• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

2 ـ الاجواء العائلية والذنب


2ـ الاجواء العائلية والذنب
من الأمور الاخرى التي تهيئ الارضية للذنب هي : العائلة السيئة ، حيث أن طهارة العائلة لها الاثر البالغ على شخصية الفرد في الاجتناب عن الذنوب ، كما قال الشاعر الفارسي ما ترجمته : أذا كان البناء من الاساس مائلاً فحتى لو وصل الى الثريا ظل الحائط مائلاً .
وقال حافظ ما ترجمته :
الجوهر الطاهر هو الاليق ان يصل اليه الفيض وليس كل حجر طين هو لؤلؤ ومرجان .
فالمذهب الاسلامي مذهب جامع وسليم لأنه يهيىء الارضية للعائلة على اساس سليم وصحيح . فلو طبقت القوانين التي وضعها الاسلام في تربية الاسرة بدقة من البداية فمن المؤكد اننا نحصل على نتائج مشرقة ، وهذه القوانين عبارة عن :
1 ـ العمل بقانون الوراثة .
2 ـ الزواج .
3 ـ تربية الأبناء على اساس اسلامي صحيح .
4 ـ الطعام الحلال والحرام :

1 ـ العمل بقانون الوراثة :
من المسلّم به في نظر العلم والدين ان الابناء يتبعون الابوين في وراثة البنية الجسمية ، كذلك يرثون الامور المعنوية والحالات الروحية منهم ، فمثلاً : اذا كان الآباء ممن يمتلكون صفات الشجاعة والطهارة والتدين فلا شكّ في انتقال هذه الصفات الوراثية الى ابنائهم ، وعلى العكس اذا كان الآباء لا يمتلكون الشجاعة وكانوا ضعيفي الارادة وليسوا ملتزمين بالشريعة ، فتكون ارضية مساعدة على انتقال هذه الصفات الى الابناء . ولاجل ان نوضح اكثر نذكر هذه الآية وبعض الروايات .

1ـ قال الله سبحانه وتعالى في اشمئزاز نوح ( عليه السلام ) من قومه الظالمين :
( وقال نوح ربّ لاتذر على الأرض من الكافرين ديّارراً إنك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا الاّ فاجراً كفّاراً ) (1)
وهذه اشارة الى قانون الوراثة للابوين الفاسقين الذي تظهر نتائجه جليةً على الابناء فيتصفون بصفات أبويهم .

2 ـ في الزيارة المطلقة للامام الحسين ( عليه السلام ) ( وبعض الزيارات الاخرى للائمة الاطهار سلام الله عليهم اجمعين ) نقرأ :
« أشهد انك كنت نوراً في الاصلاب الشامخة والارحام المطهرة لم تنجسك الجاهلية بأنجاسها ولم تلبسك من مدلهمات ثيابها » .
وهذه العبارة المشهورة في كتب الادعية تشير الى طهارة اباء وامهات الائمة المعصومين ( عليهم السلام ) ، فهم في هذا المجال قد ورثوا الطهارة والقداسة .

3ـ قال الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« الشقيّ شقيّ في بطن أمه ، والسعيد سعيد في بطن أمه » . (2)
يعني الانسان يمتلك الارضية للسعادة والشقاء من الناحية الوراثية .
4 ـ اختيار الزوجة الشجاعة :
بعد شهادة فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) اراد امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ان يتزوج ، فاستشار اخاه عقيلاً وكان نساباً للعرب . فقال له امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
اريد امرأة ولدتها الفحول . أجابه عقيل : ولأي امر تريد امرأة هكذا ؟!
قال أمير المؤمنين ( عليه السلم ) : « حتى تلد لي ولداً شجاعاً » .
اجابه عقيل : هذه الصفات في فاطمة ( عليه السلام ) ( ام البنين ) بنت حزام بن خالد بن ربيعة من قبيلة بني كلاب ، فما رأيت اشجع منهم ولا اسخى واربط جأشاً .
فتزوجها امير المؤمنين ( عليه السلام ) وولدت له قمر بني هاشم العباس ( عليه السلام ) الذي استشهد في واقعة الطف بكربلاء . وثلاثة اخوة آخرين كلهم استشهدوا في كربلاء .
فهؤلاء الابناء قد ورثوا الشجاعة و ... من الجانبين ( الاب والأم ) .

5ـ قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في رسالة يخاطب بها مالك الاشتر بخصوص « البيوتات الصالحة » في الاعتماد عليهم وقد ذكرها في موردين حيث قال ( عليه السلام ) :
« ثم الصق بذوي المؤونات والأحساب واهل البيوتات الصالحة » .
وفي مورد آخر قال ( عليه السلام ) :
« وتوخ منهم اهل التجربة والحياء من اصل البيوتات الصالحة والقدم في الاسلام » . (3)
ويستفاد من هذه العبارة اعطاء المناصب الحساسة والمهمة لاشخاص لديهم خصائص منها الانتساب للبيوتات الصالحة .

6ـ وقال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) أيضاً :
« حسن الاخلاق برهان كرم الاعراق » . (4)
والمقصود من كرم الاعراق هو طهارة العائلة التي تورثها للابناء .

من ذكريات معركة الجمل :
دارت حرب الجمل في منطقة البصرة سنة 36 هجري بين جيش امير المؤمنين ( عليه السلام ) وجيش عائشة وطلحة والزبير . وقد أعطى امير المؤمنين الراية الى ولده محمد بن الحنفية وقال له : احمل عليهم ، فرشقه الاعداء بسهام كثيرة رشقة واحدة فتباطأ محمد بن احنفية قليلاً حتى تنفذ السهام ، فقال له الامام ( عليه السلام ) : احمل عليهم ، فأراد ان يحمل عليهم لكن رشقات السهام منعته من التقدم فجاءه امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) « وضربه بقائم سيفه وقال : تقدم ، ادركك عرق من امك » (5) .

علامات اولاد الحرام :
قال الامام الصادق ( عليه السلام ) : للاولاد غير الشرعيين علامات :
« أحدها بغضنا أهل البيت ، وثانيها أنه يحنّ الى الحرام الذي خلق منه ، وثالثها الاستخفاف بالدين ، ورابعها سوء المحضر للناس .
ولا يسيء محضر إخوانه إلا من ولد على غير فراش أبيه أو حملت به أمه في حيضها » (6)
* * *
نعم ، ان الاشخاص الذين ولدوا على أساس غير قانوني ولا شرعي فمن الطبيعي ان تكون الارضية لاقتراف الاعمال المنكرة والذنوب الكثيرة ديدناً لهم .
وفي النتيجة نحصل على ان قانون الوراثة من الاصول المسلمة علمياً واسلامياً فلو ابتني على اساس خاطىء وغير صحيح لهيأ الارضية لوجود الانسان المذنب والعاصي .

2 ـ الزواج الصحيح :
أكد الاسلام على الزواج وبناء العائلة واعتبره من الأصول الاجتماعية والمهمة وخاصة في اختيار الزوجة . حيث وضع اموراً يجب مراعاتها واهمها الزوجة الصالحة لانها تهيىء الارضية الصالحة للابناء الصالحين ، وبالعكس ، المرأة الملوثة فانها منبت للأبناء الملوثين وبدورها تكون السبب في الانحراف واقتراف الآثام .
وتوجد عدة روايات تخصّ هذا الموضوع .

1 ـ قال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« أيها الناس اياكم وخضراء الدمن ، قيل يا رسول الله ( صلى الله عليه وآله سلم ) وما خضراء الدمن ؟ قال : المرأة الحسناء في منبت السوء » . (7)

2ـ وقال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأحدٍ استشاره في الزواج :
« انكح وعليك بذات الدين » . (8)

3ـ قال امير المؤمنين ( عليه السلام ) :
« اياكم وتزويج الحمقاء فان صحبتها بلاء وولدها ضياع » . (9)

4ـ قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« خيار نسائكم العفيفة الغلمة » . (10)

5ـ قال الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« من زوّج كريمته من شارب خمر قطع رحمها » . (11)
قال الرسول الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« من شرب الخمر بعد ما حرمها الله على لساني فليس بأهل ان يزوج اذا خطب » .(12)

6ـ قال الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« طوبى لمن كانت أمه عفيفة » . (13)

3ـ تربية الابناء وفق الأسس الصحيحة :
إنّ أحد الواجبات المهمة في الاسلام هو التربية الاسلامية الصحيحة للأبناء . حيث تربي عندهم روح القيم والمثل الانسانية . وعلى العكس فانّ الاهمال في تربية الابناء او التربية الخاطئة تعتبر احدى الطرق لوجود الانحراف والذنب عند الابناء . فالاسلام أكد على هذا الجانب واهتم به اهتماماً بالغاً ، فكما ان الفلاح الذي يزرع الشجرة في الارض يجب عليه مراعاتها ومعالجة الاضرار والامراض التي تصيبها حتى تعطي في النتيجة ثماراً يانعة . كذلك للأبوين ان يحرصوا على تربية الابناء وان لا يقصّروا في تربيتهم فيكونوا عرضة للمساوئ والسقوط والانحراف .
فالمرأة بعد زواجها ليس لها عمل إلاّ الاهتمام بزوجها وبيتها وابنائها . فلو انها تحمّلت تلك المسؤوليات الثلاث وفق الاسس الاسلامية الصحيحة لكانت كفيلة بحل جميع المشاكل في حياة العائلة ، والواجب على الرجل كذلك ان يبذل قصارى جهده لمساعدة المرأة في تأدية هذه الواجبات الثلاث .
فالاثنان مسؤولان عن تربية ابنائهم ، ولكن الحمل لثقيل تتحمله المرأة ، لان المرأة دائمة الوجود في البيت وقريبة من الاطفال . وكذلك وحسب القانون الطبيعي فمنذ ان تستقر النطفة في رحم المرأة و تمر بمراحل الجنين و ... يكون للمرأة تاثير بالغ في تكوين وتربية
الابناء .
قال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه » (14) .
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ايضاً :
« رحم الله عبداً أعان ولده على بره بالاحسان اليه ، والتألف له وتعليمه وتأديبه » . (15)
وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ايضاً :
« رحم الله والدين اعانا ولدهما على برهما » . (16)
وقال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
« وحق الولد على الوالد أن يحسن اسمه ، ويحسن أدبه ، ويعلمه القرآن » . (17)

شدة المحافظة على كيان العائلة :
للمحبة وشدة حفظ كيان العائلة أثر فعال في التربية الصحيحة للابناء فعلى الاب والام ان يحفظا سلامة محيط البيت لأنه محيط البيت لأنه محيط تربية الابناء ، فالخطوة الاولى للاصلاح والتربية الصحيحة للابناء هي
اصلاح محيط البيت فالمحبة بين الرجل وزوجته تهيىء سلامة محيط البيت .
قال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« خيركم خيركم لاهله وأنا خيركم لاهلي » . (18)
وجاءت في بحار الانوار ( المجلد 103 صفحة 226 الى 233 ) روايات كثيرة توكد وتوصي بالمحبة بين الزوج وزوجته .
وقال الامام الصادق ( عليه السلام ) ايضاً :
« من اخلاق الانبياء محبتهم لنسائهم » . (19)
وحضر رجل عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال :
« ما قبّلت صبياً قط » فعندما ذهب قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « هذا رجل عندي انه من اهل النار » .
وقال يونس بن رباط : ان الامام الصادق ( عليه السلام ) نقل عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال :
« رحم الله من اعان ولده على بره » .
فقلت : وكيف يكون ذلك ؟
أجاب الامام ( عليه السلام ) :
« يقبل ميسوره ، ويتجاوز عن معسوره ولا يرهقه ولا يخرق
به » . (20)
وعلى هذا الاساس نجد ان تربية الابناء وفق الاسس الصحيحة عامل مهم في ايجاد الارضية للقيم ، وعلى العكس فعدم التربية يوجد ويهيىء الارضية للانحراف والذنوب .

الاهانة عامل لتهيئة الارضية للذنب :
من الطرق المهمة للهداية والتربية اعطاء الشخصية للأفراد . وبالأخص للأطفال . وعلى هذا الاساس فأحد الامور التي يوجب الانتباه اليها في تربية الابناء مسألة الاهانة . فيجب على المعلمين والابوين ان يكنوا الاحترام للأطفال . والعمل على رفع عقدة الحقارة والشعور بالنقص عندهم . وفي الكبار كذلك يجب احترامهم حتى لا يشعروا بالنقص والحقارة ، لان الشعور بالاهانة والحقارة سبب في نشوء الانحراف والذنب .
قال الامام الهادي ( عليه السلام ) :
« من هانت عليه نفسه فلا تأمن شره » .
وقال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
« من كرمت عليه نفسه لم يهنها بالمعصية » . (21)
قال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« لا يكذب الكاذب الا من مهانة نفسه » . (22)
ونتيجة لذلك يجب ان لا يحقر الانسان لأن ذلك منشأ لعقدة الحقارة وهذه العقدة تهيئ الأرضية لاقتراف الذنب .
لذا نرى الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والائمة الاطهار ( عليهم السلام ) في تربية الاطفال يكنّون احتراماً بالغاً وخاصاً لهم .
قال الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم يغفر لكم » . (23)
أكد الاسلام على العدالة بين الأبناء وعدم التفرقة بينهم ومخاطبتهم بالكلام اللطيف واختيار الألقاب والأسماء الحسنة لهم وأن لا يخاطبوا بالألفاظ البذيئة .
حادثة تعكس مدى اهتمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالطفل :
عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : صلّى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالناس الظهر فخفف في الركعتين الاخيرتين فلما أتم الصلاة قال له الناس : هل حدث في الصلاة حدث ؟ قال : وما ذاك ؟ قالوا : خفّفت في الركعتين الأخيرتين ، فقال : أما سمعتم صراخ الصبي ؟ (24)
وهنا فتخفيف النبي من صلاته انما ليسخّر الوقت في تهدئة الطفل والعطف عليه ، ونستفيد من هذا التصرّف النبويّ العظيم كيف يجب علينا ان نراعي أبناءنا .

الالتفات الى حفظ العفاف بين الابناء :
من الواجبات المهمة الملقاة على عاتقي الام والاب هي حفظ عفة وطهارة الاطفال . وفي هذا الخصوص قال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« اياكم وأن يجامع الرجل أمراته والصبيّ في المهد ينظر اليهما » . (25)
وجاء في الآية 58 من سورة النور ان الاولاد غير البالغين يجب عليهم الاستئذان في ثلاث اوقات عند الدخول في غرفة الاب والام فنقرأ :
( .... والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مراتٍ من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظّهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عوراتٍ لكم ) .
وجاء في الآية 59 من سورة النور أيضاً :
( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الّذين من قبلهم ) .
ان هذه الاوامر والاحكام يجب الالتفات اليها من قبل اولياء الاطفال وتعليمهم بالاستئذان لغير البالغين منهم في ثلاثة اوقاتٍ وفي
كل الاوقات للبالغين عند دخولهم الغرفة الخاصة بالأم والاب ، ولا فرق بين الذكر والانثى في الاولاد .
فجملة ( كما استأذن الّذين من قبلهم ) اشارة الى وجوب الاستئذان للكبار في كل حال .
نعم : ان تطبيق هذه الاوامر لا هوان فيها لأن مجرد رؤية عضو من الاعضاء التي يجب ان لا يراها الابناء تشكل مطلقاً للانحراف الخلقي والامراض النفسية والتلوث الجنسي .

4ـ الطعام الحلال والحرام :
يؤثر الطعام تأثيراً بالغاً في جسم الانسان من وجهة نظر العلم والدين حيث ينتج عنه حفظ الجسم وكذلك له تاثير مباشر على روح الانسان .
لذا نرى أن الطعام المسموم يؤدي الى تسميم الجسم وكذلك الطعام الحرام فهو يؤدي الى تلوث الروح .
جاء في الآية 3 من سورة المائدة قوله تعالى :
( حرّمت عليكم الميتة والدّم ولحم الخنزير وما أهلّ لغير الله به .... ) .
فكل طعام حرّمه الاسلام لا يخلو من علة وحكمة ، فمثلاً حرم لحم الخنزير ، ولحم الخنزير من الاطعمة التي يأكله كثير من الناس غير المسلمين .
ان بعض الناس المتأثرين بالغرب يقولون : لماذا حرّم الاسلام لحم الخنزير ؟ وهذا اللحم لا ضرر فيه . واذا كان لحم الخنزير يولد انواع الدود وبالاخص ( الدودة الوحيدة ) في البطن فان تقدم العلم طبياً جعل مضاداً لهذا الدود وقضى عليه ، فلماذا اذن بقي أكل لحم الخنزير حراماً ؟!
والجواب على هذا السؤال واضح جداً ، فالذين يسألون هذا السؤال لا ينظرون لاسباب التحريم الاّ من باب واحد فلو فرضنا ان الحم الخنزير يخلو من الأضرار المتلفة للجسم ولكن تبقى الاضرار الروحية التي لا يمكن انكارها . فالخنزير حيوان قذر منبوذ الى ابعد مدى ، وان حيواناً صفاته هكذا فكيف يكون لحمه ؟ اذن ، ما كان عالقاً في ظاهره ينقله بلحمه المأكول الى الانسان . وهذا مما لا شك فيه وقد جاء في القرآن في ( الآية 42 من سورة المائدة ) أنّه تعالى ينعت اليهود بـ ( آكّالون للسحت ) (26) وهذا صريح وانذار جدّي للذين يأكلون الطعام الحرام . وهؤلاء اليهود عبدة البطون هم دائماً حجر عثرة في طريق الدين والقانون .
ان اضرار اكل الحرام الجسمية ، والاجتماعية ، والسياسية ، والاقتصادية واضحة لكل ذي عين بصيرة وهي أحد اكبر الاخطار التي تسحق الانسان وتؤدي به الى الدمار والانحطاط والسقوط في مجتمعٍ يعيش فيه .
وجاء في الآية 188 من سورة البقرة :
( ولا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالأثم وأنتم تعلمون ) .
فهذه الآية لا تنهى عن اكل مال الحرام فحسب ، بل تنهى على الأخص من أكل الرشوة التي هي احدى طرق اكل الحرام .
قال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« لعن الله الراشي والمرتشي والساعي بينهما » . (27)
وقال الامام الصادق ( عليه السلام ) :
« السحت انواع كثيرة » .
فمال المرأة من الزنا ومال الخمر تعد من السحت .
وقال الامام الصادق ( عليه السلام ) أيضاً :
« فأمّا الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم » . (28)
وجاء في الآية 10 من سورة النساء :
( انّ الّذين يأكلون اموال اليتامى ظلما انّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً ) .

الروايات والطعام الحرام :
نأتي هنا بنماذج متعددة من الروايات حول الطعام الحرام :
1 ـ قال الامام الباقر ( عليه السلام ) :
« ما من عبادة أفضل من عفة البطن والفرج » . (29)
2 ـ وقال الامام السجاد ( عليه السلام ) :
« حق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام » . (30)
3 ـ وكذلك قال الامام السجاد ( عليه السلام ) :
« ما من شيء أحب الى الله بعد معرفته من عفّة البطن والفرج » . (31)
4 ـ وقال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « أخاف على امتي من ثلاث :
الضلالة بعد المعرفة ومضلاّت الفتن وشهوة البطن والفرج » . (32)
5 ـ وقال الامام الباقر ( عليه السلام ) :
« الذنوب كلها شديدة وأشدها ما نبت عليه اللحم والدم » . (33)
وقال الامام الباقر ( عليه السلام ) ايضاً :
« انّ الرجل اذا أصاب مالاً من حرامٍ لم يقبل منه حج ولا عمرة ولا صلة رحمٍ » ( سفينة البحار ) .
6 ـ جاء في الروايات أن موسى بن عمران ( عليه السلام ) رأى شخصاً يتضرع تضرعاً عظيما ويدعو رافعاً يديه ويبتهل فاوحى الله تعالى الى موسى ( عليه السلام ) لو فعل كذا وكذا لما استجيب دعاؤه لان في بطنه حراماً وفي بيته حراماً . (34)
وجاء شخص الى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وقال : احب ان يستجاب دعائي .
فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : « طهر مأكلك ولا تدخل بطنك الحرام » .
ثم قال : « من أحب أن يستجاب دعاوه فليطب مطعمه ومكسبه » . (35)
وكذلك روي بان ... من ترك لقمة حرام احب الى الله تعالى من صلاة الفي ركعة تطوعاً وردّ دانق حرام يعدل عند الله تعالى سبعين حجة مبرورة . (36)
الحليب ، الغذاء الاول للانسان .
قلنا سابقاً ان الام لها الاثر الفعال في مصير وتربية الابناء ، لان ارتباطها بالطفل اكثر وأقرب بكثير من ارتباط الاب .
يقول العلمامء : إن تفكير الام له الاثر الشديد على الطفل منذ وجوده في رحمها وحتى رضاعته .
فاذا اهتمت المرأة بالقوانين الاسلامية وبالخصوص في الطعام الحلال منذ حملها الى رضاعتها للطفل فمن المسلّم أن تلد طفلاً سالماً وصالحاً للمجتمع .
لذلك نقرأ في الروايات : « ان السعيد سعيد في بطن امه والشقي شقي في بطن امه » . (37)
وعلى هذا الاساس فان الأم تلعب دوراً مهماً في تكوين الطفل . ولاجل ان نوضح اكثر نأتي بالروايات التالية .
1 ـ قال الرسول الاكرم ( صلى الله عليه و آله وسلم ) :
« لا تسترضعوا الحمقاء فأن اللبن يعدي ، وانّ الغلام ينزع الى اللبن » .
2 ـ وقال الامام الباقر ( عليه السلام ) نقلاً عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
« فان اللبن يغلب الطباع » .
وفي رواية اخرى . « فان الولد يشب عليه » . (38)
3 ـ سئل الامام الكاظم ( عليه السلام ) : عن امرأة ولدت طفلاً من الزنا هل ترضعه من لبنها ؟
فأجاب ( عليه السلام ) : « لا يصلح ولالبن ابنتها التي ولدت من الزنا » . (39)
4 ـ قال محمد بن مروان : حدثني الامام الباقر ( عليه السلام ) أنه قال :
« استرضع لولدك الحسان (40) وإياك والقباح فانّ اللبن قد يعدي » . (41)
وقد نهت بعض الروايات ارضاع المرأة شاربة الخمر لطفلها وأكدت على أن تكون المرأة في طهر عند الرضاعة .
5 ـ قال امير المؤمنين علي ( عليه السلام ) :
« تخيّروا للرضاع كما تتخيّرون للنكاح فان الرضاع يغير الطباع » . (42)
* * *
إن قضية الرضاع موجودة حتى عند الأنبياء ( عليه السلام ) ، فالرسول محمد ( صلى الله عليه وآله سلم ) كانت مرضعته المرأة الطاهرة والحسنة السيرة حليمة السعدية . ونبي الله موسى ( عليه السلام ) قد رضع من امّه وهذا دليل يبين لنا أن المرضعة يجب ان تكون من ذوات المنبت الحسن والطاهر .
وجاء في آية 12 من سورة القصص في مورد رضاعة موسى ( عليه السلام ) :
( وحرّمنا عليه المراضع من قبل ) .
يذكر بعض المفسرين حول هذه الآية الشريفة ان موسى ( عليه السلام ) لم يرضع من كل النساء اللاتي عرضن عليه الاّ من أمه ، وان هذا التحريم الذي ورد يؤكد لنا أن لبن جميع المرضعات انذاك كان ملوثاً وغير طاهرٍ ، فالواجب ان يرضع النبي لبن امه الطاهر حتى يستطيع الوقوف امام التلوث والطغيان .

____________

(1) سورة نوح ( عليه السلام ) الآية 26 ـ 27 .
(2) نهج الفصاحة ص 375 ـ بحار ج 3 ص 44 .
(3) نهج البلاغة الرسالة 53 .
(4) غرر الحكم 1 ص 379 .
(5) تتمة المنتهى ص 2 .
(6) سفينة البحار ج 1 ص 560 ـ البحار ج 75 ص 279 .
(7) وسائل الشيعة ج 14 ص 29 .
(8) نفس المصدر ص 30 .
(9) فروع الكافي ج 13 ص 12 ـ الوسائل ج 14 ص 56 .
(10) التهذيب ج 2 ص 227 ـ الوسائل ج 14 ص 14 .
(11) فروع الكافي ج 2 ص 11 .
(12) وسائل الشيعة ج 14 ص 53 .
(13) بحار الانوار 23 ص 79 .
(14) عوالي اللئالي : ج 1 ، ح 18 ، ص 35 .
(15) مستدرك الوسائل ج 2 ص 626 .
(16) فروع الكافي ج 6 ص 48 .
(17) نهج البلاغة حكمة 399 .
(18) وسائل الشيعة ج 14 ص 122 .
(19) بحار الانوار ج 103 ص 288 .
(20) فروع الكافي ج 6 ص 50 .
(21) غرر الحكم ج 2 .
(22) بحار الانوار : ج 72 .
(23) مكارم الاخلاق : ص 222 .
(24) فروع الكافي : ج 6 ، ص 48 .
(25) بحار الانوار ج 103 ص 295 .
(26) السحت ( على وزن الجفت ) ومعناه سلخ الجلد . وكل مال غير مشروع يقال له سحت لان هذه الاموال تبعد الانسان عن الصفات العالية والنشاط والبركة الاجتماعية.
(27) الوسائل ج 12 باب 5 ( ابواب ما تكسب به ) .
(28) فروع الكافي ج 5 ص 127 .
(29) المجالس السنية ج 2 ص 448 .
(30) مكارم الاخلاق ص 419 .
(31) المجالس السنية ج 2 ص 429 .
(32) عيون أخبار الرضا ج 2 ص 29 .
(33) بحار الانوار : ج 73 ، ص 317 .
(34) سفينة البحار ج 1 ص 448 .
(35) نفس المصدر ج 1 ص 448 .
(36) سفينة البحار ج 1 ص 448 .
(37) فروع الكافي ج 6 ص 43 .
(38) نفس المصدر السابق .
(39) فروع الكافي ج 6 ص 44 .
(40) من المحتمل ان رأي الامام من الحسان والقباح هو النساء الحسنات السيرة والسيئات السيرة .
(41) فروع الكافي ج 6 ص 44 .
(42) سفينة البحار ج 1 ص 523 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page