• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الأسلوب الأول ـ اسلوب التمثيل والتشبيه لتقريب الهوية :

    الأسلوب الأول ـ اسلوب التمثيل والتشبيه لتقريب الهوية :
    وخير ما يدلّ على هذا الأسلوب أحاديث الإمام الصادق عليه السّلام التي بينت أوجه الشبه بين الإمام المهدي عليه السّلام وبين بعض الأنبياء عليه السّلام ، ومن مراجعة ما حكاه القرآن الكريم في قصصهم عليهم السّلام ، وما بيّنته الأحاديث النبويّة الشريفة في هذا المجال ؛ يعلم بأن هدف الإمام الصادق عليه السّلام في تبيان أوجه الشبه تلك إنّما هو بهدف التوعية المطلوبة وذلك على مستويين :

    المستوى الأول :
    مستوى من لم يعاصر الإمام المهدي عليه السّلام ، ويضم هذا المستوى جميع من ما توا قبل ولادته عليه السّلام من أصحاب الإمام الصادق وأصحاب ولده عليهم السّلام وصولاً إلى الإمام العسكري عليه السّلام ؛ إذ بإمكان هذه الطبقة أن تستحضر هذا الأسلوب لكي تعرف قيمة ما يظهر بزمانها من دعاوى المهدوية ، ويتأكّد لها ـ حينئذ ـ بطلان تلك الدعاوى لعدم انطباق التشبيه والتمثيل الواردين في الإمام المهدي عليه السّلام عليها.
    وما قد يقال بمن هذه الطبقة من الأصحاب لا تحتاج في الواقع إلى كل ذلك ؛ إذ يكفيها معرفة إمام زمانها فحسب ، وعلى أبعد تقدير معرفة من سيليه على أمر الإمامة ، وأما معرفة هوية من سيأتي بعد ذلك من الائمة عليه السّلام فهي غير مسؤولة عنها ولا ملزمة بها ، وأما عن دعاوى المهدوية التي عاصرتها ، فبإمكانها السؤال من إمام زمانها نفسه عن مدى مصداقيتها ، وحينئذ ستنتفي حاجتها إلى هذا الاسلوب ، خصوصاً وإن في أحاديث أهل البيت عليهم السّلام ما يدلّ على ذلك. ويكفي في هذا ما ذكره ثقة الإسلام الكليني في باب ( إنّه من عرف إمامه لم يضرّه تقدم هذا الأمر أو تأخّر ) ، حيث ضمّ سبعة أحاديث بهذا المعنى ، وهذا نموذج منها :
    1 ـ عن زرارة ، قال : « قال أبو عبد الله عليه السّلام : اعرف إمامك ، فإنّك إذا عرفت لم يضرّك ، تقدم هذا الأمر أو تأخّر » (1).
    وعن إسماعيل بن محمد الخزاعي ، قال : « سأل أبو بصير أبا عبد الله عليه السّلام وأنا أسمع ، فقال : تراني أدرك القائم عليه السّلام ؟ فقال : يا أبا بصير الست تعرف امامك ؟ فقال : اي والله وأنت هو ، وتناول يده. فقال : « والله ما تبالي يا أبا بصير ألا تكون محتبيا بسيفك في ظلال رواق القائم صلوات الله عليه » (2).
    3 ـ وعن فضيل بن يسار ، قال : « سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول : من مات وليس له إمام فميتته ميتة جاهلية ، ومن مات وهو عارف لإمامه لم يضرّه ، تقدم هذا الأمر أو تاخّر ، ومن مات وهو عارف لامامه كان كمن هو مع القائم في فسطاطه » (3).
    وكل هذا يدلّ على انتفاء حاجة الاصحاب إلى التوعية المطلوبة على المستوى الاول في تبيان اوجه الشبه بين المهدي الموعود عليه السّلام وبين الانبياء السابقين عليهم السّلام.
    فكيف تكون تلك التوعية اذن هدفاً من اهداف الإمام الصادق عليه السّلام مع انتفاء حاجة الاصحاب اليها ؟
    والجواب باختصار .. هو أن أحاديث الاكتفاء بمعرفة إمام الزمان إنما جاء التأكيد عليها في مقابل استعجال بعض أصحاب الأئمة عليهم السّلام في مسألة ظهور الفرج على يد الإمام المهدي عليه السّلام ، إذ سبق إلى أذهانهم دوره الشريف في انشاء دولة آل محمد صلّى الله عليه وآله ، دولة الحق الشامل وذلك من خلال ما بشّر به النبيّ صلّى الله عليه وآله الأطهار عليهم السّلام ، والمعروف من انتظار الفرج في ظلّ الاستبداد والعنف السياسي المقيت المتواصل ، عادة ما يكون مدعاة للسام والضجر ، وقد ينتج عنه اليأس من الظهور ، والشكّ في أصل القضية ، ولهذا حاول الإمام الصادق عليه السّلام تنبيه هذه الشريحة على القاعدة القرآنية القائلة : ( يوم ندعو كلَ أناسٍ بإمامهم ) (4) وذلك من خلال أحاديث الشريفة المصرّحة بوجوب معرفة إمام الزمان الحقّ ، واذا ما أضيف هذا الى تنبيهه عليه السّلام على مسالة عدم التوقيت ، مع ضرورة البقاء في حالة تاهّب وانتظار مع بيان فضل الانتظار بانه من أنواع العبادة ، علم انّ الهدف أن وراء ذلك إنّما هو لاجل تثبيت القلوب والقضاء على عوامل الياس التي قد تنشأ نتيجة الانتظار الطويل ، وها لا يعأرض اية خطوة من خطوات كشف الطريق ، كبيان مستقبل الأمة على يد الإمام المهدي ، وتشخيص هويته عليه السّلام بالتلميح تارة وبالتصريح تارة اخرى.
    واما عن حاجتهم إلى هذا على الرغم أن معرفتهم إمام زمانهم ، فهي حاجة كل إنسان إلى معرفة ما في المستقبل ، اذ المطلوب أن لا يعيش الانسان يومه فحسب ، بل لابدّ وان تكون عنده نبوءات عن مستقبله ، والا كان فاشلاً ، ولهذا نجد في عالمنا المعاصر مؤسسات علمية وثقافية كثيرة تعنى بشؤون المستقبل ، فضلاًً عن وجود مجلات علمية متخصصة بالدراسات المستقبلية.
    ومن هنا صار التنبؤ بالشيء قبل وقوعه من الأمور الاحترازية المهمّة لكلّ مجتمع ، وعلى هذا جرى أسلوب الإمام الصادق عليه السّلام في خصوص مسألة الإمام المهدي عليه السّلام ، فأخبر عنه وفصّل هويته الشريفة قبل ولادته بعشرات السنين.
    كما لا يمكن اغفال دور هذا المستوى من التوعية في حمل الأمانة ونقلها إلى الاجيال اللاحقة ، خصوصاً أجيال الغيبة الكبرى لإمام العصر والزمان عليه السّلام التي لم تشاهد الإمام ولم تره ، ولكنها آمنت به واستيقنت منفسهم وجوده ، ولولا تلك الأخبار وغيرها لشكت حتى في أخبار ولادته عليه السّلام ، نظرا لما أحاطها من سرية وتكتم كانا مقصودين من أبيه الإمام العسكري عليه السّلام مباشرة إلاّ للخاصّة فالخاصّة كوكلاء الإمام ، وأعمدة التشيّع يوم ذاك من الثقات الأجلاّء المعروفين ، ومن لابدّ من اطلاعه كالخدم والجواري ونحوهم.

    المستوى الثاني :
    مستوى من عاش حدث الولادة المباركة للإمام المهدي عليه السّلام ورآه في زمان أبيه أو في زمان غيبته الصغرى أو سمع بذلك ممن علم بالحدث أو شاهد الإمام مباشرة ، وهم جلّ الشيعة في ذلك الوقت.
    وبإمكان هذه الطبقة أن تلاحظ قوّة انطباق تلك الاخبار على الواقع التاريخي بعد وفاة الإمام العسكري عليه السّلام وحينئذ تزداد يقيناً على يقين ولن تضعّف من بصيرتها كثرة المهرجّين والمشعوذين.
    ويدلّ على هذا الأسلوب الشريف :
    1 ـ عن أبي بصير قال : « قال أبو عبد الله عليه السّلام : إن في صاحب هذا الأمر سنناً من الأنبياء عليهم السّلام : سنة من موسى بن عمران ، وسنة من عيسى ، وسنة من يوسف ، وسنة من محمد صلوات الله عليهم. فأما سنة من موسى بن عمران ، فخائف يترقب ، وأما سنة من عيسى ، فيقال فيه ما قيل في عيسى ، وأما سنة من يوسف ، فالسِّتْر ، يجعل الله بينه وبين الخلق حجابا ، يرونه ولا يعرفونه ، وأما سنة من محمد صلّى الله عليه وآله ، فيهتدي بهداه ، ويسير بسيرته » (5).
    2 ـ وعن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : « في القائم عليه السّلام سنة من موسى بن عمران عليه السّلام ، فقلت : وما سنتّه من موسى بن عمران ؟ قال عليه السّلام : خفاء مولده ، وغيبته عن قومه ... » (6).
    3 ـ وفي حديث آخر عنه عليه السّلام ، إنّ في المهدي الغائب عليه السّلام : « سنةً من أربعة أنبياء : سنة من موسى خائف يترقب ، وسنة من يوسف يعرفهم وهم له منكرون ، وسنة من عيسى وما قتلوه وما صلبوه ، وسنة من محمد صلّى الله عليه وآله يقوم بالسيف » (7).
    4 ـ وفي حديث آخر عنه عليه السّلام ، إنّ فيه : « سنةً من نوح وهو طول عمره ، وظهور دولته ، وبسط يده في هلاك أعدائه ، يخرج بالسيف كما خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وسنةً من داود وهو حكمه بالإلهام » (8).
    وعن زيد الشحّام ، عن الإمام الصادق عليه السّلام في حديث طويل جاء فيه : « إن صالحاً عليه السّلام غاب عن قومه زماناً ـ إلى أن قال عليه السّلام ـ وإنّما مَثَلُ القائم عليه السّلام مَثَلُ صالح » (9).
    6 ـ وفي الصحيح عن سدير الصير في قال : « سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : إنّ في صاحب هذا الأمر شبها من يوسف عليه السّلام قال : فقلت له : كمنك تذكر حياته أو غيبته ؟ قال : فقال لي عليه السّلام : وما ينكر من ذلك هذه الأمة أشباه الخنازير ؟ إن إخوة يوسف عليه السّلام كانوا أسباطاً أولاًًد ألانبياء ، تاجروا بيوسف وبايعوه وخاطبوه ، وهم إخوته وهو أخوهم ، فلم يعرفوه حتى قال : أنا يوسف وهذا أخي. فما تنكر هذه الأمة الملعونة أن يفعل الله عزّوجلّ بحجّته في وقت من الأوقات كما فعل بيوسف ؟ إن يوسف عليه السّلام كان إليه ملك مصر ، وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما ، فلو أراد أن يعلمه لقدر على ذلك ، لقد سار يعقوب عليه السّلام وولده ـ عند البشارة ـ تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر. فما تنكر هذه الأمة من يفعل الله جلّ وعزّ بحجّته كما فعل بيوسف ، أن يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن الله في ذلك له كما أذن ليوسف ؟ قال : « أئنك لأنت يوسف ؟ قال : أنا يوسف » (10).
    وفيه إشارة واضحة إلى غيبة الإمام عليه السّلام ، وما فعله جعفر الكذّاب ـ وهو عمّ الإمام المهدي عليه السّلام ـ شبيه بما فعله أولاًًد يعقوب عليه السّلام بأخيهم يوسف !
    وفي حديث سدير هذا ما يدلّ على شيوع مفهوم غيبة الإمام المهدي بين أصحاب الإمام الصادق عليه السّلام بفضل ما وصل إليهم من أحاديث آبائه الأطهار عليهم السّلام ، فضلاًً عمّا قام به الإمام الصادق عليه السّلام من ايضاح كل ما يحيط بالإمام المهدي عليه السّلام تفصيلاً ، وخير ما يدلُّ على سبق مفهوم الغيبة إلى علم الأصحاب ، هو استفسار سدير الصيرفي ـ في هذا الحديث ـ من الإمام الصادق عليه السّلام بقوله : كأنّك تذكر حياته أو غيبته !
    ويدلّ عليه أيضاًً ما رواه المفضل بن عمر ، قال : كنت عند أبي عبد الله عليه السّلام وعنده في البيت اُناس ، فظننت أنه إنّما اراد بذلك غيري ، فقال : « أما والله ! ليغيبنّ عنكم صاحب هذا الأمر ... الحديث » (11).
    فقول المفضّل : ( فظننت منه إنّما أراد بذلك غيري ) يدلّ بوضوح على علم المفضّل بالغيبة ، لسماعه أخبارها قبل زمان صدور هذا الحديث.
    7 ـ وعن عبدالرحمن بن الحجاج عن الإمام الصادق ، عن آبائه عليهم السّلام ، عن الإمام الحسين عليه السّلام قال : « في التاسع من ولدي سنة من يوسف ، وسنة من موسى بن عمران عليهما السّلام ، وهو قائمنا أهل البيت ، يصلح الله تبارك وتعالى أمره في ليلة واحدة » (12).
    8 ـ وعن أبي بصير ، قال : « سمعت أبا عبد الله عليه السّلام يقول : إنّ سنن الأنبياء عليهم السّلام بما وقع بهم في الغيبات حادثة في القائم منّا أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة » .
    قال أبو بصير ، فقلت : يا ابن رسول الله ! ومن القائم منكم أهل البيت ؟ فقال : « يا أبا بصير هو الخامس من وُلْد ابني موسى ، ذلك ابن سيدة الإماء ، يغيب غيبةً يرتاب فيها المبطلون ، ثم يظهره الله عزّوجلّ ، فيفتح الله على يده مشارق الأرض ومغاربها ، وينزل روح الله عيسى بن مريم عليه السّلام فيصلّي خلفه ، وتشرق الأرض بنور ربّها ، ولاتبقى في الأرض بقعهٌ عبد فيها غير الله عزّوجلّ إلاّ عبد الله فيها ، ويكون الدين كله لله ولو كره المشركون » (13).

 



1 ـ اصول الكافي 1 : 371 / 1 باب انه من عرف إمامه لم يضرّه ، تقدم هذا الأمر أو تأخّر.
2 ـ اصول الكافي 1 : 371 / 4 ، من الباب السابق.
3 ـ اصول الكافي 1 : 371 ـ 372 / 5 ، من الباب السابق.
4 ـ سورة الإسراء : 17 / 71.
5 ـ إكمال الدين 2 : 350 ـ 351 / 46 باب 33.
6ـ إكمال الدين 1 : 152 / 14 باب 6.
7 ـ دلائل الإمامة : 251.
8ـ الخرائج والجرائح 2 : 936 باب 17.
9 ـ إكمال الدين 1 : 136 ـ 137 / 6 باب 3.
10 ـ أصول الكافي 1 : 336 ـ 337 / 4 باب في الغيبة ، وإكمال الدين 2 : 341 / 21 باب 33.
11 ـ اصول الكافي 1 : 338 / 11 ، باب في الغيبة.
12 ـ إكمال الدين 1 : 316 ـ 317 / 1 باب 30.
13 ـ إكمال الدين 2 : 345 ـ 346 / 31 باب 33.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page