آل رسول الله يقيمون المآتم
على الإمام الحسين ( عليه السلام ) في الشام
لقد جاء في كتب التاريخ : أنّ جمعاً كثيراً من أهل الشام تغيّرت نظرتهم الإيجابيّة إلى حكومة بني أميّة بشكل عام ، وإلى الطاغية يزيد بشكل خاص ، إلى نظرة سلبيّة.
وصار هذا الجمع الكثير يُشكّلون الرأي العام الناقم على السلطة ، ممّا جعل يزيد يضطرّ إلى أن يتظاهر بتغيير موقفه تجاه أهل البيت ( عليهم السلام ) فنقلهم إلى بيته الخاص حتى يُخفّف التوتّر السائد على عائلته وحريمه ، بل وعلى كافّة نساء آل أبي سفيان.
وجاء في التاريخ ـ أيضاً ـ : أنّ يزيد إستدعى بِحُرَم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قال لهن : « أيّهما أحبّ إليكن : المُقام عندي ، أو الرجوع إلى المدينة ؟
فقلنَ : نُحبّ أوّلاً أن ننوح على الحسين.
فقال : إفعلوا ما بدا لكم.
ثمّ أُخليَت الحجرات والبيوت في دمشق ، ولم تبق هاشميّة ولا قُرشيّة إلا ولَبِسَت السواد على الحسين ، وندبوه سبعة أيام ، فلمّا كان اليوم الثامن أرادوا الرجوع إلى المدينة ، فأمر يزيد أن يُحضروا لهنّ المحامل ، وأعطاهنّ أموالاً كثيرة وقال : هذا المال عِوَض ما أصابكم !
فقالت أمّ كلثوم : « يا يزيد ! ما أقلّ حياؤك وأصلبَ وجهك ؟! تقتل أخي وأهل بيتي وتُعطينا عِوَضهم ؟!
فردّوا جميع الأموال ، ولم يأخذوا منها شيئاً. (1)
وجاء في بعض كتب التاريخ : أنّ السيدة زينب ( عليها السلام ) أرسلت إلى يزيد تسأله الإذن أن يُقِمن المآتم على الإمام الحسين ، فأجاز ذلك ، وأنزلهنّ في دار الحجارة ، فأقمنَ المآتم هناك سبعة أيام ، وكانت تجتمع عندهنّ ـ في كل يوم ـ جماعة كثيرة لا تُحصى من النساء ».
فقصد الناس أن يَهجموا على يزيد في داره ويقتلوه ، فاطّلع على ذلك مروان ، وقال ليزيد :
« لا يصلح لك توقّف أهل البيت في الشام فأعدّ لهم الجهاز ، وابعث بهم إلى الحجاز ».
فهيّأ لهم المسير ، وبعث بهم إلى المدينة. (2)
________________________________________
1 ـ كتاب « بحار الأنوار » ، ج 45 ، ص 196 ـ 197.
2 ـ كتاب « كامل البهائي ».