القرآن يرد على جميع الاتهامات :
وربما نسبوا اليه صلّى اللّه عليه وآله الكهانة، والكاهن هو من يتصل بعناصر من الجن(1) أو الشياطين ويتلقى منهم اخباراً حول الماضي والمستقبل،
وكان هذا موجوداً قبل الإسلام كما ترويه كتب السير والتواريخ(2).
وقد رد القرآن الكريم على هذه المقالة وهذا الزعم اذ قال تعالى :
(ولا بِقول كاهِنٍ قليلاً ما تذكّرُون)(3) كما ردّ ايضاً تهمة السحر، والكذب والافتراء والشعر إذ قال تعالى وهو يصف المتهمين تارة بالكفر واُخرى بالظلم :
(وعَجِبُوا أن جاءهُم مُنذر مِنهُم وقال الكافِرون هذا ساحِر كذّاب)(4).
وقال تعالى : (وقالَ الظالِمُون إن تتّبِعُون إلا رجُلاً مسحُوراً)(5).
وقال سبحانه متعجباً مِنهم : (قالُوا إنّما أنت مِن المُسحّرين)(6).
وقال تعالى : (وقالُوا يا أيُّها الّذي نُزِّل عليهِ الذِكرُ إنّك لمجنُون)(7).
وقال سبحانه : (وما صاحِبُكُم بِمجنُونٍ)(8).
وقال عزّ وجلّ : (فذكِّر فما أنت بِنعمةِ ربّك بِكاهِنٍ ولا مجنُونٍ)(9).
وقال تعالى : (قالُوا إنّما أنت مُفتَر بل أكثرُهُم لا يعلَمُون)(10).
وقال تعالى : (أم يقُولُون افتراه قُل فأتوا بِعَشر سُورٍ مِثلِه)(11).
وقال سبحانه : (وقال الّذين كفرُوا إن هذا إلا إفك افتراهُ وأعانهُ عليهِ قوم آخرون فقد جاؤوا ظُلماً وزُوراً)(12).
وقال سبحانه : (أفتَرى على اللّه كَذِباً أم بهِ جِنّة)(13).
وقال تعالى : (أم يقُولُون شاعِر نترَبّصُ بهِ ريبَ المنُون)(14).
وقال تعالى : (وما علّمناهُ الشّعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مُبِين)(15).
وربما وصفوا القرآن بانه اضغاث احلام فردهم سبحانه بقوله:
(بل قالُوا أضغاثُ أحلامٍ بلِ افتراهُ بل هُوَ شاعر)(16).
عديدة كما سميت احدى السور باسم الجن.
وهكذا نجدهم ذهبوا في استخدام سلاح الاتهام والتشويش على الشخصية المحمّدية والرسالة الإسلامية كل مذهب، فمرة وصفوه بانه كاهن واُخرى بانه ساحر وثالثة بانه مسحور، ورابعة بانه مجنون وخامسة بانه معلَّم وسادسة بانه كذاب وسابعة بانه مفتري وثامنة بانه مفتري او مجنون على سبيل الترديد وتاسعة بانه شاعر وعاشرة بأن ما يقوله ما هو الا أضغاث احلام.
2 - فكرةُ معارضةِ القرآن :
لم يُجدِ استخدام سلاح الإتهام ضد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله نفعاً، ولم تأتِ بالثمار التي كان يتوخاها المشركون منه، لأن الناس كانوا يُدركون بفطنتهم وفراستهم أن للقرآن جاذبيّة غريبة، وأنهم لم يسمعوا كلاماً حلواً، وحديثاً عذباً مثله.
ان لكلماته من العمق والعذوبة بحيث يتقبّلها كلُ قلب، وتسكن اليها كل نفس.
من هنا لم ينفع اتهام قريش لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بالجنون وبأنَّ ما يقوله إن هو الا من نسج الخيال، ونتائج الجنون، شيئاً، فقررت أن تخطّط لتدبير آخر ظناً منهم بأنّ تنفيذه سيصرف الناس عنه، وعن الاستماع إلى كتابه، ألا وهو : معارضة القرآن الكريم.
فعمدت إلى «النضر بن الحارث» وكان من شياطين قريش، وممّن كان يؤذي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وينصب له العداوة، وكان قد قضى شطراً من حياته في الحيرة بالعراق وتعلّم بها أحاديث ملوك الفرس واحاديث «رُستم» و«إسفنديار» وقصصهم، وحكاياتهم، وأساطيرهم، وطلبوا منه أن يجمع الناسَ ويقص عليهم من تلكم الأساطير والحكايات يلهي بها الناس عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله، ويصرفهم عن الإصغاء إلى القرآن الكريم !!
فكان إذا جلس رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مجلساً فذكّر الناس فيه باللّه، وحذر قومه ما أصاب من قبلَهم من الاُمم من نقمة اللّه، خلفه «النضرُ» في مجلسه
اذا قام صلّى اللّه عليه وآله ثم قال : أنا واللّه يا معشر قريش أحسنُ حديثاً منه فهلمَّ إليّ، فأنا اُحدِّثكم أحسن من حديثه.
ثم يحدّثهم عن ملوك الفرس و«رستم» و«اسفنديار» ثم يقول :
بماذا محمّد أحسن حديثاً مني وما حديثه إلا أساطير الأولين اكتتبها كما اكتتبتُها ؟(17).
وقد كانت هذه الخُطة حمقاء جداً إلى درجة أنها لم تدم إلا عدة ايام لا اكثر حتى أن قريشاً سأمت من أحاديث «النضر» وسرعان ما تفرّقت عنه.
وقد نزل في هذا الشأن آيات هي :
(وقالُوا أساطيرُ الأوّلينَ اكتتبها فهي تملى عليهِ بُكرةً وأصِيلاً. قُل أنزلَهُ الّذي يعلَمُ السِّرّ في السماواتِ والأرضِ إنّهُ كان غفُوراً رحيماً)(18).
_____________________________
(1) راجع : بلوغ الارب في معرفة أحوال العرب : ج 3 ص 269 باب علم الكهانة والعرافة.
(2) الحاقة : 42.
(3) ص : 4.
(4) الفرقان : 8.
(5) الشعراء : 153.
(6) الحجر : 6.
(7) التكوير : 22.
(8) الطور : 29.
(9) النحل : 101.
(10) هود : 13.
(11) الفرقان : 4.
(12) سبأ : 8.
(13) الطور : 30.
(14) يس : 69.
(15) الانبياء : 5.
(16) الجن كائن من الكائنات ومخلوق من مخلوقات اللّه تعالى وقد اخبر به القرآن الكريم في مواضع =
(17) السيرة النبوية : ج 1 ص 300 و358.
(18) الفُرقان : 5 و6.
القرآن يرد على جميع الاتهامات :
- الزيارات: 1074