• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المجلس الخامس والعشرون بعد المئة


المجلس الخامس والعشرون بعد المئة  
كان رسول الله قد هادن قريشاً في عام الحديبية عشر سنين ، ودخلت خزاعة معه , وكان بين خزاعة وعبد المطّلب حلف قبل الإسلام , وجعلت قريش بني بكر داخلة معها , وكانت بين خزاعة وبني بكر أحقاد في الجاهلية , فعَدت بنو بكر على خزاعة بموضع يُقال له الوتير وقتلوا منهم , وعاونتهم قريش سرّاً بالمال والرّجال , فجاءت خزاعة تستصرخ النّبي ، وأنشد قائلهم :
 لاهُـم إنـّي ناشدٌ محمّدا  حلفَ أبينا وأبيك الأتلدا
إنّ قريشاً أخلفوك الموعدا  ونقضوا ميثاقك المؤكّدا
هم بيّتونا بالوتير هُجّدا  نتلوا القرآنَ رُكّعاً وسُجّدا
فقام مُغضباً يجرّ رداءه , وقال : (( لا نُصرتُ إنْ لم أنصر خُزاعة مما أنصر منه نفسي )) .
وندمت قريش على ما صنعت , فأرسلت أبا سفيان ليجدد الحلف مع النّبي , فقال رسول الله : (( هل حدث عندكم شيء ؟ )) . قال : لا . قال : (( فإنّا على صلحنا لا نُغيّر ولا نُبدّل )) .
فدخل أبو سفيان على ابنته اُمّ حبيبة زوجة النّبي , فلمّا أراد الجلوس على فراش رسول الله , طوته . فقال : أرغبت بي عنه , أم رغبت به عنّي ؟ فقالت : هو فراش رسول الله وأنت مُشرك نجس . فقال : لقد أصابك بعدي شرّ . فقالت : بل هداني الله للإسلام .
ورجع أبو سفيان وتجهّز رسول الله لفتح مكّة في عشرة آلاف , وخرج بالجيش فلقيه عمّه العبّاس مهاجراً فأرجعه معه , فلمّا كانوا قريباً من مكّة , أمرهم أنْ يوقد كُلّ واحد منهم ناراً , فأوقدوا عشرة آلاف نار , وقال العبّاس : لئن بغت رسول الله قريشاً إنّه لهلاكها . فركب بغلة رسول الله وخرج لعلّه يرى أحداً يُرسل معه خبر إلى مكّة , وكان أبو سفيان قد خرج يتجسس الأخبار , فرآه العبّاس وأخبره , وقال : اذهب معي لآخذ لك أماناً , فوالله , إنْ ظفر بك رسول الله ليضربنّ عُنقك . فأردفه خلفه حتّى أدخله على رسول الله , فقال له : (( أما آن لك أنْ تعلم أنْ لا إله إلا الله ؟ )) . فقال : بأبي أنت واُمّي ! لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئاً . فقال : (( ألم يأن لك أنْ تعلم أنّي رسول الله ؟ )) . فقال : أمّا هذه ففي النّفس منها شيء . فقال له العبّاس : ويحك ، إشهد شهادة الحقّ قبل أنْ تُقتل . فتشهّد , فقال النّبي للعباس : (( اذهب فاحبس أبا سفيان بمضيق الوادي حتّى تمرّ عليه جنود الله )) . فقال : يا رسول الله ، إنّه يحب الفخر فاجعل له شيئاً . فقال : (( مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن , ومَن أغلق بابه فهو آمن )) .
فمرّت عليه القبائل , فيقول للعباس : مَن هؤلاء ؟ فيقول : بنو فلان . حتّى مرّ رسول الله في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار , فقال : مَن هؤلاء ؟ فقال العبّاس : هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار . فقال : لقد أصبح مُلك ابن أخيك عظيماً ! فقال العبّاس : ويحك إنّها النّبوة .
فقال : نعم . وأمر رسول الله سعد بن عبادة أنْ يدخل مكّة بالرّاية ، فدخل وهو يقول :
اليومُ يومُ الملحمهْ  اليومُ تُسبى الحُرَمهْ
فسمعه العبّاس فأخبر النّبي فأمر عليّاً أنْ يلحقه ويأخذ الرّاية منه , فأخذها علي (عليه السّلام) ودخل بها .
سمعتم أنّ رسول الله أكرم أبا سفيان مع عداوته له ومحاربته إيّاه بكرامة لم يجعلها لغيره , فقال : (( مَن دخل دار أبي سفيان فهو آمن )) . فلم تحفظ ذرّيّة أبي سفيان كرامة رسول الله في ذرّيّته . ولم يأمن الحسين (عليه السّلام) ـ ابن بنت رسول الله ـ على نفسه حين خرج من المدينة إلى مكّة هارباً من طواغيت بني اُميّة , فدسّ إليه يزيد بن معاوية ثلاثين رجلاً من شياطين بني اُميّة , وأمرهم بقتل الحسين (عليه السّلام) على أيّ حال ات
ّفق , فاضطرّ الحسين (عليه السّلام) أنْ يخرج من مكّة لمّا علم بذلك , وكان قد أحرم بالحجّ , فطاف وسعى وقصّر ، وأحلّ من إحرام الحجّ وجعلها عمرة مفردة ؛ لأنّه لم يتمكّن من إتمام الحجِّ ؛ مخافة أنْ يُقبض عليه . وخرج من مكّة يوم التّروية لثمان مضين من ذي الحجّة , فكان النّاس يخرجون إلى منى والحسين (عليه السّلام) خارج إلى العراق .
حكى ابن صباغ المالكي في الفصول المُهمّة عن بعض الثُقات , قال : رأيت علي بن أبي طالب (عليه السّلام) في المنام , فقلت : يا أمير المؤمنين ، تقولون يوم فتح مكّة من دخل دار أبي سفيان فهو آمن , ثُمّ يتمّ لولدك الحسين (عليه السّلام) يوم كربلاء منهم ما تمّ ! فقال لي : (( أما سمعت أبيات ابن الصّيفي التّميمي في هذا المعنى ؟ )) . فقلت : لا . فقال : (( اذهب إليه واسمعها )) . فاستيقظت من نومي مُفكّراً ، ثُمّ إنّي ذهبت إلى دار ابن الصّيفي ـ وهو الحيص بيص المُلقّب بشهاب الدّين ـ فطرقت عليه الباب , فخرج إليّ فقصصت عليه الرّؤيا , فأنشد :
ملكنا فكان العفـو منّا سجيةً  فلمـّا ملكتُـم سال بـالدّم أبطـحُ
وحللتُم قتل الأسارى وطالما  غدونا عن الأسرى نعفُّ ونصفحُ
وحسبكمُ هذا التفاوتُ بيننا  وكل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ
ولم يزالوا بالحسين (عليه السّلام) بعد ما أخافوه وأخرجوه من حرم الله وحرم جده رسول الله حتّى قتلوه غريباً شهيداً عطشان ظامياً , وقتلوا أولاده وأهل بيته وأنصاره , وسبوا نساءه وأطفاله , وداروا برأسه في البلدان .
وقد انجلى عن مكّة وهو ابنها  وبـه تشرّفت الحطيمُ iiوزمزمُ
لـم يدرِ أين يُريح بُدنَ iiركابهِ  فـكأنّما الـمأوى عليه iiمحرّمُ
فمشت تؤمُّ به العراق نجائبٌ  مـثل النّعام به تخبُّ iiوترسمُ
 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page