• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

إشارات


إشارات

الإشارة الأولى : قرأنا في رواية العيّاشي (رحمه اللّه) لفظة (سمّتاه) ، وفي رواية الفيض (قدّس سرُّه) لفظة (سقَتاه) ، والمعنى‏ إلى مؤدّىً واحد ، أي وضعَتا للنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) السمّ ، أو جعلتا السمّ في ما يُشرب من ماءٍ أو لبن مثلاً ، فشرِبَه (صلّى اللّه عليه وآله) وسُقيَ معه السُمَّ الذي دُسّ فيه .

الإشارة الثانية : رواية العيّاشي تبدأ بـ ( تدرون ... ؟! ) ورواية الفيض تبدأ بـ ( أتدرون ... ؟! ) ، وكلتاهما تريدانِ السؤال ، مرّة بهمزة الاستفهام ، ومرّة بالاستغناء عنها .
وصيغة الاستفهام هنا لم تأت طلباً لفهم مجهول ، فالأمر بالنسبة للسائل ـ وهو المعصوم (صلوات اللّه عليه) ـ معلوم واضح ، وكم سائلٍ عن أمره وهو يعلم ، وإنّما جاءتْ هذه الصيغة لاستثارة الموضوع واستقطاب الأفهام إلى‏ أمرٍ مهمٍّ مطويٍّ مجهولٍ بالنسبة للناس .

الإشارة الثالثة : استشهد الإمامُ الصادق (سلام اللّه عليه) بأنسب آية في قضيّة وفاة النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) بأيّ سببٍ كانت ؛ وذلك لأنّ قوله تعالى : ( أفإنْ مات أو قُتل ) ـ كما يرى‏ بعضُ أهل الفهم ـ مُثيرٌ لشبهةِ قتلٍ يقع على‏ رسول‏ اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ، فكأنّ الآية تريد أنْ تقول : إنّ من الجائز أنْ يُقتَل الأنبياء حتّى‏ المصطفى‏ الأكرم (صلّى اللّه عليه وآله) رغم أنّه سيّدُهم وأشرفهم .
إذاً ، فلا غرابة أنْ يكون شهيداً ، ثمّ لا غرابة أنْ يكون هنالك من المقرَّبين مَنْ تُسوّل له نفسُه بأنْ يرتكب مثلَ هذه الجريمة العظمى ‏. ثمّ لا غرابة أنْ يكون هنالك ممّنْ ينقلبُ على‏ عقبيهِ علناً بعد رحيل رسول ‏اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ، أو يرتدّ الكثير ، ويبقى‏ أهلُ الصبر في أشدّ العناء ، ولكنَّ اللّه (تعالى) مجازيهم ، هو نعم المولى ونعم النصير .
وهو القائل (عزّ مِن قائل) في تتمّة الآية المباركة : ( ... ومَن ينقلبْ على عقِبَيهِ فلن يَضُرَّ اللّه شيئاً وسيجزي اللّهُ الشاكرين )(1) .
روى‏ ابن شهر آشوب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس في قوله تعالى : ( أَفَإِنْ مَاتَ أَو قُتِلَ انْقَلَبْتُم عَلى أَعقابِكُم ومَنْ ينقلبْ على‏ عقِبَيهِ فلن يضرَّ اللّه شيئاً وسيجزي اللّهُ الشاكرين ) , يعني بالشاكرين : عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) ، والمرتدّين على أعقابهم : الذين ارتدّوا عنه(2) . أجل ، فهو (سلام اللّه عليه) الصابر الشاكر مِن قبلُ ومِن بعد .
روى الشيخ الطبرسيّ (قُدّس سرُّه) بإسناد عن جملة من الرواة ينتهون إلى الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السّلام) , يروي عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) خطبة الغدير ، وفيها : (( معاشرَ الناس ، هذا عليٌّ أخي ووصيّي ، وواعي علْمي ، وخليفتي على‏ اُمّتي وعلى‏ تفسير كتاب اللّه (عزّ وجلّ) ، والداعي إليه ، والعامل بما يرضاه ، والمحارب لأعدائه ، والموالي على‏ طاعته ، والناهي عن معصيته , خليفةُ رسول ‏اللّه ، وأميرُ المؤمنين ، والإمام الهادي ، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بأمر اللّه .
معاشر الناس ، أُنذرُكم أنّي رسول‏ اللّه قد خلتْ مِن قبليَ الرسل ، أفإنْ مِتُّ أو قُتلتُ انقلبتُم على أعقابكم ، ومَنْ ينقلب على عقِبَيه فلن يضرَّ اللّه شيئاً وسيجزي اللّه الشاكرين . أَلا وإنّ عليّاً هو الموصوف بالصبر والشكر ، ثمّ مِن بعدهِ وُلْدي مِن صُلبه ))(3) .
وبإسنادٍ للشيخ الطوسي إلى‏ ابن عبّاس أنّ عليّاً (عليه السّلام) كان يقول في حياة رسول‏ اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : (( إنّ اللّه (عزّ وجلّ) يقول : (وما محمّدٌ إلاّ رسول قد خلت مِن قبلهِ الرسل أفإنْ ماتَ أو قُتل انقلبتُم على أعقابكم) ، واللّهِ لا ننقلبُ على أعقابنا بعد إذْ هدانا اللّه . واللّهِ لئنْ مات أو قُتل لأُقاتلنّ على ما قاتل عليهِ حتّى‏ أموت . واللّهِ إنّي َلأخوه وابنُ عمّه ووارثُه ، فمَنْ أحقُّ به منّي ؟! ))(4) .
وهكذا نلاحظ إثارة الاحتمال للقتل واقعاً على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) في الآية الشريفة ، وفي خطبة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ، وحديث أمير المؤمنين (عليه السّلام) .

الإشارة الرابعة : إنّ الفعلينِ (سمَّتاه) و (سقَتاه) قد دخلَ عليهما ضمير التثنية (الألف) بعد تاء التأنيث ؛ فالألف فاعل ، والهاء ضمير متّصل مبنيٌّ على الضمّ في محلّ نصب مفعول به ، عائد بالمعنى‏ على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) .
أمّا الألف ـ وهو هنا ضمير متّصل أيضاً مبنيٌّ على السكون في محلّ رفع فاعل ـ فهو عائد على مثنّى‏ مؤنث . قال الفيض الكاشانيّ (رحمه ‏اللّه) توضيحاً لقول الإمام الصادق (عليه السّلام) : (إنّهما سقتاه) : يعني الامرأتين(5) .
فضمير التثنية إذاً كناية عن المرأتينِ اللتين قال اللّه (عز ّوجلّ) فيهما : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ  اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ * إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ)(6) .
فالفعلانِ (تتوبا) و (تظاهرا) ، والاسم (قلوبكما) دخل عليهم ألف التثنية ، وهو ضمير عائدٌ على‏ مثنّى‏ مؤنث ، فمَنْ هما يا تُرى ؟ نترك التعريف بهما للرواية : عن عبيد اللّه بن عبد اللّه ، عن ابن عبّاس ، قال : وجدتْ حفصةُ رسولَ ‏اللّه مع أمّ إبراهيم(7) في يوم عائشة ، فقالت : لأُخبرنّها . فقال‏ رسول‏ اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : (( اكتمي ذلك ... )) .
فأخبرت حفصةُ عائشةَ بذلك ، فأعلم اللّهُ نبيَّهُ فعرّف حفصةَ أنّها أفشت سرَّه ، فقالت له : مَنْ أنبأَك هذا ؟ قال : (( نبّأنيَ العليمُ الخبير )) . فآلى‏ رسولُ ‏اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) مِن نسائهِ شهراً ، فأنزل اللّهُ (عزّ اسمُه) : (إنْ تتوبا إلى اللّه فقد صغَتْ قلوبُكما) .
قال ابنُ عبّاس : فسألتُ عمرَ بن الخطّاب : مَنِ اللتانِ تظاهرتا على‏ رسول ‏اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ؟ فقال : حفصة وعائشة(8) .
وروى كثير من علماء العامّة وحفّاظهم بأسانيدهم عن ابن عبّاس قال : لم أزل حريصاً أن أسأل عمرَ عن المرأتين من أزواج رسول اللَّه اللّتَين قال اللَّه تعالى : ( إنْ تتوبا إلى اللّه فقد صغَتْ قلوبُكما ) , حتّى حجّ عمر وحججتُ معه ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، مَنْ المرأتان من أزواج النبيّ (صلّى اللَّه عليه وآله) اللتان قال اللَّه تعالى : ( إنْ تتوبا إلى اللّه فقد صغَتْ قلوبُكما ) ؟
فقال عمر : واعجباً لك يابن عبّاس! ـ قال الزهري : كَرِه واللَّهِ ما سأله ولم يكتمه ـ ثمّ قال : هما حفصة وعائشة ...(9) .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة آل عمران / 144 .
(2) مناقب آل أبي طالب 2 / 120 .
(3) الاحتجاج 1 / 62 .
(4) أمالي الشيخ الطوسيّ / 502 ـ المجلس 18 , ح 6 ، وعنه : تفسير نور الثقلين للحويزيّ 1 / 401 , ح 389 .
(5) تفسير الصافي 1 / 359 .
(6) سورة التحريم / 3 ـ 4 .
(7) أي ماريّة القبطيّة (رحمة الله عليها) .
(8) أمالي الشيخ الطوسيّ / 151 ـ المجلس 6 , الحديث الأوّل .
(9) الكشف والبيان للثعلبيّ 9 / 346 ، وتفسير ابن كثير 4 / 638 ، والدرّ المنثور للسيوطيّ 6 / 243 , حيث نقل الخبر عن عبد الرزّاق , وابن سعد , وأحمد بن حنبل , والعَدَنيّ , وعبد بن حميد , والبخاريّ , ومسلم , والترمذيّ , وابن حبّان , وابن المنذر , وابن مردويه ، بأسانيدهم جميعاً عن ابن عبّاس .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page