شرح الهدف الثانی علی الصعید الإنسانی
تربیة و إعداد أصحاب الإمام المهدی، و لا سیما صحابته الـ 313 الخلّص.
المقال الأول: استراتیجیات الصعید الإنسانی
1. تشخیص و تنظیم و توجیه و هدایة النخب الشیعیة الموجودة، 2. تربیة صنّاع الثقافة، 3. النخب الوسیطة، 4. نخب الحلقة (000/10 شخص)، 5. النخب الناصرة (313 شخصاً).
إنّ الإستراتیجیة الأولی علی الصعید الإنسانی هی نفسها الإستراتیجیة التاسعة علی الصعید الثقافی. و یمثل هذا الاشتراک فی الاستراتیجیات إتصالاً بین هذین الصعیدین. فی المخطط رقم (1) تَمّ رسم و تدوین المسار اللازم لتحقیق جمیع الإستراتیجیات الإنسانیة الهادفة لتحقیق الإستراتیجیة الخامسة. و فی ضوء تحقق هذه الإستراتیجیة المهمة و الحیویة للشیعة ستتحقّق الإستراتیجیات السابقة أیضاً.
و لإیضاح الفکرة نقول أن المبنی و المحور و البدایة تتمثل فی المواهب الطفولیة القرآنیة غالباً فی المجتمع الشیعی التی یجب أن تکتشف و تنظّم و تجتذب إلی المحافل القرآنیة لتحفظ القرآن بکامله ثم تدخل الحوزات الدینیة الخاص بحفظه القرآن و تعنی باکتساب مرتبة الإجتهاد إلی جانب التربیة الروحیة و العرفانیة المرکزه. و بعد کسب الإجتهاد تدخل الجامعات التخصصیة و التکمیلیة لتحصل علی شهادة الدکتوراة التخصصیة فی أحد فروع العلوم الإنسانیة، و تعمل داخل البلاد و خارجها فی المجالات و الأصعدة الثلاثة الإنسانیة و البرمجیة و الثقافیة تمهیداً لظهور الإمام المهدی4. و هکذا ترتفع درجات النخب الشیعیة حسب قابلیاتهم و رغباتهم فی مجالات العقل النظری و العقل العملی و السیر و السلوک الأخلاقی و العرفانی.
المقال الثانی: مسیرة تحقیق الإستراتیجیات الإنسانیة
بالنظر لخصائص أنصار المهدی خلال عصر الظهور و ما قبله، یمکن رسم مسیرة تحقیق الاستراتیجیات الإنسانیة کما هو أدناه. نقطة الإنطلاق الإستراتیجیة لتحقیق الهدف الثانی تبدأ من تشخیص و إکتشاف المواهب القرآنیة:
SHAPE \* MERGEFORMAT
المقال الثالث: خصوصیات النخبةِ الناصرة أسوةِ النخب الشیعیة
من البدیهی أن الشرط اللازم لکافة البرامج التربویة فی الصعید الإنسانی، هو رسم قابلیات و قدرات و کمالات و کرامات الشخصیات الفذة التی سیخرج الحجة4 من بینهم، و ألّذین سیتولون بقیادته و ولایته شؤون الناس و الحکومة العالمیة الزاخرة بالقسط و العدل. لذا فإنّ من أسباب الإفصاح عن عددهم و سماتهم العلمیة و الأخلاقیة و مکانتهم السیاسیة و الاجتماعیة هو رسم الخطوط العامة لشخصیته هؤلاء العظماء لکی لا یبقی الشیعة فی حیرة عند تمهید المقدمات الإنسانیة لظهور المهدی، بل یتعرفوا علی الخصال و الکمالات الضروریة فی أنصاره، لیستطیعوا ممارسة البرمجة الشاملة العامة لذلک. من هنا کانت مراجعة الروایات الواردة فی هذا الخصوص علی جانب کبیر من الاهمیة و الفائدة. جاء فی هذه الروایات أن عدد أصحاب المهدی (روحی له الفداء) 313 شخصاً بعد أنصار الرسول6 فی معرکة بدر.
روی عن الإمامین الباقر و الصادق(ع) فی تأویل الآیة الکریمة وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَی أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ... أنّ المراد من الأمة المعدودة هم أنصار المهدی فی آخر الزمان و عددهم 313 بعدد المسلمین فی معرکة بدر، یجتمعون فی ساعة کما تجتمع الغیوم فی الخریف.
و روی أیضاً عن الصادق(ع) فی تأویل الآیة فَاسْتَبِقُواْ الْخَیرَاتِ أَینَ مَا تَکُونُواْ یأْتِ بِکُمُ اللّهُ جَمِیعًا أن المراد بهم الثلاثمائة و نیّف أصحاب القائم و هم الأمة المعدودة یجتمعون فی ساعة واحدة کما تجتمع السحب فی الخریف.
سمات أنصار الحجة (313 شخصاً)
فیمایلی نصنف سمات اتصار الحجة الخلص کما جاءت فی الروایات إلی ثلاثة اقسام:
الف) السمات الأخلاقیة و الروحیة
یقول الإمام علی(ع) تعلیقاً علی الآیة: یا أَیهَا ألّذینَ آمَنُواْ مَن یرْتَدَّ مِنکُمْ عَن دِینِهِ فَسَوْفَ یأْتِی اللّهُ بِقَوْمٍ یحِبُّهُمْ وَیحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّةٍ عَلَی الْکَافِرِینَ یجَاهِدُونَ فِی سَبِیلِ اللّهِ وَلاَ یخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ... انهم أصحاب القائم.
و یقول النبی (ص) فی تفسیر هذه الآیة انها نزلت فی القائم و أصحابه ألّذین یجاهدون فی سبیل الله و لا یخافون لومة لائم.
إنّهم فی الغالب شباب لایخافون أحداً، و لا یفرحون لدخول أحد فیهم و إلتحاقه بهم. رجال قلوبهم کزبر الحدید و ما من شئ بمستطاعه أن یزرع الشک فی أفئدتهم حول الله. إنّهم أشدّ حتی من الحجر فهم کقطع الحدید إذا عزموا أن یهجموا علی الجبال تفتتت الجبال و بادت. رجال لاینامون فی اللیل، یسمع لصلاتهم أزیز کأزیز النحل، یقومون فی اللیل و یرکبون خیولهم فی النهار، عُبّاد اللیل و أسُود النهار، کأنهم المصابیح، و کأن قلوبهم القنادیل. یخافون الله و یرجون الشهادة و غایة قصدهم الاستشهاد فی سبیل الله. لهم هیمنة و هیبة فاذا مشوا مشی الخوف و الفزع قبلهم بمسافة شهر. کأنهم ضراغم خرجت من العرین. یأنّون اللیل من خشیة الله کما تئنّ الثکلی. یحیون اللیل و یصومون النهار.
ب) الکمالات الشخصیة و نمط إرتباطهم ببعضهم و بالله
یقول الصادق(ع)فی تفسیر الآیة قَالَ لَوْ أَنَّ لِی بِکُمْ قُوَّةً أَوْ آوِی إِلَی رُکْنٍ شَدِید أن المراد بالقوة الإمام القائم(عج) و المراد من الرکن الشدید أنصاره الـ 313.
لا یسبقهم الماضون، و لایلحق بهم الآتون. یغیب بعضهم عن الفراش لیلاً و یکون فی مکة عند الصباح، و یری بعضهم فی النهار راکباً السحاب. یعرفون بأسمائهم و أسماء آبائهم و ثیابهم و أنسابهم. فرسان جد مهرة جدا کأنهم العقبات علی خیولهم. یأتون إلی المهدی من أطراف الأرض بطیّ الأرض. یسمع نداءه من یکون منهم فی شرق العالم أو غربه، فی المحراب کان أو فی فراشه، یصل صوت الإمام من أول مرة إلی آذانهم فیهبّون جمیعاً إلیه و یجتمعون عنده بلمح البصر، و یصنعون من أرواحهم درعاً له فی الحروب، و یفعلون له کل ما یشاء. طاعتهم لامامهم أکبر من طاعة الأمة لسیدها. شعارهم «أیها الناس قومو للأخذ بثأر الحسین». تجتمع قلوبهم بالمحبة و النصیحة، کأنما ربّاهم أب واحد و أم واحدة. یوحّدون الله کما هو أهله.
ج) المکانة العلمیة و السیاسیة و الاجتماعیة
من بین الروایات الواردة حول منزلتهم العلمیة و السیاسیة و الاجتماعیة، ما رواه ابوبصیر عن الصادق(ع) مما یتضمن نقاطاً قیمة مفیدة:
قال ابوبصیر: جعلت فداک لیس علی الأرض یومئذٍ مؤمن غیرهم؟ قال: بلی و لکن هذه التی یخرج الله فیها القائم و هم النجباء و القضاء و الحکام و الفقهاء فی الدین یمسح الله بطونهم و ظهورهم فلا یشتبه علیهم حکم.
التدقیق فی الروایة اعلاه یجلی لنا مسائل مهمة بخصوص تربیة مثل هذه النخب:
1. المکانة العلمیة و الإجتهادیة و الفقهیة الممتازة بحیث لایشتبه علیهم الأمر فی تشخیص الحکم الإلهی. و هذا أمر یستلزم التقوی علاوة علی قدرة الاستنباط إن تَتَّقُواْ اللّهَ یجْعَل لَّکُمْ فُرْقَاناً و العلم بالزمان و مقتضیاته. لذلک بالنظر للمستوی السنی الشباب لأنصار الحجة من الضروری تربیتهم فی دورات تعلیمیة خاصة بأسرع مدة و بمنتهی الدقة إلی حد قدرتهم علی استنباط الأحکام الشرعیة من مصادرها.
2. مقام القضاء و الافتاء و الحکم هو طبقاً لآراء الکثیر من الفقهاء و منهم فقیه العصر الکبیر الإمام الخمینی الراحل(ره)، من شؤون وصلاحیات کل فقیه عادل فی زمن الغیبة الکبری، لذلک اشارت الروایة إلی شأن القضاء و الحکم لدی الـ 313 شخصاً و أیّدته و هذه قضیة علی جانب کبیر من الأهمیة.
3. حتی لو کان عدد من هؤلاء الـ 313 شخصا،ً قضاةً و حکاماً، فإن دلّ علی شطء یدلّ علی وجود حکومات دینیة فی زمن الغیبة الکبری، أو علی أعقاب ظهوره فی الاقل، ما یبرهن علی إنتفاء الشبهة القائلة ببطلان و عدم شرعیة الحکومات الدینیة فی عصر الغیبة الکبری، و یحض الشیعة علی تشکل الحکومات و إرساء الأرکان (الصلائیة) للحکومة العالمیة.
4. ینببغی فی النظام التربوی للنخبة تنمیة العقل العلمی و الصفات اللازمة للقضاء و الحکم، من قبیل التقوی و العدالة و الإدارة و الشجاعة و العلم بالزمان و الوعی بالظروف المعقدة للنظام الدولی و المعرفة و العمیقة بالتیارات السیاسیة و الاقتصادیة و الثقافیة علی المستویات العالمیة، و الفراسة والحنکة و الذکاء و... الخ.
5. من الطبیعی بالنسبة للاشخاص ألّذین یمتازون بالتفقه و النجابة و الحکم و القضاء و السماوات الأخلاقیة و المعنویة البارزة أن تکون لهم مکانة ممتازة جداً بین الناس و الطبقات الاجتماعیة و حتی بین المفکرین و النخبة، و یکونوا هم مؤیدین لامامهم الصالح. و بهذا سیکونون علی أعتاب الظهور سبباً فی تکثیف الاقبال العام علی المهدی و ظهوره، و تربیة النخب بمستویات مختلفة علی الصعید الإنسانی و تدوین و صیاغة البرمجیات اللازمة نظیر «القوانین، و المناهج و النظم» و ایجاد البنی الحکومیة، و بکلمة واحدة توفیر مقدمات الظهور ضمن مدیات نشاطهم.
6. مکانتهم الاجتماعیة و منزلتهم العلمیة من شأنها إیجاد حلقة واسعة من الطلاب و المقلدین و المؤیدین حولهم. لذلک فإن الحدیث عن 313 شخصاً، حدیث عن 313 أمة بإمکانات و قدرات (صلائدیة) کبیرة تتوفر للتشیع بقیادته و ولایته خلال عصر الغیبة الکبری.
بالنظر لخصائص هؤلاء الـ 313 شخصاً، فإن المبادرة إلی تربیتهم و النجاح فی هذا الأمر سیکون بمثابة تغییر النفوس البشریة کمقدمة لتغییر مصیر الإنسانیة من قبل الباری عزوجل، عن طریق توفیر المقدمات و التمهیدات و التعجیل فی فرج المهدی (أرواحنا له الفداء) و تحقیق الوعد الإلهی. أیاً کان، فإن من الظروف و العلامات الأکیدة لظهوره وجود 313 شخصاً بخصائص ممیزة و فذة، لذلک لا یمکن إهمال تربیتهم. و علیه یتحتم علی الشیعة العمل بأسرع ما یمکن لاکتشاف المواهب و الطاقات فی کل أنحاء العالم و تربیتها و إعدادها.
علی مر التاریخ الشیعی الزاخر بالعظمة و الاشراق، ربما ظهر أمثال هؤلاء الأشخاص بید أنّ وجود 313 شخصاً ممتازاً فی زمن واحد أمر یستدعی همة عالیة و برامج خاصة و مدونة من قبل الشیعة. ینبغی توظیف عصارة الفضائل و خلاصة التجارب الشیعیة علی کافة الصعد العلمیة و التربویة و العرفانیة و الاداریة لتربیة و إعداد مثل هذه الجماعة الإنسانیة القدسیة الملکوتیة العظیمة. و هذا بحد ذاته مصداق بارز للقیام لله ألّذی سیعاضد بنصرة الله و تأیید الإمام المنتظر4.
لماذا یجب أن یُترک إعداد مثل هذه الشخصیات بید الحوادث و الصدف؟ لماذا یجب أن لا توظف أقصی حدود القدرات الشیعیة و هی حصیلة 14 قرناً من آلام و جهاد علماء الإسلام و مجاهدیه، علی أحسن نحو ممکن؟ کیف یمکن ان یتأتّی هذا الأمر العظیم عن خطوات عمیاء جزئیة و متفرقة فی العالم الشیعی، و لا یتأتّی عن خطوات عامة فعالة و مبرمجة؟ أی منطق یوصی بالرکود و العقود و الإنتظار العاجز المنفعل؟ اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّکَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ؟ و ای دلیل أو برهان یمنع الجهاد و الإنتظار الفعال و المبرمجة القویة؟
اذا کنا نتمتع الیوم بلطف ذات الإلهیة المقدسة و تأییدات بقیة الله الاعظم بنعمة الجمهوریة الإسلامیة، و لم نعبّئ حصائل الجهود و الجهاد المخلص و العلمی للأسلاف، فمتی یجب المبادرة إلی تحشید الطاقات المادیة و المعنویة لصالح أهمّ و أخطر القضایا الشیعیة؟
