• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

نشر و تعمیق ثقافة إنتظار الحجة(عج) علی مستوی العالم

 

المقال الثانی: شرح الهدف الأول
نشر و تعمیق ثقافة  إنتظار الحجة(عج) علی مستوی العالم
إنّ تاریخ البشریة ینبیء عن غلبة الظلم و الجور و الفساد فی الأرض، و سفک الدماء و حکومة الکفر و الشرک. أمّا مساعی الأنبیاء و الأولیاء و جهادهم فتقیّد بتربیة عدد من المؤمنین و الموحدین و تشکیل حکومات محلیة و موقته، و للأسف فإن هذه الحالات أیضاً منیت بانحرافات و بدع و آفات الانتقائیة فخرجت عن المسار الصواب و الصراط المستقیم. و مع هذا فإن نجاحات الأنبیاء فی نشر التعالیم الدینیة و الإلهیة، حضَّت جبابرة التاریخ و جائریه علی اجتناب الظلم البیّن و الشرک العلنی و التظاهر بالالتزام بالأدیان الإلهیة، و إعادة صیاغة مظالمهم، و خلع لبوس الأدلة و البراهین علی حکومة الجور، و التظاهر بالقداسة و التأله. حتی یتصور الناس عن هذا الطریق أن الواقع القائم هو الوضع الطبیعی و الحتمی و المنطقی و ألّذی یمثل القدر الإلهی، فیرضون عنه. و لم یجتنب الجبابرة لأجل تحقیق أهدافهم هذه، حتی تحریف الأدیان الإلهیة و استخدام علماء الدین المرتبطین بالبلاط.
و فی القرون الاخیرة تمّ إخراج الدین بطریقة محترمه من دائرة العلم و السیاسة، و أرسیت دعائم الانظمة العلمانیه باللیبرالیبة الدیمقراطیة لجرّ المظلومین تحت طائلة المشارکة و حکومة الشعب، و القانون، و المدنیة، إلی مسالخ الفساد و الابتذال الأخلاقی و الانحلال الدینی و العقیدی و سائر الظواهر السلبیة التی تمکنوا عبر مؤسساتهم السیاسیة و قدراتهم العسکریة و امکاناتهم المالیة و الدعائیة الضخمة من تکریسها فی أذهان الناس و الثقافة العامة و تسریبها إلی المعاهدات و القوانین المحلیة و الدولیة، و إعلانها علی إنّها من ضروریات التفکیر اللیبرالی و من ممیزات النظام اللیبرالی الدیمقراطی التی یفخرون و یباهون بها.
و النقطة الجدیرة بالإهتمام هی أنّ نظام الاستکبار العالمی و الصهیونیة الدولیة و بهدف تحمیق الشعوب و تعمیق الجاهلیة الحدیثة، استطاعت بفضل التقنیات المتطورة و لا سیما الاعلامیة منها أن ترضی الناس عن هذه الحیاة و تعودهم علیها إلی درجة لا یشعرون معها بظلامهم، و یبقون یعانون من جهل مرکب کجزء من کیان الانظمة الجائرة الظالمة. و هذا هو فی الواقع امتلاء المجتمع الإنسانی بالظلم و الجور ألّذی یستغرق الناس إلی أعماقهم. و خضوع المجتمع العالمی للظلم یحول دون تمرده علی هذا النظام الجائر المتجبر. و هکذا، فإن الطرد التام للدین و التظاهر بالتدین، تَقدّم الکفر و الشرک خطوة أخری نحو وضع أفضل بالنسبة من سابقته التاریخیة.
لذلک ینبغی علی أصحاب الایمان و التوحید أیضاً بطردهم کافة أوجه الکفر و الشرک فی المجالات السیاسیة و الاقتصادیة أن یتقدموا نحو وضع أفضل بالنسبة لهم. و الخطوة الأولی هی خوض غمار الفکر و الثقافه لتنقیة و تهذیب ثقافتهم و أدبیاتهم لکی یملأوا فکرة و ثقافة المجتمع و البشری من الشعور بالحاجة إلی القسط و العدل الحقیقیین الثابتین الشاملین، و یخرجون المجتمع العالمی من الظلم ألّذی تخبطوا فیه، و لیفهموا الناس أنّهم یتعرضون للظلم عامة،و یزرعون فیهم إرادة الانعتاق من هذا الظلم. ان هذا التغییر فی المشاعر و الافکار و الحث علی القسط و العدل هو مقدمة استعداد البشریة لاستیعاب ظهور المنقذ العالمی. و فی هذا السیاق لابد من حصول تغییرین اثنین:
1. یجب ان یشعر المجتمع العالمی فی أمریکا و أوربا و آسیا و إفریقیا بالظلم و الجور، و یعتبر الناس أنفسهم فی عداد المظلومین فی التاریخ، لا ان یتقبلوا الظلم کواقع و یتعودوا علیه، و قد یرضوا عنه فی کثیر من الأحیان.
2. یجب لمس القسط و العدل الحقیقیین، و الأهم من ذلک فتح بوابة الفضائل و الکمالات فی ظل التوحید، و الإستعداد للتحرک نحو هذه الفضائل.
نعتقد أنّ الهدف الأول ألّذی یجب أن یتابعه العالم الشیعی علی الصعید الثقافی هو إیجاد و تعمیق و تنمیة ثقافة إنتظار الحجة المهدی (أرواحنا له الفداء) علی مستوی العالم، و خصوصاً العالم الإسلامی، و نری أنّ هناک تسع إستراتیجیات لتحقیق هذا الهدف الضروری الحاسم.
المقال الأول: الإستراتیجیات التسع فی الصعید الثقافی
1. تغییر الأدبیات القدیمة للمحافل الدینیة من حالة الانفعال، إلی أدبیات جدیدة ذات طبیعة فاعلة و هجومیة، و ذلک فی إطار تبیین و نشر المعارف الدینیة بنظرة عالمیة و لیست إقلیمیة محدودة، خصوصاً فیما یتعلق بـ «المهدویة و الإنتظار».
2. شرح أبعاد الجاهلیة الحدیثة فی المجال الثقافی و الحضاری و الانظمة السیاسیة المعاصرة.
3. إشاعة المعارف و التعالیم و الرؤیة الدینیة (و هی العناصر المشترکة بین کافة الأدیان التوحیدیة عموماً، و التعالیم الإسلامیة علی نحو الخصوص).
4. تنمیة روح الإرتباط بالله و البحث عن الحقیقة و طلب العدالة فی العالم (کما هو الحال بالنسبة لموجة بالمطالبة بالاستقلال فی القرن الـ 19، و حرکات التحریر فی القرن الـ 20).
5. تکریس المحبة و المودة لأهل البیت فی العالم عن طریق عرض سیرهم و أبعاد حیاتهم و شخصیاتهم و معارفهم بأعتبارهم الثقل الأصغر.
6. تبیین و نشر الأبعاد المختلفة لثقافة الجهاد و الاستشهاد العاشورائی.
7. تشخیص النخب الحرة فی العالم و تنظیمهم و إمدادهم فکریاً.
8. خلق تقارب باقصی الدرجات بین الآراء و الطاقات فی العالم الإسلامی.
9. تنظیم و تنسیق الطاقات المحوریة و النخب الشیعیة.
شرح الاستراتیجیات التسع فی الصعید الثقافی
1. الإنصراف من الأدبیات المنفعلة و تنظیم و إیجاد أدبیات جدیدة ذات طبیعة فاعلة و هجومیة، و ذلک فی إطار تبیین و نشر المعارف الدینیة بنظرة عالمیة، خصوصا فیما یتعلق بأطروحة «المهدویة و الإنتظار».
قطع التشیعُ لحد الآن طریقاً طویلاً و بصورة جدیدة لتکریس هویته و نشر فضائله و خلق حالة الحب و المخلص الناجم عن الفطرة الباحثة عن الکمال، و تعرفت جموع الشیعة الغفیرة بشکل إجمالی أو تفصیلی علی منزلة الأئمة الأطهار، و ارتبطوا معهم بعلاقات حبّ و مودة و إخلاص حقیقی. و فی المجتمعات غیر الشیعیة أیضاً إستمع الکثیرون إلی المعارف الشیعیة و استوعبوها فشدتهم إلی الأئمة الأطهار برباط الحب و المودة، و نظروا الیهم بأعتبارهم شخصیات ایمانیة متکاملة.
لذا فقد تضمنت الأدبیات التبلیغیة الشیعیة الکثیر عن خصال أهل البیت و معارفهم و حثت علی حبهم و مودتهم. و یمکن القول ان نصف الطریق قد قُطع بذلک لحد الآن، و وصلت الکرة إلی منتصف الساحة، و ینبغی فی النصف الثانی من الطریق، الإعداد و التعلیم لأدبیات الهجوم أو الهجوم فی الأدبیات. إنّ الأدبیات و الخطاب التبلیغی للشعراء و الخطباء و الوعاظ و المداحین فی شرح أهداف الأئمة: و واجبات أصحابهم، و النواقص المعرفیة و الشخصیة للشیعة ألّذین عاصروا الأئمة، و دور العوام و الخواص فی تعیین مصیر الشیعة من البدء و حتی الیوم، یجب أن ینظم و ینسّق بنظرة شمولیة عالمیة، و لاسیما أدبیات الظهور التی تجیب عن أسئلة من قبیل:
هل یجب أن تنطلق واجبات الشیعة فی تعجیل الفرج و الظهور من موقع الانفعال أم من موقع الفعل؟ ما هو الواقع فی عصر الظهور و کیف سیکون وضع الشیعة؟ ما هی خصوصیات و کمالات أعوان المهدی و کیف یمکن تنمیة هذه الکمالات فی المجتمع الشیعی؟ ما هو دور الشیعة فی توفیر مقدمات الظهور نشر المعارف المهدویة، و إیجاد روح الإنتظار مع الحفاظ علی السلامة الدینیة و الأخلاقیة، و تأثیر معارف أهل البیت فی شرح واجبات الشیعة اثناء الغیبة الکبری و مسائل أخری...
فی هذا السیاق ینبغی عن طریق توعیة الوعاظ و الشعراء و المداحین و الباحثین و الکتاب و المخرجین، إنتاج کمیات هائلة من الأعمال الثقافیة و الفنیة فی إطار التعبئة المیلونیة للشعوب و بما یتناسب و متطلبات الزمان و المکان، نظیر القصائد و الأناشید الثوریة المتعلقة بواجبات الشیعة و رسالتهم العالمیة، و الخطب و المحاضرات الإسلامیة الهادفة إلی إیجاد تحول عالمی و صناعة ثقافة عالمیة، و المسرحیات و الأفلام التوحیدیة لتقدیم القرآن بلسان کل قوم و... الخ.
2. شرح أبعاد الجاهلیة الحدیثة فی المجال الثقافی و الحضاری و الانظمة السیاسیة المعاصرة الحاکمة
الإنحطاط الخلقی و إلغاء القیم الإنسانیة و رسوخ الکفر و الشرک فی ظواهر و أعماق الحضارة الغربیة أمور یمکن مشاهدتها عیاناً، و هی لا تستنکر طبعاً، و انما یفتخر بها بمعونة طرح أفکار من قبیل سیادة العقل الجمعی و اللیبرالیة و العقیدیة و السیاسیة و الاقتصادیة، و التبریرات العلمانیة و الاندیویدو آلیسیة و الأومانیة. کما یجری عن طریق التعددیة و السوفسطائیة و الستیسمیة و المعرفیة سد الطریق علی استنکارها و معارضتها. ثم یعد العمل بالاحکام و القیم الأخلاقیة ضرباً من الرجعیة و الحماقة، و التدین حصیلة نظرة تقلیدیة و طفولیة لحوادث العالم.
کل الذنوب الکبیرة المطروحة فی الأدیان الإلهیة نراها الیوم و بمعونة التقنیات الغربیة تتغلغل بشکل واسع جداً إلی أعمق طبقات المجتمعات الإنسانیة و أخصّ المحافل الاجتماعیة فتحطّها و تهبط بالإنسانیة إلی أکثر المراتب حیوانانیة، و تقنن حیوانیة الإنسان و تجعلها مؤسساتیة، إلی درجة یمکن معها القول أن: «ولید الحضارة الغربیة حیوان متحضر» و کأن ثمرة الافکار المخلصة و جهاد المفکرین الغربیین تحولت إلی أدوات و تقنیات تجعل الإنسان الغربی علی المستویات السطحیة و العمیقة یعمل بطریقة اکثر حیوانیة، و تکون أعماله الحیوانیة أکثر قانونیةً. أجل، إنّ حصیلة العقل الجمعی و النبوغ الفردی من دون هدایة إلهیة و إستمداد وحیانی، هو امتلاء الأرض بالظلم و الجور و الفسق و الفجور.
فالإنسان ألّذی یعتبر فی الفکر الوحیانی «خلیفة الله علی الأرض» و أمین الله و المخلوق ألّذی کرمه الله و فاخر به و سجدت له الملائکة و إطاعته و علّمه الله الأسماء، و هو إلی ذلک صاحب العقل و الإرادة و التدبیر و الفطرة السلیمة و ألّذی یمکن ان ینال مقام العبودیة و القرب الربوبی، هذا الإنسان أین وصل یا تری فی الحضارة الغربیة؟ ما هو الإنسان ألّذی یمکن ان نتوقعه من؟الحضارة السجینة نظریاًَ و تأسیساً خلف قضبان الشک و النسبیة المعرفیة، و الاسیرة فی نتاجاتها داخل قضص النزعات الفردیة و الدنیویة، فی زمن ارتخاء المتدینین و تقاعسهم، إمتلأت الحضارة الغربیة داخلیاً بالشرک و الکفر و الفسق و الظلم و باقی القبائح التی أظهرتها الأذهان الخلاقة و التقنیات المتطورة جمیلة و مزّورة فی ظاهرها، و قد استمرت هذه الوتیرة إلی أن بدأت ترشحها إلی الخارج فملأت الأرض بقذاراتها.
ینبغی تبدیل عصر تقدیس السامری إلی عصر موسوی.
لذلک کانت الإستراتیجیة المفتاحیة الأخری فی التمهید للظهور هی شرح أبعاد الجاهلیة الحدیثة و إسقاط الاقنعة الجذابة عن الوجه الحقیقی للحضارة الغربیة.
3. إشاعة المعارف و التعالیم و الرؤیة الدینیة (العناصر المشترکة بین کافة الأدیان التوحیدیة عموماً، و التعالیم اللإسلامیة علی وجه الخصوص)
ان انحراف البشر ضلالتهم التی تتجلی عبر الابتذال و المفاسد الشاملة و کثرة الأمراض الروحیة التی أصیبوا بها رغم رفاههم الدنیوی، هی حصیلة نسیان الله و جوهر الأدیان الإلهیة و غیابهما عن القوی الفاهمة و العاقلة لدی الإنسان، و الإبتعاد عن تعالیم مثل وحدانیة الخالق، و نبوة السفراء الإلهیین، و الغیب و المکوت، و القیامة و المعاد، و الاحکام و القوانین الاجتماعیة، و الاوامر و النواهی الأخلاقیة. الرؤیة و التفاسیر الإسلامیة المشترکة فی بعض عناصرها مع سائر الأدیان الإلهیة، مضافاً إلی التعالیم الإسلامیة و الشیعیة الخاصة بوصفها عصارة جمیع الأدیان الإلهیة و جوهرها، لها تأثیر کبیر فی المعرفة و الثقافة البشریة و اکتشاف الجاهلیة الحدیثة، و بالتالی ظهور الإمام المهدی. إنّ حقیقة تعالیم مثل العدالة و الولایة و المهدویة لاتختصّ بالتشیع، إنما هی جوهرة و عصارة تعالیم جمیع الأدیان التوحیدیة. و إنّ وعد الأدیان و المذاهب الإلهیة بل و حتی المدارس و الفرق البشریة بالمنقذ و المصلح العادل فی عصر نضج الحیاة البشریة، و حکم و احتجاج الإمام المهدی مع المسیحیین علی اساس حقیقة الانجیل، و مع الیهود علی اساس حقیقة التوراة، و مع اتباع سائر الأدیان بشرائعهم الخاصة دلیل علی إقبال و إهتمام المتدینین کافة بمن یدعی المهدویة، و هذا بحد ذاته دلیل علی معرفتهم و ایمانهم بتعالیمهم الدینیة.
لذلک فإن تبلیغ العناصر بین الأدیان التوحیدیة و اجتناب القضایا الخلافیة، إلی جانب تبلیغ و نشر المعارف الإسلامیة، یُعدّ من الاستراتیجیات الثقافیة للشیعة فی عصر الغیبة.
4. تنمیة روح الارتباط بالله و البحث عن الحقیقة و طلب العدالة
عرفت حکومة المهدی العالمیة بالقسط و العدل. و قد کانت العدالة علی الدوام من أکثر مطالبات البشر أصالة و أهمیة. و تحأول الحضارة الغربیة الیوم بکل ما أوتیت من قوة أن تحبس العدالة بمعونة الافکار الاندیویدوآلیسمیة و الابیقوریة، فی النزعة الفردیة و طلب اللذة، و تحل محلها أصالة المنفعة لـ «جون بنتام»، و توسع من مفهوم التعددیة المعرفة و المیول العلمانیة الفردیة کی تجفف إلی الأبد جذور شجرة العدالة العظیمة و البحث عن الحقیقة. حینما یسمح الزعماء الغربیون لأنفسهم بذریعة مصالحهم فی أقصی مناطق العالم أن یتجاهلوا حقوق الشعوب و قوانین النظام الدولی، و یتواجدوا فی أیة منطقة من العالم برایات القراصنة، علی غرار المغامرین المستعمرین البرتغال و الأسبان فی القرن السابع عشر و الثامن عشر للمیلاد، فما ذلک الاّ بفعل تکریس روح الرضا عن الظلم مقابل الحصول علی مصالح جزئیة و لذات آنیة. و هذا ما حصل بفضل وسائل الإعلام عن طریق «تضخیم قدراتهم العسکریة و السیاسیة و الاقتصادیة، و الاستهانه بقدرات و إرادة الشعوب، و التشکیک فی القدرة الادرایة و الإخلاص الباطنی للنخب الوطنیة، و إرهاب الشعوب و تحمیقها».
لذلک فإن الإستراتیجیة المهمة الأخری فی الصعید الثقافی هی تنمیة روح الارتباط بالله و طلب الحقیقة و نشر العدالة علی مستوی العالم. و بالنظر لفطریة هذه المفاهیم و خلود الأمور الفطریة و ثباتها، یجب العمل بنحو جاد للارتباط بالله و البحث عن الحقیقة و طلب العدالة تمهیداً لظهور المهدی «القیام لله مثنی و فرادی».
5. تکریس المحبة والمودة لأهل البیت فی العالم عن طریق عرض سیرهم و أبعاد حیاتهم و شخصیاتهم و معارفهم
إنّ سیادة النظام الشیوعی لمدة سبعین عاماً، و أعتباره الدین أفیوناً للشعوب، و قمعه الناس طوال جیلین، و إغلاقه الکنائس و المساجد و منعه ممارسة المراسم و المناسک الدینیة، لم یکن لذلک من أثر سوی شد الناس إلی الدین أکثر و مضاعفة تعطشهم إلی الدین. و فی الحضارة الغربیة الحدیثة ذات الثلاثمئة سنة کلما کرسوا حیوانیة الإنسان اکثر، کلما زادوا من عطش الإنسان المرهق النافر من التربیة الغربیة إلی الحقیقة و النموذج الأمثل. قد یمکن إخفات نور الفطرة، و لکن من المستحیل اطفاؤه و محوه نهائیاً عن ساحة الوجود الإنسانی. إنّ الاحرار و ذوی الإستقلال لا یتبعون ای مدرسة أو مسلک کیفما إتفق، و لا یؤیدون أی قائد أو مصلح ظهر. فالأفراد أصحاب الهندسة الوجودیة العقلانیة و الاستدلالیة لا یخضعون بسهولة لأسر النظم الاستدلالیة و المدارس الغربیة. و الناس المتعطشون إلی المحبة و الطمأنینة القلبیة، لم یستقروا بعد فی منزل أیة مدرسة أو مسلک.
لذلک فإن دائرة الأسوات الحقیقیة للبشر، وهم المعلمون و المرّبون الصادقون للإنسان فی طریق الفطرة السلیمة و الدین الإلهی القیم، یمکن أن تخلق تیاراً من الاقبال والانجذاب بین الناس. فالإنسان صاحب الفطرة الیقظة و الروح الحرة والعقل الباحث عن الحقیقة و القلب الظامئ إلی المحبة لا یرتوی الاّ من الروح الحرة المتعالیة و المنطق و البرهان المتین و الدقیق و المحبة و المودة الربوبیة و القدسیة لأهل بیت العصمة و الطهارة. و من هنا فإن إحدی الاستراتیجیات المهمة فی المجال الثقافی تنمیة و تعمیق المحبة لمحمد(ص) و آل البیت(ع) فی العالم.
6. شرح و نشر الأبعاد المختلفة لثقافة الجهاد و الاستشهاد العاشورائی
عاشوراء هی مظهر الإسلام المحمدی الأصیل و التشیع العلوی الخالص. إنّها عصارة تعالیم الأنبیاء الإلهیین و خلاصة التعالیم الدینیة. عاشوراء تجلی الحب الربوبی و تبلور المحبة الإلهیة التی یمکن أن تربط الإنسان بربّه. عاشوراء رمز الحیاة الحسنة و سر خلاص الإنسان من الکفر و الظلم. الجهاد و الثورة الإلهیة بدایة الإنسان، و الشهادة نقطة انطاق حیاة الإنسان عند ربه. ان ثقافة عاشوراء هی ید القضاء علی وصمة کل الوان الکفر و الشرک و الظلم و الجور عن جبین التاریخ. من هنا کانت ثقافة الجهاد و الشهادة أساس ثقافة الإنتظار و لبابها، و ما حقیقة الإنتظار إلّا إرتداء ثیاب الجهاد و الإرتواء من کأس الشهادة... الجهاد و الشهادة اللذین فسّرا و تحقّقا فی محرم سنة 61 هجریة بدماء سیّد شهداء الوجود.
لهذا کانت إشاعة ثقافة عاشوراء إشاعة للحقیقة الخاصة للأدیان التوحیدیة، و عصارة جهاد الأولیاء الإلهیین، و ترویجاً لروح الإنتظار و ثقافة الفرج. انها الثقافة و الافکار التی تتقبلها روح کل إنسان حر.
7. تشخیص النخب الحرة فی العالم و تنظیمهم و امدادهم فکریاً
النخب هم محور و أساس الحرکات الإجتماعیة و النهضات الثقافیة، و توجد بینهم نماذج حرة ذات همة عالیة و روح باحثة عن الحق و العدالة. و یمکن رصد مظاهر التأثیر فی افکارهم من خلال أعمالهم الکلامیة و کتاباتهم و نتاجاتهم التصویریة و سلوکیاتهم التربویة و الاجتماعیة و السیاسیة. لذلک کان الارتباط بهم و التواصل معهم و إقامة حوار عقیدی و دینی معهم بقصد تعریفهم علی حقائق العالم المعاصر، بمثابة تمهید و إعداد الأرضیات و دینی التحول و الحرکات الاجتماعیة و ربطها مع بعضها علی أعتاب الظهور.
8. خلق تقرب بأقصی الدرجات بین الآراء و الطاقات فی العالم الإسلامی
إنّ أهمّ عوامل رکود و حفوة الحضارة الإسلامیة المتألقة و ضمور عناصرها البناءة أی القیم و الافکار و الروح و الثقافة الإسلامیة هو ظهور حالات التفرقة و الاختلاف فی إدارة العالم الإسلامی. ألم تکن هناک إختلاف کلامیة و فکریة و فقهیة طوال قرون السیادة المطلقة للحضارة الإسلامیة علی العالم؟ الاّ ان هذه الاختلاف لم تمنع ابدأ من ازدهار و تنامی و دوام تلک الحضارة العظیمة؟ إذن لماذا لانکون متفاءلین بامکانیة تقارب الآراء و الطاقات فی العالم الإسلامی؟ و إحلال ثقافة «الوحدة الإسلامیة» محل ثقافة «التفرقة الشیطانیة»؟
بمثل هذه الثقافة یمکن التحرک نحو تقریب المذاهب الإسلامیة بأکبر درجة ممکنة و تکریس الألفة و المؤانسة بین مفکری العالم الإسلامی، و بالتالی تعبئة کل إمکانات العالم الإسلامی و مصادره المادیة و المعنویة و الإنسانیة.
9. تنظیم الطاقات و النخب الشیعیة
إنّ تحقیق الاستراتیجیات السابقة منوط بتنظیم و تنسیق داخلی لعالم التشیع و لاسیما النخب الشیعیة. إنّ عملیات خلق أدبیات فاعلة و هجومیه لمفهوم الظهور، و تبیین أبعاد الجاهلیة الحدیثة، و تمنیة روح المطالبة بالعدل فی العالم، و تبلیغ و نشر المعارف الدینیة، و تعریف اهل البیت علی مستوی العالم، و إشاعة ثقافة الجهاد و الاستشهاد العاشورائی، و تنظیم و امداد النخب الحرة، و خلق تقریب وحدة إسلامیة، و تبیئة الدین عن طریق تنظیم الهجرة، کل هذه لیست بالعملیات السهلة الیسیرة، و إنّما یستلزم اجتیاز التعقیدات العلمیة و رفع المشکلات العملیة، و تحقیق الاستراتیجیات المذکورة أعلاه، یستلزم توظیف القدرات الفکریة و الروحیة و التنفیذیة و الاداریة للنخب الشیعیة... النخب المؤمنة بالغیب و الامدادات الغیبیة و المنعمة الوجود بالالتزام و الوفاء للإسلام و أحکامه النیّرة. إنّهم أشخاص یتمتعون بسعة الصدر و حسن البیان، و العزیمة الراسخة و الشجاعة النادرة فی نشر حقائق الإسلام و الدفاع عن الدین.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page