• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ثانياًً ـ بيان الإمام الصادق عليه السّلام لكيفية الانتفاع بالحجة الغائب عليه السّلام

 

 ثانياًً ـ بيان الإمام الصادق عليه السّلام لكيفية الانتفاع بالحجة الغائب عليه السّلام :
    نطقت أحاديث أهل البيت عليه السّلام وبصورة متواترة بأن الله تعالى لا يخلي أرضه من حجة على عباده منذ أن خلق الله آدم وإلى قيام الساعة ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الحجة ظاهراً مشهوراَ ، أو خائفاَ مستوراً كما مرّ في القاعدة الرابعة من قواعد الفصل السابق.
    والتسليم بهذه القاعدة يعني الاعتقاد بوجود الإمام المهدي عليه السّلام في أرض الله عزّوجلّ وإن لم يره أحد ، وهو بحد ذاته كاف لنمو الفضيلة ، وخلق جوّ من التآلف والمودّة بين المؤمنين الذين يعيشون في حالة انتظار دائم وترقّب شديد لظهوره عليه السّلام ، الأمر الذي يؤدي إلى حفظ المجتمع المسلم من التشتّت والضياع ، ومنعه ن الانحدار وراء الشهوات ، وصونه من كل انحراف.
    كما من نفس وجود الإمام عليه السّلام فيه منافع كثيرة ترتبط بحياة الناس جميعاًً ، من نزول بركات السماء ، وعدم المؤاخذة بالعقاب العاجل ونحوها ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الحقيقة مبيناً أهميتة الحجة وهي في زمن نزوله منحصرة برسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال تعالى : ( وما كان الله ليعذّبهم أنت فيهم وما كان الله معذّبهم وهم يستغفرون ) (1) ، وأما بعده صلّى الله عليه وآله فلا شكّ في منها بآله الكرام عليهم السّلام.
 لقد حاول الإمام الصادق عليه السّلام تقريب صورة الانتفاع بالإمام الحجة الغائب عليه السّلام بمثال مادي محسوس ، ليكون ذلك أدعى إلى الإذعان والتصديق.
    فعن سليمان بن مهران الأعمش ، عن الإمام الصادق ، عن أبيه الإمام الباقر ، عن أبيه الإمام على بن الحسين عليهم السّلام ، قال : « نحن أئمة المسلمين ، وحجج الله على العالمين ... ولم تخل الأرض منذ خلق الله آدم من حجة الله ولا تخلوا إلى أن تقوم الساعة من حجة الله فيها ، ولولا ذلك لم يعبد الله. قال سليمان : فقلت للصادق عليه السّلام : فكيف ينتفع الناس بالحجة الغائب المستور ؟ قال عليه السّلام : كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب » (2).
    وكما من السحاب لا يمنع من فوائد الشّمس الكثيرة ، ولولاها لا نعدمت الحياة ، فكذلك لا تمنع الغيبة من الفوائد العظيمة المترتّبة على وجود الإمام عليه السّلام ، وهذا ما يفسّر لنا معنى قول الإمام الصادق عليه السّلام : « لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت » (3).  
    جدير بالذكر من حديث الإمام الصادق عليه السّلام المتقدم برواية الأعمش هو جزء من حديث عظيم لرسول الله صلّى الله عليه وآله ، برواية جابر بن عبد الله الانصاري ، قال رضي الله عنه : « لمّا منزل الله عزّوجلّ على نبيّه محمد صلّى الله عليه وآله ( يا أيّها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) (4) قلت : يا رسول الله عرفنا الله ورسوله ، فمن اولو الأمر الذين قرن الله طاعتهم بطاعتك ؟ فقال عليه السّلام : « هم خلفائي يا جابر ، وأئمة المسلمين ( من ) بعدي أولهم عليّ بن أبي طالب ، ثم الحسن والحسين ، ثم عليّ بن الحسين ، ثم محمد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر ، وستدركه يا جابر ، فإذا لقيته فأقرئه منّي السّلام ، ثم الصادق جعفر بن محمد ، ثم موسى بن جعفر ، ثم عليٍّ بن موسى ، ثم محمد بن عليّ ، ثم عليّ بن محمد ، ثم الحسن بن عليّ ، ثم سميّي وكنيي حجة الله في أرضه ، وبقيّته في عباده ابن الحسن بن على ، ذاك يفتح الله تعالى ذكره على يديه مشارق الأرض ومغاربها ، ذاك الذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبة لا يثبت فيها على القول بإمامته إلاّ من امتحن الله قلبه للإيمان » ، قال جابر : فقلت له : يا رسول الله فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته ؟ فقال صلّى الله عليه وآله : « اي والذي بعثني بالنبوَّة إنّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن تجلّلها سحاب ، يا جابر هذا من مكنون سرالله ، ومخزون علمه ، فاكتمه إلاّ عن أهله » (5).
    وتشبيه فائدة الإمام المهدي عليه السّلام في غيبته بفوائد الشمس المجللة بالسحاب يوحي إلى أمور ، قد تعرض لها العلامة المجلسي في ذيل هذا الخبر ، ولا بأس بنقلها كما هي لفائدتها.
    قال رحمة الله : « بيان ـ التشبيه بالشمس المجللة بالسحاب يوحي إلى أمور :
   الأول : إن نور الوجود والعلم والهداية ، يصل إلى الخلق بتوسّطه عليه السّلام ؛ إذ ثبت بالأخبار المستفيضة منهم العلل الغائية لايجاد الخلق ، فلولا هم لم يصل نور الوجود إلى غيرهم ، وببركتهم والاستشفاع بهم ، والتوسل إليهم يظهر العلوم والمعارف على الخلق ، ويكشف البلايا عنهم ، فلولاهم لا ستحقّ الخلق بقبائح أعمالهم أنواع العذاب ، كما قال تعالى : ( وما كان الله ليعذّبهم ومنت فيهم ) (6) ولقد جرّبنا مراراً لا نحصيها أن عند انغلاق الأمور وإعضال المسائل ، والبعد عن جناب الحقّ تعالى ، وانسداد أبواب الفيض ، لمّا استشفعنا بهم ، وتوسلنا بانوارهم ، فبقدر ما يحصل الارتباط المعنوي بهم في ذلك الوقت ، تنكشف تلك الأمور الصعبة ، وهذا معاين لمن أكحل الله عين قلبه بنور الإيمان.
    الثاني : كما من الشمس المحجوبة بالسحاب مع انتفاع الناس بها ـ ينتظرون في كل آن انكشاف السحاب عنها وظهورها ، ليكون انتفاعهم بها أكثر ، فكذلك في أيام غيبته عليه السّلام ، ينتظر المخلصون من شيعته خروجه وظهوره ، في كل وقت وزمان ، ولا يبأسون عنه .
    الثالث : إن منكر وجوده عليه السّلام مع وفور ظهور آثاره كمنكر وجود الشمس إذا غيبها السحاب عن الأبصار.
    الرابع : إن الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد ، من ظهورها لهم بغير حجاب ، فكذلك غيبته عليه السّلام أصلح لهم في تلك الأزمان ؛ فلذا غاب عنهم.
    الخامس : إن الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب ، وربّما عمي بانظر إليها لضعف الباصرة عن الاحاطة بها ، فكذلك شمس ذاته المقدّسة ربّما يكون ظهوره أضرّ لبضائرهم ، ويكون سببا لعماهم عن الحق ، وتحتمل بصائرهم الإيمان به في غيبته ، كما ينظر الإنسان إلى الشمس تحت السحاب ولا يتضرر بذلك.
    السادس : إن الشمس قد تخرج من السحاب وينظر إليها واحد دون واحد ، فكذلك يمكن أن يظهر عليه السّلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
    السابع : إنهم عليهم السّلام كالشمس في عموم النفع ، وإنما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسّر به في الأخبار قوله تعالى : ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلاً ) (7).
    الثامن : إن الشمس كما من شعاعها يدخل البيوت ، بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك ، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع ، فكذلك الخلق إنما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روزان قلوبهم من الشهوات النفسانية ، والعلائق الجسمانية ، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الأمر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوانبه بغير حجاب » (8).



1 ـ سورة الانفال : 8 / 33.
2 ـ إكمال الدين 1 : 207 / 22 باب 21 ، وأمالي الصدوق : 156 ـ 157 / 15 مجلس / 34 ، وفرائد المسطين / الجويني الشافعي 1 : 45 ـ 46 / 11.
3 ـ أصول الكافي 1 : 179 / 10 ، باب من الأرض لا تخلوا من حجة ، وكتاب الغيبة / النعماني : 138 / 8 باب 8.
4ـ سورة النساء : 4 / 59.
5 ـ إكمال الدين : 1 : 253 / 3 باب 23.
6 ـ سورة الانفال : 8 / 33.
7 ـ سورة الإسراء : 17 / 72.
8 ـ بحار الأنوار / العلاّمة المجلسي 52 : 93 ـ 94 ذيل الحديث الثامن ، باب علّة الغيبة وكيفية انتفاع الناس به عليه السّلام.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page