• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

العلاج الاجتماعى للفقر

 

العلاج الاجتماعى للفقر

و هو يتناول دور المجتمع و الدوله فى علاج الفقر، و ذلك طبقا للاسس التى رسمها الاسلام فى العلاقات بين الافراد، و منها التعامل بين العامل و صاحب المال. و قد ابتنيت هذه الاسس على مبدا جليل هو ان 'لا كسب بلا عمل'.
[هذا على اطلاقه فيه اشكال فليراجع كتاب اقتصادنا و غيره... و الا فان معنى ذلك هو ان لايصح نظام المضاربه و لا نظام الارث فى الاسلام و الامثله على ذلك كثيره جدا.]
و سنجد ان الاسلام حاول استخدام كل الوسائل لرفع سويه المجتمع الماديه "تنميه الانتاج"، ثم حاول النهوض بمستوى المحرومين و العاجزين بما شرع لهم من حقوق فى العمل و الحياه الكريمه "الضمان الاجتماعى". ثم حاول ازاله الفوارق الكبيره بين طبقات الشعب "التوازن الاجتماعى". و كل هذه الوسائل من شانها ازاله الفقر و النهوض بالمحرومين ليلحقوا بسويه الناس.
طريقه المعامله بين العامل و صاحب المال
سمح التشريع الاسلامى للعامل باسلوبين لتحديد المكافاه التى يستحقها، و ترك للعامل الحق فى اختيار ايهما شاء، وفق مصلحته و تقديره... و هما: اسلوب الاجره، و اسلوب المشاركه فى الارباح او الناتج. فمن حق العامل ان يطلب مالا محددا مكافاه له على عمله، كما يحق له ان يطالب باشراكه فى الربح او الناتج.
و سنشرح ذلك فيما يلى:
اسلوب الاجره
يمتاز هذا الاسلوب بعنصر الضمان، فالعامل اذا قنع بان يكافا بقدر محدد من المال لقاء عمله، و هو ما نسميه الاجره، كان على صاحب العمل دفع هذا القدر المحدد له، بقطع النظر عن نتائج العمل و ما قد يسفر عنه الانتاج من مكاسب او خسائر.
اسلوب المشاركه
و هو ان يقترح العامل على صاحب العمل ان يشاركه فى
الناتج و الارباح بنسبه مئويه، بامل الحصول على مكافاه اكبر، و بذلك يربط العامل مصيره بالعمليه التى يمارسها، و يفقد عنصر الضمان، اذ من المحتمل ان لايحصل على شى ء اذا لم يوجد ربح.
و لكل من الاسلوبين ميزته الخاصه
و قد نظم الاسلام الاسلوب الاول "الاجره" بتشريع احكام الاجاره. كما نظم الاسلوب الثانى "المشاركه فى الربح او الناتج" بتشريع احكام مختلفه، منها:
1- عقد المزارعه: وفيه يتفق العامل مع صاحب الارض و البذر على استخدام الارض فى زراعه ذلك البذر، و مقاسمه الناتج بينهما.
2- عقد المساقاه: و فيه يتعهد العامل بسقى الارض فى مقابل منحه نسبه مئويه فى الثمره.
3- عقد المضاربه: و فيه يتجر العامل لصاحب المال بما له على ان يقاسمه ارباح تلك التجاره.
4- عقد الجعاله: و فيه يعلن تاجر الاخشاب مثلا استعداده لمنح اى شخص يصنع له سريرا من تلك الاخشاب، نصف قيمه السرير
و فى كلا الاسلوبين السابقين لتحديد مكافاه العامل لايجوز لصاحب المال ان يضع على العامل شيئا من الخساره، بل يتحمل صاحب المال الخساره كلها ان حصلت، و حصب العامل من الخساره ان تضيع جهوده سدى.
و القاعده الاساسيه لمكافاه العامل ان يكون قد بذل جهدا ما فى عمليه الانتاج، و الا لاتجوز له ايه مكافاه.
و القاعده العامه فى نظريه الاقتصاد الاسلامى انه لايسمح لاى فرد بان يضمن لنفسه كسبا بدون عمل، لان العمل هو المبرر الاساسى للكسب فى النظريه.
[راجع التعليقه السابقه.]
و من امثله المدلول السلبى لهذه القاعده منع المستاجر للدار او الارض او ايه اداه انتاج عن ايجارها باجره اكبر مما كلفه استئجارها ما لم ينفق عليها عملا يستحق الزياده.
و من امثله ذلك ايضا منع الاجير عن استئجار غيره للقيام بالمهمه التى استوجر عليها باجره اقل مما حصل عليه.
[راجع: كتب الفقه الاسلامى بالنسبه لهذا الغرض.] فحصوله على الفرق بين الاجرتين يكون حراما لانه لايقابل عملا.
و احد تلك الامثله هو: الربا.
الربا و سبب تحريمه:
الربا فى القرض حرام فى الاسلام، و هو ان تقرض غيرك مالا الى موعد بفائده يدفعها المدين عند تسليم المال فى الموعد المتفق عليه. فلا يجوز القرض الا مجردا عن الفائده، و ليس للدائن الا استرجاع ماله الاصلى دون زياده، مهما كانت الزياده ضئيله.
و هذا الحكم يعتبر فى درجه وضوحه اسلاميا، فى مصاف الضروريات من التشريع الاسلامى.
و الفائده تعتبر فى العرف الراسما لى الذى يسمح بها، اجره راس المال النقدى الذى يسلفه الراسماليون للمشاريع التجاريه و غيرها، لقاء اجر سنوى يحدد بنسبه مئويه من المال المسلف، و يطلق على هذا الاجر اسم الفائده. و هم لايرون اى فرق بين تلك الاجره على المال و بين الاجره التى تحصل نتيجه ايجار العقارات و ادوات الانتاج.
لكن الاسلام يجد فرقا اساسيا بين الحالين وفق نظريته التى سبق شرحها. فوسيله الانتاج "الاله مثلا" التى يوجرها صاحبها هى عمل مختزن، يشترك فى الانتاج، و هى كالعامل الذى يبذل طاقته، و يكون ذلك بتاكلها و خضوعها للكسر و العطب، فتخرج بعد الانتاج غيرها قبل الانتاج، و هو ما نسميه "الاستهلاك"، و لذلك وجب لها الاجر. اما المال الذى يدخل فى الانتاج على اساس الفائده، فهو يبقى نفسه بعد الانتاج و قبله، فعلام يستحق الفائده؟ و القاعده ان لااجر بلا عمل!.
[راجع التعليقه السابقه العدد 30. فقد قلنا ان لو كان هذا صحيحا لما صحت المضاربه و كذلك غيرها من النظم الاقتصاديه الاسلاميه و سواها من الاحكام الشرعيه الفرعيه. اضفنا الى ذلك: ان المال الذى يدخل فى الانتاج لايبقى على حاله و ان بقى هو نفسه بعدها... و ذلك لوجود تقلبات و تحولات فى قيمته الشرائيه قوه و ضعفا... و اذن فاللازم- تبرير تحريم الربا بامر آخر اكثر واقعيه وانسجاما مع مجمل النظم و الاحكام الاقتصاديه فى الاسلام....]
و بما ان اموال المرابين غير معرضه للنقص بحال من الاحوال، نجد ان اموالهم تتضخم باستمرار بدون ان يقوموا باى عمل، و ذلك على حساب جهد الاخرين.
و هذا من اكبر عوامل الفقر، لانه ينمى طبقه المتمولين العاطلين عن العمل، فى حين يفقر طبقه العاملين الكادحين الذين اغلبهم من الفقراء. فهو من اكبر عوامل زياده التباين فى المجتع.
و قد سمح الشارع باسلوب المشاركه فى الناتج على اساس الارض فى عقد المزارعه
و المساقاه، و على اساس المال التجارى فى عقد المضاربه، و على اساس الماده الاوليه فى عقد الجعاله، ولكنه لم يسمح بالمشاركه فى الناتج فى ادوات الانتاج.
فاذا قدم صاحب راس المال الاله ليعمل بها العامل، لم يجز لصاحب الاله ان يشارك العامل فى نسبه الربح و الانتاج، بل ياخذ اجره على الاله تناسب ما يستهلك منها.
و عليه فان بعض الاشياء اجاز الشارع لها الاجره فقط، مثل البيت و الارض و الاله. فى حين جل لبعضها الاخر حقا فى نسبه الانتاج، مثل المال التجارى، و الارض مع البذر، و الماده الاوليه كالصوف و الخشب و خلافه. فما الفرق بين الحالين؟
ان البيت و الارض و ادوات الانتاج هى عمل مخزون ولكنه لايتضمن مشاركه فعليه من صاحبه فى عمليه الانتاج، فهو واسطه فقط للانتاج، و يستحق الاجره فقط. اما المال التجارى و البذر مع الارض و الماده الاوليه، فهى ممارسه مباشره لمالكها فى عمليه الانتاج.
[هذا خلاف قواعد الاسلام... بل هو ماخذو فى فلسفات الماركسيه و الا... فانه اذا كانت الارض مع البذر و الماده الاوليه عملا مخزونا و ممارسه مباشره لمالكها، فلماذا لا تكون الارض وحدها و ادوات الانتاج كذلك و هل البذر بدون الارض يعتبر عملا مخزونا او هما معا، اذا كانا معا كذلك فلتكن الارض وحدها كذلك: اليست الارض قد بذل فيها عمل لاحيائها استصلاحها؟ اضف الى ذلك انه لماذا كانت الارض مع البذر ممارسه فعليه و لا تكون الاله ممارسه فعليه ايضا بل لماذا لايكون العكس هو الصحيح؟ و هل صحيح: ان الارض مع البذر ممارسه فعليه؟ و كيف؟!.]
ففى المفهوم الاسلامى يكو الفرق فى القيمه بين الماده الاوليه قبل تصنيعها و بعد تصنيعها هو من حق مالك الماده الاوليه و من حق العامل،و ليس م حق الاله التى حولته.
[لماذا كذلك... هذا ليس من الاسلام فى شى ء... هذا كلام الشيوعيين كما قلنا.]
ففى عقد الجعاله يكون الناتج من حق صاحب الماده و الاجير الصانع.
[فى عقد الجعاله ليس للصانع فى الناتج حق كما هو ظاهر، بل له فقط ما يجلعه له صاحب المال.] اما الاله فلها حق الاجره [هذا فى خصوص استئجار الاله و ليس فى عقد الجعاله.] فقط و ليست لها نسبه من الربح.
و كذا الامر فى عقد المزارعه، فالارض التى بذلها صاحبها مع البذر، يكون له حق فى الناتج فتكون له نسبه من الثمر، لان عمليه الزارعه ما هى الا انماء للبذره التى هى ملك لصاحب الارض.
و اما فى عقد المضاربه، فان صاحب المال يبذل ما له للعامل، فيشترى العامل البضاعه من ذلك المال، فتكون ملكا لصاحب المال، [لوصح هذا لكان العامل يستحق الاجره فقط و لا يستحق فى نسبه الربح شيئا و يخرج بذلك عن كونه مضاربه.] و ما عمل العامل الا الاتجار بتلك البضاعه، فلصاحب المال حق فى الربح.
و فى كل هذه الاحوال نجد ان الاسلام يعطى الافضليه للعامل على وسائل الانتاج، اذ يحق له ان ياخذ نسبه مفتوحه من الانتاج، بخلاف الاله التى تاخذ فقط اجره محدوده.
و بناء على القاعده الاساسيه فى ان الاجر و الربح هو مقابل الجهد و العمل، [هذه القاعده ليست اسلاميه و انما هى متصيده من افكار الماركسيين على ما يظهر.] حرم الاسلام انواعا حرم الاسلام انواعا كثيره من الموارد التى لاتخضع لهذا القانون، فحرم الربا و القمار واليا نصيب و غيرها.
تنميه الانتاج
و ننتقل الان الى الحديث عن: تنميه الانتاج، و هى من اهم عوامل مكافحه الفقر فى المجتمع الاسلامى.
الحض على العمل و الانتاج
خلق الله سبحانه الانسان و كرمه على كثير من المخلوات، اذ وهبه القدره و الاراده و التمييز، ليكون خليفته فى الارض، [قد تقدم بعض الكلام فى ذلك فى تعليقه سابقه.] و خلق كل ما فى الكون من اجل خدمته و سعادته.
من هذا المنطلق العظيم يشعر المومن بقيمته و عظمته و سر وجوده و غايته، و ان كل ما هو موجود فى الطبيعه خلق من اجله، فمن واجبه ان ينهض للقيام بمسووليته، فيغور فى بحار العلم، و يخضع جميع الطاقات لمشيئته، و يكافح لتحقيق رسالته.
من هنا نجد ان الاسلام قد حرص على العمل و تنميه الانتاج، و فرض على المجتمع الاسلامى السير وفقا له، و جعل تنميه الثروه و الاستمتاع بالطبيعه الى اقصى حد، هدفا للمجتمع.[هذا ينافى ما تقدم من المولف من ان الاسلام قد دعى للزهد و حارب فكره عبوديه الانسان للماده... و لعله يريد ان يقول انه اراد من المجتمع ان يعيش حياه كريمه و شريفه و ان يستمتع بثروات الطبيعه و يستفيد منها فى دفع مستواه الاقتصادى العام... مادام ان ذلك يساعد على سمو الانسان فى انسانيته و يضمن له كرامته و حريته.]
يقول النبى "ص": 'ما اكل احد طعاما قط خيرا من عمل يده'.
وسائل الاسلام فى تنميه الانتاج
و الاسلام حين تبنى مبدا تنميه الثروه و الانتاج، جند كل امكاناته لتحقيق هذا الهدف، و ايجاد الوسائل التى يتوقف عليها.
و وسائل تحقيق هذا الهدف على نوعين: وسائل يجب على المجتمع ايجادها و ضمانها. و وسائل تطبيقيه تجب على الدوله، برسم سياسه تخطيطيه متكامله، توجه نشاط المجتمع و تكمله.
و سنتكلم عن هذه الوسائل من الناحيه الفكريه و الناحيه التشريعيه.
الوسائل الفكريه
فمن الناحيه الفكريه حث الاسلام على العمل و الانتاج، و قيمه بقيمه كبيره، و ربط به كرامه الانسان و شانه عند الله. و بذلك خلق الارضيه الفكريه الصالحه لدفع الانتاج و تنميه الثروه. و قد اعطى مقاييس خلقيه عن العمل و البطاله، الصبح العمل بمقتضاها عباده يثاب عليها المرء، و اصبح العامل فى سبيل قوته افضل عند الله من المتعبد الذى لايعمل.
ففى الحديث ان الامام الصادق "ع" سال عن رجل، فقيل له: 'اصابته الحاجه، و هو فى البيت يعبد ربه، و اخوانه يقومون بمعيشته.'
فقال "ع": 'الذى يقوته اشد عباده منه'.
و عن الرسول "ص" انه رفع يوما يد عامل مكدود، فقبلها و قال: 'طلب الحلال فريضه على كل مسلم و مسلمه. و من اكل من كد يده مر على الصراط كالبرق الخاطف. و من اكل من كد يده نظر الله اليه بالرحمه ثم لايعذبه ابدا. و من اكل من كد يده حلالا فتح له ابواب الجنه يدخل من ايها شاء'.
و فى روايه اخرى ان شخصا مر بالامام الباقر "ع" و هو يمارس العمل فى ارض له: و يجهد فى ذلك حتى يتصاب عرقا، فقال له: اصلحك الله ارايت لوجاء اجلك و انت على هذه الحاله! فاجابه الامام "ع" و هو يعبر عن مفهوم العمل فى الاسلام: 'لوجاءنى الموت و انا على هذه الحال، جاءنى و انا فى طاعه الله عزوجل'.
و كان رسول الله "ص" كما جاء فى سيرته الشريفه يسال عن الرجل اذا اعجبه مظهره، فان قيل له ليست له حرفه و لا عمل يمارسه، سقط من عينه، و يقول: 'ان المومن اذا لم تكن له حرفه يعيش بدينه'.
و عن النبى "ص" قال: 'ما من مسلم يزرع زرعا او يغرس غرسا، فياكل منه الانسان او دابته الا و كتب له به صدقه'.
و قد اهاب سبحانه بالانسان الى استثمار مختلف المجالات فقال: 'هو الذى جعل لكم الارض ذلولا، فامشوا فى مناكبها و كلوا من رزقه، و اليه النشور" "الملك 15"
و كما قاوم الاسلام فكره البطاله و حث على العمل، كذلك قاوم فكره تعطيل بعض الثروات الطبيعيه و فكره تمجيد الاموال و كنزها.
الوسائل التشريعيه
اما من الناحيه التشريعيه، فقد جاءت، تشريعات الاسلام فى كثير من الحقول، تتفق مع مبدا تنميه الانتاج الذى يومن به الاقتصاد الاسلامى، و تساعد على تطبيقه.
و فيما يلى بعض تلك التشريعات و الاحكام:
منع الاسلام من كنز النقود و تجميدها [جعل ضريبه الزكاه على المال لا تعنى حرمه كنزه.]
و ذلك عن طريق فرض ضريبه على ما يكنز من القطع النقديه الذهبيه و الفضيه، التى كانت الدوله الاسلاميه تجرى على اساسها، و هى ضريبه الزكاه التى تستنفد المال المدخر على مر الزمن، لانها تتكرر كل عام، بنسبه 2/5 درصد تقريبا. و لاجل هذا تعتبر الزكاه مصادره تدريجيه للمال الذى يكنز و يوقف عن العمل. [هذا خاص بالنقدين الذهب و الفضه و اما سائر ما تتعلق به الزكاه فلا ياتى فيه ذلك. و على هذا... فقد كان ينبغى للمولف اعطاء الفرق بين النقدين و بين غيرهما من سائر- اصناف الزكاه.]
يقول تعالى: 'و الذين يكنزون الذهب و الفضه و لاينفقونها فى سبيل الله، فبشرهم بعذاب اليم' "التوبه 34"[هذه الايه ناظره لاكتناز الاموال العامه و اموال بيت المال كما اشرنا اليه غير مره. راجع 'ابوذر، مسلمان يا سوسياليست'.]
و بالقضاء على الاكتناز تتدفق جميع الاموال الى حقول النشاط الاقتصادى، و تمارس دورا ايجابيا فى المسيره الاقتصاديه، و بذلك يزيد الانتاج و تزيد الارباح و يعيش الناس فى بحبوحه من العيش.
عن الامام الصادق "ع": 'ان الله انما اعطاكم هذه الفضول من الاموال، لتوجهوها حيث و جهها الله، و لم يعطكموها لتكنزوها'.
منع تركز الثروه فى يد افراد معدودين
و هو فحوى قوله تعالى:
'كى لايكون دوله بين الاغنياء منكم' "الحشر- 7"
لان الثروه حين تتركز فى ايد قليله، يعم البوس و تشتد الحاجه لدى الكثره الكاثره من الناس.
وضع الاسلام تشريعات الضمان الاجتماعى للفرد
و هذا الضمان الجماعى عدا عن اعطائه الفرد الحق فى حياه كريمه لائقه، فانه يعطى الفرد رصيدا نفسيا يدفعه الى مختلف ميادين الانتاج دون ان يخاف من الخساره و الاخفاق، و ينمى فيه عنصر الابداع و الابتكار.
[الثابت هو ان الاسلام قد جعل الضمان الاجتماعى لخصوص العجزه و القاصرين، اما من يتمكن من العمل و يعمل، يخسر او يربح، فان بلغ هذه الدرجه، شمله الضمان و الا فلا .]
لم يعط الاسلام الضمان السابق لمن لايعمل و هو قادر على العمل
و منع الناس من الاستجداء. و هذا يودى بطبيعته الى تجنيد كل طاقاتهم للانتاج و الاستثمار.
حرم الاسلام الاسراف
لما يرافقه من تبذير فى الحاجات الاستهلاكيه و هدر للاموال التى يلزم توظيفها للحركه الانتاجيه.
و يمكن ان نتكلم فى هذا الصدد حول عمل المراه فى الوظائف، و هو مما استهوته عقول النساء فى هذا الزمان، انجرافا وراء تقليد الاجانب. فقد خلق عمل المراه اليوم فى مجتمعاتنا معضله كبيره لم تكن قائمه من قبل. و ذلك ان كثيرا من النساء يذهبن الى الوظيفه للتسليه و الثرثره و ليس للعمل، ثم ياخذن المرتبات التى تصرف على آخر الازياء و الموضات فى اللباس و الزينه، فنشا عن ذلك ان العمل المنتج لم يزدد، فى حين انخفضت القيمه الشرائيه لمرتبات الرجال. فاصبحت المراه تقاسم الرجل نصف حقه، و تبذره فى شتى الاساليب. فكان من نتيجه ذلك ان افتقرت اغلب العائلات و لا سيما ذات العدد الكبير من الاولاد. و اصبح الرجل يضطر الى ممارسه عملين حتى يغطى نفقات اسرته.
و مما يزيد هذه المعضله وطاه ان تعمل فى هذه الظروف المراه المكتفيه التى لاتحتاج الى دخل، و هذه غالبا ما تنفق كامل معاشها على المظاهر الفارغه.
و مما يوكد هذا التبذير الذى ترتكبه نساونا فى الاهتمام الزائد بالالبسه و الكماليات، ان الاوروبيين بعد ان اجروا احصاء على استهلاك منتجاتهم فى كافه بلاد العالم، كتبوا على خارطه الشرق الاوسط: 'منطقه مبيعات الزينه و الكماليات'.
اوجب الاسلام فرض كفايه تعلم جميع العلوم و الفنون و الصناعات التى يحتاجها المجتمع الاسلامى
و شجع على اكتساب تلك العلوم التى غالبا
[ما هو الدليل على ذلك؟.] ما يبدع فيها الفقراء الذين يعتمدون على انفسهم فى بناء حياتهم.
اعطى الاسلام الحق لمن يستصلح ارضا للدوله ان تصبح ملكا له
فمن عمل فى ارض، و انفق عليها جهدا حتى احياها، فهو احق بها من غيره. و ذلك من مبدا تشجيع العمل و زياده الانتاج و تفضيل العامل الكادح على غيره. و ذلك من مبدا تشجيع العمل و زياده الانتاج و تفضيل العامل الكادح على غيره. و تكون الاولويه فى اعطاء تلك الاراضى للفقراء و المحتاجين، حتى لايستاثر الاغنياء بمساحات كبيره و يحرموا غيرهم من هذا الحق.
سمح الاسلام للدوله باستثمار اموال بيت المال لصالح المحتاجين
كما ان هذا الاستثمار يتيح فرص العمل لكل فقير قادر على العمل.
اعطى الاسلام الدوله الحق فى الاشراف على الانتاج
و تخطيطه مركزيا، حتى يسير على نهج منتظم تكاملى، بعيدا عن الفوضى و التخبط.
كفايه الموارد الطبيعيه لكل الناس:
ان الاسلام يرى ان الفقر و الجوع ليس منشوهما ندره موارد الانتاج و بخل الطبيعه، انما منشوهما الاناسن نفسه. يقول تعالى:
'الله الذى خلق السموات و الارض، و انزل من السماء ماء فاخرج به من الثمرات رزقا لكم، و سخر لكم الفلك لتجرى فى البحر بامره، و سخر لكم الانهار و سخرلكم الشمس و القمردائبين، و سخر لكم الليل و النهار، و آتاكم من كل ما سالتموه، و ان تعدوا نعمه الله لاتحصوها. ان الانسان لظلوم كفار' "ابراهيم- 32".
ان هذه الايات الكريمه بعد ان استعرضت مصادر الثروه التى انعم الله تعالى بها على الانسان، اكدت انها كافيه لاشباع الانسان و تحقيق كل حاجاته "و آتاكم من كل ما سالتموه". فالمشكله الواقعيه لم تنشا من بخل الطبيعه، او عجزها عن تلبيه حاجات الانسان، و انما نشات من الانسان نفسه عندما يكفر و يشذ عن النظام الالهى العادل "ان الانسان لظلوم كفار". فظلم الانسان فى توزيع الثروه و كفرانه للنعمه بعدم استغلال جميع المصادر التى تفضل الله بها عليه، هما السببان المزدوجان للمشكله التى يعيشها البائس منذ اقدم عصور التاريخ.
و هذا يعنى انه لايستطيع ان يحل مشكله الفقر غير مبادى الدين القائمه على الاخلاق و القيم و المبادى الروحيه.
مسئووليه الدوله فى الاقتصاد الاسلامى
و تتجلى هذه المسووليه فى مبداين اساسيين هما:
1- الضمان الاجتماعى. 2- التوازن الاجتماعى.
الضمان الاجتماعى
فرض الاسلام على الدوله ضمان معيشه افراد المجتمع الاسلامى ضمانا كاملا. و الدوله تقوم بهذه المهمه عاده وفق اتجاهين:
- تامين وسائل العمل للفرد، و فرصه المساهمه الكريمه فى النشاط الاقتصادى المثمر، ليعيش على اساس عمله و جهده.
- مبدا الضمان: فاذا كان الفرد عاجزا عن العمل و كسب معيشته بنفسه كسبا كاملا، فان الدوله تضمن له المال اللازم لسد حاجته و توفير حد كاف من المعيشه له.
و مبدا الضمان الاجتماعى هذا يرتكز على مبداين:
مبدا التكافل العام، و مبدا حق الجماعه فى موارد الدوله العامه.
فاما مبدا التكافل العام فيقتضى اشباع الحاجات الحياتيه و الملحه للفرد، بينما يزيد المبدا الثانى من ذلك، و يفرض اشباعا اوسع و مستوى ارفع فى الحياه.
مبدا حق الجماعه فى موارد الثروه
ينطلق هذا الحق لكل فرد فى المجتمع من حق الجماعه فى مصادر الثروه
[كان على المولف ان يقيم بعض الشواهد على ثبوت مثل هذا الحق، و اما الايه التى استدل بها و هى قوله تعالى 'كى لا تكون دوله بين الاغنياء' فلا تدل على ثبوت الحق فى الثروات الطبيعيه و انما تشير الى ان الاسلام يرغب فى ضمان التعادل و ان يصل الفقير الى حقوقه المشروعه و يمارس حريته فى الاستفاده من حقوقه...] و فى الاستفاده من ثروات الطبيعه. و على اساس هذا الحق تكون الدوله مسووله بصوره مباشره عن ضمان معيشه المعوزين و العاجزين.
و تغطى الدوله نفقات هذا الضمان مما يردها من الثروات و الانتاج "بيت المال"، فمن ذلك الزكاه و الخمس و الانفال و الفى ء و الخراج و الجزيه و الكفارات، اضافه الى تنميه موارد الدوله العامه و ملكيه الدوله.
يقول تعالى 'و ما افاء الله على رسوله من اهل القرى، فلله و للرسول و لذى القربى و اليتامى و المساكين و ابن السبيل، كى لايكون دوله بين الاغنياء منكم' "الحشر- 7".
و الفى ء هو ما ياخذه المسلمون من الكفار بدون قتال، فهو ليس من حق المقاتلين و انما يوزع على اليتامى و المساكين.
و فى هذا النص القرآنى نجد الاساس الذى تقوم عليه فكره الضمان، و هو حق الجماعه كلها فى الثروه، و ذلك حتى يصبح المال متداولا و موجودا لدى جميع افراد المجتمع، و لا يكون وله بين الاغنياء خاصه 'كى لايكون دوله بين الاغنياء منكم'
جاء فى عهد الامام على "ع" الى مالك الاشتر:
'ثم الله الله فى الطبقه السفلى من الذين لاحيله لهم من المساكين و المحتاجين، و اهل البوسى و الزمنى، فان فى هذه الطبقه قانعا "الفقير الذى يقنع" و معترا "الفقير الذى يسال و لايقنع". واحفظ لله ما استحفظك من حقه فيهم، و اجعل لهم قسما من بيت
مالك، و قسما من غلات صوافى الاسلام فى كل بلد. فان للاقصى منهم مثل الذى للادنى، و كل قد استرعيت حقه، فلا يشغلنك عنهم بطر، فانك لاتعذر بتضييعك التافه، لاحكامك الكثير المهم، فلا تشخص همك عنهم، و لا تصعر خدك لهم. و تفقد امور من لايصل اليك منهم، ممن لاتقتحمه العيون "اى تستصغر العيون شانه" و تحقره الرجال، ففرغ لاولئك ثقتك من اهل الخشيه و التواضع، فليرفع اليك امورهم، ثم اعمل فيهم بالاعذار الى الله يوم تلقاه، فان هولاء من بين الرعيه احوج الى الانصاف من غيرهم. و كل فاعذر الى الله فى تاديه حقه اليه. و تعهد اهل اليتم و ذوى الرقه فى السن ممن لاحيله له و لا ينصب للمساله نفسه'.
فهذا النص يقرر بكل وضوح مبدا الضمان الاجتماعى، و يشرح المسووليه المباشره للدوله فى اعانه الفرد و توفير حد الكفايه له.
و لا يقتصر هذا الضمان على الافراد المسلمين، بل يمتد الى الرعايا المسيحيين و اليهود من اهل الذمه الذين يعيشون فى كنف الدوله الاسلاميه، اذا اكبر احدهم و عجز عن الكسب، كانت نفقته على بيت المال.
فعن الامام على "ع" انه مر بشيخ مكفوف كبير يسال. فقال اميرالمومنين: من هذا؟ فقيل له: انه نصرانى. فقال "ع": 'استعملتموه، حتى اذا كبر و عجز منعتموه؟! انفقوا عليه من بيت المال'.
و اما حدود هذا الضمان الذى يجب على الدوله لكل فرد فى المجتمع، فهى عريضه و لا تقتصر على الحاجات الملحه، بل تمتد الى تامين كل حاجاته الاساسيه، بحيث يتمتع بمستوى الكفايه من العيش. و الكفايه من المفاهيم المرنه التى يتسع مضمونها كلما ازدادت الحايه العامه يسرا ورخاء. و تزداد حدود هذا الضمان حتى تشمل الطعام و الكساء و المسكن، و كذلك الزواج و الحج و كثيرا ما كنا نسمع فى التاريخ ان اشخاصا كانوا ياتون الامام فيومن لهم عملا او يشترى لهم دارا، او يسعى فى تزويجهم، كل ذلك من بيت المال.
[كان من المناسب ذكر بعض الشواهد و المصادر لذلك.]
و من اعظم الامثله على هذا الضمان ما حصل فى كشمير. فقد ذكر لنا الدكتور ابوالخير العرقسوسى الاستاذ فى كليه التربيه بجامعه دمشق اليوم، انه حين راز باكستان و كان فيها ملحقا ثقافيا لسوريه، اعجب بتمسك الشيعه بنظام الخمس، فقد اقاموا له الجمعيات المنظمه التى تكفل جمعه و صرفه، و تبلغ حصيلته عندهم ملايين الملايين كل عام.
فلما حصلت مشكله كشمير و هاجر اهلها و عددهم خمسه ملايين الى باكستان تحت وطاه الاضطهاد الهندى، و صلوا باكستان حفاه عراه بعد ان كان بعضهم يملك المصانع و المتاجر و المزارع و كانوا كلهم من الشيعه، فاستطاعت الجمعيات الاسلاميه ان تحل قضيتهم فى شهر من الزمن على الرغم من فقرهم المدقع و عددهم الوافر. فلقد اعطت منظمات الخمس كل لاجى كشميرى مشترك عندها مقدارا من المال يكافى تماما ما كان يملكه فى بلاده، حتى ان احدهم كان يملك متجرا للمجوهرات، فانشاوا له متجرا مماثلا. و هنا تظهر حقيقه التضامن فى الاسلام.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page