• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الرسالة الأولى في الغيبة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلاته على عباده الذين اصطفى وبعد سأل سائل فقال أخبروني عما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية هل هو ثابت صحيح أم هو معتل سقيم. الجواب وبالله التوفيق والثقة قيل له بل هو خبر صحيح يشهد له إجماع أهل الآثار ويقوي معناه صريح القرآن حيث يقول جل اسمه (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ ولا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا وقوله تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وجِئْنا بِكَ عَلى‏ هؤُلاءِ شَهِيداً) وآي كثيرة من القرآن. فإن قال فإذا كان الخبر صحيحا كيف يصح قولكم في غيبة إمام هذا الزمان وتغيبه واستتاره على الكل الوصول إليه وعدم علمهم بمكانه. قيل له لا مضادة بين المعرفة بالإمام وبين جميع ما ذكرت من أحواله لأن العلم بوجوده في العالم لا يفتقر إلى العلم بمشاهدته لمعرفتنا ما لا يصح إدراكه بشي‏ء من الحواس فضلا عمن يجوز إدراكه وإحاطة العلم بما لا مكان له فضلا عمن يخفى مكانه والظفر بمعرفة المعدوم والماضي والمنتظر فضلا عن المستخفي المستتر. وقد بشر الله تعالى الأنبياء المتقدمين بنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم قبل وجوده في العالم فقال سبحانه (وإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ولَتَنْصُرُنَّهُ) يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالَ (أَ أَقْرَرْتُمْ وأَخَذْتُمْ عَلى‏ ذلِكُمْ إِصْرِي يعني عهدي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) قال جل اسمه (النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ والْإِنْجِيلِ) فكان نبينا عليه السلام مكتوبا مذكورا في كتب الله الأولى وقد أوجب على أمم الماضية معرفته والإقرار به وانتظاره وهو عليه السلام وديعة في صلب آبائه لم يخرج إلى الوجود ونحن اليوم عارفون بالقيامة والبعث والحساب وهو معدوم غير موجود وقد عرفنا آدم ونوحا وإبراهيم وموسى وعيسى عليه السلام ولم نشاهدهم ولا شاهدنا من أخبر عن مشاهدتهم ونعرف جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت عليه السلام ولسنا نعرف لهم شخصا ولا نعرف لهم مكانا فقد فرض الله علينا معرفتهم والإقرار بهم وإن كنا لا نجد إلى الوصول إليهم سبيلا ونعلم أن فرض المعرفة لشخص في نفسه من المصالح مما لا يتعلق لوجود مشاهدة المعروف ولا يعرف مستقره ولا الوصول إليه في مكانه وهذا بين لمن تدبره. فإن قال فما ينفعنا من معرفته مع عدم الانتفاع به من الوجه الذي ذكرنا. قيل له نفس معرفتنا بوجوده وإمامته وعصمته وكماله نفع لنا في اكتساب الثواب وانتظارنا لظهوره عبادة نستدفع بها عظيم العقاب ونؤدي بها فرضا ألزمناه ربنا المالك للرقاب كما كانت المعرفة بمن عددناه من الأنبياء والملائكة من أجل النفع لنا في مصالحنا واكتسابنا المثوبة في أجلنا وإن لم يصح المعرفة لهم على كل حال وكما أن معرفة الأمم الماضية نبينا قبل وجوده مع أنها كانت من أوكد فرائضهم لأجل منافعهم ومعرفة الباري جل اسمه أصل الفرائض كلها وهو أعظم من أن يدرك بشي‏ء من الحواس. فإن قال إذا كان الإمام عندكم غائبا ومكانه مجهولا فكيف يصنع المسترشد وعلى ما ذا يعتمد الممتحن فيما ينزل به من حادث لا يعرف له حكما وإلى من يرجع المتنازعون لا سيما والإمام إنما نصب لما وصفناه. قيل له هذا السؤال مستأنف لا نسبة له بما تقدم ولا وصلة بينه وبينه وقد مضى السؤال الأول في معنى الخبر وفرض المعرفة وجوابه على انتظام ونحن نجيب عن هذا المستأنف بموجز لا يخل بمعنى التمام المنقول وبالله التوفيق فنقول إنما الإمام نصب لأشياء كثيرة أحدها الفصل بين المختلفين. الثاني بيان الحكم للمسترشدين. ولم ينصب لهذين دون غيرهما من مصالح الدنيا والدين غير أنه إنما يجب عليه القيام فيما نصب له مع التمكن من ذلك والاختيار وليس يجب عليه شي‏ء لا يستطيعه ولا يلزمه فعل الإيثار مع الاضطرار ولم يؤت الإمام في التقية من قبل الله عز وجل ولا من جهة نفسه وأوليائه المؤمنين وإنما أتى ذلك من قبل الظالمين الذين أباحوا دمه ودفعوا نسبه وأنكروا حقه وحملوا الجمهور على عداوته ومناصبه القائلين بإمامته وكانت البلية فيما يضيع من الأحكام ويتعطل من الحدود ويفوت من الصلاح متعلقة بالظالمين وإمام الأنام بري‏ء منها وجميع المؤمنين فأما الممتحن بحادث يحتاج إلى علم الحكم فيه فقد وجب عليه أن يرجع في ذلك إلى العلماء من شيعة الإمام وليعلم ذلك من جهتهم بما استودعوه من أئمة الهدى المتقدمين وإن عدم ذلك والعياذ بالله ولم يكن فيه حكم منصوص على حال فيعلم أنه على حكم العقلا لأنه لو أراد الله أن يتعبد فيه بحكم سمعي لفعل ذلك ولو فعله لسهل السبيل إليه. وكذلك القول في المتنازعين يجب عليهم رد ما اختلفوا فيه إلى الكتاب والسنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من جهة خلفائه الراشدين من عترته الطاهرين ويستعينوا في معرفة ذلك بعلماء الشيعة وفقهائهم وإن كان والعياذ بالله لم يوجد فيما اختلفوا فيه نص على حكم سمعي فليعلم أن ذلك مما كان في العقول ومفهوم أحكام العقول مثل أن من غصب إنسانا شيئا فعليه رده بعينه إن كانت عينه قائمة فإن لم تكن عينه قائمة كان عليه تعويضه منه بمثله وإن لم يوجد له مثل كان أن يرضي خصمه بما تزول معه ظلامته فإن لم يستطع ذلك أو لم يفعله مختارا كان في ذمته إلى يوم القيامة. وإن كان جان جنى على غيره جناية لا يمكن تلافيها كانت في ذمته وكان المجني عليه ممتحنا بالصبر إلى أن ينصفه الله تعالى يوم الحساب فإن كان الحادث مما لا يعلم بالسمع إباحته من حظره فإنه على الإباحة إلا أن يقوم دليل سمعي على حظره. وهذا الذي وصفناه إنما جاز للمكلف الاعتماد عليه والرجوع إليه عند الضرورة بفقد الإمام المرشد ولو كان الإمام ظاهرا ما وسعه غير الرد إليه والعمل على قوله وهذا كقول خصومنا كافة إن على الناس في نوازلهم بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يجتهدوا فيها عند فقدهم النص عليها ولا يجوز لهم الاجتهاد واستعمال الرأي بحضرة النبي ص. فإن قال فإذا كانت عبادتكم تتم بما وصفتموه مع غيبة الإمام فقد استغنيتم عن الإمام. قيل له ليس الأمر كما ظننت في ذلك لأن الحاجة إلى الشي‏ء قد تكون قائمة مع فقد ما يسدها ولو لا ذلك ما كان الفقير محتاجا إلى المال مع فقده ولا المريض محتاجا إلى الدواء وإن بعد وجوده والجاهل محتاجا إلى العلم وإن عدم الطريق إليه والمتحير محتاجا إلى الدليل وإن يظفر به. ولو لزمنا ما ادعيتموه وتوهمتموه للزم جميع المسلمين أن يقولوا إن الناس كانوا في حال غيبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم للهجرة وفي الغار أغنياء عنه وكذلك كانت حالهم في وقت استتاره بشعب أبي طالب عليه السلام وكان قوم موسى عليه السلام أغنياء عنه في حال غيبته عنهم لميقات ربه وكذلك أصحاب يونس عليه السلام أغنياء عنه كما ذهب مغضبا والتقمه الحوت وهو مليم وهذا مما لا يذهب إليه مسلم ولا ملي فيعلم بذلك بطلان ما ظنه الخصوم وتوهموه على الظنة والرجوم وبالله التوفيق


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page