شهادة الإمام الحسن العسكري (صلوات اللّه عليه)
وهي وإن حاول البعض طمسَها وإنكارها ، لكنّ الأخبار العامّة أكّدتها وجعلتنا نطمئنّ إلى وقوعها على سبيل الجزم ؛ لما ورد عن المعصوم (صلوات اللّه عليه) : (( ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم )) ، و (( ما منّا إلاّ مسموم أو مقتول )) ، و (( ما منّا إلاّ مقتول شهيد )) .
ومع هذا جاءت الأخبار الخاصّة مؤكِّدة أنّ الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام) على وجه التعيين مقتول شهيد ، وإن اختلف الرأي ـ أحياناً ـ في مَنْ كان هو القاتل .
ومِن هذه الأخبار ما جاء في :
(1) دلائل الإمامة / 223 ، قال الطبري : في أيّام المعتمد استُشهد وليُّ اللّه مسموماً .
(2) مناقب آل أبي طالب 4 / 457 ، قال ابن شهر آشوب : قُبض ، ويُقال : استُشهِد ، ودُفن مع أبيه بسرّ مَنْ رأى ، وقد كمل من عمره تسع وعشرون سنة ، ويُقال : ثمانٍ وعشرون سنة .
(3) المصباح / 523 ، في جدولَيهِ , قال الشيخ الكفعمي : سمّه المعتمد .
(4) مناقب آل أبي طالب 2 / 457 .
(5) الأنوار النعمانيّة ، أكد فيها السيّد نعمة اللّه الجزائريّ (قُدّس سرّه) أمر شهادته (سلام اللّه عليه) .
(6) الإقبال / 97 ، أورد ابن طاووس في نقله للدعاء : اللّهمّ صلّ على الحسن بن عليّ إمام المسلمين ، ووال مَنْ والاه ، وعاد مَنْ عاداه ، وضاعفِ العذاب على مَنْ شرِك في دمه ـ وهو المعتمد ، أو المعتضد برواية ابن بابويه ـ .
(7) الصراط السوي / 410 ، قال الشيخاني : وكانت وفاة أبي محمّد الحسن الخالص العسكري بـ (سُرّ مَنْ رأى) في يوم الجمعة ، لثمانٍ خلون من شهر ربيع الأوّل مسموماً سنة ستين ومئتين من الهجرة النبويّة ، ودُفن في البيت الذي دُفن فيه أبوه عليٌّ الهادي العسكري (عليه السّلام) .
(8) الفصول المهمّة / 290 ، بعد ذكر شيءٍ من حياته الشريفة ، قال ابن الصبّاغ المالكي : ذهب كثير من الشيعة إلى أنّ أبا محمّد الحسن مات مسموماً ، وكذلك أبوه وجدّه ، وجميع الأئمّة الذين مِن قبلهم خرجوا كلّهم (تغمّدهم اللّه برحمته) مِن الدنيا على الشهادة ، واستدلّوا على ذلك بما رُوي عن الصّادق (عليه السّلام) أنّه قال : (( ما منّا إلاّ مقتول أو شهيد )) .
هكذا أورد ابن الصبّاغ الخبر والرأيَ معاً ولم يردّهما وهو مالكيُّ المذهب ؛ لأنّه يعلم أنّ ذلك أمرٌ مشهور ومؤيَّد بأكثر من دليل .
(9) التتمّة في تواريخ الأئمّة (عليهم السّلام) / 144 .
(10) جنّات الخلود / 39 .
(11) شرح ميميّة أبي فراس للهاشمي .
(12) اُرجوزة الحرّ العاملي .
(13) اُرجوزة الفتوني قال : سمّه المعتمد .
(14) الاعتقادات / 110 .
(15) إعلام الورى / 211 ، قال الشيخ الطبرسي (رضوان اللّه عليه) : ذهب كثيرٌ من أصحابنا إلى أنّ الحسن العسكري مضى مسموماً ، وكذلك أبوه وجدّه وجميع الأئمّة خرجوا من الدنيا بالشهادة ، واستدلّوا في ذلك بما رُوي عن الصادق (عليه السّلام) : (( واللَّهِ , ما منّا إلاّ مقتولٌ شهيد )) .
(16) أسرار الإمامة / 86 ، قال عماد الدين الطبري : وبعد ما مضى خمسُ سنين من مُلك المعتمد بن جعفر مات [الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)] شهيداً .
أمّا السيّد المقرّم (رحمه اللّه) فقد قال بعد ما أورد أسماء جملةٍ من المصادر وشيئاً من نصوصها القائلة بشهادة جميع الأئمّة (عليهم السّلام) : وإنّي لا أرى بعد هذه النصوص من العلماء الأعلام مَنْ يرتاب في شهادة الأئمّة المعصومين (عليهم السّلام) إلاّ قاصر النظر ، كثير التشكيكات ؛ لقلّة الوقوف على التاريخ والإلمام بالأحاديث(1) .
( الإمام زين العابدين (عليه السّلام) / 405 ـ 406 ) .
هذا رغم كثرة الأخبار العامّة والخاصّة في ذكر شهادتهم (عليهم السّلام) ، مع أنّ حالَهم مع سلاطين الجور في زمانهم حاكية بوفاتهم غيلةً وغدراً على أيدي الطغاة والخونة .
فنحن نقرأ ـ مثلاً ـ في حياة الإمام الباقر (عليه السّلام) أنّ شيخاً أيّده ونصح قومَه في مَدين أنْ يفتحوا أبوابهم في وجهه ، يقول الخبر في نهايته : فبلغَ هشامَ بن عبد الملك خبرُ الشيخ ، فبعث إليه فحمله ، فلم يُدْرَ ما صَنَعَ به(2) .
( الكافي ـ للشيخ الكليني 1 / 393 ح 5 ، باب مولد أبي جعفر الباقر (عليه السّلام) )
وفي حياة الإمام الصادق (عليه السّلام) نقرأُ أنّ المنصور أوصى أنْ يُكتب إلى عامله على المدينة : إنْ كان قد أوصى (جعفر) إلى رجل بعينه فقدّمْه واضرب عنقه . فرجع الجواب إليه أنّه قد أوصى إلى خمسة أحدهم أبو جعفر المنصور ... فقال : ليس إلى قتل هؤلاء سبيل(3) .
( الغيبة ـ للطوسي / 129 ، والكافي 1 / 310 ) .
وفي حياة الإمام الجواد (عليه السّلام) : سمّي (التقيّ) لأنّه اتّقى اللّه (عزّ وجلّ) ، فوقاه اللّه شرّ المأمون لمّا دخل عليه بالليل سكران ، فضربه بسيفه حتّى ظنّ أنّه قد قتله ، فوقاه اللّه شرَّه(4) .
( معاني الأخبار ـ للصدوق / 65 ) .
فالحال تحكي أنّ أئمّة الكفر والجور كانوا لا يتركون أئمّةَ الهدى والحقّ حتّى يقتلوهم .
هذا مع غزارة المصادر والآراء الناقلة لحقيقة ذلك ، فإنّ شهادتهم (عليهم السّلام) جرت على الصحّة والثبوت ، لا الشكّ أو الظنّ أو الشبهة .
وقد ذكرنا ما تيسّر لنا ذكْره ، وما تيسّر الاطلاع عليه ، ونحن لا نشكّ أنّ جملةً أخرى منها ذهبت إلى الرأي نفسه ، وأوردت أخباراً أخرى تؤكّد شهادة جميع الأئمّة (سلام اللّه عليهم) , كتب في ذلك علماءُ الشيعة فضلاً عن أهل السنّة الذين أقرّوا بظُلامَة أهل البيت (صلواتُ اللّه تعالى عليهم) , مفصّلين في قصص شهادتهم .
ونحن تحاشينا التفصيل في ذكر أسباب وأحوال وفاتهم (عليهم السّلام) مراعاة للاختصار ، واكتفينا بالإشارات التي يمكن أنْ تكون دليلاً لمَنْ أحبّ البحث الدقيق في هذا الموضوع .
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) الإمام زين العابدين (عليه السّلام) / 405 و 406 .
(2) الكافي ـ للشيخ الكلينيّ 1 / 393 ح 5 ـ باب مولد أبي جعفر الباقر (عليه السّلام) .
(3) الغيبة ـ للطوسيّ / 129 ، والكافي 1 / 310 .
(4) معاني الأخبار ـ للصدوق / 65 .
شهادة الإمام الحسن العسكري (صلوات اللّه عليه)
- الزيارات: 1743