أمل الآمل في علماء جبل عامل وجملة من غيرهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع ما مر في هذا الجزء صفحة .
/ صفحة 337 /
7 - إثبات الهداة بالنصوص والمعجزات مجلدان يشتمل على أكثر من عشرين ألف حديث .
8 - تحرير وسائل الشيعة وتحبير وسائل الشريعة . شرح كتابه الوسائل .
9 - هداية الأمة إلى أحكام الأئمة ثلث مجلدات منتخبة من الوسائل .
10 - منظومة في تواريخ النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام .
11 - فهرست وسائل الشيعة الموسوم ب‍ : من لا يحضره الإمام .
12 - الصحيفة الثانية من أدعية الإمام علي بن الحسين عليه السلام .
13 - الفصول المهمة في أصول الأئمة عليهم السلام .
14 - الايقاظ من الهجعة بالبرهان على الرجعة .
15 - الجواهر السنية في الأحاديث القدسية .
16 - تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان .
17 - الفوايد الطوسية : نحو عشر رسالة .
18 - العربية العلوية واللغة المروية .
19 - رسالة في أحوال الصحابة .
20 - رسالة في تواتر القرآن .
21 - رسالة في خلق الكافر .
22 - منظومة في المواريث .
23 - منظومة في الزكاة .
24 - منظومة في الهندسة .
25 - رسالة في الرجال .
قرأ شيخنا الحر على أبيه الشيخ حسن بن علي المتوفى 1062 وعلى عمه الشيخ محمد بن علي المتوفى 1081 وعلى جده لأمه : الشيخ عبد السلام بن محمد الحر وعلى خال أبيه : الشيخ علي بن محمود العاملي .
وعلى الشيخ زين الدين بن محمد بن الحسن صاحب المعالم، وعلى
/ صفحة 338 /
الشيخ حسين الظهيري . وغيرهم .
يروي بالاجازة (1) عن أبي عبد الله الحسين بن الحسن بن يونس العاملي وعن العلامة المجلسي، وهو آخر من أجاز له كما ينص عليه هو في إجازة له .
ويروي عنه بالاجازة (2) العلامة المجلسي، و الشيخ محمد فاضل (3) بن محمد مهدي المشهدي و السيد نور الدين بن السيد نعمة الله الجزائري بالاجازة المؤرخة ب‍ 1098 و الشيخ محمود بن عبد السلام البحراني كما في المستدرك 3 : 390 .
ولد في قرية مشغر (4) ليلة الجمعة ثامن رجب 1033 وأقام في بيئة محتده أربعين عاما، وحج فيها مرتين، ثم سافر إلى العراق فزار الأئمة عليهم السلام ثم أتيحت له زيارة الإمام أبي الحسن الرضا عليه السلام، وقطن ذلك المشهد الطاهر، وحج في خلال إقامته به مرتين، وزار أئمة العراق أيضا مرتين، وأعطي شيخوخة الاسلام وحاز منصب القضاء، إلى أن توفي في يوم الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة 1104 ودفن في الصحن العتيق الشريف إلى جنب مدرسة ميرزا جعفر، وقبره معروف يزار قدس الله سره ونور ضريحه .
ومن شعره قوله من قصيدة محبوكة الأطراف الأربعة :
فإن تخف في الوصف من إسراف * فلذ بمدح السادة الأشراف
فخر لهاشمي أو منافي * فضل سمى مراتب الآلاف
فعلمهم للجهل شاف كاف * وفضلهم على الأنام واف
فاقوا الورى منتعلا وحاف * فضلا به العدو ذو اعتراف
فهاكه محبوكة الأطراف * فمن غريب ما قفاه قاف
وله :
كم حازم ليس له مطمع * إلا من الله كما قد يجب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أجاز له سنة 1051 وهو أول من أجاز له كما في إجازات البحار ص 160 .
(2) إجازته له توجد في البحار 25 : 159، مؤرخة بسنة 1085 .
(3) مؤرخة ب‍ 1085، توجد في إجازات البحار ص 158 .
(4) إحدى قرى عاملة .
/ صفحة 339 /
لأجل هذا قد غدا رزقه * جميعه من حيث لا يحتسب
وله :
ذوات خال خدها مشرق * نورا كركن الحجر الأسود
كعبة حسن ولها برقع * من الحرير المحض والعسجد
قد أكسبت كل امرئ فتنة * حتى إمام الحي والمسجد
كم هام إذ شاهدها جاهل * بل هام فيها عالم المشهد
وله :
لا تكن قانعا من الدين بالدون * وخذ في عبادة المعبود
واجتهد في جهاد نفسك وابذل * في رضى الله غاية المجهود
وله في مديح العترة الطاهرة :
قلما فاخروا سواهم وحاشا * ذهبا أن يفاخر الفخارا
وأرى قولنا : الأئمة خير * من فلان ومن فلان عارا
إنما سبقهم لبكر وعمرو * مثل ما يسبق الجواد الحمارا
إنني ذو براعة واقتدار * جاوز الحد في الأنام اشتهارا
وإذا رمت وصف أدنى علاهم * لا أرى لي براعة واقتدارا
وله من قصيدة ثمانين بيتا خالية من الألف في مدح العترة عليهم السلام :
وليي علي حيث كنت وليه * ومخلصه بل عبد عبد لعبده
لعمرك قلبي مغرم بمحبتي * له طول عمري ثم بعد لولده
وهم مهجتي هم منيتي هم ذخيرتي * وقلبي بحبيهم مصيب لرشده
وكل كبير منهم شمس منبر * وكل صغير منهم شمس مهده
وكل كمي منهم ليث حربه * وكل كريم منهم غيث وهده
بذلت له جهدي بمدح مهذب * بليغ ومثلي حسبه بذل جهده
وكلفت فكري حذف حرف مقدم * على كل حرف عند مدحي لمجده
وله من قصيدة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الفخار : الخزف .
/ صفحة 340 /
أنا حر لكن كرق لخود (1) * سلبتني سكينة ووقارا
كل حسن من الحرائر لا * بل من إماء يستعبد الأحرارا
وهوى المجد والملاح وأهل * البيت في القلب لم يدع لي قرارا
راجع أمل الآمل 448، إجازات البحار 126، 158، 159، سلافة العصر 367، لؤلؤة البحرين، روضات الجنات ص 544، مستدرك الوسائل 3 : 390، سفينة البحار 1 ص 242، الفوائد الرضوية 2 : 473، شهداء الفضيلة 210 وفيه تراجم جمع من رجالات هذه الأسرة الكريمة وأعلام بيت الحر الفطاحل .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) الخود : المرأة الشابة .

 

94 -الشيخ أحمد البلادي

94 -الشيخ أحمد البلادي

/ صفحة 341 /
ناد الأحبة إن مررت بدورها * واشهد مطالع نيرات بدورها
كم قد بدت وبها انجلت ظلم الدجى * ولطالما بزغت بوازغ نورها ؟
أنست بها أرض الطفوف وأقفرت * منها الديار وليس غير يسيرها
غربت بعرصة كربلا فانهض لها * وأقر السلام على جناب مزورها
وانثر بتربتها الدموع تفجعا * لقتيلها فوق الثرى وعفيرها
أكرم بها من تربة قدسية * قد بالغ الجبار في تطهيرها
يا تربة من حولها الأملاك ما * زالت تشم لمسكها وعبيرها ؟
يا تربة حفت بها القوم الأولى * فازوا بلثمهم لترب قبورها ؟
قد ضمنت جسد الحسين ومن به * فتكت أمية بعد أمر أميرها
فأزالت الاسلام عن برحائها * وأطاعت الشيطان في تدبيرها
وتسرجت خيل الضلال فأخرت * غير الأخير وقدمت لأخيرها
ونست عهودا بالحمى سلفت ولن * تعبأ بنص نبيها ونذيرها
يا للرجال لأمة ملعونة * لم يكفها ما كان يوم غديرها
بئس العصابة من بغت وتنكبت * عن دينها وتسارعت لفجورها
القصيدة وهي 68 بيتا .
(الشاعر) :
الشيخ أحمد بن حاجي البلادي، عالم فاضل أديب، من شعراء أهل البيت ومادحيهم، له مراثي كثيرة وقد يقال : إن له ألف قصيدة في رثاء الإمام السبط الشهيد الحسين عليه السلام دونها في مجلدين، قد ذكر الشيخ لطف الله الجد حفصي عدة قصايد من
/ صفحة 342 /
حسينياته في مجموعة له وقفنا على نسخ منها بخطه، وأخذنا منها ما ذكرناه، وله في التاريخ يد غير قصيرة وكان من أجداد صاحب [أنوار البدرين] وتوجد في الأنوار ترجمته ويظهر منه إنه توفي في أوائل القرن الثاني عشر .

95 -شمس الأدب اليمني

95 -شمس الأدب اليمني
المتوفى 1119
سلا إن جزتما بالركب طيا * فؤادا قد طواه الحب طيا
وإلا فاسألا أين استقلت * حداة العيس إذ رحلوا عشيا ؟
فلولا تلكم الأهداب نبل * لما كانت حواجبها قسيا
لعمر أبيك ما شغفي بهند * ولا ما قلت من غزل بميا
ولن اهدى قويم النهد إلا * إذا ما كان نهدا أعوجيا
وأسمر ذابل الأعطاف لدنا * وأسمو مشبها عزمي مضيا
ولن أصببو إلى أوقات لهو * وقد أصبحت عن لهوي نحيا
وما زهر الرياض أمال طرفي * وإن قد صار مطلوبا نديا
إلى أن قال :
إذا ما الربق سل عليه سيفا * رأيت له الغدير السابريا
على ذاك الغدير غدير دمعي * جرا من أجلهم بحرا أذيا
غدير طاب لي ذكراه شوقا * إلى من ذكره يروي الصديا
غدير قد قضى المختار فيه * ولايته وألبسها عليا
وقام على الأنام بذا خطيبا * وذاك اليوم سماه الوصيا
وإني تارك فيكم حديثا * لقد تركوه ظهريا نسيا
فمن أهل السقيفة ليس يلقى * فتى عن قتل أبناه بريا
/ صفحة 343 /
فهم سبب لسفك دماء زيد * ويحيى والذي حل الغريا
فلولا سل سيف البغي منهم * ونكث العهد لا تلقى عصيا
أبا الحسنين أرجو منك نهلا * من الحوض الذي يروي الظميا
إذا ما جئت يوم الحشر في من * غدا بالبعث بعد الموت حيا (1)
(الشاعر) :
السيد شمس الأدب أحمد بن أحمد بن محمد الحسني الأنسي (2) أحد أعيان اليمن و أدبائها الأفاضل، ولم يبرح لها كذلك، إلى أن غضب عليه الإمام المهدي لدين الله وأمر بتسييره إلى (زيلع) وهي جزيرة في أول الحبشة، فحبس بها حتى توفي سنة 1119 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخذناها من نسمة السحر ج 1 يمدح بها المؤيد بالله محمد بن المتوكل اليمني .
(2) مر بيانها في ترجمة والد المترجم له السيد أحمد .

 

96 -السيد علي خان المدني

96 -السيد علي خان المدني

/ صفحة 344 /
المولود 1052 المتوفى 1120
سفرت أميمة ليلة النفر * كالبدر أو أبهى من البدر
نزلت منى ترمي الجمار وقد * رمت القلوب هناك بالجمر
وتنسكت تبغي الثواب وهل * في قتل ضيف الله من أجر
إن حاولت أجرا فقد كسبت * بالحج أصنافا من الوزر ؟
نحرت لواحظها الحجيج كما * نحر الحجيج بهيمة النحر
ترمي وما تدري بما سفكت * منها اللواحظ من دم هدر
الله لي من حب غانية * ترمي الحشا من حيث لا تدري
بيضاء من كعب وكم منعت * كعب لها من كاعب بكر ؟
زعمت سلوي وهي سالية * كلا ورب البيت والحجر
ما قلبها قلبي فأسلوها * يوما ولا من أمرها أمري
أبكي وتضحك إن شكوت لها * حر الصدود ولوعة الهجر
وعلى وفور ثراي لي ولها * ذل الفقير وعزة المثري
لم يبق مني حبها جلدا * إلا الحنين ولاعج الذكر
ويزيد غلي الماء ما ذكرت * والماء يثلج غلة الصدر
قد ضل طالب غادة حميت * في قومها بالبيض والسمر
ومؤنب في حبها سفها * نهنهته عن منطق الهجر
يزداد وجدي عن سلامته * فكأنه بملامه يغري
لا يكذبن الحب أليق بي * وبشيمتي من سبة الغدر
/ صفحة 345 /
هيهات يأبى الغدر لي نسب * أعزى به لعلي الطهر
خير الورى بعد الرسول ومن * حاز العلا بمجامع الفخر
صنو النبي وزوج بضعته * وأمينه في السر والجهر
إن تنكر الأعداء رتبته * شهدت بها الآيات في الذكر
شكرت حنين له مساعيه * فيها وفي أحد وفي بدر
سل عنه خيبر يوم نازلها * تنبيك عن خبر وعن خبر
من هد منها بابها بيد * ورمى بها في مهمه قفر ؟
واسئل برائة حين رتلها * من رد حاملها أبا بكر ؟
والطير إذ يدعو النبي له * من جائه يسعى بلا نذر ؟
والشمس إذا أفلت لمن رجعت * كيما يقيم فريضة العصر ؟
وفراش أحمد حين هم به * جمع الطغاة وعصبة الكفر
من بات فيه يقيه محتسبا * من غير ما خوف ولا ذعر ؟
والكعبة الغراء حين رمى * من فوقها الأصنام بالكسر
من راح يرفعه ليصدعها * خير الورى منه على الظهر ؟
والقوم من أروى غليلهم * إذ يجأرون بمهمه قفر ؟
والصخرة الصماء حولها * عن نهر ماء تحتها يجري
والناكثين غداة أمهم * من رد أمهم بلا نكر
والقاسطين وقد أضلهم * غي ابن هند وخدنه عمرو
من فل جيشهم علا مضض * حتى نجوا بخدايع المكر ؟
والمارقين من استباحهم * قتلا فلم يفلت سوى عشر ؟
و [غدير خم] وهو أعظمها * من نال فيه ولاية الأمر ؟
واذكر مباهلة النبي به * وبزوجه وابنيه للنفر
وقرأ وأنفسنا وأنفسكم (1) * فكفى بها فخرا مدى الدهر
هذي المفاخر والمكارم لا * قعبان من لبن ولا خمر ؟ (2 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة آل عمران آية 61 .
(2) أخذناها من ديوانه المخطوط تناهز 61 بيتا .
/ صفحة 346 /
وله في مدح الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قوله في ديوانه المخطوط :
أمير المؤمنين فدتك نفسي * لنا من شأنك العجب العجاب
تولاك الأولى سعدوا ففازوا * وناواك الذين شقوا فخابوا
ولو علم الورى ما أنت أضحوا * لوجهك ساجدين ولم يحابوا
يمين الله لو كشف المغطى * ووجه الله لو رفع الحجاب
خفيت عن العيون وأنت شمس * سمت عن أن يجللها سحاب
وليس على الصباح إذا تجلى * ولم يبصره أعمى العين عاب
لسر ما دعاك أبا تراب * محمد ن النبي المستطاب
فكان لكل من هو من تراب * إليك وأنت علته انتساب
فلولا أنت لم يخلق سماء * ولولا أنت لم يخلق تراب
وفيك وفي ولائك يوم حشر * يعاقب من يعاقب أو يثاب
بفضلك أفصحت تورية موسى * وإنجيل بن مريم والكتاب
فيا عجبا لمن ناواك قدما * ومن قوم لدعوتهم أجابوا
أزاغوا عن صراط الحق عمدا * فضلوا عنك أم خفي الصواب ؟
أم ارتابوا بما لا ريب فيه * وهل في الحق إذ صدع ارتياب ؟
وهل لسواك بعد (غدير خم) * نصيب في الخلافة أو نصاب ؟
ألم يجعلك مولاهم فذلت * على رغم هناك لك الرقاب ؟
فلم يطمح إليها هاشمي * وإن أضحى له الحسب اللباب ؟
فمن تيم بن مرة أو عدي * وهم سيان إن حضروا وغابوا
لئن جحدوك حقك عن شقاء ؟ * فبالأشقين ما حل العقاب ؟
فكم سفهت عليك حلوم قوم * فكنت البدر تنبحه الكلاب ؟
(الشاعر) :
صدر الدين السيد علي خان المدني الشيرازي ابن نظام الدين أحمد بن محمد معصوم بن أحمد نظام الدين ابن إبراهيم بن سلام بن مسعود عماد الدين بن محمد صدر الدين بن
/ صفحة 347 /
منصور غياث الدين بن محمد صدر الدين بن إبراهيم شرف الله بن محمد صدر الدين بن إسحاق عز الدين بن علي ضياء الدين بن عربشاه فخر الدين ابن الأمير عز الدين أبي المكارم ابن الأمير خطير الدين بن الحسن شرف الدين أبي علي ابن الحسين أبي جعفر العزيزي ابن علي أبي سعيد النصيبيني ابن زيد الأعشم (1) أبي إبراهيم بن علي بن الحسين [أبي شجاع الزاهد] بن [محمد] أبي جعفر ابن علي بن الحسين بن جعفر أبي عبد الله ابن أحمد نصير الدين السكين النقيب ابن جعفر أبي عبد الله الشاعر ابن محمد أبي جعفر ابن محمد بن زيد الشهيد ابن الإمام السجاد زين العابدين عليه السلام (2).
من أسرة كريمة طنب سرادقها بالعلم والشرف والسودد، ومن شجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين، اعترقت شجونها في أقطار الدنيا من الحجاز إلى العراق إلى إيران، وهي مثمرة يانعة حتى اليوم، يستبهج الناظر إليها بثمرها وينعه، وأول من انتقل من رجال هذه العائلة إلى شيراز علي أبو سعيد النصيبيني وأول من غادر شيراز إلى مكة المعظمة السيد محمد معصوم، وذلك بعد انتقال عمه ختنه الأمير نصير الدين حسين إليها كما في [سلوة الغريب] لصاحب الترجمة .
وشاعرنا صدر الدين من ذخاير الدهر، وحسنات العالم كله، ومن عباقرة الدنيا، فني كل فن، والعلم الهادي لكل فضيلة، يحق للأمة جمعاء أن تتباهى بمثله ويخص الشيعة الابتهاج بفضله الباهر، وسودده الطاهر، وشرفه المعلى، ومجده الأثيل، والواقف على آيات براعته، وسور نبوغه - ألا وهو كل كتاب خطه قلمه، أو قريض نطق به فمه - لا يجد ملتحدا عن الاذعان بإمامته في كل تلكم المناحي، ضع يدك على أي سفر قيم من نفثات يراعه، تجده حافلا ببرهان هذه الدعوى، كافلا لإثباتها بالزبر والبينات وإليك أسمائها :
1 - رياض السالكين في شرح الصحيفة الكاملة السجادية، كتاب قيم يطفح العلم من جوانبه، وتتدفق الفضيلة بين دفتيه، فإذا أسمت فيه سرح اللحظ فلا يقف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في شرح الصحيفة ص 17 : الأغشم .
بالمعجمتين .
(2) أخذنا النسب من كتاب (سلوة الغريب) للمترجم له وأضفنا إليه أخذا من المصادر الوثيقة كلمتين جعلناهما بين القويسين .
ففى حلقات السلسلة المذكورة في شرح الصحيفة للسيد سقط كما لا يخفى .
/ صفحة 348 /
إلا على خزائن من العلم والأدب موصدة أبوابها، أو مخابئ من دقائق ورقائق لم يهتد إليها أي ألمعي غير مؤلفه الشريف المبجل .
2 - نغمة الأغان في عشرة الإخوان .
أرجوزة ذكرت برمتها في كشكول شيخنا صاحب (الحدايق) المطبوع بالهند .
3 - رسالة في المسلسلة بالآباء، شرح فيها الأحاديث الخمسة المسلسلة بآبائه فرغ منها سنة 1109 .
4 - سلوة الغريب وأسوة الأديب، في رحلته إلى حيدر آباد .
5 - أنوار الربيع في أنواع البديع في شرح قصيدته البديعية .
6 - الكلم الطيب والغيث الصيب في الأدعية المأثورة .
7 - الحدايق الندية في شرح الصمدية لشيخنا البهائي .
8 - ملحقات السلافة مشحونة بكل أدب وظرافة .
9 - شرحان أيضا على الصمدية : المتوسط والصغير .
10 - رسالة في أغاليط الفيروز آبادي في القاموس .
11 - موضع الرشاد في شرح الارشاد، في النحو .
12 - سلافة العصر في محاسن أعيان عصره .
13 - الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة .
14 - التذكرة في الفوائد النادرة .
15 - المخلاة في المحاضرات .
16 - الزهرة في النحو .
17 - الطراز في اللغة .
18 - ديوان شعره .
وله شعر كثير لا يوجد في ديوانه السائر الدائر، منه تخميسه ميمية شرف الدين البوصيري (1) الشهيرة بالبردة أولها مخمسا :
يا ساهر الليل يرعى النجم في الظلم * وناحل الجسم من وجد ومن ألم
ما بال جفنك يذرو الدمع كالغيم ؟ * أمن تذكر جيران بذي سلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أبو عبد الله محمد بن سعيد المولود سنة 608 والمتوفى 4 / 6 / 697 .
/ صفحة 349 /
مزجت دمعا جرى من مقلة بدم ؟!
أخذ العلم عن لفيف من أعلام الدين وأساطين الفضيلة، وتضلعه من العلوم يومي إلى كثرة مشايخه في الأخذ والقرائة، يروي عن أستاده الشيخ جعفر بن كمال الدين البحراني المتوفى 1091 (1) وعن السيد والده المقدس نظام الدين أحمد، والعلامة المجلسي صاحب البحار بالاجازة، كما أن العلامة المجلسي روى عنه، ويروي عن الشيخ علي بن فخر الدين محمد بن الشيخ حسن صاحب (المعالم) ابن الشهيد الثاني المتوفى 1104 .
ويروي عنه السيد الأمير محمد حسين بن الأمير محمد صالح الخاتون آبادي المتوفى 1151، والشيخ باقر بن المولى محمد حسين المكي كما في الإجازة الكبيرة للسيد الجزائري .
ولادته ونشأته :
ولد سيدنا المدني بالمدينة المنورة ليلة السبت 15 جمادى الأولى سنة 1052، واشتغل بالعلم إلى أن هاجر إلى حيدر آباد الهند سنة 1068، وشرع بها في تأليف [سلافة العصر] سنة 1081، وأقام بالهند ثمان وأربعين سنة كما ذكره معاصره في [نسمة السحر] وكان في حضانة والده الطاهر إلى أن توفي أبوه سنة 1086 (2) فانتقل إلى [برهان پور] عند السلطان أورنك زيب، وجعله رئيسا على ألف وثلاثمائة فارس، وأعطاه لقب (خان) ولما ذهب السلطان إلى بلد [أحمد نكر] جعله حارسا [لاورنك آباد] فأقام فيه مدة، ثم جعله واليا على (لاهور) وتوابعه، ثم ولي ديوان [برهانپور] واشغل هناك منصة الزعامة مدة سنين، وكان بعسكر ملك الهند سنة 1114، ثم استعفى وحج وزار مشهد الرضا عليه السلام وورد إصفهان في عهد السلطان حسين سنة 1117، وأقام بها سنين ثم عادها إلى شيراز، وحط بها عصى السير زعيما مدرسا مفيدا، وتوفي بها في ذيقعدة الحرام سنة 1120، ودفن بحرم الشاه چراغ أحمد بن الإمام موسى بن جعفر سلام الله عليه عند جده غياث الدين المنصور صاحب المدرسة المنصورية .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ذكر شيخنا البحراني صاحب (الحدائق) في تاريخ وفاته (1088) .
(2) ذكر شيخنا النوري في (المستدرك، 1066 وفيه تصحيف .
/ صفحة 350 /
قال صاحب (رياض العلماء) : إنه توفي سنة 1118، وفي [سفينة البحار] 1119، وفي [آداب اللغة] 1104، والذي اختاره مشايخنا من سنة 1120 هو المعتضد بأن المترجم له نفسه نص على قدومه إلى اصبهان سنة 1117، وقال الشيخ علي الحزين في (التذكرة) : إني أدركته بها سنين .
توجد ترجمته في أمل الآمل، رياض العلماء، نسمة السحر ج 2، تذكرة الشيخ علي الحزين، السوانح له أيضا، نشوة السلافة لابن بشارة، رياض الجنة للزنوزي، تتميم أمل الآمل للسيد ابن شبانة، نجوم السماء ص 176، روضات الجنات ص 412، المستدرك 3 : 386، سفينة البحار 2 : 245، معجم المطبوعات ص 244، آداب اللغة العربية 3 : 285، مجلة المرشد العراقي 1 : 197، وفي غير واحد من أعداد (المرشد) نشر شطر من شعره .
ومن غرر شعر شاعرنا المدني قوله يمدح به أمير المؤمنين عليه السلام لما ورد إلى النجف الأشرف مع جمع من حجاج بيت الله :
يا صاح ! هذا المشهد الأقدس * قرت به الأعين والأنفس
والنجف الأشرف بانت لنا * أعلامه والمعهد الأنفس
والقبة البيضاء قد أشرقت * ينجاب عن لألائها الحندس
حضرة قدس لم ينل فضلها * لا المسجد الأقصى ولا المقدس
حلت بمن حل بها رتبة * يقصر عنها الفلك الأطلس
تود لو كانت حصا أرضها * شهب الدجى والكنس الخنس (1)
وتحسد الأقدام منا على * السعي إلى أعتابها الأرؤس
فقف بها والثم ثرى تربها * فهي المقام الأطهر الأقدس
وقل : صلاة وسلام على * من طاب منها الأصل والمغرس
خليفة الله العظيم الذي * من ضوئه نور الهدى يقبس
نفس النبي المصطفى أحمد * وصنوه والسيد الأرؤس
العلم العيلم بحر الندا * وبره والعالم النقرس (2)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النجوم كلها والسيارات منها.
(2) النقرس : الطبيب الماهر المدقق
/ صفحة 351 /
فليلنا من نوره مقمر * ويومنا من ضوءه مشمس
أقسم بالله وآياته * ألية تنجي ولا تغمس
إن علي بن أبي طالب * منار دين الله لا يطمس
ومن حباه الله أنباء ما * في كتبه فهو لها فهرس
أحاط بالعلم الذي لم يحط * بمثله بليا ولا هرمس(1)
لولاه لم تخلق سماء ولا * أرض ولا نعمى ولا ابؤس
ولا عفى الرحمن عن آدم * ولا نجا من حوته يونس
هذا أمير المؤمنين الذي * شرايع الله به تحرس
وحجة الله التي نورها * كالصبح لا يخفى ولا يبلس
تالله لا يجحدها جاحد * إلا امرء في غيه مركس
المعلن الحق بلا خشية * حيث خطيب القوم لا ينبس
والمقحم الخيل وطيس الوغى * إذا تناهى البطل الأحرس
جلبابه يوم الفخار التقى * لا الطيلسان الخز والبرنس (2)
يرفل من تقواه في حلة * يحسدها الديباج والسندس
يا خيرة الله الذي خيره * يشكره الناطق والأخرس
عبدك قد أمك مستوحشا * من ذنبه للعفو يستأنس
يطوي إليك البحر والبر لا * يوحشه شئ ولا يونس
طورا على فلك به سابح * وتارة تسري به عرمس (3)
في كل هيماء يرى شوكها * كأنه الريحان والنرجس
حتى أتى بابك مستبشرا * ومن أتى بابك لا ييأس
أدعوك يا مولى الورى موقنا * إن دعائي عنك لا يحبس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الهرامسة ثلاثة : هرمس الأول وهو عند العرب إدريس، وعند العبرانيين أخنوخ وهو أول من درس الكتب ونظر في العلوم وأنزل الله عليه صحائف . هرمس الثاني كان بعد الطوفان، كان بارعا في علم الطب والفلسفة. هرمس الثالث . سكن مصر وكان بعد الطوفان، وكان طبيبا فيلسوفا عالما .
(2) البرنس : قلنسوة طويلة كانت تلبس في صدر الاسلام .
(3) العرمس : الناقة الصلبة الشديدة .
/ صفحة 352 /
فنجني من خطب دهر غدا * للجسم مني أبدا ينهس(1)
هذا ولولا أملي فيك لم * يقر بي مثوى ولا مجلس
صلى عليك الله من سيد * مولاه في الدارين لا يوكس
ما غردت ورقاء في روضة * وما زهت أغصانها الميس
كلمة المترجم له حول نسبه :
قال في (سلوة الغريب) : فائدة سنية تتعلق بنسبنا أحببت التنبيه عليها بأنجز الكلام إليها، وهي إني قرأت على ظهر كتاب من كتب الوالد بخط السيد صدر الدين محمد الواعظ بن منصور غياث الدين بن محمد صدر الدين بن منصور غياث الدين جدنا المذكور في عمود النسب : إن أبا الحسن وأبا زيد علي بن محمد الخطيب الحماني (3) ابن جعفر أبي عبد الله الشاعر أحد أجدادنا قال : وهو جدي .
وأدخله في النسب هكذا قال : فأنا صدر الدين محمد الواعظ بن ناصر الشريعة منصور بن محمد صدر الدين بن منصور غياث الدين بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن إسحاق بن علي بن عربشاه بن أمير أنبه بن أميرى بن الحسن بن الحسين العزيزي بن علي النصيبيني بن زيد الأعثم بن علي هذا المحكي عنه يعني الحماني ابن محمد بن جعفر بن محمد بن محمد بن زيد الشهيد بن علي بن أبي طالب عليهم السلام .
هذا كلامه وأقول : ليس علي بن محمد الحماني هذا داخلا في عمود نسبنا بل ينتهي نسبه إلى زيد الشهيد هكذا، هو علي بن محمد الخطيب بن جعفر بن عبد الله الشاعر الذي هو أحد أجدادنا بن محمد بن محمد بن زيد الشهيد .
وإنما أوقع السيد صدر الدين في هذا الغلط تشابه الأسماء فإن جعفرا جد السيد علي الحماني المذكور الذي توهم صدر الدين إنه ابن أحمد السكين هو أبو أحمد السكين لكن اشتبه عليه بابنه فإن ابنه أيضا اسمه جعفر كما مر في النسب، ويتضح ذلك بأن محمد بن زيد الشهيد وهو أصغر بني أبيه له عدة بنين منهم محمد ابنه والعقب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهس : أخذ بمقدم أسنانه : نهست الحية. نهشت. نهس الكلب : قبض بالفم .
(2) وكس : نقص. ووكس وأوكس : خسر .
(3) أسلفنا ترجمته في الجزء الثالث ص 57 - 69 ط 2
/ صفحة 353 /
منه في أبي عبد الله جعفر الشاعر وحده، فأعقب أبو عبد الله جعفر هذا من ثلاثة بنين : محمد الخطيب الذي هو أبو السيد الحماني .
وأحمد السكين الذي هو جدنا .
والقاسم، فيكون السيد علي الحماني ابن أخي أحمد السكين لا ابن ابنه، فأحمد السكين عمه لا جده، و أيضا ما تم للسيد صدر الدين إدخال السيد علي الحماني في النسب حتى أسقط منه أبا الحسن عليا الذي هو بين أبي جعفر محمد وبين جعفر بن أحمد السكين، وهو غلط فاحش، ولقد مر على ذلك برحة من الزمن ولم ينبه له أحد من أجدادنا .

 

97 -الشيخ عبد الرضا المقري الكاظمي

97 -الشيخ عبد الرضا المقري الكاظمي

/ صفحة 354 /
المتوفى حدود 1120 - 1 -
وقفت دون سعيك الأنبياء * فلتطل مفخرا بك الأوصياء
وعن الأنبياء فضلا عليك * الله أثنى فحبذا الأثناء
وإذا لم يكن سوى آية التطهير * فيكم لكان فيها اكتفاء
كنت نورا وليس كون ولا * آدم بل ليس كان طين وماء
أنت عين اليقين سلطان موسى * والعصى منه واليد البيضاء
وسنا النار حين آنسها من * جانب الطور إذ بدا اللألاء
روح قدس به تأيد عيسى * ولأمواته به إحياء
أنت لو لم تكن لما عبد الله * ولا للأنام كان اهتداء
إلى أن يقول :
فأضاعوا وصية (يوم خم) * بعلي وصى وهم شهداء
عن لسان الروح الأمين عن الله * تعالى ألا له الآلاء
بعلي بلغ وإلا فما بلغت * والله من عداك وقاء
بعد ما بخبخوا وقالوا لقد أصبحت * مولا لنا وصح الولاء
وأتى النص فيه : اليوم أكملت * لكم دينكم وحق الهناء
ثم قالوا : بأن أحمد لم يوص * وهذا منهم عليه افتراء
وروى من يمت ولم يوص قد * مات موتة جاهلية العلماء
ويلهم جهلوا النبي وقالوا * عنه ما لم يقل وبالإفك جاؤا
ما نجيب اليهود يوما إذا احتجوا * علينا ؟ أليس فيكم حياء ؟
/ صفحة 355 /
إن موسى في القوم وصى وقد غاب * وطاها يقضي ولا ايصاء
حيث قال اخلفني لهرون في القوم * وبالأهل تسعد الخلفاء
والنبي الكريم قد ترك القوم * سدا بعده وهذا هذاء
وهو بالمؤمنين كان رؤفا * وعلى كلهم له اسداء
ما عليه أن لو على واحد نص * وفيما يختاره الارتضاء ؟
وهو أدرى بمن لها كان أهلا * وله في نصح الأنام اعتناء
وإذا ما قد مات راعي غنيمات * فترك الايصاء عنه عياء (1)
هذه القصيدة توجد في ديوان شاعرنا وهي تبلغ ثلثمائة وأربعة وثمانين بيتا، أخذنا منها ما ذكرناه، يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام ويستدل فيها على إمامته بحجج قوية، و يتخلص إلى رثاء الإمام السبط الشهيد صلوات الله عليه، وله من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين سلام الله عليه .
- 2 -
در حقيقي حباب العقار * فلا تخاطر في المجازي البحار
فقم ففي مجلسنا قد سعى * ساق صغير بكؤس كبار
تقول عيناه لعشاقه : * من سيف أجفاني الحذار الحذار
واخفض جناح العيش في قهوة * للهم عمن قد حساها نفار
للروح روح فإذا قربت * من حجر حدث صم الحجار
تطفئ نار الهم منا وفي * الكاسات منها مستطيرا شرار
إن قتلت منا عقولا فعن * والدها كان لها أخذ ثار
من كف ألمى (2) ماجلا حسنه * إلا وبان العقل واللب طار
حمراء أعدا لونها كأسها * تخالها من غير كأس تدار
قوامه يطعن طعن القنا * وفتك ماضي لحظه واقتدار
وردفه يشرح لي ثقله * وخصره يسند لي الاختصار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إلى هذه البرهنة العقلية استند القوم في استخلاف عمر كما فصلنا القول فيه في الجزء السابع ص 132، 133 .
(2) الألمى : الذى بشفته لمى .
غلام ألمى : بارد الريق .
/ صفحة 356 /
قد علم الفتك أسود الشرى * وعلم الغزلان كيف النفار
عجبت من حمرة خديه إن * بدت لعيني علا في اصفرار
كأنما قد صيغ من فضة * سالفة (1) والخد مني نضار
لي روضة غناء من وجهه * ولحظه ساق وفيه عقار
خد وثغر مقلة وجنة * ورد اقاح نرجس جلنار
له على عشاقه نصرة * بفاتر منه أرى الانكسار
في خده ماء ونار وما * بالماء للنار عهدنا استعار
تثبت عيناي به لم تزل * فلم تحل عنه يمينا يسار
كأنما تلك له قربة * قد عبدت ماء وهاتيك نار
يزري إذا ماس بغصن النقا * وإن بدا فالبدر منه يغار
فلو ترى يا لائمي حسنه * أقمت فيه حجج الاعتذار
دعني برب الفرط لي شاغل * يشغلني عن حب ذات الخمار
خلع عذاري واضح إذ على * شهد لماه دار نمل العذار
كم من فقار سيف ألحاظه * قد كسيف المرتضى ذي الفقار
من آية التطهير فيه أتت * نصا من الله له واختيار
إلى أن يقول :
آخاه طاها يوم (خم) وقد * أنزل فيه فيه آي جهار(2)
اليوم أكملت لكم دينكم * ناهيك من منقبة لا تعار
يا راكبا كالقوس حرفا حكى * الأوتار أو كالسهم ترمي القفار
عج بالغريين وأحرم وطف * في ذلك القدس وقف باحتقار
إلى الذي من كل أوب إلى * بيت عطاياه المطايا تثار
بيت به طال عمادا فلا * مقصر فيه ورامي جمار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السالفة : صفحة العنق عند معلق القرط .
(2) مرجع الضمير الأول في فيه هو يوم الغدير، وفي الثاني هو مولانا أمير المؤمنين . يريد إنه نزلت فيه عليه السلام آيات يوم ذاك . راجع الجزء الأول من كتابنا هذا تجد هنالك تفصيل تلكم الآيات النازلة .
/ صفحة 357 /
وأذن الناس ونادي الوحا * لكعبة الله البدار البدار
وزمزم والحجر والركن ثم * الحجر الأسود سامي المنار
ألا بها حجوا فما في سوى * تلك الثرى حجا أرى واعتمار
واستأذن الله ومنه وفي * سكينة فادخل عليك الوقار
وقبل الأرض له عزة * وكحل الجفن بذلك الغبار
وامش على الأجفان فضلا عن * الأقدام إجلالا بذاك المزار
والثم ضريحا ضم بدرا ومن * حلم جبالا وعطايا بحار
فثم وجه الله والعين والجنب * وسيف الله ماضي الغرار
أمير كل المؤمنين الذي * غدا له فيما يشاء الخيار
فمن يزره عارفا حقه * فهو كمن لله في العرش زار
كان بعرش الله نورا ولا * آدم أو حوى به يستنار
لو أجمع الناس على حبه * من قدم لم يخلق الله نار
فالفضل فيه كله شيمة * ومنه كل فضله مستعار
[القصيدة 71 بيتا]
- 3 -
وله من قصيدة أخرى يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام قوله :
يا إماما علا على سائر الخلق * بخلق مهذب وبخلق
حزت كلا من العلوم إلى أن * قد جرى الكل منك في كل عرق
بمقال يقيم عذر المغالي * إنك الله حيث للشك يبق
أنت حلف الهدى وحلف نزال * دره العذب ساغ في كل خلق
قد عبدت الإله طفلا مع المختار * والكل مشرك بالحق
وببدر بذلت نفسك في الله * وبادرتها ضحى غير طرق
وبخم بويعت إذ ليس إلا * أنت دون الورى لها من محق
فأتى النص فيك اليوم أكملت * لكم دينكم وأثبت حقي
يا لها من إمامة قد تسامت * بإمام مؤيد بالصدق
/ صفحة 358 /
صاحب النص والدلالة بالإجماع * والاتفاق من غير مذق (1)
نفس طاها النبي والصهر وابن * العم والصنو والأخ المشتق
(القصيدة 56 بيتا)
- 4 -
وله من قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام وهي تبلغ ستين بيتا قوله :
بالعتب طال لطيفك الترداد * لو زار جفن العاشقين رقاد
بدر بليل الشعر متسق ولا * كالبدر نقص شأنه وسواد
سلطان حسن والبهاء وزيره * جيش الجلال أمامه يقتاد
إلى أن يقول :
والله أكمل دينه بولائه * أنى يطاول مجده ويساد ؟
بالطائف المشهور كلم ربه * ناهيك فخرا ما عليه يزاد
ولطال ما من جبرئيل لخدمة * قد طال في أعتابه الترداد
وببابل ردت له شمس الضحى * والليل قد مدت له ابراد
وبيوم (خم) خبر الغياب عن * تأميره في البيعة الاشهاد
إذ قام يخطب أحمد مسترسلا * عن ربه والقول منه يعاد
: من كنت مولاه فحيدرة له * مولى ومن كاد الوصي يكاد
فإذا هنالك بخبخوا قوم به * من رغبة في حكمه زهاد
لا تدرك الأفهام كنه صفاته * أنى وهل يحصي الحصى التعداد ؟
(القصيدة)
- 5 -
وله من قصيدة 118 بيتا يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام قوله :
لك نصب عيني أين كنت أمثل * وطريقتي المثلى بحبك أمثل
أرجو الحياة وأنت عني معرض * والموت من إعراض وجهك أجمل
إلى أن يقول :
والله أكمل دينه بولائه * هل فوق هذا في المفاخر منزل ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من غير مذق : أي من غير شوب .
/ صفحة 359 /
ولقول جبريل الأمين بحقه * علنا وتلك محلة لا تنزل
: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى * إلا علي الفاضل المتفضل
وتعجب الأملاك من حملاته * في الحرب وهو على الكتائب يحمل
ولفتح أحمد بابه ولسده * باب الصحاب على الجميع يفضل
ولقول أحمد : أنت هاد للورى * وأنا النذير وذاك فخر أطول
ولأنت مني مثلما هارون من * موسى ولا بعدي نبي يرسل
وكفاه ممن لم يصل عليه في * فرض الصلاة صلاته لا تقبل
والله زوجه البتول وأشهد * الأملاك والروح الأمين موكل
والشمس من بعد الغروب ببابل * ردت له والليل داج مسبل
والله خاطبه غداة الطائف * المشهور وهي فضيلة لا تنحل
وبليلة القدر الملائك عزة * والروح قد كانت عليه تنزل
وغدا موازين العباد بكفه * طوعا تخف بمن تشاء وتثقل
والنار والجنات طايعة له * من شاء نارا أو جنانا يدخل
وفدى النبي على الفراش وإنها * لهي المواساة التي لا تعقل
والوحي يهبط عنده وببيته * للفصل آيات الكتاب تفصل
وله وللأصنام كسر عزة * وضعت على أكتاف أحمد أرجل
إلى أن يقول :
عج بالغري فثم سر مودع * ليست تكيف ذاته وتمثل
واخلع نعالك غير ما متكبر * فيه وأنت مكبر ومهلل
وقل : السلام عليك يا من حبه * للدين فيه تتمة وتكمل
فهناك عين الله والسر الذي * قد دق معنى والأخير الأول
الحاكم العدل الذي حقا يرى * ما العبد من خير وشر يعمل
والآخذ التراك أفضل مسلم * من بعد أحمد يحتفي أو ينعل
ويل امرء قد حاد عنه ضلة * وعلى النبي بجهله يتقول
جعل الإمامة غير موضعها عمى * والله أعلم حيث كانت تجعل
/ صفحة 360 /
وكفى عليا في (الغدير) فضيلة * يأتي إليها غيره يتوصل
حيث الأمين أتى الأمين مبلغا * يقرى السلام من السلام ويعجل
بلغ وإلا لم تبلغ ما أتى * في حق حيدر أيها المزمل
فهناك بين الصحب قام لربه * يثني بعالي صوته ويفضل
ويسار حيدرة بيمناه وقد * نادى ومنه فيه يفصح مقول
: من كنت مولاه فحيدرة له * مولا فإياكم به أن تبدلوا
والطائر المشوي هل مع أحمد * أحد سواه كان منه يأكل ؟
والنجم لما أن هوى في داره * جهرا وأشرق منه ليل أليل
في العرش قدما كان نورا محدقا * طورا يكبر ربه ويهلل
متقلب في الساجدين وكان من * صلب إلى صلب طهور ينقل
(القصيدة)
- 6 -
وله من قصيدة 42 بيتا يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام قوله :
هل بي حر إلى رشف رشا * حبذا لو يقبل الروح رشا
بابلي الطرف لكن ما رأى * سحره هاروت إلا اندهشا
جائر في الحكم لكن عادل القد * عبيل الردف مهضوم الحشا (1)
لم أزل أخفي هواه في الحشا * غير مني الدمع بالسر فشا
خلته لما تجلى سلطه * تحت ليل الشعر صبحا أبرشا
فضح الشهد بريق ريق * غيره لم يرو مني العطشا
أحمد النعمان في وجنته * وعلى الخدين آس عرشا
عاذلي أصبح فيه عاذري * وانثنى يحمده واش وشا
فإذا ماس دلالا قده * يغتدي غصن النقا مرتعشا
كوكب المريخ في وجنته * ساطع والبدر منه قد عشا
مطلق اللحظ فؤادي قد غدا * منه في أسر الهوى مندهشا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) العبيل : الضخم. الردف : العجز .
/ صفحة 361 /
جرحت عيناه خدي مهجتي * حيث لحظي خده قد خدشا
صادني في شرك من شعره * عجبا للأسد هل صاد رشا ؟
إلى أن قال :
حيدر الكرار أزكى ناعل * من بني آدم أو حاف مشا
ما غشى الليل نهارا نصحه * مذهب شكا على القلب غشا
نور عين الدين قد رد وقد * رد طرف الشرك منه أعمشا
قتل الكفار في صارمه * ولربع الأنس منهم أوحشا
لم يدن للات يوما قط بل * عبد الله وبالتقوى نشا
قد شفى الاسلام من داء به * وجلا من أعين الدين الغشا
ولقد أصبح في خم له * شاهد عدل أبى أن يرتشا
جاد بالقرص وصلى العصر إذ * رده لما له غشى العشا
وله قد كلم الثعبان إذ * ظنه الناس أتى كي ينهشا (1)
(الشاعر) :
الشيخ عبد الرضا بن أحمد بن خليفة أبو الحسن المقري الكاظمي، من أفذاذ القرن الثاني عشر وعلمائه وأفاضله الجامعين لفضيلتي العلم والأدب، ترجمه سيدنا أبو محمد الحسن في [تكملة الأمل] وأطراه بالعلم والفضل، وقال : توفي حدود سنة ألف ومائة و عشرين، وعزى إليه ديوانه المرتب على الحروف في مدح الأئمة عليهم السلام، وقد وقفنا عليه ونقلنا عنه ما أثبتناه وهو يربو على الثلاثة آلاف والخمسمائة بيتا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نظم شاعرنا المقري في قصائده هذه جملة ضافية من مناقب أمير المؤمنين مما صدع به النبي الأمين، يوجد تفصيلها فيما يأتي من مسند المناقب ومرسلها، وإن أسلفنا بعضها في طيات الأجزاء الماضية .

 

98 -علم الهدى محمد

98 -علم الهدى محمد

/ صفحة 362 /
لك الحمد ذا المجد والكبرياء * لك الحمد في البدء والانتهاء
لك الحمد يا من علا في الدنو * لك الحمد يا من دنى في العلو
إلى أن قال من قصيدة تبلغ 151 بيتا :
مننت على الخلق في كل حين * لإتمام نعماك نور اليقين
ببعث نبي بشير نذير * إلى نهج جنات عدن يشير
ونصب وصي من الأصفياء * لتشييد ما اسس الأنبياء
فها نحن جئنا نحن إليك * بحق الهداة الكرام عليك
إلهي بحق الرسول الأمين * جسيم الأيادي على العالمين
بحق الوصي أخيه السري * بمجد سني وعز علي
وصي الرسول بأمر حكيم * أتى من لدنك بلطف عميم
سليل الخليل وليد الحرم * عديل النبي في معالي الشيم
ضياء الرشاد بهاء الهدى * إمام العباد رواء الندى
ولي الأنام نبص الغدير * أمير الكرام ونعم الأمير
القصيدة
(الشاعر) :
علم الهدى محمد بن المولى محمد محسن بن مرتضى الكاشاني، نيقد تبرز علما وأدبا وتقدم فضلا وحسبا، وجمع الفضايل موروثا ومكتسبا، هو ابن المحقق الفيض علم الفقه وراية الحديث، ومنار الفلسفة، ومعدن العرفان، وطود الأخلاق، وعباب العلوم والمعارف، هو ابن ذلك الفذ الذي قل ما أنتج شكل الدهر بمثيله، وعقمت الأيام عن أن تأتي بمشبهه .
/ صفحة 363 /
والمترجم له مقتف أثر والده المقدس، وتشف عن تضلعه من العلوم آثار الباقية، منها كتاب المواعظ البالغ عشرين ألف بيت، وفهرس الوافي لوالده الفيض، وحواش على الوافي، وتعاليق على مفاتيح الشرايع لوالده، كتاب تحفة الأبرار الفارسي في الأصول الخمسة، والأعمال الحسنة والسيئة ألفه سنة 1100، كتاب العلماء في فضائلهم وإنهم خلفاء الأئمة عليهم السلام، مرآت الجنان في الأدعية، رموز إلهي فارسي في الأدعية والأعمال اليومية والأحراز والعوذات، كتاب سرور صدور الأولياء في كيفية الصلاة على المصطفى وآله، وفيه قصيدته التي أخذنا منها ما ذكرناه، وقال صاحب الروضات ص 543 : إن له كتاب لطيف بالفارسية جمع فيه بين الأصول والفروع والأخلاق، وينسب إليه أيضا خطب ورسائل منيفة ا ه‍ .
وترجمه سيدنا صدر الدين الكاظمي في [تكملة الأمل] وقال : عالم فاضل محدث فقيه رجالي جيد الطريقة حسن الخط فاضل في الأدب خبير بالحكمة، جامع لفضائل رأيت من مصنفاته نضد الايضاح، وكتاب معادن الحكم في مكاتيب الأئمة عليهم السلام (إنتهى ملخصا) وترجمه صاحب (نجوم السماء) في ص 225 وقال : تلمذ على والده له كتاب نضد الايضاح، رتب كتاب إيضاح الاشتباه للعلامة الحلي على أحسن نمط وطبع مع فهرست الشيخ (1) ا ه‍ لم نقف علي تاريخي ولادة المترجم له ووفاته غير إنه استنسخ نخبة والده سنة 1055 وبطبع الحال إنه كان في ذلك التاريخ بالغا مبالغ الرجال ولا أقل من أن يكون مراهقا وذكر ولده الشيخ جمال الدين إسحاق على ظهر بعض كتبه ودعا له بدوام الظل في سنة 1112، فكان حيا بين التاريخين لكنه يظهر مما كتبه ولده الآخر المولى نصير الدين سليمان سنة 1123 على مفاتيح الشرايع لجده وترحمه على والده أنه توفي قبل السنة المذكورة، فتكون وفاته بين التاريخين الأخيرين، ويقدر عمره بما يتراوح بين السبعين والثمانين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ليدن سنة 1271 .

 

99 -الشيخ علي العاملي

99 -الشيخ علي العاملي

/ صفحة 364 /
أجل حديث الصبا والخرد الغيد * لمستهام كئيب القلب معمود
واستمطر الدمع من جفني القريح على * شرخ الشباب وعصر غير مردود
وامنح أبثك حزنا عن رسيس هوى * وعن فؤاد بنار البين موقود
إلى أن يتخلص إلى مدح أمير المؤمنين عليه السلام ويقول :
المنهل العذب للظامي أبا حسن * ومن لكل مضام خير مورود
والطاهر النسب السامي من امتنعت * صفاته الغر عن حصر وتحديد
مولى إذا عد ذو مجد وذو شرف * يوم الفخار تجده خير معدود
وكل محمود أوصاف يقاس به * يغدو لديه ذميما غير محمود
يمم إليه ونكب كل مقتصد * من الأنام تجده خير مقصود
هو الجواد ومن ساواه ممتنع * الوجود في كل عصر غير موجود
مجيب كل مضام عند نازلة * ملبيا وكفى عونا إذا نودي
مولى البرية والمعني في سور * الذكر الحكيم بمدح غير محدود
من قد أعاد الهدى من بعد ما درست * أعلامه أبدا من بعد تشييد
ومهد الحق والاسلام حين عفت * رسومه وتوارى أي تمهيد
ففي المكارم يدعى بابن بجدتها * وفي الملاحم مقدام الصناديد
لذاك ألقى رسول الله حيث طما * بحر الهياج إليه بالمقاليد
وقال في يوم (خم) حين قال له * جبريل : بلغ مقالا غير مردود
: من كنت مولاه حقا فالوصي له * مولى على شاهد منهم ومشهود
القائد الخيل في الهيجاء مقرنة * من النجائب بالمهرية القود
[القصيدة وهي كبيرة جدا]
/ صفحة 365 /
(الشاعر) :
الشيخ علي بن أحمد الفقيه العادلي العاملي الغروي . من رجال عاملة القاطنين بالعراق، موصوف بالعلم والأدب والفضيلة، وقفت على ديوانه وقد كتب على ظهره هذا ديوان الشيخ الإمام العلامة، فريد دهره، ووحيد عصره، وقدوة الأدباء، وقبلة الشعراء، الشاعر الأديب الأريب النبيه علي بن أحمد الفقيه العاملي نسبا والغروي مولدا ومسكنا . ه‍ .
قرأ على المدرس الشريف الأوحد السيد نصر الله الحايري، وبأمره دون شعره وقال في أول ديوانه ما ملخصه : اجتمعت مع السيد نصر الله بن حسين بن إسماعيل الحسيني فأمرني بأن أجمع شمل ما نظمت من القوافي بعد الشتات، وأؤلف بينهن مدونا، ولعمري إن أمره لمطاع، ومخالفته لا تستطاع، فامتثلت لما أشار إليه، وأجبت ملبيا لما دعاني بالحث عليه .
ولأستاذه السيد المدرس ثناه على ديوانه بقوله :
ديوان مولانا علي ذي الندى * كالروض إذ قد جاده سحابه
قد ضمن اللؤلؤ إلا أنه * [عذب فرات سائغ شرابه] (1)
رتب المترجم له ديوانه على مقدمة وأبواب وخاتمة، كان رحمه الله رحالة تجول في بلاد ايران ونزل بشيراز وأصفهان، وغادرها إلى النجف الأشرف سنة 1120، وله في الباب الخامس من ديوانه قصيدة يمدح بها السيد المدرس الحائري سنة 1122 مجيبا قصيدة السيد التي مدحه بها وهي تعرب عن مقامه الشامخ في الفضائل، ونبوغه في الأدب، وتحليه بالنفسيات الكريمة، ألا وهي :
قم فاجل شمس الراح للندماء * كي تنجلي فيها دجى الغماء
فمجامر الأزهار فاح أريجها * عبقا بنار البرق ذي الألاء
والطل فوق الورد أضحى حاكيا * صدغا أحاط بوجنة حمراء
ولئالئ الأنداء قد لاحت ضحى * بشقائق راقت لعين الرائي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يوجد في ديوانه ص 246 .
/ صفحة 366 /
فكأنها نطف الدموع تدافعت * في حرف جفن المقلة الرمداء
فانشط وأسرج لى كميتا روضت * بعد الشماس بمزجها بالماء
تجري بمضمار اللهى لكن غدا * عوض القتام لها دخان كباء
شمطاء ترقص في الزجاج وإنما * برد الوقار يرى على الشمطاء
يا حبذا وقد اجتلاها أهيف * نشوان من غنج ومن صهباء
ما لاح لي ظبي سواه مقرطا * ومقلدا بالنجم والجوزاء
وسوى (علي) ذي المعالي ما انجلى * قمر يمد الشمس بالأضواء
رب المفاخر من سما أوج السما * بمكارم جلت عن الاحصاء
ندب يرى بدل الرغائب واجبا * للمجتدي والدهر ذو أكداء
ذو هيبة بالبشر شيبت مثلما * يبدي السحاب النار ضمن الماء
راحاته الراحات تولي والعنا * للأولياء له وللأعداء
الثاقب الآراء نجل الثاقب الآراء * نجل الثاقب الآراء
يهتز عند الحمد إلا إنه * عند النوائب ثابت الارجاء
مولى إذا اسود الزمان وأمه * عاف حباه باليد البيضاء
وإذا عتا فرعون فقر مؤمل * ألقاه من جدواه في دأماء
لم تسمع العوراء منه وطالما * أطفى توقد فتنة عمياء
من معشر حازوا النهى بفخارهم * قد حبرت ديباجة العلياء
لا ينصتون إلى الغنا ولطالما * نال الغني بهم ذوو استجداء
ما أشرعوا الأرماح إلا أشرقوها * من دم الأقران في الهيجاء
تهديهم بدجى القتام غرائم * لهم غدت تحكي نجوم سماء
غارت رماح الخط من أقلامهم * فلذلك ارتعدت لدى الهيجاء
فلكم زها فوق الطروس بطلها * زهر له كم من الأحشاء ؟
زهر يلوح الدهر غضا ناضرا * والزهر يذبل عند فقد الماء
ولكم سبت عقلا بسحر بيانها * وبحكمة من شعرها غراء
يا صاحب الفضل الذي من فضله * يجنى جني بلاغة البلغاء
/ صفحة 367 /
خذ روض مدح لم يجده القطر بل * قد جاد منبته ولي ولاء
يبدي الشذى منه قبول قبولكم * لو حب في أسحار حسن رجائي
فأعوذ بالرحمن من أن يغتدي * بهجير هجرك شاحب الارجاء
لا زال قدرك كاسمك السامي الذي * قد سار في الآفاق سير ذكاء
ما خاط أجفان الورى وسن وما * شق الصباح غلاله الظلماء
ولشاعرنا العاملي قصائد طوال في مدح الإمام أمير المؤمنين ورثاء ولده الإمام السبط الشهيد سلام الله عليهما، ومن مديحه أمير المؤمنين قصيدة أولها :
الدهر أصبح لي معاند * وسطى علي وصال عامد
وأشارت الأيام نحوي * بالمكاره والمكائد
إلى أن يقول :
يا سعد وقيت النوى * وكفيت منها ما أكابد
بالله إن جزت الغري * فعج على خير المشاهد
وقف الركاب ونادها * هنيت في نيل المقاصد
واخلع بها نعليك ملتثم * الثرى لله ساجد
واعمد إلى تقبيل أعتاب * الإمام البر عامد
مولى البرية ذي التقى * علم الهدى حاوي المحامد
نجل الغطارفة الكرام * الأريحيين الأماجد
كالبحر إلا إنه * عذب المصادر والموارد
وقل : السلام عليك يا * كهف النجاة لكل وافد !
ومحط رحل المستضام * المستجير وكل وارد
يا آية الله التي * ظهرت فأعيت كل جاحد !
والحجة الكبرى المناطة * بالأقارب والأباعد
لولاك ما اتضح الرشاد * ولا اهتدى فيه المعاند
كلا ونيران الضلالة لم * تكن أبدا خوامد
والدين كان بناؤه * لولاك منهد القواعد
/ صفحة 368 /
حارت بك الأوهام و * اختلفت بمعناك العقايد
فمن اقتدى بك اهتدى * وهوى ضلالا عنك حايد
يا من نعوذ باسمه * من كل شيطان ومارد !
وبه نلوذ من الزمان * وحين نودع في الملاحد
أنت المرجى في الفوادح * والمؤمل في الشدايد
مولاي معتقدي بإنك * علة الأشياء واحد
ومعاد أجسام الورى * يوم المعاد عليك عايد
فلذلك الله العلي * براك في الكونين قائد
تدعو الأنام إلى الهدى * وعليهم في ذاك شاهد
خذها أبا حسن ! إلى * علياك أبكارا خرائد

 

100 -المولى مسيحا الفسوي

100 -المولى مسيحا الفسوي

/ صفحة 369 /
المولود 1037 المتوفى 1127
ما ارتحت مذ ركبت للبين جيراني * يا صاحبي ! باتلافي أجيراني
يقول فيها :
فضلي ومجدي وإتقاني ومعرفتي * عادت بأجمعها أسباب حرماني
لو قلب الدهر أوراقي لصادفها * آيات لقمان في أشعار حسان
دنياي قد ثكلتني فهي باكية * نجومها الدمع والعينان عيناني
واسوء بسط يد غلت إلى عنقي * حتى بدى المزن بالأمطار باراني
وقوست ألفي كالنون من نصب * فكاد ينقلب ايران نيراني
فيما ارتقابي سحبا غير ماطرة ؟ * إلى م أرضى بأرض ليس ترعاني؟!
من لي بعاصف شملال يبلغني * إلى الغري فيلقيني وينساني ؟ !
إلى الذي فرض الرحمان طاعته * على البرية من جن وإنسان
علي المرتضى الحاوي مدائحه * أسفار توراة بل آيات فرقان
ما أستعين بشملال ولا قدم * من ترب ساحته طوبى لأجفاني
تنزه الرب عن مثل يخبرنا * بأنه ورسول الله سيان
كأن رحمته في طي سطوته * آرام وجرة في آساد خفان
عم الورى كرما فاق الذرى شمما * روى الثرى عنما من نحر فرسان
فالدين منتظم والشمل ملتئم * والكفر منهدم من سيفه القاني
كالبرق في بسم والنار في ضرم * والماء في سجم من نهر أفنان
فقاره وهي في غمد تجللها * آي الوعيد حواها جلد قرآن
/ صفحة 370 /
قد اقتدى برسول الله في ظلم * والناس طرا عكوف عند أوثان
تعسا لهم كيف ضلوا بعد ما ظهرت * لهم بوارق آيات وبرهان ؟
فهل أريد سواه حيث قيل لهم * : هذا علي فمن والاه والاني ؟
هل ردت الشمس يوما لابن حنتمة ؟ * أو هل هوى كوكب في بيت عثمان ؟
هل جاد يوما أبو بكر بخاتمه * مناجيا بين تحريم وأركان ؟
وهل تظن تعالوا ندع أنفسنا * في غيره نزلت ؟ عن ذاك حاشاني
أخص بالسطل والمنديل واحدهم ؟ * أم استحبوا بتفاح ورمان ؟
أم ريثما صال عمرو بين أظهرهم * سواه صبغ منه السيف بالقاني ؟
أم خيبر كان وافى قبله بطلا ؟ * سل المصاريع من مرصوص بنيان
أشالها لجميع الجند قنطرة * يجيزها الكل من رجل وركبان ؟
أم ريثما انهزم الأصحاب في أحد * وظل خير الورى فردا بلا ثان
من عصبة الشرك صفت حوله فئة * ذات المخالب في أرياش عقبان
سواه حامى رسول الله يطعنهم * بسمهري يحاكي لدغ ثعبان ؟
بالسيف والرمح والأنصال دافعهم * عن الرسول بإخلاص وإيقان
حتى تبدد أهل الشرك وانهزموا * شبه الحنادس إذ تمحى بنيران
والقوم بشرهم إبليس من كذب * بقتل (أحمد) مصروعا بميدان
فارتاح أنفسهم سرا وقد ستروا * أسرارهم خوف أبصار وآذان
وهل تصدق للنجوى سواه فتى * وقد مضى قبل نسخ الحكم يومان ؟
هل في فراش رسول الله بات فتى * سواه إذ حف من نصل بنيران ؟
لولاه لم يجدوا كفوا لفاطمة * لولاه لم يفهموا أسرار فرقان
لولاه كان رسول الله ذا عقم * لولاه ما اتقدت مشكاة إيمان
لولاه لم يك سقف الدين ذا عمد * لولاه لانهدمت أركانه الواني (1)
لولاه ما خلقت أرض ولا فلك * لولاه لم يقترن بالأول الثاني
هو الذي كان بيت الله مولده * فطهر البيت من أرجاس أوثان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الواني : الضعيف البدن. يقال : نسيم وان : ضعيف الهبوب .
/ صفحة 371 /
هو الذي من رسول الله كان له * مقام هارون من موسى بن عمران
هو الذي صار عرش الرب ذا شنف * إذ صار قرطيه إبناه الكريمان
أقدامه مسحت ظهرا به مسحت * يد الإله لتبريد وإحسان
يا واضعا قدميه حيثما وضعت * يد الإله عليه عز من شان
رحب الأكف إذا فاضت أنامله * لو لم يقل حسب ثنى يوم طوفان
لو ظل تحت لواه في الوغا علم * تراه ترتج حنوا نحو ميدان
ما تستقر الرواسي تحت صارمه * كالطود تندك من أس وبنيان
لولا الوصية فالشيخان أربعة * يوم السقيفة بل عثمان اثنان
فيا عجيبا من الدنيا وعادتها * أن لا يساعد غير الوغد والداني
من كان نص رسول الله عينه * لإمرة الشرع تبليغا بإعلان
يوم الجماهير في بيداء قد ملأت * بكل من كان من أعقاب عدنان
وقال صحب رسول الله قاطبة * : بخ لذاك وكان الأول الثاني (1)
من بعد ما شدد الرحمان إمرته * على الرسول بإحكام وإتقان
فقال : بلغ وإلا فادر إنك ما * بلغت حق رسالاتي وتبياني
تقدمته أناس ليس عينهم * نص الإله ولا منطوق برهان
لا أضحك الله سن الدهر إن له * قواعد عدلت عن كل ميزان
بصفو حبك قد أحييت مهتديا * فدتك نفسي يا ديني وإيماني
ودر فيضك ما دار السما وجرى * ودام ظلك ما كر الجديدان
(ما يتبع الشعر) :
القصيدة توجد برمتها 91 بيتا في الجزء الثاني من كتاب (الرائق) للعلامة السيد أحمد العطار، وتذكر منها 89 بيتا في (نجوم السماء) ص 197، وجملة منها مذكورة في (فارسنامهء ناصري) ج 2 : 230، وعدة منها توجد في هامش (نهج البلاغة) المطبوع في إيران سنة 1310، وخمس العلامة الأوحد السيد محمد حسين الشهرستاني المتوفى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كان أول من خاطب الإمام عليه السلام يوم غدير خم مبخبخا عمر بن الخطاب وهو ثاني من تقمص الخلافة .
/ صفحة 372 /
1315 (1) من هذه القصيدة واحدا وأربعين بيتا، وبدأ بالبيت الحادي عشر أوله :
أمسيت والهم في ايران يطرقني * والكرب طول الليالي ما يفارقني
وذكر من حل في كوفان يقلقني * من لي بعاصف شملال يبلغني
إلى الغري فيلقيني وينساني ؟
إلى الذي طهر الجبار طينته * إلى الذي بشر المختار شيعته
إلى الذي أوجب القربى مودته * إلى الذي فرض الرحمان طاعته
على البرية من جن وإنسان
(الشاعر) :
المولى محمد مسيح الشهير بمسيحا ابن المولى إسماعيل فدشكوئي الفسوي المتخلص (بمعنى) في شعره الفارسي، وبمسيح في العربي منه، عالم فيلسوف، وحكيم بارع، و فقيه متضلع، وأديب شاعر، وخطيب كاتب، مذكور بالثناء الجميل في سوانح تلميذه الشيخ علي الحزين، ونجوم السماء ص 195، وفارسنامهء ناصري 2 : 230، وغيرها أخذ العلم عن استاد الكل آقا حسين الخوانساري، وأخذ عنه كثيرون من العلماء، تقلد شيخوخة الاسلام بشيراز على عهد السلطان شاه سليمان، وشاه السلطان حسين، وله يوم تسنما عرش الملك خطب بليغة، توفي سنة 1127 عن عمر يقدر بالتسعين، وخلف آثارا قيمة لا يستهان بها منها : إثبات الواجب، ورسالة فارسية في القصر والاتمام، وحواشي على حاشية الخفري على شرح التجريه، ذكرها له شيخنا القمي في الفوائد الرضوية 1 ص 643 وقال : رآها في كرمانشاه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أحد شعراء الغدير يأتي ذكره في شعراء القرن الرابع عشر .

101 -ابن بشارة الغروي

101 -ابن بشارة الغروي
/ صفحة 373 /
المتوفى بعد 1138
تلك الديار تغيرت آثارها * وتغيبت تحت الثرى أقمارها
دار لقد أخفى البلى أضوائها * ومن السحائب جادها مدرارها
إلى أن قال :
أنا سيد الشعراء غير مدافع * وإذا نثرت فإنني نثارها
وأقودهم نحو الجنان ورايتي * بيضاء تلمع فوقهم أنوارها
إذ كنت مادح حيدر رب التقى * فخر البرية حصنهم كرارها
ليث إذا حمي الوطيس وزمجرت * فرسانها والحرب طار شرارها (1)
يسطو بأعظم صولة رواعة * منها الكمات تصرمت أعمارها (2)
وإذا الخيول الصافنات تسابقت * يوم البراز فسبقه نحارها
صهر النبي أبو الأئمة خيرهم * وبه الخلافة قد سما مقدارها
بغدير خم للولاية حازها * حقا وليس بممكن إنكارها
وإذا رقى للوعظ صهوة منبر * يصغي لزاجر وعظه جبارها
وبراحتيه تفجرت عين الندى * فالواردون جميعهم يمتارها
وله العلوم الفايضات على الورى * فيض الغمايم إذ هما مهمارها
(نهج البلاغة) من جواهر لفظه * فيه العلوم تبينت أسرارها
لولاه ما عبد الإله بأرضه * يوما ولا بخعت له كفارها (3 )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) زمجرت : أكثرت الصياح والصخب. تزمجر الأسد : ردد الزئير .
(2) الكمات ج الكمى : الشجاع أو لابس السلاح .
(3) ذكرها في كتابه (نشوة السلافة) وهي تناهز الخمسين بيتا .
/ صفحة 374 /
(الشاعر) :
أبو الرضا الشيخ محمد علي بن بشارة من آل موحي الخيقاني النجفي، أوحدي حقت له العبقرية والنبوغ، وفذ من أفذاذ الفضيلة، برع في فنون الشعر والأدب، ورث فضله الكثار وأدبه الموصوف عن أبيه العلامة الشاعر المفلق الشيخ بشارة، وعاصر نوابغ العلم وأساتذة البيان وأخذ منهم، ونال من الفضل حظه الوافر، ونصيبه المقدر، فأطروه و وأثنوا عليه، وعد من رجال تلك الحلقة، وأبقى شعره وأدبه له ذكرى خالدة، وسجلت آثاره القيمة العلمية والأدبية في صفحة التاريخ له غررا ودررا تذكر وتشكر، منها [نشوة السلافة ومحل الاضافة] قرظها السيد حسين بن الأمير رشيد الآتي ذكره، وقال الشيخ أحمد النحوي الحلي مقرظا إياها :
يا أخا الفضل والمكارم والسؤدد * والمجد والعلى والشرافه
والأديب الأريب المصقع المدره * رب الكمال رب الظرافه
أي در أودعت في صدف الطرس * غدا الدر حاسدا أوصافه ؟
لو رأى هذه الرياض زهير * لتمنى من زهرهن اقتطافه
لو درى عرفهن صاحب عرف الطيب * أبدى لطيبهن اعترافه
لو رأى جمعها علي (1) رأى الفضل * على جمعه لكم والانافه
قال : جمعي صبابة في إناء * من سلاف وذا حباب السلافه
أي مستمتع لذي الفضل فيها * وبشتى نكاتها واللطافه ؟
جئتها طاوي الحشا فأضافتني * وقالت : هذا محل الاضافة
ومنها : نتائج الأفكار . قرظها المدرس الأوحد السيد نصر الله الحائري بقوله :
حير عقلي ذا الكتاب الأنيق * فليس للوصف إليه طريق
رقيق لفظ جزل معنى له * كل مجاميع البرايا رقيق
ما هو إلا روضة غضة * شقيقها ليس له من شقيق
صاداتها الغدران همزاتها * حمايم تشدو بلحن أنيق
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يعني السيد علي خان المدني صاحب (سلافة العصر) التي ألف ابن بشارة نشوته تتميما لها .
/ صفحة 375 /
كم نشق العشاق من نفحها * نسيم أخبار اللوي والعقيق ؟
كم قد جلت أكؤس ألفاظها * معانيا يخجل منها الرحيق ؟
رصعها صوب يراع الذي * أصبح دوح الفضل فيه وريق
مولى جليل القدر في شانه * قد اغتدى صاحب فكر دقيق
لا زال (نصر الله) طول المدى * له رفيقا فهو نعم الرفيق
ومنها : شرح نهج البلاغة، وريحانة النحو .
ذكرهما الشيخ أحمد النحوي الحلي في قصيدته التي مدحه بها أولها :
برزت فيا شمس النهار تستري * خجلا ويا زهر النجوم تكدري
فهي التي فاقت محاسن وجهها * حسن الغزالة والغزال الأحور
يقول فيها :
من آل موح شهب أفلاك العلى * وبدور هالات الندى والمفخر
وهم الغطارفة الذين لبأسهم * ذهل الورى عن سطوة الاسكندر
وهم البرامكة الذين بجودهم * نسي الورى فضل الربيع وجعفر
لم يخل عصر منهم أبدا فهم * مثل الأهلة في جباه الأعصر
لا سيما العلم الذي دانت له ال‍ * - أعلام ذو الفضل الذي لم ينكر
ولقد كسا (نهج البلاغة) فكره * شرحا فأظهر كل خاف مضمر
وعجبت من [ريحانة النحو] التي * لم يذو ناصرها مرور الأعصر
فذروا [السلافة] (1) إن في ديوانه * في كل بيت منه حانة مسكر
ودعوا [اليتيمة] (2) إن بحر قريضه * قذفت سواحله صنوف الجوهر
ما [دمية القصر] التي جمع الأولى * كخرائد برزت بأحسن منظر ؟
يا صاحب الشرف الأثيل ومعدن * الكرم الجزيل وآية المستبصر
خذها إليك عروس فكرزفها * صدق الوداد لكم وعذر مقصر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هي (سلافة القصر) للسيد علي خان المدني شارح الصحيفة الشريفة الآنف ذكره في هذا الجزء ص 344 .
(2) هي (يتيمة الدهر) للثعالبي كتاب أدبى ضخم فخم مطبوع في أربع مجلدات .
(3) (دمية القصر) تأليف الباخرزى مطبوع سائر دائر .
/ صفحة 376 /
فاسلك على رغم العدى سبل العلى * واسحب على كيوان ذيل المفخر
ومنها : ديوان شعره الذي وصفه السيد المدرس الحائري بقوله :
ديوان نجل المقتدى بشاره * لسائر الشعر غدا إكليلا
ما هو إلا جنة قد أزهرت * [وذللت قطوفها تذليلا]
وقوله فيه :
ألا قد غدا ديوان نجل بشارة * طراز دواوين الأنام بلا ريب
مهذبة أبياته كخلائقي * فليس به عيب سوى عدم العيب
وللسيد العلامة المدرس الحائري عدة قواف في الثناء على شاعرنا ابن بشارة منها :
سلام يسحب الأذيال تيها * على هام الدراري الثاقبات
أخص به شقيق الصبح بشرا * سليل بشارة ذي المنقبات
فتى أضحت بغيث نداه تزهو * أزاهير الأماني للعفاة
وراحت في صباح الرأي منه * تجابات دياجي المشكلات
شأى قسا بلفظ راق رصفا * ومعنا بالهبات الوافرات
له فكر بأدنى الأرض لكن * له عزم بأعلى النيرات
ونظم يشبه الأزهار لو لم * تعد بعد النضارة ذابلات
وبعد فإن روض العيش أضحى * هشيما ذا نواح شاحبات
وقد كانت نواحيه قديما * بطل البشر منكم زاهيات
وأمسى يا شهاب سما المعالي * مريد الوجد مخترقا جهاتي
فعوذني بكتبك من أذاه * فمالي غيرها من راقيات
ولا زالت جلابيب المعالي * بمجدكم المبجل معلمات
ومنها قوله :
سلام كزهر الروض إذ جاده القطر * وكالدر في اللألاء إذ حازه البحر
أخص به المولى سليل بشارة * أخي الفضل من في مدحه يزدهي الشعر
سحاب الندى السهم الذي فاقت السها * عزائمه وانقاد قنا له الدهر
/ صفحة 377 /
فتى فاز بالقدح المعلى من العلى * وحاز علوما لا يحيط بها الحصر
فما (القطب) ما (الرازي) وما جوهريهم * إذا ما به قيسوا وما العضد ما الصدر ؟
مناقبه غر مواهبه حيا * منازله خضر مناصله حمر
طوى سبل العلياء في متن سابق * لهمته القعساء عثيره الفخر
وبعد : فإن الحال من بعد بعدكم * كحال رياض الحزن فارقها القطر
فلله ليلات تقضت بقربكم * ولم يندمن روضات وصلكم الزهر
وإذ مورد اللذات صاف وناظري * يزيل قذاه منظر منكم نضر
فلا تقطعوا يوما عن الصب كتبكم * ففي نشرها للميت من بعدكم نشر
ولا برحت تبدو بأفق جبينكم * نجوم السعود الزهر ما نجم الزهر
ومنها قوله مهنئا له بعيد النحر :
نشر الربيع مطارف الأزهار * في طيها نفحات مسك داري (1)
وخرائد الأغصان بالأكمام قد * رقصت بتشبيب النسيم الساري
وصوادح الأوراق في الأوراق قد * غنت بأعواد بلا أوتار
والظل ظل محاكيا بدبيبه * خط العذار بوجنة الأنهار فبدار
نجلو خمره تجلو العنا * عنا ولا تركن إلى الأعذار
بكر إذا ما قلدت بحبابها * حلت يمين مديرها بسوار
شمس يطوف بأفق مجلسنا بها * قمر تقلد نحره بدراري
سلب السلاف مذاقها وفعالها * برضابه وبطرفه السحار
ساق تخال الثغر منه لئالئا * أو أقحوانا لاح غب قطار
أو أحرفا رقمت بكف المجتبى * أعني سليل بشارة المغوار
ماء الطلاقة في أسرة وجهه * يجري ونار سطاه ذلت شرار
مولى بأفق سما المناقب قد بدا * قمرا ولكن لم يرع بسرار
فبذاك يثمر قصد كل مؤمل * وبهذه تصلى منى الفخار
شهم لبيب لم تلد أم العلى * ندا له في سائر الأعصار
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الداري : العطار . نسبة إلى دارين بالبحرين كان يحمل إليها المسك من الهند .
/ صفحة 378 /
ندس بديع بنانه قد راح عن * وجه المعاني كاشف الأستار
ولقد غدا صرف الزمان يصد عن * من نحوه أضحى مريد جوار
نعم تعم عموم هطال الحيا * لكنها جلت عن الأضرار
وشمائل كالروض لولا إنه * يذوي لفقد العارض المدرار
أقلامه قد قلمت ما طال للأخطاب * والأخطار من أظفار
ودواته أدوت وداوت كاشحا * ومؤملا جدواه ذا اعسار
من آل خاقان الذين وجوههم * عند اسوداد النقع كالأقمار
قوم إذا شاموا الصوارم أغمدت * في جيد كل مملك كرار
وإذا هم اعتقلوا الذوابل في الوغي * آبت نواضر بالنجيع الجاري
أخبارهم بسواد كل دجنة * حررن فوق بياض كل نهار
يا من له بأس يحاكي الصخر في * خلق أرق من النسيم الساري
وعلا تناسق كابرا عن كابر * يحكي أنابيب القنا الخطار
وافاك عيد النحر طلقا وجهه * يحكي رقيق نسيمه أشعاري
عبد يعود عليكم بمسرة * محمودة الايراد والاصدار
لا زالت الأيدي تشير إليكم * شبه الهلال عشية الافطار
وبقيت ترفل من علاك بحلة * فضفاضة قد طرزت بفخار
وله مراسلا إياه لازما الجناس المذيل قوله :
لعمرك إن دمع العين جار * لأني حنظل التفريق جارع
وما لي غير شهد الوصل شاف * فهل لي في اجتناء منه شافع ؟
وقلبي للوصول إليك صاد * ونظمي بالثناء عليك صادع
وهمي ليثه الفتاك ضار * ولولاه لما أمسيت ضارع
ولوني أصغر والد مع قان * وطرفي منكم بالطيف قانع
ومذ غبتم فصبحي شبه قار * لدي وإصبعي للسن قارع
وإني للتواصل منك راج * فهل ذاك الزمان العذب راجع ؟
وإني بالذي تهواه راض * أيا مولى لدر الفضل راضع !
/ صفحة 379 /
فيالك من كريم الأصل سام * لهمس المجتدين نداه سامع
هزبر عنه سيف الضد ناب * وينبوع الفضائل منه نابع
وطرف الخائف المذعور ساج * بمغناه وطير المدح ساجع
وبحر علومه للناس طام * فكل منهم بالري طامع
وغيث نداه طول الدهر هام * وغيث الأفق بعض العام هامع
ومعشره أولو سلم وضال (1) * لديهم سابق الكرماء ضالع
له سيف غداة الحرب دام * وطرف خشية الجبار دامع
ونسك من رياء الخدع خال * وطبع للخلاعة راح خالع
وشعر رائق كشراب جام * لحسن نفائس الأشعار جامع
وقلب قلب في الحرب ساط * ووجه في ظلام الخطب ساطع
وإحسان لحر المدح شار * ورمح عزيمة ما زال شارع
حليم للعدى بالصفح جاز * ومن هول الحوادث غير جازع
وزاك علمه للجهل ناف * وطب إن يضرك فهو نافع
وشهم ماله في الناس زار * للحب هواه في الأحشاء زارع
لما لا يرتضيه الله قال * ألم تره لضرس هواه قالع ؟
وقاه الله نظرة كل راء * فإن جماله للعقل رائع
ومنها قوله حينما أهدي إليه ماء ورد :
يا أيها المولى الذي * هو من (أياس) اليوم أذكى
وجهت نحوك ماء ورد * من أريج المسك أذكى
فاقبله من حب جواه * في حشاه النار أذكى
ومنها قوله مراسلا إياه :
سلام لا لأوله بدايه * ولا يلفى لآخره نهايه
علي ابن بشارة المولى الذي قد * تجاوز في المعالي كل غايه
فتى برق البشاشة في المحيا * على طيب الأرومة منه آيه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السلم والضال : نوعان من الشجر .
/ صفحة 380 /
جليل القدر محمود السجايا * على كل القلوب له الولايه
روى الاحسان عن جد فجد * وقد صحت له تلك الروايه
فلو وافاه يوم الجدب عاف * أباح له حمى روض الرعايه
إذا ما جن للأشكال ليل * ترى مثل الصباح الطلق رأيه
وإن حسرت لثاما حرب بحث * فليس لها بكف سواه رأيه
له وجه حكاه البدر حسنا * وما من ريبه في ذي الحكايه
وفي العهد زاكي الجد مولى * سلامة ذاته أقصى منايه
ولما كان في ذا العصر فردا * مدحناه بعنوان الكنايه
وأنى يمكن التصريح باسم * بأعلى العرش خطته العنايه ؟
فسدد رأيه يا رب لطفا * وجنبه الضلالة والغوايه
وألبسه من الإنعام بردا * موشى بالكلائة والحمايه
إلى غيرها من قصائد توجد في ديوان الشريف السيد المدرس في ثناء المترجم له، وهي تعرب عن مكانته العالية في الفضائل والفواضل، وتحليه بنفسيات كريمة و ملكات فاضلة .
ومن شعر شاعرنا (ابن بشارة) قوله في كتابه (نشوة السلافة) يمدح به مولانا أمير المؤمنين عليه السلام، جارى به قصيدة السيد علي خان المدني المذكورة ص 350 :
من ظلمة الليل لي المأنس * إذ فيه تبدو الشهب الكنس
والطيف يأتيني به زائرا * وتارة صاحبه بغلس
ولم نراقب من رقيب الهوى * خوفا ولا تبصرنا الحرس
ومن رياض الوصل كم نجتني * زواهرا تحيى بها الأنفس
كم ليلة بت بظلمائها * معانقا للحب لا أدنس (2)
حتى هوت للغرب شهب الدجا * والنجم في إسرائه ينعس (3)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الغلس : ظلمة آخر الليل أغلس : صار يغلس .
(2) دنس : تلطخ بمكروه أو قبيح (3) من تناعس البرق : فتر .
/ صفحة 381 /
وانتشر الصبح بأنواره * وانجاب عن أضواء الحندس (1)
فارقني خشية أعداؤه * وقد خلا من جمعنا المعرس (2)
لا أقبل الصبح بأسفاره * لأنه الفضاح والأوكس
والليل لو جن به جنتي * وجنتي طاب بها المأنس
موسى رأى النار به سابقا * من جانب الطور لها غرنس
وقد أتاها طالبا جذوة * حتى دنا من قربها يقبس
نودي بالشاطي غربيها * : أنا الإله الخالق الأقدس
ونار موسى سرها حيدر * العالم الخنذيذ والدهرس (3)
والأسد المغوار يوم الوغى * تفرق من صولته الأشوس (4)
لو قامت الحرب على ساقها * قال إليها وهو لا ينكس
كم قد في صارمه فارسا * وصير السيد له ينهس ؟ (5)
هو ابن عم المصطفى والذي * قد طاب من دوحته المغرس
عيبة علم الله شمس الهدى * ونوره الزاهر لا يطمس
مهبط وحي لم ينل فضله * وكنهه في الوهم لا يحدس
قد طلق الدنيا ولم يرضها * ما همه المطعم والملبس
يقطع الليل بتقديسه * يزهو به المحراب والمجلس
وفي الندى بحر بلا ساحل * وفي المعالي الأصيد الأرءس
إذا رقى يوما ذرى منبر * وألسن الخلق له خرس
يريك من ألفاظه حكمة * يحتار فيها العالم الكيس
فيالها من رتب نالها * من دونها كيوان والأطلس ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الحندس : الظلمة جمع حنادس .
(2) المعرس : الموضع الذي يعرس فيه القوم أي نزلوا فيه للاستراحة .
(3) الخنذيذ : الخطيب البليغ. العالم بأيام العرب أشعارهم السيد الحليم. الشجاع البهمة الدهرس : الداهية .
(4) الأشوس : الجرى على القتال الشديد .
(5) السيد : الذئب، الأسد، والسيد تخفيف السيد. نهس : أخذ بمقدم أسنانه ونتفه .
/ صفحة 382 /
قد شرفت كوفان في قبره * ولم تكن أعلامها تدرس
إن أنكر الجاحد قولي أقل * : يا صاح هذا المشهد الأقدس (1)
أما ترى النور به مشرقا * قرت به الأعين والأنفس
والله لولا حيدر لم يكن * في الأرض ديار ولا مكنس
فليس يحصي فضله ناثر * أو ناظم في شعره منبس
لو كان ما في الأرض أقلامه * والأبحر السبع له مغمس
سمعا أبا السبطين منظومة * غراء من غصن النقا أميس
تختال من مدحك في حلة * لم يحكها في نسجها السندس
أرجو بها منك الجزا في غد * فإن من والاك لا يبخس
صلى عليك الله ما أشرقت شمس الضحى وانكشف الحندس
ومن شعره في تقريظ (المطول) للتفتازاني قوله :
إن المطول بحر فاض ساحله * فلا يحيط به وصفي وانجازي
فرقان أهل المعاني في بلاغته * وفي الدلائل منه أي إعجاز
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا مستهل قصيدة السيد علي خان .

 

102 -الشيخ إبراهيم البلادي

102 -الشيخ إبراهيم البلادي

/ صفحة 383 /
بدأت محمد من خلق الأناما * وأشكره على النعما دواما
هو الموجود خالقنا وجوبا * ولم أثبت لموجدنا انعداما
لقد خلق الورى إطهار كنز * تستر فاستفض له الختاما (1)
أصول خمسة للدين منها * له العدل الذي في الحكم داما
وثاني الخمسة التوحيد فيه * ونفي شريكه أبدا دواما
وثالثها النبوة وهي لطف * عظيم دائم عم الأناما
ورابعها الإمامة وهي لطف * من الباري به الدين استقاما
وخامسها المعاد لكل جسم * وروح والدليل عليه قاما
وإن إلهنا في الحكم عدل * يخاصم كل من ظلم الأناما
وإن النار والجنات حق * على رغم الذي جحد القياما
وإن المؤمنين لهم جنان * ونار الكافرين علت ضراما
وإن الرسل أولهم أبوهم * وذلك آدم خصوا السلاما
وأفضلهم أولو العزم الأجلا * ومن عرفوا لربهم المقاما
وهم نوح وإبراهيم موسى * وعيسى والأمين أتى ختاما
محمدهم وأحمدهم تعالا * وأعلاهم وقارا واحتشاما
فأشهد مخلصا أن لا إله * سوا الله الذي خلق الأناما
وإن محمدا للناس منه * نبي مرسل بالأمر قاما
وأشهد إنه ولى عليا * ولي الله للدين اهتماما
وصيره الخليفة يوم (خم) * بأمر الله عهدا والتزاما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إشارة إلى الحديث القدسي الدائر على الألسن : كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لكي أعرف .
/ صفحة 384 /
ونص على الأئمة من بنيه * هناك على المنابر حين قاما
فواخاه النبي وفي البرايا * بحكم الله صيره إماما
وعظمه ولقبه بوحي * أمير المؤمنين فلن يراما
وزوجه البتول لها سلام * من الله الوصول ولا انصراما
فكان لها الفتى كفوا كريما * فأولدها أئمتنا الكراما
[إلى آخر القصيدة (1)].
(الشاعر) :
أبو الرياض الشيخ إبراهيم بن الشيخ علي بن الشيخ الحسن بن الشيخ يوسف ابن الشيخ حسن بن الشيخ علي البلادي البحراني أحد أعلام البحرين وفضلائها، كان موصوفا بالأدب وصياغة الشعر، من أجداد مؤلف [أنوار البدرين] العالية كما ذكره في بعض التراجم، له منظومة الاقتباس والتضمين من كتاب الله المبين في إثبات عقايد الدين، استدلاليا، وجامع الرياض يمدح فيه كلا من المعصومين عليهم السلام بروضة، ومن هنا يكنى بأبي الرياض، وديوان شعره يوجد بخط تلميذه الشيخ أبي محمد الشويكي الآتي ذكره، صححه سنة 1150، يحتوي على قصائد على عدد الحروف بترتيبها، و 132 دو بيتا في أبواب خمسة في التوحيد، والنبوة، والإمامة والأئمة، و العدل، والمعاد، وميمية 108 بيتا في الأصول الخمسة .
ووالد المترجم له الشيخ علي أحد أعلام عصره ذكره صاحب الحدايق في [لؤلؤة البحرين] وقال : كان فاضلا ولا سيما في العربية والمعقولات، مدرسا إماما في الجمعة والجماعة معاصرا للشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي ا ه‍ وترجم له صاحب [رياض الجنة] في الروضة الرابعة، وكان الشيخ حسن جد المترجم له أيضا من الفضلاء و كذلك جده الأعلى الشيخ يوسف بن الحسن، ذكره الشيخ الحر في [أمل الآمل] وقال : فاضل متبحر شاعر أديب من المعاصرين .
وحكى صاحب الحدايق في [لؤلؤة البحرين] عن والده العلامة إنه لما توفي الشيخ يوسف بن الحسن البحراني ودفن في
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخذناها من ديوانه المخطوط وله فيه شعر آخر في الغدير أيضا .
/ صفحة 385 /
مقبرة المشهد مسجد في بحرين - إتفق انهدام إحدى منارتيه وسقوطها على قبره فمر الشيخ عيسى (1) بامرأة جالسة عند المنارة تتعجب من سقوطها فقال الشيخ عيسى في ذلك :
مررت بامرأة قاعده * تحولق في هيئة العابده
وتسترجع الله في ذا المنار * فما بالها في الثرى راقده ؟
فقلت له : يا بنة الأكرمين * رأيت أمورا بلا فائده ؟
ثوى تحتها يوسفي الكمال * فخرت لهيبته ساجده
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أوحدي من أعلام (آل عصفور) أسرة شيخنا الفقيه المتضلع الشيخ يوسف صاحب (الحدايق) شاعر مفلق، وأديب بارع .

 

103 -الشيخ أبو محمد الشويكي

103 -الشيخ أبو محمد الشويكي

/ صفحة 386 /
- 1 -
زار حبي فانجلت سود الليالي * حين أبدا منه ثغرا كاللئالي
وتبدت لمع من وجهه * فحكى في لمعه لمع الهلال
إلى أن قال :
حيدر الكرار مقدام الورى * شامخ القدر علي ذي المعالي
عالم الغيب فلا عيب به * طاهر الجيب فتى زاكي الخصال
هاشمي نبوي جوده * يخجل الغيث لدى سكب النوال
أحمدي الخلق والخلق فتى * عنتري الحرب في يوم النزال
صايم الصيف وقوام الدجا * مكرم الضيف بمال من حلال
معدن العلم الذي سؤاله * تبلغ الآمال من قبل السؤال
ثابت النص من الله ومن * أحمد المختار محمود الفعال
والد السبطين من ست النسا * بنت خير الأنبياء ذات الحجال
من له المختار واخى في الورى * مرغما أعدائه أهل الضلال
وهو في القرآن نصا نفسه * خير من باهل بعد الابتهال
فله الشأن علي كاسمه * صاحب الاحسان غوثي في مالي
حجة الله بنص ثابت * يوم (خم) فهو من والاه والي
وأمير المؤمنين المرتضى * من إله العرش ربي ذي الجلال
في فراش المصطفى بات ولم * يخش من أعدائه أهل النكال
أخذناها من مختصر ديوانه الذي كتبه إلى شيخه بخطه وهي قصيدة طويلة قالها سنة 1149 يمدح بها أمير المؤمنين عليه السلام .
/ صفحة 387 /
- 2 -
وله قصيدة أنشدها سنة 1149 وجدناها بخطه يذكر بها العقايد الدينية مستهلها :
إسمع هداك الله حسن العقايد * وخذ من معاني الفكر در الفوايد
له الحمد ربي كم حبانا بنعمة * تقاصر عن إدراكها حمد حامد ؟
إلى أن قال :
وألطاف ربي في البرية جمة * لها الغيث عذب في جميع الموارد
وأعظم ألطاف الإله نبينا * وعترته أزكى كرام أماجد
حبانا بخير المرسلين محمد * نبي هدى لله أكرم عابد
ويقول فيها :
ومعجزة القرآن لا زال باقيا * له بثبات الأمر أعظم شاهد
وقد نسخت كل الشرايع في الورا * شريعته الغرا على رغم مارد
فصلى وزكا ثم صام نبينا * وحج وكان الطهر أي مجاهد
له الله قد صفا من العيب فاغتدا * نبيا صفيا صادقا في المواعد
وكان له المولى الجليل وحسبه * علي على الأعداء أي مساعد
فكان له كفا قويا وساعدا * وسيفا لهام القوم أعظم حاصد
فواخاه عن أمر الإله وخصه * بفاطمة أم الهداة الفراقد
وصيره عن أمر خالقه له * إماما بخم مرغما أنف حاسد
وقال له فوق الحدائج خاطبا * وأضحى له أمر الورى أي عاقد
ونص عليه بالإمامة مجهرا * وأبنائه يا خير ولد لوالد ؟
[القصيدة]
- 3 -
وله من قصيدته الغديرية الطويلة :
يوم الغدير به كمال الدين * ومتم نعمة خالقي ومعيني
لله من يوم عظيم عيده * للمؤمنين بدين خير أمين
يوم به رضي الإله لخلقه * الاسلام بالتأييد والتمكين
/ صفحة 388 /
يوم شريف عظمت بركاته * من قبل كون الكون في التكوين
يوم به نصب المهيمن حيدرا * علما إماما للورى بيقين
فهو الغدير وفضله متظاهر * كالشمس لم يحتج إلى التبيين
وله الرواية يا فتى تروي الظما * فكأنها من عذب خير معين
روت الرواة عن النبي محمد * خير الورى بالنص والتعيين
فأتاه جبريل الأمين مبلغا * عن ربه التسليم بالتبيين
فالآن بلغ عنه نصبك حيدرا * فوجوب طاعته وجوب عيني
قم ناصبا للطهر حيدرة التقى * قبل افتراق مصاحب وقرين
قال النبي الطهر سمعا للذي * قد قال من هو للورى يكفيني
ودعا بخم وهو أوعر منزل * : يا قوم حطوا الرحل في ذا الحين
ومن الحدائج قد ترقا منبرا * ودعا عليا والد السبطين
وإليه شال فبان من إبطيهما * ذاك البياض ففاق للقمرين
ولصحبه قد قال : يا قوم اسمعوا * مني مقالة ناصح وأمين
هل كنت يا أصحاب أولى منكم * بنفوسكم ؟ قالوا : نعم بيقين
من كنت مولاه فمولاه أخي * ووصي بعدي كفه بيميني
[إلى آخر القصيدة]
- 4 -
وله من قصيدة طويلة تسمى بالغزالة يمدح بها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله أولها :
أقبلت تقنص الأسود الغزاله * ذات نور يفوق نور الغزاله
وانثنت تسلب العقول وثنت * غلة في الحشا بلبس الغلاله
إلى أن يقول :
فولاء النبي للعبد درع * عن نبال الردى وللنصر آله
وولائي من بعده لعلي * حيث أن قبل موته أوصى له
وارتضاه الإمام في يوم خم * فهو للخصم قاطع أوصاله
ويوجد ذكرى الغدير في ساير قصايده اقتصرنا منها على ما ذكرناه .
/ صفحة 389 /
(الشاعر) :
أبو محمد عبد الله بن محمد بن الحسين بن محمد الشويكي الخطي، من تلمذة الشيخ إبراهيم ابن الشيخ علي البلادي الآنف ذكره، والشيخ ناصر بن الحاج عبد الحسن البحراني، له في فن الأدب وقرض الشعر والاكثار منه والتفنن فيه أشواط بعيدة، غير أن شعره من النمط الأوسط، له كتاب في أحوال المعصومين، وديوان مدايح النبي وآله يسمى ب‍ [جواهر النظام] وديوان مراثيهم الموسوم ب‍ (مسبل العبرات ورثاء السادات) استخرج من الديوانين قصايدة كثيرة في أربعة أيام وألفها ديوانا أهداه لشيخه العلامة آقا محمد بن آقا عبد الرحيم النجفي في سنة 1149 وهذا الديوان المنتخب من شعره يحتوي على خمسين قصيدة في أوزان وقواف مختلفة في مدايح النبي وآله صلوات الله عليه و عليهم ورثائهم، ويرثي العباس بن أمير المؤمنين عليه السلام والقاسم بن الإمام الحسن وعبد الله ابنه، وعلي بن الإمام السبط الشهيد عليه السلام وولده عبد الله الرضيع، كلا منهم بقصيدة .

 

104 -السيد حسين الرضوي

104 -السيد حسين الرضوي

/ صفحة 390 /
المتوفى بعد 1156
حي الحيا عهد أحباب بذي سلم * وملعب الحي بين البان والعلم
وجاد أعلام جمع والعقيق فكم * فرقن جمع هموم باجتماعهم ؟
يا صاح عج بي قليلا في معاهدهم * تشفي عليل محب ذاب من ألم
هذه بديعية ذات 143 بيتا يمدح بها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله إلى أن يقول فيها :
صنو النبي أمير المؤمنين أبو السبطين * باب العلوم المرتضى الشيم
في السر والجهر ساواه وكان له * ردءا يصدقه في الحكم والحكم
وفيه جاء عن المختار منقبة * : من كنت مولاه فهو الحق فاعتصم
(الشاعر) :
السيد حسين بن الأمير رشيد بن القاسم الرضوي الهندي النجفي ثم الحائري .
أوحدي ثنى علمه الفائق بأدبه الرائق، وعبقري زان حسبه الزكي بفضله الجم وقريضه المزري بعقود الدرر ومنثور الدراري، فهو عالم بارع، وأديب ناقد، لم تشغله فضيلة عن فضيلة، ولا ثنته مأثرة عن مفخرة .
جاء به أبوه من الهند إلى النجف الأشرف فاشتغل بها وبعد لاي غادرها إلى جوار الإمام السبط الشهيد [الحاير المقدس] وتخرج بها على السيد المدرس الأوحد السيد نصر الله الحائري وله قصائد عدة يمدح بها أستاذه المدرس، ولاستاده يمدحه قوله :
يا أيها الشهم الذي * غيث الندى منه وكف !
يا ذا الذي في جوده * قد طال لي باع وكف !
يا ماجدا طول المدى * صد الأذى عنا وكف !
/ صفحة 391 /
حياك رب العرش ما * برق تبدى في السدف
ومن أساتذته السيد صدر الدين القمي شارح الوافية، والشيخ عبد الواحد الكعبي النجفي المتوفى 1150، والشيخ أحمد النحوي، وكان جيد الخط وقفت على ديوان أستاذه السيد المدرس الحائري بخطه .
توفي بكربلاء المشرفة بعد سنة 1156 وقبل الستين برد الله مضجعه، فما عن بعض المجاميع إنه توفي 1170 لم أقف على ما يعاضده .
خلف شاعرنا الرضوي ديوانا مفعما بالغرر والدرر ومن شعره في المديح :
جيرة الحي أين ذاك الوفاء ؟ * ليت شعري وكيف هذا الجفاء ؟
لي فؤاد أذابه لاعج الشوق * وجفن تفيض منه الدماء
كلما لاح بارق من حماكم * أو تغنت في دوحها الورقاء
فاض دمعي وحن قلبي لعصر * قد تقضى وعز عنه العزاء
يا عذولي دعني ووجدي وكربي * إن لومي في حبهم إغراء
هم رجائي إن واصلوا أو تناءوا * وموالي أحسنوا أم أساؤا
هم جلوا لي من حضرة القدس قدما * راح عشق كؤوسها الأهواء
خمرة في الكؤوس كانت ولا كر * م ولا نشوة ولا صهباء
ما تجلت في الكاس إلا ودانت * سجدا باحتسائها الندماء
ثم مالوا قبل المذاق سكارى * من شذاها فنطقهم إيماء
ثم باتوا وقد فنوا في فناها * إن عين البقاء ذاك الفناء
سادتي سادتي وهل ينفع الصب * على نازح المزار النداء ؟
كنت جارا لهم فأبعدني الدهر * فمن لي وهل يرد القضاء ؟
أتروني نأيت عنكم ملالا ؟ * لا، ومن شرفت به البطحاء
سر خلق الأفلاك آية مجد * صدرت من وجوده الأشياء
من مزاياه غالبت أنجم الأفق * فكان السنا لها والسناء
رتب دونها العقول حيارى * حيث أدنى غاياتها الاسراء
محتد طاهر وخلق عظيم * ومقام دانت له الأصفياء
/ صفحة 392 /
خص بالوحي والكتاب وناهيك * كتابا فيه الهدى والضياء
يا أبا القاسم المؤمل يا من * خضعت لاقتداره العظماء
قاب قوسين قد رقيت علاء * [كيف ترقى رقيك الأنبياء] ؟ (1)
ولك البدر شق نصفين جهرا * [يا سماء ما طاولتها سماء] ؟
ودعوت الشمس المنيرة ردت * لعلي تمدها الأضواء
أنت نور علا على كل نور * ذي شروق بهديه يستضاء
لم تزل في بواطن الحجب تسر * ي حيث لا آدم ولا حواء
فاصطفاك الإله خير نبي * شأنه النصح والتقى والوفاء
داعيا قومه إلى الشرعة السمحاء * يا للإله ذاك الدعاء
وغزا المعتدين بالبيض السمر * فردت بغيضها الأعداء
وله الآل خير آل كرام * علماء أئمة أتقياء
هم رياض الندى وروح فخار * وسماح ثمارها العلياء
يبتغى الخير عندهم والعطايا * كل حين ويستجاب الدعاء
سادتي أنتم هداتي وأنتم * عدتي إن ألمت البأساء
وإلى مجدكم رفعت نظاما * كلئال قد تم منها الصفاء
خاطري بحرها وغواصها الفكر * ونظام عقدهن الولاء
وعليكم صلى المهيمن ما لاح * صباح وانجابت الظلماء
أو شدا مغرم بلحن أنيق : * جيرة الحي أين ذاك الوفاء ؟
وله يمدح أمير المؤمنين عليه السلام :
ألم وقد هجع السامر * وعطل عن سيره السائر
خيال لعلوى أتى زائرا * وقيت الردى أيها الزائر
طرقت فجليت ليل العفا * وقربك القلب والناظر
نشدتك بالله كيف اهتديت * إلى مضجعي والدجى ساتر ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) هذا الشطر والمصرع الثاني من البيت الآتي مستهل الهمزية الشهيرة التي خمسها الشاعر المفلق عبد الباقي العمري .
/ صفحة 393 /
وكيف عثرت بجفني وقد * غدا وهو طول المدى ساهر ؟
فقال : هداني إليك الحنين * ونار جوى شبهها الهاجر
سقى ربع علوى وذاك الخيال * ولبل الوصال حيا هامر
ملث يحاكي نوال الأمير * ومن روض ألطافه زاهر
علي أبو الحسن المرتضى * علي الذرى الطيب الطاهر
إمام هدى فضله كامل * وبحر ندى بذله وافر
وصي النبي بنص الإله * عليه وبرهانه الباهر
فتى راجح الحلم لا وجهه * قطوب ولا صدره واغر
له الشرف الضخم والسؤدد * المفخم والنسب الطاهر
وبيت على شاد أركانه * قنا الخط والأبلج الباتر
إلى حيث لا ملك سابق * هناك ولا فلك دائر
إذا ساجل الناس في رتبة * فكل لدى عزه صاغر
وإن صال فالحتف من جنده * ورب السماء له ناصر
كأن قلوب العدا إن بدا * من الرعب يهفو بها طائر
أيا جد ! إن لسان البليغ * عن حصر أوصافكم قاصر
كفاكم على أن رب السماء * في الذكر سعيكم شاكر
فجاد ربوعك من لطفه * سحاب برضوانه ماطر
مدى الدهر ما قد طوى سبسبا * لتقبيل أعتابكم زائر
ومن شعره قوله :
يا مخجلا حدق المها * أوقعت قلبي بالمهالك
ومعيد صبحي كالمسا * ضاقت علي به المسالك
يا منيتي دون الملا * أنحلت جسمي في ملالك
هب لي رقادي إنه * مذ بنت أبخل من خيالك
لله كم لك هالك * بشبا اللواحظ إثر هالك ؟
يا موقف التوديع كم * دمع نثرت على رمالك ؟
/ صفحة 394 /
هل لي مقيل من ضلا * لي أم مقيل في ضلالك ؟
لهفي على عصر مضى * لي بالحبيب على تلالك
بالله أين غزالك الفتان ؟ * ويلي من غزالك
لم أنسه ويد النوى * تستل أنفسنا هنالك
أومى يسائل : كيف حالك * ؟ قلت : داجي اللون حالك
فافتر من عجب وقال * : بنو الهدى طرا كذلك
فأجبته : لو كنت تعلم * قدر من أصبحت مالك
لعلمت أني عاشق * ما إن يقصر عن منالك
أنا كاتب أظهرت أسرار * الكتابة من جمالك
ألف حلت فكأنها * من حسن قدك واعتدالك
ميم كمبسمك الشهي * ختامه من مسك خالك
صاد كغدران جرت * من أدمعي يوم ارتحالك
سين كطرتك التي * ألقت فؤادي في حبالك
دال كصدغك شوشت * بيد الدلال وغير ذلك
ومقطعات قد حكت * قلبي المروع من ذيالك
ومركبات كالعقود * تزين أجياد الممالك
وإذا تناسقت السطور * سوافرا كنا كمالك
ياقوت أصبح قائلا * في الجمع : ما أنا من رجالك
قسما بها لولا الهوى * ما كنت من جرحى نبالك
ومن شعره في عقد كلام لأمير المؤمنين عليه السلام :
أنعم على من شئت كن أميره * واستغن عمن شئت كن نظيره
إن كنت ذا عز ورمت أن تهن * فاحتج لمن شئت تكن أسيره
جمعت شتات تاريخ حياته، وعقود جمل الثناء عليه المبثوثة في المعاجم، من النشوة والطليعة وغيرهما صفحات أعيان الشيعة 46 - 57 من الجزء السادس والعشرين

105 -السيد بدر الدين

105 -السيد بدر الدين

/ صفحة 395 /
المولود 1062
بالله يا ورق إن شدوت على * سفوح سلع فدونها السجف
وإن رأيت السحاب هامية * فقل : مرام المولع النجف
ففيه رمس مطهر هبطت * عليه أملاك من له الصحف
فيه الإمام الوصي حيدرة * مولى البرايا ومن له الشرف
فيه شقيق الرسول شافعنا * ونفسه إن توسط الطرف
فيه أخوه ومن فداه على * فراشه إن رووا وإن حرفوا
فيه الذي في (الغدير) عينه * وبخبخ القوم فيه واعترفوا
(الشاعر) :
بدر الدين محمد بن الحسين بن الحسن بن المنصور بالله القاسم بن محمد الحسني الصنعائي، أحد حسنات اليمن، وعلمائها الأعلام .
مشارك في العلوم، له في الكلام و الطب والأدب وقرض الشعر يد غير قصيرة، وله تآليف قيمة منها رسالة في الكلام، تلمذ لأساتذته في الفنون منهم : العلامة الشيخ صالح البحراني نزيل الهند، والفاضل الحكيم محمد بن صالح الجيلاني نزيل اليمن، ولد سنة 1062 في شهر صفر .
أخذنا الترجمة والشعر ملخصا من (نسمة السحر) ج 2 .
إنتهى الجزء الحادي عشر من [الغدير] ويتلوه
الجزء الثاني عشر ويبدء ببقية شعراء الغدير
في القرن الثاني عشر
والحمد لله أولاً وآخراً


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page