• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

صورة أخرى للمباهلة

عن علي (عليه السلام) قال: لما قدم وفد نجران على النبي (صلّى الله عليه وآله) قدم فيهم ثلاثة من النصارى من كبارهم: العاقب ومحسن والأسقف فجاءوا إلى اليهود وهم في البيت، فصاحوا بهم يا إخوة القردة والخنازير هذا الرجل بين ظهرانيكم قد غلبكم، انزلوا إلينا، فنزل إليهم منصور اليهودي وكعب بن الأشرف اليهودي، فقالوا لهم: احضروا غداً نمتحنه، فقال: وكان النبي (صلّى الله عليه وآله) إذا صلى الصبح سأل: هيهنا من الممتحنة أحد؟ فإن وجد أحداً أجابه وإن لم يجد أحداً قرأ على أصحابه ما أنزل عليه في تلك الليلة، فلما صلى الصبح جلسوا بين يديه فقال له الأسقف: يا أبا القاسم فذاك موسى من أبوه؟ النبي (صلّى الله عليه وآله): عمران.
الأسقف: فيوسف من أبوه؟ النبي (صلّى الله عليه وآله): يعقوب.
الأسقف: فداك أبي وأمي فأنت من أبوك؟ النبي (صلّى الله عليه وآله): عبد الله بن عبد المطلب.
الأسقف: فعيسى من أبوه؟ فسكت النبي (صلّى الله عليه وآله) فنزل جبرائيل، فقال هو روح الله وكلمته.
الأسقف: يكون روح بلا جسد؟ فسكت النبي (صلّى الله عليه وآله)، فأوحي إليه (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له: كن فيكون)(1) فوثب الأسقف وثبة إعظام لعيسى أن يقال له من تراب. ثم قال: ما نجد هذا يا محمد في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا نجد هذا إلا عندك.
فأوحى الله إليه (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم)(2).
فقالوا: أنصفتنا يا أبا القاسم، فمتى موعدك؟ قال: بالغداة إن شاء الله، ثم قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): فلما صلى النبي (صلّى الله عليه وآله) الصبح أخذ بيدي وجعلني بين يديه، وأخذ فاطمة (عليها السلام) فجعلها خلف ظهره، وأخذ الحسن والحسين عن يمينه وعن شماله ثم برك لهما باركاً، فلما رأوه قد فعل ذلك ندموا وتآمروا فيما بينهم وقالوا: والله إنه لنبي، ولئن باهلنا ليستجيب الله له علينا فيهلكنا ولا ينجينا شيء منه إلا أن نستقيله، قال: فأقبلوا حتى جلسوا بين يديه، ثم قالوا: يا أبا القاسم أقلنا، قال: نعم، قد أقلتكم، أما والذي بعثني بالحق لو باهلتكم ما ترك الله على ظهر الأرض نصرانياً إلا أهلكه. قال الشيخ المفيد رحمه الله في كتاب الفصول: قال المأمون يوماً للرضا (عليه السلام): أخبرني بأكبر فضيلة لأمير المؤمنين (عليه السلام) يدل عليها القرآن؟ قال: فقال الرضا (عليه السلام) فضيلة في المباهلة، قال جل جلاله:(فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين)(3) فدعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الحسن والحسين (عليهما السلام) فكانا ابنيه، ودعا فاطمة (عليها السلام) فكانت في هذا الموضع نساءه ودعا أمير المؤمنين (عليه السلام) فكان نفسه بحكم الله عز وجل، وقد أثبت أنه ليس أحد من خلق الله تعالى أجل من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأفضل، فواجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله بحكم الله عز وجل، قال: فقال المأمون: أليس قد ذكر الله الأبناء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ابنيه خاصة؟ وذكر النساء بلفظ الجمع وإنما دعا رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ابنته وحدها؟ فألا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره؟ فلا يكون لأمير المؤمنين (عليه السلام) ما ذكرت من الفضل، قال: فقال له الرضا (عليه السلام): ليس يصح ما ذكرت ـ يا أمير المؤمنين ـ وذلك أن الداعي إنما يكون داعياً لغيره كما أن الآمر آمر لغيره ولا يصح أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة كما لا يكون آمراً لها في الحقيقة، وإذ لم يدع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في المباهلة رجلاً إلا أمير المؤمنين (عليه السلام) فقد ثبت أنه نفسه التي عناها الله سبحانه في كتابه وجعل حكمة ذلك في تنزيله.
قال: فقال المأمون: إذا ورد الجواب سقط السؤال. قال الطبرسي (رحمه الله) : أجمع المفسرون على أن المراد بأبنائنا الحسن والحسين (عليهما السلام)، قال أبو بكر الرازي: هذا يدل على أن الحسن والحسين ابنا رسول الله، وأن ولد الابنة ابن في الحقيقة.
وقال ابن أبي علان  وهو أحد أئمة المعتزلة : هذا يدل على أن الحسن والحسين (عليهما السلام) كانا مكلفين في تلك الحال، لأن المباهلة لا تجوز إلا مع البالغين.
وقال أصحابنا: إن صغر السن ونقصانها عن حد بلوغ الحلم لا ينافي كمال العقل، وإنما جعل بلوغ الحلم حداً لتعلق الأحكام الشرعية، وكان سنهما في تلك الحال سناً لا يمتنع معها أن يكونا كاملي العقل، على أن عندنا يجوز أن يخرق العادات للأئمة ويخصهم بما لا يشركهم فيه غيرهم فلو صح أن كمال العقل غير معتاد في تلك السن لجاز ذلك فيهم إبانة لهم عمن سواهم، ودلالة على مكانهم من الله تعالى واختصاصهم به، ومما يؤيده من الأخبار قول النبي (صلّى الله عليه وآله): ابناي هذان إمامان قاما أو قعدا.
(ونساءنا) اتفقوا على أن المراد به فاطمة (عليها السلام) لأنه لم يحضر المباهلة غيرها من النساء، وهذا يدل على تفضيل الزهراء على جميع النساء، (وأنفسنا) يعني علياً خاصة، ولا يجوز أن يكون المعني به النبي (صلّى الله عليه وآله) لأنه هو الداعي، ولا يجوز أن يدعي الإنسان نفسه، وإنما يصح أن يدعو غيره.
وإذا كان قوله: (وأنفسنا) لا بد أن يكون إشارة إلى غير الرسول وجب أن يكون إشارة إلى علي (عليه السلام) لأنه لا أحد يدعي دخول غير أمير المؤمنين (عليه السلام) وزوجته وولديه (عليهم السلام) في المباهلة، وهذا يدل على غاية الفضل وعلو الدرجة والبلوغ منه إلى حيث لا يبلغه أحد، إذ جعله الله سبحانه نفس الرسول، وهذا ما لا يدانيه أحد ولا يقاربه انتهى.
قال شيخنا المجلسي (رحمه الله) : ويدل على كون المراد بأنفسنا أمير المؤمنين (عليه السلام) ما رواه ابن حجر في صواعقه رواية عن الدار قطني: أن علياً (عليه السلام) يوم الشورى احتج على أهلها فقال لهم: أنشدكم الله هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في الرحم مني؟ ومن جعله نفسه، وأبناءه أبناءه ونساءه نساءه غيري؟ قالوا: اللهم لا.
ولا يخفى أن تخصيص هؤلاء من بين جميع أقاربه (صلّى الله عليه وآله) للمباهلة دون عباس وعقيل وجعفر وغيرهم لا يكون إلا لأحد شيئين:
إما لكونهم أقرب الخلق إلى الله بعده، حيث استعان بهم في الدعاء على العدو دون غيرهم، وإما لكونهم أعز الخلق عليه حيث عرضهم للمباهلة إظهاراً لوثوقه على حقيته، حيث لم يبال بأن يدعو الخصم عليهم مع شدة حبه لهم، وظاهر: أن حبه (صلّى الله عليه وآله) لم يكن من جهة البشرية والأمور الدنيوية، بل لم يكن يحب إلا من يحبه الله، ولم يكن حبه إلا خالصاً لله... الخ.
قال بعض الأعلام: وخلاصة الكلام: أن مدار الحب في رسول الله (صلّى الله عليه وآله) التقوى والورع وسائر الفضائل والملكات الحسنة لا الأغراض الدنيوية الفاسدة، فتخصيصه (صلّى الله عليه وآله) هؤلاء من بين جميع أقاربه دليل على محبته إياهم، ومحبته دليل على كونهم أتقى وأورع وأفضل من غيرهم.
قال المجلسي (رحمه الله) : فإذا ثبت ذلك فيرجع هذا أيضاً إلى كونهم أقرب الخلق وأحبهم إلى الله، فيكونون أفضل من غيرهم، فيقبح عقلاً تقديم غيرهم عليهم.
وأيضاً لما ثبت أن المقصود بنفس الرسول (صلّى الله عليه وآله) في هذه الآية، ليس المراد النفسية الحقيقية، لامتناع اتحاد الاثنين، وأقرب المجازات إلى الحقيقة اشتراكهما في الصفات والكمالات وخرجت النبوة بالدليل، فبقي غيرها، ومن جملتها وجوب الطاعة والرئاسة العامة والفضل على من سواه وسائر الفضائل.
قال الإمام الرازي في كتابه الأربعين: وأما الشيعة فقد احتجوا على أن علياً أفضل الصحابة بوجوه: الحجة الأولى التمسك بقوله تعالى (فقل تعالوا)(4) وثبت بالأخبار الصحيحة أن المراد من قوله: (وأنفسنا) هو علي، ومن المعلوم أنه يمتنع أن تكون نفس علي هي نفس محمد بعينه فلا بد أن يكون المراد هو المساواة بين النفسين وهذا يقتضي أن كل ما حصل لمحمد من الفضائل والمناقب فقد حصل مثله لعلي، ترك العمل بهذا في فضيلة النبوة فوجب أن تحصل المساواة بينهما وراء هذه الصفة، ثم لا شك أن محمداً (صلّى الله عليه وآله) كان أفضل الخلق في سائر الفضائل، فلما كان علي مساوياً له في تلك الفضائل وجب أن يكون أفضل الخلق، لأن المساوي للأفضل يجب أن يكون أفضل.
ولنعم ما قال الشيخ كاظم الأزري في هذه المناسبة:
يا بن عـم النبـــي أنت يــــــد            الله التي عم كل شيء نداها
أنت قـــرآنه القــــديم وأوصا            فـك آياتـــه التــــي أوحاها
خصك الله فـــي مآثر شتــــى         هي مثل الأعداد لا تتناهى
ليت عيناً بغير روضك ترعـى           قـــذيت واستمر فيها قذاها
أنت بعــــد النبي خيـــر البرايا         والسما خير ما بها قمراها
لك ذات كـــذاتـــه حيـــث لولا         أنـــها مثلـــها لمــــا آخاها
************************
(1) سورة آل عمران، الآية: 59.
(2) سورة آل عمران، الآية: 61.
(3) سورة آل عمران، الآية: 61.
(4) سورة آل عمران، الآية: 61


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page