يوم عاشوراء
وفي فجر العاشر من المحرم اشتعلت المعركة بين الحق والباطل؛ بين الحسين ومعه أصحابه السبعين، ويزيد ومعه جيشه الجرّار.
ولكن سيّدنا الحسين وأهل بيته وأصحابه لم يهابوا جيش العدوّ؛ لأنهم لا يخافون الموت. كانوا مع الحقّ. وكان الحق معهم.
وكانوا لا يفكّّرون إلاّ في مرضاة الله سبحانه؛ لهذا قاتلوا ببسالة.
فتساقط أصحاب الحسين شهداء في ميدان الشرف ولم يبق مع الحسين إلاّ أهل بيته. فكان أوّل من تقدّم إلى الموت ابنه الأكبر علي.
استأذن عليّ أباه في القتال فأذن له. ثمّ ذهب ليودّع أمّه (ليلى) وعمّته (زينب).
بكت أمّه كثيراً.. كانت تحبّ ابنها.. قالت:
- إرحم غربتنا. لا طاقة لي على فراقك.
سكت عليّ وقبّل يد أُمّه. وعانق أباه العظيم.. وامتطى صهوة جواده. وتقدّم وحيداً يقاتل جيشاً جرّاراًَ مدجّجاً بالسلاح. وعندما أصبح قريباً من تلك الأُلوف نادى معرّفاً نفسه.
- أنا عليّ بن الحسين بن علي نحن ورب البيت أولى بالنبي
تالله لا يحكم فينا ابن الدّعي
لقد أقسم عليّ أن يرفض يزيد.. يرفض ظلمه وفساده.
كان سيّدنا الحسين يراقب ابنه، وهو يتقدّم إلى الموت.
صاح الإمام بعمر بن سعد:
- مالك؟ قطع الله رحمك، كما قطعت رحمي، ولم تحفظ قرابتي من رسول الله.
ونظر الإمام إلى السماء وقال بحزن:
- اللهم اشهد على هؤلاء القوم فقد برز إليهم أشبه الناس برسولك محمد خَلْقاً وخُلُقاً ومَنْطِقاًَ... وكنّا إذا اشتقنا إلى رؤية نبيك نظرنا إليه.
ثم تلا الإمام قوله تعالى: (إنّ الله اصطفى آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، ذريّة بعضها من بعض، والله سميع عليم).