• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مُؤاخذاتٌ وإشكالاتٌ على هذا البيان :

مُؤاخذاتٌ وإشكالاتٌ على هذا البيان :
إن النتيجة التي توصّل اليها المرحومُ «الشهيد الثاني» ليست صحيحة، كما أن المعنى الذي ذكره للنسيء لم يقل به من بين المفسرين إلا مجاهد، واما الآخرون فقد فسّروهُ بنحو آخر فلا يكون التفسيرُ الذي مرَّ قوياً،وذلك
اوّلاً : لأن «مكة» كانت مركزاً لجميع الاجتماعات كما كانت معبداً للعرب جميعاً، ولا يخفى أنّ تغيير الحج في كل سنتين مرةً واحدةً من شأنه أن بسبب الالتباس لدى الناس ويوقعهم في الخطأ والاشتباه، وبالتالي يتعرّض ذلك الاجتماع العظيم، وتلك العبادة الجماعية الى خطر الزوال.
ولهذا يُستبعد ان ترضى قريش والمكيّون بان يخضع ما هو وسيلة لعزتهم وافتخارهم للتغيير والتبدل الذي من عواقبه ان يتعرض وقته وموعده للنسيان، فيذهب ذلك الإجتماع، ويزول من الاساس.
ثانياً : إذا أخضعنا ما قاله «الشهيد الثاني» لمحاسبة دقيقة فإنَّ كلامه يستلزم ان تكون ايامُ التشريق والحج في السنة التاسعة من الهجرة واقعة في شهر ذي القعدة لا جمادى الاولى في حين أن امير المؤمنين عليّاً عليه السّلام كُلِّف في هذه السنة بالذات بأن يقرأ سورة البراءة على المشركين في ايام الحج، والمفسرون والمحدثون متفقون على أن عليه السّلام تلاها عليهم في العاشر من شهر ذي الحجة ثم امهلهم اربعة اشهر ابتداء من شهر ذي الحجة لا ذي القعدة(1).
ثالثاً : ان النسيء يعني أنّ العرب حيث لم يكن لديهم مصدر صحيح للرزق بل كانوا يعيشون في الاغلب، على النهب والغارة لهذا كان من الصعب عليهم ترك الحرب، في الاشهر الحرم الثلاث (وهي ذو القعدة وذو الحجة، والمحرم) لهذا ربما طلبوا من سدنة الكعبة بأن يسمحوا لهم بالقتال في شهر المحرم، ثم يتركون
الحرب في شهر صفر، وهذا هو معنى النسيء فلم يكن نسيء وتأخير للشهر الحرام في غير شهر محرّم، وفي الآية نفسها اشارةٌ الى هذا المطلب : «يُحِلُّونه عاماً و يُحرِّمونَه عاماً».
والذي نراه في حل هذه المشكلة هو : أن العرب كانوا يحجُّون في وقتين : أحدهما شهر ذي الحجة، والثاني شهر رجب، وقد كانوا يؤدُّون كل مناسك الحج في هذين الوقتين على السواء، فيمكن أن يكون المقصودُ من حمل «آمنة» برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في ايام التشريق هو شهر رجب فإذا اعتبرنا يوم ولادته هو السابع عشر من شهر ربيع الاول كانت مدة حمل «آمنة» به ثمانية أشهر واياماً.
الاحتفال بذكرى المولد النبوي :
وينبغي ان يحتفل المسلمون جميعاً بمولد النبي الاكرم صلّى اللّه عليه وآله وسلّم، ويقيموا المهرجانات الكبرى في هذه المناسبة الشريفة التي كانت مبدأ الخير والبركة، ومنشأ السعادة والكرامة للبشرية جمعاء، وأية مناسبة احرى بالاحتفال والاحتفاء من هذه المناسبة ؟
على ان اقامة مثل هذه الاحتفالات هو نوع من تكريم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهو أمر مطلوب ومحبوب في الشريعة المقدسة.
فقد قال اللّه تعالى :
(فالّذين آمنُوا به وعزّرُوه ونصروه واتّبعُوا النُّور الّذي اُنزل معهُ اُولئك هم المُفلِحون)(2).
وعزّر بمعنى كرّم وبجّل كما في اللغة(3) وهو لا يختص بزمان دون زمان، فعلى المسلمين في كل وقت وزمان ان يعظّموا شأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، ويكرّموه، سواء في حياته أو بعد مماته، لما له من فضل عظيم على الناس، ولما له من منزلة عند اللّه تعالى.
كيف لا والاحتفال بميلاده لا يعني سوى ذكر أخلاقه العظيمة، وسجاياه النبيلة، والاشادة بشرفه وفضله وهي اُمور مدحه القرآن الكريم بها اذ قال سبحانه : «وإنّك لعلى خُلقٍ عظيم»(4) وقال تعالى أيضاً : «ورفعنا لك ذكرك»(5) وغير ذلك من الآيات المادحة لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله.
فان الاحتفال بميلاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الذي يتحقق بذكر صفاته وأخلاقه والاشادة به خير مصداق لرفع ذكره، الذي فعلهُ اللّه بنحو ما.
ولو كان رفع ذكر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله، أمراً غير جائز ولا صحيح، بل فعلاً قبيحاً لما فعله اللّه، فيكفي في حسنه وصحته بل ومشروعيته ومطلوبيته ان اللّه تعالى فعله بالنسبة لنبيه صلّى اللّه عليه وآله.
وهل يكون الاحتفال بمولد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، واظهار السرور والشكر للّه تعالى بمقدم نبيه المبارك عبادة للنبيّ كما يزعم البعض اذ يقول :
«الذكريات التي ملأت البلاد باسم الاولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم»(6).
والحال ان العبادة في مفهومها الاصطلاحي الموجب للشرك والكفر ليس إلا الخضوع لمن يُعتقد بالوهيته وتعظيمه بهذه النية(7) واين هذا من ذكر فضائل النبي في يوم مولده والابتهاج بمقدمه والشكر للّه على ولادته.
ثم ان تعظيم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ينطلق من كونه عبداً مطيعاً للّه تعالى، ادى رسالته بصدق واخلاص، وجسّد بسلوكه وسيرته كل مكارم الاخلاق أصدق تجسيد فالاحتفال بمولده الكريم احتفال بالقيم السامية، وشكر للّه على منّه، واظهار للحب الكامن في النفوس ليس إلا.
والزعم بانه محرّم لكونه بدعة، او لأنه لا يخلو عن اشتماله على منكرات
ومحرمات كالرقص والغناء فهو مرفوض، مردود لان الكلام انما هو حول اصل الاحتفال مجرداً عن المحرمات والمنكرات.
ان الاحتفاء والاحتفال بمولد خاتم النبيين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم انما هو تكريم لمن كرّمه اللّه تعالى، وامر بتكريمه، وحث على احترامه وحبه، ومودته، وانه بالتالي اداء شكر للّه تعالى على تلك الموهبة العظيمة، وتلك العطيّة المباركة حيث منّ سبحانه على البشرية عامة وعلى المسلمين خاصة بأن شرف الارض بمولود عظيم نعمت الارض ببركة شخصيته وخلقه، واشرقت بنور رسالته ودعوته، فاية نعمة ترى اولى بالشكر من هذه، واي شكر اجمل وافضل من الاحتفاء بمولد هذا النبيّ العظيم صلّى اللّه عليه وآله، وذكر فضائله، ومناقبه، للتعرف عليها، والاقتداء بها، وتشديد الحب له بسببها، والابتهال الى اللّه في يوم ميلاده، وطلب التوفيق الالهي لمتابعته، والسير على نهجه، والدفاع عن رسالته، والذبّ دون دينه، بعد الشكر للّه تعالى على موهبته هذه ؟؟
هذا ولقد درج المسلمون في العصور الإسلامية الاولى على الاحتفال بذكرى المولد النبويّ وأنشأوا القصائد الرائعة في مدحه، وذكر خصاله ومكارم اخلاقه، واظهروا السرور بمولده والشكر للّه تعالى بلطفه، وتفضله به صلّى اللّه عليه وآله على البشرية.
قال الإمام الديار بكري في تاريخ الخميس في هذا الصدد :
لا يزال أهل الإسلام يحتفلون بشهر مولده عليه السّلام ويعملون الولائم، ويتصدقون في لياليه بانواع الصدقات ويظهرون السرور، ويزيدون في المبرات ويعتنون بقرائة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم(8).
أجل ينبغي على المسلمين ان يحتفلوا بمقدم نبيهم الكريم ولا يعبأوا بما قاله البعض حيث قال : «الذكريات التي ملأت البلاد باسم الاولياء هي نوع من العبادة لهم وتعظيمهم»(9).
فهذا القول مغالطة صريحة، ان لم يكن نابعاً عن الغفلة والجهل بعد ان تبين حقيقة الاحتفال واقامة الذكريات احتفاء بالمولد النبويّ(10).



______________________________
(1) تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس : ج 1 ص 223 نقلاً عن المواهب اللدنية : ج 1 ص 27 للقسطلاني.
(2) ولقد قام العلامة المجلسي في بحار الأنوار : ج 15 ص 253 بهذه المحاسبة، وان لم يشر الى الإشكال الذي أوردناه فليراجع.
(3) الأعراف : 157.
(4) راجع مفردات الراغب : مادّة عزر.
(5) القلم : 4.
(6) الانشراح : 4.
(7) فتح المجيد : ص 154، ثمّ نقل عن كتاب قرّة العيون ما يشابه هذا المضمون.
(8) راجع مفاهيم القرآن في معالم التوحيد : ص 404 - 440.
(9) هوامش الفتح المجيد.
(10) راجع للتوسّع : معالم التوحيد في القرآن الكريم.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page