• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

العباس عليه السلام في رفقة والده

نشير الى ان نسبة كبيرة من الناس في العالم تعرف عن العباس بن علي من خلال دوره المميز والبارز في ملحمة كربلاء التي جرت هناك في محرم من عام (61هـ) والتي اشتهر بها واصبح دوره فيها يضاهي دور اخيه الحسين عليه السلام فيها .
ولكنهم ـ للأسف ـ لا يعرفون عن مواقفه الشجاعة الخالدة وتضحياته العظام الاخرى في سبيل اعلاء كلمة الله تعالى ونشر دينه ومعالمه في الارض قبل ذلك التاريخ وفي ارض الحجاز او الشام او العراق .
ان العباس عليه السلام كما قلنا من قبل قد كان منذ شبابه باسلاً وشجاعاً ومقداماً تهابه الناس وتحترمه ، وقد ابلى بلاءً حسناً في محاربة الكفر والكفار هنا وهناك .
فبعد ان بايع المسلمون اباه للخلافة في المدينة عام (35هـ) ومن ثم انتقال الوالد من المدينة الكوفة ليكون قريباً من المناطق المضطربة والقوات والتحركات المعادية ، كان العباس كالحسن والحسين ومحمد بن الحنفية رفقته في الحضر ورفقته في الحرب كما كانوا معه ايام السلم .
حيث اشترك هؤلاء الابناء النجباء جميعاً مع والدهم في كل المعارك والمنازلات التي قامت بينه وبين خصومه من الناكثين القاسطين والمارقين ، حيث كان هؤلاء الاخوة ذراع الاب اليمنى بل عيناه اللتين يبصر بهما ، وذلك لانه ليس من اللائق ان يبعد ويجنّب الامام عليه السلام اولاده عن ميادين وساحات الحرب ويدع سواد الناس لخوضها والاكتواء بنير آنها ولهيبها .
لذا كان عليه السلام يتقدم هو وابناؤه في اقتحام صفوف الاعداء ـ من فرط حبهم ، وتعلقهم بالامام وابنائه ـ كانوا لا يسمحون لهم باقتحام صفوف الأعداء ومنازلة خصومهم ، حيث كانوا يؤثرون ان يكونوا هم من الاوائل الذين يندفعون في الحرب ويتقدمون في المنازلة دونهم حفاظاً عليهم من ان يمسهم احد بسوء او مكروه وهم احياء ينظرون اليهم عن كثب .
لقد اشترك العباس قمر بني هاشم وفخر عدنان مع ابيه علي عليه السلام في جميع حروبه ومعاركه وكان يحارب فيها شجعان العرب ويجندلهم على الارض كالاسد الضاري .
وهكذا فكما كان علي عليه السلام معجزة الرسول صلى الله عليه وآله فقد كان العباس عليه السلام معجزة علي ، وكما تكرر النبي صلى الله عليه وآله في علي وفي سبطيه فقد تكرر علي في العباس .
هذا وفي كل معركة لم يكن الامام ليأذن لولده العباس بالنزال ، اما حباً له لصغر سنه بالنسبة الى اعمار سواد الجيش او صوناً من ان تصيبه عيون الاعداء ، رغم انه كان يلح في طلب النزال وينتهز الفرص المواتية كمقابلة الاعداء وحربهم عند تطلب الحال وربما مقنعاً من دون اجازة .
كما وكان الامام علي عليه السلام ايضاً لا يكلف ولديه الحسن والحسين عليهما السلام بمنازلة الاعداء كثيراً ، وانما كان يكلف ولده الآخر محمد بن الحنفية باكثر منهما ومن سواهما ، وعندما سُئل ابن الحنفية مرة عن علة ذلك اجاب :
«ان الحسن والحسين هما عينا والدي وانا ذراعه ، وان الذراع هي التي تحمي العينين» .
كما وقال الامام علي عليه السلام عن هذه الحالة باحرف :«اخشى ان يصيب الحسنين مكروه فتذهب ذرية رسول الله» .
وعن شجاعة العباس في معركة صفين والتي جرت عام (37هـ) يروى انه خرج من بين صفوف جيش الامام علي في صفين شاب مقنّع في خطوات ثابتة نحو افراد جيش معاوية وارتقى مرتفعاً من الأرض في وسط سهل صفين وصاح باعلى صوته يعدى فيه نزال اشجع شجعان جيش معاوية .
فتقاعس اهل الشام من مننازلته ـ ظناً منهم انه الامام علي عليه السلام او احد قادته البارزين ـ وجلسوا ينظرون اليه حيث لفهم الخوف والخشية ولم يبرز احد منهم لمنازلته .
وهنا نادى معاوية رجلاً من اصحابه (كان محسوباً من شجعانهم) وكان يعدّ بالف فارس ويدعى (ابو الشعشاع) فقال له :
«انك ابرع فارس في الشام فتقدم واقتل هذا الرجل ليكون في قتله عبرة للآخرين» فاجابه ابو الشعشاع :
«كلا ان أهل الشام يعدوني بالف فارس ، وهو لا يستحق ان انازله وسابعث اليه احد اولادي ليقتله» .
فنادى ابو الشعشاع احد اولاده وكان رجلاً قوياً فتبارز مع الشاب المقنع فقُتل . ثم بعث اليه آخر فقتله الشاب ايضاً ، حتى بعث اليه سائر اولاده ـ ويقال ان عددهم كان سبعة ـ فقتلهم الشاب جميعاً والحق آخرهم باولهم .
واثر ذلك برز ابو الشعشاع بنفسه لمواجهة هذا الشاب المقنّع وسار نحوه وهو يخاطبه : «لقد قتلت ايها الشاب كافة اولادي والله لاقتلنك الآن شر قتلة واثكل بك اباك وامك» .
وهنا استل ابو الشعشاع سيفه واندفع بقوة نحو الشاب ، حيث جرت بينهما معركة عنيفة تمكن الشاب من ضرب خصمه ضربة قاضية قضت عليه والحقته باولاده غير مأسوف عليه وعليهم .
ثم تقدّم الشاب امام صفوف جيش العدوان وهو يصيح بهم :
هل من مبارز ..؟ فلم يجبه احد او يخرج اليه من ينازله من بين صفوف الخصم . وعاد الشاب المقنع الى صفوف جيش الامام حيث تعجب افراده من بسالة هذا الشاب النادرة والذي صرع اشجع شجعان الشام ، والتي لم يعرف العرب لها مثيلاً إلا في بطولة الامام علي عليه السلام او الحمزة بن عبد المطلب او جعفر الطيار .
وهنا دعاه الامام علي عليه السلام وازال اللثام (القناع) عن وجهه فاذا هو ابنه العباس قمر بني هاشم ، فقبّل الامام ما بين عينيه وباركه على شجاعته وبسالته التي ابداها في منازلة الاعداء(1) .
وهكذا نرى ان الشجاعة والباسلة ليست غريبة على ابناء اهل البيت ابتداءً من الامام علي وجعفر الطيار ومروراً على الحسن والحسين والعباس ومحمد بن الحنفية والقاسم ومسلم وزيد بن علي ويحيى بن زيد ... الخ ومن دون انتهاء .
حيث ان كل واحد من هؤلاء الفرسان قد حارب بعنف وشدة وفي هذه الموقعة او تلك وقتل فيها الكثير من الخصوم واوردهم صرعى على ارض صفين او كربلاء او الكوفة او فخ او باخمري او الجوجزان ... الخ حتى يروى عن الرسول صلى الله عليه وآله في هذا الشأن قوله :
«لو ولد ابو طالب الناس كلهم لكانوا شجعاناً» .
هذا وبعد رحيل الامام علي عليه السلام الى الرفيق الاعلى في عام (40هـ) ظل العباس وكان عمره حينذاك (14) سنة ، ظل موالياً لاخوته ومؤيداً ومناصراً لكل حقوقهم ودعواتهم باليد واللسان والقلب .
وحين وفاة اخيه الحسن المجتبى الزكي عم (50هـ) راى العباس بام عينيه جنازة اخيه الحسن عليه السلام وهي ترمى في الطريق بالسهام ، فهاله الأمر وعظم عليه الحال ولم يطق عليه صبراً ، حيث اشتعلت في احشائه الحمية والنخوة والشجاعة الهاشمية والكلابية ، فما دعاه لأن يجرد سيفه وان يفتك ويبطش بمروان بن الحكم ومن يقف خلفه من ازلام بني امية ، لولا ان اخاه الحسين عليه السلام كان قد نهاه ومنعه من امضاء ارادته هذه بقوله له : «ليس يوم هذا يا اخي» وذلك تبعاً لوصية الامام الحسن عليه السلام نفسه والمتضمنة عدم دفنه عند جده المصطفى صلى الله عليه وآله اذا ما ادى هذا الدفن الى الاقتتال والفتنة والتي هي بالحرف :
«لا تهرق من امري مل محجة من دم» .
واثر ذلك جيء بالجثمان الطاهر الى البقيع ليوارى الثرى قرب مرقد امه الزهراء عليها السلام ولولا هذا النهي من اخيه لما ابقى العباس من اعدائه باقية ولوضع سيفه في رقابهم ، كما وضع ابوه علي عليه السلام ـ من قبل ـ سيفه في رقاب آبائهم في يوم صفين وبدر وغيرها .
حيث صبر العباس على الأمر على أحر من جمر الغضا ينتظر الفرصة المناسبة لردّ هذا التعدي والتحدي بكيل الصاع صاعين والضربة بضربتين .
ولقد كان المكان المناسب والملائم والفرصة المواتية التي كان يرجوها قد اطلّت بعد عقد كامل من هذا التعدي وليست في طرق وشوارع المدينة وانما على مسافة بعيدة من هذا المكان يزيد على الألف كيلومتر وفي ارض كربلاء بقطر العراق على وجه التحديد وفي المحرم من عام (61هـ) .
وبالفعل حلّ هذا الموعد ووصل الى المكان المحدد ، حيث كان العباس عليه السلام هناك لاعدائه من ازلام النظام الضربات الموجعة والمؤلمة حتى قيل ان كل بيت من بيوت هؤلاء الازلام والمرتزقة في الكوفة او اطرافها قد ضمّ ناعية او ناعي على قتلاهم في كربلاء بسيف العباس او الحسين او سواهما من فرسان بني هاشم او الاصحاب الميامين .
__________
(1) العباس بن علي ـ محمد كامل حسن نقلاً عن كتا مقتل الحسين للخوارزمي العباس / بطولة الروح وشجاعة السيف ـ محمد هادي .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page