• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أبو جهل يكمنُ لرسول اللّه :

أبو جهل يكمنُ لرسول اللّه :
لقد أغضب تقدمُ الإسلام المطرد قريشاً بشدة فلم يمرُّ يوم دون أن يبلغهم نبأ عن انضمام واحد من أفراد قريش الى صفوف المسلمين ولأجل هذا راح مرجل الغضب والحنق على النبي صلّى اللّه عليه وآله يغلي في نفوسهم، فهذا فرعون مكة «أبو جهل» يقول لقريش في مجلس من مجالسهم : يا معشر قريش إن محمّداً قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وشتم آلهتنا، وإني اُعاهِدُ اللّه لأجلسنَّ له غداً بحجر ما اُطيق حمله فإذا سجد في صلاته فضختُ به رأسه.
فلما كان من غد أخذ «أبو جهل» حجراً كما وصف ثم جلس لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ينتظره، وغدا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله على عادته ووقف للصلاة بين الركن اليمانيّ والحجر الأسود، وغدت تلك الجماعة من قريش فجلست في أنديتها تنتظر ما ابو جهل فاعل، فلما سجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله احتمل «أبو جهل» الحجر، ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع منهزماً منتقعاً لونه، مرعوباً وقذف الحجر من يده، فقامت إليه رجال من قريش وقالوا له : ما لك يا أبا الحكم ؟ فقال بصوت ضعيف يطفح بالخوف والرعب : قمت إليه
لأفعل به ما قلتُ لكم البارحة فلما دنوتُ منه عرض لي دونهُ ما لا رأيتُ مثلَه حياتي، فتركتُه !!(1).
إنه ليس من شك في أنّ قوة غيبيّة أدركت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بأمر اللّه تعالى في تلك اللحظة، وصوّرت ذلك المنظر الرهيب وحفظت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كما وعده تعالى وعداً لا خلف فيه اذ قال : (إنّا كفيناك المُستهزئين)(2).
وهناك نماذج كثيرة من أذى قريش لشخص رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله سجّلها التاريخ في صفحاته، وقد عقد «ابن الأثير»(3) فصلاً خاصّاً لهذا الموضوع ذكر فيه أسماء أعداء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الألدّاء، في مكّة، وبيّن أنواع ما كانوا يؤذُون به النبيّ صلّى اللّه عليه وآله، وما قد مرّ ذكره في الصفحات السابقة ما هو إلا أمثلة على ذلك، فقد كان صلّى اللّه عليه وآله يواجه في كل يوم نوعاً خاصاً من الأذى، والمضايقة.
فقد رُوي أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وآله كان يطوف ذات يوم فشتمه «عقبة بن أبي معيط» وألقى عمامته في عنقه، وجرّه من المسجد، فأخذوه من يده، خوفاً من بني هاشم(4).
ابو لهب يؤذي رسول اللّه :
ولقد تعرّض رسولُ اللّه صلّى اللّه عليه وآله لأذى لا مثيل له من جانب عمه «أبي لهب» وزوجته «اُم جميل» وقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يجاورهم، فلم يألوا جهداً في إزعاجه وإيذائه فكم من مرّة ومرة ألقيا الرماد
والتراب على رأسه الشريف وثيابه. وكم من مرّة نشرت أم جميل الشوك على طريقه، أو جمعته خلف باب بيته لتؤذيه عند الخروج.
ولا شك ان معارضة انسباء النبي واقربائه لدعوته المباركة، وايذاؤهم اياه كان اكثر ايلاماً لنفسه الشريفة، واشد وقعاً عليها، حتى اننا نجد القرآن يخص أبا لهب باللعن ويسميه بصورة خاصة مما يكشف عن هذه الحقيقة اذ يقول :
(تبّت يدا أبي لهبٍ وتبَّ. ما أغنى عنهُ مالهُ وما كسبِ. سيصلى ناراً ذاتَ لهبِ. وامرأتُهُ حمّالةَ الحطبِ. في جِيدها حبل مِن مسدٍ)(5).
صبر النبيّ صلّى اللّه عليه وآله واستقامته :
ولكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كان يواجه كل ذلك الأذى وما شابهه من التحججات التي سنشير اليها بصبر عظيم، وثبات تتعجب منه الجبال الشماء، وذلك اولاً إيماناً منه برسالته.
إيذاء المسلمين وتعذيبُهم !
يرجع تقدمُ الإسلام في مطلع عهد الرسالة إلى عوامل منها : ثبات رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله نفسه، وثباتُ أتباعه وأنصاره.
ولقد تعرّفنا - في ما سبق - على أمثلة ونماذج من ثبات قائد الإسلام الاكبر وصبره، واستقامته في ما لقي من أذىً ومضايقة.
على أن ثبات أنصاره واتباعه الذين آمنوا في مكّة (مركز الحكومية الوثنية آنذاك) هو الآخر ممّا يدعو إلى الإعجاب ويستحق الاحترام. وسنذكر صمودّهم وثباتهم في حوادث ما بعد الهجرة في محله.
وأمّا هنا فنسلّطُ الضوء على حياة عدد من أتباع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله القدامى الذين تحملوا أشد أنواع العذاب وكانوا يعيشون في المحيط المكي
حيث لم يكن ملجأ لهم يلجؤون اليه، وهاجروا منه لأغراض الدعوة والتبليغ بعد أن تحملوا شيئاً كثيراً من الإيذاء والتعذيب على أيدي المشركين والوثنيين القساة.
1 - بلال الحبشي :
كان أبواهُ ممّن اُسروا في الجاهلية وجيء بهم من الحبشة إلى جزيرة العرب ثم الى مكة.
وأما بلال الذي اصبح في ما بعد مؤذن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله فقد كان غلاماً ل«اُميّة بن خلف» الذي كان من أشدّ أعداء النبيّ صلّى اللّه عليه وآله.
وحيث أنّ عشيرة النبيّ صلّى اللّه عليه وآله تولّتِ الدِفاع عنه صلّى اللّه عليه وآله وحمايته ولم يمكن لاُميّة إلحاق الأذى برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عمد الى تعذيب غلامه بلال الذي أسلم، أمام الناس، بأشد أنواع الأذى والتعذيب إنتقاماً، وتشفياً.
فقد كان يطرح بلالاً عارياً على الأحجار والصخور الملتهبة في الهاجرة، ويضع صخرة على صدره ثم يقول له : لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمّد، وتعبد اللات والعزّى، فيقول وهو في ذلك البلاء والمحنة الشديدة : أحد أحد(6).
ولقد أثار ثباتُ هذا الغلام الأسود وجلدُهُ وصبرُه على أذى سيّده، إعجاب الآخرين، حتى أن «ورقة بن نوفل» مرّ عليه وهو يعذّب بذلك وهو يقول : أحد أحد، أقبل على «اُميّة» ومن يصنع به ذلك من «بني جمح» فيقول : احلف باللّه لئن قتلتموه على هذا لاتخذنّه حناناً (أي لأجعلنّ قبره متبرّكاً ومزاراً)(7).
وربما زاد «اُميّة» من تعذيبه لبلال فربط حبلاً بعنقه وترك الصبيان يديرون به في الأزقة والسكك(8).
وقد اُسر «اُميّة» وابنه في معركة «بدر» وكانا أول من اُسِرا من المشركين، ولم يوافق بعض المسلمين على قتلهما ولكن بلالاً قال : «رأسُ الكفر اُميّة بن خلف لا نجوتُ إن نجا». وأدّى إصرارُ بلال على قتلهما إلى قتل اُميّة وابنه جزاء أعمالهما الظالمة.




______________________________
(1) السيرة النبوية : ج 1 ص 298 و299.
(2) الحجر : 95.
(3) الكامل في التاريخ : ج 2 ص 47 كما وعقد المجلسي رحمه اللّه في البحار : ج 18 باباً خاصاً بعنوان :
«باب المبعث واظهار الدعوة وما لقي صلّى اللّه عليه وآله من القوم» راجع من صفحة 148 الى صفحة 243.
(4) السيرة الحلبية : ج 1 ص 293 نظيره.
(5) السيرة النبوية : ج 1 ص 317 و318.
(6) السيرة النبوية : ج 1 ص 318.
(7) الطبقات الكبرى لابن سعد : ج 3 ص 233.
(8) المسد : 1 - 5.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page