• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

نقاطٌ تقتضي التأمل في التفسير المذكور :

نقاطٌ تقتضي التأمل في التفسير المذكور :
1 - إنَّ التفسير المذكور لا يستطيع كذلك أن يجعل كل تفاصيل هذه الحادثة أمراً طبيعياً، بل هناك جوانب في تلك الواقعة التاريخية العجيبة لا بد من تفسيرها بالعوامل والاسباب الغيبية، لأنه مع فرض أن هلاك الجند وتلاشي أجسادهم تم بواسطة ميكروب : «الحصبة» و«الجدري»، ولكن من الذي ارشد تلك الطيور الى تلك الاحجار الصغيرة الملوثة بميكروب الحصبة والجدري، فتوجهت بصورة مجتمعة الى تلك الاحجار الخاصة بدل التوجه إلى الحبّ والطعام، ثم كيف بعد حمل تلك الأحجار بمناقيرها وأرجلها حلَّقت فوق معسكر «أبرهة» ورجمت جنده كما لو أنّها جيشٌ منظّم موجّه ؟؟
هل يمكن إعتبار كل ذلك أمراً عادياً، وحدثاً طبيعياً ؟
ترى لو أننا فسَّرنا طرفاً من هذه الحادثة العظيمة والعجيبة بالعوامل الغيبية، وبارادة اللّه النافذة فهل تبقى مع ذلك أية حاجة الى أن نفسّر جانباً من هذه الحادثة بتفسير طبيعي مألوف، ونركض وراء التوجيهات الباردة، لنجعلها امراً مقبولاً.
2 - إنَّ الكائنات الدقيقة، او ما يسمى الآن ب«الميكروب» لا شك انها عدوة لمطلق الإنسان، وليست بصديقة لهذا أو ذاك، ومع ذلك كيف توجهت الى جنود «ابرهة» وقتلتهم دون غيرهم، وكيف نسيت المكيّين بالمرة ؟!
انَّ التاريخ المدوَّن يثبت لنا أن جميع الضحايا في هذه الواقعة العظيمة كانوا من جند «ابرهة» ولم يلحق فيها : أي أذى - إِطلاقاً - بقريش، وغيرهم من سُكان الجزيرة العربية، في حين أن الحصبة والجُدريَّ من الأمراض المعدية، التي تنقلها العوامل الطبيعية كالرياح وغيرها من منطقة إلى اُخرى، ورُبما تُهلِك اهل قطر باجمعهم.
فهل مع هذا يمكن أن نعدّ هذه الحادثة حدثاً طبيعياً عادياً ؟!
3 - ان اختلاف هذا الفريق في تحديد نوعية الميكروب، يضفي على هذا الادعاء مزيداً من الإبهام، ويجعله أقرب الى البطلان.
فتارة يقولون : انَّه ميكروب الوباء وتارةً اُخرى يقولون : انَّه داء الحصبة والجدري، في حين اننا لم نجد مستنداً صحيحاً لهذا الخلاف، ومبرراً وجيهاً لهذا الاختلاف، اللّهم إلا ما احتمله «عكرمة» من بين المفسرين، وعكرمة هو نفسه موضع نقاش بين العلماء والا لما ذهب «ابن الاثير» من بين المؤرخين وارباب السير الى ذكر هذا الرأي في صورة الاحتمال الضعيف، والقيل، ثم عاد فردّ هذا القول فوراً(1).
والأعجب من الجميع ما أعطاه مؤلف كتاب «حياة محمَّد» الدكتور هيكل وزير المعارف المصري السابق من تفسير، عند ذكر قصة الفيل.
فهو بعد ذكر تلك القصة سرد آيات سورة الفيل، ومع أنه اتى بقول اللّه تعالى «وأرسل عليهم طيراً أبابيل» قال عن هلاك جنود أبرهة : «ولعلّ جراثيم الوباء جاءت مع الريح من ناحية البحر، وأصابت العدوى أبرهة نفسه»(2) فاذا كان الذي جاء بهذا الميكروب هو الريح، فلماذا حلّقت طيورُ الأبابيل على رؤوس جيش أبرهة، وألقت بالأحجار الصغيرة على رؤوسهم ودون غيرهم، واي أثر كان لهذه الاحجار في هلاك أُولئك الجنود وموتهم ؟
فالحق هو : أن لا يُتبع هذا النمط من التفكير، وأن لا نسعى لتفسير معجزات الأنبياء - الكبرى بمثل هذه التأويلات والتفسيرات، بل إن طريق المعجزات والإعجاز أساساً يختلف عن طريق العلوم الطبيعية التي تتحدد دائرتها بمعرفة العلاقات العادية بين الظواهر الطبيعية، ولهذا يجب علينا أن لا نعمد - ارضاء لهوى جماعة ممّن لا يمتلكون أية معلومات دينية، وليست لديهم أية معرفة بهذا النوع من القضايا - الى التنازل عن أُسُسنا الدينية المسلّمة، في حين لا توجد أية حاجة مُلزمة إلى مثل ذلك التنازل والاعتذار !.
نقطتان هامّتان :
وهنا لابد من أن نذكّر بنقطتين هنا :
الاُولى : يجب ان لا يظن أحدٌ - خطأً - أننا بما قلناه هنا نريد تصحيح كل ما تلوكه ألسنُ الناس، وتنسبه الى الانبياء العظام، أو إلى عباد اللّه الكرام، من دون أن يكون له أي سند صحيح أو وجه معقول بل وربما اتَّسم بطابع الخرافة في بعض الاحيان والموارد.
بل مقصودنا هو : أن نثبت - وطبقاً للمصادر الصحيحة والقطعية المتوفرة - أن الأنبياء كانوا يقومون - لاثبات ارتباطهم بما وراء هذه الطبيعة - بأعمال خارقة للعادة، خارجة عن الناموس الطبيعيّ المألوف، تعجز العلومُ الطبيعية الرائجة عن
إدراك عللها، وأسبابها.
فهدُفنا هو الدفاع عن هذه الطائفة من المعاجز.
الثانية : إننا لا نقول مطلقاً : أنّ وجود المعجزة هو تخصيصٌ لقانون العلية العامّ، بل اننا في الوقت الذي نحترمُ فيه هذا القانون المسلّم نعتقد بأن لجميع حوادث هذا العالم عللاً خاصة واسباباً معينة، وأنه من المستحيل أن يوجد شيء بعد عدمه من دون علة، بيد أننا نقول ان لهذه الطائفة من الظواهر والوقائع (اي المعاجز) عللاً غير طبيعية، وان هذه العلل ميسّرة ومتاحة لأنبياء اللّه ورسله والرجال الإلهيين خاصة، وليس في مقدور أحد - لم يستطع لا عن طريق الحس ولا عن طريق التجربة أن يكتشف هذه العلل - أن يتنكّر لها، وينكرها، بل ان جميع الاعمال الخارقة التي يقوم بها أنبياء اللّه ناشئة عن علل لا يمكن تفسيرها بالعلل الطبيعية المألوفة، ولو أنها خضعت للتفسير والتوجيه لخرجت عن كونها معجزة، ولم يصدُق في حقها عنوان الاعجاز.
ولكي نقف على حقيقة هذا الامر، ونعرف مدى بطلان المذهب المذكور (مذهب تفسير الخوارق والمعاجز بالتفسير المادي والمألوف المحض) ينبغي أن نتبسط قليلاً في شرح مسألة الاعجاز ونبحث في مدى علاقتها بقانون العلية العام.
بحثٌ علميٌ حول المعجزة في خمس نقاط :
إن الحديث العلميَّ عن المعجزة لا بدَّ أن يتركّز على عدة نقاط أساسية هي :
1 - ما هي المعجزة وما هو تعريفها ؟
2 - هل الإعجاز يهدم القوانين العقلية المسلّمة ؟
3 - هل المعجزة تصدر عن علل مادية غير عادية فقط ؟
4 - كيف تدل المعجزة على صدق ادعاء النبوة ؟
5 - كيف وبماذا نميز المعجزة عن الخوارق الاُخرى ؟
إنّ الاجابة على هذه الأسئلة كفيلة بتوضيح حقيقة المعجزة، وبيان مدى بطلان الاتجاه المذكور نعني : تفسير المعاجز بالتفسير المادي الطبيعي.
على أننا - نظراً لضيق المجال - سنختصر الجواب على هذه الأسئلة، وعلى من أراد التوسع أن يرجع إلى كتب الكلام والعقيدة.




______________________________
(1) الكامل : ج 1 ص 263.
(2) حياة محمَّد لمحمَّد حسين هيكل : ص 102 و103.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page