• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

النظريات في نشأة الإيمان بالله لدى الإنسان

النظريات في نشأة الإيمان بالله لدى الإنسان([1])

إتفق علماء الاجتماع والدراسات المقارنة بين الأديان على تأصل العقيدة الدينية وقدمها في حياة البشر، ولكنهم إختلفوا حول منشأ هذه العقيدة والباعث عليها، والواقع أن هناك إتجاهين لتفسير نشوء الدين والنزعة الدينية لدى الإنسان:

أولاً: النظريات الدينية التي تفسر هذه النزعة دائماً بدافع الفطرة الإنسانية وتؤكد إصالتها في الشخصية.

ثانياً: النظريات المادية التي تحاول تفسير هذه النزعة بعوامل خارجة عن شخصية الإنسان وطارئة عليها وقد إعتمدت هذه النظريات في أحكامها بالإستناد إلى الأديان الخرافية القائمة على الأساطير والسحر والتعاليم الساذجة أو على تلك الأديان المليئة بالإنحرافات، ومن ثم عمموا أحكامهم على كل دين.

ولنبدأ بالنظريات المادية وأبرزها:

1 ـ نظرية الجهل: وتزعم هذه النظرية أن ظهور الدين في حياة الإنسان كان سببه جهل الإنسان منذ القدم بأسرار الكون والأسباب الطبيعية التي تكمن وراء الأحداث الكونية، مثل الأمراض والهزات الأرضية والفيضانات والبراكين فعندما عجز الإنسان عن تفسير الأسرار والظواهر الكونية بأسبابها الطبيعية إفترض أن هناك عوامل غيبية وراءها وهي الآلهة التي تتدخل فتحدثها، ولما كانت الطبيعة تلحق به أضراراً ومصائب كالقحط والزلازل إعتقد جهلاً أن ذلك ناتج عن سخط الآلهة عليه، لذلك عمد إلى إسترضائها بتقديم القرابين والطقوس التي إبتدعها، وعندما نعم بحياة هانئة آمنة، إعتقد أن ذلك ناتج عن رضا الآلهة عليه، مما دفعه إلى إبتكار طقوس الشكر لإستدامة العطف عليه، ولكن عندما إستطاع العلم أن يكشف عن كثير من ألغاز الطبيعة ومجهولاتها وعن أسباب هذه الظواهر لم تعد هناك حاجة لأي تفسير غيبي يضع الله محل الأسباب والقوانين التي تحكم الكون والإنسان، وبذلك لم يعد هناك حاجة للدين، فقد ألغى العلم دوره.

ويرد على هذه النظرية بما يلي:

أ ـ أن العلم يبحث عن أسباب الظواهر الطبيعية القريبة، وأمّا البحث عما وراء هذه الأسباب فليس من إختصاص التجربة.

ب ـ أن معرفة أسباب الظواهر الطبيعية لا يعني إلغاء دور الخالق وقد إقتضت حكمته بأن تسير أحداث الطبيعة وفق هذه الأسباب.

ج ـ أن الإعتراف بالدين أو العلم لا يعني الرفض لأحدهما، وإنما على العكس من ذلك فإن العلم الصحيح يقودنا إلى المعرفة الصحيحة بالله.

يقول القرآن الكريم: (إنما يخشى الله من عباده العلماء). فاطر / 28

2 ـ نظرية الخوف: تدعي هذه النظرية بأن الخوف بجميع مظاهره ودوافعه هو سبب نشوء الدين لدى الإنسان، يقول الفيلسوف الإنكليزي برتراند رسل: «في عقيدتي أن الإقبال على الدين والتدين في تاريخ الإنسان ينشأ عن الخوف، فإن الإنسان يرى نفسه ضعيفاً  إلى حد ما في هذه الحياة، وعوامل الخوف في حياد الإنسان ثلاثة:

فهو يخاف أولاً من الطبيعة التي قد تحرقه بصاعقة من السماء، .و يبتلعه زلزال الأرض تحت قدميه، ويخاف ثانياً من الإنسان الذي قد يسبب له الدمار والخراب والهلاك مما يثيره من حروب، ويخاف ثالثاً من شهواته التي قد ينحرف معها وتتحكم في سلوكه وتفوت عليه ما يندم عليه في ساعات إستقراره وهدوئه، ويكون الدين سبباً في تعديل هذا الرعب والتخفيف منه.

ويرد على هذه النظرية بما يلي:

أ ـ لو فرضنا أن الخوف كان الدافع الأول لإعتقاد الإنسان بالخالق فهل صحيح أن يكون هذا دليلاً على أن الله وهم وخيال لا واقعية له، وهل البحث عن شيء بدافع الخوف دليل على أن هذا الشيء موهوم لا حقيقة له؟ فالإنسان إنما إهتدى إلى علم الطب وطوره بدافع الخوف من المرض والموت، فهل من المنطق أن نقول: إن علم الطب موهوم لأن الدافع إليه كان الخوف؟

ب ـ إن إزدياد خوف الإنسان وضعفه لا يعني إزدياد إيمانه أو العكس، فالمعتقدون بالأديان لم يكونوا أضعف الناس، والذين رفعوا راية الدين في مسيرة التاريخ كانوا دوما من أثبت الناس وأقواهم.

3 ـ نظرية الدافع الإقتصادي: الدافع الإقتصادي الذي يحكم الصراع الطبقي بين الأقلية المستغِلة، والفئات الكادحة المستغلَة، حيث ترى الماركسية أن الدين ليس إلاّ أداة إبتدعتها الطبقة البرجوازية المستغلة في المجتمع لحماية نفسها وضمان مصالحها من الخطر الذي يأتيها من نقمة ثورة الطبقة الكادحة المستغلة والتى تسعى دائماً للخلاص من سطوة وإستغلال الطبقة المترفة المسيطرة عى المجتمع.

والدور الذي رسمته الطبقة المستغلة للدين بزعمها هو ان يعمل على اجتثاث الوعي الثوري من نفوس الكادحين ويعلمهم ان الفوارق بين الطبقات الغنية المترفة والفقيرة المعدومة امر من قضاء الله، وقد لامرد له، وما على الكادحين الا ان يرضوا بهذا الواقع الذي اراده الله لهم، وان يلجأوا للصبر والقناعة ويوجهوا امهلهم إلى رحمة الله وجنته في الآخرة، فالذين اذن ليس سوى مخدر يغيب اليائسين عن واقعهم المرير كما يقول ماركس: «الدين افيون الشعوب».

ويرد على هذه النظرية بان دراسة الدين الصحيح لا سيما الدين الإسلامي ترفض هذا الزعم ومن عدة نواحي منها:

أ ـ ان الدين ألغى الامتيازات الطبقية وابقى مقاييس العمل الصالح والتقوى للمفاضلة بين الناس، قال تعالى:(إن أكرمكم عند الله أتقاكم). الحجرات / 13

ب ـ ان الدين لكل الناس سواء الأغنياء منهم أو الفقراء، قال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). الأنبياء / 107

ج ـ ان الدين حارب الثراء غير المشروع وأوجب الزكاة والخمس على الأغنياء تدفع للفقراء.

د ـ الدين أمر الناس بإقامة العدل والإحسان، قال تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان). النحل / 90

هـ ـ الدين يدعو للثورة ضد الظلم والعدوان، قال تعالى: (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار). هود / 113

_________________________________

[1] سبحاني، معالم التوحيد في القرآن.

الصدر، محمد باقر، المرسل، الرسول، الرسالة:.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page