• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الخلاصة,المقدمة

أطروحة (دکترین) ظهور المنقذ
بقلم: محمد جواد. م ،

الخلاصة
بما أن الله عزوجلّ أناط تغییر مصیر البشر بتغییر نفوسهم، و لم یشأ أن یفرض الدین علی الإنسان بالجبر و الاکراه، فإن ظهور الحجة المنتظر4 بعد قرون من الغیبة أمر یتعلق بتغیر نفوس الشیعة و إنتخابهم الحرّ. و «الفرج» و هو قدرة الإسلام الحقیقة منوط بإنتخاب حر لذلک الإمام4 من قبل الشیعة، إذ لن یثمر الانفعال و الخضوع للظلم سوی مزید من الضعف و الذلة.
إن غیبة الذخیرة الإلهیة لآخر الزمان المکتظ بالظلم و الجور، فرصة ذهبیة لمحو الأخطار و التهدیدات، و کل هذا سیتم علی یدی بقیةالله4 اللشیعة الصادقین الأکیاس، حتی تمهّد «التقوی و التقیة» عند البشر مقدمات الظهور.
الشیعة ألّذین یشعرون بثقل أعباء الغیبة علی کواهلهم، أدرکوا بکل فراسة و حنکة أنّ تشکیل حکومة محلیة و وطنیة فی أی عصر من عصور التاریخ، بحاجة إلی برمجة شاملة، و تربیة عناصر ممیزة و مخلصة، و تحشید الطاقات و الإمکانیات و غیر ذلک من العوامل الضروریة، فما بالک بتشکیل حکومة عالمیة تقوم علی أساس الدین و التقوی و الفضائل الأخلاقیة، و ذلک فی عصر السیادة المطلقة للکفر و الفسق العالمیین و شمولیة الظلم و الجور لکلّ أرجاء المعمورة. لهذا، یبدو فی الوهلة الأولی أنه من الضروری رسم خارطة «دکترین» (الأطروحة) للظهور بهدف صیاغة الأهداف، و مسار حرکة الشیعة، و تخمین الحجم الهائل للخطوات و البرامج التنفیذیة الصغیرة و الکبیرة... خارطة تکون لها قابلیة برمجیة ممتازة فی تقریب و توحید العالم الشیعی، و یکون بوسعها إخراج الشیعة عن حالة الانفعال فی إنتظارهم، و تعبئة کل التجارب التاریخیة و الفضائل العلمیة و الکوادر البشریة و الإمکانات المادیة للعالم الشیعی فی إطار خطة (برامج) جامعة و شاملة.
البحث ألّذی نقدمه الآن لقرائنا الناقدین المتبصرین بهدف رسم و بلورة رسالة التشیع فی عصر الإنتظار، یتوزع إلی قسمین رئیسیین:
القسم الأول: تبیین مکانة الإمام فی النظام الکونی و النظم البشریة، و دور شیعته فی تحقیق الوعود الإلهیة عن طریق معالجة المبانی النظریة للإعتقاد بالمهدویة و الرسالة الشیعیة. إن المفهوم الحقیقی للإنتظار کعملیة فاعلة، و لیست منفعلة، یعبّر عن رسالة التشیع فی عصر الإنتظار و واجبات الشیعة أمام الدین.
القسم الثانی: نحاول عن طریق طرح الرسالة العملیة للشیعة و أهدافها و إستراتیجیاتها فی عصر الغیبة، أن تخوض بشکل جاد و تطبیقی فی مشروع حکومة الصالحین و المتقین علی الأرض. فی ضوء التعمیق فی تاریخ التشیع، و تاریخ الدین، و تاریخ الأنبیاء و الأولیاء معه من ناحیة، و بنظرة واسعة شاملة لعالم التشیع، بل للعالم السیاسی المعاصر من ناحیة ثانیة و باستلهام الروایات الخاصة بالظهور التی تضیئ لنا مشهد العالم خلال عصر الظهور من ناحیة ثالثة، تمت صیاغة مشروع یبتنی تماماً علی إجتهاد فقهاء شباب ترعرعوا فی تربة القرآن، و تربوا فی مناخات العقل النظری و العقل العملی، و أضحوا قادرین عبر تمکنهم من العلوم و المعارف و اللغات الحیة فی العالم، علی التقدم بخطوات حثیثة ـ و بفضل أفکار منظمة و مؤسسات قدیرة ـ فی طریق تربیة أنصار المهدی و إنتاج برمجیات حکومیة، و إعداد ثقافة عالمیة لکل الأرض، إلی درجة ترتفع معها أسباب الغیبة فی خواص الشیعة و فی عمومهم، و کذلک فی الروح و الثقافة العالمیة، إن شاء الله.
و الجدیر بالذکر أن هذه المقالة مستقاة من رسالة «اطروحة (دکترین) الظهور» أو «خارطة الشیعة من الیوم حتی الظهور»وَنُرِیدُ أَن نَّمُنَّ عَلَی ألّذینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الأرض وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِینَ
«السلام علی ربیع الأنام و نضرة الأیام»

المقدمة
إنّ تفکیر الإنسان فی أسرار بدایة حیاته الفردیة و الإجتماعیة و نهایتها، کان عملیة جاریة علی الدوام فی التاریخ البشری. فمستقبل البشریة و نهایة التاریخ، و غایة الحیاة الإجتماعیة، کانت علی الدوام موضوعاً لتفکیر الإنسان و تأملاته. المتعطشون إلی العدل، و الباحثون عن الحقیقة، و المؤمنون فی أعماق وجودهم بالله و بالدین، لم یکن بوسعهم تصدیق أن الخالق الحکیم العادل، خلق عالماً و دبره بمنتهی الحکمة و العدالة، لکنه ترک المجتمع الإنسانی لحاله حتی نهایة حیاته الدنیویة کی یصادر حکام الجور و الفسق دائماً و ابداً العدالة و الأمن و الثروة لصالحهم، و یوظفوا مفکری التملق و رجال دین البلاط من أجل إستغلال ثمار العلم و الدین فی سبیل مزید من إستمتاعهم و هیمنتهم الدنیویة.
کما أن تعالیم الأنبیاء و الأدیان التوحیدیة بدورها تحدثت بکل تفاؤل و حماس و ثقة عن المستقبل الایجابی للعالم حیث یظهر مصلح من ذریة الأنبیاء یملأ العالم بالعدل و القسط. والفرق و الأدیان غیر الإبراهیمیة أیضاً و المدارس و المسالک البشریة تحدثت هی الأخری عن ظهور منقذ للبشریة فی نهایة التاریخ. لذا یمکن الأعتبار بشارة الموعود و الوعد بالمخلص أمراً فطریاً و عقلیاً و دینیاً فی تاریخ البشر، رغم أن أی دین أو مذهب لم یتحدث عن المنقذ الموعود بأدق و أعمق و أکثر صراحة و ثقةً من التی نلاحظها فی التشیع.
و من جهة أخری، نشهد الیوم دعایة سلبیة واسعة النطاق ضد الحکم العالمی للمصلحین بمحوریة الإنسان المصلح الموحد. ان هذا التیار یکرَّس من قبل إلهیمنة الرأسمالیة اللیبرالیة، و سیادة خلایا الرأسمالیة الیهودیة فی الدفاع عن الواقع العالمی الحالی و هرم سلطة الحکام فی عصرنا الراهن.
و بالامکان رصد العناصر التالیة فی أعماق هذا التیار الدعائی السلبی:
ـ الایمان بالمهدویة حصیلة خیال الإنسان، فالنزعة المثالیة لدی الإنسان غرست بذور هذه الاسطورة المهدویة فی أعماق الوجود البشری، و الإضطهاد ألّذی تعرض له معظم الناس بنحو متکرر و متواصل سقی هذه البذور و نمّاها. لذلک فإن الإعتقاد بالمهدویة رغم أنه فکرة زلال و حلم وردی عذب، الاّ انه بالتالی أسطورة لا نصیب لها من الواقع.
ـ إن المخلّص الموعود اذا ظهر لایمکن أن یکون موفقا و ناجحا. هذا هو التیار الدعائی لهولیوود ألّذی طرح بحجم هائل خلال العقدین الاخیرین، إن التقتنیات العلمیة المتطورة، و التطورات التسلیحیة الحدیثة فی داخل المنظومة اللیبرالیة الدیمقراطیة جعلت من جنود و عساکر حکام الجور قواتٍ ذکیة و قادرة بمفردها علی دحر و تدمیر کل معارضی السلام و الاستقرار فی الأرض بشراً کانوا أو غیر بشر. و أحد معارضی السلام و النظام العالمی الجدید هو الإمام المهدی4 موعود العرب و المسلمین ألّذین لا حظّ له من النصر.
ـ الایمان بالمهدی فکرة شمولیة تنادی بسلطة الفرد علی العقل الجمعی، والحال أن البشریة نالت مرحلة من البلوغ الفکری و الکمال العقلی ألّذی لایقبل معه السلطة المطلقة و الشاملة لادعیاء القدسیة و الملکوتیة. و هکذا یرسمون للإمام المهدی فی أذهان العالم صورة استبدادیة لحاکم یتصرف خلافاً لـ «سلطة العقل الجمعی» ذات الطابع المقدس والمنطقی.
ـ فکرة المهدویة وعد بالعدل و الأمن فی نهایة العالم، و الحال أن نهایة العالم قد حلّت فعلاً و تحققت الجنة الموعودة علی الأرض. و فی هذا السیاق تحدث منظروا الرأسمالیة اللیبرالیة الدیمقراطیة مثل پوپر و فوکویاما عن نهایة التاریخ بمحوریة و سیادة الولایات المتحدة الأمریکیة زاعمین أن أمریکا هی الیوتوبیا الأفلاطونیة و المدنیة الفاضلة الفارابیة فی کل التاریخ البشری. لذلک، لو کان الإنسان ینشد حقاً الجنة الموعودة فی الدنیا فعلیه الخضوع لإرادة الساسة الأمریکان فی نظامهم العالمی الجدید و سیادتهم المقتدرة، و هذا بمنزلة «تکریس النظام اللیبرالی الرأسمالی فی نهایة التاریخ».
یروم الاستکبار العالمی من هذا الهجوم الدعائی الواسع علی أحد الأرکان المتینة للفکر الشیعی، تعبئة الروح و الإرادة العالمیة ضد فکرة المهدویة و شخصیة الإمام المهدی4. لذلک یطرح هذا السؤال: ما ألّذی یمتلکه العالم الإسلامی و التشیع من مشاریع و برامج المواجهة العالمیة (و لیست محلیةً أو اقلیمیة) لهذا الهجوم العنیف؟ ألم یحن الآن وقت تنظیم الأفکار العالمیة لتبیین المعارف الشیعیة و الولائیة و المهدویة فی مقابل السعی الحثیث للنظام اللیبرالی الرأسمالی الأمریکی فی تنظیم و تحشید أفکار العالم ضد لباب التشیع و أساسه «أی الولایة و المهدویة»، فی الوقت ألّذی یجری فیه الحدیث عن نهایة العالم، بمحوریة أمریکا و النظام العالمی الجدید؟ ألم یحن الوقت لصیاغة النظام العالمی الإسلامی بمحوریة الفکر الشیعی؟ هل یجب ان یکون الشیعة مقصودین بکلام الإمام علی7 إذ قال: «تکادون و لا تکیدون و تنتقص أطرافکم فلا تمتعضون، لا ینام عنکم و أنتم فی غفلة ساهون، غُلب و الله المتخاذلون».
ألّذی نعتقده هو أن المسار الطبیعی للحیاة الاجتماعیة تجاوز الحدود العائلیة و القبیلة و العشائریة و القرویة و المدینیة و القطریة و الإقلیمیة و حتی القاریة، إلی الرحاب و الطبیعة العالمییة. فالأنظمة الاجتماعیة و السیاسیة و الاداریة و حتی الثقافیة تتحرک بسرعة هائلة نحو العولمة، و کافة البرمجیات بدأت تتشکل داخل البنی و الصلائه العالمیة إلی جانب الاجهزة و التقنیات الازمة، إلی درجة یتسنی القول معها ان البشر فی عصر الإتصالات یقف علی عتبة القبول بالحکومة العالمیة الواحدة.
هذا من جهة و من جهة أخری إفتعل النظام الرأسمالی لسیطرته علی المصادر و الإمکانات المادیة و الإنسانیة فی العالم نظاماً هرمیاً یقف علی قمته الرأسمالیون و معظهم من الصهاینة. أما بقیة الشعوب فتقع فی عدة هذا الهرم النشاز لتتحمل أعباء القمة و ثقلها، و تبقی راضیة عن سیادة هذا الهرم السلطوی بفعل تحمیق الدعایة الحدیثة و تکریس ثقافة الکفر و الفسق.
لذلک یستطیع الشیعة عن طریق توجیه الرأی العام و الدعوة إلی حکومة المهدی العالمیة، و هی حکومة العدل العالمی، و الأمن العالمی، و الثروة العالمیة، و العزة العالمیة، و الحکمة العالمیة، و بکلمة واحدة «الدین الإسلامی العالمی»، أن یبتلعوا نتائج کل المکائد التی افتعلها سحرة العصر فی داخل عصاهم الموسویة. إن شعارات «العدالة للجمیع، و الأمن للجمیع»، و الثروة و العزة و الحکمة للجمیع اذا ما عرضت بمنتهی الحکمة و الاقتدار و بأجمل الاشکال الإعلامیة علی قاعدة الهرم السلطوی، فستخلق تحولاً فی رؤی الشعوب التی تسکن القاعدة یشعل القلوب المتوجعة و الصدور المتحرقة بنیران حب المهدی و إنتظار فرجه.
بمستطاع الشیعة ان یتحرکوا فی طریق تغییر «إلهیمنة السلطویة، و الهندسة السیاسیة، و الحدیث الدینی، و الثقافة العالمیة العامة»، و هدایة العالم من شتاء الامتلاء بالظلم و الجور إلی ربیع الامتلاء بالقسط و العدل. ألسنا نقرأ فی ندبة الإمام المهدی: «السلام علی ربیع الأنام و نضرة الایام»؟ أجل، التحرک فی أعماق الشتاءات المیتة الخالیة من الروح حیث تتجمد الارادات و الأفکار و المعنویات بریاح الکسل و الارتخاء الباردة، عملیة فی غایة الصعوبة و التعقید. ینبغی تدفیق الدم الساخن للجهاد الحسینی و الحرارة المتوهجة لإنتظار المهدی فی عروق الشتاء المتصلبة. ألاتشتاقُ براعم الربیع فی نهایة الشتاء و علی أمل مطالعة وجهه النظر إلی التفتح و التعإلی فی الأجواء النقیة؟ ثم ألیست العلة فی حرمان الناس من لقاء الحجة المنتظر4 هی ذنوبهم و سلبیاتهم: (ما یحسبنا إلا بما یتصل بنا مما نکرهه منهم) و علی حد تعبیر الشیخ نصیر الدین الطوسی: (وجوده لطف و تصرفه لطف آخر و عدمه منا).


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page