• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رفسُ بطن فاطمة (عليها السّلام) وإسقاطُ جنينها

قال الذهبي ـ في ترجمة راوي هذه الواقعة ـ : الإمام الحافظ الفاضل . وقال عنه أيضاً : إمام بصير بالرجال فهم متيقّظ . وقال عنه : محدّث أهل الكوفة . وقال : وقال مُحمّد بن حمّاد الحافظ : كان مُستقيم الأمر عامّة دهره ، ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب . حضرته ورجل يقرأ عليه أنّ عمر رفس فاطمة (عليها السّلام) حتّى أسقطت محسناً (عليه السّلام) .
وفي خبر آخر قوله تعالى : ( وَجَاءَ فِرْعَوْنُ ) : عمر ، ( وَمَنْ قَبْلَهُ ) : أبو بكر ، ( وَالْمُؤْتَفِكَاتُ ) : عائشة وحفصة . فوافقته وتركت حديثه(1) .
وقال ابن حجر والذهبي ، واللفظ للأوّل قال : وقال مُحمّد بن أحمد بن حمّاد الكوفي الحافظ ـ بعد أنْ أرّخ موته ـ : كان مستقيم الأمر عامّة دهره ، ثمّ في آخر أيّامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب . حضرته ورجل يقرأ عليه أنّ عمر رفس فاطمة (عليها السّلام) حتّى أسقطت بمحسن (عليه السّلام) .
وفي خبر آخر في قوله تعالى : ( وَجَاءَ فِرْعَوْنُ ) : عمر ، ( وَمَنْ قَبْلَهُ ) : أبو بكر ، ( وَالْمُؤْتَفِكَاتُ ) : عائشة وحفصة . فوافقته على ذلك .
ثمّ إنّه حين أذّن الناس بهذا الأذان المُحدث وضع حديثاً متنه : تخرج نار مِن قعر عدن تلتقط مُبغضي آل مُحمّد (صلّى الله عليه وآله) ، ووافقته عليه ، وجاءني ابن سعيد في أمر هذا الحديث فسألني ، وكبر عليه ، وأكثر الذكر له بكلِّ قبيح . تركت حديثه وأخرجت عن يدي ما كتبته عنه(2) .
قولُ النّظام في رفس . . .
قال أبو الفتح مُحمّد بن عبد الكريم الشهرستاني في ذكر مقالات النّظام ، ما لفظه : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة(عليها السّلام) يوم البيعة حتّى ألقت الجنين مِن بطنها ، وكان يصيح : أحرقوها بمَنْ فيها . وما كان في الدار غير علي وفاطمة والحسن والحُسين (عليهم السّلام)(3) .
وقال صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي في ترجمة نظام ، في ذكر أقواله : وقال : إنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت المُحسن (عليها السّلام) مِن بطنها(4) .
أقول : الشهرستاني والصفدي لو ناقشا النّظام فهو غير مجدي ؛ إذ الكلام في رأي النّظام نفسه ، حيث إنّه يرى صدور هذا الفعل مِن إمامه (عمر) ، وهذا بنفسه دليل على الخصم ، مع العلم بأنّ النّظام مِن المتشدّدين على الشيعة ، فلو لمْ يكن هذا حقّاً ، فلماذا ينقله وهو مثلبة على إمامه عمر ؟!
ضربُ فاطمة (عليها السّلام) وكسرُ ضلعها
روى الحمويني في فرائد السّمطين ، قال : أنبأني الشيخ أبو طالب علي بن نجب بن عبيد الله بن الخازن ، كتاب الإمام برهان الدين أبي الفتح ناصر بن أبي المكرام المُطرّزي ، عن أبي المؤيد عبد الله الكوفي ، قال : أنبأنا موسى بن عمران ، عن عمِّه الحُسين بن يزيد النوفلي ، عن الحُسين بن علي بن حمزة ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كان جالساً ذات يوم إذ أقبل الحسن (عليه السّلام) ، فلمَّا رآه بكى ، ثمّ قال : (( إليَّ إليَّ يا بُنيَّ )) . فمازال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليُمنى(5) . ثمّ أقبل الحُسين (عليه السّلام) ، فلمَّا رآه بكى ، ثمّ قال : (( إليَّ إليَّ يا بُنيَّ )) . فمازال يدنيه حتّى أجلسه على فخذه اليُسرى . ثمّ أقبلت فاطمة (عليها السّلام) ، فلمَّا رآها بكى ، ثمّ قال : (( إليَّ إليَّ يابُنيَّة فاطمة )) . فجلست بين يديه . ثمّ أقبل أمير المؤمنين علي (عليه السّلام) ، فلمَّا رآه بكى ، ثمّ قال : (( إليَّ إليَّ يا اُخيَّ )) . فما زال يدنيه حيث أجلسه إلى جنبه اليُمنى .
فقال له أصحابه : يا رسول الله ، ما ترى واحداً مِن هؤلاء إلاّ بكيت ! أو ما فيهم مِن تُسرّ برؤيته ؟! فقال (صلّى الله عليه وآله) : (( والذي بعثني بالنّبوة واصطفاني على جميع البريّة ، إنّي وإيّاهم لأكرم الخلائق على الله (عزَّ وجلّ) ، وما على وجه الأرض نسمة أحبُّ إليَّ منهم ؛ وأمّا علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، فإنّه أخي وشقيقي ، وصاحب الأمر بعدي ، وصاحب لوائي في الدُّنيا والآخرة ، وصاحب حوضي وشفاعتي ، وهو مولى كلِّ مسلم ، وإمام كلِّ مؤمن ، وقائد كلِّ تقي ، وهو ووصيي وخليفتي على أهلي واُمّتي في حياتي وبعد موتي ، ومُحبُّه مُحبّي ، ومُبغضه مُبغضي ، وبولايته صارت اُمَّتي مرحومة ، وبعداوته صارت المخالفة له ملعونة .
وإنّي بكيت حين أقبل ؛ لأنّي ذكرت غدر الاُمّة به بعدي ، حتّى أنّه يزال عن مقعدي ، وقد جعله الله له بعدي ، ثمّ لا يزال الأمر حتّى يُضرب على قرنه ضربة تُخضّب منها لحيته في أفضل الشهور ، شهر رمضان الذي اُنزل فيه القرآن .
وأمّا ابنتي فاطمة (عليها السّلام) ، فإنّها سيّدة نساء العالمين مِن الأوّلين والآخرين ، وهي بضعة منِّي ، وهي نور عيني ، وهي ثمرة فؤادي ، وهي روحي التي بين جَنْبَي . وهي الحوراء الإنسية متى قامت في محرابها بين يدي ربِّها (جلَّ جلاله) زهر نورها لملائكة السّماء كما يزهر نورُ الكواكب لأهل الأرض ، ويقول الله (عزَّ وجلّ) لملائكته : يا ملائكتي ، انظروا إلى أمتي فاطمة سيّدة إمائي ، قائمة بين يدي ، ترعد فرائصها مِن خيفتي ، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أشهدكم أنّي قد آمنت شيعتها مِن النّار .
وإنّي لمَّا رأيتها ذكرتُ ما يُصنع (بها) بعدي ؛ كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها ، وانتُهِكَتْ حرمتها ، وغُصِبَ حقُّها ، ومُنِعَتْ إرثها ، وكُسِرَ جنبها ، واُسْقِطَتْ جنينها ، وهي تنادي : يا مُحمّداه ! فلا تُجاب ، وتستغيث فلا تُغاث ، فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ، فتذكر انقطاع الوحي مِن بيتها مرّة ، وتتذكّر فراقي اُخرى ، وتستوحش إذا جنَّها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن ، ثمّ ترى نفسها ذليلة بعد أنْ كانت في أيّام أبيها عزيزة ، وعند ذلك يُؤنسها الله تعالى فيناديها بما نادى به مريم ابنة عمران ، فيقول : يا فاطمة ، إنّ الله اصطفاك وطهّرك واصطفاك على نساء العالمين . يا فاطمة ، اقنتي لربِّك واسجدي واركعي مع الراكعين .
ثمّ يبتدئ بها الوجع فتمرض ، فيبعث الله (عزَّ وجلّ) إليها مريم ابنة عمران تُمرضها وتُؤنسها في علّتها ، فتقول عند ذاك : يا ربِّ ، إنّي قد سئمت الحياة ، وتبرّمت بأهل الدُّنيا ، فألحقني بأبي . فيُلحقها الله (عزَّ وجلّ) بي ، فتكون أوَّل مَنْ يلحقني مِن أهل بيتي . فتقدم عليَّ محزونة مكروبة ، مغمومة مغصوبة مقتولة . يقول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عند ذلك : اللهمَّ ، العن مَنْ ظلمها ، وعاقب مَنْ غصبها ، وذلّل مَنْ أذلّها ، وخلِّد في نارك مَنْ ضرب جنبها حتّى ألقت ولدها . فتقول الملائكة عند ذلك : آمين .
وأمّا الحسن (عليه السّلام) ، فإنّه ابني وولدي ومنِّي وقرّت عيني ، وضياء قلبي وثمرة فؤادي ، وهو سيّد شباب أهل الجنّة ، وحجّة الله على الاُمّة . أمره أمري ، وقوله قولي ؛ مَنْ تبعه فهو منِّي ، ومَنْ عصاه فليس منِّي ، وإنّي إذا نظرت إليه تذكّرت ما يجري عليه مِن الذلّ بعدي ، ولا يزال الأمر به حتّى يُقتلَ بالسمّ ظلماً وعدواناً ، فعند ذلك تبكي الملائكة والسّبع الشداد لموته ، ويبكيه كلُّ شيءٍ حتّى الطير في جوِّ السّماء ، والحيتان في جوف الماء ، فمَنْ بكاه لمْ [ تعمَ ]عينه يوم تعمى العيون ، ومَنْ حزن عليه لمْ يحزن قلبه يوم تحزن القلوب ، ومَنْ زاره في بقعته ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام .
وأمّا الحُسين (عليه السّلام) ، فهو منِّي وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه ، وهو إمام المسلمين وخليفة ربِّ العالمين ، وغياث المستغيثين ، وكهف المُستجيرين ، ورحمة الله على خلقه أجمعين ، وسيّد شباب أهل الجنّة ، وباب نجاة الاُمّة . أمره أمري ، وطاعته طاعتي ؛ مَنْ تبعه فإنّه منِّي ، ومَنْ عصاه فليس منِّي ، وإنّي لمَّا رأيته تذكّرت ما يُصنع به بعدي .
كأنّي به قد استجار بحرمي وقبري فلا يُجار ، فأضمّه في منامي (منامه) إلى صدري ، وآمره بأمره عن دار هجرتي ، واُبشّره بالشهادة ، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه ؛ أرض كرب وبلاء ، موضع قتل وفناء ، تنصره عُصابة مِن المسلمين ، اُولئك ساداة شهداء اُمّتي يوم القيامة . كأنّي أنظر إليه وقد رُمي بسهم فخرَّ عن فرسه صريعاً ، ثمّ يُذبح كما يُذبح الكبش مظلوماً )) .
ثمّ بكى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وبكى مَنْ حوله ، وارتفعت أصواتهم بالضجيج ، ثمّ قال (صلّى الله عليه وآله) : (( اللهمَّ ، إنّي أشكوا إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي )) . ثمّ دخل منزله(6) .
إحراقُ باب بيت علي وفاطمة (عليهما السّلام) ، مع السند
أخرج البلاذري ، المتوفى 279 هـ ، عن المدائني ، عن سلمة بن محارب ، عن سُليمان التيمي ، وعن ابن عون : أنّ أبا بكر أرسل إلى علي (عليه السّلام) يريد البيعة فلمْ يُبايع ، فجاء عمر ومعه فتيلة ، فتلقّته فاطمة على الباب ، فقالت فاطمة (عليها السّلام) : (( يابن الخطّاب ، أتراك محرقاً عليَّ بابي ؟! )) . قال : نعم ، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك(7) .
أقول : ورجاله ثقات(*) .
ابن عبد ربّه الأندلسي (المتوفّى 328 هـ)
قال : الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر ؛ علي (عليه السّلام) والعبّاس والزبير ، فقعدوا في بيت فاطمة (عليها السّلام) ، حتّى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة (عليها السّلام) ، وقال له : إنْ أبَوا فقاتلهم . فأقبل بقبسٍ مِن نار على أنْ يُضرِمَ عليهم الدار ، فلقيته فاطمة (عليها السّلام) ، فقالت : (( يابن الخطاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟! )) . قال : نعم ، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة(8)
قال عمر رضا كحالة : وتفقّد أبو بكر قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، كالعبّاس والزبير وسعد بن عبادة ، فقعدوا في بيت فاطمة (عليها السّلام) ، فبعث أبو بكر عمر بن الخطاب ، فجاءهم عمر فناداهم وهم في دار فاطمة (عليها السّلام) ، فأبوا أنْ يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجنَّ أو لأحرقنَّها على مَنْ فيها . فقيل له : يا أبا حفص ، إنّ فيها فاطمة (عليها السّلام) . قال : وإنْ . . . (9) .
وفي فلك النّجاة ، قال علي مُحمّد فتح الدين الحنفي : وفيه ، عن أبي الفداء في تاريخه : وانثال الناس يبايعون (أبا بكر) خلا جماعة مِن بني هاشم ، والزبير ، وعتبة بن أبي لهب ، وخالد بن سعيد بن العاص ، والمقداد ، وسلمان الفارسي ، وأبي ذر ، وعمّار بن ياسر ، والبرّاء بن عازب ، واُبي بن كعب ، ومالوا مع علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، وقال في ذلك عتبة بن أبي لهب :
ما كنتُ أحسبُ أنّ الأمرَ منصرفٌ    عن هاشمٍ ثمّ منهم عن أبي حسنِ
عـن أوَّلِ الـناسِ إيماناً وسابقةً     وأعـلم الـناسِ بالقرآنِ والسُّننِ
وآخـرِ الـنّاسِ عهداً بالنّبي وَمَنْ     جبريلُ عونٌ له في الغُسلِ والكفنِ
مَـنْ فـيه ما فيهِمُ لا يمترون بهِ     وليس في القومِ ما فيه مِن الحَسنِ
وكذلك تخلَّف عن بيعة أبي بكر أبو سفيان مِن بني اُميّة ، ثمّ إنّ أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى علي (عليه السّلام) ومَنْ معه ليخرجهم مِن بيت فاطمة الزهراء (عليها السّلام) ، فقال : إنْ أبوا عليك فقاتلهم . فأقبل عمر بشيء مِن نار على أنْ يضرم الدار ، فلقيته فاطمة (عليها السّلام) ، وقالت : (( إلى أين يابن الخطاب ؟ أجئت لتحرق دارنا ؟! )) . قال : نعم(10) .
وذكر اليعقوبي مَنْ تخلّف مع الإمام علي (عليه السّلام) ، وما فعله أبو بكر وعمر ليقنعا العباس
قال اليعقوبي : وجاء البرّاء بن عازب ، فضرب الباب على بني هاشم ، وقال : يا معشر بني هاشم ، بويع أبو بكر ! فقال بعضهم : ما كان المسلمون يحدثون حدثاً نغيب عنه
ونحن أولى بمُحمّد (صلّى الله عليه وآله) . فقال العبّاس : فعلوها وربِّ الكعبة .
وكان المهاجرون والأنصار لا يشكّون في عليٍّ (عليه السّلام) ، فلمَّا خرجوا مِن الدار قام الفضل بن العبّاس ، وكان لسان قريش ، فقال : يا معشر قريش ، إنّه ما حقّت لكم الخلافة بالتمويه ، ونحن أهلها دونكم ، وصاحبنا أولى بها منكم .
وقام عتبة ابن أبي لهب ، فقال :
ما كنتُ أحسبُ أنّ الأمرَ منصرفٌ       عن هاشمٍ ثمّ منهم عن أبي حسنِ
عـن أوَّلِ الـناسِ إيماناً وسابقةً        وأعـلم الـناسِ بالقرآنِ والسننِ
وآخـرِ الـناسِ عهداً بالنّبي وَمَنْ       جبريلُ عونٌ له في الغُسلِ والكفنِ
مَـنْ فـيه ما فيهِمُ لا يمترون به      وليس في القومِ ما فيه مِن الحَسنِ
فبعث إليه عليٌّ (عليه السّلام) فنهاه .
وتخلّف عن بيعة أبي بكر قوم مِن المهاجرين والأنصار ومالوا مع علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، منهم : العبّاس بن عبد المطلب ، والفضل بن العبّاس ، والزبير بن العوام بن العاص ، وخالد بن سعيد ، والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمّار بن ياسر ، والبرّاء بن عازب ، واُبي بن كعب ، فأرسل أبو بكر إلى عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح والمغيرة ابن شعبة ، فقال : ما الرأي ؟ قالوا : الرأي أنْ تلقى العبّاس بن عبد المطلب فتجعل له في هذا الأمر نصيباً يكون له ولعقبه مِن بعده ، فتقطعون به ناحية علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، حجّة لكم على عليٍّ إذا مال معكم .
فانطلق أبو بكر وعمر ، وأبو عبيدة بن الجراح والمغيرة حتّى دخلوا على العبّاس ليلاً ، فحمد أبو بكر الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : إنّ الله بعث مُحمّداً نبيّاً وللمؤمنين وليّاً ، فمنَّ عليهم بكونه بين أظهرهم حتّى اختار له ما عنده ، فخلّى على الناس اُموراً ليختاروا لأنفسهم في مصلحتهم مشفقين ، فاختاروني عليهم والياً ولاُمورهم راعياً ، فولّيت ذلك ، وما أخاف بعون الله وتسديده وهناً ولا حيرة ولا جبناً ، وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه أنيب .
وما انفك يبلغني عن طاعن يقول : الخلاف على عامّة المسلمين ، يتخذكم لجأً ، فتكون حصنه المنيع وخطبه البديع ؛ فإمّا دخلتم مع الناس فيما اجتمعوا عليه ، وإمّا صرفتموهم عمَّا مالوا إليه . ولقد جئناك ونحن نريد أن لك في هذا الأمر نصيباً يكون لك ، ويكون لمَنْ بعدك مِن عقبك ؛ إذ كنت عمَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وإنْ كان الناس قد رأوا مكانك ومكان صاحبك [ فعدلوا الأمر عنكما ](11) . وعلى رسلكم بني هاشم ، فإنّ رسول الله منَّا ومنكم .
فقال عمر بن الخطاب : إي والله ، واُخرى إنّا لمْ نأتكم لحاجة إليكم ، ولكن كرهاً أنْ يكون الطعن فيما اجتمع عليه المسلمون منكم ، فيتفاقم الخطب بكم وبهم ، فانظروا لأنفسكم(12) .
إخراجُهم أمير المؤمنين (عليه السّلام) ملبّباً
ذكره ابن أبي الحديد المعتزلي ، قال : قال أبو بكر : وحدّثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن مُحمّد ، قال : حدّثنا أحمد بن الحكم ، قال : حدّثنا عبد الله بن وهب ، عن ليث بن سعد ، قال : تخلّف عليٌّ (عليه السّلام) عن بيعة أبي بكر ، فاُخرج ملبّباً يُمضى به ركضاً ، وهو يقول : (( معاشر المسلمين ، علامَ تُضرب عنقُ رجل مِن المسلمين لمْ يتخلّف لخلاف ، وإنّما تخلّف لحاجة )) . فما مرّ بمجلس مِن المجالس إلاّ يُقال له : انطلق فبايع .
قال أبو بكر : وحدّثنا علي بن جرير الطائي ، قال : حدّثنا ابن فضل ، عن الأجلح ، عن حبيب بن ثعلبة بن يزيد ، قال : سمعت عليّاً (عليه السّلام) يقول : (( أما وربِّ السّماء والأرض ـ ثلاثاً ـ إنّه لعهدُ النّبي الاُميِّ إليَّ : لتغدرنَّ بك الاُمُّة مِن بعدي )) .
قال أبو بكر : وحدّثنا أبو زيد عمر بن شبة بإسناد رفعه إلى ابن عبّاس ، قال :
إنّي لاُماشي عمر في سكّة مِن سكك المدينة ، يده في يدي ، فقال : يابن عبّاس ، ما أظن صاحبك إلاّ مظلوماً . فقلت في نفسي : والله ، لا يسبقني به ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، فاردد إليه ظلامته . فانتزع يده مِن يدي ثمّ مرَّ يهمهم ساعة ثمّ وقف ، فلحقته ، فقال لي : يابن عبّاس ، ما أظن القوم منعهم مِن صاحبك إلاّ أنّهم استصغروه . فقلت في نفسي : هذه شرٌّ مِن الاُولى ، فقلت : والله ، ما استصغره الله حين أمره أنْ يأخذ سورة براءة مِن أبي بكر(13) .
تفصيلُ بعض الحقائق التي رواها ابن قتيبة الدينوري
قال ابن قتيبة الدينوري : كيف كانت بيعة علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه) . قال : وإنّ أبا بكر (رضي الله عنه) تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند علي (كرّم الله وجهه) ، فبعث إليهم عمر ، فجاء فناداهم وهم في دار علي (عليه السّلام) ، فأبوا أنْ يخرجوا ، فدعا بالحطب وقال : والذي نفس عمر بيده ، لتخرجنَّ أو لأحرقنّها على مَنْ فيها . فقيل له : يا أبا حفص ، إنّ فيها فاطمة ! فقال : وإنْ . فخرجوا فبايعوا إلاّ عليّاً (عليه السّلام) ؛ فإنّه زعم أنّه قال : (( حلفت أنْ لا أخرج ولا أضع ثوبي على عاتقي حتّى أجمع القرآن )) . فوقفت فاطمة (رضي الله عنها) على بابه ، فقالت : (( لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ؛ تركتم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) جنازة بين أيدينا ، وقطعتم أمركم بينكم ، لمْ تستأمرونا ، ولمْ تردّوا لنا حقّاً )) .
فأتى عمر أبا بكر ، فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة ؟ فقال أبو بكر لقنفذ ، وهو مولى له : اذهب فادع لي عليّاً . قال : فذهب إلى علي (عليه السّلام) ، فقال له : (( ما حاجتك ؟ )) . فقال : يدعوك خليفة رسول الله . فقال عليُّ : (( لسريع ما كذبتم على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ! )) .
فرجع فأبلغ الرسالة . قال : فبكى أبو بكر طويلاً ، فقال عمر (ثانية) : لا تمهل هذا المتخلّف عنك بالبيعة . فقال أبو بكر (رضي الله عنه) لقنفذ : عُدْ إليه فقل له خليفة رسول الله يدعوك لتبايع . فجاءه قنفذ فأدّى ما أمر به ، فرفع علي (عليه السّلام) صوته ، فقال : (( سبحان الله ! لقد ادّعى ما ليس له )) . فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة ، فبكى أبو بكر طويلاً ، ثمّ قام عمر فمشى معه جماعة حتّى أتوا باب فاطمة (عليها السّلام) ، فدقّوا الباب ، فلمَّا سمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها : (( يا أبتِ يا رسول الله ! ماذا لقينا بعدك مِن ابن الخطاب وابن أبي قحافة ! )) . فلمَّا سمع القوم صوتها وبكاءها ، انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم تنصدّع وأكبادهم تنفطّر ، وبقي عمر ومعه قوم فأخرجوا عليّاً فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع . فقال : (( إنْ أنا لمْ أفعل فمه ؟ )) . قالوا : إذاً والله الذي لا إله إلاّ هو ، نضرب عنقك . فقال : (( إذاً تقتلون عبد الله وأخا رسوله )) . قال عمر : أمّا عبد الله فنعم ؛ وأمّا أخو رسوله فلا(14) . وأبو بكر ساكت لا يتكلّم ،
فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك ؟ فقال : لا اُكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه . فلحق عليٌّ بقبر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يصيح ويبكي ، ويُنادي : (( يابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي(15) )) .
فقال عمر لأبي بكر (رضي الله عنهما) : انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها . فانطلقا جميعاً ، فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما ، فأتيا عليّاً فكلّماه فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلَّما عليها فلمْ تردّ عليهما السّلام ، فتكلّم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله ، والله ، إنّ قرابة رسول الله أحبُّ إليَّ مِن قرابتي ، وإنّك لأحبُّ إليَّ مِن عائشة ابنتي ، ولودَدْتُ يوم مات أبوك أنّي متُّ ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقّك وميراثك مِن رسول الله ! إلاّ أنّي سمعت أباك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول : (( لا نورّث ، ما تركنا فهو صدقة )) .
فقالت : (( أرأيتكما إنْ حدّثتكما حديثاً عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) تعرفانه وتفعلان به ؟ )) . قالا : نعم . فقالت : (( نشدتكما الله ألمْ تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة مِن رضاي ، وسخطُ فاطمة مِن سخطي ، فمَنْ أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومَنْ أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومَنْ أسخط فاطمة فقد أسخطني ؟ )) . قالا : نعم سمعناه مِن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) . قالت : (( فإنّي اُشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النّبيَّ (صلّى الله عليه وآله) لأشكونَّكما إليه )) . فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى مِن سخطه وسخطك يا فاطمة .
ثمّ انتحب أبو بكر يبكي حتّى كادت نفسه أنْ تزهق ، وهي تقول : (( والله ، لأدعونَّ الله عليك في كلَّ صلاة اُصلّيها )) . ثمّ خرج باكياً فاجتمع إليه الناس ، فقال لهم : يبيت كلُّ رجل منكم معانقاً حليلته ، مسروراً بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ! لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي .
قالوا : يا خليفة رسول الله ، إنّ هذا الأمر لا يستقيم وأنت أعلمنا بذلك ؛ إنّه إنْ كان هذا لمْ يقم لله دين . فقال : والله ، لولا ذلك وما أخافه مِن رخاوة هذه العروة ما بتُّ ليلة ولي في عنق مسلم بيعة بعدما سمعت ورأيت مِن فاطمة !
قال : فلمْ يبايع عليٌّ (كرم الله وجهه) حتّى ماتت فاطمة (رضي الله عنها) ، ولمْ تمكث بعد أبيها إلاّ خمساً وسبعين ليلة(16)
ــــــــــــــــ
 . . . وعنه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ـ وماتا قبله ـ وعبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش ، وهو مِن أقرانه ، (أقول : وعبد الصمد مِن الثقات ، راجع ما نقله فيه ابن حجر في تهذيب التهذيب 5 / 263) ومُحمّد بن إسحاق الصاغاني ، ومُحمّد بن يحيى الذهلي ، وصالح بن مُحمّد الأسدي ، وأحمد بن علي الأبّار ، وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ ، والحسن بن علي المعمّري ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل ، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا ، ومُحمّد بن هارون الرؤياني ، والقاسم بن زكريا المطرّز ، ومُحمّد بن جرير الطبري ، وعبد الله بن مُحمّد البغوي ، وآخرون . . .
وأيضاً ذكر هذه التوثيقات المزّي في تهذيب الكمال 25 / 101 .
الثالث : وهو جرير بن عبد الحميد ، وهو مِن رجال صحيح البخاري ومسلم ، وهو مِن الثقات الذين يُرحل إليهم ، راجع ما ذكره الذهبي عنه بالتفصيل في سير أعلام النبلاء 9 / 9 ، وقال فيه الذهبي في المصدر نفسه : جرير بن عبد الحميد بن يزيد ، الإمام الحافظ القاضي أبو عبد الله الضبي الكوفي ، نزل الرّيّ ونشر بها العلم ، ويُقال : مولده بأعمال إصبهان ، ونشأ بالكوفة . . . إلخ .
وقال فيه ابن حجر [ في ] تهذيب التهذيب 2 / 65 : كان ثقة يُرحل إليه . وقال ابن عمّار الموصلي : حجّة ، كانت كتبه صحاحاً .
الرابع : وهو المُغيرة بن مقسم الضبّي ، قال فيه الذهبي في كتاب مَنْ له رواية في الكتب الستّة 2 / 288 : مُغيرة بن مقسم الضبي مولاهم الكوفي ، الفقيه الضرير أبو هشام . عن أبي وائل وإبراهيم والشعبي ، وعنه شعبة وزائدة وابن فضيل ، حكى جرير عنه ، قال : ما وقع في مسامعي شيء فنسيته . توفّي 133 ع .
وقال فيه العجلي في معرفة الثقات 2 / 293 : مُغيرة بن مقسم الضبي ، وكان ضرير البصر ، كوفي ثقة ، وكان مِن فقهاء أصحاب إبراهيم ، وكان عثمانياً . . . إلخ .
الخامس : وهو زياد بن كُليب ، قال فيه الذهبي في كتاب مَنْ له رواية في الكتب الستّة 1 / 412 : زياد بن كُليب أبو معشر التميمي . عن إبراهيم والشعبي ، وعنه منصور وأبو بشر وابن أبي عروبة ، حافظ متقن ، توفّي 119 م د ت س .
وقال فيه النسائي (في سنن النسائي) 4 / 171 : قال أبو عبد الرحمن : أبو معشر هذا اسمه زياد بن كُليب ، وهو ثقة .
وقال فيه العجلي في معرفة الثقات 1 / 374 : زياد بن كُليب ، أبو معشر ، كوفي ثقة ، روى عنه أيوب السختياني ، وخالد الحذّاء ، ومنصور ، ومغيرة الضبّي ، وسعيد بن أبي عروبة . وكان فقيهاً في الحديث . . .
(1) سير أعلام النبلاء ـ الذهبي 15 / 578 ، وقال الذهبي بعد ذلك : قلت : شيخٌ ضالٌّ مُعثرٌ .
أقول : صار ضالاً ومعثراً بعد أنْ كان الإمام الحافظ الفاضل بقراءة المثالب والفضائح على مخالفين أهل البيت (عليهم السّلام) !! ميزان الاعتدال في نقد الرجال ـ الذهبي 1 / 283 .
(2) لسان الميزان ـ ابن حجر 1 / 268 .
(3) الملل والنحل ـ الشهرستاني 1 / 57 .
(4) الوافي بالوفيات ـ الصفدي 5 / 347 .
(5) وفي المطبوع (الأيمني) ، والظاهر ما أثبتناه .
(6) فرائد السمطين 2 / 34 ـ 36 .
(7) أنساب الأشراف ـ البلاذري 1 / 586 .
(*) الأوّل : البلاذري ، قال فيه الذهبي في سير أعلام النبلاء 31 / 162 : البلاذري ، العلاّمة الأديب المصنّف ، أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البغدادي البلاذري الكاتب ، صاحب (التاريخ الكبير) . سمع هوذة بن خليفة ، وعبد الله بن صالح العجلي ، وعفّان ، وأبا عبيد ، وعلي بن المديني ، وخلف بن هشام ، وشيبان بن فروخ ، وهشام بن عمّار ، وعدّة ، وجالس المتوكّل ونادمه . . . إلخ .
قال أيضاً في تذكرة الحفّاظ 3 / 892 ، في ترجمة البلاذري الصغير . . . قلت : هذا البلاذرى الصغير ؛ فأمّا الكبير فإنّه أحمد بن يحيى ، صاحب التاريخ المشهور ، من طبقة أبي داود السجستاني . حافظ أخباري [علاّمة1] .
سير أعلام النبلاء ـ الذهبي 16 / 36 ، فأمّا البلاذري الكبير ، فهو أحمد بن يحيى صاحب (التاريخ الكبير) ، حافظ أخباري علاّمة ، أدرك عفّان بن مسلم ومن بعده ، يُعدّ من طبقة أبي داود صاحب (السنن) .
أقول : ولا يخفى عليك ما هي منزلة أبي داود السجستاني عند الذهبي في سير أعلام النبلاء 13 / 203 :
الإمام ، شيخ السنّة ، مُقدّم الحفاظ ، أبو داود الأزدي السجستاني ، مُحدّث البصرة . ولد سنة اثنتين ومئتين ، ورحل وجمع وصنّف وبرع في هذا . . . إلخ .
الثاني : المدائني ، قال فيه الذهبي في ميزان الاعتدال 3 / 153 : . . . قلت : روى عنه الزبير بن بكار ، وأحمد بن زهير ، والحارث بن أبي أسامة .
وقال أحمد بن أبي خيثمة : كان أبي وابن معين ومصعب الزبيري يجلسون على باب مصعب ، فمرّ رجل على حمارِ فاره وبزّة حسنة ، فسلّم وخصّ بسلامه يحيى ، فقال له : يا أبا الحسن ، إلى أين ؟ قال : إلى دار هذا الكريم الذي يملأ  كُمّي دنانير ودراهم ؛ إسحاق الموصلي . فلمّا ولّى قال يحيى : ثقة ثقة ثقة . فسألت أبي : مَنْ هذا ؟ فقال : هذا المدائني .
مات المدائني سنة أربع أو خمس [وعشرين] ومئتين عن ثلاث وتسعين سنة .
الثالث : مسلمة بن محارب ، وثّقه ابن حبّان ـ الثقات لابن حبّان 7 /490 ـ ، وذكره البخاري في تاريخه الكبير 7 / 387 ، ولمْ يقدح فيه ، وكذا الرازي في الجرح والتعديل 8 / 266 ، بل لمْ أقف على مَنْ ذمّه أو قدح فيه .
الرابع : سُليمان بن طرخان ، قال فيه الذهبي في تذكرة الحفّاظ 1 / 150 : سُليمان التيمي ، الحافظ الإمام ، شيخ الإسلام أبو المعتمر سُليمان بن طرخان القيسي ، مولاهم البصري ، لمْ يكن تيميّاً بل نزل فيهم . سمع أنس بن مالك ، وأبا عثمان النّهدي ، وطاووساً ، والحسن ، وعدّة ، وعنه شعبة ، والسّفيانان ، وابن المبارك ، ويزيد بن هارون ، والأنصاري ، وهوذة بن خليفة ، وخلق . قال شعبة : ما رأيت أحداً أصدق مِن سُليمان التيمي . . . إلخ .
وقال فيه أيضاً ، في سير أعلام النبلاء 6 / 195 : سُليمان بن طرخان ، الإمام شيخ الإسلام ، أبو المعتمر التيمي البصري ، نزل في بني تيم فقيل : التيمي .
أقول : وقال عنه في ميزان الاعتدال 2 / 212 : الإمام أحد الإثبات . وقال فيه العجلي في معرفة الثقات 1 / 430 : سُليمان بن طرخان التيمي ، تابعي ثقة .
الخامس : عبد الله بن عون ، قال فيه الذهبي في تذكرة الحفّاظ 1 / 156 : ابن عون ، الإمام شيخ أهل البصرة ، أبو عون [عبد الله بن عون] ابن أرطبان المزني ، مولاهم البصري ، الحافظ . حدّث عن سعيد بن جُبير ، وأبي وائل ، وإبراهيم النخعي ، [وعطاء] ، ومجاهد ، [والشعبي] ، والحسن ، والقاسم بن مُحمّد ، وخلق ، وعنه حمّاد بن زيد ، وإسماعيل بن عليّة ، وإسحاق الأزرق ، ويزيد بن هارون ، وأبو عاصم ، والأنصاري ، ومسلم بن إبراهيم ، وخلق كثير .
قال عبد الرحمن بن مهدي : ما كان بالعراق أعلم بالسنّة مِن ابن عون . وقال قرّة : كنّا نعجب مِن ورع ابن سيرين فأنساناه ابن عون . وقال شعبة : ما رأيت مثل أيّوب وابن عون ويونس . وقال هشام بن حسّان : لمْ ترَ عيناي مثل ابن عون . وقال ابن المبارك : ما رأيت أحداً أفضل مِن ابن عون . وقال شعبة : شكُّ ابن عون أحبّ إليّ مِن يقين غيره . وقال الأوزاعي : إذا مات ابن عون وسفيان استوى الناس . وقال ابن معين : ثقة في كلِّ شيء . وقال بكار السيريني : كان ابن عون يصوم يوماً ويفطر يوماً ، وصحبته دهراً ، وكان طيّب الريح ، ليّن الكسوة ، يختم كلّ أسبوع ، وكان يغزو ويركب الخيل ، بارز مرّة علجاً فقتله ، وكان إذا جاء إخوانه كأنّ على رؤوسهم الطير ، لهم خضوع وخشوع .
قلتُ : لابن عون جلالة عجيبة ، ووقْع في النفوس ؛ لأنّه كان إماماً في العلم ، رأساً في التألّه والعبادة ، حافظاً لأنفاسه ، كبير الشأن .

مات في رجب سنة إحدى وخمسين ومئة (رحمه الله تعالى) ، قاله جماعة ، ويقع حديثه عالياً لأصحاب ابن طبرزذ والكندي .
(8) العقد الفريد 4 / 242 ( دار الكتاب العربي ) و 4 / 259 (مكتبة النهضة المصرية) ، نقلاً عن كتاب الهجوم على بيت فاطمة (عليها السّلام) ـ للعلاّمة عبد الزهراء مهدي / 179 ، والعقد الفريد 2 / 205 ط المطبعة الأزهرية المصرية الكائنة بخان جعفر ، بجوار السّاحة الحُسينيّة ، عام 1321 ه‍ـ ، نقلاً عن كتاب مِن حياة الخليفة عمر بن الخطاب ـ عبد الرحمن البكري / 181 .
(9) أعلام النساء ـ عمر رضا كحالة 4 / 114 .
الصفحة (428)
(10) فلك النجاة ـ علي مُحمّد فتح الدين الحنفي / 121 ، نقله عن تاريخ أبي الفداء 1 / 164 .
(11) ما بين المعقوفتين زيادة من بحار الأنوار 28 / 292 . (موقع معهد الإمامين الحَسنَين)
(12) تاريخ اليعقوبي 2 / 124 .
(13) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد 6 / 45 .
(14) أقول : وقول عمر بن الخطاب هذا فيه ردّ لما ثبت عن النّبي (صلّى الله عليه وآله) ؛ حيث روي بأنّ علي بن أبي طالب (عليه السّلام) أخو رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، بحديث المؤاخاة وغيره بطرق صحيحة .
قال (في) كنز العمال ـ المتقي الهندي 31 / 159 : عن علي (عليه السّلام) قال : (( طلبني رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فوجدني في جدول نائماً ، فقال : قمْ ما ألوم الناس يسمّونك أبا تراب . قال : فرآني كأنّي وجدت في نفسي مِن ذلك ، [ فقال ] : قمْ والله لأرضينك ؛ أنت أخي وأبو ولدي ، تقاتل عن سُنّتي وتُبرئ ذمّتي . مَنْ مات في عهدي فهو كنز الله ، ومَنْ مات في عهدك فقد قضى نحبه ، ومَنْ مات بحبّك بعد موتك ختم الله له بالأمن والإيمان ما طلعت شمس أو غربت ، ومَنْ مات يُبغضك مات ميتة جاهليّة وحوسب بما عمل في الإسلام )) .
قال البوصيري : رواته ثقات .
فتح الملك العلي ـ أحمد بن الصديق المغربي / 48 : وحديث زيد بن أبي أوفى ، قال : لمّا آخى النّبي (صلّى الله عليه وآله) بين أصحابه ، قال عليٌّ (عليه السّلام) : (( لقد ذهب روحي ، وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت بأصحابك ما فعلت غيري ! )) . فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : (( والذي بعثني بالحقّ ، ما أخّرتك إلاّ لنفسي ؛ وأنت منِّي بمنزلة هارون مِن موسى غير أنّه لا نبي بعدي . وأنت أخي ووارثي )) . قال : (( وما أرث منك يا رسول الله ؟ )) . قال : (( ما ورث الأنبياء مِن قبلي )) . قال : (( وما ورث الأنبياء مِن قبلك ؟ )) . قال : (( كتاب ربّهم وسنّة نبيّهم )) . . . الحديث ، أخرجه الإمام أحمد في كتابه المناقب .
(15) سورة الأعراف / 150 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page