• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حديث سد الأبواب

في البحار ج9 عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لما بنى مسجده بالمدينة وأشرع بابه وأشرع المهاجرون والأنصار أبوابهم أراد الله عز وجل إبانة محمد وآله الأفضلين بالفضيلة، فنزل جبرائيل (عليه السلام) عن الله: بأن سدوا الأبواب عن مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قبل أن ينزل بكم العذاب، فأول من بعث إليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان العباس، وكان الرسول معاذ بن جبل، ثم مر العباس بفاطمة (عليها السلام) فرآها قاعدة على بابها وقد أقعدت الحسن والحسين (عليهما السلام) فقال لها: ما بالك قاعدة؟ انظروا إليها كأنها لبوءة بين يديها شبلاها! تظن أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يخرج عمه ويدخل ابن عمه! فمر بهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال لها: ما بالك قاعدة؟ فقالت: أنتظر أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بسد الأبواب، فقال (صلّى الله عليه وآله): إن الله تعالى أمرهم بسد الأبواب واستثنى منهم رسوله وأنتم نفس رسول الله، ثم إن عمر بن الخطاب جاء فقال: إني أحب النظر إليك يا رسول الله إذا مررت إلى مصلاك، فأذن لي في خوخة (فرجة) أنظر إليك منها! فقال: قد أبى الله ذلك، فقال: فمقدار ما أضع عليه وجهي، قال قد أبى الله ذلك، قال: فمقدار ما أضع عليه عيني، فقال: قد أبى الله ذلك ولو قلت: قدر طرف إبرة لم آذن لك، والذي نفسي بيده ما أنا أخرجتكم ولا أدخلتكم ولكن الله أدخلكم وأخرجكم.
ثم قال: لا ينبغي لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيت في هذا المسجد جنباً إلا محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والمنتجبون من آلهم الطيبون من أولادهم.

الحديث بلفظ آخر:
حذيفة بن أسيد الغفاري قال: لما قدم أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله) المدينة لم تكن لهم بيوت فكانوا يبيتون في المسجد، فقال لهم النبي (صلّى الله عليه وآله): لا تبيتوا في المسجد فتحتلموا، ثم إن القوم بنوا بيوتاً حول المسجد وجعلوا أبوابها إلى المسجد، وإن النبي (صلّى الله عليه وآله) بعث إليهم معاذ بن جبل فنادى أبا بكر فقال: إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يأمرك أن تخرج من المسجد وتسد بابك، فقال: سمعاً وطاعة. فسد بابه وخرج من المسجد، ثم أرسل إلى عمر فقال: إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يأمرك أن تسد بابك الذي في المسجد وتخرج منه، فقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله غير أني أرغب إلى الله تعالى في خوخة (فرجة) في المسجد. فأبلغه معاذ ما قاله عمر، ثم أرسل إلى عثمان وعنده رقية فقال: سمعاً وطاعة.
فسد بابه وخرج من المسجد، ثم أرسل إلى حمزة رضي الله عنه فسد بابه وقال: سمعاً وطاعة لله ولرسوله وعلي (عليه السلام) على ذلك متردد لا يدري أهو فيمن يقيم أو فيمن يخرج؟ وكان النبي (صلّى الله عليه وآله) قد بنى له في المسجد بيتاً بين أبياته، فقال له النبي (صلّى الله عليه وآله): اسكن طاهراً مطهراً، فبلغ حمزة قول النبي (صلّى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) فقال: يا محمد تخرجنا وتمسك غلمان بني عبد المطلب فقال له نبي الله: لو كان الأمر إلي ما جعلت دونكم من أحد، والله ما أعطاه إياه إلا الله وإنك لعلى خير من الله ورسوله، أبشر، فبشره النبي (صلّى الله عليه وآله) فقتل يوم أحد شهيداً، ونفس ذلك رجال على علي فوجدوا في أنفسهم، وتبين فضله عليهم وعلى غيرهم من أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فبلغ ذلك النبي (صلّى الله عليه وآله) فقام خطيباً فقال إن رجالاً يجدون في أنفسهم في أن أسكن علياً في المسجد وأخرجهم والله ما أخرجهم ولا أسكنته، إن الله عز وجل أوحى إلى موسى وأخيه (أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتاً واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة)(1) وأمر موسى أن لا يسكن مسجداً ولا ينكح فيه ولا يدخله إلا هارون وذريته، وإن علياً بمنزله هارون من موسى وهو أخي دون أهلي ولا يحل مسجدي لأحد ينكح فيه النساء إلا علي وذريته، فمن شاء فها هنا ـ وأومأ بيده نحو الشام.
ولإبن أبي الحديد كلام جامع يشير إلى بعض الفضائل بصورة موجزة يقول: وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) ذا أخلاق متضادة، فمنها أن الغالب على أهل الإقدام والمغامرة والجرأة أن يكونوا ذوي قلوب قاسية وفتك وتنمر وجبرية، والغالب على أهل الزهد ورفض الدنيا وهجران ملاذها والاشتغال بمواعظ الناس وتخويفهم المعاد وتذكيرهم الموت أن يكونوا ذوي رقة ولين.
وضعف قلب وخور طبع، وهاتان حالتان متضادتان وقد اجتمعتا له (عليه السلام). ومنها: أن الغالب على ذوي الشجاعة وإراقة الدماء أن يكونوا ذوي أخلاق سبعيه وطباع وحشية، وكذلك الغالب على أهل الزهاد وأرباب الوعظ والتذكير ورفض الدنيا أن يكونوا ذوي انقباض في الأخلاق وعبوس في الوجوه ونفار من الناس واستيحاش.
وعلي (عليه السلام) كان أشجع الناس وأعظمهم إراقة للدم، وأزهد الناس وأبعدهم عن ملاذ الدنيا وأكثرهم وعظاً وتذكيراً بأيام الله ومثلاته وأشدهم اجتهادا في العبادة، وآداباً لنفسه في المعاملة. وكان مع ذلك ألطف العالم أخلاقاً، وأسفرهم وجهاً، وأكثرهم بشراَ وأوفاهم هشاشة وبشاشة، وأبعدهم عن انقباض موحش أو خلق نافر، أو تجهم مباعد، أو غلظة وفظاظة ينفر معها نفس، أو يتكدر معها قلب، حتى عيب بالدعابة. ولما لم يجدوا فيه مغمزاً ولا مطعناً تعلقوا بها (الدعابة) ، واعتمدوا في التنفير عليها، وهذا من عجائبه وغرائبه اللطيفة.
ومنها: أن الغالب على شرفاء الناس ومن هو من أهل السيادة والرئاسة أن يكون ذا كبرٍ وتيهٍ وتعظم، وخصوصاً إذا أضيف إلى شرفه من جهة النسب شرفه من جهات أخرى.
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) في مصاص الشرف ومعدنه، لا شك عدو ولا صديق أنه أشرف خلق الله نسباً بعد ابن عمه (صلوات الله عليه) وقد حصل له الشرف غير شرف النسب جهات كثيرة متعددة، وقد ذكرنا بعضها ومع ذلك كان أشد الناس تواضعاًَ لصغير وكبير، وألينهم عريكة، وأسمحهم خلقاً، وأبعدهم عن الكبر، وأعرفهم بحق.
وكانت حاله هذه حالة في كل زمانيه: زمان خلافته، والزمان الذي قبله، ما غيرت سجيته الإمرة، ولا أحالت خلقه الرئاسة وكيف تحيل الرئاسة خلقه وما زال رئيساً؟ وكيف تغير الإمرة سجيته وما برح أميراً؟ لم يستفد بالخلافة شرفاً، ولا اكتسب بها زينة، بل هو كما قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: ذكر ذلك الشيخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي في تاريخه المعروف (بالمنتظم) قال: تذاكروا عند أحمد خلافة أبي بكر وعلي وقالوا، وأكثروا فرفع رأسه إليهم وقال: قد أكثرتم، إن علياً لم تزنه الخلافة لكنه زانها، وهذا الكلام بفحواه ومفهومه على أن غيره ازداد بالخلافة وتمت نقيصه، وأن علياً لم يكن فيه نقص يحتاج إلى أن يتم بالخلافة وكانت الخلافة ذات نقص في نفسها، فتم نقصها بولايته إياها.
ومنها: إن الغالب على ذوي الشجاعة وقتل الأنفس وإراقة الدماء لأن يكونوا قليلي الصفح، بعيدي العفو، لأن أكبادهم واغرة، وقلوبهم ملتهبة، والقوة الغضبية عندهم شديدة، وقد علمت حال أمير المؤمنين (عليه السلام) في كثرة إراقة الدماء وما عنده من الحلم والصفح ومغالبته هوى النفس، وقد رأيت فعله يوم الجمل.
ومنها ما رأيناه شجاعاً جواداً قط. وقد علمت حال أمير المؤمنين في الشجاعة والسخاء كيف هي؟ وهي من أعاجيبه (عليه السلام) إلى آخر كلامه.
**************************
(1) سورة يونس، الآية: 87.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page