بيان علامات ظهور الإمام المهدي عليه السّلام :
تقع علامات الظهور في قسمين : محتوم لابدّ من وقوعه ، وغير محتوم ؛ وسنكتفي بالأول ، كدليل صحيح على سبق دعوى المهدوية لكل تلك العلامات التي لم تقع إلى الآن ، ولابدّ من وقوعها في المستقبل إن عاجلاً أو آجلاً ، وفيما يأتي جملة من أحاديث الإمام الصادق عليه السّلام الناطقة بتلك العلامات :
1 ـ عن حمران بن أعين ، عن أبي عبد الله عليه السّلام ، قال : « من المحتوم الذي لابدّ منه أن يكون قبل قبام القائم : خروج السفياني ، وخسف بالبيداء ، وقتل النفس الزكية ، والمنادي من السماء » (1).
ونحوه ما رواه : أبو حمزة الثمالى (2) ، ومحمد بن علي الحلبي (3) ، ومحمد ابن الصامت (4) ؛ كلهم ، عن الإمام الصادق عليه السّلام.
2 ـ وعن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : « النداء من المحتوم ، والسفياني من المحتوم واليماني من المحتوم ، وقتل النفس الزكيّة من المحتوم ، وكفّ تطلع من السماء من المحتوم. قال : وفزعة تطلع في شهر رمضان ، توقظ النائم ، وتفزع اليقظان ، وتخرج الفتاة من خدرها » (5)
ومثله ماروا ابن أبي يعفور عن الإمام الصادق عليه السّلام (6).
3 ـ وعن عمر بن حنظلة ، عن أبي عبد الله عليه السّلام قال : « خمس علامات قبل قيام القائم : الصيحة ، والسفياني ، والخسف وقتل النفس الزكية ، واليماني » (7).
ورواه ميمون البان ، عن الإمام الصادق عليه السّلام أيضاً (8).
وقد روى آخرون بعض هذه العلامات وغيرها ، عن الإمام الصادق عليه السّلام ، كما في رواية الحسن بن زياد الصيقل (9) ، ورواية فضيل بن محمد بن راشد البجلي (10) ، وأبراهيم (11) ، والطيار (12) ، وابي بصير (13) ، ومحمد ابن مسلم (14) ، وأبي حمزة الثمالى (15) ، وبكر بن محمد الأزدي (16) ، وصالح بن ميثم التمّار (17) ، وغيرهم (18).
المراد بقتل النفس الزكيّة كعلامة من علامات الظهور :
إنّ قتل النفس الزكيّة ـ كعلامة من علامات ظهور الإمام المهدي عليه السّلام ـ لا إشكال في صحته أصلاً ؛ إذ ورد في روايات كثيرة على لسان رسول الله صلّى الله عليه وآله وأهل بيته الأطهار عليهم السّلام ، لاسيمّا الإمام الصادق عليه السّلام ، بحيث يُستغنى بكثرتها عن فحص أساتيدها ، فضلاً عمّا فيها من الصحيح وهو كثير. ولكن المهمّ هنا هو أن المراد بالنفس الزكيّة في هذه الرواية وغيرها ، ليس محمد بن عبد الله بن الحسن ، وإن تلقّب بهذا واشتهر به.
ولو قيل لمحمد نفسه : هل أنت النفس الزكيّة المشار له في الروايات ؟ لما أجاب بغير ( لا ) قطعاً ، وإلاّ لتنازل عن دعوى المهدوية لنفسه وحكم ببطلانها ؛ لوضوح أن النفس الزكيّة غير الإمام المهدي عليه السّلام.
ومن ثم فإن النفس الزكيّة في لسان جميع الروايات يُقتل في المسجد الحرام بين الركن والمقام وفي بعضها تحديد لزمان استشهاده في الخامس والعشرين من ذي الحجة الحرام ، قبل ظهور الإمام المهدي عليه السّلام بخمس عشرة ليلة (19) ، وفي بعض الروايات أن اسمه محمد بن الحسن (20) ، وأين هذا من محمد بن عبد الله الحسني المقتول في المدينة المنورة في الرابع عشر من شهر رمضان المبارك سنة / 145 هـ بلا خلاف ؟ فكيف يشتبه به أنه النفس الزكيّة واقعاً إذن ؟! على أنه لا مانع من توصيفه بهذا مع الالتفات إلى ما قدمناه.
وبهذا يتبين اشتباه أبي الفرج الأصبهاني بقوله في محمد بن عبد الله الحسني : « وكان أهل بيته يسمونه المهدي ، ويقدرون انه الذي جاءت فيه الرواية ، وكان علماء آل ابي طالب يرون فيه أنه النفس الزكيّة ، وأنّه المقتول بأحجار الزيت » (21).
ومورد اشتباهه في قوله : « وكان علماء آل أبي طالب يرون فيه منه النفس الزكيّة » ! يشير بهذا إلى الإمام الصادق عليه السّلام الذي لم يرَ فيه ما قال ، وإنما ورد توصيفه بذلك في روايات الشيعة جرياً على المتعارف المشهور ، كما هو الحال في وصفه بالمهدي الحسني الذي لايعبر عن إعتقاد بمهدويته
.
1 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 264 / 26 باب 14.
2 ـ إكمال الدين 2 : 656 / 14 باب 57.
3 ـ روضة الكافي 8 : 258 / 484.
4 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 262 / 11 باب 14.
5 ـ كتاب غيبة / النعماني : 252 / 11 باب 14.
6 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 257 ـ 258 / 16 باب 14.
7 ـ روضة الكافي 8 : 258 / 483 ، وكتاب الغيبة / النعماني : 252 / 9 باب 14 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 436 / 427 ، ودلائل الإمامة / الطبري : 261.
8 ـ إكمال الدين 2 : 649 / 1 باب 57 ، والخصال : 303 / 84 باب 5.
9 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 177 ـ 134.
10 ـ كتاب الغيبة / النعماني : 263 / 23 باب 14.
11 ـ تأويل الآيات / الأسترآبادي 2 : 541 / 17.
12 ـ روضة الكافي 8 : 146 / 181.
13 ـ روضة الكافي 8 : 312 / 575 ، وكتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 452 / 458
14 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي 449 / 452.
15ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 435 / 425.
16 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 446 / 443.
17 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 445 / 440.
18 ـ راجع : كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 450 / 453 ، و : 454 / 461.
19 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 445 / 440.
20 ـ كتاب الغيبة / الشيخ الطوسي : 464 / 480.
21 ـ مقاتل الطالبين : 207.