• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الغلوّ في حبّ الأئمة

لا نقصد بالغلوّ هنا هو الخروج عن الحقّ واتّباع الهوى حتّى يصبح المحبوب هو الإله المعبود، فهذا كفر وشرك لا يقول به أيّ مسلم يعتقد برسالة الإسلام ونبوّة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقد وضع الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حدوداً لهذا الحبّ عندما قال للإمام علي (عليه السلام):
"هلك فيك اثنان: محبّ غال، ومبغضٌ قال"(1).
وقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "ياعلي إنّ فيك مثلاً من عيسى بن مريم أبغضته اليهود حتى بهتوا أمّة، وأحبّه النصارى حتى أنزلوه بالمنزلة التي ليس بها"(2).
وهو المعنى المرفوض للغلوّ أن يطغى الحب حتى يؤلّه المحبوب، وينزله منزلة ليس فيها، أو أن يطغى البغض حتى يصل إلى درجة البهت والاتهام الباطل.
والشيعة في حبّ عليّ والأئمة من ولده لم يغالوا بل أنزلوهم المنزلة المعقولة التي بوّأهم فيها رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وهي أنّهم أوصياء النبي وخلفاؤه، ولم يقل أحد بنبوّتهم فضلاً عن اُلوهيّتهم، ودع عنك قول المشاغبين الذين يدعون بأنّ الشيعة ألّهوا عليّاً وقالوا بربوبيته، فهؤلاء إن صح الخبر لم يكونوا فرقة ولا مذهباً ولا شيعة ولا خوارج.
فما هو ذنب الشيعة إذا كان ربّ العزّة والجلالة يقول: { قُلْ لا أسْألُكُمْ عَلَيْهِ أجْراً إلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبَى }(3)، والمودّة كما هو معلوم أكبر من الحب، وإذا كان الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه"(4).
فإنّ المودة تفرض عليك أن تحرم نفسك من شيء لتود به غيرك.
وما هو ذنب الشيعة إذا كان رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "ياعلي أنت سيّد في الدنيا وسيّد في الآخرة، من أحبّك فقد أحبّني ومن أبغضك
 فقد أبغضني، وحبيبك حبيب اللّه، وبغيضك بغيض اللّه، والويل لمن أبغضك"(5).
ويقول أيضاً: "حبّ علىٌّ إيمان وبغضه نفاق"(6).
ويقول: "من مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان، ألا ومن مات على حبّ آل محمّد بشّره ملك الموت بالجنة... "(7).
وما هو ذنب الشيعة إذا كانوا يحبّون رجلاً قال فيه رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "غداً لأعطين رايتي إلى رجل يحبّ اللّه ورسوله ويحبّهُ اللّهُ ورسولهُ"(8).
فحبيب عليّ هو حبيب اللّه ورسوله وهو مؤمن، وبغيض علي هو بغيض اللّه ورسوله وهو منافق.
وقد قال الإمام الشافعي في حبّهم:
يا أهل بيت رسول اللّه حبكم    فرض من اللّه في القرآن أنزله
كفاكم من عظيم الفضل أنّكم    من لم يصلّ عليكم لا صلاة له(9)
وقد قال فيهم وفي حبّهم الفرزدق في ميميته المشهورة:
 من معشر حبّهم دين وبغضهم    كـفـر وقـربـهـم مـنجى ومعتصم
إن عُدّ أهل التقى كانوا أئمتهم    أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم(10)
فالشيعة أحبّوا اللّه ورسوله، وحبّهم للّه ورسوله هو الذي فرض حبّ أهل البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام)، والأحاديث في هذه المعنى كثيرة لا تحصى، وقد أخرجها علماء أهل السنّة والجماعة في صحاحهم، وقد ذكرنا البعض منها دوماً للاختصار.
وإذا كان حبّ عليّ وأهل البيت بصفة عامة هو حبّ لرسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم)، فعلينا أن نعرف مدى هذا الحب المطلوب من المسلمين حتى نعرف إن كان هناك غلو كما يزعمون.
قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين"(11).
 وعلى هذا الأساس فلابدّ أن يحبّ المسلم عليّاً وأولاده الأئمة الطاهرين أكثر من الناس أجمعين بما في ذلك الأهل والأولاد، ولا يتمّ الإيمان إلاّ بذلك; لأنّ رسول اللّه قال: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه... " الحديث.
فالشيعة أذاً لا يغالون وإنّما يعطون كلّ ذي حقّ حقّه، وقد أمرهم رسول اللّه أن ينزلوا عليّاً بمنزلة الرأس من الجسد، وبمنزلة العينين من الرأس، فهل هناك من الناس من يتنازل عن عينيه أو عن رأسه؟
ولكن في المقابل هناك مغالاة عند أهل السنّة والجماعة في حبّ الصحابة وتقديسهم في غير محلّه، وإنّما يبدو أنّها ردّ فعل على الشيعة الذين لم يقولوا بعدالة الصحابة أجمعين، فكان الأمويون يرفعون من شأن الصحابة ويحطّون من قيمة وشأن أهل البيت النبوي حتى إذا صلّوا على محمّد وآله أضافوا إليهم: وعلى أصحابه أجمعين; لأنّ في الصلاة على أهل البيت فضل لم يسبقه سابق ولا يلحقه لاحق، فأرادوا أن يرفعوا الصحابة إلى تلك الدرجة العلية، وغفلوا عن أنّ اللّه سبحانه أمر المسلمين وعلى رأسهم الصحابة أجمعين أن يصلّوا على محمّد وعليّ وفاطمة والحسنين، ومن لم يصلِّ عليهم فصلاته مردودة لا يقبلها اللّه إذا اقتصرت على محمّد وحده، كما هو ثابت في صحيح البخاري ومسلم(12).
وإذا قلنا بأنّه غلّو في الصحابة ذلك لأنّ أهل السنّة يتعدّون حدود المنطق عندما يقولون بعدالتهم أجمعين، وقد شهد اللّه ورسوله بأنّ فيهم الفاسقين والمارقين والقاسطين والمنافقين.
والغلوّ ظاهر عندما يقولون بأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) يخطئ ويصوّبه صحابي، أو أنّ الشيطان يلعب ويمرح بحضرة النبي ولكنّه يهرب من عمر!!
والغلوّ واضح في قولهم: لو أصاب اللّه المسلمين بمصيبة بما فيهم رسول اللّه، لم يكون ينج منها إلاّ ابن الخطاب!
والغلوّ أوضح في إلغائهم لسنّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، واتباع سنّة الصحابة وبالخصوص الخلفاء الراشدين! وقد أوقفناك على البعض من ذلك، وإذا أردت المزيد فعليك بالبحث والتأمّل للوقوف على مزيد من هذه المفارقات.









____________
1- عوالي اللئالي لابن أبي جمهور 4: 86 ح105.
2- مسند أحمد 1: 160 وحسّنه المحقّق أحمد محمّد شاكر، السنن الكبرى للنسائي 5: 137 ح8488، مسند أبي يعلي 1: 406 ح534، أنساب الأشراف للبلاذري: 121، تاريخ دمشق 42: 293، المستدرك للحاكم: باب مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) وصحّحه، الدر المنثور 2: 238 عن البخاري في تاريخه والحاكم، البداية والنهاية 7: 392.
3- الشورى: 23.
4- صحيح ابن حبان 1: 470، الجامع الصغير للسيوطي 2: 753 ح9940، مسند أحمد 3: 176، سنن الترمذي 4: 76 ح2634، سنن النسائي 8:115.
5- المستدرك للحاكم 3: 128 وصحّحه، نظم درر السمطين: 101، تاريخ دمشق 42: 292، المناقب للخوارزمي: 327 ح337.
6- بهذا اللفظ في بشارة المصطفى: 271، وفي صحيح مسلم1: 61، كتاب الإيمان، باب الدليل على أنّ حبّ الأنصار وعليّ من الإيمان عن عليّ بلفظ: "والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة إنّه لعهد النبي الأُمي إليَّ أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضني إلاّ منافق".
وأخرجه الألباني في صحيحته 4: 298 تحت رقم 1720 "إنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق"، وقال: "أخرجه مسلم 1: 61، والنسائي 2: 271، والترمذي 2: 301، وابن ماجه: 114، وأحمد 1: 84 و 95 و 128، والخطيب في التاريخ 14: 426...".
7- تفسير القرطبي 16: 23، تفسير الفخر الرازي 9: 595 سورة الشورى، تفسير آية 23 عن الكشاف للزمخشري.
8- حديث الراية حديث صحيح متفق عليه، رواه البخاري في صحيحه 5: 76، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب علي بن أبي طالب، وصحيح مسلم 5: 195، في نفس الموضع، كتاب السنّة لابن أبي عاصم: 594 ح1379، صحيح ابن حبان 15: 377، المعجم الكبير للطبراني 7: 13، تاريخ دمشق 42: 16، المناقب للخوارزمي: 108.
9- أوردها ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة 2: 435 الآية الثانية من الآيات الواردة فيهم نقلا عن الشافعي.
10- انظر: تاريخ دمشق 41: 402، تهذيب الكمال للمزي 20: 401، البداية والنهاية 9: 127.
11- صحيح البخاري1: 9، كتاب الإيمان، باب حب الرسول من الإيمان، صحيح مسلم 1: 49، كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) أكثر من الأهل والولد والوالد والناس أجمعين.
12- صحيح مسلم 2: 16، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، صحيح البخاري 6: 27، كتاب التفسير، سورة الأحزاب آية 56.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page